الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وستين وسبعمائة
في يوم الأربعاء ثاني عشر محرمها، وصل فرنج أهل قبرس [1] إلى الإسكندرية في سبعين قطعة، فعاثوا ونهبوا، وأفسدوا وقتلوا، وأسروا ورجعوا إلى بلادهم، فعندها شرعت الدولة في عمل مراكب وعمارة بقصد قبرس [1] .
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن العلّامة شمس الدّين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية الحنبلي [2] .
سمع من ابن الشّحنة وغيره، واشتغل في أنواع العلوم، وأفتى ودرّس وناظر.
ذكره الذهبي في «معجمه المختص» فقال: تفقّه بأبيه، وشارك في العربية، وسمع وقرأ، وتنبّه، وأسمعه أبوه بالحجاز، وطلب بنفسه، ودرّس بالصّدرية والتدمرية، وله تصدير بجامع الأموي، وشرح «ألفية ابن مالك» وسمّاه:«إرشاد السّالك إلى حلّ ألفية ابن مالك» وكان له أجوبة مسكتة. انتهى.
توفي ببستانه بالمزّة يوم الجمعة مستهل صفر وصلّي عليه بجامعها، ثم بجامع جراح، ودفن عند والده بباب الصّغير وبلغ من العمر ثمانيا وأربعين سنة، وترك مالا كثيرا.
وفيها ستّ العرب بنت محمد بن الفخر علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري [3] الشّيخة الصّالحة الحنبلية المسندة المكثرة.
[1] المعروفة الآن ب «قبرص» .
[2]
انظر «المعجم المختص» ص (66- 67) و «البداية والنهاية» (14/ 314) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 303) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 195) و «الدّرر الكامنة» (1/ 58) .
[3]
انظر «المقصد الأرشد» (1/ 433- 435) .
حضرت على جدّها كثيرا، وعلى عبد الرحمن بن الزّين وغيرهما، وحدّثت، وانتشر عنها حديث كثير، وسمع منها الحافظان العراقي والهيثمي، والمقرئ ابن رجب وذكرها في «معجمه» .
قال ابن رافع [1] : طال عمرها، وانتفع بها.
توفيت بدمشق ليلة الأربعاء مستهل جمادى الأولى ودفنت بسفح قاسيون، وتقدم ذكر ولدها شمس الدّين محمد.
وفيها قاضي القضاة عزّ الدّين أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الأصل الدمشقي المولد المصري الشافعي [2] .
ولد بدمشق في المحرّم سنة أربع وتسعين وستمائة، ونشأ في طلب العلم، وسمع الكثير، وشيوخه سماعا وإجازة يزيدون على ألف وثلاثمائة. قاله ابن قاضي شهبة.
وتفقه على والده والوجيزي وغيرهما، وأخذ الأصلين عن الباجي، والنحو عن أبي حيّان، وولي قضاء الدّيار المصرية مدة طويلة، وجعل النّاصر إليه تعيين قضاة الشام.
وحدّث، وأفتى، وصنّف، وكان كثير الحجّ والمجاورة. وكان مع نائبه القاضي تاج الدّين المناوي كالمحجور عليه، له الاسم والمناويّ هو القائم بأعباء المنصب. فلما مات عجز القاضي عزّ الدّين عن القيام به فاستعفى، وكان يعاب بالإمساك ولم يحفظ عنه في دينه ما يشينه.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «ابن قانع» والنقل عند ابن رافع في «الوفيات» .
[2]
انظر «المعجم المختص» (147- 148) و «النجوم الزاهرة» (11/ 89) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 79- 81) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 388- 390) و «العقد الثمين» (5/ 457- 460) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 305- 307) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 200) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 135) و «الدّرر الكامنة» (2/ 378- 382) .
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» وقد مات قبله بنحو عشرين سنة، وقال فيه: الإمام، المفتي، الفقيه، المدرّس، المحدّث. قدم علينا بوالده طالب حديث في سنة خمس وعشرين، فقرأ الكثير، وسمع وكتب الطّباق، وعني بهذا الشأن.
وكان خيّرا، صالحا، حسن الأخلاق، كثير الفضائل، سمعت منه وسمع منّي. انتهى.
وكان يقول: أشتهي أن أموت بأحد الحرمين معزولا عن القضاء فنال ما تمنى، فإنه استعفى من القضاء في السنة التي قبلها، وحجّ فمات في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بعقبة باب المعلاة [1] إلى جانب قبر الفضيل بن عياض، بينه وبين أبي القاسم القشيري.
وفيها الملك المجاهد صاحب اليمن علي ابن داود بن يوسف بن عمر بن علي بن رسول [2] .
ولي السلطنة بعد أبيه في ذي الحجّة سنة إحدى وعشرين، وثار عليه ابن عمّه الظّاهر بن المنصور فغلبه، وقبض عليه، ثم استقرّت بلاد اليمن بيد الظّاهر، وجعل تعزّ بيد المجاهد، ثم حاصره، فخرّبت من الحصار، ثم كاتب المجاهد الناصر صاحب مصر، فأرسل له عسكرا إلى أن آل أمره بعد قصص طويلة إلى أن استولى المجاهد على البلاد اليمنية جميعا.
وحجّ في سنة اثنتين وأربعين وكسا الكعبة، وفرّق هناك مالا كثيرا، ولما رجع وجد [3] ولده غلب على المملكة ولقّب المؤيد، فحاربه إلى أن قبض عليه، وقتله.
ثم حجّ في سنة إحدى وخمسين، فقدم بخيله على محمل المصريين، فاختلفوا
[1] في «آ» و «ط» : «المعلى» والصواب ما أثبته، وقد سبق التنبيه على هذا التحريف من قبل في جزء متقدم.
[2]
انظر «النجوم الزاهرة» (11/ 91) و «الدّرر الكامنة» (3/ 49) و «معجم الأنساب والأسرات الحاكمة» لزامباور ص (184- 185) وترجم له الحافظ السّخاوي ترجمة موسعة في «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (126) من المنسوخ.
[3]
في «آ» و «ط» : «وجده» .
ووقع بينهم الحرب، فأسر المجاهد، وحمل إلى القاهرة، فأكرمه السلطان الناصر وحلّ قيده، وقرّر عليه مالا يحمله، وخلع عليه، وجهّزه إلى بلاده، واستمر إلى هذه السنة، فمات.
وتسلطن بعده ولده الأفضل عبّاس.
وفيها شمس الدّين محمد بن يوسف بن عبد القادر بن يوسف بن سعد الله بن مسعود الخليلي الحنبلي العدل [1] . سمع من سليمان بن حمزة، وعيسى المطعّم، وغيرهما. وحدّث، فسمع منه الحسيني وقال: خرّجت له «مشيخة» و «جزءا» من عواليه، وتفقه، وشهد على الحكّام، مع الصّيانة والرئاسة والتعفّف، وقد أجاز للشّهاب ابن حجّي.
توفي يوم الأربعاء ثامن عشري شوال ودفن بسفح قاسيون.
وفيها مجد الدّين أبو الفضل محمد بن محمد بن عيسى بن محمود بن عبد الضّيف بن أبي عبد الله الأنصاري البعلبكي الشافعي [2] ، قاضي بعلبك، وابن قاضيها.
ولد سنة إحدى وسبعمائة في رجب، واجتهد في الطلب، ودأب. وكان من الأئمة الحفّاظ والعلماء الراسخين. قاله العلّامة ابن ناصر الدّين [3] .
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 297) و «المقصد الأرشد» (2/ 542) و «القلائد الجوهرية» (2/ 401) .
[2]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 319- 320) و «الدّرر الكامنة» (4/ 206- 207) و «النجوم الزاهرة» (11/ 98) و «لحظ الألحاظ» ص (151) .
[3]
في «التبيان شرح بديعة البيان» (190/ ب- 191/ آ) .