الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وثلاثين وسبعمائة
فيها جاء بطيبة سيل عظيم أخذ الجمال وعشرين فرسا، وخرّب أماكن.
وفيها توفي قاضي القضاة جمال الدّين سليمان بن عمر بن سالم بن عمرو بن عثمان الزّرعي الشافعي [1] .
قال السّبكي: سمع من عبد الدائم، والجمال بن الصّيرفي وغيرهما، وولي قضاء زرع مدة، ثم تنقلت به الأحوال، وهو قوي النّفس، لا يطلب رزقا. عفيفا في أحكامه، ثم ولي هو قضاء القضاة بالدّيار المصرية عن ابن جماعة، ثم ولي قضاء الشام بعد ابن صصرى، ثم عزل بعد عام، وبقي شيخ الشيوخ ومدرّس الأتابكية.
وتوفي بالقاهرة في صفر عن تسع وثمانين سنة.
وقال الذهبي: كان مليح الشكل، وافر الحرمة، قليل العلم لكنه حكام.
وفيها زين الدّين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمود بن عبيدان البعلي [2] الفقيه الزّاهد.
قال ابن رجب: ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وسمع الحديث، وتفقه على الشيخ تقي الدّين وغيره، وبرع وأفتى، وكان إماما عارفا بالفقه وغوامضه، والأصول، والحديث، والعربية، والتّصوف، زاهدا، عابدا، ورعا، متألها، ربّانيا.
صحب الشيخ عماد الدّين الواسطي، وتخرّج به في السّلوك، وتذكر له أحوال وكرامات.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (181) و «معجم الشيوخ» (1/ 271- 272) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (310) و «النجوم الزاهرة» (9/ 304) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 39- 40) .
[2]
انظر «المعجم المختص» ص (140- 141) و «الدّرر الكامنة» (2/ 347) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 419) .
ويقال: إنه كان يطّلع على ليلة القدر كلّ سنة، وقد نالته محنة مرّة بسبب حال حصل له.
وصنف كتابا في الأحكام على أبواب المقنع سمّاه «المطلع» وشرح قطعة من أول «المقنع» ، وجمع «زوائد المحرر على المقنع» وله كلام في التصوف، وحدّث بشيء من مصنفاته.
وتوفي في منتصف صفر ببعلبك ودفن بباب سطحا.
وفيها نجم الدّين أبو عمر عبد الرحمن بن حسين بن يحيى بن عمر اللّخمي المصري القبابي [1]- وقباب قرية من قرى الصّعيد- الحنبلي، الفقيه الزاهد العابد القدوة.
قال ابن رجب: كان رجلا صالحا، زاهدا، عابدا، قدوة، عارفا، فقيها، ذا فضل ومعرفة، وله اشتغال بالمذهب أقام بحماة في زاوية يزار بها، وكان معظّما عند الخاص والعام، وأئمة وقته يثنون عليه، كالشيخ تقي الدين بن تيميّة وغيره، وكان أمّارا بالمعروف نهّاء عن المنكر، من العلماء الربّانيين وبقايا السّلف الصّالحين. وله كلام حسن يؤثر عنه.
توفي في آخر نهار الاثنين رابع عشر رجب بحماة، وكانت جنازته مشهودة ودفن شمالي البلد.
وتوفي ولده الإمام سراج الدّين عمر [2] بالقدس.
وكان جامعا بين العلم والعمل، واشتغل وانتفع بابن تيمية، ولم أر على طريقته في الصّلاح مثله، رحمه الله تعالى. انتهى كلام ابن رجب.
وفيها عماد الدّين أبو حفص عمر بن عبد الرحيم بن يحيى بن إبراهيم بن
[1] انظر «ذيول العبر» ص (182) و «معجم الشيوخ» (1/ 359) و «الإعلام بوفيات الأعلام» و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 425) و «الدّرر الكامنة» (2/ 327) و «المقصد الأرشد» (2/ 87) .
[2]
انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 168) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 425) و «المقصد الأرشد» (2/ 302- 303) .
علي بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن القرشي الزهري النّابلسي [1] الخطيب الشّافعي الإمام قاضي نابلس. تفقّه بدمشق وأذن له بالفتوى، وانتقل إلى نابلس، وولي خطابة القدس مدة طويلة وقضاء نابلس معها، ثم ولي قضاء القدس في آخر عمره.
قال ابن كثير: له اشتغال وفضيلة. وشرح «مسلما» في مجلدات. وكان سريع الحفظ، سريع الكتابة.
مات في المحرم ودفن بتربة ماملا.
وفيها- كما قال في «العبر» - الشيخ الضّال محمد بن عبد الرحمن السّيوفي [2] ، صاحب ابن سبعين. هلك به جماعة. انتهى.
وفيها فتح الدّين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن [أحمد بن][3] عبد الله بن محمد بن يحيى ابن سيّد النّاس الشافعي الإمام الحافظ اليعمري الأندلسيّ الإشبيليّ المصري، المعروف بابن سيّد الناس [4] .
قال ابن قاضي شهبة: ولد في ذي القعدة، وقيل في ذي الحجّة سنة إحدى وسبعين وستمائة بالقاهرة، وسمع الكثير من الجمّ الغفير، وتفقه على مذهب الشافعي. وأخذ علم الحديث عن والده، وابن دقيق العيد، ولازمه سنين كثيرة، وتخرّج عليه، وقرأ عليه أصول الفقه، وقرأ النّحو على ابن النحّاس، وولي دار الحديث بجامع الصالح، وخطب بجامع الخندق، وصنّف كتبا نفيسة: منها السيرة الكبرى سماها «عيون الأثر» في مجلدين، واختصره في كراريس وسماه
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 363) و «البداية والنهاية» (14/ 167) و «الدّرر الكامنة» (3/ 169- 170) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (182) .
[3]
ما بين القوسين سقط من «ط» .
[4]
انظر «ذيول العبر» ص (182) و «المعجم المختص» ص (260- 261) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (380) و «النجوم الزاهرة» (9/ 303) و «فوات الوفيات» (2/ 169) و «الوافي بالوفيات» (1/ 289) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 268- 272) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 510- 511) و «الدّرر الكامنة» (4/ 208) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 390- 392) .
«نور العيون» [1] وشرح قطعة من «كتاب الترمذي» إلى كتاب الصلاة في مجلدين، وصنّف في منع بيع أمهات الأولاد مجلدا ضخما يدلّ على علم كثير.
وذكره الذهبي في «معجمه المختص» : وقال أحد أئمة هذا الشأن، كتب بخطه المليح كثيرا، وخرّج، وصنّف، وصحّح وعلّل، وفرّع وأصّل، وقال الشعر البديع وكان حلو النادرة، حسن المحاضرة [2] ، جالسته وسمعت قراءته وأجاز لي مروياته، عليه مآخذ في دينه وهديه، فالله يصلحه وإيانا.
وقال ابن كثير: اشتغل بالعلم فبرع وساد أقرانه في علوم شتى من الحديث، والفقه، والنحو، وعلم السير، والتاريخ، وغير ذلك، وقد جمع سيرة حسنة في مجلدين، وقد حرّر وحبّر وأجاد وأفاد، ولم يسلم من بعض الانتقاد، وله الشعر والنثر الفائق، وحسن التّصنيف، والتّرصيف، والتعبير، وجودة البديهة، وحسن الطويّة، والعقيدة السّلفية، والاقتداء للأحاديث النبوية.
وتذكر عنه شؤون أخر الله يتولاه فيها، ولم يكن بمصر في مجموعه مثله في حفظ الأسانيد، والمتون، والعلل، والفقه، والملح والأشعار، والحكايات.
وقال صاحب «البدر السافر» : وخالط أهل السّفه وشرّاب المدام، فوقع في الملام، ورشق بسهام الكلام، والناس معادن والقرين يكرم ويهين باعتبار المقارن.
قال: ولم يخلّف بعده في القاهرة ومصر من يقوم بفنونه مقامه، ولا من يبلغ في ذلك مرامه، أعقبه الله السلامة، في دار الإقامة.
وقال ابن ناصر الدّين [3] : كان إماما، حافظا، عجيبا، مصنّفا، بارعا، شاعرا، أديبا. دخل عليه واحد من الإخوان يوم السبت حادي عشر شعبان، فقام لدخوله ثم سقط من قامته، فلقف ثلاث لقفات، ومات من ساعته، ودفن بالقرافة عند ابن أبي جمرة، رحمهما الله تعالى.
[1] في «آ» و «ط» : «نور العين» والصواب ما أثبته.
[2]
في «المعجم المختص» : «كيس المحاضرة» .
[3]
في «التبيان شرح بديعة البيان» (186/ ب) .