الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وعشرين وسبعمائة
فيها في شعبانها أخذ ابن تيميّة وحبس بقلعة دمشق في قاعة ومعه أخوه عبد الرحمن [1] يؤنسه، وعزّروا [2] جماعة من أصحابه، منهم ابن القيّم.
وفيها توفي زين الدّين أبو بكر بن يوسف المزّي بن الحريري الشافعي [3] .
كان عالما، متواضعا، مقرئا بالسبع. أخذ عن الزّواوي، وحفظ الفقه، والنحو، وحدّث عن خطيب مردا، والبكري، وابن عبد الدائم. وله جهات.
وكان مقرئا، مدرّسا.
توفي بدمشق في ربيع الأول عن ثمانين سنة.
وفيها الخطيب المسند تقيّ الدّين أحمد بن إبراهيم بن عبد الله ابن أبي عمر المقدسي الحنبلي [4] .
[1] سترد ترجمته في وفيات سنة (747) ص (262) .
[2]
جاء في «لسان العرب» (عزر) : التّعزير: ضرب دون الحدّ، لمنع الجاني من المعاودة وردعه من المعصية.
قلت: ولكن أين جماعة ابن تيميّة من المعصية! ما عزّروا إلّا لأنهم اتبعوا الحقّ الذي كان يدعو إليه شيخهم بالحجّة الدّامغة في ذلك الوقت.
[3]
انظر «ذيول العبد» ص (146) و «الدّرر الكامنة» (1/ 468) و «غاية النهاية» (1/ 184- 185) وفيه: «أبو بكر بن سيف» .
[4]
انظر «ذيول العبر» ص (146) و «الدّرر الكامنة» (1/ 92) .
سمع من خطيب مردا «السيرة» وسمع من اليلداني والبكري، ومحمد بن عبد الهادي حضورا. ومن إبراهيم بن خليل. وأجاز له السبط وجماعة.
وكان يخطب جيدا بالجامع المظفّري.
وتوفي في جمادى الآخرة عن بضع وسبعين سنة.
وفيها المعمّرة أمة الرّحمن ستّ الفقهاء بنت الشيخ تقي الدّين إبراهيم بن علي بن الواسطي [1] الصّالحية المحدّثة.
سمعت «جزء ابن عرفة» من عبد الحقّ حضورا. وسمعت من إبراهيم بن خليل وغيره، وأجاز لها جعفر الهمذاني، وكريمة، وأحمد بن المعزّ، وابن القسطي، وعدد كثير.
وكانت مشاركة، صالحة مباركة. روت الكثير.
وهي والدة فاطمة بنت الدّباهي.
توفيت في ربيع الآخر عن ثلاث وتسعين سنة.
وفيها الفاضل الأديب الحسن بن أحمد بن زفر الإربلي [2] .
سافر، وتغرّب، ودخل إلى بلاد العجم، واشتغل بالطبّ، واستوطن دمشق، وأقام بها صوفيا بدويرة حمد [3] إلى أن مات.
وكان يعرف النّحو، والأدب، والتاريخ.
ومن شعره:
وإذا المسافر آب مثلي مفلسا
…
صفر اليدين من الذي رجّاه
[1] انظر «ذيول العبر» ص (146) و «مرآة الجنان» (4/ 276) و «أعلام النساء» (2/ 161- 162) .
[2]
انظر «البداية والنهاية» (14/ 125) و «الأعلام» (2/ 181) .
[3]
دويرة حمد: دار كانت بباب البريد بدمشق تعرف بدويرة حمد، أوقفها أبو الفرج حمد بن عبد الله ابن علي المقرئ، المتوفى سنة (401) هـ. انظر «مختصر تاريخ دمشق» (7/ 252- 253) و «سير أعلام النبلاء» (17/ 149) .
وخلا عن الشيء الذي يهديه لل
…
إخوان عند لقائهم إيّاه
لم يفرحوا بقدومه وتثقّلوا
…
بوروده وتكرّهوا لقياه
وإذا أتاهم قادما بهديّة
…
كان السّرور بقدر ما أهداه
وفيها الزّاهد الكبير الشيخ حمّاد التّاجر بن القطّان [1] .
كان يقرئ القرآن، ويحكي عجائب عن الفقراء. وفيه زهد، وتعفّف، ويحضر السّماع، ويصيح. وله وقع في القلوب.
توفي بالعقيبة عن ست وتسعين سنة.
وفيها الشيخ علاء الدّين علي بن محمد السّكاكري الشاهد [2] .
كان رأسا في كتابة الشّروط، وفيه شهامة وحطّ على الكبار، ولكنه متحرّز في الشهادة. ساء ذهنه بأخرة، وأجاز له عبد العزيز بن الزّبيدي، وهبة الله ابن الواعظ، وغيرهما.
وسمع من ابن عبد الدائم وجماعة.
وتوفي في المحرّم عن ثمانين سنة.
وفيها خطيب المدينة وقاضيها سراج الدّين عمر بن أحمد بن طراد الخزرجي المصريّ الشافعي [3] .
حدّث عن الرّشيد، وأجازه الشّرف المرسي، والمنذري. وتفقّه بابن عبد السلام قليلا، ثم بالسّديد التّزمنتي، والنّصير بن الطبّاخ، وخطب بالمدينة أربعين سنة، ثم سافر إلى مصر ليتداوى، فأدركه الموت بالسّويس عن تسعين سنة.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (147- 148) و «مرآة الجنان» (4/ 276) و «غربال الزمان» ص (594) و «البداية والنهاية» (14/ 125) و «الدّرر الكامنة» (2/ 74) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (144) و «الدّرر الكامنة» (3/ 113) .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (145) و «مرآة الجنان» (4/ 275) و «الدّرر الكامنة» (3/ 149) و «التحفة اللطيفة» (4/ 124) .
وفيها العالم المسند شمس الدّين محمد بن أحمد بن أبي بن الهيجاء بن الزّرّاد الصّالحي [1] .
روى شيئا كثيرا، وتفرّد.
قال الذهبي: وخرجت له «مشيخة» .
روى عن البلخي، ومحمد ابن عبد الهادي، واليلداني، وخطيب مردا، والبكري.
وكان يروي «المسند» و «السيرة» و «مسند أبي عوانة» و «الأنواع والتقاسيم» و «مسند أبي يعلى» وأشياء. وافتقر واحتاج، وتغيّر ذهنه قبل موته، ولم يختلط.
وتوفي بقاسيون عن ثمانين سنة.
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن مسلّم بن مالك بن مزروع بن جعفر الزّيني الصّالحي [2] ، الفقيه الحنبلي، قاضي قضاة المدينة المنورة.
ولد سنة اثنتين وستين وستمائة، وتوفي أبوه سنة ثمان وستين، وكان من الصّالحين، فنشأ يتيما، فقيرا. وكان قد حضر على ابن عبد الدائم، وعمر الكرماني. وسمع من ابن البخاري وطبقته. وأكثر عن ابن الكمال، وعني بالحديث، وتفقّه، وأفتى، وبرع في العربية. وتصدّى للاشتغال والإفادة، واشتهر اسمه، مع الدّيانة، والورع، والزّهد، والاقتناع باليسير. ثم بعد موت القاضي تقي الدّين سليمان ورد تقليده للقضاء في صفر سنة ست عشرة موضعه فتوقف في القبول، ثم استخار الله تعالى وقبل بعد أن شرط أن لا يلبس خلعة حرير، ولا يركب في المواكب.
قال الذهبي في «معجمه» : برع في المذهب والعربية، وأقرأ [3] الناس مدّة.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (148) و «المعجم المختص» ص (223- 224) . و «الوافي بالوفيات» (2/ 147) و «الدّرر الكامنة» (3/ 376) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (149) و «معجم الشيوخ» (2/ 283- 284) و «المعجم المختص» ص (264- 265) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 380) و «الدّرر الكامنة» (4/ 258) .
[3]
تحرّفت في «المعجم المختص» إلى: «وقرأ» فلتصحح.
على ورع، وعفاف، ومحاسن جمة. ثم ولي القضاء بعد تمنّع [1] فشكر وحمد، ولم يغيّر زيّه. واجتهد في الخير، وفي عمارة أوقاف الحنابلة. وكان من قضاة العدل والحقّ، لا يخاف في الله لومة لائم.
وهو الذي حكم على ابن تيميّة بمنعه من الفتيا بمسائل الطّلاق وغيرها مما يخالف المذهب.
وقد حدّث، وسمع منه جماعة، وخرّج له المحدّثون تخاريج عدّة، وحجّ ثلاث مرّات، ثم حجّ رابعة فتمرض في طريقه، فورد المدينة المنورة يوم الاثنين ثالث عشري ذي القعدة وهو ضعيف، فصلّى في المسجد، وسلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وكان بالأشواق إلى ذلك في مرضه، ثم مات عشية ذلك اليوم، وصلّي عليه بالرّوضة الشريفة، ودفن بالبقيع شرقي قبر عقيل [2] ، رضي الله عنه.
وفيها كمال الدّين محمد بن علي بن عبد القادر التّميمي الهمذاني ثم المصريّ الشافعي [3] .
حدّث عن النّجيب وجماعة، وقرأ عليه ولده الإمام نور الدّين «صحيح البخاري» وله عليه حواش بخطّه المنسوب.
وكان إماما قاضيا.
توفي بمصر عن إحدى وسبعين سنة.
وفيها الصّدر الكبير قطب الدّين موسى ابن الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد بن أبي الحسين عبد الله اليونيني الحنبلي المؤرخ [4] .
ولد بدمشق سنة أربعين وستمائة، وسمع من أبيه، ومن ابن عبد الدائم، وعبد العزيز شيخ شيوخ حماة.
[1] تحرّفت في «المعجم المختص» إلى «بعد منع» فلتصحح.
[2]
يعني عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه.
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (145) و «الدرر الكامنة» (4/ 68) و «حسن المحاضرة» (1/ 393) .
[4]
انظر «ذيول العبر» ص (145- 146) و «معجم الشيوخ» (2/ 348) و «البداية والنهاية» (14/ 126) و «الدّرر الكامنة» (4/ 382) .
وبمصر من الرّشيد العطّار. وإسماعيل بن صارم، وجماعة.
وأجاز له ابن رواج، والبشيري.
قال الذهبي: كان عالما، فاضلا، مليح المحاضرة، كريم النّفس، معظّما، جليلا، حدّثنا بدمشق، وبعلبك، وجمع «تاريخا» حسنا ذيّل به على «مرآة الزمان» .
واختصر «المرآة» . قال: وانتفعت بتاريخه، ونقلت منه فوائد جمّة، وقد حسنت في آخر عمره حالته، وأكثر من العزلة والعبادة، وكان مقتصدا في لباسه وزيّه، صدوقا في نفسه، مليح الشّيبة، كثير الهيبة، وافر الحرمة.
توفي ببعلبك عن ست وثمانين سنة، ودفن عند أخيه بباب سطحا.
وفيها جمال الدّين يوسف بن عبد المحمود بن عبد السّلام البغدادي [1] المقرئ الفقيه الحنبلي، الأديب النّحوي المتفنن.
قرأ بالروايات، وسمع الحديث من محمد بن حلاوة، وعلي بن حصين، وعبد الرزّاق بن الفوطي وغيرهم.
وقرأ بنفسه على ابن الطبّال، وأخذ عن ابن القوّاس شارح «ألفية ابن معطي» الأدب، والعربية، والمنطق، وغير ذلك. وتفقه بالشيخ تقي الدّين الزّريرانيّ [2] .
وكان معيدا عنده بالمستنصرية.
قال الطّوفي [3] : استفدت منه كثيرا، وكان نحويّ العراق ومقرئه، عالما بالأدب، له حظّ من الفقه، والأصول، والفراض، والمنطق.
وقال ابن رجب: نالته في آخر عمره محنة، واعتقل بسبب موافقته الشيخ
[1] انظر «ذيول العبر» ص (148) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 379) و «غاية النهاية» (2/ 397) و «الدّرر الكامنة» (4/ 464) و «المقصد الأرشد» (3/ 140) بتحقيق الأستاذ الدكتور عبد الرحمن العثيمين، طبع مكتبة الرّشد في الرياض.
[2]
تحرفت في «آ» إلى «الزبداني» وفي «ط» إلى «الزيزراني» والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» و «المقصد الأرشد» .
[3]
هو سليمان بن عبد القوي الطوفي الصّرصري، تقدمت ترجمته في وفيات سنة (716) من هذا المجلد ص (71) .
تقي الدّين بن تيميّة في مسألة الزّيارة وكتابته عليها مع جماعة من علماء بغداد.
وتخرّج به جماعة.
وتوفي في حادي عشر شوال، ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
وفيها كبير السّادة الأشراف ناصر الدّين يونس بن أحمد الحسيني الدمشقي [1] ، عن إحدى وثمانين سنة. وكان رئيسا، وسيما.
حدّث عن خطيب مردا، وذكر للنّقابة.
وفيها هلك قتلا بالسّيف ناصر بن أبي الفضل [2] الهيتي الصّالحي [2][3] ضربت عنقه لثبوت زندقته على قاضي القضاة شرف الدّين بن مسلم الحنبلي، ونقل الثبوت إلى قاضي القضاة شرف الدّين المالكي، فأنفذه وحكم بإراقة دمه، وعدم قبول توبته وإن أسلم مع العلم بالخلاف، وطلع معه عالم عظيم فصلّى ركعتين، وضربت عنقه. وكان في ابتداء أمره من أحسن الناس صورة، حسن الصّوت، وعاشر الكبار، وانتفع بهم. وكان كثير المزح والمجون. ولما كبر اجتمع بمحلولي العقيدة، مثل ابن المعمار، والباجر بقي، والنّجم بن خلّكان، وغيرهم.
فانحلّت عقيدته، وتزندق من غير علم، فشهد عليه. فهرب إلى بلاد الرّوم، ثم قدم حلب، واجتمع بالشيخ كمال الدّين ابن الزّملكاني، فأكرمه، واستتابه [4] ثم ظهر منه زندقة عظيمة، فسيّره إلى دمشق فضربت عنقه، وهو من أبناء الستين، وفرح الناس بذلك.
ثم ضربت عنق توما الرّاهب [5] الذي أسلم من ثلاث سنين وارتدّ سرّا، ثم أفشى ذلك عند المالكي، فقتل [6] وأحرق ولم يتكهل، وهو بعلبكي.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (144) و «الدّرر الكامنة» (4/ 486) .
[2]
ما بين الرقمين سقط من «ط» .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (143) و «البداية والنهاية» (14/ 122) و «الدّرر الكامنة» (4/ 386) .
[4]
تصحفت في «آ» إلى «فاستنابه» .
[5]
انظر «ذيول العبر» ص (143) .
[6]
لفظة: «فقتل» سقطت من «ذيول العبر» مصدر المؤلف فلتستدرك.
وفيها هلك المعمّر فضل الله بن أبي الفخر بن الصقاعي [1] النّصراني الكاتب ببستانه بأرزة [2] ودفن في مقابر النّصارى، وكان خبيرا في صناعته، باشر ديوان المرتجع، ثم نقل إلى ديوان البريم، ثم انقطع عن ذلك كلّه. وكانت عنده فضيلة في دينه، جمع الأناجيل الأربعة، إنجيل متّى، ومرقّص، ولوقا، ويوحنا.
وجعلها إنجيلا واحدا في كتاب بألسنة مختلفة، عبراني، وسرياني، وقبطي، ورومي. وذكر في كل فصل ما قاله الآخر، وذكر اختلاف الحواريين، وبيّن عباراتهم.
وكان يقول: إنه يحفظ التوراة، والإنجيل، والمزامير. وكان المكين بن العميد النّصراني [3] قد عمل «تاريخا» من أول العالم إلى سنة ثمان وخمسين وستمائة، فكتبه ابن الصقاعي بخطّه، وذيّل عليه إلى سنة عشرين وسبعمائة، واختصر «تاريخ ابن خلّكان» وذيّل عليه [4] وعمل «وفيات المطربين» وغير ذلك، وقارب مائة سنة.
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 233) و «الأعلام» (5/ 153) وانظر تعليق العلّامة الزركلي عليه فهو مفيد نافع.
[2]
قال العلّامة محمد كرد علي في كتابه «غوطة دمشق» ص (162) : أرزة: كانت مكان حي الشهداء في طريق الصالحية. متصلة بسويقة صاروجا: تمتد إلى عقبة جوزة الحدباء. رأى خرائبها ابن طولون، وكانت عامرة بعض الشيء في القرن العاشر- يعني الهجري-.
[3]
هو جرجس بن العميد بن إلياس، المعروف بالمكين، أو «الشيخ» المكين، ويقال له: ابن العميد، مؤرّخ من كتّاب النصارى السريان، أصله من تكريت، ومولده بالقاهرة، ونشأ بدمشق. له كتاب «المجموع المبارك جزآن، الأول في التاريخ القديم إلى ظهور الإسلام مخطوط، والثاني تاريخ المسلمين من من بدء الإسلام إلى عصر الملك الظاهر بيبرس، وقد ترجم إلى اللاتينية والفرنسية.
مات سنة (672) هـ. عن «الأعلام» للزركلي (2/ 116) .
[4]
قلت: وهو المعروف ب «تالي وفيات الأعيان» وقد طبعه المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق منذ سنوات.