الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربع وستين وسبعمائة
فيها اشتدّ الوباء والطّاعون بالبلاد الشّامية والمصرية [1] .
وفيها خلع يلبغا وغيره من الأمراء السلطان صلاح الدّين المنصور محمدا محتجين باختلال عقله، خلعوه بحضرة الخليفة والقضاة، ثم سجن بقلعة الجبل وبايعوا شعبان بن الأمجد حسين بن الناصر محمد ولقّب بالأشرف شعبان.
وفيها توفي شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد [بن عبد الرحمن][2] بن عبد الرحيم البعلبكي ثم الدمشقي الشافعي، المعروف بابن النّقيب [3] .
سمع بدمشق من ابن الشّحنة، والفزاري، وابن العطّار، وغيرهم. وبالقاهرة من جماعة وأخذ القراءات عن الشّهاب الكفري، والنحو عن أبي حيّان، والمجد التّونسي، والأصول عن الأصفهاني، وولي عدة مدارس وإفتاء دار العدل، وناب في الحكم عن ابن المجد.
قال ابن كثير: كان بارعا في القراءات والنحو والتصريف، وله يد في الفقه وغيره.
توفي في شهر رمضان ودفن بمقبرة الصّوفية.
[1] في «ط» : «والعربية» وهو خطأ. وقد ذكر هذا الخبر الحافظ السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (112) من المنسوخ.
[2]
ما بين القوسين سقط من «آ» .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (363- 364) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 18) و «الوفيات» (2/ 266) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 130- 131) و «طبقات الشافعية» (3/ 102- 103) و «الدّرر الكامنة» (1/ 115) .
وفيها شهاب الدّين أبو عبد الله أحمد بن محمد الشّيرجي الزّاهد الحنبلي [1] المعيد بالمستنصرية ببغداد، ودفن بمقبرة الإمام أحمد.
وفيها صلاح الدّين أبو الصّفا خليل بن أيبك بن عبد الله الصّفدي الشافعي [2] .
مولده بصفد في سنة ست أو سبع وتسعين وستمائة، وسمع الكثير، وقرأ الحديث، وكتب بعض الطّباق، وأخذ عن القاضي بدر الدّين بن جماعة، وأبي الفتح بن سيّد النّاس، والتّقي السّبكي، والحافظين أبي الحجّاج المزّي، وأبي عبد الله الذهبي، وغيرهم. وقرأ طرفا من الفقه، وأخذ النحو عن أبي حيّان، والأدب عن ابن نباتة، والشّهاب محمود ولازمه، ومهر في فنّ الأدب، وكتب الخطّ المليح، وقال النّظم الرائق، وألّف المؤلّفات الفائقة، وباشر كتابة الإنشاء بمصر ودمشق، ثم ولي كتابة السرّ بحلب، ثم وكالة بيت المال بالشام، وتصدى للإفادة بالجامع الأموي، وحدّث بدمشق وحلب وغيرهما.
ذكره شيخه الذهبي في «المعجم المختص» فقال: الإمام العالم الأديب البليغ الأكمل، طلب العلم، وشارك في الفضائل، وساد في علم الرسائل، وقرأ الحديث، وكتب المنسوب، وجمع وصنّف، والله يمده بتوفيقه. سمع مني وسمعت منه، وله تآليف وكتب وبلاغة. انتهى.
وذكر له السبكي في «الطبقات الكبرى» ترجمة مبسوطة مشتملة على فوائد ووقفت على ترجمة كتبها لنفسه نحو كرّاسين ذكر فيها أحواله ومشايخه وأسماء مصنّفاته وهي نحو الخمسين مصنّفا، منها ما أكمله، ومنها ما لم يكمله. قال:
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 265) و «المقصد الأرشد» (1/ 181) .
[2]
انظر «المعجم المختص» ص (91- 92) و «النجوم الزاهرة» (11/ 19- 21) و «الدليل الشافي» (1/ 290- 291) و «ذيول العبر» ص (364) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 5- 32) و «الوفيات لابن رافع» (2/ 268- 270) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 134- 136) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 119- 121) و «الدّرر الكامنة» (2/ 87) .
وكتبت بيدي ما يقارب خمسمائة مجلد. قال: ولعل الذي كتبت في ديوان الإنشاء ضعفا ذلك وذكر جملة من شعره.
توفي بدمشق في شوال ودفن بالصّوفية. قاله ابن قاضي شهبة.
وفيها بهاء الدّين عبد الوهاب بن عبد الولي بن عبد السلام المراغي المصري الإخميمي ثم الدمشقي الشافعي [1] الزّاهد القدوة.
مولده في حدود سنة سبعمائة. اشتغل بالعلم وأشغل به، وحفظ «الحاوي الصغير» وسمع الحديث.
قال ابن رافع: وجمع كتابا في أصول الفقه والدّين.
وقال ابن كثير: كان له يد في أصول الدّين والفقه، وصنّف في الكلام كتابا مشتملا على أشياء مقبولة وغير مقبولة.
وقال السبكي: أخذ بالقاهرة عن الشيخ تقي الدّين السّبكي، ولازم الشيخ علاء الدّين القونوي، ثم خرج إلى الشام واستوطنها.
وكان إماما، بارعا في علم الكلام والأصول، ذا قريحة صحيحة وذهن صحيح وذكاء مفرط، وعنده دين كثير وتأله وعبادة ومراقبة، وصبر على خشونة العيش، وكان بيني وبينه صداقة وصحبة ومحبة ومراسلات كثيرة في مباحث جرت بيننا أصولا وكلاما وفقها، وصنّف في علم الكلام كتابا سمّاه «المنقذ من الزّلل في العلم والعمل» وأحضره إليّ لأقف عليه، فوجدته قد سلك طريقا انفرد بها وفي كتابه مويضعات يسيرة لم أرتضها.
توفي في ذي القعدة مطعونا، ودفن بتربته داخل البلد.
ومراغة: بفتح الميم وكسرها قرية من الصّعيد، إليها ينسب المترجم [2] .
[1] انظر «ذيول العبر» ص (365- 366) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 123- 124) و «البداية والنهاية» (14/ 304) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 276- 277) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 140- 141) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 138- 139) و «الدّرر الكامنة» (2/ 425) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 203) .
[2]
انظر «الروض المعطار» ص (535) وقد ذكر فيه بأنها على ضفة النيل.
ومراغة أيضا بلدة من بلاد أذربيجان [1] خرج منها جماعة من الأئمة والمحدّثين، وهي بفتح الميم ليس إلا.
وفيها زين الدّين أبو حفص عمر بن عيسى بن عمر الباريني الشافعي [2] ، أحد مشايخ العلم بحلب.
ولد ببارين قرية من حماة [3] سنة إحدى وسبعمائة، وأخذ عن الشيخ شرف الدّين البارزي، وسمع من الحجّار وغيره، وسكن حلب.
وكان إماما، عالما، فاضلا، فقيها، فرضيا، نحويا، أديبا، شاعرا، بارعا، ورعا، زاهدا، أمّارا بالمعروف، نهاء عن المنكر. درّس بعدة مدارس، وأخذ عنه الشيخ شمس الدّين بن الرّكن، وشمس الدّين الببائي، وشرف الدّين الدّاديخي، وغيرهم. وألّف في الفرائض والعربية، وكتب المنسوب.
توفي بحلب في شوال ودفن خارج باب المقام، وقال فيه ابن حبيب:
حلب تغيّر حالها لمّا اختفى
…
من فضل زين الدّين عنها ما ظهر
ومدارس الفقها بها قد أقفرت
…
من بعد عامرها أبي حفص عمر
وفيها زين الدّين أبو حفص عمر بن محمد بن عمر بن محمود بن أبي بكر الحرّاني الأصل ثم الدمشقي الحنبلي [4] الشيخ الصّالح.
سمع من ابن القواس، والشرف بن عساكر، وعيسى المطعّم، وغيرهم.
وسمع «صحيح البخاري» على اليونيني، وحدّث وسمع منه الحسيني، وشهاب الدّين بن رجب، وذكراه في «معجميهما» .
[1] انظر «معجم البلدان» (1/ 128) .
[2]
انظر «النجوم الزاهرة» (11/ 17) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 274) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 133) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 147- 148) و «الدّرر الكامنة» (3/ 183- 184) و «بغية الوعاة» (2/ 222) .
[3]
قال ياقوت في «معجم البلدان» (1/ 320- 321) : بارين، مدينة حسنة بين حلب وحماة من جهة الغرب.
[4]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 272) و «الدّرر الكامنة» (3/ 190) و «المقصد الأرشد» (2/ 307) .
توفي في هذه السنة بدمشق ودفن بمقبرة السّالف ظاهر دمشق.
وفيها عماد الدّين محمد بن الحسن بن علي بن عمر القرشي الأموي الإسنائي المصري الشافعي [1] .
ولد بأسنا في حدود سنة خمس وتسعين وسبعمائة، واشتغل بها على والده في الفقه والفرائض والحساب، إلى أن مهر في ذلك، ثم ارتحل إلى القاهرة، وأخذ عن مشايخها، وأخذ بحماة عن القاضي شرف الدّين البارزي. وسمع من جماعة.
ذكره أخوه في «طبقاته» فقال: كان فقيها، إماما في علم الأصلين والخلاف والجدل وعلم التصوف، نظّارا، بحّاثا، فصيحا، حسن التّعبير عن الأشياء الدقيقة بالألفاظ الرّشيقة، ديّنا، خيّرا، كثير البرّ والصّدقة، رقيق القلب، طارحا للتكلف، مؤثرا للتقشف، برع في العلوم ولم يبق له في الأصلين والخلاف والجدل نظير، ولا من يقاربه في ذلك من أشياخه وغيرهم. صنّف مختصرا في علم الجدل سمّاه «المعتبر في علم النّظر» ثم وضع عليه شرحا جيدا. وصنّف في التصوف كتابا سمّاه «حياة القلوب» وتصنيفا في الردّ على النصارى. وناب في الحكم في القاهرة، وأضيف إليه نظر الأوقاف بها، وأوصى أن يعاد إلى من بعده قدر ما تناوله من المعلوم [2] .
توفي في شهر رجب ودفن بتربة أخيه بمقبرة الصّوفية.
وفيها صلاح الدّين محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن ابن شاكر بن هارون بن شاكر الكتبي الدّاراني ثم الدمشقي [3] المؤرّخ. سمع من ابن
[1] انظر «النجوم الزاهرة» (11/ 17) و «ذيول العبر» ص (368) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 121- 122) و «الدّرر الكامنة» (3/ 421) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 182- 184) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 161- 163) .
[2]
يعني من الراتب.
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (369) و «الوفيات» لابن رافع (3/ 263- 264) و «ذيل العبر» لابن العراقي ص (128) و «البداية والنهاية» (14/ 303) .
الشّحنة والمزّي، وغيرهما. وكان فقيرا جدا، ثم تعانى التجارة في الكتب فرزق منها مالا طائلا.
توفي في رمضان. قاله في «الدّرر» .
وفيها جمال الدّين أبو الثناء محمود بن محمد بن إبراهيم بن جملة بن مسلم بن تمّام بن حسين بن يوسف الدمشقي [1] الشافعي الخطيب.
ولد سنة سبع وسبعمائة، وسمع من جماعة، وحفظ «التعجيز» لابن يونس، وتفقّه على عمّه القاضي جمال الدّين، وتصدّر بالجامع الأموي، وأفتى ودرّس بالظّاهرية البرّانية، وناب في الحكم عن عمّه يوما واحدا، ثم ولي خطابة دمشق سنة تسع وأربعين، وأعرض عن الجهات التي في يده، واستمرّ في الخطابة إلى حين وفاته، مواظبا على الاشتغال [2] والإفتاء والعبادة. وكان معظّما، جاء إليه السلطان ويلبغا فلم يعبأ بهما، وسلّم عليهما وهو بالمحراب.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» فقال: شارك في الفضائل، وعني بالرّجال، ودرّس، وأشغل، وتقدم مع الدّين والتّصوف.
وقال السبكي في «الطبقات» : بعد ترجمة حسنة: قلّ أن رأيت نظيره.
توفي في شهر رمضان ودفن بسفح قاسيون.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (367- 368) و «المعجم المختص» ص (279) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 265- 266) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 385- 386) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 392- 393) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 129) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 184) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 346- 347) و «القلائد الجوهرية» (2/ 442- 443) .
[2]
في «ط» : «الاشغال» وما جاء في «آ» موافق لما جاء في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف.