الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وثمانين وسبعمائة
فيها كانت وفاة [1] ميخائيل الأسلمي [2] .
كان نصرانيا، وأسلم في شعبان السنة التي قبلها بحضرة السّلطان، فأركب بغلة، وعمل تاجر الخاص، ثم قرّر في نظر إسكندرية في محرم هذه السنة، فلما كان ثالث عشر ربيع الآخر ضربت عنقه بالإسكندرية بعد أن ثبت عليه أنه زنديق، وشهد عليه بذلك خمسون إلّا واحدا.
وفيها ضربت الدّراهم الظّاهرية وجعل اسم السّلطان في دائرة فتفاءلوا له من ذلك بالحبس، فوقع عن قريب، ووقع نظيره لولده الناصر فرج في الدّنانير النّاصرية.
وفيها توفي خليل بن فرح بن سعيد الإسرائيلي القدسي ثم الدمشقي القلعي الشّافعي [3] .
أسلم ببيت المقدس، وله تسع عشرة سنة، وعني بالعلم، ولازم الشيخ ولي الدّين المنفلوطي، وانتفع به، وقرأ القرآن، ولقّب فخر الدّين ومحبّ الدّين، وكان مولده في آخر سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وتفقه على مذهب الشافعي، فمهر وصار من أكثر الناس مواظبة على الطّاعة من قيام الليل وإدامة التّلاوة والمطالعة، وولي مشيخة القصّاعين ثم تركها لولده، وجاور في آخر عمره بمكّة، وقدم دمشق ممرضا فمات في حادي عشر صفر.
[1] لفظة «وفاة» سقطت من «آ» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 256) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 264) و «الدّرر الكامنة» (2/ 90) .
وفيها الحافظ صدر الدّين سليمان بن يوسف بن مفلح بن أبي الوفاء الياسوفيّ الدمشقي الشافعي [1] .
ولد سنة تسع وثلاثين تقريبا، وسمع الكثير، وعني بالحديث، واشتغل بالفنون، وحدّث، وأفاد، وخرّج، مع الخط الحسن، والدّين المتين، والفهم القوي، والمشاركة الكثيرة. أوذي في فتنة الفقهاء القائمين على الملك الظّاهر، فسجن حتّى مات في السّجن، مع أنّه صنّف في منع الخروج على الأمراء تصنيفا حسنا، وكان مشهورا بالذكاء، سريع الحفظ، دأب في الاشتغال، ولازم العماد الحسباني وغيره، وفضل في مدة يسيرة، وتنزل في المدارس، ثم تركها، وقرأ في الأصول على الإخميمي، وترافق هو وبدر الدّين بن خطيب الحديثة، فتركا الوظائف، وتزهدا، وصارا يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر، أوذيا بسبب ذلك مرارا، ثم حبّب إلى الصّدر الحديث، فصحب ابن رافع، وجدّ في الطلب، وأخذ عن ابن البخاري كثيرا، ورحل إلى مصر، وسمع بها من جماعة، ودرّس، وأفتى، واستمرّ على الاشتغال بالحديث يسمع ويفيد الطلبة القادمين، وينوّه بهم، مع صحّة الفهم وجودة الذّهن.
قال ابن حجي: وفي آخر أمره صار يسلك مسلك الاجتهاد، ويصرّح بتخطئة الكبار، واتفق وصول أحمد الظّاهري من بلاد الشرق، فلازمه، فمال إليه، فلما كانت كائنة تدمر مع ابن الحمصي أمر بالقبض على أحمد الظّاهري ومن ينسب إليه، فاتفق أنه وجد مع اثنين من طلبة الياسوفي فذكرا أنهما من طلبة الياسوفي، فقبض على الياسوفي، وسجن بالقلعة أحد عشر شهرا، إلى أن مات في ثالث عشر شوال.
ومن شعر الياسوفي:
ليس الطّريق سوى طريق محمّد
…
فهي الصّراط المستقيم لمن سلك
من يمش في طرقاته فقد اهتدى
…
سبل الرّشاد ومن يزغ عنها هلك
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 265) و «الدّرر الكامنة» (2/ 166) و «النجوم الزاهرة» (11/ 312) .
وفيها أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن السّجلماسي [1] ، المعروف بالحفيد، ابن رشد المالكي [2] .
كان بارعا في مذهبه، وروى عن أبي البركات البلقيني، والعفيف المطري، والشيخ خليل، وولي قضاء حلب، ثم غزّة، ثم سكن بيت المقدس.
قال القاضي علاء الدّين في «تاريخ حلب» : كان فاضلا، يستحضر، لكن كلامه أكثر من علمه، حتّى كان يزعم أن ابن الحاجب لا يعرف مذهب مالك، وأما من تأخر من أهل العلم فإنه كان لا يرفع بهم رأسا إلّا ابن عبد السّلام، وابن دقيق العيد، ووقع بينه وبين شهاب الدّين بن أبي الرّضا قاضي حلب الشافعي منافرة، فكان كل منهما يقع في حقّ الآخر، وأكثر الحلبيين مع ابن أبي الرّضا لكثرة وقوع الحفيد في الأعراض، وسافر في تجارة من حلب إلى بغداد، ثم حجّ، وعاد إلى القاهرة، ومات عن ثلاث وسبعين سنة، وهو [3] معزول عن القضاء، ولم يكن محمودا. قاله ابن حجر.
وفيها تاج الدّين عبد الواحد بن عمر بن عبّاد المالكي بن الحكّار [4] .
برع في الفقه، وشارك في غيره.
وفيها أبو الحسن علي بن عمر بن عبد الرحيم بن بدر الجزري الأصل الصّالحي النسّاج، المعروف بأبي الهول [5] .
ولد سنة بضع وسبعمائة، وسمع الكثير من التقي سليمان وغيره، وحدّث، وكان سمحا بالتحديث، ثم لحقه في أواخر عمره طرف صمم، فكان لا يسمع
[1] تحرفت في «آ» إلى «السّلجماسي» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 267) و «الدّرر الكامنة» (2/ 343) و «النجوم الزاهرة» (11/ 313) .
[3]
لفظة «وهو» سقطت من «آ» .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 267) .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 268) و «الدّرر الكامنة» (3/ 88) .
إلّا بمشقة، وقد حدّث بالكثير، وسمع منه السّكّري، وابن العجمي، وابن حجي، وآخرون، وتوفي في ربيع الأول عن نحو تسعين سنة.
وفيها شمس الدّين أبو المجد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي الحسني [1] ، نقيب الأشراف بحلب.
ذكره طاهر بن حبيب في «ذيل تاريخ أبيه» ، وأثنى عليه بالفضل الوافر، وحسن المجالسة، وطيب المحاضرة، ومات في الطّاعون الكائن بحلب، واتفق أنه قبضت روحه وهو يقرأ سورة يس.
وفيها الحافظ شمس الدّين، أبو بكر محمد بن المحبّ عبد الله بن أحمد ابن المحبّ عبد الله الصّالحي المقدسي الحنبلي المعروف بالصّامت [2] الشيخ الإمام الحافظ الأصيل، بقية المحدّثين. سمّي بالصّامت لكثرة سكوته ووقاره.
سمع من عيسى المطعم، والقاضي تقي الدّين، وابن عبد الدائم، والقاسم بن عساكر. وقرأ على خالته زينب بنت الكمال كثيرا، وعلى أبيه، والمزّي، والبرزالي، والذهبي.
وذكره في «معجمه المختص» وقال: فيه عقل وسكون، وذهنه جيّد، وهمّته عالية في التحصيل.
وأثنى عليه الأئمة، وكان آخر من بقي من أئمة هذا الفنّ. وحدّث فسمع منه [3] خلق كثير، منهم: الشيخ شمس الدّين بن عبد الهادي، سمع منه في سنة ثلاثين.
قال ابن حجر: كان كثير التقشف جدا، بحيث يلبس الثوب أو العمامة فيتقطع قبل أن يبدلها أو يغسلها، وربما مشى إلى البيت بقبقاب عتيق، وإذا بعد
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 270) .
[2]
انظر «المعجم المختص» ص (235- 236) و «إنباء الغمر» (2/ 270) و «الدّرر الكامنة» (3/ 465) و «السحب الوابلة» ص (393) .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «من» .
عليه المكان أمسكه بيده ومشى حافيا، وكان يمشي إلى الحلق التي تحت القلعة فيتفرج على أصحابها مع العامّة، ولم يتزوج قطّ، وكانت إقامته بالضّيائية، وتوفي في خامس ذي القعدة، وباع ابن أخيه كتبه بأبخس ثمن وبذّر ثمنها بسرعة لأنه كان كثير الإسراف على نفسه.
وفيها محمد بن علي بن عمر بن خالد بن الخشّاب المصري [1] .
سمع «الصحيح» من وزيرة، والحجّار، وحدّث به، وولي نيابة الحسبة، وأضرّ قبل موته.
توفي في شعبان.
وفيها الحافظ ناصر الدّين محمد بن علي بن محمد بن محمد بن هاشم بن عبد الواحد بن أبي المكارم بن حامد بن عشائر الشافعي الحلبي [2] .
ولد سنة اثنتين وأربعين، وسمع الكثير ببلده ودمشق والقاهرة، وأخذ بدمشق عن ابن رافع، وكان بارعا في الفقه والحديث والأدب، حسن الخطّ جدا، ذا ثروة وملك كثير. جمع مجاميع جيدة، وحدّث وناظر، وألّف، وأسمع ولده ولي الدّين الكثير، وشرع في «تاريخ» لحلب يذيّل به على «تاريخ ابن العديم» ، رتّبه على حروف المعجم، وتمّمه في أربعة أسفار يذكر فيه من مات من أهل حلب أو دخلها أو دخل شيئا من معاملتها، وكان رأسا ببلده، ذكر لقضائها، وكان خطيبا بها، ثم لما قدم القاهرة فاجأته الوفاة في ربيع الآخر فمات غريبا، ويقال: إنه مات مسموما.
وفيها محبّ الدّين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر الدّمراقي [3] الهندي الحنفي [4] .
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 273) و «الدّرر الكامنة» (4/ 78) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 273) و «الدّرر الكامنة» (4/ 85) .
[3]
في «إنباء الغمر» : «الدمراني» .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 275) و «نزهة الخواطر» (2/ 148) .
قدم مكة قديما، وسمع من العزّ بن جماعة، وهو عالم بارع، وكان يعتمر في كل يوم، ويقرأ كل يوم ختمة، ويكتب العلم.
قال ابن حجر: ولكنه كان شديد العصبية، يقع في الشافعي، ويرى ذلك عبادة. نقلت ذلك من خطّ الشيخ تقي الدّين المقريزي، ومات وقد قارب المائة. انتهى.
وفيها صلاح الدّين محمد بن الملك الكامل محمد بن الملك السعيد عبد الملك بن صالح إسماعيل بن العادل بن أيوب الدمشقي [1] .
كان أحد الأمراء بدمشق، ومولده سنة عشر تقريبا، وأجاز له الدّشتي، والقاضي، وغيرهما، وحدّث، وتوفي في رمضان.
وفيها محمود بن موسى بن أحمد الأذرعي [2] التاجر.
أجاز له التّقي سليمان وغيره، وحدّث.
وفيها منشا موسى بن ماري حاطه بن منشا مغابن منشا موسى ملك التّكرور [3] .
وليها بعد أبيه سنة خمس وسبعين، وكان عادلا عاقلا. قاله ابن حجر.
وفيها جمال الدّين أبو المحاسن يوسف بن الشيخ العلّامة شمس الدّين محمد بن القاضي نجم الدّين عمر بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن ذؤيب بن مشرف بن قاضي شبهة الأسدي الشافعي [4] ، عمّ صاحب «الطبقات» .
ولد سنة عشرين وسبعمائة، وسمع الحديث من جماعة، وتفقه على
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 276) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 276) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 276) و «الدّرر الكامنة» (3/ 275) ضمن ترجمة أبيه.
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 277) و «الدّرر الكامنة» (4/ 272) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 404) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 250) .
والده، وعلى أهل عصره، وأذن له والده في الإفتاء، وكان يثني على فهمه، وتنقّل في قضاء البرّ، ثم ترك ذلك، وأقام بدمشق على وظائف والده، نزل له عنها في حياته، وكان فاضلا في الفقه، غير أنه حصل له ثقل في لسانه في مرضة مرضها، فكان يعسر عليه الكلام، وكان خيّرا، ديّنا، منجمعا [1] ، ساكنا، حسن الشكل.
قال الحافظ برهان الدّين الحلبي: قال لي: ما أعلم منذ وعيت إلى الآن أني خلوت ساعة من وجع.
توفي في شوال ودفن عند والده، رحمهما الله تعالى.
[1] تحرفت في «ط» إلى «منجما» .