المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سنة إحدى وستين وسبعمائة - شذرات الذهب في أخبار من ذهب - جـ ٨

[ابن العماد الحنبلي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن]

- ‌سنة إحدى وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعمائة

- ‌سنة أربع وسبعمائة

- ‌سنة خمس وسبعمائة

- ‌سنة ست وسبعمائة

- ‌سنة سبع وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعمائة

- ‌سنة تسع وسبعمائة

- ‌سنة عشر وسبعمائة

- ‌سنة إحدى عشرة وسبعمائة

- ‌سنة اثنتي عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث عشرة وسبعمائة

- ‌سنة أربع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة خمس عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ست عشرة وسبعمائة

- ‌سنة سبع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة ثمان عشرة وسبعمائة

- ‌سنة تسع عشرة وسبعمائة

- ‌سنة عشرين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ست وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وعشرين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ست وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وثلاثين وسبعمائة

- ‌سنة أربعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وأربعين وسبعمائة

- ‌سنة خمسين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ست وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وخمسين وسبعمائة

- ‌سنة ستين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وستين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وستين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وستين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وستين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وستين وسبعمائة

- ‌سنة ست وستين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وستين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وستين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وستين وسبعمائة

- ‌سنة سبعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وسبعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمانين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ست وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وثمانين وسبعمائة

- ‌سنة تسعين وسبعمائة

- ‌سنة إحدى وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة أربع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة خمس وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ست وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة سبع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمان وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة تسع وتسعين وسبعمائة

- ‌سنة ثمانمائة

الفصل: ‌سنة إحدى وستين وسبعمائة

‌سنة إحدى وستين وسبعمائة

فيها توفي أورخان بن عثمان السلطان العظيم ثاني ملوك بني عثمان [1] .

ولي سنة ست وعشرين وسبعمائة [2] بعد وفاة والده السلطان عثمان حق أول ملوك بني عثمان، وكانت ولاية صاحب الترجمة في أيام السلطان حسن صاحب مصر.

قال القطيعي [3] : كان أورخان شديدا على الكفّار ففاق والده في الجهاد، وفتح البلاد فافتتح قلاعا كثيرة وحصونا منيعة، وفتح بروسة [4] وجعلها مقر سلطنته، ثم ولي بعده ولده [5] مراد.

وفيها بشر بن إبراهيم بن محمود بن بشر البعلي الحنبلي [6] الشيخ الصالح المقرئ الفقيه.

ولد في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وستمائة، وسمع من التّاج عبد الخالق، وابن مشرف، والشيخ شرف الدّين اليونيني، وغيرهما. وكان خيّرا،

[1] انظر «تاريخ الدولة العلية العثمانية» ص (41- 44) .

[2]

في «ط» : «وستمائة» وهو خطأ.

[3]

في «ط» : «القطبي» .

[4]

في «آ» و «ط» : «برسا» والتصحيح من «القاموس الإسلامي» (1/ 308) وتعرف في أيامنا ب «بورصة» وهي في الشمال الغربي لتركيا المعاصرة.

[5]

في «آ» : «ابنه» .

[6]

انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 228- 229) و «الدّرر الكامنة» (1/ 479) و «المقصد الأرشد» (1/ 286) .

ص: 326

حسن السّمت، صحب الفقراء، وروى عنه ابن رجب حديث الربيع بنت النّضر وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم:«إنّ من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرّه» [1] . وجاور بمكّة.

وتوفي بمعان مرجعه من الحجّ ليلة الجمعة رابع عشر ذي الحجّة ودفن هناك، وأرّخ الحافظ ابن حجر وفاته في المحرّم ولعله الأقرب.

وفيها جمال الدّين الدارقوي الحنبلي [2] المقرئ للسبع، إمام الضيائية بدمشق.

توفي في جمادى الأولى. قاله العليمي.

وفيها صلاح الدّين أبو سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي [3] الشافعي الإمام المحقّق، بقية الحفّاظ.

ولد بدمشق في ربيع الأول سنة أربع وتسعين وستمائة، وسمع الكثير، ورحل، وبلغ عدد شيوخه بالسماع سبعمائة، وأخذ علم الحديث عن المزّي وغيره، وأخذ الفقه عن الشيخين البرهان الفزاري ولازمه، وخرّج له «مشيخة» والكمال الزّملكاني وتخرّج به، وعلّق عنه كثيرا. وأجيز بالفتوى، وجدّ واجتهد، حتى فاق أهل عصره في الحفظ والإتقان، ودرّس بدمشق بالأسدية وغيرها، ثم انتقل إلى القدس مدرّسا بالصّلاحية، وحجّ مرارا، وجاور، وأقام بالقدس مدة طويلة يدرّس ويفتي ويحدّث ويصنّف، إلى آخر عمره.

ذكره الذهبي في «معجمه» وأثنى عليه، وكذلك الحسيني في «معجمه»

[1] رواه أحمد في «المسند» والبيهقي وأبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه وهو حديث صحيح.

[2]

ترجم له العليمي في «المنهج الأحمد» الورقة (455) من المخطوط.

[3]

انظر «المعجم المختص» ص (92- 93) و «ذيول العبر» ص (335) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 35- 38) و «النجوم الزاهرة» (10/ 337) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 239) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 226- 227) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 121- 125) و «الدّرر الكامنة» (2/ 90) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 59) و «البدر الطالع» (1/ 245) .

ص: 327

و «ذيله» فقال: كان إماما في الفقه، والنحو، والأصول، مفنّنا في علم الحديث ومعرفة الرجال، علّامة في معرفة المتون والأسانيد، بقية الحفّاظ، ومصنّفاته تنبئ عن إمامته في كل فنّ.

درس وأفتى وناظر، ولم يخلّف بعده مثله.

وقال السّبكي: كان حافظا، ثبتا، ثقة، عارفا بأسماء الرجال والعلل والمتون، فقيها، متكلما، أديبا، شاعرا، ناظما، متفننا، أشعريا، صحيح العقيدة، سنّيّا، لم يخلّف بعده في الحديث مثله، لم يكن في عصره من يدانيه فيه.

ومن تصانيفه «القواعد المشهورة» و «الوشي المعلم فيمن روى عن أبيه عن جدّه عن النّبي صلى الله عليه وسلم» . و «عقيلة المطالب في ذكر أشراف الصّفات والمناقب» و «جمع الأحاديث الواردة في زيارة قبر النّبي صلى الله عليه وسلم» و «منحة الرائض بعلوم آيات الفرائض» وكتابا في المدلّسين، وكتابا سماه «تلقيح الفهوم في صيغ العموم» وغير ذلك من التصانيف المتقنة المحررة [1] .

توفي بالقدس في المحرّم ودفن بمقبرة باب الرّحمة إلى جانب سور المسجد.

وفيها أبو الرّبيع سليمان [بن داود بن سليمان بن] محمد بن عبد الحقّ [2] الحنفي البليغ، الناظم الناثر، ولي ولايات جليلة.

ومن شعره:

من يكن أعمى أصمّ [3]

يدخل الحان جهارا

[1] قلت: ومن مصنفاته الأخرى المطبوعة: «جزء في تفسير الباقيات الصالحات وفضلها» وقد صدر ضمن سلسلة نصوص تراثية عن دار ابن كثير بتحقيق الأستاذين د. علي أبو زيد، وحسن إسماعيل مروة، ومراجعة والدي الأستاذ الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله تعالى.

ورسالة «النقد الصحيح لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح» وقد نشرتها دار الإمام مسلم ببيروت بتحقيق الأستاذ محمود سعيد ممدوح، وهي رسالة نافعة.

[2]

انظر «الوافي بالوفيات» (15/ 381- 388) و «الدليل الشافي» (1/ 317- 318) و «الدّرر الكامنة» (2/ 149- 151) وما بين الحاصرتين زيادة منه.

[3]

في «آ» و «ط» : «أصمّ أعمى» وما أثبته من «الدّرر الكامنة» مصدر المؤلّف.

ص: 328

يسمع الألحان تتلو

وترى النّاس سكارى

وفيها تقي الدّين أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر بن فهد المقدسي الصّالحي البزوري العطّار الحنبلي، المعروف بابن قيّم الضيائية [1] .

ولد في أواخر سنة تسع وستين وستمائة، وأخذ عن الفخر بن البخاري، وسمع من الشيخ شمس الدّين بن أبي عمر، وابن الزّين، وابن الكمال.

وسمع منه الذهبي، وابن رافع، والحسيني، وابن رجب.

وأجاز للشيخ شهاب الدّين بن حجّي، وللشيخ شرف الدّين بن مفلح. وكان مكثرا، مسندا، فقيها، وكان له حانوت بالصّالحية يبيع فيه العطر.

توفي بالصالحية ليلة الثلاثاء خامس عشري المحرم ودفن بالرّوضة عن إحدى وتسعين سنة.

وفيها جمال الدّين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري [2] الحنبلي النّحوي العلّامة.

قال في «الدرر» : ولد في ذي القعدة سنة ثمان وسبعمائة، ولزم الشّهاب عبد اللطيف بن المرحّل، وتلا على ابن السّراج، وسمع على أبي حيّان «ديوان زهير بن أبي سلمى» ولم يلازمه ولا قرأ عليه، وحضر درس التّاج التّبريزي، وقرأ على التّاج الفاكهاني «شرح الإشارة» له إلّا الورقة الأخيرة، وتفقه للشافعي ثم تحنبل، فحفظ «مختصر الخرقي» في دون أربعة أشهر، وذلك قبل موته بخمس سنين، وأتقن العربية، ففاق الأقران، بل الشيوخ. وحدّث عن ابن جماعة بالشاطبية، وتخرّج به جماعة من أهل مصر وغيرهم، وتصدّر لنفع الطالبين، وانفرد

[1] انظر «ذيول العبر» ص (335- 336) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 229) و «الدّرر الكامنة» (2/ 283) و «القلائد الجوهرية» (2/ 283) .

[2]

انظر «ذيول العبر» ص (336) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 234- 235) و «الدّرر الكامنة» (2/ 308- 310) و «بغية الوعاة» (2/ 68- 70) و «حسن المحاضرة» (1/ 536) ومقدمة الأستاذ الدكتور مازن المبارك لرسالة «المباحث المرضية المتعلقة بمن الشرطية» ص (7- 22) الصادرة بتحقيقه عن دار ابن كثير.

ص: 329

بالفوائد الغريبة والمباحث الدقيقة، والاستدراكات العجيبة، والتحقيق البالغ، والاطلاع المفرط، والاقتدار على التّصرّف في الكلام، والملكة التي كان يتمكن من التعبير بها عن مقصوده بما يريد، مع التواضع، والبرّ، والشفقة، ودماثة الخلق، ورقة القلب.

قال ابن خلدون: وما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام، أنحى من سيبويه، وكان كثير المخالفة لأبي حيّان، شديد الانحراف عنه، صنّف «مغني اللّبيب عن كتب الأعاريب» [1] اشتهر في حياته وأقبل الناس عليه، وقد كتب عليه حاشية وشرحا لشواهده، و «التوضيح على الألفية» مجلدا و «رفع الخصاصة عن قراء الخلاصة» أربع مجلدات، و «عمدة الطالب في تحقيق تصريف ابن الحاجب» مجلدان، و «التحصيل والتفصيل لكتاب التكميل والتّذييل» عدة مجلدات، و «شرح التسهيل» مسودة، و «شرح الشواهد الكبرى والصّغرى» و «الجامع الكبير» و «الجامع الصغير» و «شرح اللّمحة» لأبي حيّان، و «شرح بانت سعاد» و «شرح البردة» و «التذكرة» خمس مجلدات، و «المسائل السّفرية» في النحو [2] ، وغير ذلك، وله عدة حواش على «الألفية» و «التسهيل» .

ومن شعره:

ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله

ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل

ومن لم يذلّ النفس في طلب العلى

يسيرا يعش دهرا طويلا أخا ذلّ

وله:

سوء الحساب أن يؤاخذ الفتى

بكلّ شيء في الحياة قد أتى

[1] وقد طبع عدة مرات في مصر والشام ولبنان وإيران، ومن أشهر طبعاته الطبعة التي صدرت في مصر بتحقيق العلّامة الشيخ محمد محيي الدّين عبد الحميد. والطبعة التي صدرت عن دار الفكر ببيروت بتحقيق الأستاذين الدكتور مازن المبارك وعلي حمد الله، ومراجعة أستاذنا العلّامة سعيد الأفغاني العميد الأسبق لكلية الآداب بجامعة دمشق حفظه الله وأطال عمره ونفع به.

[2]

نشرت ضمن مجموعة من رسائله في مكتبة سعد الدّين بدمشق بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة.

ص: 330

توفي ليلة الجمعة خامس ذي القعدة، ودفن بعد صلاة العصر بمقبرة الصّوفية بمصر.

وفيها أبو القاسم محمد بن أحمد بن محمد الشريف الحسيني [1] الفقيه الجليل النّبيه، رئيس العلوم اللّسانية بالأندلس، وقاضي الجماعة بها.

قال المقرئ المغربي المتأخر في كتابه «تعريف ابن الخطيب في ذكر مشايخ لسان الدّين بن الخطيب» : كان هذا الشريف آية الله الباهرة في العربية والبيان والأدب.

قال محمد بن علي بن الصبّاغ العقيلي: كان آية زمانه وأزمة البيان طوع بنانه، له «شرح المقصورة القرطاجنية» ، أغرب ما تتحلى به الآذان، وأبدع ما ينشرح له الجنان إلى العقل الذي لا يدرك، والفضل الذي حمد منه المسلك، جرت بينه وبين الوالد نادرة، وذلك أن الوالد دخل عليه يوما لأداء شهادة، فوجد بين يديه جماعة من الغزاة يؤدون شهادة أيضا، فسمع القاضي منهم وقال: هل ثمّ من يعرفكم؟ فقالوا: نعم يعرفنا سيدي علي الصباغ، فقال القاضي: أتعرفهم يا أبا الحسن؟ فقال: نعم يا سيدي معرفة محمد بن يزيد، فما أنكر عليه شيئا، بل قال لهم: عرف الفقيه أبو الحسن ما عنده، فانظروا من يعرف معه رسم حالكم، فانصرفوا راضين، ولم يرتهن والدي في شيء من حالهم، ولا كشف القاضي لهم ستر القضية.

قال محمد بن الصباغ: أما قول والدي معرفة محمد بن يزيد فإشارة إلى قول الشاعر:

أسائل عن ثمالة كلّ حيّ

فكلّهم يقول وما ثماله؟

فقلت محمّد بن يزيد منهم

فقالوا الآن زدت بهم جهاله

[1] انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 352- 353) و «قضاة الأندلس» ص (171- 176) و «الدّيباج المذهب» ص (290) مصورة دار الكتب العلمية ببيروت و «الأعلام» (5/ 327) ونسبته في بعض المصادر «الحسني» .

ص: 331

قال: ففطن القاضي- رحمه الله تعالى- لجودة ذكائه إلى أنه يرتهن في شيء من معرفتهم ممتنعا من إظهار ذلك بلفظه الصريح، فكنّى واكتفى بذكاء القاضي الصحيح، رحمه الله تعالى.

ومن شعر الشّريف:

وأحور زان خدّيه عذار

سبى الألباب منظره العجاب

أقول لهم وقد عابوا غرامي

به إذ لاح للدّمع انسكاب

أبعد كتاب عارضه يرجّى

خلاص لي وقد سبق الكتاب

توفي في هذه السنة.

وقال في «الإحاطة» : مولده سنة سبع وتسعين وستمائة، وتوفي سنة ستين وسبعمائة، والأول أصحّ.

وفي حدودها قاضي القضاة أبو عبد الله جدّ المقري المتأخر، صاحب «نفح الطّيب» قال في «الإحاطة» : محمد بن محمد بن أحمد ابن أبي بكر [بن عبد الله][1] بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي المقّري [2] قاضي الجماعة بفاس.

ولد بتلمسان، وكان أول من اتخذها من سلفة قرارا جدّه الخامس عبد الرحمن صاحب الشيخ أبي مدين، الذي دعا له ولذريته بما ظهر فيهم قبوله وتبين.

وقال حفيده المقّري في كتابه «التعريف بابن الخطيب» : وقد ألّف علم الدنيا ابن مرزوق تأليفا استوفى فيه التعريف بمولاي الجدّ سمّاه «النّور البدري في التعريف بالفقيه المقري» وهذا بناء منه على مذهبه أنه بفتح الميم وسكون القاف كما صرح بذلك في «شرح الألفية» عند قوله:

ووضعوا لبعض الأجناس علم

[1] ما بين الرقمين لم يرد في «الإحاطة» الذي بين يدي.

[2]

انظر «الإحاطة في تاريخ غرناطة» (2/ 191- 226) و «شجرة النّور الزكية» ص (232) .

ص: 332

وضبطه غيره وهم الأكثرون بفتح الميم وتشديد القاف، وعلى ذلك عوّل أكثر المتأخرين وهما لغتان في البلدة التي نسب إليها وهي قرية من قرى زاب إفريقية.

وقال مولاي الجدّ: مولدي بتلمسان أيام أبي حمّ موسى بن عثمان، وقد وقفت على تاريخ ذلك، ولكني رأيت الصفح عنه لأن أبا الحسن بن مؤمن سأل أبا طاهر السّلفي عن سنه، فقال: أقبل على شأنك فإني سألت أبا الفتح بن رويان عن سنه، فقال لي: اقبل على شأنك فإني سألت علي بن محمد اللّبّان عن سنه، فقال لي: أقبل على شأنك فإني سألت أبا القاسم حمزة بن يوسف السّهمي عن سنّه، فقال لي: أقبل على شأنك فإني سألت أبا بكر محمد بن عدي المنقري عن سنه، فقال لي أقبل على شأنك، فإني سألت أبا إسماعيل الترمذي عن سنه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت بعض أصحاب الشافعي عن سنه، فقال لي:

أقبل على شأنك، فإني سألت الشافعي عن سنّه فقال لي: أقبل على شأنك، فإني سألت مالك بن أنس عن سنّه، فقال: أقبل على شأنك ليس من المروءة للرجل أن يخبر بسنه، انتهى.

وأنشد لبعضهم في المعنى:

احفظ لسانك لا تبح بثلاثة

سنّ ومال ما استطعت ومذهب

فعلى الثّلاثة تبتلى بثلاثة

بمكفّر وبحاسد ومكذّب

وقال في «الإحاطة» في ترجمة الفقيه المقري هذا: هذا الرجل مشار إليه بالعدوة الغربية، اجتهادا، وأدبا، وحفظا، وعناية، واضطلاعا، ونقلا، ونزاهة، سليم الصّدر، قريب الغور، صادق القول، مسلوب التصنع، كثير الهشة، مفرط الخفّة، ظاهر السذاجة، ذاهب أقصى مذاهب التخلق، محافظ على العمل، مثابر على الانقطاع، حريص على العبادة، قديم النّعمة متصل الخيرية، مكب على النظر والدرس، معلوم الصّيانة والعدالة، منصف في المذاكرة، حاسر الذراع عند المباحثة، رحب الصّدر في وطيس المناقشة، غير ضنين بالفائدة، كثير الالتفات، متقلب الحدقة، جهير بالحجّة، بعيد عن المراء والمباهتة، قائل بفضل أولي الفضل من الطلبة يقوم أتمّ القيام على العربية، والفقه، والتفسير، ويحفظ

ص: 333

الحديث، ويتهجر بحفظ التاريخ والأخبار والآداب، ويشارك مشاركة فاضلة في الأصلين والمنطق والجدل، ويكتب ويشعر مصيبا، غرض الإصابة، ويتكلم في طريقة الصّوفية كلام أرباب المقال، ويعتني بالتدوين فيها شرّق وحجّ ولقي جلة ثم عاد إلى بلده فأقرأ به وانقطع إلى خدمة العلم.

وقال المقّري في هذه الترجمة: سأل ابن فرحون ابن حكم هل تجد في التنزيل ست فاءات مرتبة ترتيبها في هذا البيت:

رأى فحبّ فرام الوصل فامتنعت

فسام صبرا فأعيا نيله فقضى

ففكر ثم قال: نعم فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ 68: 19 [القلم: 19] إلى آخرها، ثم قال لابن فرحون: هل عندك غيره، فقال: نعم فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ الله 91: 13 [الشّمس: 13] إلى آخر السورة، وأكثر ما وجدت الفاء تنتهي في كلامهم إلى هذا العدد.

وقال المقرّي صاحب الترجمة: رأيت بجامع الفسطاط من مصر فقيرا عليه قميص إلى جانبه دفاسة قائمة وبين يديه قلنسوة، فذكر لي هنالك أنهما محشوتان بالبرادة، وأن زنة الدفاسة أربعمائة رطل مصرية، وهي ثلاثمائة وخمسون مغربية، وزنة القلنسوة مائتا رطل مصرية، فعمدت إلى الدفاسة فأخذتها من طرفها أنا ورجل آخر وأملناها بالجهد فلم نصل بها إلى الأرض، وعمدت إلى القلنسوة فأخذتها من أصبع كان في رأسها فلم أطق حملها فتركتها، وكان يوم جمعة، فلما قضيت الصّلاة مررنا في جملة من أصحابنا بالفقير فوجدناه لابسا تلك الدفاسة في عنقه واضعا تلك القلنسوة على رأسه فقام إلينا وإلى غيرنا ومشى بهما كما يمشي أحدنا بثيابه، فجعلنا نتعجب ويشهد بعضنا بعضا على ما رأى، ولم يكن بالعظيم الخلقة.

وقال: لما حللت ببيت المقدس وعرف به مكاني من الطلب، سألني بعض الطلبة بحضرة قاضيها فقال: إنكم معشر المالكية تبيحون للشامي يمرّ بالمدينة أن يتعدى ميقاتها إلى الجحفة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عيّن المواقيت لأهل

ص: 334

الآفاق: «هنّ لهنّ ولمن مرّ عليهنّ من غير أهلهنّ» [1] وهذا قد مرّ على ذي الحليفة وليس من أهله، فيكون له، فقلت له: إن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «من غير أهلهنّ» أي من غير أهل المواقيت، وهذا سلب كلي وإنه غير صادق على هذا الفرد ضرورة صدق نقيضه وهو الإيجاب الجزئي عليه، لأنه من بعض أهل المواقيت قطعا، فلما لم يتناوله النّص رجعنا إلى القياس. ولا شك أنه لا يلزم أحد أن يحرم قبل ميقاته وهو يمرّ عليه، فوقعت من نفوس أهل البلد بسبب ذلك. انتهى.

قلت: الحديث صحيح، خرّجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، بلفظ:«هنّ لهم، ولمن أتى عليهنّ من غير أهلهنّ» وفي أكثر طرقه: «هنّ لهنّ» والأول أصحّ.

وفيها القاضي صدر الدّين محمد بن أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن عوض المقدسي ثم المصري الحنبلي [2] الشيخ الإمام. سمع من العماد بن الشيخ شمس الدّين ابن العماد، والتّقي ابن تمّام، وغيرهما. وكان حسن الشكالة، مع تواضع وحسن كتابة، ولما كان والده قاضي الحنابلة بالدّيار المصرية رأى من الجاه والسعادة ما لم يره غيره من أولاد القضاة، ويقال: إنه كان في إصطبله ما يزيد على خمسين رأسا، وبسببه عزل والده من القضاء.

توفي المترجم ليلة النّصف من ذي القعدة، والله أعلم.

[1] رواه البخاري رقم (1524) في الحج: باب مهل أهل مكة للحج والعمرة، ومسلم رقم (1181) (12) في الحج: باب مواقيت الحج والعمرة، وأبو داود رقم (1738) في مناسك الحج:

باب في المواقيت، وانظر تتمة تخريجه في «جامع الأصول» (3/ 16) .

[2]

انظر «المقصد الأرشد» (2/ 363) .

ص: 335