الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة أربعين وسبعمائة
في صفر هبّت بجبل طرابلس سموم وعواصف على جبال عكّا، وسقط نجم اتصل نوره بالأرض برعد عظيم، وعلقت منه نار في أراضي الجون أحرقت أشجارا ويبّست ثمارا، وأحرقت منازل، وكان ذلك آية. ونزل من السماء نار بقرية الفيجة [1] على قبّة خشب أحرقتها وأحرقت إلى جانبها ثلاثة بيوت. وصحّ هذا واشتهر. قاله في «العبر» .
وبهذه السنة ختم الذهبي كتابيه «العبر» و «الدول» [2] .
وفيها توفي نجم الدّين إبراهيم بن بركات بن أبي الفضل بن القرشية البعلبكي [3] الصّوفي، أحد الأعيان الصّوفية وأكابر الفقهاء القادرية. حدّث عن الشيخ شمس الدّين بن أبي عمر، وكان خاتمة أصحابه، وعن ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر وجماعة، وولي مشيخة الشّبلية والأسدية.
وتوفي بدمشق في رجب عن تسعين سنة أو أكثر.
[1] الفيجة: قرية على مسافة فرسخين من دمشق وبقربها عين الفيجة أحد روافد نهر بردى الشهير.
[2]
قلت: أما كتاب «العبر» فقد ختمه الذهبي بسنة (700) وما نقل عنه المؤلف ابن العماد الحنبلي رحمه الله إنما هو «ذيل العبر» للذهبي وقد ختمه بهذه السنة (740) وأما كتاب «دول الإسلام» فإنه ختمه بسنة (744) وذيّل عليه الحافظ السخاوي بذيل كبير سمّاه «الذيل التام على دول الإسلام» ينتهي بحوادث ووفيات سنة (901) هـ، وقد قام بتحقيقه- بإشارة مني- صديقي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة، نفع الله تعالى به، والمجلد الأول منه انتهى تحقيقه، وقمت بقراءته والتقديم له وسيدفع إلى الطبع قريبا إن شاء الله تعالى.
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (212) و «الوافي بالوفيات» (5/ 337) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 163) .
وفيها مجد الدّين أبو بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز الزّنكلوني المصري الشافعي [1] .
ولد سنة تسع وسبعين وستمائة، وتفقه على مشايخ عصره.
قال ابن قاضي شهبة: ولا أحفظ عمّن أخذ منهم وسمع منهم [2] الحديث، وتصدى للاشتغال والتّصنيف.
وممن أخذ عنه الشيخ جمال الدّين الإسنوي، وذكر له في «طبقاته» ترجمة حسنة، فقال: كان إماما في الفقه، أصوليا، محدّثا، نحويا، ذكيا، حسن التّعبير، قانتا لله، لا يمكن أحدا أن تقع منه غيبة في مجلسه، صاحب كرامات، منقبضا عن الناس، ملازما لشأنه، لا يتردد إلى أحد من الأمراء، ويكره أن يأتوا إليه، وراض نفسه إلى أن صار يحمل طبق العجين على كتفه إلى الفرن، ويعود به، مع كثرة الطلبة عنده.
وكان ملازما للإشغال ليلا ونهارا ويمزج الدّروس بالوعظ وبحكايات الصّالحين، ولذلك بارك الله في طلبته، وحصل لهم نفع كبير.
وكان حسن المعاشرة، كثير المروءة، ولي مشيخة الخانقاه البيبرسية، وتدريس الحديث بها، وبالجامع الحاكمي.
توفي في ربيع الأول، ودفن بالقرافة.
وزنكلون: قرية من بلاد الشّرقية من أعمال الدّيار المصرية، وأصلها سنكلوم بالسين المهملة في أولها والميم في آخرها، إلّا أن الناس لا ينطقون إلا الزّنكلوني، ولذلك كان الشيخ يكتبه بخطّه كذلك غالبا.
ومن تصانيفه «شرح التّنبيه» الذي عمّ نفعه للمتفقهة ورسخ في النّفوس
[1] انظر «ذيول العبر» ص (212- 213) و «النجوم الزاهرة» (9/ 324) و «مرآة الجنان» (4/ 304) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 17) و «الدّرر الكامنة» (1/ 441) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 322) . ونسبته فيه «السنكلومي» وانظر كلامه حولها فهو مفيد نافع.
[2]
لفظة «منهم» الثانية هذه سقطت من «ط» .
وقعه، و «المنتخب» مختصر الكفاية، وشرح «المنهاج» نحو «شرح التّنبيه» و «شرح التعجيز» و «مختصر التبريزي» وغير ذلك.
وفي حدودها علاء الدّولة وعلاء الدّين أبو المكارم أحمد بن محمد بن أحمد السّمنانيّ [1] .
ذكره الإسنوي في «طبقاته» وقال: كان إماما، عالما، مرشدا، له مصنّفات كثيرة في التفسير، والتصوف، وغيرهما.
وفيها القاضي محيي الدّين إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل بن نصر بن جهبل أبو الفداء الحلبي الأصل الدّمشقي الشّافعي [2] .
ولد بدمشق في سنة ست وستين وستمائة، واشتغل، وحصّل، وحدّث عن ابن عطا، وابن البخاري، وأفتى، ودرّس بالأتابكية. وسمع منه جماعة منهم البرزالي، وخرّج له «مشيخة» وحدّث بها، وناب في الحكم بدمشق، وولي قضاء طرابلس مدة ثم عزل منها، وعاد إلى دمشق.
وتوفي في شعبان ودفن عند أخيه بمقبرة الصّوفية.
وفيها مسندة الشّام أمّ عبد الله زينب بنت الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية [3] المرأة الصّالحة العذراء.
روت عن محمد بن عبد الهادي، وخطيب مردا، واليلداني، وسبط ابن الجوزي، وجماعة.
وبالإجازة عن عجيبة الباقدارية، وابن الخير، وابن العلّيق، وعدد كثير، وتكاثروا عليها وتفرّدت، وروت كتبا كبارا.
وتوفيت في تاسع عشر جمادى الأولى عن أربع وتسعين سنة.
[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 73) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (214) و «الدّرر الكامنة» (1/ 383) .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (213) و «مرآة الجنان» (4/ 305) و «الدّرر الكامنة» (2/ 117) .
وفيها الخليفة المستكفي بالله أبو الرّبيع سليمان بن الحاكم بأمر الله [1] .
ولد في نصف المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة، واشتغل قليلا، وبويع بالخلافة بعهد من أبيه في جمادى الأولى، سنة إحدى وسبعمائة، وخطب له على المنابر بالبلاد المصرية والشامية، وصارت البشارة بذلك إلى جميع الأقطار والممالك الإسلامية، وكانوا يسكنون بالكبش، فنقلهم السلطان إلى القلعة وأفرد لهم دارا.
وتوفي بقوص، وكانت خلافته ثمانيا وثلاثين سنة.
وبويع أخوه إبراهيم بغير عهد.
وفيها قبض على الصّاحب شرف الدّين عبد الوهاب القبطي [2] في صفر وصودر، واستصفيت حواصله بمباشرة الأمير سيف الدّين شنكر النّاصري ومن جملة ما وجد له صندوق ضمّنه تسعة عشر ألف دينار وأربعمائة مثقال لؤلؤ كبار، وصليب مجوهر، ووجد بداره كنيسة مرخّمة بمحاريبها الشرقية ومذابحها وآلاتها، واستمرّ الملعون في العقوبة حتّى هلك في ربيع الآخر.
وفيها في ليلة السادس والعشرين من شوال وقع بدمشق حريق كبير شمل اللّبادين القبلية وما تحتها وما فوقها، إلى عند سوق الكتب، واحترق سوق الورّاقين، وسوق الذهب، وحاصل الجامع وما حوله، والمأذنة الشرقية، وعدم للناس فيه من الأموال والمتاع ما لا يحصر. قاله في «العبر» [3] ، والله أعلم.
وفيها الحسن بن إبراهيم بن أبي خالد البلوي [4] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان أديبا، فقيها، نحويا، أخذ عن ابن [5] خميس، وأبي الحسن القيجاطي.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (214) و «النجوم الزاهرة» (9/ 322) و «الدّرر الكامنة» (2/ 141) و «تاريخ الخلفاء» ص (321) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (214- 215) .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (213- 214) .
[4]
انظر «بغية الوعاة» (1/ 494) .
[5]
في «آ» و «ط» : «أبي خميس» والتصحيح من «بغية الوعاة» مصدر المؤلّف.
ومات يوم عيد الفطر.
وفيها أبو عامر محمد بن عبد الله بن عبد العظيم بن أرقم النّميري الوادياشي [1] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان أحد شيوخه [2] ، مشاركا في فنون، من فقه، وأدب وعربية، وهي أغلب الفنون عليه، مطّرحا، مخشوشنا، مليح الدّعابة، كثير التواضع، بيته معمور بالعلماء أولي الأصالة والتعيّن.
تصدّر ببلده للفتيا والإسماع والتدريس.
وكان قرأ على أبي العبّاس بن عبد النّور، وأبي خالد بن أرقم. وروى عنه ابن الزّبير، وأبو بكر بن عبيد، وغيرهما. وله شعر. مات ببلده. انتهى.
وفيها شمس الدّين محمد المغربي الأندلسي [3] .
قال ابن حجر: كان شعلة نار في الذكاء، كثير الاستحضار، حسن الفهم، عارفا بعدّة علوم، خصوصا بالعربية. أقام بحماة مدة، وولي قضاءها، ثم توجّه إلى الرّوم، فأقام بها، وأقبل عليه الناس.
مات ببرصا في شعبان.
[1] انظر «الإحاطة» (3/ 88- 89) وقد نقل ابن حجر عنه باختصار وتصرف ونقل المؤلف عنه، و «الدّرر الكامنة» (3/ 475- 476) .
[2]
في «الإحاطة» : «أحد شيوخ بلده» .
[3]
انظر «بغية الوعاة» (1/ 290) مصدر المؤلف.