الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وسبعين وسبعمائة
فيها توفي قاضي القضاة شرف الدّين أبو العبّاس أحمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة الحنبلي، الشيخ الإمام، جمال الإسلام، صدر الأئمة الأعلام، شيخ الحنابلة، المقدسي الأصل ثم الدمشقي المشهور بابن قاضي الجبل [1] .
مولده على ما كتبه بخطّه في الساعة الأولى من يوم الاثنين تاسع شعبان سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وكان متفننا، عالما بالحديث وعلله، والنحو، واللغة، والأصلين، والمنطق. وله في الفروع القدم العالي. قرأ على الشيخ تقي الدّين بن تيميّة عدة مصنّفات في علوم شتّى، وأذن له في الإفتاء فأفتى في شبيبته، وسمع في الصّغر من الفرّاء، وابن الواسطي، ثم طلب بنفسه بعد العشر وسبعمائة، وأجازه والده، والمنجّى التنوخي، وابن القوّاس، وابن عساكر. وفي مشايخه كثرة.
ودرّس بعدة مدارس، ثم طلب في آخر عمره إلى مصر ليدرّس بمدرسة السّلطان حسن. وولي مشيخة سعيد السعداء، وأقبل عليه أهل [2] مصر وأخذوا عنه، وأقام بها مدة يدرّس ويشغل ويفتي، ورأس على أقرانه إلى أن ولي القضاء بدمشق بعد جمال الدّين المرداوي سنة سبع وستين، وكان عنده مداراة وحبّ
[1] انظر «المعجم المختص» ص (16) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 358) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 354) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 494- 295) و «الدّرر الكامنة» (1/ 120- 121) و «النجوم الزاهرة» (11/ 108) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 44- 46) و «القلائد الجوهرية» (2/ 491- 492) و «المعجم المختص» ص (16) .
[2]
لفظة «أهل» سقطت من «آ» .
للمنصب، ووقع بينه وبين الحنابلة، وباشر القضاء دون الأربع سنين إلى أن مات وهو قاض. وذكره الذهبي في «معجمه المختص» والحسيني فقال فيه: مفتي الفرق، سيف المناظرين.
وبالغ ابن رافع وابن حبيب في مدحه.
ومن إنشاده وهو بالقاهرة:
الصّالحيّة جنّة
…
والصّالحون بها أقاموا
فعلى الدّيار وأهلها
…
منّي التّحيّة والسّلام
وله أيضا:
نبييّ أحمد وكذا إمامي
…
وشيخي أحمد كالبحر طامي
واسمي أحمد وبذاك أرجو
…
شفاعة أشرف الرّسل الكرام
وله اختيارات في المذهب، منها «بيع الوقف للحاجة» ومنها أن النزول [عن الوظيفة][1] تولية، وله عدة مصنّفات، منها كتاب «المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف» وتبعه على ذلك جماعة وكلّهم تبع للشيخ تقي الدّين [2] .
توفي بمنزله بالصالحية يوم الثلاثاء رابع عشر رجب ودفن بتربة جده الشيخ أبي عمر.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن عمر بن حسين الشيخ الصّالحي المسند الشّيرازيّ الأصل ثم الدمشقي الحنبلي المعروف بزغنش- بزاي مضمومة ثم غين معجمة ثم نون مضمومة ثم شين معجمة كذا ضبطه صاحب «المبدع» في كتابه «المقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد» - ويعرف أيضا بابن مهندس الحرم [3] .
[1] ما بين القوسين سقط من «آ» و «ط» واستدركته من «الدارس في تاريخ المدارس» .
[2]
يعني ابن تيمية رحمه الله تعالى.
[3]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 350- 351) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 290) و «الدّرر الكامنة» (1/ 290) و «المقصد الأرشد» (1/ 181) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 125) و «القلائد الجوهرية» (2/ 419) .
ولد سنة بضع وسبعين وستمائة، وسمع على [1] الفخر بن البخاري، وحدّث فسمع منه الحسيني، وابن رجب، وغيرهما. وكان قيّم الضّيائية، رجلا، جيدا، كثير التّلاوة للقرآن، من الأخيار الصّالحين، وطال عمره، حتّى رأى من أولاده وأحفاده مائة، وهو جد المحدّث شهاب الدّين أحمد بن المهندس.
توفي يوم الأحد ثامن المحرم ودفن بتربة الموفق بالرّوضة وقد قارب المائة.
وفيها سري الدّين أبو الوليد إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن هانئ الغرناطيّ المالكي [2] .
ولد سنة ثمان وسبعمائة بغرناطة، وأخذ عن جماعة من أهل بلده كابن جزي، وقدم القاهرة فذاكر أبا حيّان، ثم قدم الشام، وأقام بحماة واشتهر بالمهارة في العربية، وولي قضاء المالكية بحماة وهو أول مالكي ولي القضاء بها، ثم قضاء الشام، ثم أعيد إلى حماة، ثم دخل مصر وأقام يسيرا، وشرح «تلقين» أبي البقاء في النحو، وقطعة من «التسهيل» وكان يحفظ من الشواهد كثيرا جدا، ولم يكن من المالكية بالشام مثله في سعة علومه، وبالغ ابن كثير في الثناء عليه. قال: وكان كثير العبادة وفي لسانه لثغة في حروف متعددة، ولم يكن فيه ما يعاب إلّا أنه استناب ولده، وكان سيىء السيرة جدا، وكان يحفظ «الموطأ» ويرويه عن ابن جزي. وروى عنه ابن عشائر [3] ، والجمال خطيب المنصورية وجماعة.
توفي في ربيع الآخر. قاله السيوطي في «طبقات النّحاة» .
وفيها قاضي القضاة تاج الدّين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمّام بن يوسف بن موسى ابن تمّام السّبكي الشافعي [4] .
[1] لفظة «على» سقطت من «آ» .
[2]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 352) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 291- 292) و «الدّرر الكامنة» (1/ 380) و «بغية الوعاة» (1/ 456) وترجم له الحافظ السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» الورقة (147) من المنسوخ.
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «ابن عساكر» والتصحيح من «بغية الوعاة» وهو محمد بن علي بن محمد السلمي الحلبي بن عشائر، وسترد ترجمته في وفيات سنة (789) من هذا المجلد ص (530) .
[4]
انظر «المعجم المختص» ص (152) و «البداية والنهاية» (14/ 316) و «الوفيات» لابن رافع
ولد بالقاهرة سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وسمع بمصر من جماعة، ثم قدم دمشق مع والده في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين، وسمع بها من جماعة، واشتغل على والده وغيره، وقرأ على الحافظ المزّي، ولازم الذهبي، وتخرّج به، وطلب بنفسه، ودأب، وأجازه شمس الدّين بن النّقيب بالإفتاء والتدريس، ولما مات ابن النّقيب كان عمره ثمان عشرة سنة، وأفتى، ودرّس، وصنّف وأشغل، وناب عن أبيه بعد وفاة أخيه القاضي حسين، ثم اشتغل بالقضاء بسؤال والده في شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين، ثم عزل مدة لطيفة، ثم أعيد، ثم عزل بأخيه بهاء الدّين، وتوجه إلى مصر على وظائف أخيه، ثم عاد إلى القضاء على عادته، وولي الخطابة بعد وفاة ابن جملة، ثم عزل، وحصل له فتنة شديدة، وسجن بالقلعة نحو ثمانين يوما، ثم عاد إلى القضاء. وقد درّس بمصر والشام بمدارس كبار، العزيزية والعادلية الكبرى، والغزالية، والعذراوية، والشاميتين، والناصرية، والأمينية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، وتدريس الشافعي بمصر والشيخونية والميعاد بالجامع الطولوني، وغير ذلك.
وقد ذكره الذهبي في «المعجم المختص» وأثنى عليه.
وقال ابن كثير: جرى عليه من المحن والشدائد ما لم يجر على قاض قبله، وحصل له من المناصب ما لم يحصل لأحد قبله.
وقال الحافظ شهاب الدّين بن حجي: خرّج له ابن سعد «مشيخة» ومات قبل تكميلها، وحصّل فنونا من العلم، من الفقه والأصول، وكان ماهرا فيه، والحديث والأدب، وبرع، وشارك في العربية، وكان له يد في النّظم والنثر، جيد البديهة، ذا بلاغة وطلاقة لسان وجراءة جنان، وذكاء مفرط، وذهن وقّاد، صنّف تصانيف عدة في فنون على صغر سنه وكثرة أشغاله قرئت عليه وانتشرت في حياته وبعد موته. قال: وانتهت إليه رئاسة القضاء والمناصب بالشام، وحصلت له محنة بسبب
(2/ 362- 364) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 303- 306) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 140- 143) و «الدّرر الكامنة» (2/ 425) و «النجوم الزاهرة» (11/ 108) و «حسن المحاضرة» (1/ 328) .
القضاء وأوذي فصبر، وسجن فثبت، وعقدت له مجالس فأبان عن شجاعة وأفحم خصومه مع تواطئهم عليه، ثم عاد إلى مرتبته وعفا وصفح عمن قام عليه، وكان سيّدا، جوادا، كريما، مهيبا [1] ، تخضع له أرباب المناصب من القضاة وغيرهم.
توفي شهيدا بالطّاعون في ذي الحجّة خطب يوم الجمعة وطعن ليلة السبت رابعه ومات ليلة الثلاثاء ودفن بتربتهم بسفح قاسيون عن أربع وأربعين سنة.
ومن تصانيفه «شرح مختصر ابن الحاجب» في مجلدين سمّاه «رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب» و «شرح منهاج البيضاوي» و «القواعد المشتملة على الأشباه والنظائر» و «طبقات الفقهاء الكبرى» في ثلاثة أجزاء و «الوسطى» مجلد ضخم، و «الصّغرى» مجلد لطيف، و «الترشيح» في اختيارات والده [2] ، و «التوشيح» على التنبيه و «التصحيح» و «المنهاج» و «جمع الجوامع» في أصول الفقه وشرحه بشرح سماه «منع الموانع» و «جلب حلب» جواب عن أسئلة سأل عنها الأذرعي، وغير ذلك.
وفيها موفق الدّين أبو الحسن علي بن أبي بكر بن محمد بن علي بن شدّاد الحميري اليمني [3] .
قال الخزرجي: كان فقيها، عالما، نحويا، لغويا، محدّثا، عارفا، محقّقا في فنونه، انتهت إليه الرئاسة في اليمن في القراءات، ورحل إليه الناس، وانتشر ذكره.
مات ليلة الاثنين تاسع شوال.
وفيها أقضى القضاة بدر الدّين أبو المعالي محمد بن محمد بن عبد اللطيف أبي الفتح بن يحيى بن علي بن تمّام الأنصاري الشافعي السّبكي [4] .
[1] كذا في «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة «مهيبا» وفي «آ» : «مهابا» .
[2]
قال ابن قاضي شهبة في «الطبقات» : «وفيه فوائد غريبة، وهو أسلوب غريب» .
[3]
ذكره عرضا البريهي في «طبقات صلحاء اليمن» ص (62) وانظر حاشية محققه الأستاذ عبد الله محمد الحبشي عليه.
[4]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 356- 357) و «ذيل العبر» لابن العراقي (2/ 297- 298) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 181- 183) و «الدّرر الكامنة» (4/ 189) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 254- 256) .
ولد بالقاهرة سنة أربع أو خمس أو ست وثلاثين وسبعمائة، وسمع من جماعة بمصر والشام، وكتب بعض الطّباق، [واشتغل في فنون العلم][1] وحصّل، ودرّس، وأفتى، وحدّث بالرّكنية وعمره خمس عشرة سنة في حياة جدّه لأمّه تقي الدّين السّبكي، وناب في الحكم لخاله تاج الدّين، ثم ولي قضاء العسكر.
ولما ولي خاله بهاء الدّين قضاء الشام كان هو الذي يباشر عنه القضاء والشيخ بهاء الدّين لا يباشر شيئا في الغالب. ودرّس بالشاميتين الجوّانية أصالة والبرّانية نيابة عن خاله تاج الدّين.
قال ابن كثير: وكان ينوب عن خاله في الخطابة، وكان حسن الخطابة، كثير الأدب والحشمة، متوددا إلى الناس وهم مجمعون على محبته، شابا، حسن الشكالة.
توفي بالقدس في شوال، ودفن بمقابر باب الرّحمة.
[1] ما بين القوسين أثبته من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف. وكان مكانه في «آ» و «ط» : «وكان إماما عالما أوحد» .