الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وثمانين وسبعمائة
فيها تمّت عمارة المدرسة البرقوقية بمصر بين القصرين، وكان القائم في عمارتها جركس الخليلي، وقال في ذلك ابن العطّار:
قد أنشأ الظّاهر السّلطان مدرسة
…
فاقت على إرم مع سرعة العمل
يكفي الخليليّ أن جاءت لخدمته
…
شمّ الجبال لها تأتي على عجل
ونزل إليها السلطان برقوق في ثاني عشر شهر رجب وقرّر أمورها ومدّ بها سماطا عظيما، ونقل أولاده ووالده من الأماكن التي دفنوا بها إلى القبة التي أنشأها بها، وقرّر فيها علاء الدّين السّراي مدرس الحنفية بها وشيخ الصّوفية فيها، والشيخ أوحد الدّين الرّومي مدرّس الشافعية، والشيخ شمس الدّين بن مكين مدرّس المالكية، والشيخ صلاح الدّين بن الأعمى مدرّس الحنابلة، والشيخ أحمد زاده العجمي مدرّس الحديث، والشيخ فخر الدّين الضّرير إمام الجامع الأزهر مدرّس القراءات، فلم يكن فيهم من هو فائق في فنّه على غيره من الموجودين غيره. قاله ابن حجر [1] .
وفيها في شعبانها توفي أمير مكّة الشّهاب أحمد بن عجلان بن رميثة بن نمي الحسيني [2] . واستقرّ ولده محمد بن أحمد، فعمد كبيش بن عجلان إلى أقاربه فكحلهم منهم أحمد بن ثقبة وولده، وحسن بن ثقبة، ومحمد بن عجلان، ففرّ
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 213- 216) .
[2]
انظر «العقد الثمين» (3/ 87- 96) و «إنباء الغمر» (2/ 223 و 227) و «الدّرر الكامنة» (1/ 201) و «النجوم الزاهرة» (11/ 308) .
منه غيّان بن مغامس [1] إلى القاهرة، فشكا إلى السلطان من صنيعه، والتزم بتعمير مكّة، وسعى في إمرتها فأجيب إلى ذلك.
قال ابن حجر: كان أحمد بن عجلان عظيم الرئاسة والحشمة، اقتنى من العقار والعبيد شيئا كثيرا إلى غير ذلك.
وفيها أحمد بن النّاصر حسن بن النّاصر محمد بن قلاوون الصّالحي [2] .
كان أكبر إخوته وقد عيّن للسلطنة مرارا فلم يتفق له ذلك.
ومات في رابع عشر جمادى الآخرة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عبد العزيز بن يوسف بن المرحل المصري [3] ، نزيل حلب الشافعي سمع من حسن سبط زيادة وتفرّد به، وسمع منه شهاب الدين الذاربيبي المقرئ وغيره من الرحالة، وأخذ عنه ابن عشائر والحلبيون، وأكثر عنه المحدّث برهان الدّين.
وفيها تاج الدّين أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل بن وهب بن محبوب المعرّي [4] ثم البعلي ثم الدمشقي [5] .
أحضر على ابن الموازيني، وست الأهل، وسمع من ابن مشرف، وابن النّور [6] ، والمطعم، والرّضي الطّبري، وغيرهم. وله إجازة من سنقر الزّيني، وبيبرس العديمي، والشرف الفزاري، وإسحاق النحّاس، والعماد النّابلسي، وغيرهم. وكان يذاكر بفوائد، وأصيب بأخرة فاستولت عليه الغفلة، ورأيت بخطّه «تذكرة» في نحو الستين مجلدة، وعبارته عاميّة، وخطّه رديء جدا.
مات في المحرم. قاله ابن حجر.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» إلى «عفّان بن معاقس» والتصحيح من «إنباء الغمر» (2/ 223) و «العقد الثمين» (3/ 92) .
[2]
نظر «إنباء الغمر» (2/ 226) و «النجوم الزاهرة» (11/ 310) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 226) و «الدّرر الكامنة» (1/ 174) .
[4]
تحرفت في «ط» إلى «المصري» .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 228) .
[6]
في «آ» : «ابن النثور» بالثاء، وفي «إنباء الغمر» :«ابن النشو» .
وفيها شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن عبد المعطي ابن مكّي بن طراد بن حسين بن مخلوف بن أبي الفوارس بن سيف الإسلام بن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري المكّي [1] المالكي [2] النّحوي.
اشتغل كثيرا، ومهر في العربية، وشارك في الفقه، وأخذ عن أبي حيّان وغيره، وانتفع به أهل مكّة في العربية، وكان بارعا، ثقة، ثبتا، وله تأليف ونظم كثير.
سمع من عثمان بن الصّفي وغيره، وكان حسن الأخلاق، مواظبا على العبادة، وأخذ عنه بمكّة المرجاني، وابن ظهيرة، وغيرهما.
وحدّثتنا عنه بالسّماع شيختنا أم هانئ بنت الهوريني، وهو جدّ شيخنا نحوي مكّة قاضي القضاة محيي الدّين عبد القادر بن أبي القاسم.
مولده سنة تسع وسبعمائة، وتوفي في المحرم. قاله السيوطي في «طبقات النّحاة» .
وفيها بدر الدّين أحمد بن شرف الدّين محمد بن فخر الدّين محمد بن الصّاحب بهاء الدّين علي بن محمد بن حنّاء المصري، المعروف بابن الصّاحب [3] .
قال ابن حجر: تفقّه، ومهر في العلم، ونظم ونثر، وفاق أهل عصره في ذلك، وفاق أيضا في معرفة لعب الشطرنج، وكان جمّاعا للمال، لطيف الذات، كثير النّوادر، ألّف تآليفا في الأدب وغيره، وكتب الخطّ، وكان يحسن الظّنّ بتصانيف ابن العربي ويتعصب له، ووقعت له محنة مع الشيخ سراج الدّين البلقيني، وكان يكثر الشطح، ويتكلم بما لا يليق بأهل العلم من الفحش، ويصرّح بالاتحاد.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 229) و «الدّرر الكامنة» (1/ 277) و «بغية الوعاة» (1/ 372) و «العقد الثمين» (3/ 149) .
[2]
لفظة «المالكي» سقطت من «آ» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 229) و «الدّرر الكامنة» (1/ 283) و «النجوم الزاهرة» (11/ 307) .
وهو القائل:
أميل لشطرنج أهل النّهى
…
وأشكوه من ناقل الباطل
وكم رمت تهذيب لعابها
…
وتأبى الطّباع على النّاقل
مات في تاسع عشري جمادى الآخرة، وله إحدى وسبعون سنة.
رأيته واجتمعت به وسمعت من تآليفه ونوادره. انتهى كلام ابن حجر.
وفيها إسماعيل بن عبد الله النّاسخ المعروف بابن الزّمكحل [1] .
قال في «إنباء الغمر» : كان أعجوبة دهره في كتابة قلم الغبار، مع أنه لا يطمس واوا ولا ميما، ويكتب آية الكرسي على أرزة، وكذلك [2] سورة الإخلاص، وكتب من المصاحف الحمائلية ما لا يحصى. انتهى.
وفيها داود بن محمد بن داود بن عبد الله الحسني الحميري [3] ، صاحب صنعاء [من جبال اليمن، حاربه الإمام صاحب صعدة فغلب على صنعاء][4] وانتزعها منه، ففرّ داود منه إلى الأشرف صاحب زبيد فأكرمه إلى أن مات في ذي القعدة، وهو آخر من وليها من أهل بيته، ودامت مملكتهم قريبا من خمسمائة سنة.
وفيها زين الدّين سريجا- بفتح المهملة، وكسر الراء، بعدها تحتانية ساكنة، ثم جيم مفتوحة بغير مد- ابن بدر الدّين محمد بن سريجا الملطي ثم البارودي [5] .
كان من أعيان تلك البلاد في زمانه في الفقه، والقراءات، والأدب، وغير ذلك، وله تصانيف، منها «شرح الأربعين النووية» سمّاه «نثر فوائد المربعين
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 231) و «النجوم الزاهرة» (11/ 308) .
[2]
في «ط» : «وكذا» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 233) و «الأعلام» (2/ 334) .
[4]
ما بين القوسين سقط من «آ» .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 233) و «الدّرر الكامنة» (2/ 130) .
النّبوية في نشر فوائد الأربعين النّووية» [1] ، و «جنّة الجازع وحبّة الجارع» صنّفه [2] عند موت ولد [3] له سنة إحدى وثمانين [4] ، وسدّ باب الضّلال، وصدّ ناب الضّلّال [5] في ترجمة الغزّالي. ونظم قصيدة في القراءات السبع بوزن «الشاطبية» أولها:
يقول سريجا قانتا مبتهلا [6]
…
بدأت بنظمي حامدا [7] ومبسملا
ومن نظمه وأجاد:
خذ بالحديث وكن به متمسّكا
…
فلطالما ظمئت به الأكباد
شدّ الرّحال له الرّجال إذا سعوا
…
لأخطار ما صرّت له الآساد
مات بماردين في المحرم وله ثمان وستون سنة.
وأخذ عنه ولده عقيل [8] الذي مات سنة أربع عشرة وثمانمائة [وبدر الدّين بن سلامة [9] الذي مات سنة سبع وثلاثين وثمانمائة] [10] .
وفيها زين الدّين عبد الرحمن بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج [11] الإمام الحنبلي، ابن صاحب «الفروع» .
[1] في «آ» و «ط» : «نشر فوائد المربعين النبوية في نثر فوائد الأربعين النووية» وما أثبته من «إنباء الغمر» مصدر المؤلّف.
[2]
في «ط» و «إنباء الغمر» : «صنعه» .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «والد» .
[4]
لفظة «وثمانين» سقطت من «ط» .
[5]
في «ط» : «وصد باب الغلال» .
[6]
كذا في «آ» : «مبتهلا» وفي «ط» : «متبهلا» وفي «إنباء الغمر» : «متبتلا» .
[7]
في «ط» : «بحمدي ناظما» .
[8]
مترجم في «إنباء الغمر» (7/ 37- 38) و «الضوء اللامع» (5/ 149) .
[9]
هو محمد بن أبي بكر بن محمد سلامة المارديني الحلبي الحنفي بدر الدّين. انظر ترجمته في «إنباء الغمر» (8/ 320- 321) و «الضوء اللامع» (7/ 195- 196) .
[10]
ما بين القوسين سقط من «ط» .
[11]
انظر «المقصد الأرشد» (2/ 110- 111) و «الجوهر المنضد» ص (54) و «السّحب الوابلة» ص (215) .
كان أصغر أولاده، دأب واشتغل، وحفظ «المقنع» في الفقه، وكان شكلا حسنا، بارعا مترفها.
توفي يوم الاثنين خامس جمادى الأولى ودفن بالرّوضة قريبا من والده وجدّه.
وفيها قطب الدّين عبد اللّطيف بن عبد المحسن بن عبد الحميد بن يوسف السّبكي [1] ، نزيل دمشق، ابن أخت التّقي السّبكي الشافعي.
حضر على ابن الصوّاف مسموعه من النسائي، وتفرّد به، ومن أبي الحسن بن هارون من «مشيخة» جعفر الهمداني تخريج الزكي البرزالي، وحدّث. وكان كثير التّسري، يقال: إنه وطئ أزيد من ألف جارية. وروى عنه العراقي، وابن سند، وابن حجي، وغيرهم.
وفيها محيي الدّين عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن أسد الإسكندراني القروي [2] .
سمع من عبد الرحمن بن مخلوف عدة كتب، منها «الدعاء» للمحاملي، ومن محمد بن عبد المجيد الصوّاف «التوكل» وسمع بمكة من الرّضي الطّبري «مسلسلات ابن شاذان» وسمع من غيرهم. وحدّث، وقد خرّج له الذهبي جزءا من حديثه.
وتوفي في ذي القعدة وله ست وثمانون سنة.
وفيها شرف الدّين علي بن عبد القادر المراغي الصّوفي [3] .
اشتغل في بلاده ومهر في الفقه والأصول والطب والنجوم وفاق في العلوم العقلية.
قال السيوطي: كان فاضلا في العلوم العقلية والعربية، ويقرئ
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 237) و «الدّرر الكامنة» (2/ 408) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 238- 239) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 239) و «بغية الوعاة» (2/ 176) .
«الكشّاف» و «المنهاج» في الأصول، بارعا في الطّب والنّجوم، معتزليا، ونسب إلى رفض، فرفع إلى حاكم وعزّر واستتيب.
وكان صوفيا بخانقاه السّميساطية، فأخرج منها وأنزل بخانقاه خاتون، فاستمرّ إلى أن مات بها. انتهى.
وقرأ عليه تقي الدّين بن مفلح، ونجم الدّين بن حجي، وغيرهما.
وتوفي في ربيع الآخر وقد جاوز الستين.
وفيها الواثق بالله عمر بن إبراهيم بن محمد بن أحمد بن المعتصم بن الواثق بن المستمسك بن الحاكم العباسي [1] الخليفة [2] .
ولي الخلافة بعد خلع المتوكل في رجب سنة خمس وثمانين، وتوفي يوم الأربعاء تاسع عشري [3] شوال واستقرّ بعده أخوه زكريا.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التّركستاني الأصل القرميّ [4] ، نزيل بيت المقدس.
ولد بدمشق سنة عشرين وسبعمائة، ثم تجرّد، وخرج منها سنة إحدى وأربعين، فطاف البلاد، ودخل الحجاز واليمن، ثم أقام بالقدس، وبنيت له زاوية، وكان يقيم في الخلوة أربعين يوما لا يخرج إلّا للجمعة، وصار أحد أفراد الزمان عبادة وزهدا وورعا، وقصد بالزيارة من الملوك بسرور منهم، وله خلوات ومجاهدات، وسمع بدمشق من الحجّار وغيره، وكان يتورّع عن التحديث، ثم انبسط وحدّث. وكان عجبا في كثرة العبادة وملازمة التّلاوة، حتّى بلغ في اليوم ست ختمات، وقيل: بلغ ثمانية. وسأله الشيخ عبد الله البسطامي فقال له: إن
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 239) و «تاريخ الخلفاء» ص (505) .
[2]
لفظة «الخليفة» سقطت من «ط» .
[3]
في «تاريخ الخلفاء» : «تاسع عشر» .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 240) و «الدّرر الكامنة» (3/ 335) و «النجوم الزاهرة» (11/ 309) .
الناس يذكرون عنك القول في سرعة التّلاوة فما القدر [1] الذي نذكر عنك أنك قرأته في اليوم الواحد؟ فقال: اضبط أني قرأت من الصبح إلى العصر خمس ختمات.
ويذكر عنه كرامات كثيرة وخوارق، مع سعة العلم، ومحبة الانفراد، وقهر النّفس، وانتفع به جماعة.
ومات في تاسع [2] شهر رمضان. قاله جميعه ابن حجر.
وكانت وفاته بالقدس الشريف بخلوته، وصلّي عليه بالمسجد الأقصى، ثم ردّ إلى خلوته فدفن بها.
ومن شعره:
أسير وحدي بلا ماء ولا زاد
…
إلى الحمى مستهاما ظامئا صادي
ولا رفيق ولا خلّ يؤانسني
…
خلعت نعلي مني شاطئ الوادي
أدناني الحبّ منه ثم قرّبني
…
كقاب قوسين أو أدنى وذا الهادي
وله أيضا:
ما زلت أقيم مذهب العشق زمان
…
حتّى ظهرت أدلة الحقّ وبان
ما زلت أوحّد الذي أعبده
…
حتّى ارتحل الشّرك عن الحقّ وبان
وفيها شمس الدّين محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الشافعي الآصجي [3]- بمد وفتح المهملة بعدها جيم- الشّاعر الأديب.
نزل مكّة، وجاور بها عدة سنين، وكان مكثرا. أكثر عنه نجم الدّين الجرجاني. قاله ابن حجر.
[1] تحرفت في «ط» إلى «القول» .
[2]
كذا في «آ» و «إنباء الغمر» : «في تاسع» وفي «ط» : «في تاسع عشري» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 242) وفيه: «الآسجي» و «الدّرر الكامنة» (3/ 466) وفيه:
«الآيجي» .
وفيها القاضي شمس الدّين محمد بن تقي الدّين عبد الله بن محمد بن محمود بن أحمد بن عزاز [1] المرداوي الحنبلي أبو عبد الله [2] .
ولد سنة أربع عشرة، وسمع الكثير من جماعات كثيرة، منهم: الشّهاب الصّرخدي، وتفقه، وناب في القضاء، ثم استقلّ به إلى أن مات. وكان محمودا في ولايته إلّا أنه في حال نيابته عن عمّه كان كثير التصميم [3] بخلافه لما استقلّ.
وكان يكتب على الفتاوى كتابة جيدة، وكان كيسا، متواضعا، قاضيا لحوائج من يقصده، خبيرا بالأحكام، ذاكرا للوقائع، صبورا على الخصوم، عارفا بالإثباتات وغيرها، ولا يلحق في ذلك، وكان يركب الحمارة على طريقة عمّه، وقد خرّج له ابن المحبّ الصّامت أحاديث متباينة، وحدّث بمشيخة ابن عبد الدائم، عن حفيده محمد بن أبي بكر، عن جدّه سماعا.
وتوفي في رمضان عن أربع وأربعين سنة.
وفيها شمس الدّين محمد بن شمس الدّين محمد بن شهاب الدّين أحمد بن الشيخ المحدّث محبّ الدّين السّعدي المقدسي، المعروف بابن المحبّ [4] الحافظ الحنبلي.
ولد سنة إحدى وثلاثين، وسمع من ابن الرّضي، والجزري، وبنت الكمال، وغيرهم. وأحضر على أسماء بنت صصرى، وعائشة بنت مسلم، وغيرهما. وعني بالحديث، وكتب الأجزاء والطّباق، وعمل المواعيد، وأخذ عن إبراهيم بن قيّم الجوزية، وكتب بخطّه الحسن شيئا كثيرا. وكان شديد التعصب لابن تيميّة.
وتوفي يوم الأربعاء سابع جمادى الأولى بالصّالحية ودفن بالرّوضة.
[1] في «آ» و «ط» : «ابن عفّان» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 242- 243) و «المقصد الأرشد « (2/ 427- 428) وهو مترجم في «المنهج الأحمد» الورقة (469) من القسم غير المطبوع.
[3]
تحرفت في «ط» إلى «التصمم» .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 244) و «المقصد الأرشد» (2/ 511) .
وفيها محمد بن محمد بن علي بن حزب الله المغربي [1] .
قال ابن حجر: قرأت بخطّ القاضي برهان الدّين بن جماعة: مات الإمام العالم الكاتب البليغ أبو عبد الله بن حزب الله بدمشق في خامس عشري شعبان سنة ثمان وثمانين، وله تآليف وفضائل.
قلت: منها كتاب سمّاه «عرف الطّيب في وصف الخطيب» صنّفه للبرهان المذكور.
ومن نظمه قصيدة أولها:
لبريق أرض الأبرّقين والنّقا
…
قد طار منّي القلب إذ تألّقا
انتهى.
وفيها شمس الدّين محمد بن يوسف [بن إلياس][2] القونوي الحنفي [3] ، نزيل المزّة.
ولد سنة خمس عشرة أو في التي بعدها، وقدم دمشق شابا، وأخذ عن التّبريزي وغيره، وتنزّه عن مباشرة الوظائف حتّى المدارس، وكان الشيخ تقي الدّين السّبكي يبالغ في تعظيمه، وكان له حظ من عبادة وعلم وزهد وورع [4] .
وكان شديد البأس على الحكام، شديد الإنكار للمنكر، أمّارا بالمعروف، يحب الانفراد والانجماع، قليل المهابة للأمراء والسلاطين، يغلظ لهم كثيرا. وكان قد أقبل على اشتغال بالحديث بأخرّة، والتزم أن لا ينظر في غيره، وصارت له اختيارات يخالف فيها المذاهب الأربعة لما يظهر له من دليل الحديث.
قال ابن حجي: كانت له وجاهة عظيمة، وكان ينهى أولاده وأتباعه عن
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 244) .
[2]
ما بين القوسين سقط من «آ» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 244) و «الدّرر الكامنة» (4/ 292) و «النجوم الزاهرة» (11/ 309) و «الفوائد البهية» ص (203- 204) .
[4]
لفظة «وورع» لم ترد في «آ» و «إنباء الغمر» مصدر المؤلف وانفردت بها «ط» .
الدخول في الوظائف، وكان ربما كتب شفاعة إلى النائب نصها إلى فلان المكاس، أو الظّالم، أو نحو ذلك، وهم لا يخالفون له أمرا ولا يردّون له شفاعة. وكان الكثير من الناس يتوقّون الاجتماع به لغلظه في خطابه، وكان مع ذلك يبالغ في تعظيم نفسه في العلم حتّى قال مرّة: أنا أعلم من النّووي وهو أزهد مني، وكان يتعانى الفروسية وآلات الحرب، ويحب من يتعانى ذلك، ويتردد إلى صيدا وبيروت على نيّة الرّباط، وقد باشر القتال في نوبة بيروت، وبنى برجا على الساحل.
وقد صنّف كتابا في فقه الأئمة الأربعة سمّاه «الدّرر» وهو كتاب كبير على أسلوب غريب، واختصر «شرح مسلم» للنووي، وتعقب عليه مواضع. وشرح «مجمع البحرين» [1] في عشر مجلدات [2] .
وقد قدم القاهرة وأقام بها مدة، وأقام بالقدس مدة، ثم رجع إلى دمشق، وانقطع بزاويته بالرّبوة، ثم انقطع بزاويته بالمزّة، إلى أن توفي بالطّاعون في جمادى الآخرة.
وفيها شرف الدّين محمد بن كمال الدّين يوسف بن شمس الدّين محمد بن عمر بن قاضي شبهة الشافعي [3] .
اشتغل على جدّه ثم على أبيه، وتعانى الأدبيات، وقال الشعر، وكتب الخطّ الحسن.
قال ابن حجي: كان جميل الشّكل، حسن الخلق، وافر العقل، كثير التودد، ولي قضاء الزّبداني مدة، ثم تركه، وتوفي عشر الأربعين في ربيع الآخر، ووجد عليه أبوه وجدا كثيرا، حتّى مات بعده عن قرب.
[1] هو «مجمع البحرين وملتقى النهرين» في فروع الحنفية، للإمام مظفّر الدّين أحمد بن علي بن تغلب، المعروف بابن السّاعاتي المتوفى سنة (694) هـ. جمع فيه بين «مختصر القدوريّ» و «المنظومة» مع زوائد، ورتّبه فأحسن وأبدع في اختصاره. انظر «الجواهر المضية» (1/ 208- 212) و «كشف الظنون» (2/ 1599- 1600) و «الأعلام» (1/ 175) .
[2]
وقال صاحب «الجواهر المضية» : «وشرحه في مجلدين» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 246) .
وفيها إمام الدّين محمد الأصبهاني [1] .
قال ابن حجر: كان عالما، عابدا، مشهورا بالفضل والكرامات، وكان ينذر بوقوع البلاء على يد اللّنك ويخبر أنه ما دام حيّا لا يصيب أهل أصبهان أذى، فاتفقت وفاته في طروق اللّنك لهم في هذه السنة. انتهى.
وفيا جمال الدّين أبو المحاسن يوسف بن المجد أبي المعالي محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي القاسم بن جعفر الأنصاري، المعروف بابن الصّيرفي [2] .
ولد في رمضان سنة عشر وسبعمائة، وأسمعه أبوه الكثير من أبي بكر الدّشتي، والقاضي سليمان، وعيسى المطعم، وغيرهم. وحدّث بالكثير، وكان يزين في القبان، ثم كبر وعجز، وكان بأخرة يأخذ الأجرة ويماكس في ذلك، وآخر من حدّث عنه الحافظ برهان الدّين [3] ، محدّث حلب، وكان له «ثبت» يشتمل على شيء كثير من الكتب والأجزاء.
توفي في ذي الحجّة.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 247) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 248) و «الدّرر الكامنة» (4/ 473) .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «بركات الدّين» .