الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وأربعين وسبعمائة
فيها كان الطّاعون العام الذي لم يسمع بمثله، عمّ سائر الدنيا، حتّى قيل:
إنه مات نصف الناس حتى الطّيور، والوحوش، والكلاب، وعمل فيه ابن الوردي مقامة عظيمة، ومات فيه كما يأتي قريبا.
وفيها مات برهان الدّين إبراهيم بن لاجين بن عبد الله الرشيدي المصري الشافعي النحوي [1] العلّامة.
مولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة وتفقّه على العلم العراقي، وقرأ القراءات على التقي بن الصائغ، وأخذ النحو عن الشيخين بهاء الدّين بن النحّاس، وأبي حيّان، والأصول عن الشيخ تاج الدّين البارنباري. والمنطق عن السيف البغدادي، وسمع وحدّث ودرّس وأفتى، وأشغل [2] بالعلم، وولي تدريس التفسير بالقبة المنصورية بعد موت الشيخ أبي حيّان، وتصدّر مدة، وعيّن لقضاء المدينة المشرفة، فلم يفعل، وممن أخذ عنه القاضي محبّ الدّين ناظر الجيش والشيخان زين الدّين العراقي وسراج الدين بن الملقّن.
قال الصفدي: أقرأ الناس في «أصول ابن الحاجب» و «تصريفه» وفي «التسهيل» وكان يعرف الطب والحساب وغير ذلك.
توفي بالقاهرة شهيدا بالطّاعون في شوال أو في ذي القعدة.
وفيها برهان الدّين إبراهيم بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلف الحكري المقرئ النحوي [3] .
[1] ترجمته في «النجوم الزاهرة» (10/ 234) و «الوافي» (6/ 164) ، و «طبقات السبكي» (9/ 399) ، و «طبقات الإسنوي» (1/ 602) و «غاية النهاية» (1/ 38) ، و «بغية الوعاة» (1/ 434) .
[2]
في «ط» : «واشتغل» .
[3]
ترجمته في «طبقات الإسنوي» (1/ 459) و «الدرر الكامنة» (1/ 29- 30) و «بغية الوعاة» (1/ 451) .
أخذ عن ابن النحّاس وتلا على التقي الصائغ وابن الكفتي، ولازم درس أبي حيّان، وأخذ عنه الناس، وكان حسن التعليم، وسمع الحديث من الدّمياطي والأبرقوهي.
مولده سنة نيف وسبعين وستمائة. ومات في الطاعون العام في ذي القعدة.
وفيها علاء الدّين أحمد بن عبد المؤمن الشافعي [1] .
قال ابن قاضي شهبة: الشيخ الإمام السبكي ثم النووي- نسبة إلى نوى من أعمال القليوبية- وكان خطيبا بها تفقّه على الشيخ عز الدين النسائي وغيره، وكتب شرحا على «التنبيه» في أربع مجلدات، وصنّف كتابا آخر، فيه ترجيحات مخالفة لما رجّحه الرافعي والنووي.
قال الزين العراقي: كان رجلا صالحا صاحب أحوال ومكاشفات، شاهدت ذلك منه غير مرة، وكان سليم الصدر، ناصحا للخلق، قانعا باليسير، باذلا للفضل بل لقوت يومه مع حاجته إليه.
وفيها شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن قيس الإمام العلّامة الشافعي المعروف بابن الأنصاري وابن الظهير [2] ، فقيه الديار المصرية وعالمها.
ولد في حدود الستين وستمائة، وأخذ عن الضياء جعفر وخلق، وبرع في المذهب، وسمع من جماعة ودرّس وأفتى أشغل بالعلم، وشاع اسمه، وبعد صيته، وحدث بالقاهرة والإسكندرية.
قال السبكي: لم يكن بقي من الشافعية أكبر منه.
وقال الإسنوي: كان إماما في الفقه والأصلين، ومات وهو شيخ الشافعية بالديار المصرية، وكان فصيحا إلّا أنه لا يعرف النحو، فكان يلحن كثيرا.
وقال الزين العراقي في «ذيله» : فقيه القاهرة، كان مدار الفتيا بالقاهرة عليه وعلى الشيخ شمس الدّين بن عدلان.
[1] انظر «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 11- 12) .
[2]
ترجمته في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 11- 12) و «طبقات الإسنوي» (1/ 176) و «الدرر الكامنة» (1/ 296) .
توفي شهيدا بالطاعون يوم الأضحى أو يوم عرفة.
وفيها تاج الدّين أبو محمد أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن محمد القيسي الحنفي النحوي [1] .
قال في «الدّرر» : ولد في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وأخذ النحو عن البهاء بن النحّاس، ولازم أبا حيّان دهرا طويلا، وأخذ عن السّروجي وغيره، وتقدّم في الفقه والنحو واللغة ودرّس، وناب في الحكم، وكان سمع من الدّمياطي اتفاقا قبل أن يطلب، ثم أقبل على سماع الحديث، ونسخ الأجزاء، والرواية عنه عزيزة، وقد سمع منه ابن رافع. وذكره في «معجمه» . وله تصانيف حسان منها «الجمع بين العباب والمحكم» في اللغة، و «شرح الهداية» في الفقه، و «الجمع المنتقاة في أخبار اللغويين والنحاة» ، عشر مجلدات وكأنه مات عنها مسودة فتفرقت شذر مذر.
قال السيوطي: وهذا الأمر هو أعظم باعث لي على اختصار «طبقاتي الكبرى» في هذا المختصر يعني «طبقات النحاة» [2] .
ومن تصانيفه «شرح مختصر ابن الحاجب» وشرح شافيته، وشرح «الفصيح» ، و «الدّر اللقيط من البحر المحيط» مجلدات، و «التذكرة» ثلاث مجلدات، سمّاها «قيد الأوابد» .
توفي في الطاعون في رمضان.
وفيها شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلّي القرشي العمري [3] الشافعي القاضي الكبير الإمام الأديب البارع.
[1] ترجمته في «الوافي بالوفيات» (7/ 74- 76) و «الجواهر المضية» (192) و «الدرر الكامنة» (1/ 186- 188) و «حسن المحاضرة» (1/ 268) و «بغية الوعاة» (1/ 326- 329) و «الطبقات السنية» (1/ 381- 383) .
[2]
المعروف ب «بغية الوعاة» .
[3]
ترجمته في «المعجم المختص» «ذيول العبر» (275) و «النجوم» (10/ 334) و «الوافي» (7/ 252) و «فوات الوفيات» (1/ 157) و «وفيات ابن رافع» (1/ 282- 283) و «البداية والنهاية» (14/ 229) و «الدرر الكامنة» (1/ 331) و «حسن المحاضرة» (1/ 571) .
ولد بدمشق في شوال سنة سبعمائة، وسمع بالقاهرة ودمشق من جماعة، وتخرّج في الأدب بوالده وبالشّهاب محمود، وأخذ الأصول عن الأصفهاني، والنحو عن أبي حيّان، والفقه عن البرهان الفزاري، وابن الزّملكاني وغيرهما، وباشر كتابة السرّ بمصر نيابة عن والده، ثم إنه فاجأ السلطان بكلام غليظ، فإنه كان قويّ النفس، وأخلاقه شرسة، فأبعده السلطان، وصادره وسجنه بالقلعة، ثم ولي كتابة السرّ بدمشق، وعزل ورسم عليه أربعة أشهر، وطلب إلى مصر، فشفع فيه أخوه علاء الدّين، فعاد إلى دمشق واستمر بطّالا إلى أن مات، ورتّبت له مرتّبات كثيرة، وصنف كتاب «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» في سبعة وعشرين مجلدا، وهو كتاب جليل ما صنّف مثله، وفواضل السمر في فضائل عمر، أربع مجلدات، والتعريف بالمصطلح، وله ديوان في المدائح النبوية وغير ذلك.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» .
وقال ابن كثير: كان يشبّه بالقاضي الفاضل في زمانه، حسن المذاكرة، سريع الاستحضار، جيد الحفظ، فصيح اللسان، جميل الأخلاق، يحب العلماء والفقراء. توفي شهيدا بالطاعون يوم عرفة.
وفيها بدر الدّين الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي المصري [1] المولد النحوي اللغوي الفقيه المالكي البارع المعروف بابن أم قاسم، وهي جدته أم أبيه واسمها زهراء. وكانت أول ما جاءت من المغرب عرفت بالشيخة. فكانت شهرته تابعة لها.
ذكر ذلك العفيف المطري في «ذيل طبقات القراء» . قال: وأخذ النحو والعربية عن أبي عبد الله [2] الطنجي، والسرّاج الدّمنهوري، وأبي زكريا الغماري، وأبي حيّان، والفقه عن الشرف المقيلي المالكي، والأصول عن الشيخ
[1] ترجمته في «الدرر الكامنة» (2/ 32- 33) و «حسن المحاضرة» (1/ 536) و «بغية الوعاة» (1/ 517) .
[2]
في «آ» : «عبيد الله» وانظر «الدرر الكامنة» (2/ 32) .
شمس الدين بن اللبان، وأتقن العربية والقراءات على المجد إسماعيل التستري، وصنف وتفنن، وأجاد. وله شرح «التسهيل» وشرح «المفصّل» وشرح «الألفية» و «الجنى الدّاني في حروف المعاني» وغير ذلك، وكان تقيا صالحا مات يوم عيد الفطر.
وفيها الإمام علاء الدّين طيبرس الجندي [1] النحوي.
قال الصّفدي: هو الشيخ الإمام العالم الفقيه النحوي. أقدم من بلاده إلى البيرة، فاشتراه بعض الأمراء بها، وعلّمه الخط والقرآن، وتقدم عنده وأعتقه، فقدم دمشق، وتفقّه بها، واشتغل بالنحو واللغة والعروض والأدب والأصلين حتى فاق أقرانه، وكان حسن المذاكرة، لطيف المعاشرة، كثير التلاوة، والصلاة بالليل.
صنّف «الطرفة» جمع فيها بين الألفية والحاجبية، وزاد عليها وهي تسعمائة بيت، وشرحها، وكان ابن عبد الهادي يثني عليها وعلى شرحها.
ولد تقريبا سنة ثمانين وستمائة، ومات بالطاعون العام.
ومن شعره:
قد بتّ في قصر حجاج فذكّرني
…
بضنك عيشة من في النار يشتعل
بقّ يطير وبقّ في الحصير سعى
…
كأنّه ظلل من فوقه ظلل
وفيها زين الدين عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس بن الوردي [2] المعرّي [3] الحلبي الشافعي. كان إماما بارعا في اللغة والفقه والنحو والأدب مفننا في العلم، ونظمه في الذروة العليا والطبقة القصوى، وله فضائل مشهورة. قرأ على الشرف البارزي وغيره.
وصنف «البهجة» في نظم «الحاوي الصغير» ، و «شرح ألفية ابن مالك» ، و «ضوء
[1] ترجمته في «الدرر الكامنة» (2/ 228- 229) .
[2]
ترجمة (ابن الوردي» في «النجوم الزاهرة» (10/ 240) و «فوات الوفيات» (3/ 157- 160) و «طبقات السبكي» (10/ 373) ، و «الدرر الكامنة» (3/ 195- 197) .
[3]
في «آ» : «المصري» وانظر مصادره.
الدرة» على «ألفية ابن معطي» ، و «اللباب في علم [1] الإعراب» ، و «تذكرة الغريب» في النحو نظما، و «منطق الطير» في التصوف، وغير ذلك، وله مقامات في الطاعون العام. واتفق أنّه مات بأخرة في سابع ذي الحجة بحلب، والرواية عنه عزيزة.
قال ابن شهبة: له مقدمة في النحو اختصر فيها الملحة سماها «التحفة» وشرحها، وله تاريخ حسن مفيد، وأرجوزة في تعبير المنامات، وديوان شعر لطيف، ومقامات مستظرفة. وناب في الحكم بحلب في شبيبته عن الشيخ شمس الدّين بن النّقيب، ثم عزل نفسه، وحلف لا يلي القضاء، لمنام رآه وكان ملازما للاشغال والاشتغال والتصنيف.
شاع ذكره واشتهر بالفضل اسمه.
وقال الصفدي: بعد ترجمة طويلة حسنة شعره أسحر من عيون الغيد، وأبهى من الوجنات ذوات التوريد.
وقال السبكي: شعره أحلى من السّكّر المكرّر، وأغلى قيمة من الجوهر.
وقال السويطي: ومن نظمه [2] :
لا تقصد القاضي إذا أدبرت
…
دنياك واقصد من جواد كريم
كيف ترجّي الرزق من عند من
…
يفتي بأنّ الفلس مال عظيم
وله [2] :
سبحان من سخّر لي حاسدي
…
يحدث لي في غيبتي ذكرا
لا أكره الغيبة من حاسد
…
يفيدني الشّهرة والأجرا
وقال وقد مر به غلام جميل له قرط:
مرّ بنا [3] مقرطق
…
ووجهه يحكي القمر
هذا أبو لؤلؤة
…
منه خذوا ثأر عمر
[1] ليست اللفظة في «آ» .
[2]
التبيان في «فوات الوفيات» .
[3]
ليست اللفظة في المطبوع.
وفيها زين الدين أبو حفص عمر بن سعد الله بن عبد الأحد الحرّاني ثم الدمشقي الفقيه الفرضي القاضي الحنبلي [1] ، أخو شرف الدين محمد.
ولد سنة خمس وثمانين وستمائة، وسمع من يوسف بن الغسولي وغيره بالقاهرة وغيرها، ودخل بغداد وأقام بها ثلاثة أيام، وتفقه وبرع في الفقه والفرائض، ولازم الشيخ تقي الدّين، وغيره، وولي نيابة الحكم عن ابن منجّى.
وكان ديّنا خيّرا، حسن الأخلاق، متواضعا، بشوش الوجه، متثبتا، سديد الأقضية، والأحكام.
حدث ابن شيخ السّلامية عنه أنه قال: لم أقض قضية إلا وأعددت لها الجواب بين يدي الله.
وذكره الذهبي في «المختص» فقال: عالم ذكيّ خيّر وقور متواضع بصير بالفقه والعربية. سمع الكثير، وتخرج بابن تيميّة وغيره. توفي شهيدا بالطاعون.
وفيها صفي الدين أبو عبد الله الحسين بن بدران بن داود البابصري [2] البغدادي الخطيب الفقيه الحنبلي المحدّث النحوي الأديب.
ولد آخر نهار عرفة سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وسمع الحديث متأخرا، وعني بالحديث، وتفقه وبرع في العربية والأدب، ونظم الشعر الحسن، وصنّف في علوم الحديث، وغيرها واختصر «الإكمال» لابن ماكولا.
قال ابن رجب [3] : وقرأت عليه بعضه وسمعت بقراءته «صحيح البخاري» على الشيخ جمال الدّين مسافر بن إبراهيم الخالدي، وحضرت مجالسه كثيرا.
[1] ترجمته في «المعجم المختص» (181) و «ذيول العبر» (4/ 151) و «النجوم الزاهرة» (10/ 240) ، و «وفيات ابن رافع» (2/ 86) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 443) و «الدرر الكامنة» (3/ 166- 167) .
[2]
ترجمته في «وفيات ابن رافع» (1/ 276) ، و «ذيل تذكرة الحنابلة» (2/ 443) و «الدرر الكامنة» (2/ 53) .
[3]
في ذيل ابن رجب: «واختصر الإكمال لابن ماكولا وعلقه في حياته وقرأ عليه بعضه وسمعت
…
» .
وتوفي يوم الجمعة سابع عشري رمضان ببغداد مطعونا، ودفن بمقبرة باب حرب.
وفيها أبو الخير سعيد ابن عبد الله الدّهلي [1] الحريري الحنبلي [2] الحافظ المؤرخ، مولى الصّدر صلاح الدّين عبد الرحمن بن عمر الحريري.
سمع ببغداد من الدّقوقي وخلق، وبدمشق من زينب بنت الكمال وأمم، وبالقاهرة والإسكندرية وبلدان شتّى، وعني بالحديث وأكثر من السماع والشيوخ، وجمع تراجم كثيرة لأعيان أهل بغداد، وخرّج الكثير وكتب بخطّه الرديء كثيرا.
قال الذهبي: له رحلة [إلى مصر][3] ، وعمل جيد، وهمة في التاريخ، ويكثر المشايخ والأجزاء، وهو ذكي، صحيح الذهن، عارف بالرجال، حافظ. انتهى.
وفيها سراج الدّين أبو حفص عمر بن علي بن موسى بن الخليل البغدادي الأزجي البزار الفقيه الحنبلي [4] . المحدّث.
ولد سنة ثمان وثمانين وستمائة تقريبا، وسمع من إسماعيل بن الطّبّال، وابن الدواليبي وجماعة، وعني بالحديث، وقرأ الكثير، ورحل إلى دمشق، فسمع بها صحيح البخاري على الحجّار بالحنبلية، وأخذ عن الشيخ تقي الدّين ابن تيميّة، وحج مرارا، ثم أقام بدمشق، وكان حسن القراءة ذا عبادة وتهجّد.
وصنّف كثيرا في الحديث وعلومه، ثم توجّه إلى الحجّ في هذه السنة فتوفي بمنزلة حاجر، قبل الوصول إلى الميقات، ومعه نحو خمسين نفسا بالطاعون، وذلك صبيحة يوم الثلاثاء حادي عشري ذي القعدة، ودفن بتلك المنزلة.
[1] في «آ» و «ط» : «الذهلي» وانظر مصادره.
[2]
ترجمته في «المعجم المختص» (104) و «ذيول العبر» (277) و «وفيات ابن رافع» (2/ 111- 112) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 445) و «الدرر الكامنة» (2/ 134- 135) .
[3]
بعدها في «المعجم المختص» : «وعمل جيد وتميّز في التاريخ وتكثير المشائخ والأجزاء ومعرفة الرجال» .
[4]
ترجمته في «المعجم المختص» (183) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 444- 445) و «الدرر الكامنة» (3/ 180) .
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبّان المصري الشافعي الإمام [1] العلّامة. ولد سنة خمس وثمانين وستمائة. وسمع الحديث بدمشق والقاهرة من جماعة وتفقّه بابن الرّفعة وغيره، وصحب في التصوّف الشيخ ياقوت العرشي المقيم بالإسكندرية، ودرّس بقبة الشافعي وغيرها. وله مؤلفات منها «ترتيب الأم» للشافعي، ولم يبيّضه، واختصر «الروضة» ولم يشتهر لغلاقة لفظه، وجمع كتابا في علوم الحديث، وكتابا في النحو، وله تفسير لم يكمّله، وله كتاب «متشابه القرآن والحديث» تكلّم فيه على طريقة الصّوفية.
قال الإسنوي: كان عارفا بالفقه والأصلين والعربية، أديبا شاعرا ذكيا فصيحا، ذا همة وصرامة وانقباض عن الناس.
وقال الحافظ زين الدين العراقي: أحد العلماء الجامعين بين العلم والعمل، امتحن بأن شهد عليه بأمور وقعت في كلامه، وأحضر إلى مجلس الجلال القزويني، وادّعى عليه بذلك فاستتيب ومنع من الكلام على الناس وتعصّب عليه بعض الحنابلة، وتخرج به جماعة من الفضلاء. توفي شهيدا بالطاعون في شوال.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن عثمان بن إبراهيم بن عدلان بن محمود بن لاحق [2] بن داود، المعروف بابن عدلان الكناني المصري [3] شيخ الشافعية.
ولد في صفر سنة ثلاث وستين وستمائة، وسمع من جماعة، وتفقه على ابن السّكّري وغيره، وقرأ الأصول على القرافي وغيره، والنحو على ابن النحّاس، وبرع في العلوم، وحدّث، وأفتى، وناظر، ودرّس بعدة أماكن، وأفاد وتخرّج به جهات، وشرح «مختصر المزني» شرحا مطولا لم يكمله.
[1] ترجمته في «الوافي» (2/ 168) و «طبقات الأسنوي» (2/ 370) و «مرآة الجنان» (4/ 333) و «الدرر الكامنة» (3/ 330- 331) و «حسن المحاضرة» (1/ 428) .
[2]
في «آ» : «لاجين» .
[3]
ترجمته في «طبقات الإسنوي» (2/ 237) و «الوافي» (2/ 168) و «الدرر الكامنة» (3/ 333- 334) و «حسن المحاضرة» (1/ 428) .
قال الإسنوي: كان فقيها، إماما يضرب به المثل في الفقه، عارفا بالأصلين والنحو والقراءات، ذكيا، نظّارا، فصيحا، يعبّر عن الأمور الدقيقة بعبارة وجيزة، مع السّرعة والاسترسال، ديّنا سليم الصّدر، كثير المروءة.
وقال غيره: كان مدار الفتيا بالقاهرة عليه وعلى الشيخ شهاب الدّين بن الأنصاري، وولي قضاء العسكر في أيام الناصر أحمد.
وتوفي في ذي القعدة.
وفيها عماد الدّين محمد بن إسحاق بن محمد بن المرتضى البلبيسي المصري الشافعي [1] . أخذ الفقه عن ابن الرّفعة وغيره، وسمع من الدّمياطي وغيره، وولي قضاء الإسكندرية، ثم امتحن وعزل، وكان صبورا على الاشتغال، ويحثّ على الاشتغال ب «الحاوي» .
قال الإسنوي: كان من حفّاظ مذهب الشافعي، كثير التولّع بالألغاز الفروعية، محبا للفقراء، شديد الاعتقاد فيهم.
وقال الزّين العراقي: انتفع به خلق كثير من أهل مصر والقاهرة.
توفي شهيدا في شعبان بالطّاعون.
وفيها تقي الدّين محمد المعروف بابن الببائي ابن قاضي ببا الشافعي [2] .
تفقه على العماد البلبيسي وابن اللبان وغيرهما من فقهاء مصر.
ذكره الزين العراقي في «وفياته» فقال: برع في الفقه، حتّى كان أذكر فقهاء المصريين، له مع فقه النّفس والدّين المتين والورع.
وكان يكتسب بالمتجر، يسافر إلى الإسكندرية مرّتين أو مرّة، ويشغل بجامع عمرو بغير معلوم.
وكان يستحضر «الرافعي» و «الروضة» ويحلّ «الحاوي الصغير» حلّا حسنا.
[1] ترجمته في «طبقات السبكي» (9/ 128) ، و «طبقات الإسنوي» (1/ 295) ، و «الدرر الكامنة» (3/ 382) ، و «حسن المحاضرة» (1/ 428) .
[2]
ترجمته في «الدرر الكامنة» (4/ 318) .
وصحب الشيخ أبا عبد الله بن الحاج وغيره من أهل الخير، وتوفي شهيدا بالطّاعون.
وفيها شمس الدّين أبو الثّناء محمود بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي بكر ابن علي الشّافعي [1] العلّامة الأصبهاني.
ولد في شعبان سنة أربع وسبعين وستمائة، واشتغل ببلاده، ومهر، وتميّز، وتقدم في الفنون، فبهرت فضائله، وسمع كلامه التّقي ابن تيميّة فبالغ في تعظيمه، ولازم الجامع الأموي ليلا، ونهارا مكبّا على التلاوة، وشغل الطلبة، ودرّس بعد ابن الزّملكاني بالرّواحية، ثم قدم القاهرة، وبنى له قوصون الخانقاه بالقرافة، ورتّبه شيخا لها.
قال الإسنوي: كان بارعا في العقليات، صحيح الاعتقاد، محبّا لأهل الصّلاح، طارحا للتكلف. وكان يمتنع كثيرا من الأكل لئلا يحتاج إلى الشرب فيحتاج إلى دخول الخلاء فيضيع عليه الزّمان.
صنف «تفسيرا كبيرا» وشرح «كافية ابن الحاجب» وشرح «مختصره الأصلي» وشرح «منهاج البيضاوي» و «طوالعه» وشرح «بديعية ابن السّاعاتي» وشرح «الساوية» في العروض، وغير ذلك.
مات في ذي القعدة بالطّاعون، ودفن بالقرافة.
وفيها محبّ الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن لب بن الصّايغ الأموي المرّي [2] .
قال في «تاريخ غرناطة» : أقرأ النحو بالقاهرة إلى أن صار يقال له أبو عبد الله النّحوي، وكان قرأ على أبي الحسن بن أبي العيش وغيره، ولازم أبا حيّان وانتفع بجاهه.
وكان سهلا، دمث الأخلاق، محبا للطب، وتعانى الضّرب بالعود فنبغ فيه.
[1] انظر «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 172- 174) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 94) .
[2]
انظر «الدّرر الكامنة» (3/ 484) .
وقال في «الدّرر» : كان ماهرا في العربية واللغة، قيّما في العروض، ينظم نظما وسطا.
توفي في رمضان بالطّاعون.
وفيها يوسف بن عمر بن عوسجة العبّاسي النّحوي المقرئ [1] .
ذكره الذهبي في «طبقات القراء» وأصحاب التّقي الصائغ.
وقال في «الدّرر» : وكان شيخ العربية. انتهى.
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 467) .