الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة
في محرّمها بايع السلطان الملك المنصور الخليفة الحاكم بأمر الله أبي العبّاس أحمد بن الخليفة المستكفي للخلافة بعهد من والده، وجلس مع السلطان على كرسي واحد وبايعهم القضاة وغيرهم.
وفيها توفي السلطان الملك المنصور أبو بكر بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون [1] خلع في صفر.
قال السيوطي: لفساده وشرب الخمور، حتّى قيل: إنه جامع زوجات أبيه، ونفي إلى قوص، وقتل بها.
وتسلطن أخوه الملك الأشرف كجك، ثم خلع من عامه، وولي أخوه أحمد، ولقّب الناصر وعقد المبايعة بينه وبين الخليفة الشيخ تقي الدّين السّبكي، قاضي الشام، وكان قد حضر معه.
وفيها الحافظ الكبير جمال الدّين أبو الحجّاج يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك بن يوسف بن علي بن أبي الزّهر، الإمام العلّامة الحافظ الكبير المزّي الشافعي [2] .
[1] انظر «ذيول العبر» ص (226) و «حسن المحاضرة» (2/ 116- 117) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (229) و «تذكرة الحفاظ» (4/ 1498) و «معجم الشيوخ» (2/ 389- 390) و «المعجم المختص» ص (299- 300) و «النجوم الزاهرة» (10/ 76- 77) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 395) و «فوات الوفيات» (4/ 353) و «الدّرر الكامنة» (4/ 457) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة» (3/ 99) .
قال ابن قاضي شهبة: شيخ المحدّثين، عمدة الحفّاظ، أعجوبة الزّمان الدمشقيّ المزّي.
مولده في ربيع الآخر، سنة أربع وخمسين وستمائة بظاهر حلب، ونشأ بالمزّة.
قرأ شيئا من الفقه على مذهب الشافعي، وحصّل طرفا من العربية، وبرع في التصريف واللغة، ثم شرع في طلب الحديث بنفسه، وله عشرون سنة. وسمع الكثير، ورحل.
قال بعضهم: ومشيخته نحو الألف، وبرع في فنون الحديث، وأقر له الحفّاظ من مشايخه وغيرهم بالتقدم، وحدّث بالكثير نحو خمسين سنة، فسمع منه الكبار والحفّاظ، وولي دار الحديث الأشرفية ثلاثا وعشرين سنة ونصفا.
وقال ابن تيمية لما باشرها: لم يلها من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط الواقف منه، لقول الواقف: فإن اجتمع من فيه الرواية ومن فيه الدّراية، قدّم من فيه الرّواية [1] .
وقال الذهبي في «المعجم المختص» : شيخنا الإمام العلّامة، الحافظ، النّاقد، المحقّق، المفيد، محدّث الشام.
طلب الحديث سنة أربع وسبعين وهلم جرا، وأكثر، وكتب العالي والنّازل بخطّه المليح المتقن. وكان عارفا بالنّحو، والتصريف، بصيرا باللغة، يشارك في الأصول والفقه، ويخوض في مضائق العقول. انتهى.
وقال السّبكي في «الطبقات» : ولا أحسب شيخنا المزيّ يدري المعقولات، فضلا عن الخوض في مضايقها. فسامح الله شيخنا الذّهبي.
ثم قال الذهبي: ويدري الحديث كما في النّفس متنا وإسنادا، وإليه المنتهى
[1] علم الحديث رواية: علم يعرف به أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها.
وعلم الحديث دراية: علم يعرف به حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها، وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وما يتعلق بها. (ع) .
في معرفة الرّجال وطبقاتهم. ومن نظر في كتابه «تهذيب الكمال» [1] علم محلّه من الحفظ، فما رأيت مثله، ولا رأى هو مثل نفسه في معناه.
وكان ينطوي على سلامة باطن ودين وتواضع وفراغ عن الرئاسة وحسن سمت وقلّة كلام، وحسن احتمال.
وقد بالغ في الثناء عليه أبو حيّان، وابن سيّد الناس، وغيرهما من علماء العصر.
توفي في صفر، ودفن بمقابر الصّوفية غربيّ قبر صاحبه ابن تيميّة.
ومن تصانيفه «تهذيب الكمال» و «الأطراف» [2] وغيرهما.
[1] يعدّ هذا الكتاب من أجود كتب التراجم التي خلّفها علماء المسلمين، ويعتبر من الكتب الرائدة في هذا الباب، وقد وضع أصله «الكمال في أسماء الرجال» الإمام الحافظ عبد الغني المقدسي المتوفى سنة (600) هـ، وقام الإمام المزّي بتهذيبه وأضاف إليه فوائد كثيرة وسماه «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» وقد كتب الله عز وجل لكتاب المزّي هذا الشهرة والانتشار منذ عصر مؤلّفه، ولكنه بقي في عداد المخطوطات المحصور وجودها في المكتبات العامة ببعض البلاد الإسلامية، إلى أن تولت دار المأمون للتراث بدمشق إصداره مصورة لإحدى نسخه الخطية في ثلاث مجلدات كبيرة بطريقة الأوفست، تولى تقديمها للقراء الأستاذان الفاضلان عبد العزيز رباح وأحمد يوسف الدقاق.
ثم تصدت لإخراجه في طبعة علمية متقنة محققة مؤسسة الرسالة بيروت، فعهدت للأستاذ الدكتور بشار عواد معروف بتحقيقه، وإلى الأستاذ الشيخ شعيب الأرناؤوط بتخريج أحاديثه والإشراف على طبعه، وقد صدر منه حتى الآن خمسة عشر مجلدا.
[2]
واسمه الكامل «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» ويعدّ هو الآخر من خيرة مصنّفات المسلمين في بابه، بيّن فيه مواقع الأحاديث في مصنّفات حديثية كثيرة من خلال الدلالة على أطرافها، فأجاد وأفاد، جزاه الله تعالى عن المسلمين خير الجزاء. وقد طبع كتابه طبعة متقنة نافعة في الدار القيمة بمباي في الهند في أربعة عشر مجلدا بتحقيق الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الصمد شرف الدّين، ثم أعاد المكتب الإسلامي ببيروت إصداره مصورا عن طبعة الهند عدة مرات.
وقام الحافظ ابن حجر العسقلاني بتصنيف كتاب سمّاه «النكت الظراف على الأطراف» وقد نشر في هامش «تحفة الأشراف» على يد الشيخ عبد الصمد شرف الدّين في الهند أيضا.
وقام الحافظ ولي الدّين ابن العراقي المتوفى سنة (826) هـ بتعقب الحافظ المزّي بمصنف نافع سمّاه «الإطراف بأوهام الأطراف» وقد نشر نشرة سيئة في بيروت على يد الأستاذ كمال يوسف الحوت. وقد شرعت بتحقيقه تحقيقا يليق به معتمدا على نسختين خطيتين، وأسأل الله تعالى العون على الانتهاء منه قريبا ودفعه للطبع لكي يعم الانتفاع به.