الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وعشرين وسبعمائة
فيها توفي الشيخ نجم الدّين أبو العبّاس أحمد بن محمد بن مكّي بن ياسين القرشي المخزومي القمولي- بالفتح والضم نسبة إلى قمولة بلد بصعيد مصر- المصري الشافعي [1] .
قال الإسنوي: تسربل بسربال الورع والتّقى، وتعلّق بأسباب الرّقى فارتقى، وخاض [2] مع الأولياء، فركب في فلكهم ولزمهم [3] حتّى انتظم في سلكهم.
كان إماما في الفقه، عارفا بالأصول والعربية، صالحا، سليم الصّدر، كثير الذّكر والتلاوة، متواضعا، متودّدا، كريما، كبير المروءة، شرح «الوسيط» شرحا مطوّلا أقرب تناولا من شرح ابن الرّفعة وإن كان كثير الاستمداد منه، وأكثر فروعا منه أيضا، بل لا أعلم كتابا في المذهب أكثر مسائل منه، سمّاه «البحر المحيط في شرح الوسيط» ثم لخّص أحكامه خاصة، ك «تلخيص الروضة» من الرّافعي، سمّاه «جواهر البحر» وشرح «مقدمة ابن الحاجب» في النحو شرحا مطوّلا. وشرح «الأسماء الحسنى» في مجلد. وكمّل «تفسير ابن الخطيب» وتولى تدريس الفخرية بالقاهرة ونيابة الحكم.
توفي في رجب ودفن بالقرافة.
[1] انظر «الطالع السعيد» ص (125- 127) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 332- 333) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 332- 334) .
[2]
كذا في «آ» و «طبقات الشافعية» للإسنوي مصدر المؤلف: «وخاض» وفي «ط» : «وغاص» .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «وأكرمهم» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
وفيها الرئيس العابد الأمين ضياء الدّين إسماعيل بن عمر بن الحموي الدمشقي [1] الكاتب.
سمع من خطيب القرافة، وشيخ الشيوخ، وكان ذا حظّ من صيام وقيام وإطعام وإيثار تام، بصيرا بالحساب، شارف الجامع مدّة والخزانة، وتوفي بدمشق في صفر عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها الملك أبو يحيى زكريا بن أحمد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد الهنتاني المغربي، ويعرف باللّحياني [2] وقد وزر أبوه لابن عمّه المستنصر بتونس مدة.
اشتغل زكريا في الفقه، والنحو، فبرع في ذلك، وتملّك تونس [3] ، وحجّ سنة تسع وسبعمائة، ورجع. فبايعوه في سنة إحدى عشرة ولقّبوه بالقائم بأمر الله، فاستمر سبع سنين، ثم تحوّل إلى طرابلس المغرب، وأخذت منه تونس، فتوجّه إلى الإسكندرية في سنة إحدى وعشرين، فسكنها. وكان قد أسقط ذكر المهدي المعصوم- أعني ابن تومرت- من الخطب.
وتوفي بالثّغر عن بضع وثمانين سنة.
وفيها المفتي الزّاهد القدوة شرف الدّين عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السّلام بن [4] عبد الله بن [4] أبي القاسم الخضر بن محمد بن تيميّة الحرّاني ثم الدمشقي [5] الحنبلي الفقيه الإمام المتقن أبو محمد أخو الشيخ تقي الدّين.
ولد في حادي عشر محرم سنة ست وستين وستمائة بحرّان، وقدم مع أهله إلى دمشق رضيعا، فحضر بها على ابن أبي اليسر وغيره، ثم سمع ابن علّان، وابن
[1] انظر «ذيول العبر» ص (153) و «البداية والنهاية» (14/ 130) و «الدّرر الكامنة» (1/ 374) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (152) و «الدّرر الكامنة» (2/ 113) و «النجوم الزاهرة» (9/ 268) .
[3]
تصحيف في «ط» إلى «يونس» .
[4]
ما بين الرقمين سقط من «ط» .
[5]
انظر «ذيول العبر» ص (103) و «معجم الشيوخ» (1/ 323- 324: و «المعجم المختص» ص (121- 122) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 382- 384) و «الدّرر الكامنة» (2/ 266) و «المقصد الأرشد» (2/ 41- 42) .
الصّيرفي. وخلقا. وسمع «المسند» [1] و «الصحيحين» وكتب «السنن» وتفقه في المذهب، حتّى أفتى، وبرع أيضا في الفرائض، والحساب، وعلم الهيئة، وفي الأصلين، والعربية. وله مشاركة قويّة في الحديث. ودرّس بالحنبلية مدة. وكان صاحب صدق وإخلاص، قانعا باليسير، شريف النّفس، شجاعا، مقداما، مجاهدا، زاهدا، ورعا، يخرج من بيته ليلا ويأوي إليه نهارا، ولا يجلس في مكان معيّن بحيث يقصد فيه، لكنه يأوي المساجد المهجورة خارج البلد، فيختلي فيها [2] للصّلاة، والذّكر.
وكان كثير العبادة، والتألّه، والمراقبة، والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف. كثير الصّدقات والإيثار بالذهب والفضة في حضره وسفره، مع فقره وقلّة ذات يده. وكان رفيقه في المحمل في الحج يفتش رحله فلا يجد فيه شيئا ثم يراه يتصدق بذهب كثير جدا، وهذا أمر مشهور معروف عنه.
وحجّ مرات متعددة. وكان له يد طولى في معرفة تراجم السّلف ووفياتهم في التواريخ المتقدمة والمتأخرة. وجلس مع أخيه مدّة في الدّيار المصرية، وقد استدعي غير مرّة وحده للمناظرة، فناظر وأفحم الخصوم، وسئل عنه الشيخ كمال الدّين بن الزّملكاني، فقال: هو بارع في فنون عديدة، من الفقه، والنّحو، والأصول، ملازم لأنواع الخير وتعليم العلم. حسن العبارة، قويّ في دينه، مليح البحث، صحيح الذّهن، قوي الفهم، رحمه الله. قاله ابن رجب.
وذكره الذهبي في «المعجم» وغيره، وأثنى عليه كثيرا.
توفي- رحمه الله تعالى- يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى بدمشق، وصلّي عليه الظهر بالجامع [3] وحمل إلى القلعة، فصلّى عليه أخواه تقي الدّين، وعبد الرحمن، وغيرهما، صلّى عليه أخواه في السّجن لأن التكبير عليه كان يبلغهم، وكان وقتا مشهودا. ثم صلّي عليه مرة ثالثة ورابعة، وحمل على الرؤوس والأصابع، فدفن في مقابر الصّوفية.
وفيها الشيخ عزّ الدّين عبد العزيز بن أحمد بن عثمان بن عيسى بن عمر بن الخضر [الهكّاري] الكردي الشافعي، ويعرف بابن خطيب الأشمونيّين [1] .
قال ابن شهبة: سمع من عبد الصّمد ابن عساكر بمكّة، وسمع بدمشق وغيرها من جماعة، وتفقه وتفنن، وفاق الأقران. وكان قد عيّن لقضاء دمشق بعد موت ابن صصرى، فلم يتفق. ودرّس، وأفتى، وصنّف على حديث الأعرابي الذي جامع في رمضان كتابا نفيسا، مشتملا على ألف فائدة وفائدة [2] . وولي قضاء قوص، وقضاء المحلّة. ثم قدم القاهرة فمات بها في رمضان. انتهى.
وقال السّبكي: له تصانيف كثيرة حسنة، وأدب وشعر.
وفيها المعمّر شمس الدّين محمد بن أحمد بن منعة بن مطرّف القنوي ثم الصّالحي [3] .
سمع من عبد الحق حضورا، ومن ابن قميرة، والمرسي، واليلداني. وأجاز له الضّياء الحافظ، وابن يعيش النّحوي، وروى جملة، وتفرّد.
وتوفي في المحرّم عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها النّور علي بن عمر بن أبي بكر الواني [4] الصوفي [5] .
سمع من ابن رواح، والسبط، والمرسي، وتفرّد بعوالي. وكان ديّنا، خيّرا، أضرّ ثم أبصر.
وتوفي بمصر في المحرّم عن اثنتين وتسعين سنة.
وفيها قاضي القضاة صدر الدّين علي بن الإمام صفي الدّين
[1] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 82- 84) و «البداية والنهاية» (14/ 131) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 346- 347) و «الدّرر الكامنة» (2/ 368) . و «حسن المحاضرة» (1/ 424) ولفظة «الهكّاري» مستدركة من مصادر الترجمة.
[2]
قلت: واسم كتابه المشار إليه «الكلام على حديث المجامع» كما في «الدّرر الكامنة» .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (151- 152) و «الوافي بالوفيات» (2/ 149) و «الدّرر الكامنة» (3/ 369) .
[4]
تحرفت في «ط» إلى «الداني» .
[5]
انظر «ذيول العبر» ص (152) و «الدّرر الكامنة» (3/ 90) .
أبي القاسم بن محمد بن عثمان بن محمد البصراوي الحنفي [1] .
ولد في رجب سنة اثنتين وأربعين وستمائة بقلعة بصرى، وكان من أكابر علماء الحنفية. اشتغل على قاضي القضاة شمس الدّين بن عطاء، ودرّس في المقدّمية، والخاتونية البرّانية، والنّورية. وولي القضاء. وكان متحريّا في أحكامه، متّعه الله بسمعه، وبصره، وجميع حواسه، إلى أن توفي ببستانه بأرض سطرا [2] .
وفيها شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن علي بن القاسم بن أبي العزّ بن الوّرّاق الموصلي [3] المقرئ، الفقيه الحنبلي، المحدّث النّحويّ، ويعرف بابن الخروف.
ولد في حدود الأربعين وستمائة بالموصل، وقرأ بها القراءات على عبد الله بن إبراهيم الجزريّ الزّاهد، وقصد الإمام أبا عبد الله شعلة ليقرأ عليه فوجده مريضا مرض الموت، ثم رحل ابن خروف إلى بغداد بعد الستين، وقرأ بها القراءات بكتب كثيرة في السّبع والعشر على الشيخ عبد الصّمد بن أبي الجيش، ولازمه مدّة طويلة. وقرأ القراءات أيضا على أبي الحسن بن الوجوهي، وسمع الحديث منهما، ومن ابن وضّاح.
وذكر الذهبي: أنه حفظ «الخرقي» [4] وعني بالحديث. وقرأ في التفسير على الكواشي المفسر بالموصل. وقرأ بها أيضا على الغزنويّ «معالم التنزيل» للبغوي.
وتصدّى للإقراء والإشغال ببلده مدّة. وقرأ عليه جماعة.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (153- 154) و «قضاة دمشق» ص (195) و «الجواهر المضية» (2/ 586» و «الدّرر الكامنة» (3/ 96) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 621) .
[2]
سطرا: من قرى دمشق: قال العلّامة محمد كرد علي في «غوطة دمشق» ص (172) : قال دهمان:
إنها كانت في الطريق المقابل لباب جامع القصب، ويعرف هذا الطريق بجادة عاصم، ويخترقه شارع بغداد، ثم يقابله بالجهة الشمالية جادة الخطيب، وكل ذلك من سطرا. وانظر «معجم البلدان» (3/ 220) .
[3]
انظر «المعجم المختص» ص (247) و «معرفة القراء الكبار» (2/ 726) و «الوافي بالوفيات» (4/ 229) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 381) و «المقصد الأرشد» (2/ 478) و «الدّرر الكامنة» (4/ 195) .
[4]
يعني «مختصر الخرقي» وقد سبق التعريف به في المجلد الرابع ص (186) .
وقدم الشام سنة سبع عشرة، فسمع منه الذّهبي، والبرزالي. وذكره في «معجمه» وأثنى عليه، وسمع منه أيضا أبو حيّان، وعبد الكريم الحلبي، وذكره في «معجمه» . ورجع إلى بلده الموصل فتوفي بها في ثامن جمادى الأولى، ودفن بمقبرة المعافى بن عمران، رضي الله عنه.
وفيها الشيخ كمال الدّين أبو المعالي محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن خلف بن نبهان الأنصاري [1] الشافعي ابن خطيب زملكا، ويعرف بابن الزّملكاني.
ولد في شوال سنة سبع، وقيل: ست وستين وستمائة. وسمع من جماعة، وطلب الحديث بنفسه، وكتب الطّباق بخطّه. وقرأ الفقه على الشيخ تاج الدّين الفزاري، والأصول على بهاء الدّين بن الزّكي، والصّفي الهندي، والنّحو على بدر الدّين بن مالك. وجوّد الكتابة على نجم الدّين ابن البصيص، وكتب الإنشاء مدة، وولي نظر الخزانة مدة، ووكالة بيت المال، ونظر المارستان. ودرّس بالعادلية الصّغرى، وتربة أمّ الصّالح. ثم بالشامية البرّانية، والظاهرية الجوّانية، والعدراويّة، والرّواحية، والمسرورية، وجلس بالجامع للاشغال وله تسع عشرة سنة. أرّخ ذلك شيخه الشيخ تاج الدّين. ثم ولي قضاء حلب سنة أربع وعشرين بغير رضاه، ودرّس بها بالسّلطانية، والسّيفية، والعصرونية، والأسدية. ثم طلب إلى مصر ليشافهه السّلطان بقضاء الشام، فركب البريد، فمات قبل وصوله إلى مصر.
ومن مصنّفاته «الرّدّ على ابن تيميّة في مسألة الزّيارة» و «الرّدّ عليه في مسألة الطلاق» قال ابن كثير: في مجلد. قال: وعلّق قطعة كبيرة من «شرح المنهاج» للنووي. وله كتاب في «فضل الملك على البشر» .
قال الذهبي في «معجمه المختص» : شيخنا، عالم العصر، طلب بنفسه،
[1] انظر «ذيول العبر» ص (154) و «المعجم المختص» ص (246- 247) و «معجم الشيوخ» ص (244) و «النجوم الزاهرة» (9/ 270» و «الوافي بالوفيات» (4/ 214) و «فوات الوفيات» (4/ 7- 11) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 190- 207) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 13) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 383) و «الدّرر الكامنة» 4/ 74- 76) .
وقرأ على الشيوخ، ونظر في الرّجال والعلل. وكان عذب القراءة، سريعا. وكان من بقايا المجتهدين، ومن أذكياء زمانه. ودرّس وأفتى، وصنّف وتخرّج به الأصحاب.
وقال ابن كثير: انتهت إليه رئاسة المذهب تدريسا وإفتاء ومناظرة. برع، وساد أقرانه، وحاز قصب السّبق عليهم بذهنه الوقّاد، وتحصيله الذي أسهره ومنعه الرّقاد. وعبارته التي هي أشهى من السّهاد، وخطّه الذي هو أنضر من أزاهير المهاد، إلى أن قال: أما دروسه في المحافل فلم أسمع أحدا من الناس يدرّس أحسن منه، ولا أجلّ من عبارته، وحسن تقريره، وجودة احترازاته، وصحة ذهنه، وقوة قريحته، وحسن نظره.
توفي في رمضان ببلبيس، وحمل إلى القاهرة، ودفن جوار قبّة الشافعي، رضي الله عنه.
وفيها فخر الدّين محمد بن محمد بن محمد المعروف بابن الصّقلي [1]- ضبطه بعضهم بفتح الصّاد والقاف، وبعضهم بفتح الصّاد وكسر القاف، نسبة إلى جزيرة صقلية في بحر الرّوم- الشافعي.
تفقه في القاهرة على الشيخ قطب الدّين السّنباطي، وناب في القضاء بظاهر القاهرة. وصنف «التنجيز في الفقه» وهو «التعجيز» إلّا أنه يزيد فيه التصحيح على طريقة النّووي، ويشير إلى تصحيح الرّافعي بالرّموز، وزاد فيه بعض قيود.
قال السبكي: كان فقيها، فاضلا، دينا، ورعا.
توفي بالقاهرة في ذي القعدة.
وفيها القاضي الأديب شمس الدّين محمد بن الشّهاب محمود [2] كاتب السّرّ. توفي في شوال عن ثمان وخمسين سنة.
[1] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 247) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 148) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 392- 393) و «الدّرر الكامنة» (4/ 236) و «حسن المحاضرة» (1/ 424) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (154- 155) و «النجوم الزاهرة» (9/ 268) و «الدّرر الكامنة» (4/ 251) .