الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ست وتسعين وسبعمائة
في أولها سار تمرلنك بنفسه وعساكره إلى تكريت فحاصرها في بقية المحرم كلّه ودخلها عنوة في آخر الشهر فقتل صاحبها، وبنى من رؤوس القتلى مأذنتين [1] وثلاث قباب، وخرّب [2] البلد، واستولى على قلعتها، وهدم على أميرها دارا بعد أن نزل إليه بالأمان فمات تحت الرّدم، ثم أثخن في قتل الرجال وأسر النساء والأطفال.
ثم نازل الموصل فصالحه صاحبها وسار في خدمته.
ثم نزل رأس العين فملكها.
ونازل الرّها فأخذها بغير قتال، ووقع النّهب والأسر، وانتهى ذلك في آخر صفر، واتفق هجوم الثلج والبرد، ولما بلغ ذلك صاحب الحصن جمع خواصه وما عنده من التّحف والذخائر، وقصد تمرلنك ليدخل في طاعته فقبل هديته وأكرم ملتقاه، ورعى له كونه راسله قبل جميع تلك البلاد، ثم خلع عليه وأذن له في الرجوع إلى بلاده.
ثم سار إلى ماردين وتملّك [3] البلاد بأسرها، فاستولى على بلاد الجزيرة والموصل، وسار فيهم سيرة واحدة من القتل والسّبي، والأسر، والنّهب، والتعذيب.
[1] في «ط» : «مأذنتين» وفي «إنباء الغمر» مصدر المؤلف: «منارتين» .
[2]
في «ط» : «وضرب» .
[3]
في «ط» : «وتلك» .
ثم أقام على نصيبين في شدة الشتاء، فلما أتى الرّبيع نازل ماردين [1] في جمادى الآخرة، وبنى قدامها جوسقا يحاصرها منه ففتحها عن قرب وقتل ما لا يحصى، ثم توجه إلى خلاط ففعل بها نحو ذلك، ثم رجع عن [2] البلاد الشامية إلى تبريز لما بلغه أن طقتمش خان صاحب بلاد الدّشت والسراي وغيرهما، مشى على بلاده فصنع في بلاد الكرج عادته في غيرها من البلاد ثم رجع إلى تبريز فأقام بها قليلا.
ثم توجه إلى قتال صاحب السراي وغيرها، وكان طقتمش خان قد استعدّ لحربه، فالتقيا جميعا، ودام القتال، فكانت الهزيمة على القفجاق والسّراي فانهزموا وتبعهم إلى أن ألجأهم إلى داخل بلادهم.
وأرسل اللّنك صاحب سيواس القاضي برهان الدّين أحمد يستدعي منه طاعته فلم يجبه، وأرسل نسخة كتابه إلى الظّاهر صاحب مصر، وإلى أبي يزيد ملك الرّوم.
وفيها توفي برهان الدّين إبراهيم بن عبد الله بن عمر الصّنهاجي المالكي القاضي [3] .
ولد سنة سبع عشرة، وسمع من الوادياشي وغيره، وتفقه بدمشق على القاضي بدر الدّين الغماري المالكي، وتزوج بنته بعده، وكان يحفظ «الموطأ» وولي قضاء دمشق غير مرّة أولها سنة ثلاث وثمانين، فلما جاءه التوقيع لم يقبل، وصمّم على عدم المباشرة، وامتنع من لبس الخلعة فولّي غيره، ثم ولّي في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين فامتنع أيضا، فلم يزالوا به حتّى قبل، فباشر ثلاث سنين، ثم صرف، ومات في ربيع الآخر فجأة بعد أن خرج من الحمّام وقد ناهز الثمانين، وهو صحيح النّقيبة، حسن الوجه واللّحية.
وفيها السلطان أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن
[1] تحرفت في «ط» إلى «مارقين» .
[2]
في «ط» : «إلى» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 218) و «الدّرر الكامنة» (1/ 30) .
يعقوب بن عبد الحقّ المريني صاحب فاس، لقبه المستنصر بالله أمير المسلمين [1] .
تملّك فاس في شوال سنة ثمان وثمانين، وملك طنجة وغيرها من بلاد المغرب.
توفي في المحرم وقام بعده ابنه أبو فارس ولم تطل مدته.
وفيها أبو السّباع وأبو العبّاس أحمد بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي جعفر الحفصي [2] الهنتاتي [3]- بفتح الهاء، وسكون النون، بعدها مثناة فوقية، وبعد الألف مثناة أخرى، نسبة إلى هنتاتة قبيلة من البربر بالمغرب- صاحب تونس وإفريقية وغيرهما. كان يقال له أبو السّباع.
ولي المملكة في ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين، وكل من ذكر [4] في عمود نسبه ولي السلطنة إلّا أباه وجدّ أبيه.
توفي في شعبان واستقرّ بعده ولده عبد العزيز.
وفيها أحمد بن يعقوب الغماري [5] ، المالكي.
كان فاضلا في مذهبه، درّس وأفتى، وولي قضاء حماة، ثم صرف، فأقام بدمشق إلى أن مات في ذي القعدة عن نحو من ستين سنة.
وفيها تقي الدّين أبو بكر بن محمد بن الزكي عبد الرحمن المزّي ابن أخي الحافظ جمال الدّين [6] .
سمع الحجّار، والمزّي، وغيرهما. وحدّث.
وتوفي في المحرم عن خمس وسبعين سنة.
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 219) و «الدّرر الكامنة» (1/ 30) و «النجوم الزاهرة» (12/ 142) و «الدليل الشافي» (1/ 36) .
[2]
تحرفت في «ط» إلى «الجعفي» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 223) و «الدّرر الكامنة» (1/ 257) و «النجوم الزاهرة» (12/ 143) .
[4]
لفظة «ذكر» سقطت من «ط» .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 224) و «الدّرر الكامنة» (1/ 338) .
[6]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 224) و «الدّرر الكامنة» (1/ 338) .
وفيها علاء الدّين علي بن نجم الدّين بن عبد الواحد بن شرف الدّين محمد بن صغير [1] ، رئيس الأطباء بالديار المصرية.
قال ابن حجر: كان فاضلا، مفنّنا، انتهت إليه المعرفة، وكان ذا حدس صائب جدا، يحفظ عنه المصريون أشياء كثيرة، وكان حسن الصورة، بهي الشكل، جميل الشّيبة، أخذ عنه شيخنا ابن جماعة، وكان يثني على فضائله، اجتمعت به مرارا، وسمعت فوائده، وكان له مال قدر خمسة آلاف دينار قد أفرده للقرض، فكان يقرض من يحتاج من غير استفضال، بل ابتغاء الثواب.
قرأت بخط الشيخ تقي الدّين المقريزي: كان يصف الدواء للموسر بأربعين ألفا [2] ويصف الدواء في ذلك الداء بعينه للمعسر بفلس. قال: وكنت عنده، فدخل عليه شيخ شكا ما به من السّعال، فقال: لعلك تنام بغير سراويل؟ قال: أي والله، قال: لا تفعل، نم بسراويلك، فمضى فصدفت ذلك الشيخ بعد أيام فسألته عن حاله، فقال: عملت بما قال فبرئت.
قال: وكان لنا جار حدث لابنه رعاف [3] حتّى أفرط، فانحلت قوى الصغير، فقال له شرّط آذانه [4] فتعجب وتوقف، فقال: توكل على الله وافعل. قال:
ففعل ذلك فبرئ، وله من هذا النمط أشياء عجيبة.
مات بحلب في ذي الحجّة ثم نقلته ابنته إلى مصر فدفنته بتربتهم.
وفيها أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي الحسني [5] الفاسي ثم المكي المالكي، سبط الخطيب بهاء الدّين محمد بن التّقي عبد الله بن المحبّ الطبري [6] .
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 228) و «الدّرر الكامنة» (3/ 79) و «النجوم الزاهرة» (12/ 140) و «الدليل الشافي» (1/ 462) .
[2]
كذا في «ط» و «إنباء الغمر» : «بأربعين ألفا» وفي «آ» : «بأربعين فلسا» .
[3]
الرّعاف: سيلان الدم من الأنف. انظر «معجم الوسيط» (1/ 367) .
[4]
في «إنباء الغمر» : «أذنيه» وانظر التعليق عليه.
[5]
تحرفت في «ط» إلى «الحببي» .
[6]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 229) و «العقد الثمين» (1/ 383) .
ولد بمكة في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين، وسمع بها على عثمان بن الصّفي أحمد بن محمد الطّبري وغيره، وبالمدينة على الزّين بن علي [1] الأسواني، والجمال الطّبري وغيرهما، وأجاز له جماعة من مصر والشام، وحدّث، وتوفي بمكة المشرّفة في خامس صفر.
وفيها محمد بن علي بن سالم الفرغاني [2] أحد شهود الحكم بدمشق.
اشتغل بالقراءات، وتلا بالسبع على اللبّان، وأقرأ. وتوفي في ذي الحجّة.
وفيها ناصر الدّين محمد بن محمد بن داود بن حمزة [3] .
ولد سنة ثمان وسبعمائة، وسمع على عمّ أبيه التّقي سليمان وغيره، وأجاز له الكمال إسحاق النحّاس، وأولاد ابن العجمي الثلاثة، وتفرّد بالرواية عنهم، وتوفي في رجب.
وفيها تاج الدّين محمد بن محمد المليحي، المعروف بصائم الدّهر [4] .
ولي نظر الأحباس والجوالي والحسبة، وخطب بمدرسة السلطان حسن بالقاهرة، وكان ساكنا، قليل الكلام، جميل السيرة.
توفي في صفر.
وفيها أمين الدّين يحيى بن محمد بن علي الكناني العسقلاني الحنبلي [5] .
قال ابن حجر: عمّ شيخنا عبد الله بن علاء الدّين.
سمع الميدومي وغيره، وحدّث، رأيته ولم يتفق لي أن أسمع منه.
[1] لفظة «علي» سقطت من «ط» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 231) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 233) و «الدّرر الكامنة» (4/ 176) .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 234) و «النجوم الزاهرة» (12/ 141) وفيه «المليجي» بالجيم، و «الدليل الشافي» (2/ 701) .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 237) .