الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثمان وستين وسبعمائة
فيها كانت زلزلة هائلة بصفد.
وفيها توفي شهاب الدّين أحمد بن عثمان بن أبي بكر بن بصيص أبو العبّاس الزّبيدي [1] .
قال الخزرجي: كان وحيد دهره في النحو واللغة والعروض، متفنّنا لوذعيّا، حسن السيرة، سهل الأخلاق، مبارك التّدريس.
أخذ النحو عن جماعة، وأخذ عنه أهل عصره، وإليه انتهت الرئاسة في النحو، هرعت إليه الناس [2] من أقطار اليمن.
وشرح مقدمة ابن بابشاذ شرحا جيدا لم يتم، وله منظومة في القوافي والعروض، وغير ذلك، وكان بحرا لا ساحل له.
مات يوم الأحد حادي عشري شعبان.
وفيها آقبغا الأحمدي الجلب [3] .
قال في «الدّرر» : لا لا الملك الأشرف شعبان. كان من خواص يلبغا، ثم كان ممن اتفق على قتله [4] ، واستقرّ بعده أميرا كبيرا، ثم وقع بينه وبين استدمر فآل أمره إلى أن مات في سجن الإسكندرية في ذي القعدة.
[1] انظر «العقود اللؤلؤية» (1/ 111) و «بغية الوعاة» (1/ 335) و «معجم المؤلفين» (1/ 310) .
[2]
في «ط» : «رحل الناس إليه» .
[3]
انظر «الدّرر الكامنة» (1/ 391- 392) .
[4]
في «الدّرر الكامنة» : «ممن اتفق مع قتلته» .
وفيها عفيف الدّين أبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح شيخ الحجاز اليافعي اليمني ثم المكيّ الشافعي [1] .
ولد قبل السبعمائة بقليل، وكان من صغره تاركا لما يشتغل به الأطفال من اللّعب، فلما رأى والده آثار الفلاح عليه ظاهرة بعث به إلى عدن، فاشتغل بالعلم، وأخذ عن العلّامة أبي عبد الله البصّال وغيره، وعاد إلى بلاده، وحببت إليه الخلوة والانقطاع والسياحة في الجبال، وصحب الشيخ علي الطواشي، وهو الذي سلّكه الطريق، ثم لازم العلم، وحفظ «الحاوي الصغير» و «الجمل» للزّجاجي، ثم جاور بمكّة، وتزوج بها.
ذكره الإسنوي في «طبقاته» وختم به كتابه، وذكر له ترجمة طويلة، وقال:
كان إماما، يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلما يستضاء بأنواره ويهتدى.
صنّف تصانيف [2] كثيرة في أنواع العلوم، إلا أن غالبها صغير الحجم، معقود لمسائل مفردة، وكثير من تصانيفه نظم، فإنه كان يقول الشعر الحسن الكثير بغير كلفة.
ومن تصانيفه: قصيدة مشتملة على قريب من عشرين علما إلّا أن بعضها متداخل، كالتصريف مع النحو، والقوافي مع العروض، ونحو ذلك.
وكان يصرف أوقاته في وجوه البرّ وأغلبها في العلم، كثير الإيثار والصّدقة، مع الاحتياج، متواضعا مع الفقر، مترفعا عن أبناء الدّنيا، معرضا عمّا في أيديهم.
وكان نحيفا، ربعة من الرجال، مربّيا للطلبة والمريدين، ولهم به جمال وعزّة، فنعق بهم غراب التفريق، وشتّت شمل سالكي الطريق، فتنكرت [3] طباعه، وبدت أوجاعه، فشكا من رأسه ألما، و [من] جسمه سقما، وأقام أياما قلائل.
[1] انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 313- 314) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 579- 583) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 225) و «الدّرر الكامنة» (2/ 247- 249) و «العقد الثمين» (5/ 104- 115) و «لحظ الألحاظ» ص (152) .
[2]
في «آ» و «ط» : «تصانيفا» .
[3]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «سكرت» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 582) مصدر المؤلف.
وتوفي وهو إذ ذاك فضيل مكّة وفاضلها، وعالم الأبطح وعاملها، يرتفع ببركة دعائه عنها الويل، وينصبّ الوبل، وتنفتح [1] أبواب السماء، فيحضر [2] منها العالي ويسيل السّافل. انتهى.
وقال ابن رافع: [اشتهر ذكره وبعد صيته][3] وصنّف كتبا، منها:«مرهم العلل المعضلة» في أصول الدّين، و «الإرشاد والتّطريز» في التّصوف، وكتاب «نشر المحاسن» وكتاب «نشر الرّوض العطر في حياة سيدنا أبي العبّاس الخضر» وغير ذلك.
وكان يتعصب للأشعري، وله كلام في ذمّ ابن تيميّة، ولذلك غمزه بعض من يتعصب لابن تيميّة من الحنابلة وغيرهم.
ومن شعره:
وقائلة ما لي أراك مجانبا
…
أمورا وفيها للتّجارة مربح
فقلت لها ما لي بربحك حاجة
…
فنحن أناس بالسّلامة نفرح
توفي بمكّة في جمادى الآخرة، ودفن بمقبرة باب المعلاة جوار الفضيل بن عياض.
واليافعي: نسبة إلى يافع، بالياء والفاء والعين المهملة، قبيلة من قبائل اليمن من حمير.
وفيها نجم الدّين عبد الجليل بن سالم بن عبد الرحمن الرّويسوني الحنبلي [4] الإمام الجليل القدوة.
اشتغل بالعلم، وحفظ «المحرّر» في الفقه، وأعاد بالقبة البيبرسية. وكان حسن الأخلاق، متواضعا، من أعيان الحنابلة بمصر.
[1] في «آ» و «ط» : «وتفتح» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
[2]
في «آ» و «ط» : «فيحص» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي.
[3]
ما بين القوسين لم يرد في «الوفيات» لابن رافع الذي بين يدي.
[4]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 313) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 224) و «المقصد الأرشد» (2/ 137) و «لحظ الألحاظ» ص (152) .
توفي بالقاهرة يوم الخميس تاسع عشري ربيع الأول.
ورويسون: من أعمال نابلس.
وفيها عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان الدمشقي الحنفي [1] .
قال في «الدّرر» : ولد قبل الثلاثين وسبعمائة، ومهر في الفقه والعربية والقراءات [والأدب] . ودرّس، وولي قضاء حماة. وكان مشكور السيرة، ماهرا في الفقه والعربية [2] ونظم قصيدة رائية من الطويل ألف بيت، ضمّنها غرائب المسائل في الفقه، وشرحها، وهي نظم [جيد] متمكن.
مات في ذي الحجّة.
وفيها محيي الدّين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن نباتة [3] الشّاعر المشهور المتقدم.
تعانى الأدب، ونظم وسطا، وكتب النسخ وقلم الحاشية والغبار، وتكسّب من ذلك بدمشق، وقدم القاهرة بعد السبعين، ومات بها بالقرب من ذلك. كذا قال في الدرر، وجزم مختصر ضوء السخاوي [4] أنه توفي في هذه السنة.
وفيها يلبغا بن عبد الله الخاصكي النّاصري [5] الأمير الكبير الشهير، أول ما أمّره النّاصر حسن مقدم ألف بعد موت تنكز، ثم كان يلبغا رأس من قام على أستاذه الناصر حسن، حتّى قتل، وتسلطن المنصور محمد بن حاجي، فاستقرّ
[1] انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 232) و «تاج التراجم» ص (138) بتحقيق صديقي الفاضل الأستاذ إبراهيم صالح نفع الله تعالى به، و «الدّرر الكامنة» (2/ 423- 424) و «لحظ الألحاظ» ص (152) و «بغية الوعاة» (2/ 123) .
[2]
في «الدّرر الكامنة» : «في الفقه والأدب» وما بين الحاصرتين في الترجمة مستدرك منه.
[3]
انظر «الوفيات» لابن رافع (2/ 311- 312) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 219) و «الدّرر الكامنة» (4/ 216- 223) .
[4]
هو عمر بن أحمد بن علي الشماع الحلبي، المتوفى سنة (936) هـ، وسترد ترجمته في الجزء العاشر من الكتاب إن شاء الله تعالى، ومختصره هو «القبس الحاوي لغرر ضوء السخاوي» .
[5]
انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 216) و «الدّرر الكامنة» (4/ 438- 440) .
أتابكه، ثم خلعه في شعبان سنة أربع وستين، وتسلطن الأشرف شعبان، فتناهت إلى يلبغا الرئاسة ولقّب نظام الملك، وصار إليه الأمر والنّهي، وهو السّلطان في الباطن والأشرف بالاسم، وارتقى إلى أن صار العدد الكثير من مماليكه نواب البلاد، ومقدّمي ألوف، واستكثر من المماليك الجلبان، وبالغ في الإحسان إليهم والإكرام حتّى صاروا يلبسون الطّرر الذهبية العريضة، فإذا وقعت الشمس عليهم تكاد من شدّة لمعانها تخطف البصر، وبلغت عدة مماليكه ثلاثة آلاف، وكان يسكن الكبش بالقرب من قناطر السّباع، وكان موكبه أعظم المواكب، وأمنت في زمنه الطّرقات من العربان والتّركمان لقطعه أخبارهم [1] وآثارهم، وكان في زمنه وقعة الإسكندرية، وأخذ الفرنج لها في أوائل سنة سبع وستين، فقام أتمّ قيام، ونزعها من أيديهم، وصادر جميع النّصارى والرّهبان، واستنقذ من جميع الديار ما بها من الأموال فحصل [2] على شيء كثير جدا، حتّى يقال: اجتمع عنده اثنا عشر ألف صليب، منها صليب ذهب زنته عشرة أرطال مصرية. وكانت له صدقات كثيرة على طلبة العلم ومعروف كثير في بلاد الحجاز، وهو الذي حطّ المكس عن الحجّاج بمكّة، وعوّض أمراءها بلدا بمصر، وكان يتعصب للحنفية، حتى كان يعطي لمن يتمذهب لأبي حنيفة العطاء الجزيل، ورتّب لهم الجامكيات الزائدة، فتحول جمع من الشافعية لأجل الدنيا حنفية، وحاول في آخر عمره أن يجلس الحنفيّ فوق الشافعي فعاجله القتل، وذلك أن مماليكه منهم اقبغا المتقدم ذكره في أول هذه السنة، اجتمعوا على قتله ففرّ، ثم جاء طائعا في عنقه منديل، فأمر السلطان بحبسه، ثم أذن في قتله، وذلك في ربيع الآخر. قاله في «الدّرر» .
[1] في «ط» : «أجنادهم» وهو خطأ.
[2]
في «ط» : «تحصل» وهو خطأ.