الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وستين وسبعمائة
فيها توفي المعتضد بالله أبو الفتح أبو بكر بن المستكفي سليمان بن الحاكم أحمد العبّاسي [1] .
بويع بالخلافة بعد موت أخيه في سنة ثلاث وخمسين بعهد منه، وكان خيّرا، متواضعا، محبّا لأهل العلم.
توفي في يوم الخميس ثاني عشري جمادى الأولى بمصر.
وبويع بعده ولده محمد بعهد منه، ولقّب المتوكل.
وفيها الشيخ شمس الدّين محمد بن أحمد بن علي بن عمر الإسنوي [2] الشافعي الإمام، ابن عمّ الشيخ جمال الدّين.
قال ابن قاضي شهبة: كان أحد العلماء العاملين، اختصر «الشفاء» للقاضي عياض، وشرح «مختصر مسلم» [3] و «الألفية» لابن مالك، واشتغل قديما ببلده وغيرها، ثم أقام ببلده، ثم صار يجاور بمكّة سنة وبالمدينة سنة. قال له الشيخ عبد الله اليافعي: أنت قطبّ الوقت في العلم والعمل.
توفي بمكّة بعد الحجّ.
وفيها شمس الدّين أبو أمامة محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى بن
[1] انظر «ذيول العبر» ص (350) و «النجوم الزاهرة» (11/ 14) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 97- 98) و «الدّرر الكامنة» (1/ 443) و «تاريخ الخلفاء» ص (500) .
[2]
انظر «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 107- 108) و «العقد الثمين» (1/ 307- 308) ولقبه فيهما «نجم الدين» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 155- 156) و «الدّرر الكامنة» (3/ 342) و «بغية الوعاة» (1/ 35) و «در الحجال» (2/ 243) .
[3]
الذي اختصره الحافظ المنذري. انظر «كشف الظنون» (1/ 558) .
عبد الرحيم المغربي الأصل المصري، المعروف بابن النقّاش الشافعي [1] .
مولده في رجب سنة عشرين وسبعمائة، وحفظ «الحاوي الصغير» ويقال: إنه أول من حفظه بالديار المصرية، واشتغل على الشيخ شهاب الدّين الأنصاري، والتّقي السبكي، وأبي حيّان، وغيرهم. وقرأ القراءات على البرهان الرّشيدي، ودرّس وأفتى، وتكلّم على النّاس، وكان من الفقهاء المبرّزين والفصحاء المشهورين، وله نظم ونثر حسن، وحصل له بمصر رئاسة عظيمة وشاع ذكره في الناس، ودرّس بعدة مدارس، وبعد صيته، وخرّج أحاديث الرافعي وسمّاه «كاشف الغمّة عن شافعية الأمة» وسمّاه أيضا «أمنية الألمعي في أحاديث الرافعي» وورد الشام في أيام السّبكي، وجلس بالجامع، ووعظ بجنان ثابت ولسان فصيح، من غير تكلّف، فعكف الناس عليه.
ومن مصنفاته: «شرح العمدة» في نحو ثمان مجلدات، و «شرح ألفية ابن مالك» وكتاب «النظائر والفروق» و «شرح التسهيل» وله كتاب في التفسير مطول جدا، التزم فيه أن لا ينقل فيه حرفا من كتاب من تفسير من تقدّمه، وهذا عجب عجيب، وسماه «اللّاحق السابق» وكان يقول الناس اليوم رافعية لا شافعية، ونووية لا نبوية.
توفي في شهر ربيع الأول.
قاله ابن قاضي شهبة.
وفيها أبو عبد الله شمس الدّين محمد بن عيسى بن حسين بن كثير كرّ [2] ، الشيخ المسند الحنبلي البغدادي [3] شيخ الزاوية جوار مسجد الحسين بالقاهرة.
روى عن غازي الحلاوي من «المسند» مواضع، وتوفي بالقاهرة.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (349) و «النجوم الزاهرة» (11/ 13) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 248- 249) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 90- 91) و «الدّرر الكامنة» (4/ 71) و «البداية والنهاية» (14/ 292) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 176- 178) .
[2]
تحرفت في «آ» و «ط» : إلى: «ابن كثير» والتصحيح من مصادر الترجمة.
[3]
انظر «الوافي بالوفيات» (4/ 305) و «الدّرر الكامنة» (4/ 245) و «المقصد الأرشد» (2/ 482) .
وفيها أقضى القضاة شمس الدّين أبو عبد الله محمد بن مفلح بن محمد بن مفرّج المقدسي ثم الصّالحي الرّاميني الحنبلي [1] الشيخ الإمام العلّامة، وحيد دهره، وفريد عصره، شيخ الإسلام، وأحد الأئمة الأعلام. سمع من عيسى المطعّم، وغيره، وتفقه وبرع، ودرّس وأفتى، وناظر وحدّث، وأفاد، وناب في الحكم عن قاضي القضاة جمال الدّين المرداوي، وتزوج ابنته، وله منها سبعة أولاد ذكور وإناث. وكان آية وغاية في نقل مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه. قال عنه أبو البقاء السّبكي: ما رأت عيناي أحدا أفقه منه، وكان ذا حظّ من زهد، وتعفف، وصيانة، وورع، ودين متين، وشكرت سيرته وأحكامه.
وقال ابن القيم لقاضي القضاة موفق الدّين الحجّاوي سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح، وحسبك بهذه الشهادة من مثل هذا.
وحضر عند الشيخ تقي الدّين [2] ونقل عنه كثيرا. وكان يقول له: ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح. وكان أخبر الناس بمسائله واختياراته، حتّى إن ابن القيّم كان يراجعه في ذلك، وله مشايخ كثيرون، منهم: ابن مسلم، والبرهان الزّرعي، والحجّار، و [ابن] الفويرة، والقحفاوي [3] ، والمزّي، والذهبي، ونقل عنهما كثيرا. وكانا يعظمانه، وكذلك الشيخ تقي الدّين السّبكي يثني عليه كثيرا.
قال ابن كثير: وجمع مصنّفات منها على «المقنع» نحو ثلاثين مجلدا، وعلى
[1] انظر «ذيول العبر» ص (352) و «الوفيات» لابن رافع (2/ 252) و «ذيل العبر» لابن العراقي (1/ 99- 100) و «الدّرر الكامنة» (4/ 261) و «المقصد الأرشد» (2/ 517) و «الجوهر المنضد» ص (112- 114) و «الدارس في تاريخ المدارس» (2/ 43) و «القلائد الجوهرية» (1/ 161) .
[2]
يعني ابن تيمية رحمه الله.
[3]
في «آ» و «ط» : «والبخاري» والتصحيح من «المقصد الأرشد» .
«المنتقى» مجلدين. وكتاب «الفروع» أربع مجلدات قد اشتهر في الآفاق، وهو من أجلّ الكتب وأنفعها وأجمعها للفوائد لكنه لم يبيضه كلّه ولم يقرأ عليه، وله كتاب جليل في أصول الفقه حذا فيه حذو ابن الحاجب في مختصره وله «الآداب الشرعية الكبرى» مجلدان و «الوسطى» مجلد و «الصّغرى» مجلد لطيف. ونقل في كتابه «الفروع» في باب ذكر أصناف الزكاة أبياتا رويت عن يحيى بن خالد بن برمك في ذمّ السؤال وهي:
ما اعتاض باذل وجهه بسؤاله
…
عوضا ولو نال الغنى بسؤال
وإذا بليت ببذل وجهك سائلا
…
فابذله للمتكرّم المفضال
وإذا السّؤال مع النّوال وزنته
…
رجح السّؤال وخفّ كلّ نوال
توفي ليلة الخميس ثاني رجب بسكنه بالصّالحية ودفن بالرّوضة بالقرب من الشيخ موفق الدّين [1] ولم يدفن بها حاكم قبله، وله بضع وخمسون سنة.
[1] يعني ابن قدامة المقدسي رحمه الله.