الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة
فيها على ما قاله في «ذيل الدّول» [1] قبض السلطان على الوزير علم الدّين بن زنبور، وصودر بعد الضّرب والعذاب، فكان المأخوذ منه من النّقد ما ينيف على ألفي ألف دينار، ومن أواني الذّهب والفضّة نحو ستين قنطارا، ومن اللؤلؤ نحو إردبّين، ومن الحياصات الذهب ستة آلاف، ومن القماش المفصّل نحو ألفين وستمائة قطعة، وخمسة وعشرين معصرة سكّر، ومائتي بستان، وألف وأربعمائة ساقية. ومن الخيل والبغال ألف. ومن الجواري سبعمائة، ومن العبيد مائة، ومن الطّواشية سبعين [2] ، إلى غير ذلك.
وفي صفر كان الحريق العظيم بباب جيرون.
وفيها توفي أمير المؤمنين أبو العبّاس الحاكم بأمر الله أحمد بن المستكفي العبّاسي [3] .
كان أبوه لما مات بقوص عهد إليه بالخلافة، فقدم الملك النّاصر عليه إبراهيم ابن عمّه لما كان في نفسه من المستكفي، وكانت سيرة إبراهيم قبيحة، وكان القاضي عزّ الدّين بن جماعة قد جهد كل الجهد في صرف السلطان عنه فلم
[1] ذكره الحافظ السخاوي في «الذيل التام على دول الإسلام» في الورقة (61) من المنسوخ منه، ويقوم بتحقيقه صديقي الفاضل الأستاذ حسن إسماعيل مروة، وقد فرغ من تحقيق المجلد الأول منه وهو تحت الطبع الآن في بيروت، وانظر «البداية والنهاية» (14/ 246) و «الدّرر الكامنة» (3/ 240- 241) .
[2]
في «الذيل التام على دول الإسلام» : «ستين» .
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (289) و «المنهل الصافي» (1/ 291) و «الدليل الشافي» (1/ 48) و «النجوم الزاهرة» (10/ 290) و «الدّرر الكامنة» (1/ 137) و «تاريخ الخلفاء» ص (490- 500) .
يفعل، فلما حضرته الوفاة أوصى الأمراء بردّ الأمر إلى ولي عهد المستكفي ولده أحمد، فلما تسلطن المنصور عقد مجلسا وقال: من يستحق الخلافة؟ فاتفقوا على أحمد هذا، فخلع إبراهيم، وبايع أحمد، وبايعه القضاة، ولقّب الحاكم بأمر الله لقب جدّه.
قال ابن فضل الله في «المسالك» : هو إمام عصرنا، وغمام مصرنا، قام على غيظ العدى وغرق بفيض النّدى، صارت له الأمور إلى مصائرها، وسيقت إليه مصائرها، فأحيا رسوم الخلافة، ورسم بما لم يستطع أحد خلافه، وسلك مناهج آبائه. وقد طمست، وأحياها بمناهج أبنائه وقد درست، وجمع شمل بني أبيه وقد طال بهم الشّتات، وأطال عذرهم وقد اختلفت السيآت، ورفع اسمه على ذرى المنابر وقد غبر مدة لا تطلع إلّا في أفاقه تلك النّجوم ولا تسحّ إلّا من سحبه تلك الغيوم والسّجوم، طلب بعد موت السّلطان وأنفذ حكم وصيته في تمام مبايعته والتزام متابعته.
وكان أبوه قد أحكم له بالعقد المتقدم عقدها وحفظ له عند ذوي الأمانة عهدها.
وذكر الشيخ زين الدّين العراقي: أن الحاكم هذا سمع الحديث على بعض المتأخرين، وأنه حدث.
مات في الطّاعون في نصف السنة بمصر ودفن بها.
وفيها أبو علي حسين بن يوسف بن يحيى ابن أحمد الحسيني السّبتي [1] نزيل تلمسان.
قال في «تاريخ غرناطة» : كان [شريفا] ظريفا، شاعرا، أديبا، لوذعيّا، مهذّبا، له معرفة بالعربية، ومشاركة في الأصول والفروع، حجّ، ودخل غرناطة، وولي القضاء ببلاد مختلفة، ثم قضاء الجماعة بتلمسان.
[1] انظر «بغية الوعاة» (1/ 544) ولفظة «شريفا» مستدركة منه وهو المصدر الذي نقل المؤلف الترجمة عنه و «درّة الحجال» (1/ 244) .
ولد سنة ثلاث وستين وستمائة، ومات يوم الاثنين سابع عشر شوال.
وفيها عضد الدّين عبد الرحمن بن أحمد ابن عبد الغفّار قاضي قضاة المشرق، وشيخ العلماء والشافعية بتلك البلاد الإيجي- بكسر الهمزة وإسكان التحتية ثم جيم- الشّيرازي [1] ، شارح «مختصر ابن الحاجب» وله المواقف.
قال الإسنوي: كان إماما في علوم متعددة، محقّقا، مدقّقا، ذا تصانيف مشهورة، منها «شرح مختصر ابن الحاجب» و «المواقف والجواهر» وغيرها في علم الكلام. و «الفوائد الغياثية» في المعاني والبيان. وكان صاحب ثروة وجود وإكرام للوافدين عليه.
تولى قضاء القضاة بمملكة أبي سعيد فحمدت سيرته.
وقال السبكي: كان إماما في المعقولات، عارفا بالأصلين، والمعاني، والبيان، والنحو، مشاركا في الفقه، له في علم الكلام كتاب «المواقف» وغيره.
وفي أصول الفقه «شرح المختصر» وفي المعاني والبيان «الفوائد الغياثية» .
وكانت له سعادة مفرطة، ومال جزيل، وإنعام على طلبة العلم، وكلمة نافذة.
مولده سنة ثمان وسبعمائة، وأنجب تلامذة، اشتهروا في الآفاق، مثل الشّمس الكرماني، والضّياء العفيفي، والسّعد التّفتازاني، وغيرهم.
وقال التّفتازانيّ في الثناء عليه: لم يبق لنا سوى اقتفاء آثاره، والكشف عن خبيئات أسراره، بل الاجتناء من بحار ثماره، والاستضاءة بأنواره.
توفي مسجونا بقلعة بقرب إيج [2] غضب عليه صاحب كرمان فحبسه بها واستمر محبوسا إلى أن مات.
[1] انظر «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 46- 78) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 238) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 33) و «النجوم الزاهرة» (10/ 288) و «الدّرر الكامنة» (2/ 429- 430) و «بغية الوعاة» (2/ 75- 76) و «البدر الطالع» (1/ 326- 327) .
[2]
إيج: بلدة كثيرة البساتين والخيرات في أقصى بلاد فارس. انظر «معجم البلدان» (1/ 287) .
وفيها أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن بليش العبدري الغرناطي النحوي [1] .
قال في «تاريخ غرناطة» : كان فاضلا، منقبضا، متضلعا بالعربية، عاكفا عمره على تحقيق اللّغة. له في العربية باع مديد [2] ، مشاركا في الطبّ أثرى من التكسب بالكتب.
وسكن سبتة مدّة، ورجع وأقرّ بغرناطة. وكان قرأ على ابن الزّبير، ومات في رجب.
وفيها شهاب الدّين يحيى بن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن محمد القيسراني [3] أحد الموقّعين.
ولد سنة سبعمائة، وورد مع أبيه من حلب فباشر أبوه توقيع الدّست، وباشر هو كتابة الإنشاء، وكان حسن الخلق جدا، تامّ الخلق، متواضعا، متودّدا، صبورا على الأذى، كثير التّجمّل في ملبوسه وهيئته، حتّى كان ابن فضل الله يقول:
المولى شهاب الدّين جمّل الديوان. وكان يكتب قلم الرّقاع، قويا إلى الغاية، ثم باشر توقيع الدّست بعد أبيه سنة ست وثلاثين، ثم ولي كتابة السّرّ في نيابة تنكز، ثم أمسك وصودر، فلزم بيته مدة، ثم نقل إلى القاهرة، فكتب بها الإنشاء سنة [4] ، ما رأيت منه سوءا قطّ.
وكان يتودد للصّالحين، ويكثر الصّوم والعبادة، ويصبر على الأذى، ولا يعامل صديقه وعدوه إلّا بالخير وطلاقة الوجه.
مات بعلّة الاستسقاء بعد أن طال مرضه به في ثاني عشري رجب بدمشق، وصلّي عليه بالجامع الأموي بعد العصر.
[1] انظر «الدّرر الكامنة» (4/ 215- 216) و «بغية الوعاة» (2/ 233) .
[2]
تحرفت في «آ» و «ط» إلى «باع شديد» والتصحيح من «بغية الوعاة» مصدر المؤلف.
[3]
انظر «ذيول العبر» ص (290) و «النجوم الزاهرة» (10/ 290) و «الدّرر الكامنة» (4/ 414) .
[4]
لفظة «سنة» سقطت من «آ» وأثبتها من «ط» .