الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وثمانين وسبعمائة
فيها كان الطّاعون العظيم بحلب، بلغت عدة الموتى فيه في كل يوم ألف نفس [1] .
وفيها- كما قال ابن حجر- أحضر إلى أحمد بن يلبغا صغيرة ميتة لها رأسان وصدر واحد، ويدان فقط، ومن تحت السرّة صورة شخصين كاملين كل شخص بفرج أثنى ورجلين، فشاهدها الناس وأمر بدفنها [2] .
وفيها توفي جمال الدّين إبراهيم بن ناصر الدّين محمد بن كمال الدّين عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة العقيلي الحلبي المعروف بابن العديم الحنفي [3] .
سمع من الحجّار، وحدّث عنه، وكان هينا لينا ناظرا إلى مصالح أصحابه، ناب عن والده مدة بحلب، ثم استقلّ بعد وفاته، وكان يحفظ «المختار» ويطالع في شرحه.
قال البرهان المحدّث: ادعى عنده مدع على آخر بمبلغ فأنكر، فأخرج المدّعي وثيقة فيها أقرّ فلان ابن فلان فأنكر المدّعى عليه أن الاسم المذكور في الوثيقة اسم أبيه. قال له: فما اسمك أنت؟ قال: فلان. قال: فما اسم [4] أبيك؟ قال: فلان. فسكت عنه القاضي وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 188) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 190) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 192) و «الدّرر الكامنة» (1/ 64) وفيه: «إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز» و «النجوم الزاهرة» (11/ 305) و «الطبقات السنية» (1/ 234) .
[4]
في «آ» : «فاسم» .
طال ذلك، وكان القارئ يقرأ عليه في «صحيح البخاري» فلما فرغ المجلس صاح القاضي: يا ابن فلان فأجابه المدّعى عليه مبادرا. فقال له: ادفع لغريمك حقّه، فاستحسن من حضر هذه الحيلة حيث استغفل المدّعى عليه حتّى التجأ للاعتراف.
وقال البرهان الحلبي أيضا: كان من بقايا السّلف، وفيه مواظبة على الصّلوات في الجامع الكبير، لطيف اللّسان، وافر العقل، طويل الصّمت في غاية العفّة، مع المعرفة بالمكاتيب والشروط، كبير القدر عند الملوك والأمراء، كثير النّظر في مصالح أصحابه.
توفي في سادس عشري المحرّم عن نيف وستين سنة.
وفيها أحمد بن أبي بكر بن عبد الله الحضرمي الزبيدي الشافعي [1] ، مفتي أهل اليمن في زمانه.
انتهت إليه الرئاسة في ذلك.
مات في رجب.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عبد الله بن محمد بن محمود المرداوي [2] ، نزيل حماة.
ولد بمردا، وقدم دمشق للفقه، فبرع في الفنون، وتميّز، ثم ولي قضاء حماة فباشرها مدة، ودرّس، وأفاد، ولازمه علاء الدّين بن مغلي وبه تميّز.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن عبد الهادي بن أبي العبّاس الشّاطر الدّمنهوري، المعروف بابن الشيخ [3] .
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 193) و «الدّرر الكامنة» (1/ 111) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 193) وفيه: «أحمد بن عبد الرحمن بن محمد» و «الدّرر الكامنة» (1/ 168) وفيه: أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 193) و «الدّرر الكامنة» (1/ 195) .
ولد سنة ثلاث وثلاثين، وتعاني الآداب، فكان أحد الأذكياء، وكان أديبا، فاضلا، أعجوبة في حلّ المترجم.
وهو القائل:
نادى مناد لقرط
…
فطاف سمع البريّه
وشنّف الأذن منه
…
قرط أتى للرعيّه
وكان لا يسمع شعرا ولا حكاية إلّا ويخبر بعدد حروفها فلا يخطئ، جرّب ذلك عليه مرارا.
مات في ذي القعدة. قاله ابن حجر.
وفيها نجم الدّين أبو العباس أحمد بن عثمان بن عيسى بن حسن بن حسين بن عبد المحسن الياسوفي الأصل الدمشقي الشافعي، المعروف بابن الجابي [1] .
ولد في آخر سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وسمع الحديث، وكتب بخطه طباقا، و «المشتبه» للذهبي، وأخذ الفقه عن المشايخ الثلاثة: الغزّي، والحسباني، وحجي، وغيرهم، وأخذ الأصول عن البهاء الإخميمي، ودرّس، وأفتى، واشتغل، واشتهر اسمه، وشاع ذكره، وكان أولا فقيرا، ثم تموّل، فإنه ورث هو وابنه مالا من جهة زوجته، وكثر ماله ونما، واتسعت عليه الدنيا، وسافر إلى مصر في تجارة، وحصل له وجاهة بالقاهرة، بكاتب السرّ الأوحد، وولي تدريس الظّاهرية، أخذها من ابن الشّهيد، وأعاد بالشّامية الجوّانية.
قال الحافظ ابن حجي: برع في الفقه والأصول، وكان يتوقّد ذكاء، سريع الإدراك، حسن المناظرة، ما كان في أصحابنا مثله، له الإقدام والجرأة في المحافل، مع الكلام المتين، وكان ينسب إلى جدّه في بحثه، وربما خرج على من يباحثه، ومع ذلك ما كنت أحبّ مناظرة أحد سواه، ولا يعجبني مباحث غيره،
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 194) و «الدّرر الكامنة» (1/ 200) ، و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 199) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 241) .
فإنه كان منصفا، سريع التصور، وإنما كان يحتدّ على من لا يجاريه في مضماره. انتهى.
وقال ابن حجر: يقال: إنه سمّ مع أوحد الدّين بمصر. وتأخر عمل السمّ فيه إلى أن مات بدمشق بعد عوده في جمادى الأولى. وقد جاوز الخمسين، ودفن بمقبرة الصّوفية.
وفيها شاه شجاع بن محمد بن مظفّر اليزديّ [1] .
كان جدّه مظفّر صاحب درك يزد وكرمان في زمن أبي سعيد بن خربندا، ثم كان ابنه محمد، فقام مقامه، وأمنت الطرقات في زمنه، ولم يزل أمره يقوى حتّى ملك كرمان عنوة، انتزعها من شيخ بن محمود شاه، ثم تزوج محمد بن مظفّر امرأة من بنات الأكابر بكرمان، فقاموا بنصره، وفرّ شيخ إلى شيراز فحاصره محمد ابن مظفّر بها إلى أن ظفر به، فقتله واستقلّ بعد موت أبي سعيد بملك العراق كلّه، وأظهر العدل، وكان له من الأولاد خمسة: شاه ولي، وشاه محمود، وشاه شجاع، وأحمد، وأبو يزيد، فاتفقوا على والدهم، فكحلوه وسجنوه في قلعة من عمل شيراز، وذلك سنة ست وسبعمائة، فتولى شاه شجاع صاحب الترجمة شيراز، وكرمان، ويزد، وتولى شاه محمود أصبهان وغيرها، ومات شاه ولي، واستمرّ أحمد وأبو زيد في كنف شاه شجاع، ووقع الخلف بين شاه محمود وشاه شجاع، فآل الأمر إلى انتصار شاه شجاع، ومات شاه محمود، فاستولى شاه شجاع على أذربيجان، انتزعها من أويس، وكان شاه شجاع ملكا عادلا عالما بفنون من العلم، محبّا للعلم والعلماء، وكان يقرئ «الكشاف» والأصول، والعربية، وينظم الشعر بالعربي والفارسي، ويكتب الخطّ الفائق، مع سعة العلم والحلم والكرم، وكان قد ابتلي بترك الشبع، فكان لا يسير إلّا والمأكول على البغال صحبته، فلا يزال يأكل. ولما مات استقرّ ولده زين العابدين بعده إلى أن خرج عليه اللّنك فقتله وقتل أقاربه.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 198) و «الدّرر الكامنة» (2/ 187) .
وفيها شرف الدّين حسن بن محمد بن أبي الحسن بن الشيخ الفقيه أبي عبد الله اليونيني البعلي [1] .
ولد سنة ثلاثين وسبعمائة، وقرأ، وسمع الحديث، ورحل فيه، وأفتى، ودرّس، وأفاد، وتوفي في رمضان.
وفيها عفيف الدّين أبو محمد عبد الله بن الزّين أبي الطّاهر محمد بن الجمال محمد بن المحبّ أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الطّبري ثم المكي الشافعي [2] .
ولد في محرم سنة ثلاث وعشرين بمكة، وسمع من والده، وعيسى الحجي، والأمين الآق شهري، والوادي آشي، وآخرين. وأجاز له الدّبوسي والحجّار وغيرهما. وقرأ على القطب بن مكرم، وغيرهم، ودخل الهند وحدّث بها، ودرّس في الفقه، وخطب، ثم رجع فولي قضاء بجيلة وما حولها مدة، ومات بالمدينة المنورة.
وفيها عثمان بن فار بن مهنّا بن عيسى أمير آل فضل [3] .
كان شابا، كريما، شجاعا، جميلا، يحب اللهو والخلاعة، ومات شابا. قاله ابن حجر.
وفيها سعد الدّين فضل الله بن إبراهيم بن عبد الله الشّامكاني [4]- نسبة إلى شامكان بالشين قرية بنيسابور- الفقيه الشافعي.
قرأ على القاضي عضد الدّين وغيره، وحدّث عنه ب «شرح مختصر ابن الحاجب» و «المواقف» ، وغير ذلك. وصنّف في الأصول، والعربية، ونظم في العلوم العقلية، وتوفي في جمادى الأولى.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 198) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 202) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 204) وفيه «ابن قارا» و «الدّرر الكامنة» (2/ 447) و «النجوم الزاهرة» (11/ 305) .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 204) .
وفيها بدر الدّين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن شجرة بن محمد التّدمري الأصل الدمشقي [1] الفقيه القاضي المفتي.
اشتغل وتقدم واشتهر، وولي القضاء بمعاملة الشام، وآخر ما ولي قضاء القدس في أيام البلقيني، فشكاه أهل القدس، وجاءت كتب أعيانهم مشحونة بثلبه والحطّ عليه، فعزل، فقدم دمشق وأقام بها يدرّس بالمدرسة الموقوفة عليه وعلى أقاربه.
قال الحافظ شهاب الدّين بن حجي: كان يفتي كثيرا، ويكتب على الفتاوى خطّا حسنا بعبارة حسنة إلّا أنه كان سيء [2] السيرة في قضائه وفتواه، مشهورا بذلك. كان يتحمل للمستفتي حتّى يفتيه بما يوافق غرضه ويأخذ منه جعلا [3] على ذلك. حضر عندي مرّة فأعجبني فهمه واستنباطه في الفقه وغوصه على استخراج المسائل الحوادث من أصولها وردّها إلى القواعد. ثم ذكر ابن حجي كلاما لا أحبّ ذكره.
توفي بدمشق في شهر ربيع الأول ودفن بسفح قاسيون.
وفيها زين الدّين أو علم الدّين محمد بن القاضي تقي الدّين عبد الله ابن الإمام العلّامة زين الدّين محمد بن القاضي علم الدّين عبد الله بن عمر بن مكّي ابن عبد الصّمد بن أبي بكر بن [4] عطية الدمياطي الأصل الدمشقي الشافعي، سبط الشيخ تقي الدّين السّبكي [5] .
مولده سبع وأربعين وسبعمائة، وحضر على جماعة.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 206) و «الدّرر الكامنة» (3/ 403) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 220) .
[2]
لفظة «سيء» سقطت من «آ» .
[3]
أي مكافأة.
[4]
لفظة «ابن» سقطت من «ط» .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 207) و «الدّرر الكامنة» (3/ 482) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 226) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 378) .
قال ابن حجي: سمع من جدّه عدة من مصنّفاته، وله تحقيق، ودرّس بالعذراوية سنة تسع وستين، انتزعها من يد خاله القاضي تاج الدّين، وكان ينوب عنه، وكان من خيار الناس، وأغزر خلق الله مروءة، ما رأينا أحدا أكثر مروءة وتفضلا على أصحابه ومساعدة لمن يقصده، ولا أشدّ تواضعا وأدبا ورئاسة منه.
توفي في شوال ودفن بتربة خاله بسفح قاسيون.
وفيها أبو الحسن محمد بن محمد بن ميمون البلوي- بفتح الموحدة واللام نسبة إلى بلي بن عمرو بن الحارث بن قضاعة- الأندلسي [1] .
قال ابن حجر: تقدم في الفرائض والعربية، وسمع بنفسه بالقاهرة ومصر من ابن أميلة وغيره، ورافقه الشيخ أبو زرعة بن [2] العراقي في السّماع كثيرا.
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 209) و «الدّرر الكامنة» (4/ 232) .
[2]
لفظة «ابن» سقطت من «ط» .