الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسع وعشرين وسبعمائة
فيها توفي العلّامة شيخ الإسلام برهان الدّين إبراهيم بن شيخ الشّافعية تاج الدّين عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري المصري الأصل الشافعي بل شافعيّ الشّام [1] .
ولد في شهر ربيع الأول سنة ستين وستمائة. وسمع الكثير من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، وعدّة، وله مشيخة خرّجها العلائي، وأخذ عن والده، وبرع، وأعاد في حلقته، وأخذ النحو عن عمّه شرف الدّين، ودرّس بالبادرائية بعد وفاة أبيه، وخلفه في إشغال الطلبة والإفتاء، ولازم الإشغال والتّصنيف، وحدّث بالصحيح مرات، وعرض عليه القضاء فامتنع، وباشر الخطابة بعد موت عمّه مدة يسيرة، ثم تركها، وصنّف «التعليقة على التّنبيه» في نحو عشر مجلدات، وله «تعليقة» على مختصر ابن الحاجب في الأصول، وله مصنّفات أخر.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» وقال: انتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه ووجوهه، مع علمه متون الأحكام وعلم الأصول والعربية، وغير ذلك، وسمع الكثير وكتب مسموعاته. وكان يدري علوم الحديث، مع الدّين والورع، وحسن السّمت، والتّواضع.
توفي بالبادرائية في جمادى الأولى ودفن بباب الصغير عند أبيه وعمه.
[1] قلت: ويعرف بابن الفركاح. انظر «ذيول العبر» ص (160- 161) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 312- 313) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 290) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 314- 318) و «الدّرر الكامنة» (1/ 34- 35) .
وفيها مجد الدين أبو الفداء إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن الفرّاء الحرّاني ثم الدمشقي [1] الفقيه الحنبلي، شيخ المذهب.
ولد سنة خمس أو ست وأربعين وستمائة بحرّان. وقدم دمشق مع أهله سنة إحدى وسبعين، فسمع بها الكثير من ابن أبي عمر، وابن الصّيرفي، والكمال عبد الرحيم، وابن البخاري، والإربلي، وابن حامد الصّابوني، وغيرهم.
وطلب بنفسه، وسمع «المسند» والكتب الكبار، وتفقه بالشيخ شمس الدّين ابن أبي عمر وغيره، ولازمه حتّى برع في الفقه.
وتصدّى للإشغال والفتوى مدة طويلة، وانتفع به خلق كثير. مع الدّيانة والتّقوى، وضبط اللسان، والورع في المنطق وغيره واطّراح التكلّف في الملبس وغيره.
قال الطّوفي: كان من أصلح خلق الله وأدينهم، كأنّ على رأسه الطير. وكان عالما بالفقه، والحديث، وأصول الفقه، والفرائض، والجبر، والمقابلة.
وقال الذهبي: كان شيخ الحنابلة.
وقال غيره: يقال: إنه أقرأ «المقنع» مائة مرة.
وكان عديم التكلّف، يحمل حاجته بنفسه، وليس له كلام في غير العلم، ولا يخالط أحدا، وأوقاته محفوظة.
وقال هو: ما وقع في قلبي الترفّع على أحد من الناس، فإني أخبر بنفسي ولست أعرف أحوال الناس.
وقال ابن رجب: كان سريع الدّمعة، سمعت بعض شيوخنا يذكر عنه أنه كان لا يذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم في دروسه إلّا ودموعه جارية، ولا سيما إن ذكر شيئا من الرقائق أو أحاديث الوعيد ونحو ذلك.
[1] انظر «معجم الشيوخ» (1/ 179) و «ذيول العبر» ص (161) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 408- 410) و «الدّرر الكامنة» (1/ 377- 378) و «المقصد الأرشد» (1/ 272- 273) .
وقد قرأ عليه عامة أكابر شيوخنا ومن قبلهم، حتّى الشيخ تقي الدين الزّريرانيّ [1] شيخ العراق وحدّث. وسمع منه جماعة، منهم: الذهبي وغيره.
وتوفي ليلة الأحد تاسع جمادى الأولى بالمدرسة الجوزية، ودفن بمقابر الباب الصّغير.
وفيها الصّاحب الأمجد رئيس الشام عزّ الدّين حمزة بن المؤيد بن القلانسي الدمشقي [2] .
كان محتشما، معظّما، متنعّما. عمل الوزارة وغيرها. وروى عن البرهان، وابن عبد الدائم.
وتوفي في ذي الحجّة عن ثمانين سنة وأشهر. قاله في «العبر» .
وفيها الإمام تقي الدّين أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن أبي البركات بن مكّي بن أحمد الزّريراتيّ [1] ثم البغدادي [3] الحنبلي فقيه العراق ومفتى الآفاق.
ولد في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وستمائة.
وحفظ القرآن وله سبع سنين، وسمع الحديث من إسماعيل بن الطبّال وخلائق.
وتفقه ببغداد على جماعة، منهم: الشيخ مفيد الدّين الحربي وغيره، ثم ارتحل إلى دمشق، فقرأ بها المذهب على الشيخ زين الدّين بن المنجّى، والشيخ مجد الدّين الحرّاني، ثم عاد إلى بلده.
وبرع في الفقه وأصوله، ومعرفة المذهب، والخلاف، والفرائض، ومتعلقاتها.
[1] تحرفت في «آ» و «ط» في الموضعين إلى «الذريراتي» بالذال والتصحيح من «ذيل طبقات الحنابلة» و «المقصد الأرشد» كما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل. انظر ص (132) من هذا المجلد.
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (163) و «النجوم الزاهرة» (9/ 280) و «الدّرر الكامنة» (2/ 75- 76) .
[3]
انظر «ذيل طبقات الحنابلة» 2/ 410- 412) و «الدّرر الكامنة» (2/ 289- 290) و «المقصد الأرشد» (2/ 55- 56) .
وكان عارفا بأصول الدّين، وبالحديث، وبأسماء الرجال، والتواريخ، وباللغة، والعربية، وغير ذلك، وانتهت إليه معرفة الفقه بالعراق.
وكان يحفظ «الهداية» و «الخرقي» وذكر أنه طالع «المغني» للشيخ موفق الدّين ثلاثا وعشرين مرة، وكان يستحضر أكثره، وعلّق عليه حواشي وفوائد.
قال ابن رجب: انتهت إليه رئاسة العلم ببغداد من غير مدافع، وأقرّ له الموافق والمخالف، وكان الفقهاء من سائر الطوائف يجتمعون به، ويستفيدون منه في مذاهبهم، ويتأدّبون معه، ويرجعون إلى قوله، ويردّهم عن فتاويهم، فيذعنون له، ويرجعون إلى ما يقوله، حتّى ابن المطهّر شيخ الشيعة، كان الشيخ يبيّن له خطأه في نقله لمذهب الشيعة فيذعن له.
ويوم وفاته قال الشيخ شهاب الدّين عبد الرحمن بن عسكر شيخ المالكية:
لم يبق ببغداد من يراجع في علوم الدّين مثله.
وقرأ عليه جماعة من الفقهاء، وتخرّج به أئمة، وأجاز لجماعة، وولي القضاء.
توفي ببغداد ليلة الجمعة ثاني عشري جمادى الأولى ودفن بمقابر الإمام أحمد قريبا من القاضي أبي يعلى، رحمهم الله تعالى.
وفي حدودها نجم الدّين أبو الفضل إسحاق بن أبي بكر بن ألمى بن أطز [1] التّركي ثم المصري [2] الفقيه الحنبلي المحدّث الأديب الشاعر.
ولد سنة سبعين وستمائة [3] . وسمع بمصر من الأبرقوهي، ورحل، وسمع بالإسكندرية من القرافي، وبدمشق من أبي الفوارس. وإسماعيل بن الفرّاء، وبحلب من سنقر الزّيني، وتفقه. وقال الشعر الحسن، وسمع منه الحافظ الذهبي
[1] في «ط» : «أطر» .
[2]
انظر «معجم الشيوخ» (1/ 170) و «ذيل طبقات الحنابلة» (2/ 414- 415) و «الدّرر الكامنة» (1/ 357) و «الوافي بالوفيات» (8/ 405) .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «سبعمائة» .
بحلب، ثم دخل العراق بعد السبعمائة، وتنقّل في البلاد، وسكن أذربيجان، ولم تكن سيرته هناك مشكورة، وبقي إلى حدود هذه السنة ولم تتحقق سنة وفاته، وليس له في الزّهد والعلم مشبه سوى الحسن البصري، وابن المسيّب. قاله ابن رجب.
وفيها قاضي القضاة علاء الدّين علي بن إسماعيل بن يوسف القونوي الشافعي [1] قاضي القضاة، وشيخ الشيوخ، فريد العصر.
ولد بمدينة قونوة [2] سنة ثمان وستين وستمائة. واشتغل هناك، وقدم دمشق في أول سنة ثلاث وتسعين فازداد بها اشتغالا، وسمع الحديث من جماعة، وتصدر للإشغال بالجامع، ودرّس بالإقبالية، ثم تحوّل سنة سبعمائة إلى مصر، وسمع بها من جماعة، ولازم ابن دقيق العيد، وأثنى عليه ثناء بالغا، مع شدة احترازه في الألفاظ، وتولى بالقاهرة تدريس الشّريفية، ومشيخة الميعاد بالجامع الطولوني، وولي مشيخة الشيوخ في سنة عشر وسبعمائة، وانتصب للاشغال، وازدحم عليه الناس إلى أن تخرّج به خلق كثير. وصنّف شرحه المشهور على «الحاوي» وصنّف مصنّفا في «حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في قبورهم» .
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» [3] فقال: قدم علينا دمشق في أوائل سنة ثلاث وتسعين، فحضر المدارس وبهرت فضائله، ودرّس وأفتى، وأعاد [4] وأفاد، وبرع في عدة علوم، وتخرّج به أئمة. مع الوقار، والورع، وحسن السّمت، ولطف المحاورة، وجميل الأخلاق. قلّ أن ترى العيون مثله.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (162) و «الإعلام بوفيات الأعلام» ص (308) و «النجوم الزاهرة» (9/ 279) و «طبقات الشافعية الكبرى» (10/ 132- 136) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (2/ 334- 336) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 356- 359) و «الدّرر الكامنة» (1/ 24- 28) .
[2]
كذا في «آ» و «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف: «قونوة» ولعلها «قونية» التي تقع في الجنوب الأوسط من تركية المعاصرة.
[3]
لم أجد ترجمته في «المعجم المختص» المطبوع الذي بين أيدينا فلعل ترجمته قد سقطت منه، والله أعلم.
[4]
في «ط» : «وأعادوا» وهو خطأ.
وذكر له تلميذه الشيخ جمال الدّين الإسنوي ترجمة حسنة، وقال: كان أجمع من رأيناه للعوم، مع الاتّساع فيها، خصوصا العلوم العقلية واللّغوية، لا يشار بها إلّا إليه، ولا يحال فيها إلّا عليه، وولي القضاء بدمشق ومشيخة الشيوخ، وباشر على النّمط الذي كان عليه بالدّيار المصرية، مع الحرمة، والنّزاهة، والإشغال، والتّحديث، إلى أن توفي بدمشق في ذي القعدة، ودفن بجبل قاسيون.
وفيها الصّدر نجم الدّين علي بن محمد بن هلال الأزدي [1] .
حدّث عن ابن البرهان، والقاضي صدر الدّين بن سني الدولة، والزّين خالد والكرماني.
وطلب وحصّل الأصول، وولي نظر الأيتام، وكان تامّ الشكل حسن البزّة، ذا كرم وتحمّل.
ومات بدمشق في ربيع الآخر عن ثمانين سنة.
وفيها القاضي نجم الدّين أبو عبد الله محمد بن عقيل بن أبي الحسن بن عقيل البالسي ثم المصري [2] الشافعي شارح «التنبيه» .
ولد سنة ستين وستمائة، وسمع بدمشق من جماعة، واشتغل وفضل، ثم دخل القاهرة، وسمع من ابن دقيق العيد، ولازمه، وناب في الحكم بمصر، ودرّس بالمعزّية والطّبيبرسية، وكان قويّ النّفس، كثير الإيثار مع التقلل، وانتفع به طلبة مصر، ودارت عليه الفتيا بها.
قال الذهبي: كان إماما زاهدا.
وقال السبكي في «الطبقات الكبرى» : شارح «التنبيه» ، واختصر «كتاب الترمذي» في الحديث، وكان أحد أعيان الشافعية. ديّنا وورعا.
[1] انظر «المعجم المختص» ص (170- 171) و «ذيول العبر» ص (160) و «الدّرر الكامنة» (3/ 114- 115) .
[2]
انظر «ذيول العبر» ص (159- 160) و «النجوم الزاهرة» (9/ 280) و «طبقات الشافعية الكبرى» (9/ 252) و «طبقات الشافعية» للإسنوي (1/ 290- 291) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 381- 383) و «الوافي بالوفيات» (4/ 98) و «الدّرر الكامنة» (4/ 50) .
وقال الإسنوي: كان له في التّقوى سابقة قدم، وفي الورع رسوخ قدم، وفي العلم آثار هي أوضح للسّارين من نار على علم.
كان فقيها، محدّثا، ورعا، قوّاما في الحقّ.
توفي في المحرم بالقاهرة ودفن بالقرافة الصّغرى.
وفيها بدر الدّين أبو اليسر محمد بن محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق بن خليل بن مقلد بن جابر الأنصاري الدمشقي الإمام الزاهد ابن قاضي القضاة عز الدّين المعروف بابن الصائغ الشافعي [1] .
مولده في المحرّم سنة ست وسبعين وستمائة، وقرأ «التنبيه» ولازم الشيخ برهان الدّين الفزاري زمانا، وسمع الكثير، وحدّث، وسمع منه البرزالي، وخرّج له جزءا [2] من حديثه، وحدّث به، ودرّس بالعمادية والدماغية.
وجاءه التقليد بقضاء القضاة في سنة سبع وعشرين فامتنع، وأصرّ على الامتناع فأعفي.
ثم ولي خطابة القدس، ثم تركها.
قال الذهبي: الإمام، القدوة، العابد. كان مقتصدا في أموره، كثير المحاسن، حجّ غير مرّة.
وقال ابن رافع: كان على طريقة حميدة، وعنده عبادة واجتماع وملازمة للصلحاء والأخيار، وإعراض عن المناصب. وكان معظّما، مبجّلا، وقورا.
توفي بدمشق في جمادى الأولى، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون.
وفيها العلّامة ناظر الجيش معين الدّين هبة الله بن مسعود بن حشيش [3] .
[1] انظر «المعجم المختص» ص (261- 262) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (2/ 388- 389) و «الدارس في تاريخ المدارس» (1/ 238) .
[2]
في «آ» و «ط» : «أجزاء» والتصحيح من «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف.
[3]
انظر «المعجم المختص» ص (292- 293) و «ذيول العبر» ص (162) و «النجوم الزاهرة (9/ 280) و «الدّرر الكامنة» (5/ 177) .
روى عن ابن البخاري وغيره، وله نظم ونثر، وقوة أدوات.
توفي بمصر عن ثلاث وستين سنة.
وفيها المسند المعمّر فتح الدّين يونس بن إبراهيم بن عبد القوي الكناني العسقلاني ثم المصري الدّبابيسي [1] .
كان آخر من روى عن ابن المقيّر بالسماع وبالإجازة، وعن المخيل، وحمزة بن أوس، وظافر بن شحم، وعدة، وتفرّد، وروى الكثير، وكان عاقلا منورا.
توفي بمصر في جمادى الأولى وقد جاوز التسعين بيسير.
[1] انظر «ذيول العبر» ص (161- 162) و «الدّرر الكامنة» (4/ 484) .