الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة تسعين وسبعمائة
فيها أصاب الحاجّ [1] في رجوعهم في [2] ليلة تاسع المحرم عند ثغرة [3] حامد سيل عظيم، مات منه عدد كثير، عرف [4] منهم مائة وسبعة وثلاثين نفسا، وأما من لم يعرف فكثير جدا [5] .
وفيها- كما قال ابن حجر-: هبّت ريح عظيمة بمصر وتراب شديد إلى أن كاد يعمي المارة في الطرقات، وكان ذلك صبيحة المولد الذي يعمله الشيخ إسماعيل بن يوسف الأنبابي فيجتمع فيه من الخلق من لا يحصى عددهم، بحيث إنه وجد في صبيحته مائة وخمسين جرّة من جرار الخمر فارغات، إلى ما كان في تلك الليلة من الفساد، من الزنا، واللواط، والتجاهر بذلك، فأمر الشيخ إسماعيل بإبطال المولد بعد ذلك فيما يقال، ومات في سلخ شعبان. وكان نشأ على طريقة حسنة، واشتغل بالعلم، وانقطع بزاويته، وصار يعمل عنده المولد كما يعمل بطنتدا، ويحصل فيه من المفاسد والقبائح ما لا يعبّر عنه. انتهى.
وفيها توفي برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم بن الخطيب زين الدّين أبي محمد عبد الرحيم بن قاضي مصر والشام بدر الدّين محمد بن جماعة الكناني الحموي الأصل المقدسي الشافعي [6] ، قاضي مصر والشام، وخطيب الخطباء، وشيخ الشيوخ، وكبير طائفة الفقهاء، وبقية رؤساء الزّمان.
[1] في «ط» : «الحجّاج» .
[2]
سقطت لفظة «في» من «ط» .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «ثغر» .
[4]
في «آ» : «غرق» وفي «ط» : «أغرق» والتصحيح من «إنباء الغمر» مصدر المؤلّف.
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 278) .
[6]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 292) و «الدّرر الكامنة» (1/ 38) و «النجوم الزاهرة» (11/ 314) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 188) .
ولد بمصر في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين، وقدم دمشق صغيرا، فنشأ عند أقاربه بالمزّة، وأحضر على جدّه، وسمع من أبيه وعمّه، وطلب الحديث بنفسه وهو صغير في حدود الأربعين، وسمع من شيوخ مصر والشام، ولازم المزّي، والذهبي، وأثني على فضائله، وحصّل الأجزاء، وتخرّج على الشيوخ، واشتغل في فنون العلم، وتوفي والده سنة تسع وثلاثين وهو صغير، فكتبت خطابة القدس باسمه، واستنيب له، ثم باشر بنفسه وهو صغير، وانقطع ببيت المقدس، ثم أضيف إليه تدريس الصّلاحية [1] بعد وفاة العلائي، ثم خطب إلى قضاء الدّيار المصرية بعد عزل أبي البقاء في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وباشره بنزاهة وعفّة ومهابة وحرمة، وعزل نفسه، فسأله السلطان وترضّاه حتّى عاد، واستمرّ إلى أن عزل نفسه ثانيا في شعبان سنة سبع وسبعين، وعاد إلى القدس على وظائفه، ثم سئل في العود إلى القضاء [2] فأعيد في صفر سنة إحدى وثمانين، فباشرها ثلاث سنين إلى أن عزل نفسه في صفر سنة أربع وثمانين، وعاد إلى القدس، ثم خطب إلى قضاء دمشق والخطابة بعد موت القاضي ولي الدّين في ذي القعدة سنة خمس وثمانين، ثم أضيف إلى مشيخة الشيوخ بعد سنة من ولايته، وقام في أمور كبار تمّت له.
قال الحافظ ابن حجر: عزل نفسه في أثناء ولايته غير مرّة ثم يسأل ويعاد، وكان محببا إلى الناس [3] ، وإليه انتهت رئاسة العلماء في زمانه، فم يكن أحد يدانيه في سعة الصّدر، وكثرة البذل، وقيامة الحرمة، والصّدع بالحقّ، وقمع أهل الفساد، مع المشاركة الجيدة في العلوم، واقتنى من الكتب النّفيسة بخطوط مصنّفيها وغيرهم ما لم يتهيأ لغيره. انتهى.
وجمع «تفسيرا» في عشر مجلدات، وفيه غرائب وفوائد، وتوفي شبه الفجأة في شعبان ودفن بتربة أقاربه بني الرّحبي بالمزّة.
[1] تحرفت في «ط» إلى «الصالحية» .
[2]
كذا في «ط» و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة مصدر المؤلف: «فأعيد» وفي «آ» :
«فعاد» .
[3]
تحرفت في «ط» إلى «أناس» .
وفيها جمال الدّين أحمد بن محمد [1] بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى بن أبي المجد اللّخمي الأسيوطي [2] ثم المكّي [3] .
ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة، وتفقه للشافعي بالزّملكوني، والتاج التّبريزي، والكمال النّسائي، ولازم الشيخ جمال الدّين الإسنوي، وصحب شهاب الدّين بن الميلق، وأخذ عنه في الأصول والتصوف، وسمع «صحيح البخاري» من الحجّار، وسمع «مسلم» من الواني، وحدّث عنهما وعن الدّبوسي ونحوه بالكثير، وسمع بدمشق من الرّضي، والمزّي، وجماعة، ومهر في الفنون، وناب في الحكم، ثم جاور بمكّة مدة طويلة من سنة سبعين وتصدى [4] للتدريس والتحديث، وجمع بين «الشرح الكبير» و «الروضة» و «التهذيب» بيّض نصف الكتاب في سبع مجلدات، وله «شرح بانت سعاد» .
وتوفي بمكة في ثالث رجب.
وفيها شهاب الدّين أبو العبّاس أحمد بن شمس الدّين أبي عبد الله محمد بن القاضي نجم الدّين أبي حفص عمر بن محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن ذؤيب بن مشرف الأسدي الشافعي، المعروف بابن قاضي شهبة [5] ، وهو والد صاحب «طبقات الشافعية» .
قال ولده: مولده في رجب سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وحفظ «التنبيه» وغيره، واشتغل على والده وأهل طبقته، وأذن له والده بالإفتاء، واشتغل في الفرائض، ومهر فيها، وصنّف فيها مصنّفا، ودرّس وأعار [6] ، وجلس للاشتغال
[1] تنبيه: كذا في «آ» و «ط» : «أحمد بن محمد
…
» والذي في مصادر الترجمة: «إبراهيم بن محمد
…
» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 294) و «الدّرر الكامنة» (1/ 60) و «النجوم الزاهرة» (11/ 315) .
[3]
في مصادر الترجمة: «الأميوطي» .
[4]
كذا في «آ» و «إنباء الغمر» مصدر المؤلّف: «وتصدى» وفي «ط» : «وتصدر» .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 296) و «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (3/ 200) و «معجم المؤلفين» (2/ 140) .
[6]
في «ط» : «وأعار» وهو خطأ.
بالجامع الأموي مدة، وكان كريم النّفس جدا، كثير الإحسان إلى الطلبة والفقهاء والغرباء، وإلى أقاربه وذوي رحمه، ولم يكن ببلده في طائفته أكرم منه ومن الشيخ نجم الدّين بن الجابي.
توفي في ذي القعدة ودفن بالباب الصغير بمقبرة والده، رحمهما الله تعالى. انتهى.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن محمد بن غازي بن حاتم [1] التركماني المعروف بابن الحجازي [2] .
ولد سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وحضر على أبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم وغيره، وأجاز له ابن المهتار، وست الوزراء، وغيرهما، وهو جدّ أبيه لأمّه، وطلب بنفسه بعد الثلاثين، وسمع من جماعة، وأجاز له جماعة، وكان فاضلا مشاركا. أقرأ الناس القراءات، ومات في رجب.
وفيها شجاع الدّين أبو بكر بن محمد بن قاسم السّنجاري الحنبلي [3] ، نزيل بغداد، الشيخ الإمام المحدّث.
كان فاضلا، مسندا، حدّث بالكثير، فمن ذلك «جامع المسانيد» و «مسند الشافعي» و «رموز الكنوز» في التفسير للرّسعني، و «كتاب التّوابين» لشيخ الإسلام موفق الدّين بن قدامة [4] ، وحدّث عنه الشيخ نصر الله البغدادي، وولده قاضي القضاة محبّ الدّين، وتوفي عن ثمانين سنة.
[1] تصحفت في «آ» إلى «جانم» وفي «ط» إلى «جاثم» والتصحيح من «إنباء الغمر» مصدر المؤلف.
[2]
انظر «إنباء الغمر» (1/ 127) و «غاية النهاية» (1/ 127) وقال في آخر ترجمته فيه: «ومات سنة إحدى وثمانين وسبعمائة فيما أحسب، ودفن في السفح» .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 298) و «الدّرر الكامنة» (1/ 460) و «المقصد الأرشد» (3/ 153- 154) و «السحب الوابلة» ص (134) .
[4]
المطبوع بتحقيق والدي الأستاذ المحدّث الشيخ عبد القادر الأرناؤوط حفظه الله.
وفيها عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان النيسابوري الأصل ثم المكّي، المعروف بالنّشاوري [1][2] .
ولد سنة خمس وسبعمائة، وقيل قبل ذلك، وسمع من الرّضي الطّبري، وأجاز له أخوه الصّفي، وحدّث بالكثير.
قال ابن حجر العسقلاني: سمعت عليه «صحيح البخاري» بمكة، وتفرّد عن الرّضي بسماع «الثقفيات» وقد حضر إلى القاهرة في أواخر عمره، وحدّث، ثم رجع إلى مكّة، وتغيّر قليلا، ومات بها في ذي الحجّة.
وفيها عبد الواحد بن عبد الله المغربي، المعروف بابن اللّوز [3] .
كان فاضلا، ماهرا في الطب والهيئة وغير ذلك، مات في شوال. قاله ابن حجر.
وفيها العلاء علاء الدّين بن أحمد بن محمد بن أحمد السّيرامي- بمهملة مكسورة بعدها تحتانية ساكنة [4]-.
قال في «إنباء الغمر» : كان من كبار العلماء في المعقولات، قدم من البلاد الشرقية بعد أن درّس في تلك البلاد، فأقام في ماردين مدة، ثم فارقها لزيارة القدس، فلزمه أهل حلب للإفادة، وبلغ خبره الملك الظّاهر، فاستدعى به فقرّره شيخا ومدرّسا بمدرسته التي أنشأها بين القصرين، وأفاد النّاس في علوم عديدة، وكان إليه المنتهى في فعل المعاني والبيان، وكان متودّدا إلى الناس، محسنا إلى الطّلبة، قائما في مصالحهم، لا يلوي بشره عن أحد، مع الدّين المتين والعبادة الدائمة.
مات في ثالث جمادى الأولى، وكانت جنازته حافلة، وقد جاوز السبعين.
انتهى.
[1] في «آ» و «ط» : «المعروف بالشاوري» والتصحيح من «إنباء الغمر» و «الدّرر» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 300) و «الدّرر الكامنة» (2/ 300- 301) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 302) .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 302) و «الدّرر الكامنة» (1/ 307) و «النجوم الزاهرة» (1/ 316) .
وفيها شمس الدّين محمد بن إبراهيم بن يعقوب، شيخ الوضوء، الشافعي [1] .
كان يقرئ بالسبع، ويشارك في الفضائل، وقيل له: شيخ الوضوء لأنه كان يطوف على المطاهر فيعلّم العامة الوضوء [2] .
قال ابن حجي: قدم من صفد، وسمع على السّادجي أحد أصحاب الفخر، وتفقه بوالدي وغيره، وأذن له ابن الخطيب يبرود في الإفتاء، وكان التّاج السّبكي يثني عليه ويسلك مع ذلك طريق التصوف، ودخل القاهرة واجتمع بالسلطان، ورتّب له راتبا على المارستان المنصوري، وكان حسن الفهم، جيد المناظرة، يعتقد ابن عربي، وأقام بالقاهرة تسع سنين، وتوفي في جمادى الآخرة وقد جاوز السبعين. انتهى.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن المنبجي الأسمري [3] ، خطيب المزّة. سمع الكثير من التّقي سليمان، ووزيره، وابن مكتوم، وغيرهم، وتفرّد بأشياء، وأكثروا عنه، وهو آخر من حدّث عن ابن مكتوم ب «الموطأ» ، وعن وزيره ب «مسند الشافعي» وولي بأخرة قضاء الزّبداني، وتوفي في ذي القعدة عن ست وثمانين سنة.
وفيها بدر الدّين محمد بن إسماعيل الإربلي بن الكحّال [4] .
[1] انظر «إنباء الغمر» (2/ 305) .
[2]
قلت: وكم تمنيت أن يفعل ذلك الخطباء وأئمة المساجد في أيامنا، فترى الكلام في الدّروس والخطب يدور حول كل شيء فيما عدا الطهارة. ولقد اطلعت على الكثير الكثير من جهل العامة بأمور الطهارة. فمن ذلك أروي هذه القصة: سألني أحد العامة وهو في حدود الخمسين عن غسل الجنابة وهو لا يدري إلى الآن كيف يغتسل من الجنابة وهل يغني غسل الجنابة عن الوضوء. ولما قلت له: إن الوضوء هو مفتاح غسل الجنابة بعد غسل العورة وإزالة أثر الجنابة، وأن غسل القدمين هو ختام غسل الجنابة. قال لي: هذه أول مرة أسمع فيها كيفية غسل الجنابة، وأنا من حوالي ثلاثين عاما أغتسل غسلا عاديا، ثم أتوضأ وبعدها أصلّي، فليت الخطباء بشكل خاص يعيرون أمور الطهارة اهتمامهم فينتج عن ذلك فوائد عظيمة للمجتمع والأمة بشكل عام، والله الموفق لكل خير.
[3]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 306) و «الدّرر الكامنة» (3/ 323) .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 306) .
قال ابن حجر: عني بالفقه والأصول، وكان جيد الفهم، فقيرا، ذا عيال، وهو مع ذلك راض قانع، جاوز الأربعين [1] . انتهى.
وفيها عزّ الدّين أبو اليمن محمد بن عبد اللطيف بن محمود بن أحمد الرّبعي بن الكويك [2] .
أصله من تكريت، ثم سكن سلفه الإسكندرية، وكانوا تجارا بها [3] .
وسمع بالإسكندرية من العتبي، ووجيهة بنت الصّعيدي، وبدر الدّين بن جماعة، وعلي بن قريش، وأبي حيّان، وغيرهم. وكان رئيسا، مسموع الكلمة عند القضاة.
توفي في جمادى الأولى عن خمس وسبعين سنة.
[1] كذا في «آ» و «إنباء الغمر» : «جاوز الأربعين» وفي «ط» : «جاوز السبعين» .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (2/ 307) و «النجوم الزاهرة» (11/ 318) .
[3]
لفظة «بها» سقطت من «آ» .