الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة
في صفرها أخرج برقوق الملك الظّاهر من السّجن وعاد إلى ملكه، فاستمرّ إلى أن مات سنة إحدى وثمانمائة في شوالها كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وفيها توفي القاضي شهاب الدّين أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن محمد بن علي بن عليّان بن هاشم بن مرزوق المخزومي المكّي الشافعي القرشي [1] .
قال ابن أخيه القاضي جمال الدّين في معجم شيوخه الذي سمّاه «إرشاد الطالبين إلى شيوخ ابن ظهيرة جمال الدّين» ما لفظه: أبو العبّاس شهاب الدّين أحمد بن ظهير الدّين ظهيرة عمّي الإمام الفقيه المفتي.
ولد بمكة في شهور سنة ثماني عشرة وسبعمائة، وسمع بها من القاضي نجم الدّين محمد [بن الجمال][2] بن المحبّ الطّبري، وأخيه الزّين محمد، وأحمد بن الرّضي الطّبري، والأمين الأقشهري، والجمال محمد بن أحمد بن خلف المطري، وعيسى بن عبد العزيز الحجي. سمع منه «صحيح البخاري» في آخرين، وتفقه على جماعة، منهم: العلّامة نجم الدّين الأصفوني وبه تخرّج، وأخذ الحساب والفرائض، وأخذ الأصول عن العلّامة جمال الدّين
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 53) و «الدّرر الكامنة» (1/ 143) و «العقد الثمين» (3/ 52) .
[2]
ما بين سقط من «آ» .
عبد الرحيم الإسنوي، وقرأ بالروايات على أبي إسحاق إبراهيم بن مسعود المروزي وغيره، وأذن له الحافظ أبو سعيد بن العلائي وغيره بالإفتاء، وتصدّر للاشتغال بالمسجد الحرام فانتفع به جماعة، وناب في الحكم عن القاضيين تقي الدّين وكمال الدّين، ثم ولي قضاء مكّة وخطابتها بعد موت شيخنا القاضي أبي الفضل، ثم عزل عن ذلك سنة ثمان وثمانين، فلازم شغل الطلبة بالحرم الشريف إلى أن توفي ليلة السبت ثالث عشري ربيع الأول وصلّي عليه من الغد بالمسجد الحرام ودفن بالمعلاة.
وفيها شهاب الدّين أحمد بن موسى بن علي بن الحداد الزّبيدي [1] الحنفي الفرضي [2] .
كان عارفا بالفرائض فاضلا.
مات بزبيد في ذي الحجة. قاله ابن حجر.
وفيها شرف الدّين إسماعيل بن حاجي الفروي [3]- بفتح الفاء وسكون الراء نسبة إلى فروة جد- الفقيه الشافعي [4] .
كان أحد علماء بغداد، ثم قدم دمشق في حدود السبعين فأفاد بها في الجامع وغيره، ودرّس بالعينية وغيرها، وكان ديّنا، خيّرا، تصدّق بما يملكه في مرض موته، ومات في صفر.
وفيها سرحان بن عبد الله الفقيه المالكي [5] .
قال ابن حجر: كان عارفا بمذهبه.
مات في ذي الحجّة بالقاهرة، وكان أكولا مشهورا بذلك.
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 37) و «الدّرر الكامنة» (1/ 322) .
[2]
اللفظة مستدركة من هامش «آ» .
[3]
بعدا في هامش «آ» الشافعي وسترد بعد.
[4]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 38) و «الدّرر الكامنة» (1/ 365) .
[5]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 39) .
وفيها عبد المؤمن بن أحمد بن عثمان المارداني ثم الدمشقي الشافعي [1] .
قدم دمشق، فاشتغل ومهر، واستنابه التاج السّبكي في إمامة الجامع والخطابة، واستمرّ ينوب في ذلك إلى أن مات.
وكان ديّنا، خيّرا، ملازما للجامع، يشغل الطلبة.
مات في ربيع الآخر.
وفيها علاء الدّين علي بن خلف بن خليل بن عطاء الله الشافعي الغزّي [2] ، قاضي غزّة.
مولده سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وهو أخو القاضي شمس الدّين الغزّي، وأسنّ منه.
قال الحافظ ابن حجي: كان له قديم اشتغال بدمشق، وسمع من ابن الشّحنة، وجماعة، أجاز لي ولم أسمع منه. انتهى.
وقال ابن قاضي شهبة: بلغني أن أخاه والشيخ عماد الدّين الحسباني قرءا عليه في أول أمرهما وأنه اجتمع بالشّيخ سراج الدّين البلقيني فسأله عن شيء يمتحنه به، فقال: تمتحنني وأنا لي تلميذان أفتخر بهما على الناس أخي والحسباني [3] .
وولي قضاء غزّة مدة، ثم عزل بسبب سوء سيرة أولاده، وأقام مدة بقرن الحارة منقطعا إلى العبادة ورأيت آخرا بخطّه «مختصر تاريخ الإسلام» للذهبي، وبلغني أنه اختصر «التاريخ» جميعه.
توفي في ربيع الآخر أو جمادى الأولى بغزّة. انتهى.
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 39) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 40) و «الدّرر الكامنة» (3/ 46) و «طبقات ابن قاضي شهبة» (3/ 211) و «معجم المؤلفين» (7/ 86) .
[3]
في «ط» : «الحسباني وأخر» .
وفيها زين الدّين أبو حفص عمر بن مسلم بن سعيد بن عمر بن بدر بن مسلم الكتّاني [1]- بتشديد الفوقية وبالنون- القرشي الملحي الدمشقي الإمام الفقيه الشافعي المحدّث المفسّر الواعظ.
قال ابن قاضي شهبة: ولد في شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وورد دمشق بعد الأربعين، واشتغل بالفقه [2] على خطيب جامع جرّاح شرف الدّين قاسم، وأخذ عن الشيخ علاء الدّين حجّي [3] ، وأخذ الأصول عن البهاء الإخميمي، واشتغل في الحديث، وشرع في عمل المواعيد، وكان يعمل مواعيد نافعة تفيد الخاصة والعامة، وانتفع به خلق كثير من العوام، وصار لديهم فضيلة، وأفتى، وتصدّر للإفادة، ودرّس بالمسرورية ثم بالناصرية، ووقع بينه وبين ابن جماعة بسببها وحصل له محنة، ثم عوض عنها بالأتابكيّة، ثم أخذت عنه فلما ولي ولده قضاء دمشق في سنة إحدى وتسعين ترك له الخطابة وتدريس النّاصرية والأتابكية، ثم فوض إليه دار الحديث الأشرفية، فلما عادت دولة الظاهر أخذ واعتقل مع ابنه بالقلعة، وجرت لهما محن، وطلب منهما أموال، فرهن الشيخ كثيرا من كتبه على المبلغ الذي طلب منهما.
قال الحافظ ابن حجّي: برع في علم التفسير، وأما علم الحديث، فكان حافظا للمتون، عارفا بالرجال، وكان سمع الكثير من شيوخنا، وله مشاركة في العربية. انتهى.
وكان مشهورا بقوة الحفظ ودوامه، إذا حفظ شيئا لا ينساه، شجاعا مقداما، كثير المساعدة لطلبة العلم، يقول الحقّ على من كان من غير مداراة في الحق ولا محاباة، وملك من نفائس الكتب شيئا كثيرا، وكان كثير العمل والاشتغال لا يملّ، ولم يزل حاله على أحسن نظام إلى أن قدّر الله عليه ما قدّر
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 42) و «الدّرر الكامنة» (3/ 194) وفيهما: «عمر بن مسلّم» و «تاريخ ابن قاضي شهبة» (3/ 359- 360) .
[2]
في «ط» : «في الفقه» .
[3]
في «ط» : «علاء الدّين بن حجي» .
فتوفي معتقلا بقلعة دمشق في ذي الحجّة ودفن بالقبيبات وحضر جنازته من لا يحصى كثرة.
وفيها شمس الدّين محمد بن أحمد بن علي المصري [1] ، المعروف بالرفاء.
قال ابن حجر: عني بالعلم قليلا، وسمع الحديث فأكثر، وسمع العالي والنازل، وجاور كثيرا فكان يلقّب حمامة الحرم، وكان يسكن الناصرية بين القصرين، صحبته قليلا، ومات في جمادى الأولى.
وفيها فخر الدّين محمد بن مجد الدّين أحمد بن عمر بن عبد الكريم بن محبوب سبط شرف الدّين ابن الحافظ [2] .
سمع من يحيى بن سعيد، وابن الشّحنة، والتقيّ ابن تيميّة، وغيرهم.
وكان مكثرا من الحديث، وقد تفقّه على جدّه وأذن له في الإفتاء، وكان فاضلا، ذكيا، يتعانى كل شيء يراه حتّى الخياطة والنجارة والبناء والموسيقى، مع حسن الشكالة ولطف المعاشرة، ورقّة النّظم.
مات في ربيع الأول عن ثمان وثمانين سنة.
وفيها محمد بن إسماعيل الأفلاقي [3]- نسبة إلى أفلاق قرية بالقرب من دمنهور- المالكي. كان فاضلا ينظم الشعر نظما وسطا.
توفي في سادس جمادى الأولى.
وفيها جمال الدّين محمد بن عبد الله بن عبد الله بن أبي بكر الحثيثي- بمهملة ومثلثتين مصغرا- الصّرد في الرّيمي- بفتح الراء بعدها تحتانية ساكنة نسبة إلى ريمة ناحية باليمن- الشافعي [4] . اشتغل في العلم [5] ، وتقدم في الفقه،
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 45) و «الدّرر الكامنة» (3/ 341) و «النجوم الزاهرة» (12/ 122) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 45) و «الدّرر الكامنة» (3/ 345) .
[3]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 46) و «النجوم الزاهرة» (12/ 122) .
[4]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 47) و «الدّرر الكامنة» (3/ 486) و «الأعلام» (6/ 236) .
[5]
في «ط» : «بالعلم» .
فكانت إليه الرحلة في زمانه. وصنّف التصانيف النافعة منها «شرح التّنبيه» في أربعة وعشرين سفرا، أثابه الملك الأشرف على إهدائه إليه أربعة وعشرين ألف دينار ببلادهم، يكون قدرها ببلادنا أربعة آلاف دينار، وله «المعاني الشريفة» و «بغية الناسك في المناسك» و «خلاصة الخواطر» وغير ذلك.
ولّي قضاء الأقضية بزبيد دهرا.
قال ابن حجر: قال لي الجمال المصري: كان الرّيمي كثير الازدراء بالنّووي، فرأيت لسانه في مرض موته قد اندلع [1] واسودّ، فجاءت هرة فخطفته فكان ذلك آية للناظرين. انتهى. توفي في أوائل المحرم، وقيل: في أول صفر بزبيد قاضيا بها.
وفيها شمس الدّين أبو [2] عبد الله محمد بن سليمان الصّرخدي [3] الشافعي الإمام العلّامة المصنّف الجامع بين أشتات العلوم.
أخذ [4] العلوم عن مشايخها، وممن أخذ عنه شمس الدّين بن قاضي شهبة، والعماد الحسباني. وكان أجمع أهل البلد لفنون العلم. أفتى ودرّس، وأشغل وصنّف، غير أن لسانه كان قاصرا، وقلمه أحسن من لسانه، وكان حظّه من الدنيا قليلا، لم يحصل له شيء من المناصب، وإنما درّس بالتقوية والكلّاسة نيابة له، وتصدّر بالجامع، وكان ينصر مذهب الأشعري كثيرا ويعادي الحنابلة، وصنّف «شرح المختصر» ثلاثة أجزاء، واختصر «إعراب» السفاقسي. واعترض عليه [5] في مواضع، واختصر «قواعد العلائي» و «التمهيد» للإسنوي واعترض عليهما في مواضع، واختصر «المهمات» وله غير ذلك. وكتب الكثير بخطّه
[1] في «ط» : «انزلع» وهو تحريف. واندلع اللسان: خرج. «القاموس المحيط» (دلع) .
[2]
في «آ» : «ابن» وهو تحريف.
[3]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 48) وفيه: «محمد بن عبد الله» ، و «الدّرر الكامنة» (3/ 449) .
[4]
لفظة «أخذ» سقطت من «آ» .
[5]
في «ط» : «عليهما» وهو تحريف.
واحترق غالب مصنّفاته في الفتنة قبل تبييضها. وكان فقيرا ذا عيال.
توفي في ذي القعدة ودفن بباب الصغير بالقرب من معاوية رضي الله تعالى عنه.
وفيها صدر الدّين محمد بن علاء الدّين علي بن محمد بن محمد بن أبي العزّ الحنفي الصالحي [1] .
اشتغل قديما، ومهر، ودرّس، وأفتى، وخطب بحسبان مدة، ثم ولي قضاء دمشق في المحرم سنة تسع وسبعين، ثم ولّي قضاء مصر بعد ابن عمّه، فأقام شهرا، ثم استعفى ورجع إلى دمشق على وظائفه، ثم بدت منه هفوة فاعتقل بسببها، وأقام مدة مقترا خاملا إلى أن جاء النّاصري فرفع إليه أمره فأمر بردّ وظائفه فلم تطل مدته بعد ذلك، وتوفي في ذي القعدة.
وفيها شمس الدّين محمد بن شرف الدّين محمد بن أحمد بن إبراهيم بن فلاح الإسكندراني [2] ثم الدمشقي.
سمع الحجّار، وحدّث، وكان ينسب إلى غفلة. قاله ابن حجر.
وفيها صلاح الدّين محمد بن محمد بن عمر الأنصاري البلبيسيّ [3] نزيل مصر.
سمع «صحيح مسلم» على الشريف الموسوي موسى بن علي بن أبي طالب، والعزّ محمد بن عبد الحميد، وتفرّد عنهما بالسماع، وقد تأخر بعده رفيقه محمد بن يس لكنه كان حاضرا.
توفي في رمضان عن سبع وثمانين سنة.
وفيها الحافظ شمس الدّين أبو العبّاس محمد بن موسى بن محمد بن
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 50) و «الدّرر الكامنة» (3/ 118) .
[2]
انظر «إنباء الغمر» (3/ 50) .
[3]
في «آ» و «ط» : «البلقيني» وهو خطأ والتصحيح من «إنباء الغمر» (3/ 50) و «الدّرر الكامنة» (4/ 205) .
سند بن تميم، الإمام العالم الحافظ اللّخمي المصري الأصل الدمشقي الشافعي، المعروف بابن سند [1] .
ولد في ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وطلب الحديث في حدود الخمسين، وسمع من جماعة بدمشق ومصر، وقرأ الفقه على شرف الدين بن قاسم خطيب جامع جرّاح، وقرأ الأصول بالديار المصرية على الجمال الإسنوي، وأخذ العربية عن التاج المراكشي، وأذن له في إقرائها، وأخذ في القدس عن الحافظ صلاح الدّين العلائي وأجازه بالفتوى والتدريس، وصحب القاضي تاج الدّين ولازمه وناب في الحكم عن القاضي سري الدّين المالكي، ثم عن القاضي ولي الدّين.
ذكره الذهبي في «المعجم المختص» [2] وهو آخر من ذكرهم فيه وفاة.
وقال الحافظ شهاب الدّين بن حجّي: كان من أحسن الناس قراءة للحديث كان يرجح على كل أحد لحسن فصاحته، وخرّج لنفسه أربعين متباينة المتن والإسناد، وخرّج لغيره، وتعين في الفنّ. سمعنا بقراءته كثيرا وله محفوظات في الفقه، والأصول، والعربية، وأجازه بالفتيا ابن كثير، والقاضي تاج الدّين.
وقال في «إنباء الغمر» : ناب عن بعض القضاة الشافعية، كالتاج السّبكي، وكان شديد اللزوم له وقارئا لتصانيفه، وناب عنه في مشيخة دار الحديث الأشرفية وغيرها [3] ، ثم تحول مالكيا فناب عن بعض المالكية، ثم رجع فناب عن أبي البقاء، ومات شافعيا عاشر صفر بدمشق، ودفن بمقبرة الصوفية وهو القائل:
الحافظ الفرد إن أحببت رؤيته
…
فانظر إليّ تجدني ذاك منفردا
كفى لهذا دليل أنّني رجل
…
لولاي أضحى الورى لم يعرفوا سندا
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 51) و «الدّرر الكامنة» (4/ 270) .
[2]
لم أقف على ترجمته في المطبوع منه الموجود بين أيدينا.
[3]
كذا في «آ» : «وغيرها» وهو موافق لما في «إنباء الغمر» مصدر المؤلف وفي «ط» :
«وغيرهما» .
وقرأت بخطّ البرهان المحدّث أنه اختلط قبل موته بسنة بسبب مرض طال به اختلاطا فاحشا.
وقرأت بخط ابن حجي: أنه تغير في أخرة تغيّرا شديدا، ونسي بعض القرآن، فكان يقال: إن ذلك لكثرة وقيعته في الناس. انتهى ملخصا.
وفيها شرف الدّين يعقوب بن عيسى الأقصرائي ثم الدمشقي [1] .
ولد سنة عشرين، وسمع من الحجار والمزّي وغيرهما. وحدّث وخطب ودرّس، وناب في الحكم، وكان رجلا خيرا.
مات في ذي الحجة.
[1] انظر «إنباء الغمر» (3/ 54) .