المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌العلم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌فصل فيما ولا ولات وإن المشبهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها

- ‌لا: التي لنفي الجنس

- ‌ ظن وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه ويسمى (ظرفاً)

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌الحال

- ‌التمييز

- ‌حروف الجر

- ‌الإضافة

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إعمال المصدر

- ‌إعمال اسم الفاعل

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنية أسماء الفاعلين والمفعولينوالصفات المشبهة لها

- ‌الصفة المشبهة باسم الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نعم وبئسوما جرى مجراهما

- ‌أفعل التفضيل

- ‌النعت

- ‌التوكيد

- ‌العطف

- ‌عطف النسق

- ‌البدل

- ‌النداء

- ‌المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌أسماء لازمت النداء

- ‌الاستغاثة

- ‌الندبة

- ‌الترخيم

- ‌الاختصاص

- ‌التحذير والإغراء

- ‌أسماء الأفعال والأصوات

- ‌نونا التوكيد

- ‌ما لا ينصرف

- ‌إعراب الفعل

- ‌عوامل الجزم

- ‌فصل لو

- ‌أما ولولا ولوما

- ‌ الإخبار بالذي والألف واللام

- ‌العدد

- ‌كم وكأين وكذا

- ‌الحكاية

- ‌التأنيث

- ‌المقصور والممدود

- ‌جمع التكسير

- ‌التصغير

- ‌النسب

- ‌الوقف

- ‌الإمالة

- ‌التصريف

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل

- ‌الإدغام

الفصل: ‌ ظن وأخواتها

[74]

//‌

‌ ظن وأخواتها

206 -

انصب بفعل القلب جزءي ابتدا

أعني رأى خال علمت وجدا

207 -

ظن حسبت وزعمت مع عد

حجا درى وجعل اللذ كاعتقد

208 -

وهب تعلم والتي كصيرا

أيضًا بها انصب مبتدًأ وخبرا

من الأفعال أفعال واقعة معانيها على مضمون الجمل؟ فتدخل على المبتدأ، والخبر، بعد أخذها الفاعل، فتنصبهما مفعولين. وهي ثلاثة أنواع:

الأول: ما يفيد الخبر يقينًا.

الثاني: ما يفيد فيه رجحان الوقوع.

الثالث: ما يفيد فيه تحويل صاحبه إليه.

فمن النوع الأول: (رأى) بمعنى أبصر، أو أصاب الرؤية، كقول الشاعر: أنشده أبو زيد: [من الوافر]

174 -

رأيت الله أكبر كل شيءٍ

محاولة وأكثرهم جنودا

ومنه: (علم) لغير عرفان، أو كلمة، وهي: انشقاق الشفة العليا، كقولك: علمت زيدًا أخاك.

ومنه (وجد) لا بمعنى أصاب، أو استغنى، أو حقد، أو حزن، كقوله تعالى:(تحدوه عند الله هو خيرًا)[المزمل / 20].

ص: 141

ومنه (درى) في نحو قوله: [من الطويل]

175 -

دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط

فإن اعتباطًا بالوفاء حميد

وأكثر ما يستعمل (درى) معدى إلى مفعول واحد بالباء، فإذا دخلت عليه الهمزة للنقل، تعدى إلى مفعول واحد بنفسه، وإلى آخر بالباء، كقوله تعالى:(قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به)[يونس / 16].

ومنه (تعلم) بمعنى: اعلم، ولا يتصرف، قال الشاعر:[من الطويل]

176 -

تعلم شفاء النفس قهر عدوها

فبالغ بلطفٍ في التحيل والمكر

ومنه (ألفى) في نحو قول الشاعر: [من البسيط]

177 -

قد جربوه فألفوه المغيث إذا

ما الروع عم فلا يلوي على أحد

ومن النوع الثاني (خال)، لا بمعنى تكبر، أو ظلع، كقولك، خلت زيدًا صديقك.

ومنه (ظن) لا بمعنى اتهم، نحو: ظننت عمرًا أباك.

ص: 142

ومنه (حسب) لا بمعنى صار أحسب، أي: ذا شقرةٍ، أو حمرةٍ، وبياضٍ، كالبرص، قال الشاعر:[من الطويل]

178 -

وكنا حسبنا كل بيضاء شحمةً

عشيةً لاقينا جذام وحميرا

ومنه (زعم) لا بمعنى كفل، أو سمن، أو هزل، قال الشاعر:[من الطويل]

179 -

فإن تزعميني كنت أجهل فيكم

فإني شريت الحلم بعدك بالجهل

[75]

// ومنه (عد) لا بمعنى حسب، كقول الشاعر:[من الخفيف]

180 -

لا أعد الإقتار عدمًا ولكن

فقد من قد فقدته الإعدام

وقول الآخر: [من الطويل]

181 -

فلا تعدد المولى شريكك في الغنى

ولكنما المولى شريكك في العدم

ومنه (حجا) لا بمعنى غلب في المحاجاة، أو قصد، أو رد، أو أقام، أو بخل، أنشد الأزهري:[من البسيط]

182 -

قد كنت أحجو أبا عمروٍ أخا ثقة

حتى ألمت بنا يومًا ملمات

ص: 143

ومنه (جعل) في مثل قوله تعالى: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا)[الزخرف /19].

ومنه (هب) في نحو قول الشاعر: [من المتقارب]

183 -

فقلت أجرني أبا خالدٍ

وإلا فهبني امرا هالكا

ولا يتصرف؛ فلا يجيء منه ماض ولا مضارع.

وقد تستعمل (رأي) لرجحان الوقوع، كقوله تعالى:(إنهم يرونه بعيدًا * ونراه قريبًا)[المعارج /6 - 7].

كما ترد (خال، وظن، وحسب) لليقين، نحو قول الشاعر:[من الطويل]

184 -

دعاني الغواني عمهن وخلتني

لي اسم فلا أدعى به وهو أول

وقوله تعالى: (فظنوا أنهم مواقعوها)[الكهف /53].

وقول الشاعر: [من الطويل]

185 -

حسبت التقى والجود خير تجارةٍ

رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلا

وتسمى هذه الأفعال المذكورة، وما كان في معناها قلبية، بمعنى أن معانيها قائمة بالقلب، وليس كل فعل قلبي يعمل العمل المذكور.

ص: 144

فلأجل ذلك قال:

انصب بفعل القلب جزءي ابتدا

أعني رأى خال علمت وجدا

وساق الكلام إلى آخره، ليدلك على أن من أفعال القلوب، ما لا ينصب المبتدأ والخبر، لأنه أخص في الاستعمال بالوقوع على المفرد، وذاك نحو:(عرف، وتبين، وتحقق) ومن النوع الثالث: (صير) كقولك: صيرت زيدًا صديقك. ومنه (أصار، وجعل) لا بمعنى: اعتقد، أو أوجب، أو أوجد، أو ألقى، أو أنشأ، قال الله تعالى:(فجعلناه هباءً منثورًا)[الفرقان /23].

ومنه (وهب) في قولهم: وهبني الله فداك. ومنه (رد) في نحو قوله تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا)[البقرة /109]. ومنه (ترك) كقول الشاعر: [من الطويل]

186 -

وربيته حتى إذا ما تركته

أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه

ومنه (تخذ، واتخذ) كقوله تعالى: (لتخذت عليه أجرًا)[الكهف /77] وقال الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)[النساء /125]. وقد أشار إلى هذه الأفعال، وإلى عملها بقوله:

[76]

............. والتي كصيرا

أيضًا بها انصب // مبتدًأ وخبرا

209 -

وخص بالتعليق والإلغاء ما

من قبل هب والأمر هب قد ألزما

210 -

كذا تعلم ولغير الماض من

سواهما اجعل كل ما له زكن

تختص الأفعال القلبية سوى ما لم يتصرف منها، وهو:(هب وتعلم) بالإلغاء والتعليق.

ص: 145

أما الإلغاء: فهو ترك إعمال الفعل، لضعفه بالتأخر عن المفعولين، أو التوسط بينهما، والرجوع إلى الابتداء، كقولك:(زيد عالم ظننت، وزيد ظننت عالم).

وأما التعليق: فهو ترك إعمال الفعل لفظًا لا معنى، لفصل ما له صدر الكلام بينه وبين معموله، كقولك: علمت لزيد ذاهب.

فهذه اللام لما كان لها صدر الكلام علقت (علم) عن العمل، أي: رفعته عن الاتصال بما بعدها، والعمل في لفظه؛ لأن ما له صدر الكلام لا يصح أن يعمل ما قبله فيما بعده.

قوله:

......... ولغير الماض من

سواهما اجعل كل ما له زكن

معناه: أن للمضارع من أفعال هذا الباب، والأمر سوى (هب، وتعلم) ما قد علم للماضي: من نصب مفعولين، هما في الأصل مبتدأ وخبر، كقولك: أنت تعلم زيدًا مقيمًا، ويا هذا اعلم عبد الله ذاهبًا. ومن جواز الإلغاء والتعليق فيما كان قلبيا، كقولك: زيد عالم أظن، ويا هذا أظن ما زيد عالم، والمصدر، واسم الفاعل، واسم المفعول يجري هذا المجرى أيضًا، تقول في الإعمال: أعجبني ظنك زيدًا عالمًا، وأنا ظان زيدًا مقيمًا، ومررت برجلٍ مظنونٍ أبوه ذاهبًا، (فأبوه) مفعول أول مرفوع لقيامه مقام الفاعل، و (ذاهبًا) مفعول ثان، وتقول في الإلغاء: زيد عالم أنا ظان؛ وتقول في التعليق: أعجبني ظنك ما زيد قائم، ومررت برجل ظان أزيد قائم أم عمرو؟

وجميع الأفعال المتصرفة يجري المضارع منها والأمر والمصدر واسما الفاعل والمفعول مجرى الماضي في جميع الأحكام.

211 -

وجوز الإلغاء لا في الابتدا

وانو ضمير الشان أو لام ابتدا

212 -

في موهمٍ إلغاء ما تقدما

والتزم التعليق قبل نفي ما

213 -

وإن ولا لام ابتداء أو قسم

كذا والاستفهام ذا له انحتم

قد تقدم أن الإلغاء والتعليق حكمان مختصان بالأفعال القلبية.

والمراد هنا: بيان أن الإلغاء حكم جائز: بشرط تأخر الفعل عن المفعولين، أو توسطه بينهما، وأن التعليق حكم لازم: بشرط الفصل بـ (ما) النافية، أو (إن) أو (لا)[77] أختيها، أو بلام الابتداء، أو القسم، أو بالاستفهام // فقال:

وجوز الإلغاء لا في الابتدا

......................

ص: 146

فعلم أن الفعل القلبي إذا تأخر عن المفعولين جاز فيه الإلغاء والإعمال، تقول: زيد عالم ظننت، وإن شئت قلت: زيدًا عالمًا ظننت، إلا أن الإلغاء أحسن وأكثر، ومن شواهده قول الشاعر:[من الخفيف]

187 -

آتٍ الموت تعلمون فلا ير

هبكم من لظى الحروب اضطرام

ومثله: [من الطويل]

188 -

هما سيدانا يزعمان وإنما

يسوداننا إن يسرت غنماهما

وعلم أيضًا أنه إذا توسط بين المفعولين جاز فيه الإلغاء والإعمال، وهما على السواء، إلا أن يؤكد الفعل بمصدر أو ضميره، فيكون إلغاؤه قبيحًا، تقول: زيد ظننت عالم وإن شئت: زيدًا ظننت عالمًا، وكلاهما حسن، ولو قلت: زيدًا ظننت عالمًا منطلقًا، أو زيدًا ظننته منطلقًا، أي: ظننت الظن قبح فيه الإلغاء.

ومن شواهد إلغاء المتوسط قول الشاعر: [من البسيط]

189 -

أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني

وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور

ومثله: [من الكامل]

190 -

إن المحب علمت مصطبر

ولديه ذنب الحب مغتفر

ص: 147

ومن شواهد إعمال المتوسط قول الآخر: [من الوافر]

191 -

شجاك أظن ربع الظاعنينا

ولم تعبأ بعذل العاذلينا

يروى برفع (ربع) ونصبه، فمن رفع جعله فاعل (شجاك) و (أظن) لغو، ومن نصب جعله مفعولا أول لـ (أظن)، و (شجاك) مفعول ثان مقدم.

وإذا تقدم الفعل لم يجز إلغاؤه، وموهم ذلك محمول: إما على جعل المفعول الأول ضمير الشأن محذوفًا، والجملة المذكورة مفعول ثان، كقول الشاعر:[من البسيط]

192 -

أرجو وآمل أن تدنو مودتها

وما إخال لدينا منك تنويل

تقديره: وما إخاله، أي: وما إخال الأمر، والشأن لدينا منك تنويل، وإما على تعليق الفعل بلام الابتداء مقدرة، كما يعلق بها مظهرة، كقول الآخر:[من البسيط]

193 -

كذاك أدبت حتى صار من خلقي

أني رأيت ملاك الشيمة الأدب

المراد: أني رأيت لملاك الشيمة الأدب، فحذف اللام، وأبقى التعليق.

ولما انتهى كلامه في أمر الإلغاء قال:

....................

والتزم التعليق قبل نفي ما

وإن ولا .................

..................

إلى آخره.

فعلم أنه يجب تعليق الفعل القلبي إذا فصل عما بعده بأحد الأشياء المذكورة، فيبقي لما بعد المعلق حكم ابتداء الكلام، فيقع فيه المبتدأ والخبر، والفعل والفاعل، فمن

ص: 148

[78]

المعلقات (ما) النافية، لأن لها صدر // الكلام، فيمتنع ما قبلها أن يعمل فيما بعدها، وذلك كقوله تعالى:(لقد علمت ما هؤلاء ينطقون)[الأنبياء / 65].

ومنها (إن) و (لا) النافيتان، إذا كان الفعل قبلهما متضمنًا معنى القسم، لأن لهما إذ ذاك صدر الكلام، وذلك كقوله تعالى:(وتظنون إن لبثتم إلا قليلا)[الإسراء / 52].

ومن أمثلة كتاب الأصول: أحسب لا يقوم زيد.

ومنها لام الابتداء والقسم، كقوله تعالى:(ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق)[البقرة /102]. وكقول الشاعر: [من الكامل]

194 -

ولقد علمت لتأتين منيتي

إن المنايا لا تطيش سهامها

ومنها حرف الاستفهام، كقولك: علمت أزيد قائم، أم عمرو؟، وعلمت هل خرج زيد؟.

وتضمن معنى الاستفهام يقوم في التعليق مقام حروفه، قال الله تعالى:(لنعلم أي الحزبين أحصى)[الكهف /12].

وقد ألحق بأفعال القلوب في التعليق غيرها، نحو:(نظر وأبصر وتفكر وسأل واستنبأ) كما في قوله تعالى: (فلينظر أيها أزكى طعامًا)[الكهف / 19]، (فانظري ماذا تأمرين)[النمل /33]، (فستبصر ويبصرون * بأيكم المفتون)[القلم / 5 - 6]

ص: 149

(أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنةٍ)[الأعراف /184]، (يسألون أيان يوم الدين)[الذاريات /12]، (ويستنبئونك أحق هو)[يونس /53].

ومنه ما حكاه سيبويه من قولهم: (أما ترى أي برق هاهنا) وقول الشاعر: [من الطويل]

195 -

ومن أنتم إنا نسينا من انتم

وريحكم من أي ريح الأعاصر

علق فيه (نسي) لأنه ضد (علم).

214 -

لعلم عرفانٍ وظن تهمه

تعدية لواحدٍ ملتزمه

الإشارة في هذا البيت إلى ما قدمت ذكره من أن أفعال هذا الباب إنما تعمل العمل المذكور إذا أفادت تيقن الخبر، أو رجحان وقوعه، أو تحويل صاحبه إليه، وإن كلا منها قد يجيء لغير ذلك فيعمل عمل ما في معناه.

فمن ذاك (علم) فإنها تكون لإدراك مضمون الجملة، فتنصب مفعولين، وتكون لإدراك المفرد، وهو العرفان، فتنصب مفعولا واحدًا، كما تنصبه (عرف) قال الله تعالى:(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا)[النحل /78]. وقال تعالى: (لا تعلمهم نحن نعلمهم)[التوبة /101]. وقد تكون أيضًا بمعنى انشقت الشفة العليا، فلا يتعدى إلى مفعول به، يقال: علم الرجل علمةً، فهو أعلم، أي: مشقوق الشفة العليا.

ومن ذلك (ظن) فإنها تكون لرجحان وقوع الخبر، فتنصب مفعولين، وتكون بمعنى اتهم، فتتعدى إلى مفعول واحد، تقول: ظننت زيدًا على المال، أي: اتهمته، واسم المفعول منه مظنون وظنين، قال الله تعالى:(وما هو على الغيب بظنين)[التكوير /24] أي: بمتهم.

وقد تقدم التنبيه على استعمال بقية أفعال هذا الباب في غير ما يتعدى به إلى [79] مفعولين، فلا حاجة إلى الإطالة بذكره. //

ص: 150

215 -

ولرأي الرؤيا انم ما لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

(الرؤيا) مصدر رأى النائم، بمعنى حلم؛ خاصة، فلذلك أضاف لفظ الفعل إليها، ليعرفك أن (رأي النائم) قد حمل في العمل على (علم) المتعدية إلى مفعولين، إذ كان مثلها في كونه إدراكًا بالحس الباطن، فأجرى مجراه، قال الشاعر:[من الوافر]

196 -

أبو حنش يؤرقنا وطلق

وعمار وآونة أثالا

أراهم رفقتي حتى إذا ما

تجافي الليل وانخزل انخزالا

إذا أنا كالذي يجري لوردٍ

إلى ألٍ فلم يدرك بلالا

فنصب بـ (أرى) الهاء مفعولا أولا، و (رفقتي) مفعولا ثانيًا على ما ذكرت لك. ولا يجوز أن تكون (رفقتي) حالا، لأنها معرفة، وشرط الحال أن تكون نكرة.

216 -

ولا تجز هنا بلا دليل

سقوط مفعولين أو مفعول

يجوز في هذا الباب حذف المفعولين، والاقتصار على أحدهما.

أما حذف المفعولين فجائز إذا دل عليهما دليل، كقوله تعالى:(أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون)[الأنعام /22]. تقديره: الذين كنتم تزعمونهم شركاء، أو كان الكلام بدونهما مفيدًا، كما إذا قيد الفعل بالظرف، نحو: ظننت يوم الجمعة، أو أريد به العموم، كقوله تعالى:(وإن هم إلا يظنون)[البقرة /78]، أو دل على تجدده قرينة، كقول العرب:(من يسمع يخل).

ولو قيل: ظننت مقتصرًا عليه، ولا قرينة تدل على الحذف، أو العموم، أو قصد التجدد لم يجز، لعدم الفائدة.

وأما الاقتصار على أحد المفعولين فجائز، إذا دل على الحذف دليل.

وأكثر النحويين على منعه قالوا: لأن المفعول في هذا الباب مطلوب من جهتين: من جهة العامل فيه، ومن جهة كونه أحد جزءي الجملة، فلما تكرر طلبه امتنع حذفه.

ص: 151

وما قالوه منتقض بخبر (كان) فإنه مطلوب من جهتين، ولا خلاف في جواز حذفه إذا دل عليه دليل، والسماع بخلافه، قال الله تعالى:(ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرًا لهم)[آل عمران /180]. تقديره: ولا يحسبن الذين يبخلون بما يبخلون به هو خيرًا لهم، فحذف المفعول الأول للدلالة عليه، ولو لم يدل على المحذوف دليل لم يجز حذفه بالاتفاق، لعدم الفائدة حينئذ.

217 -

وكتظن اجعل تقول إن ولي

مستفهمًا به ولم ينفصل

218 -

بغير ظرفٍ أو كظرفٍ أو عمل

وإن ببعض ذي فصلت يحتمل [80] //

219 -

وأجري القول كظن مطلقا

عند سليم نحو قل ذا مشفقا

والقول وفروعه مما يتعدى إلى مفعول واحد، ويكن إما جملة، وإما مفردًا، مؤديًا معناها.

فإن كان مفردًا نصب، نحو (قلت شعرًا، وخطبةً، وحديثًا) وإن كان جملة حكيت، نحو: قلت: زيد قائم، ولم يعمل فيها القول، كما يعمل الظن، لأن الظن يقتضي الجملة من جهة معناها، فجزآهما معه كالمفعولين من باب (أعطيت)، فصح أن ينصبهما الظن؛ نصبت (أعطيت) مفعوليه.

وأما القول فيقتضي الجملة من جهة لفظها، فلم يصح أن ينصب جزءيها مفعولين، لأنه لم يقتضها من جهة معناها، فلم يشبه باب (أعطيت)، ولا أن ينصبهما مفعولا واحدًا لأن الجمل لا إعراب لها، فلم يبق إلا الحكاية.

وقوم من العرب، وهم سليم، يجرون القول (مجرى الظن) مطلقًا، فيقولون: قلت زيدًا منطلقًا، ونحوه (قل ذا مشفقا) قال الراجز:[من الرجز]

197 -

قالت وكنت رجلا فطينا

هذا لعمر الله إسرائينا

ص: 152

وأما غير سليم: فأكثرهم يجيز إجراء القول مجرى الظن إذا وجب تضمنه معناه، وذلك إذا كان القول بلفظ مضارع للمخاطب، حاضرًا، تاليًا لاستفهام متصل، نحو: أتقول زيدًا ذاهبًا؟ وأين تقول عمرًا جالسًا؟ قال الراجز: [من الرجز]

198 -

متى تقول القلص الرواسما

يحملن أم قاسمٍ وقاسما

فإن فصل بين الفعل والاستفهام ظرف، أو جار ومجرور، أو أحد المفعولين لم يضر، تقول: أيوم الجمعة تقول زيدًا منطلقًا؟ وأفي الدار تقول عبد الله قاعدًا؟ وأزيدًا تقول ذاهبًا؟

ومن ذلك قول ابن أبي ربيعة: [من الوافر]

199 -

أجهالا تقول بني لؤي

لعمر أبيك أم متجاهلينا

فإن فصل غير ذلك وجبت الحكاية، نحو: أنت تقول زيد قائم، لأن الفعل حينئذ لا يجب تضمنه معنى الظن، لأنه ليس مستفهمًا عنه، بل عن فاعله، وذلك لا ينافي إرادة الحقيقة منه.

ص: 153