الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعول المطلق
286 -
المصدر اسم ما سوى الزمان من
…
مدلولي الفعل كأمنٍ من أمن [102] //
287 -
بمثله أو فعلٍ أو وصفٍ نصب
…
وكونه أصلا لهذين انتخب
المفعولات خمسة أضرب: مفعول به، وقد تقدم ذكره، ومفعول مطلق، ومفعول له، ومفعول فيه، ومفعول معه.
وهذا أول الكلام على هذه الأربعة.
فالمفعول المطلق: ما ليس خبرًا من مصدر، مفيد توكيد عامله، أو بيان نوعه، أو عدده.
(فما ليس خبرًا) مخرج لنحو المصدر المبين للنوع في قولك: ضربك ضرب أليم و (من مصدر) مخرج لنحو الحال المؤكدة من قوله تعالى: (ولي مدبرًا)[القصص /31] و (مفيد توكيد عامله أو بيان نوعه أو عدده) مخرج لنحو المصدر المؤكد في قولك: أمرك سير سير شديد، وللمسوق مع عامله لغير المعاني الثلاثة، نحو: عرفت قيامك، ومدخل لأنواع المفعول المطلق، ما كان منها منصوبًا، لأنه فضلة، نحو: ضربت ضربًا، أو ضربًا شديدًا، أو ضربتين، أو مرفوعًا، لأنه نائب عن الفاعل، نحو: غضب غضب شديد.
والمراد بالمصدر اسم المعنى المنسوب إلى الفاعل، أو النائب عنه، كالأمن، والضرب، والنخوة، فإنها أسماء المعاني، المنسوبة، في قولك: أمن زيد، وضرب عمرو، ونخيت علينا. وهذا المعنى هو المقصود بقوله:
........ ما سوى الزمان من
…
مدلولي الفعل ...............
فإن الفعل وضع للدلالة على الحدث والزمان فقط، فما سوى الزمان المعبر عنه بالحدث هو اسم المعنى، المنسوب إلى الفاعل، أو النائب عنه فاسمه هو المصدر.
قوله:
بمثاله أو فعلٍ أو وصفٍ نصب
…
.................
بيان لأن المصدر ينتصب مفعولا مطلقًا، إذا عمل فيه مصدر مثله، نحو: سيرك السير الحثيث متعب.
أو فعل من لفظه، نحو: قمت قيامًا وقعدت قعودًا، أو صفة كذلك، نحو: زيد قائم قيامًا، أو قاعد قعودًا.
فإن قلت: لم سمي هذا النوع مفعولا مطلقًا؟
قلت: لأن حمل المفعول عليه لا يحوج إلى صلة، لأنه مفعول الفاعل حقيقة، بخلاف سائر المفعولات، فإنها ليست بمفعول الفاعل، وتسمية كل منها مفعولا إنما هو باعتبار إلصاق الفعل به، أو وقوعه فيه، أو لأجله، أو معه، فلذلك احتاجت في حمل المفعول عليها إلى التقييد بحرف الجر، ولما خصت هذه بالتقييد خص ذلك بالإطلاق قوله:
............................
…
وكونه أصلا لهذين انتخب
بيان لأن المصدر أصل للفعل، وللوصف في الاشتقاق.
وذهب الكوفيون، إلى أن الفعل أصل للمصدر، وهو باطل، لأن الفرع لابد فيه من معنى الأصل، وزيادة، ولا شك أن الفعل يدل على المصدر، والزمان، ففيه معنى المصدر وزيادة، فهو فرع والمصدر أصل، لأنه دال على بعض ما يدل عليه الفعل، وبنفس ما يثبت فيه فرعية الفعل يثبت فرعية الصفات: من أسماء الفاعلين، وأسماء المفعولين، وغيرهما، فإن (ضاربًا) مثلا يتضمن المصدر، وزيادة الدلالة على ذات الفاعل للضرب، [103] و (مضروبًا) يتضمن // المصدر، وزيادة الدلالة على ذات الموقع به الضرب، فهما مشتقان من الضرب، وكذا سائر الصفات.
288 -
توكيدًا أو نوعًا يبين أو عدد
…
كسرت سيرتين سير ذي رشد
الحامل على ذكر المفعول المطلق، مع عامله: إما إفادة التوكيد، نحو: قمت قيامًا وإما بيان النوع، نحو:(سرت سير ذي رشد) وقعدت قعودًا طويلا، وإما بيان العدد نحو: سرت سيرةً وسيرتين، وضربت ضربةً وضربتين وضربات.
لا يخرج المفعول المطلق عن أن يكون لشيء من هذه المعاني الثلاثة.
289 -
وقد ينوب عنه ما عليه دل
…
كجد كل الجد وافرح الجذل
يقام مقام المفعول المطلق ما دل على معناه: من صفته، أو ضميره، أو مشار به إليه، أو مرادف له، أو ملاقٍ له في الاشتقاق، أو دال على نوع منه، أو عدد، أو كل، أو بعض، أو آلة.
فالأول نحو: سرت أحسن السير، وضربته ضرب الأمير اللص، وأدبته أي تأديب، واشتمل الصماء. التقدير: سرت سيرًا أحسن السير، وضربته ضربًا مثل ضرب الأمير اللص، وأدبته تأديبًا أي تأديب، واشتمل الشملة الصماء.
والثاني نحو: عبد الله أظنه جالسًا، أي: أظن ظني، ومنه قوله تعالى:(لا أعذبه أحدًا من العالمين)[المائدة /115].
والثالث نحو: ضربته ذلك الضرب.
والرابع نحو: (افرح الجذل) ومنه قول الراجز: [من الرجز]
234 -
يعجبه السخون والبرود
…
والتمر حبا ما له مزيد
والخامس، كقوله تعالى:(والله أنبتكم من الأرض نباتًا)[نوح /17]. وقوله تعالى: (وتبتل إليه تبتيلا)[المزمل /8].
والسادس نحو: قعد القرفصاء، ورجع القهقري.
والسابع نحو: ضربته عشر ضربات.
والثامن نحو: (جد كل الجد). وضربته كل الضرب.
والتاسع نحو: ضربته بعض الضرب.
والعاشر نحو: ضربته سوطًا، أصله ضربته ضربًا بسوط، ثم توسع في الكلام، فحذف المصدر، وأقيمت الآلة مقامه، وأعطيت ما له من إعراب وإفراد أو تثنية أو جمع، تقول: ضربته سوطين، وأسواطًا، والأصل ضربتين بسوط، وضربات بسوط. وعلى هذا يجري جميع ما أقيم مقام المصدر، وانتصب انتصابه.
290 -
وما لتوكيد فوحد أبدا
…
وثن واجمع غيره وأفردا
ما جيء به من المصادر لمجرد التوكيد فهو بمنزلة تكرير الفعل، والفعل لا يثنى، [104] ولا يجمع // فكذلك ما هو بمنزلته.
وأما ما جيء به لبيان النوع، والعدد فصالح للإفراد والتثنية والجمع، بحسب ما يراد من البيان.
291 -
وحذف عامل المؤكد امتنع
…
وفي سواه لدليلٍ متسع
يجوز حذف عامل المصدر إذا دل عليه دليل، كما يجوز حذف عامل المفعول به، وغيره. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المصدر مؤكدًا، أو مبينًا.
والذي ذكره الشيخ رحمه الله في هذا الكتاب، وفي غيره، أن المصدر المؤكد لا يجوز حذف عامله.
قال في شرح الكافية: لأن المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله، وتقرير معناه وحذفه مناف لذلك، فلم يجز، فإن أراد أن المصدر المؤكد يقصد به تقوية عامله وتقرير معناه دائمًا، فلا شك أن حذفه منافٍ لذلك القصد، ولكنه ممنوع، ولا دليل عليه.
وإن أراد أن المصدر المؤكد قد يقصد به التقوية والتقرير، وقد يقصد به مجرد التقرير فمسلم.
ولكن لا نسلم أن الحذف مناف لذلك القصد، لأنه إذا جاز أن يقرر معنى العامل المذكور بتوكيده بالمصدر فلأن يجوز أن يقرر معنى العامل المحذوف لدلالة قرينة عليه أحق وأولى.
ولو لم يكن معنا ما يدفع هذا القياس لكان في دفعه بالسماع كفاية. فإنهم يحذفون عامل المؤكد حذفًا جائزًا، إذا كان خبرًا عن اسم عين في غير تكرير، ولا حصر، نحو: أنت سيرًا وميرًا، وحذفًا واجبًا في مواضع يأتي ذكرها نحو: سقيًا، ورعيًا، وحمدًا، وشكرًا لا كفرًا.
فمنع مثل هذا إما لسهو عن وروده، وإما للبناء على أن المسوغ لحذف العامل منه نية التخصيص، وهو دعوى على خلاف الأصل. ولا يقتضيها فحوى الكلام.
ولم يخالف أحد في جواز حذف عامل المصدر المبين للنوع أو العدد، فلذلك قال:
...........................
…
وفي سواه لدليلٍ متسع
ومن أمثلته قولك: لمن قال: ما ضربت زيدًا: بلى، ضربتين، ولمن قال: ما تجد في الأمر؟ بلى؛ جدًا كثيرًا، ولمن قال: أي سير سرت؟ سيرًا سريعًا، ولمن تأهب للحج: حجًا مبرورًا، ولمن قدم من سفر: قدومًا مباركًا.
ثم إن حذف عامل المصدر على ضربين: جائز، وواجب.
فالجائز: كما في الأمثلة المذكورة.
والواجب: إذا كان المصدر بدلا من اللفظ بالفعل، كما قال:
292 -
والحذف حتم مع آتٍ بدلا
…
من فعله كندلا اللذ كاندلا
293 -
وما لتفصيل كإما منا
…
عامله يحذف حيث عنا
[105]
//
294 كذا مكرر وذو حصرٍ ورد
…
نائب فعلٍ لاسم عينٍ استند
المصدر الآتي بدلا من اللفظ بفعله نوعان:
الأول: ما له فعل، فيجوز وقوعه موقع المصدر، ولا يجوز أن يجمع بينهما. وهذا النوع على ضربين: طلب، وخبر.
أما الطلب فما يرد دعاء، أو أمرًا، أو نهيًا، أو استفهامًا لقصد التوبيخ.
أما الدعاء، فكقولهم: سقيًا، ورعيًا، وجدعًا، وبعدًا.
وأما الأمر، والنهي، فكقولهم: قيامًا لا قعودًا، أي قم لا تقعد، ومنه قوله تعالى:(فضرب الرقاب)[محمد /4]. أي: فاضربوا الرقاب.
ومنه قول الشاعر: [من الطويل]
235 -
يمرون بالدهنا خفافًا عيابهم
…
ويخرجن من دارين بجر الحقائب
على حين ألهى الناس جل أمورهم
…
فندلا زريق المال ندل الثعالب
وإليه أشار بقوله:
........................
…
.......... فندلا اللذ كاندلا
يقال: ندل الشيء: إذا اختطفه.
وأما الاستفهام لقصد التوبيخ، فكقولك للمتواني: أتوانيًا وقد جد قرناؤك ومثله قول الشاعر: [من الوافر]
236 -
أعبدًا حل في شعبي غريبًا
…
ألؤمًا لا أبا لك واغترابا
أي: أتلؤم وتغترب؟
وأما الخبر: فما دل على عامله قرينةً، وكثر استعماله، أو جاء مفصلا لعاقبة ما تقدمه، أو نائبًا عن خبر اسم عين بتكرير، أو حصر، أو مؤكد جملة، أو مسوقًا للتشبيه، بعد جملة مشتملة عليه.
أما ما كثر استعماله، فكقولهم عند تذكر نعمة: اللهم حمدًا وشكرًا، لا كفرًا، وعند تذكر شدة: صبرًا لا جزعًا، وعند ظهور ما يعجب منه: عجبًا، وعند خطابٍ مرضي عنه: افعل ذلك وكرامةً ومسرةً، وعند خطاب مغضوب عليه: لا أفعل ذلك ولا كيدًا ولا هما، ولأفعلن ذلك ورغمًا وهوانًا.
وأما المفصل لعاقبة ما تقدمه، فكقوله تعالى:(فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداءً)[محمد /4] أي: فإما تمنون وإما تفدون.
وأما النائب عن خبر اسم عين بتكرير، أو حصر، فكقولهم: أنت سيرًا سيرًا، وإنما أنت سيرًا.
فلو لم يكن مكررًا ولا محصورًا كان حذف الفعل جائزًا لا واجبًا. وأما المؤكد جملة فعلى قسمين: كما قال:
295 -
ومنه ما يدعونه مؤكدا
…
لنفسه أو غيره فالمبتدأ
296 -
نحو له على ألف عرفا
…
والثان كابني أنت حقا صرفا
المؤكد نفسه: هو الآتي بعد جملة، هي نص في معناه نحو:(له على ألف عرفًا) أي: اعترافًا، ويسمى مؤكدًا نفسه، لأنه بمنزلة إعادة ما قبله، فكأن الذي قبله نفسه.
والمؤكد غيره: وهو الآتي بعد جملة صائرة به نصا، نحو:(أنت ابني حقا)[106] ويسمى مؤكد غيره؛ لأنه يجعل ما قبله نصا // بعد أن كان محتملا، فهو مؤثر، والمؤكد به متأثر، والمؤثر والمتأثر غيران.
وأما المسوق للتشبيه بعد جملة مشتملة عليه، فكما أشار إليه بقوله:
297 -
كذاك ذو التشبيه بعد جمله
…
كلي بكًا بكاء ذات عضله
تقول: مررت برجل، فإذا له صوت صوت حمارٍ، تنصب (صوت حمارٍ) بفعل مضمر لا يجوز إظهاره، تقديره: يصوت صوت حمارٍ.
ولا يجوز أن تنصبه بـ (صوت) المبتدأ؛ لأنه غير مقصود به الحدوث، ومن شرط إعمال المصدر أن يكون مقصودًا به قصد فعله: من إفادة معنى الحدوث والتجدد. ومثل ذلك: له صراخً صراخ الثكلى، و (له بكاء بكاء ذات عضلة).
النوع الثاني من المصدر الآتي بدلا من اللفظ بفعله: ما لا فعل له أصلا، كـ (بله) إذا استعمل مضافًا، نحو:[من الكامل]
237 -
بله الأكف .....................
فإنه حينئذ منصوب نصب (فضرب الرقاب)[محمد /4] والعامل فيه فعل من معناه، وهو (اترك) لأن بله الشيء بمعنى: ترك الشيء، فنصب بفعل من معناه، لما لم يكن له فعل من لفظه، على حد النصب في نحو: قعدت جلوسًا، وشنأته بغضًا، وأحببته مقةً.
ويجوز أن ينصب ما بعد (بله) فيكون اسم فعل بمعنى: اترك.
ومثل (بله) المضاف: ويحه وويسه، وويبه، وهو قليل، فلذلك لم يتعرض في هذا المختصر لذكره.