المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفاعل 225 - الفاعل الذي كمرفوعي أتى … زيد منيرًا وجهه - شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك

[بدر الدين ابن مالك]

فهرس الكتاب

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌العلم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌فصل فيما ولا ولات وإن المشبهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها

- ‌لا: التي لنفي الجنس

- ‌ ظن وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه ويسمى (ظرفاً)

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌الحال

- ‌التمييز

- ‌حروف الجر

- ‌الإضافة

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إعمال المصدر

- ‌إعمال اسم الفاعل

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنية أسماء الفاعلين والمفعولينوالصفات المشبهة لها

- ‌الصفة المشبهة باسم الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نعم وبئسوما جرى مجراهما

- ‌أفعل التفضيل

- ‌النعت

- ‌التوكيد

- ‌العطف

- ‌عطف النسق

- ‌البدل

- ‌النداء

- ‌المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌أسماء لازمت النداء

- ‌الاستغاثة

- ‌الندبة

- ‌الترخيم

- ‌الاختصاص

- ‌التحذير والإغراء

- ‌أسماء الأفعال والأصوات

- ‌نونا التوكيد

- ‌ما لا ينصرف

- ‌إعراب الفعل

- ‌عوامل الجزم

- ‌فصل لو

- ‌أما ولولا ولوما

- ‌ الإخبار بالذي والألف واللام

- ‌العدد

- ‌كم وكأين وكذا

- ‌الحكاية

- ‌التأنيث

- ‌المقصور والممدود

- ‌جمع التكسير

- ‌التصغير

- ‌النسب

- ‌الوقف

- ‌الإمالة

- ‌التصريف

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل

- ‌الإدغام

الفصل: ‌ ‌الفاعل 225 - الفاعل الذي كمرفوعي أتى … زيد منيرًا وجهه

‌الفاعل

225 -

الفاعل الذي كمرفوعي أتى

زيد منيرًا وجهه نعم الفتى

اعلم أن الأفعال كلها ما خلا النواقص على ضربين:

أحدهما: أن يأتي على طريقة: فعل يفعل نحو: ضرب يضرب، ودحرج يدحرج.

والأخر: أن يأتي على طريقة: فعل يفعل نحو: ضرب يضرب، ودحرج يدحرج.

وكلا الضربين يجب إسناده إلى اسم مرفوع متأخر، لكن الأول يسند إلى الفاعل، والثاني يسند على المفعول به، أو ما يقوم مقامه.

ويجري مجرى الأفعال في الإسناد إلى اسم مرفوع متأخر الصفات نحو: ضارب، وحسن، ومكرم، والمصادر، المقصود بها قصد أفعالها: من إفادة معنى التجدد، نحو: أعجبني ضربك زيدًا، ودق الثوب القصار، إلا أن إسناد الصفات واجب، وإسناد المصادر جائز، وكلا النوعين: منه ما يجري مجرى فعل الفاعل، ومنه ما يجري مجرى فعل المفعول.

وإذ قد عرفت هذا، فنقول:

الفاعل: هو الاسم المسند إليه فعل مقدم على طريقة فعل أو يفعل، أو اسم يشبهه. (فالاسم) يشمل الصريح، نحو: قام زيد، والمؤول، نحو: بلغني أنك ذاهب، و (المسند إليه فعل) مخرج لما لم يسند إليه، كالمفعول، والمسند إليه غير الفعل، وشبهه، كقولك: خز ثوبك، وذهب مالك، وقولي:(مقدم) مخرج لما تأخر الفعل عنه، كزيد، من قولك: زيد قام، فإنه مبتدأ، والفاعل ضمير مستكن في الفعل، وقولي:(على طريقة فعل، أو يفعل) مخرج لما أسند إليه فعل المفعول، نحو: ضرب زيد، ويكرم عمرو، وقولي:

ص: 157

[83]

(أو اسم يشبهه) مدخل لنحو: زيد من // قولك: مررت برجل ضاربه زيد، فإنه فاعل، لأنه اسم أسند إليه اسم مقدم يشبهه فعلا على طريقة يفعل، لأن (ضاربًا) في معنى يضرب، ومخرج لنحو: عمرو من قولك: مررت برجل مضروب عنده عمرو؛ لأن المسند إليه لا يشبه فعلا على طريقة يفعل، إنما يشبه فعلا على طريقة يفعل، ألا ترى أن قولك: مضروب عنده عمرو، بمنزلة قولك: يضرب عنده عمرو.

وقد أشار بقوله:

الفاعل الذي كمرفوعي أتى

.....................

(البيت). إلى القيود المذكورة، كأنه قال: الفاعل ما كان كزيد من قولك: أتى زيد، في كونه اسمًا، أسند إليه فعل مقدم على طريقة فعل، أو كان كـ (وجهه) من قولك: منيرًا وجهه، من كونه اسمًا أسند إليه اسم مقدم يشبه فعلا، على طريقة يفعل.

ويشمل ذلك فاعل المصدر نحو: أعجبني دق الثوب القصار، فإنه مثل فاعل الوصف: في كونه اسمًا، أسند إليه اسم مقدم، يشبه فعلا، على طريقة فعل، لأن المعنى: أعجبني أن دق الثوب القصار.

226 -

وبعد فعلٍ فاعل فإن ظهر

فهو وإلا فضمير استتر

الفاعل كالجزء من الفعل، لأن الفعل يفتقر إليه معنى واستعمالا، فلم يجز تقديم الفاعل عليه، كما لم يجز تقديم عجز الكلمة على صدرها، فإن وقع الاسم قبل الفعل فهو مبتدأ، معرض لتسلط نواسخ الابتداء عليه، وفاعل الفعل ضمير بعده، مطابق للاسم السابق، فإن كان لمثنى، أو مجموع برز، نحو: الزيدان قاما،

والزيدون قاموا، والهندات قمن، وإن كان لمفرد استتر، مذكرًا كان، أو مؤنثًا، نحو: زيد قام، وهند خرجت، التقدير: زيد قام هو، وهند خرجت هي: وقوله:

............ فإن ظهر

فهو وإلا فضميرًا استتر

يعني: فإن ظهر بعد الفعل ما هو مسند إليه في المعنى فهو الفاعل، سواء كان اسمًا ظاهرًا، نحو: قام زيد، أو ضميرًا بارزًا، نحو: الزيدان قاما، وإن لم يظهر كما في نحو: زيد قام وجب كونه ضميرًا مستترًا في الفعل، لأن الفعل لا يخلو عن الفاعل، ولا يتأخر عنه.

227 -

وجرد الفعل إذا ما أسندا

لاثنين أو جمعٍ كفاز الشهدا

228 -

وقد يقال سعدا وسعدوا

والفعل للظاهر بعد مسند

ص: 158

اللغة المشهورة أن ألف الاثنين، وواو الجماعة، ونون الإناث أسماء مضمرة، ومن العرب من يجعلها حروفًا دالة على مجرد التثنية والجمع.

فعلى اللغة الأولى: إذا أسند الفعل إلى الفاعل الظاهر، وهو مثنى، أو مجموع جرد من الألف، والواو، والنون، كقولك: سعد أخواك، وفاز الشهداء، وقام الهندات؛ [84] لأنها أسماء، فلا يلحق شيء منها الفعل إلا مسندًا إليه، ومع إسناد // الفعل إلى الظاهر لا يصح ذلك، لأن الفعل لا يسند مرتين.

وعلى اللغة الثانية: إذا أسند الفعل إلى الظاهر لحقته الألف في التثنية، والواو في جمع المذكر، والنون في جمع المؤنث، نحو: سعدا أخواك، وسعدوا أخوتك، وقمن الهندات، لأنها حروف فلحقت الأفعال، مع ذكر الفاعل علامة على التثنية، والجمع، كما تلحق التاء علامة على التأنيث.

ومما جاء على هذه اللغة قولهم: (أكلوني البراغيث) وقوله صلى الله عليه وسلم: (يتعاقبون فيكم ملائكةً بالليل وملائكةً بالنهار). وقول الشاعر: [من الطويل]

205 -

تولى قتال المارقين بنفسه

وقد أسلماه مبعد وحميم

وقول الآخر: [من الطويل]

206 -

رأين الغواني الشيب لاح بعارضي

فأعرضن عني بالخدود النواضر

ومن النحويين من يحمل ما ورد من ذلك على أنه خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر. ومنهم من يحمله على إبدال الظاهر من المضمر.

ص: 159

وكلا المحملين غير ممتنع فيما سمع من غير أصحاب اللغة المذكورة.

ولا يجوز حمل جميع ما جاء من ذلك على الإبدال، أو التقديم، والتأخير، لأن أئمة اللغة اتفقوا على أن قومًا من العرب يجعلون الألف، والواو، والنون علامات للتثنية، والجمع، كأنهم بنوا ذلك على أن من العرب من يلتزم من تأخير الاسم الظاهر الألف في فعل الاثنين، والواو في فعل جمع المذكر، والنون في فعل جمع المؤنث، فوجب أن تكون عند هؤلاء حروفًا، وقد لزمت للدلالة على التثنية، والجمع، كما قد تلزم التاء للدلالة على التأنيث، لأنها لو كانت اسمًا للزم: إما وجوب الإبدال، أو التقديم والتأخير، وإما إسناد الفعل مرتين، وكل ذلك باطل، لا يقول به أحد.

229 -

ويرفع الفاعل فعل أضمرا

كمثل زيد في جواب من قرا

يضمر فعل الفاعل المذكور: جوازًا أو وجوبًا، فيضمر جوازًا إذا استلزمه فعل قبله، أو أجيب به نفي أو استفهام، ظاهر أو مقدر، فما استلزمه فعل قبله قول الراجز:[من الرجز]

207 -

أسقى الإله عدوات الوادي

وجوفه كل ملث غادي

كل أجش حالك السواد

فرفع (كل أجش) بـ (سقى) مضمرًا، لاستلزام (أسقى) إياه.

ومن المجاب به نفي، كقولك: بلى زيد، لمن قال: به استفهام مقدر قولك: يكتب لي القرآن زيد: ترفع زيدًا بفعل [85] مضمر، لأن قولك، يكتب لي القرآن مما يحرك السامع للاستفهام // عن كاتبه، فنزلت ذلك منزلة الواقع، وجئت بزيد، مرتفعًا بفعل مضمر، جوابًا لذلك الاستفهام، والتقدير: يكتبه لي زيد. ومثله قراءة ابن عامر وشعبة (يسبح له فيها بالغدو والآصال * رجال)[النور /36 - 37]. والمعنى: يسبحه رجال.

ص: 160

وقول الشاعر: [من الطويل]

208 -

ليبك يزيد ضارع لخصومةٍ

ومختبط مما تطيح الطوائح

كأنه لما قال: ليبك يزيد، قيل له: من يبكيه، فقال: ضارع، على معنى: يبكيه ضارع.

ويضمر فعل الفاعل وجوبًا إذا فسر بما بعد الفاعل: من فعل مسند إلى ضميره، أو ملابسه، نحو قوله تعالى:(وإن أحد من المشركين استجارك)[التوبة /6] وهلا زيد قام أبوه: التقدير: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، وهلا لابس زيد قام أبوه، إلا أنه لا يتكلم به، لأن الفعل الظاهر كالبدل من اللفظ بالفعل المضمر، فلم يجمع بينهما.

230 -

وتاء تأنيثٍ تلي الماضي إذا

كان لأنثي كأبت هند الأذى

إذا أسند الفعل الماضي إلى مؤنث لحقته تاء ساكنة، تدل على تأنيث فاعله، وكان حقها ألا تلحقه، لأن معناها في الفاعل، إلا أن الفاعل لما كان كجزء من الفعل جاز أن يدل على معنى فيه ما اتصل بالفعل، كما جاز أن يتصل بالفاعل علامة رفع الفعل في يفعلان، ويفعلون، وتفعلين.

وإلحاق هذه التاء على ضربين: واجب، وجائز، وقد نبه على ذلك بقوله:

231 -

وإنما تلزم فعل مضمر

متصل أو مفهمٍ ذات حر

232 -

وقد يبيح الفصل ترك التاء في

نحو أتى القاضي بنت الواقف

233 -

والحذف مع فصلٍ بإلا فضلا

كما زكا إلا قتاة ابن العلا

ص: 161

المؤنث ينقسم إلى قسمين: حقيقي التأنيث، وهو ما كان من الحيوان بإزائه ذكر كامرأة، ونعجة، وأتان، وإلى مجازي التأنيث، وهو ما سوى الحقيقي، كدار، ونار، وشمس، فإذا أسند الفعل الماضي إلى مؤنث لزمته التاء، إذا كان المسند إليه: إما ضميرًا، متصلا حقيقي التأنيث كهند قامت، أو مجازيه كالشمس طلعت، وإما ظاهرًا: حقيقي التأنيث، غير مفصول، ولا مقصود به الجنس، نحو: قامت هند.

وإن كان المسند إليه ظاهرًا، مجازي التأنيث، نحو: طلعت الشمس، أو مفصولا عن الفعل، نحو: أتت اليوم هند، أو مقصودًا به الجنس، نحو: نعمت المرأة حفصة، وبئست المرأة عمرة جاز حذف التاء، وثبوتها، ويختار الثبوت، إن كان مجازي التأنيث، غير [86] مفصول، أو كان حقيقي التأنيث، مفصولا بغير // (إلا) نحو: أتت القاضي فلانة، وقد يقال: أتى القاضي فلانة، قال الشاعر:[من البسيط]

209 -

إن امرأ غرة منكن واحدة

بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور

ويختار الحذف إن كان الفصل بـ (إلا) أو قصد الجنس، لأن في الفصل بـ (إلا) يكون الفعل مسندًا في المعنى إلى مذكر، فحمل على المعنى غالبًا، تقول:(ما زكا إلا فتاة ابن العلا) فتذكر الفعل، لأن المعنى: ما زكا شيء، أو أحد إلا فتاة ابن العلا، وقد يقال: ما زكت إلا فتاة ابن العلا، نظرًا إلى ظاهر اللفظ، كما قال الشاعر:[من الطويل]

210 -

وما بقيت إلا الضلوع الجراشع

وإذا قلت: نعم المرأة، أو بئس المرأة فلانة، فالمسند إليه مقصود به الجنس على سبيل المبالغة في المدح والذم، فأعطى فعله حكم المسند إلى أسماء الأجناس، المقصود بها الشمول، وتساوي التاء في اللزوم، وعدمه تاء مضارع الغائبة، ونون التأنيث الحرفية.

ص: 162

234 -

والحذف قد يأتي بلا فصل ومع

ضمير ذي المجاز في شعرٍ وقع

235 -

والتاء مع جمعٍ سوى السالم من

مذكرٍ كالتاء مع إحدى اللبن

236 -

والحذف في نعم الفتاة استحسنوا

لأن قصد الجنس فيه بين

حذف التاء من الماضي المسند إلى الظاهر الحقيقي التأنيث، غير المفصول لغة. حكي سيبويه أن بعض العرب يقول:(قال فلانة) فيحذف التاء، مع كون الفاعل ظاهرًا، متصلا، حقيقي التأنيث.

وقد يستباح حذفها من الفعل المسند إلى ضمير مجازي التأنيث لضرورة الشعر، كقول الشاعر:[من المتقارب]

211 -

فلا مزنة ودقت ودقها

ولا أرض أبقل إبقالها

وقوله:

والتاء مع جمعٍ سوى السالم

(البيت). تنبيه على أن حكم الفعل المسند إلى جمع غير المذكر السالم حكم المسند إلى الواحد المجازي التأنيث تقول: قامت الرجال، وقام الرجال، فالتأنيث على تأويلهم بالجماعة، والتذكير على تأويلهم بالجمع.

وتقول: قامت الهندات وقام الهندات، بثبوت التاء، وحذفها؛ لأن تأنيث الجموع مجازي، يجوز إخلاء فعله من العلامة، ولا يجوز اعتبار التأنيث في نحو: مسلمين، لأن سلامة نظمه تدل على التذكير، وأما (البنون) فيجري مجرى جمع التكسير، لتغير نظم واحده، تقول: قام البنون، وقامت البنون، كما تقول جاء الرجال، وجاءت الرجال، وقوله:

والحذف في نعم الفتاة استحسنوا

(البيت). قد تقدم الكلام عليه.

ص: 163

237 -

والأصل في الفاعل أن يتصلا

والأصل في المفعول أن ينفصلا [87] //

238 -

وقد يجاء بخلاف الأصل

وقد يجيء المفعول قبل الفعل

قد تقدم أن الفاعل كالجزء من الفعل، فلذلك كان حقه أن يتصل بالفعل، وحق المفعول الانفصال عنه: نحو: ضرب زيدً عمرًا، وكثيرًا ما يتوسع في الكلام بتقدم المفعول على الفاعل، وقد يتقدم على الفعل نفسه.

فالأول، نحو: ضرب زيدًا عمرو.

والثاني: نحو: زيدًا ضرب عمرو، ومثله قوله تعالى:(فريقًا هدى وفريقًا حق عليهم الضلالة)[الأعرف /30].

وتقديم المفعول على الفاعل على ثلاثة أقسام: جائز، وواجب، وممتنع. وقد نبه على الوجوب، والامتناع بقوله:

239 -

وأخر المفعول إن لبس حذر

أو أضمر الفاعل غير منحصر

240 -

وما بإلا أو بإنما انحصر

أخره وقد يسبق إن قصد ظهر

241 -

وشاع نحو خاف ربه عمر

وشذ نحو زان توره الشجر

إذا خيف التباس الفاعل بالمفعول لعدم ظهور الإعراب، وعدم القرينة وجب تقديم الفاعل، نحو: أكرم موسى عيسي، وزارت سعدي سلمى، فلو وجدت قرينة تبين بها الفاعل من المفعول جاز تقديم المفعول، نحو: ضربت سعدي موسى، وأضنت سلمى الحمى.

وإذا أضمر الفاعل، ولم يقصد حصره وجب تقديمه، وتأخير المفعول، نحو: أكرمتك، وأهنت زيدًا، فلو قصد حصره وجب تأخيره، نحو: ما ضرب زيدًا إلا أنت، وكل ما قصد حصره استحق التأخير: فاعلا كان، أو مفعولا، سواء كان الحصر بـ (إنما) أو بـ (إلا) نحو: إنما ضرب زيد عمرًا، وما ضرب زيد إلا عمرًا. هذا على قصد الحصر في المفعول.

فلو قصد الحصر في الفاعل لقيل: إنما ضرب عمرًا زيد، وما ضرب عمرًا إلا زيد.

وأجاز الكسائي تقديم المحصور بـ (إلا) لأن المعنى مفهوم معها، سواء قدم المحصور، أو أخر، بخلاف المحصور بـ (إنما) فإنه لا يعلم حصره إلا بالتأخير.

ص: 164

ووافق ابن الأنباري الكسائي في تقديم المحصور إذا لم يكن فاعلا، وأنشد لمجنون بني عامر:[من الطويل]

212 -

تزودت من ليلى بتكليم ساعةٍ

فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها

وإلى نحو ذا الإشارة بقوله:

وقد يسبق إن قصد ظهر

قوله:

وشاع نحو خاف ربه عمر

.

يعني أنه قد كثر تقديم المفعول الملتبس بضمير الفاعل عليه، ولم يبال بعود الضمير على متأخر في الذكر، لأنه متقدم في النية.

[88]

فلو كان الفاعل ملتبسًا بضمير المفعول وجب // عند أكثر النحويين تأخيره عن المفعول، نحو:(زان الشجر نوره)، وقوله تعالى:(وإذ ابتلى إبراهيم ربه)[البقرة / 124]، لأنه لو تأخر المفعول عاد الضمير على متأخر لفظًا، ورتبة.

ومنهم من أجازه، لأن استلزام الفعل للمفعول يقوم مقام تقديمه، فتقول:(زان نوره الشجر).

والحق أن ذلك جائز في الضرورة لا غير، كقول الشاعر:[من البسيط]

213 -

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبرٍ

وحسن فعلٍ كما يجزى سنمار

ص: 165

وقول حسان رضي الله عنه في مطعم بن عدى: [من الطويل]

214 -

ولو أن مجدًا أخلد الدهر واحدًا

من الناس أبقى مجده الدهر مطعما

ومثله قول الآخر: [من الطويل]

215 -

كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤددٍ

وزقي نداه ذا الندى في ذرى المجد

ص: 166