المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الاستثناء 316 - ما استثنت إلا مع تمامٍ ينتصب … وبعد - شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك

[بدر الدين ابن مالك]

فهرس الكتاب

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌العلم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌فصل فيما ولا ولات وإن المشبهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها

- ‌لا: التي لنفي الجنس

- ‌ ظن وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه ويسمى (ظرفاً)

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌الحال

- ‌التمييز

- ‌حروف الجر

- ‌الإضافة

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إعمال المصدر

- ‌إعمال اسم الفاعل

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنية أسماء الفاعلين والمفعولينوالصفات المشبهة لها

- ‌الصفة المشبهة باسم الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نعم وبئسوما جرى مجراهما

- ‌أفعل التفضيل

- ‌النعت

- ‌التوكيد

- ‌العطف

- ‌عطف النسق

- ‌البدل

- ‌النداء

- ‌المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌أسماء لازمت النداء

- ‌الاستغاثة

- ‌الندبة

- ‌الترخيم

- ‌الاختصاص

- ‌التحذير والإغراء

- ‌أسماء الأفعال والأصوات

- ‌نونا التوكيد

- ‌ما لا ينصرف

- ‌إعراب الفعل

- ‌عوامل الجزم

- ‌فصل لو

- ‌أما ولولا ولوما

- ‌ الإخبار بالذي والألف واللام

- ‌العدد

- ‌كم وكأين وكذا

- ‌الحكاية

- ‌التأنيث

- ‌المقصور والممدود

- ‌جمع التكسير

- ‌التصغير

- ‌النسب

- ‌الوقف

- ‌الإمالة

- ‌التصريف

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل

- ‌الإدغام

الفصل: ‌ ‌الاستثناء 316 - ما استثنت إلا مع تمامٍ ينتصب … وبعد

‌الاستثناء

316 -

ما استثنت إلا مع تمامٍ ينتصب

وبعد نفيٍ أو كنفيٍ انتخب

317 -

إتباع ما اتصل وانصب ما انقطع

وعن تميمٍ فيه إبدال وقع

318 -

وغير نصبٍ سابقٍ في النفي قد

يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

الاستثناء نوعان: متصل، ومنقطع.

فالاستثناء المتصل؛ إخراج مذكور بـ (إلا) أو ما في معناها من حكم شامل له، ملفوظ به، أو مقدر.

(فالإخراج) جنس يشمل نوعي الاستثناء، ويخرج الوصف بـ (إلا) كقوله عز وجل:(لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)[الأنبياء /22].

[114]

وقلت (إخراج // مذكور): ولم أقل إخراج اسم: لأعم استثناء المفرد، نحو: قام القوم إلا زيدًا، واستثناء الجملة، لتأولها بالمشتق، نحو: ما مررت بأحدٍ إلا زيد خير منه.

وقلت بـ (إلا، أو ما في معناها): ليخرج التخصيص بالوصف، ونحوه، ويدخل الاستثناء بـ (غير، وسوى، وحاشا، وخلا، وغدا، وليس، ولا يكون).

وقلت (من حكم شامل له): ليخرج الاستثناء المنقطع.

وقلت (ملفوظ به أو مقدر): ليتناول الحد الاستثناء التام، والمفرغ. فالاستثناء التام: هو أن يكون المخرج منه مذكورًا نحو: قام القوم إلا زيدًا، وما رأيت أحدًا إلا عمرًا.

والاستثناء المفرغ: هو أن يكون المخرج منه مقدرًا في قوة المنطوق به، نحو: ما قام إلا زيد، التقدير: ما قام أحد إلا زيد.

ص: 210

وأما الاستثناء المنقطع: فهو الإخراج بـ (إلا، أو غير، أو بيد) لما دخل في حكم دلالة المفهوم.

(فالإخراج) جنس، وقولي بـ (إلا، أو غير، أو بيد): مدخل لنحو: ما فيها إنسان إلا وتدًا، وما عندي أحد غير فرس، ولنحو قوله صلى الله عليه وسلم:(أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش، واسترضعت في بني سعد) ومخرج للاستدراك بـ (لكن) نحو قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله)[الأحزاب /40].

فإن إخراج لما دخل في حكم دلالة المفهوم، ولا يسمى في اصطلاح النحويين استثناء، بل يختص باسم الاستدراك.

وقولي (لما دخل): تعميم لاستثناء المفرد، والجملة، كما سيأتي إن شاء الله وقولي (في حكم دلالة المفهوم) مخرج لاستثناء المتصل، فإن إخراج لما دخل في حكم دلالة المنطوق.

والاستثناء المنقطع أكثر ما يأتي مستثناه مفردًا، وقد يأتي جملة.

فمن أمثلة المستثنى المنقطع الآتي مفردًا قوله عز وجل: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف)[النساء /22]، فـ (ما قد سلف) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) من المؤاخذة على نكاح ما نكح الآباء، كأنه قيل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، فالناكح ما نكح أبوه مؤاخذ بفعله، إلا ما قد سلف.

ومنها قوله تعالى: (ما لهم به من علم إلا إتباع الظن)[النساء /157](فإتباع الظن) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (ما لهم به من علم) من نفي الأعم من العلم والظن، فإن الظن يستحضر بذكر العالم، لكثرة قيامه مقامه، وكأنه قيل: ما يأخذون بشيء إلا إتباع الظن.

ومنها قوله تعالى: (لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم)[هود /43]. على إرادة لا من يعصم من أمر الله إلا من رحمة الله، وهو أظهر الوجوه.

(فمن رحم) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (لا عاصم) من نفي المعصوم، كأنه قيل: لا عاصم اليوم من أمر الله لأحد، إلا من رحم الله، أو لا معصوم عاصم من أمر الله إلا من رحم الله.

ص: 211

ومنها قوله تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من [115] الغاوين)[الحجر /42] فإن العباد الذين أضافهم الله سبحانه // وتعالى إليه هم المخلصون، الذين لا سلطان للشيطان عليهم.

فمن اتبعك غير محرج منهم، فليس بمستثنى متصل، وإنما هو مستثنى منقطع، مخرج لما أفهمه الكلام.

والمعنى والله أعلم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان، ولا على غيرهم، إلا من اتبعك من الغاوين.

ومنها قوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى)[الدخان /56](فالموتة الأولى) مستثنى منقطع، مخرج مما أفهمه (لا يذوقون فيها الموت) من نفي تصوره للمبالغة في نفي وقوعه، كأنه قيل: لا يذوقون فيها الموت، ولا يخطر لهم ببال إلا الموتة الأولى.

ومنها قولهم: (له على ألف إلا ألفين) و (إن لفلان مالا إلا أنه شقي) و (ما زاد إلا ما نقص) و (ما نفع إلا ما ضر) و (ما في الأرض أخبث منه إلا إياه) و (جاء الصالحون إلا الطالحين).

فالاستثناء في هذه الأمثلة كلها على نحو ما تقدم.

فالأول: على معنى: له على ألف لا غير، إلا ألفين.

والثاني: على معنى: عدم فلان البؤس إلا أنه شقي.

والثالث: على معنى: ما عرض له عارض إلا النقص.

والرابع: على معنى: ما أفاد شيئًا إلا الضر.

والخامس: على معنى: ما يليق خبثه بأحدٍ إلا إياه.

والسادس: على معنى: جاء الصالحون وغيرهم، إلا الطالحين.

كأن السامع توهم مجيء غير الصالحين، ولم يعبأ بهم المتكلم، فأتى بالاستثناء، رفعًا لذلك التوهم.

ومن أمثلة المستثنى المنقطع الآتي جملة قولهم: لأفعلن كذا، وكذا إلا حل ذلك أن أفعل كذا وكذا.

قال السيرافي: (إلا) بمعنى (لكن)، لأن ما بعدها مخالف لما قبلها، وذلك أن قوله: والله لأفعلن كذا، وكذا عقد يمين عقده على نفسه، وحله إبطاله ونقضه، كأنه قال:

ص: 212

على فعل كذا معقودًا، لكن إبطال هذا العقد فعل كذا.

قال الشيخ رحمه الله: وتقدير الإخراج في هذا أن يجعل قوله: (لأفعلن كذا) بمنزلة لا أرى لهذا العقد مبطلا إلا فعل كذا.

وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى: (لست عليهم بمسيطر * إلا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الأكبر)[الغاشية / 22 - 24].

على أن تكون (من) مبتدأ و (يعذبه) الخبر، ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الجزاء.

وجعل الفراء من هذا قراءة من قرأ (فشربوا منه إلا قليل منهم)[البقرة/ 249]. على تقدير: إلا قليل منهم لم يشرب.

ويمكن أن يكون من هذا قراءة ابن كثير وأبي عمرو: (إلا امرأتك إنه يصيبها ما أصابهم)[هود /81].

وبهذا التوجيه يكون الاستثناء في النصب والرفع من نحو قوله تعالى: (فأسر بأهلك)[هود /81] وهو أولى من أن يستنثى المنصوب من (أهلك) والمرفوع من (أحد).

وإذ قد عرفت هذا فاعلم أن الاسم المستثنى بـ (إلا) في غير تفريغ يصح نصبه على الاستثناء، سواء كان متصلا أو منقطعا.

وإلى هذا أشار بقوله:

ما استثنت إلا مع تمام ينتصب

........................

والناصب لهذا المستثنى هو (إلا) لا ما قبلها بتعديتها، ولا به مستقلا، ولا [116] بأستثنى مضمرًا // خلافًا لزاعمي ذلك.

ص: 213

ويدل على أن الناصب هو (إلا) أنها حرف مختص بالأسماء، غير منزل منزلة الجزء، وما كان كذلك فهو عامل، فيجب في (إلا) أن تكون عاملة، ما لم تتوسط بين عامل مفرغٍ ومعمول، فتلغى وجوبًا، إن كان التفريغ محققًا، نحو: ما قام إلا زيد، وجوازًا إن كان مقدرًا، نحو: ما قام أحد إلا زيد، فإنه في تقدير: ما قام إلا زيد، لأن (أحد) مبدل منه، والمبدل منه في حكم المطروح.

فإن قيل: لا نسلم أن (إلا) مختصة بالأسماء لأن دخولها على الفعل ثابت كقولهم: (نشدتك الله إلا فعلت) و (ما تأتيني إلا قلت خيرًا) و (ما تكلم زيد إلا ضحك). سلمنا أنها مختصة، لكن ما ذكرتموه معارض: بأن (إلا) لو كانت عاملة لا تصل بها الضمير، ولعملت الجر قياسًا على نظائرها.

فالجواب: أن (إلا) إنما تدخل على الفعل إذا كان في تأويل الاسم، فمعنى (نشدتك الله إلا فعلت): ما أسألك إلا فعلك، ومعنى (ما تأتيني إلا قلت خيرًا)، و (ما تكلم زيد إلا ضحك): ما تأتيني إلا قائلا خيرًا، وما تكلم زيد إلا ضاحكًا، ودخول (إلا) على الفعل المؤول بالاسم لا يقدح في اختصاصها بالأسماء كما لم يقدح في اختصاص الإضافة بالأسماء الإضافة إلى الأفعال، لتأولها بالمصدر في نحو يوم قام زيد.

قوله: ولو كانت (إلا) عاملة لا تصل بها الضمير، ولعملت الجر.

قلنا: القياس في كل عامل إذا دخل على الضمير أن يتصل به، ولكن منع من اتصال الضمير بـ (إلا) أن الانفصال متلزم في التفريغ المحقق والمقدر فالتزم مع عدم التفريغ، ليجري الباب على سنن واحد.

وأما قولكم: لو كانت (إلا) عاملة لعملت الجر فممنوع؛ لأن عمل الجر إنما هو للحروف التي تضيف معاني الأفعال إلى الأسماء، وتنسبها إليها، و (إلا) ليست كذلك فإنها لا تنسب إلى الاسم الذي بعدها شيئًا، بل تخرجه عن النسبة فقط، فلما خالفت الحروف الجارة لم تعمل عملها، وعملت النصب.

وذهب السيرافي إلى أن الناصب هو ما قبل (إلا) من فعل أو غيره بتعدية (إلا). ويبطل هذا المذهب صحة تكرير الاستثناء، نحو: قبضت عشرة إلا أربعة إلا اثنين، إذ لا فعل في المثال المذكور إلا قبضت، فإذا جعل متعديًا بـ (إلا) لزم تعديته إلى الأربعة بمعنى الحط، وإلى الاثنين بمعنى الجبر، وذلك حكم بما لا نظير له، أعني: استعمال فعل واحد، معدى بحرف واحد لمعنيين متضادين.

ص: 214

وذهب ابن خروف إلى أن الناصب ما قبل (إلا) على سبيل الاستقلال، ويبطله أنه حكم بما لا نظير له، فإن المنصوب على الاستثناء بعد (إلا) لا مقتضى له غيرها، لأنها لو حذفت لم يكن لذكره معنى، فلو لم تكن عاملة فيه، ولا موصلة عمل ما قبلها إليه مع اقتضائها إياه لزم عدم النظر، فوجب اجتنابه.

[117]

وذهب الزجاج إلى أن الناصب // (أستثني) مضمرًا. وهو مردود بمخالفة النظائر، إذ لا يجمع بين فعل وحرف يدل على معناه، لا بإظهار ولا بإضمار، ولو جاز ذلك لنصب ما ولي (ليت، وكأن) بأتمنى وأشبه.

وفي الإجماع على امتناع ذلك دلالة على فساد إضمار (أستثني) وإذ بطلت هذه المذاهب تعين القول بأن الناصب للمستثنى هو (إلا) لا غير.

واعلم أن المنصوب بـ (إلا) على أربعة أضرب.

فمنه ما يتعين نصبه، ومنه ما يختار نصبه، ويجوز إتباعه للمستثنى منه، ومنه ما يختار نصبه متصلا، ويجوز رفعه على التفريغ، ومنه ما يختار إتباعه، ويجوز نصبه على الاستثناء.

فإن كان الاستثناء متصلا، وتأخر المستثنى عن المستثنى منه، وتقدم على (إلا) نفي: لفظًا، أو معنى، أو ما يشبه النفي، وهو النهي والاستفهام للإنكار اختير الإتباع.

مثال تقدم النفي لفظًا: ما قام أحد إلا زيد، وما مررت بأحدٍ إلا زيدٍ، ومثال تقدم النفي معنى كقول الشاعر:[من البسيط]

248 -

وبالصريمة منهم منزل خلق

عافٍ تغير إلا النؤي والوتد

وقول الآخر: [من الخفيف]

249 -

لدم ضائعً تغيب عنه

أقربوه إلا الصبا والدبور

ص: 215

فإن (تغير) بمعنى: لم يبق على حاله، و (تغيب) بمعنى: لم يحضر.

ومثال تقدم شبه النفي قولك: لا يقم أحد إلا عمرو، وهل أتى الفتيان إلا عامر؟ ونحوه قوله تعال:(ومن يغفر الذنوب إلا الله)[آل عمران /135]، (ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون)[الحجر /56]، المعنى: ما يغفر الذنوب إلا الله، وما يقنط من رحمة ربه إلا الضالون.

فالمختار فيما بعد (إلا) من هذه الأمثلة، ونحوها إتباعه لما قبلها لوجود الشروط المذكورة، ونصبه على الاستثناء عربي جيد.

والدليل على ذلك قراءة ابن عامر قوله تعالى: (ما فعلوه إلا قليلا منهم)[النساء /66]، وإن سيبويه روى عن يونس وعسيى جميعًا أن بعض العرب الموثوق بعربيتهم يقول:(ما مررت بأحدٍ إلا زيدًا، وما أتاني أحد إلا زيدًا).

والإتباع في هذا النوع على الإبدال عند البصريين وعلى العطف عند الكوفيين.

قال أبو العباس ثعلب: كيف تكون بدلا، وهو موجب، ومتبوعه منفي؟

وأجاب السيرافي: بأن قال: هو بدل منه في عمل العامل فيه، وتخالفهما بالنفي، والإيجاب لا يمنع البدلية، لأن مذهب البدل فيه: أن يجعل الأول كأنه لم يذكر، والثاني في موضعه، وقد يتخالف الموصوف والصفة نفيًا وإثباتًا نحو: مررت برجل لا كريم ولا لبيب.

وإن كان الاستثناء منقطعًا وجب نصب ما بعد (إلا) عند جميع العرب، إلا بني تميم فإنهم قد يتبعون في غير الإيجاب المنقطع، المؤخر في المستثنى منه، بشرط صحة [118] الاستغناء عنه // بالمستثنى، فيقولون: ما فيها إنسان إلا وتد، ويقرؤون قوله تعالى:(ما لهم به من علمٍ إلا إتباع الظن)[النساء /157] لأنه يصح الاستغناء بالمستثنى عن المستثنى منه، كأن يقال: ما فيها إلا وتد، وما لهم إلا إتباع الظن، ومن ذلك:

ص: 216

[من الرجز]

250 -

وبلدةٍ ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

وقول الآخر: [من الطويل]

251 -

عشية لا تغني الرماح مكانها

ولا النبل إلا المشرفي المصمم

وقول الفرزدق: [من الطويل]

252 -

وبنيت كريمٍ قد نكحنا ولم يكن

لنا خاطب إلا السنان وعامله

فلو لم يصح الاستغناء بالمستثنى عن المستثنى منه، كما في قوله تعالى:(لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم)[هود /43] على ما تقدم تعين نصبه عند الجميع.

ص: 217

وإن كان الاستثناء متصلا بعد نفي، أو شبهه، والمستثنى متقدم على المستثنى منه، كما في نحو: ما جاء إلا زيدا أحد، وكقول الشاعر:[من الطويل]

253 -

وما لي إلا آل أحمد شيعة

وما لي إلا مذهب الحق مذهب

امتنع جعل المستثنى بدلا، لأن التابع لا يتقدم على المتبوع، وكان الوجه فيه نصبه على الاستثناء، وقد يرفع على تفريغ العامل له، ثم الإبدال منه.

قال سيبويه: (حدثني يونس أن قومًا يوثق بعربيتهم يقولون: ما لي إلا أبوك ناصر فيجعلون ناصرًا بدلا، ونظيره قولك: ما مررت بمثلك أحد)، ومثل ما حكي يونس قول حسان رضي الله عنه:[من الطويل]

254 -

لأنهم يرجون منه شفاعةً

إذا لم يكن إلا النبيون شافع

وإن كان الاستثناء متصلا بعد إيجاب تعين نصب المستثنى، سواء تأخر عن المستثنى منه، أو تقدم عليه، وذلك نحو: قام القوم إلا زيدًا، وقام إلا زيدًا القوم.

وقد وضح من التفصيل أن المستثنى بـ (إلا) في غير تفريغ على أربعة أضرب، كما ذكرنا، وقد بينها في الأبيات المذكورة، وبين ما يختار نصبه على إتباعه، بقوله:

....... وانصب ما انقطع

وعن تميمٍ فيه إبدال وقع

وبين ما يختار نصبه على رفعه للتفريغ بقوله:

وغير نصبٍ سابقٍ في النقي قد

يأتي ولكن نصبه اختر إن ورد

وبين ما يختار إتباعه على نصبه بقوله:

..........................

وبعد نفيٍ أو كنفيٍ انتخب

إتباع ما اتصل ................

.........................

ص: 218

مع ما يدل عليه قوله:

وغير نصبٍ سابقٍ في النفي

قد يأتي ................

من اشتراط تقدم المستثنى منه على المستثنى، وبقي ما سوى ما ذكر على ما يقتضيه ظاهر قوله:

ما استثنت إلا مع تمامٍ ينتصب

....................

من تعين النصب.

[119]

ولما فرغ من بيان حكم الاستثناء // التام أخذ في بيان حكم الاستثناء المفرغ فقال:

319 -

وإن يفرغ سابق إلا لما

بعد يكن كما لو إلا عدما

يعني: وإن يفرغ العامل السابق على (إلا) من ذكر المستثنى منه للعمل فيها بعدها بطل عملها فيه، وأعرب بما يقتضيه ذلك العامل.

والأمر كما قال: فإنه يجوز في الاستثناء بـ (إلا) بعد النفي، أو شبهه أن يحذف المستثنى منه، ويقام المستثنى مقامه، فيعرب بما كان يعرب به، دون (إلا) لأنه قد صار خلفًا عن المستثنى منه، فأعطي إعرابه.

تقول: ما جاء إلا زيد، وما رأيت إلا زيدًا، وما مررت إلا بزيدٍ، فترفع (زيدًا) بعد (إلا) في الفاعلية، وتنصبه بالمفعولية، وتجره بتعدية مررت إليه بالباء، كما لو تكن (إلا) موجودة.

320 -

وألغ إلا ذات توكيدٍ كلا

تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا

تكرر (إلا) بعد المستثنى بها لتوكيد ولغير توكيد. أما تكريرها للتوكيد فمع البدل والمعطوف بالواو.

مثالها مع البدل: ما مررت إلا بأخيك إلا زيد، تريد: ما مررت إلا بأخيك زيد. ونحوه: (لا تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا).

ومثالها مع المعطوف بالواو: ما قام إلا زيد وإلا عمرو، ونحوه قول الشاعر:[من الطويل]

255 -

هل الدهر إلا ليلة ونهارها

وإلا طلوع الشمس ثم غيارها

ص: 219

وقد جمع المثالين قول الآخر: [من الرجز]

256 -

ما لك من شيخك إلا عمله

إلا رسيمه ولا رمله

فـ (إلا) المكررة في هذه الأمثلة زائدة مؤكدة للتي قبلها، لأن دخولها في الكلام كخروجها، فلا تعمل فيما تدخل عليه شيئًا، بل يبقي على ما كان عليه قبل دخولها: من تبعية في الإعراب لما قبله.

وأما تكرير (إلا) لغير توكيد فإذا قصد بها استثناء بعد استثناء، وذلك على ضربين:

أحدهما: أن يكون فيه المستثنى بالمكررة مباينًا لما قبله.

والآخر: أن يكون فيه المستثنى بها بعضًا لما قبله.

أما الضرب الأول فهو المراد بقوله:

321 -

وإن تكرر لا لتوكيدٍ فمع

تفريغٍ التأثير بالعامل دع

322 -

في واحدٍ مما بإلا استثنى

وليس عن نصب سواه مغني

323 -

ودون تفريغٍ مع التقدم

نصب الجميع احكم به والتزم [120] //

324 -

وانصب لتأخيرٍ وجئ بواحد

منها كما لو كان دون زائد

325 -

كلم يفوا إلا امرؤ إلا علي

وحكمها في القصد حكم الأول

يعني: إذا كررت (إلا) لغير توكيد، والمستثنى بها مباين للمستثنى الأول، فإما أن يكون ما قبلها من العوامل مفرغًا، وإما أن يكون مشغولا.

فإن كان مفرغًا شغلٍ بأحد المستثنيين، أو المستثنيات، ونصب ما سواه، نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا، إلا بكرًا، والأقرب إلى المفرغ أولى بعمله مما سواه.

وإن كان العامل مشغولا بالمستثنى منه، فللمستثنيين، أو المستثنيات النصب إن تأخر المستثنى منه، نحو: ما قام إلا زيدًا، إلا عمرًا، إلا بكرًا القوم، وإن لم يتأخر فلأحد المستثنيين، أو المستثنيات من الاتباع؟ والنصب ما له لو لم يستثن غيره وما سواه النصب، كقولك: ما جاء أحد إلا زيد إلا عمرًا، إلا بكرًا.

ص: 220

ومثله قوله:

لم يفوا إلا امرؤ إلا عليا

........................

وما بعد الأول من هذه المستثنيات مساو له في الدخول، إن كان الاستثناء من غير موجب، وفي الخروج إن كان الاستثناء من موجب.

وإلى هذا أشار بقوله:

.........................

وحكمها في القصد حكم الأول

فإن قلت: إذا كانت هذه المستثنيات حكمها واحد، فلم لم يعطف بعضها على بعض؟

قلت: لأنه أريد بالمستثنى الثاني إخراجه من جملة ما بقي بعد المستثنى الأول، وبالمستثنى الثالث إخراجه من جملة ما بقي بعد المستثنى الثاني، وليس المراد إخراجها دفعة واحدة، وإلا وجب العطف.

وأما الضرب الثاني فلم يتعرض لذكره؛ لأن حكمه في الإعراب حكم الذي قبله. وأنا أذكره لأبين معناه، فأقول:

إذا كررت (إلا) مستثنى بها بعض لما قبلها فالمراد إخراج كل مستثنى من متلوه، ولك في معرفة المتحصل بعد ما يخرج بالاستثناء طريقان:

أحدهما: أن تجعل كل وتر كالأول، والثالث حطا من المستثنى منه، وكل شفعٍ كالثاني، والرابع جبرًا له، ثم لم يحصل فهو الباقي.

مثاله: له علي عشرة إلا ستة، إلا أربعة، إلا اثنين، إلا واحدًا. فالباقي بعد الاستثناء بالعمل المذكور سبعة، لأنا أخرجنا من العشرة ستة، لأنها أول المستثنيات، وأدخلنا أربعة، لأنها ثانية المستثنيات، فصار الباقي ثماينة، ثم أخرجنا اثنين، لأنها ثالثة المستثنيات، فصار الباقي ستة، ثم أدخلنا واحدًا، لأنه رابع المستثنيات، فصار الباقي سبعة.

الطريق الثاني: أن تحط الآخر مما يليه، ثم باقيه مما يليه، وكذا إلى الأول، فما يحصل فهو الباقي.

ولتعتبر ذلك في المثال المذكور، فتحط واحدًا من اثنين يبقي واحد، تحطه من أربعة، يبقي ثلاثة، تحطها من ستة يبقي ثلاثة، تحطها من عشرة، يبقي سبعة، وهو [121] الجواب. //

ص: 221

326 -

واستثن مجرورًا بغيرٍ معربا

بما لمستثنىً بإلا نسبا

استعمل بمعنى (إلا) كلمات، فاستثنى بها، كما يستثنى بـ (إلا) وهي (غير، وسوى، وسواء، وليس، ولا يكون، وحاشا، وخلا، وعدا).

فأما (غير) فاسم ملازم للإضافة.

والأصل فيها: أن تكون صفة دالة على مخالفة صاحبها لحقيقة ما أضيفت إليه، وتتضمن معنى (إلا).

وعلامة ذلك صلاحية إلا مكانها. فيجر المستثنى بها، وتعرب هي بما يستحقه المستثنى بـ (إلا): من نصب لازم، أو نصب مرجح عليه الإتباع، أو نصب مرجح على الإتباع، أو تأثر بعامل مفرغ تقول:(جاءني القوم غير زيدٍ) بنصب لازم، و (ما جاءني أحد غير زيدٍ) بنصب مرجح عليه الإتباع و (ما لزيدٍ علم غير ظن)، وبنصب مرجح على الإتباع، و (ما جاءني غير زيدٍ) بإيجاب التأثر بالعامل المفرغ، فتفعل بـ (غير) ما كنت تفعل بالواقع بعد (إلا) وليس بينهما من الفرق، إلا أن نصب ما بعد (إلا) في غير الإتباع، والتفريغ نصب بـ (إلا) على الاستثناء، ونصب (غير) هناك بالعامل الذي قبلها على أنها حال، تؤدي معنى الاستثناء.

327 -

ولسوي سوي سواءٍ اجعلا

على الأصح ما لغيرٍ جعلا

(سوي، وسواء) لغتان في (سوى) وهي مثل (غير) معنى واستعمالا فيستثنى بها متصل، نحو: قاموا سوى زيدٍ، ومنقطع، كقول الشاعر:[من البسيط]

257 -

لم ألف في الدار ذا نطق سوي طلل

قد كاد يعفو وما بالعهد من قدم

ويوصف بها كقول الآخر: [من الوافر]

258 -

أصابهم بلاء كان فيهم

سوى ما قد أصاب بني النضير

وتقبل أثر العوامل المفرغة، كقوله صلى الله عليه وسلم:(دعوت ربي ألا يسلط على أمتي عدوا من سوى أنفسهم).

ص: 222

وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنتم في سواكم من الأمم، إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأبيض).

وكقول بعضهم حكاه الفراء (أتاني سواك)، وقول الشاعر:[من الهزج]

259 -

ولم يبق سوى العدوان

دناهم كما دانوا

وقول الآخر: [من الكامل]

260 -

وإذا تباع كريمة أو تشترى

فسواك بائعها وأنت المشتري

وقول الآخر: [من الخفيف]

261 -

ذكرك الله عند ذكر سواه

صارف عن فؤادك الغفلات

[122]

// وجعل سيبويه (سوي) ظرفًا، غير متصرف، فقال في باب: ما يحتمل تصرفه للشعر، وجعلوا ما لا يجري في الكلام إلا ظرفًا بمنزلة غيره من الأسماء، وذلك قول المرار العجلي:[من الطويل]

262 -

ولا ينطق الفحشاء من كان منهم

إذا جلسوا منا ولا من سوائنا

ص: 223

فهذا نص منه على أن (سوي) ظرف، ولا تفارقها الظرفية إلا في الضرورة. ولا شك أن (سوي) تستعمل ظرفًا على المجاز، فيقال: رأيت الذي سواك، كما يقال: رأيت الذي مكانك.

ولكن هذا الاستعمال لا يلزمها، بل تفارقه، وتستعمل استعمال (غير)، كما أنبأت عنه الشواهد المذكورة.

فليس الأمر في (سوى) كما قال سيبويه.

328 -

واستثن ناصبًا بليس وخلا

وبعدا وبيكون بعد لا

329 -

واجرر بسابقي يكون إن ترد

وبعد ما انصب وانجرار قد يرد

330 -

وحيث جرا فهما حرفان

كما هما إن نصبا فعلان

331 -

وكخلا حاشا ولا تصحب ما

وقيل حاش وحشى فاحفظهما

من أدوات الاستثناء (ليس، ولا يكون) وهما الرافعان الاسم، الناصبان الخبر، فلهذا يجب نصب ما استثني بهما لأنه الخبر.

وأما اسمهما فالتزم إضماره؛ لأنه لو ظهر لفصلهما عن المستثنى، وجهل قصد الاستثناء، تقول، قاموا ليس زيدًا، وكما في الحديث (يطبع المؤمن على كل خلقٍ، ليس الخيانة والكذب) والمعنى: إلا الخيانة والكذب، والتقدير: ليس بعض خلقه الخيانة والكذب، ثم أضمر بعض، لدلالة كل عليه، كما في قوله تعالى:(فإن كن نساءً)[النساء /11] بعد قوله (يوصيكم الله في أولادكم)[النساء /11] والتزم حذفه للدلالة على الاستثناء.

وتقول: قاموا لا يكون زيدًا، وهو مثل: قاموا ليس زيدًا، في أن معناه إلا زيدًا، وتقديره: قاموا لا يكون بعضهم زيدًا.

ومن أدوات الاستثناء (خلا، وعدا، وحاشا).

فأما (خلا وعدا) فينصب ما بعدهما، ويجر، تقول: قام القوم خلا زيدًا، وعدا عمرًا بالنصب، وإن شئت جررت، فقلت: قام القوم خلا زيدٍ، وعدا عمروٍ، فالجر على أنهما حرفان مختصان بالأسماء، وغير منزلين منها منزلة الجزء، فعملا فيها الجر، وحسن فيهما ذلك، وإن لم يعديا ما قبلهما إلى ما بعدهما لقصد الدلالة به على الحرفية.

ص: 224

وأما النصب فعلى أنهما فعلان ماضيان، غير متصرفين لوقوعهما موقع الحرف، والمستثنى بعدهما مفعول به، وضمير ما سواه من المستثنى منه هو الفاعل.

[123]

// فإذا قلت، قاموا خلا زيدًا، فالتقدير: قاموا جاوز غير زيد منهم زيدًا، وكذا إذا قلت: قاموا عدا عمرًا.

وتدخل (ما) على (عدا، وخلا) نحو: قاموا ما عدا زيدًا، وما خلا عمرًا، فيجب نصب ما بعدهما، بناء على أن (ما) مصدرية فيجب فيما بعدها أن يكون فعلا ناصبًا للمستثنى، لأن ما المصدرية لا يليها حرف جر، وإنما توصل بجملة فعلية، وقد توصل بجملة اسمية.

فإن قلت: إذا كانت (ما) مصدرية فهي، وما عملت فيه في تأويل المصدر، فما موضعه من الإعراب؟ قلت: نصب: إما على الحال، على معنى قاموا مجاوزًا غير زيد منهم زيدًا، وإما على الظرفية على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، على معنى: قاموا مدة مجاوزتهم زيدًا. وروى الجرمي عن بعض العرب جر ما استثني بـ (ما عدا وما خلا)، وإلى ذلك الإشارة بقوله:

.....................

............ وانحرار قد يرد

والوجه فيه: أن يجعل (ما) زائدة، و (عدا، وخلا) حرفي جر. وفيه شذوذ، لأن (ما) إذا زيدت مع حرف جر لا تتقدم عليه، بل تتأخر عنه، نحو قوله تعالى:(فبما رحمةٍ من الله)[آل عمران /159] و (عما قليل)[المؤمنون /40].

وأما (حاشا) فمثل (خلا) إلا في دخول (ما) عليها، فيستثنى بها مجرور، نحو قاموا حاشا زيدٍ، ومنصوب، نحو: قاموا حاشا زيدًا.

فالجر على أنها حرف، والنصب على أنها فعل غير متصرف، والمستثنى مفعوله، وضمير ما سواه الفاعل، كما في النصب بعد (خلا). ولا فرق بينهما إلا أن (خلا) تدخل عليها (ما) و (حاشا) لا تدخل عليها (ما). فلا يقال: قاموا ما حاشا زيدًا، إلا ما ندر، كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(أسامة أحب الناس إلى ما حاشا فاطمة).

ص: 225

ويقال: في حاشا: (حاش) كثيرًا، و (حشى) قليلا.

والتزم سيبويه حرفية (حاشا) وفعلية (عدا)، ولم يتابع عليه لأنه قد ثبت بالنقل الصحيح النصب بعد (حاشا) والجر بعد (عدا) فوجب أن يكونا بمنزلة (خلا).

حكي أبو عمرو الشيباني: اللهم اغفر لي، ولمن يسمع حاشا الشيطان وأبا الأصبغ. وقال المرزوقي في قول الشاعر:[من الكامل]

263 -

حاشا أبي ثوبان إن أبا

ثوبان ليس ببكمة فدم

رواه الضبي: (حاشا أبا ثوبان) بالنصب. وأنشدوا في حرفية (عدا) والجر بها: [من الوافر]

264 -

تركنا في الحضيض بنات عوجٍ

عواكف قد خضعن إلى النسور

أبحنا حبهم قتلا وأسرًا

عدا الشمطاء والطفل الصغير

ص: 226