الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الترخيم
608 -
ترخيما احذف آخر المنادى
…
كيا سعا فيمن دعا سعادا
الترخيم في اللغة: ترقيق الصوت وتليينه، يقال: صوت رخيم، أي: رقيق.
وعند النحويين: هو حلف بعض الكلمة على وجه مخصوص. وهو على ثلاثة أنواع:
أحدهما: حذف آخر الاسم في النداء، وهو المذكور هنا.
والثاني: حذف الآخر في غير النداء لغير موجب، ويختص بضرورة الشعر، وسينبه عليه.
والثالث: ترخيم التصغير، ولما أخذ في بيان أحكام الترخيم في النداء قال:
ترخيما احذف آخر المنادى ................................
فعلم أنه يجوز ترخيم المنادى بحذف آخره في سعة الكلام، لأنه لم يقيده بالضرورة ونصبه (ترخيما) يجوز أن يكون مفعولا له أو مصدرا في موضع الحال أو ظرفا على حذف المضاف.
ولما بين أن ترخيم المنادى بحذف آخره مثله، فقال:
..................... كيا سعا فيمن دعا سعادا
وفي الكلام حذف مضاف تقديره: في قول من دعا سعادا، ونحوه قولك في حارث يا حار، قال الشاعر:[من البسيط]
555 -
يا حار لا أرمين منكم بداهية
…
لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
وليس كل منادى يقبل الترخيم.
فلما أخذ في بيان ما لا يجوز ترخيمه ومالا يجوز ترخيمه قال:
609 -
وجوزنه مطلقا في كل ما
…
أنث بالها والذي قد رخما
610 -
بحذفها وفره بعد واحظلا
…
ترخيم ما بعد هذه الها قد خلا
611 -
إلا الرباعي فما فوق العلم
…
دون إضافة وإسناد متم
لا يجوز ترخيم المنادى إلا إذا كان مفردا معرفة وهو مؤنث بالها، أو علم. أما المؤنث بالهاء فيجوز ترخيمه مطلقا أي: سواء كان علما أو غير علم، وسواء كان على أربعة أحرف فصاعدا، أو أقل، قال الراجز:[من الرجز]
556 -
جاري لا تستنكري عذيري
…
سيري وإشفاقي على بعيري
أراد: يا جارية، وقالوا:(يا شا ادجني) أي: يا شاة أقيمي، وقوله:
................................... والذي قد رخما
بحذفها وفره بعد ....................................
أي لا تنقص منه بعد حذف الهاء شيئا، وإنما ذكره ليعلم أن قوله بعد:
ومع الآخر احلف الذي تلا ..........................
مقصور الحكم على العلم الخالي من هاء التأنيث وأن نحو: (عقنباة) لو رخمته لم تحذف منه مع الهاء لأن هاء التأنيث في حكم الانفصال فلا يستتبع حذفها حذف ما
قبلها، وغير الهاء ليس كذلك، تقول في مروان: يا مرو، وفي زيدون: يا زيد، وفي عرفات: يا عرف. فتتبع الآخر ما قبله في الحذف.
[232]
وأما العلم فلا يرخم إلا إذا كان// مفردا زائدا على ثلاثة أحرف، وهو قوله:
..................... واحظلا .................
أي: أمنع.
.................... ترخيم ما من هذه الها قد خلا
إلا الرباعي فا فوق العلم
…
دون إضافة وإسناد متم
فعلم أن غير المؤنث بالهاء لا يرخم وهو ثلاثي كعمر، ولا اسم الجنس كعالم، ولا مضاف ولا شبيه به ومنه المركب من جملة ك (تأبط شرا).
وإنما يرخم منه العلم المفرد الزائد على الثلاثة، ومنه المركب تركيب المزج ك (معدي كرب وسيبويه) إلا أن هذا النوع إنما يرخم بحذف عجزه.
612 -
ومع الآخر احذف الذي تلا
…
إن زيد لينا ساكنا مكملا
613 -
أربعة فصاعدا والخلف في
…
واو وياء بهما فتح قفي
إذا كان قبل آخر المنادى الجائز الترخيم حرف لين ساكن زائد مسبوق بأكثر من حرفين حذف في الترخيم هو والآخر بإجماع إن كان حرف مد، كقولك في عمران: يا عمر، وفي مسكين: يا مسك، وفي منصور: يا منص، وبخلاف إن لم يكن كذلك، نحو: غرنيق، وفرعون. فمذهب الفراء والجرمي أنهما في الترخيم بمنزلة مسكين ومنصور، وغيرهما من النحويين لا يرى ذلك، بل يقول: يا غرني، ويا فرعو. وإلى هذا أشار بقوله:
............... والخلف في
…
واو وياء بهما فتح قفي
أي: وقعا بعد فتحة وتبعاها.
ولا يخرج عن هذا الضابط إلا ما آخره هاء التأنيث، وقد سبق التنبيه عليه، ونقول في مختار: يا مختا، ولا تحذف الألف، لأنها بدل من عين الكلمة، فليست زائدة، وتقول في نحو هبيخ وقنور: يا هبي ويا قنو، فتحذف الآخر، وتبقي ما قبله، وإن كان حرف لين زائد، إلا أنه غير ساكن، وتقول في عماد ومجيد وثمود، يا عما ويا مجي ويا ثمو، فلا تحذف ما قبل الآخر، لأنه ليس قبله إلا حرفان.
وعند الفراء: أن الرباعي كالزائد عليه، فتقول: يا عم ويا مج ويا ثم، وأجاز أيضا إبقاء الألف والياء ولم يجز إبقاء الواو لأنه يستلزم عدم النظير لأنه ليس في الأسماء المتمكنة ما آخره واو قبلها ضمة، وليس شرطا عند الفراء في حذف ما قبل الآخر كونه حرف لين، بل مجرد كونه ساكنا فنقول في قمطر: يا قم، قال: لأنه إذا قيل: يا قمط بسكون الطاء لزم عدم النظير، إذا ليس في الأسماء المتمكنة ما آخره حرف صحصح ساكن.
ومما انفرد به الفراء: جواز ترخيم الثلاثي المحرك الوسط، نحو حكم، فإنه إذا قيل في ترخيمه: يا حك لم يلزم منه عدم النظير، إذ في الأسماء المتمكنة ما هو على حرفين ثانيهما متحرك كغد ويد.
فلو كان الثلاثي ساكن الوسط لم يجز ترخيمه بإجماع، لأنه موقع في عدم [233] النظير.//
614 -
والعجز احذف من مركب وقل
…
ترخيم جملة وذا عمرو نقل
إذا رخم المركب من نحو: (معدي كرب وسيبويه) حذف عجزه لأنه منه بمنزلة هاء التأنيث من نحو: طلحة، إلا أنه خالف هاء التأنيث في أنه قد يحلف معه ما قبله كقولك في اثنا عشر: يا اثن.
قال سيبويه: وأما اثنا عشر فإذا رخمته حذفت [عشر مع] الألف، لأن عشر بمنزلة نون مسلمين] والألف بمنزلة الواو].
وأكثر النحويين: لا يجيز ترخيم المركب من جملة، وهو جائز، لأن سيبويه قال في بعض أبواب النسب: تقول في النسب إلى تأبط شرا: تأبطي: لأن من العرب من يقول: يا تأبط.
ومنع من ترخيمه في باب الترخيم، فعلم أن جوازه على لغة قليلة.
قوله:
............................................. وذا عمرو نقل
هو اسم سيبويه.
615 -
وإن نويت بعد حذف ما حذف
…
فالباقي استعمل بما فيه ألف
616 -
واجعله إن لم تنو محذوفا كما
…
لو كان بالآخر وضعا تمما
617 -
فقل على الأول في ثمود يا
…
ثمو ويا ثمي على الثاني بيا
618 -
والتزم الأول في كمسلمة
…
وجوز الوجهين في كمسلمة
للعرب في ترخيم المنادى مذهبان: أحدهما: وهو الأكثر أن ينوي ثبوت المحذوف، فلا يغير ما بقي عن شيء مما كان عليه قبل الحذف.
والثاني: ألا ينوى المحذوف، فيصبر ما بقي كأنه اسم تام موضوع على تلك الصيغة، ويعطى من البناء على الضم وغيره ما يستحقه لو لم يحذف منه شيء.
فيقال على المذهب الأول في نحو: حارث وجعفر وقمطر: يا حار ويا جعف ويا قمط، وعلى الثاني: يا حار ويا جعف ويا قمط.
وتقول على الأول في ثمود: يا ثمو فلا تغير ما بقي عن حاله، وعلى الثاني: يا ثمي، لأنك لما لم تنو المحذوف جعلت ما بقي في حكم اسم تام قد تطرقت فيه الواو بعد ضمة، فوجب قلب الضمة كسرة والواو ياء، كما في نحو: أدل وأجر، وهكذا تقول في نحو: صميان وعلاوة على الأول: يا صمي ويا على. وعلى الثاني: يا صما ويا علاو، لأنه لما تحركت الياء من (صمي) وانفتح ما قبلها ولم يكن بعدها ما يمنع من الإعلال قلبت ألفا على حد رمى وسعى، ولما تطرفت الواو من (علاو) وقبلها ألف مزيدة وجب قلب الواو همزة على حد كساء وغطاء.
ومن الأسماء ما لا يرخم إلا على نية المحذوف. فمن ذلك ما فيه هاء التأنيث للفرق نحو: مسلمة تقول في ترخيمه: يا مسلم، ولا يجوز أن يرخم على المذهب الثاني،
لأنك لو [234] قلت فيه: يا مسلم// لالتبس المؤنث بالمذكر، فلو لم تكن الهاء للفرق كما في مسلمة اسم رجل جاز ترخيمه على المذهبين، وتقول في طيلسان: على لغة من كسر اللام يا طيلس بنية المحذوف، ولا يجوز يا طيلس، لأنه ليس في الكلام فيعل صحيح العين، إلا ما ندر من (صيقل) اسم امرأة، ومن قوله تعالى:{بعذاب بئيس} [الأعراف/165]
في قراءة بعضهم، وتقول في حبليات: ولا يجوز يا حبلى: بإبدال الياء ألفا، لأن فعلى لا تكون ألفه إلا للتأنيث، ولا تكون ألف التأنيث مبدلة.
وعلى هذا فقس جميع ما يجئ في هذا الباب.
619 -
ولاضطرار رخموا دون نداء
…
ما للنداء يصلح نحو أحمدا
قد يضطر الشاعر فيرخم ما ليس منادى، لكن بشرط كونه صالحا لان ينادى.
فمن ذلك قول امرئ القيس: [من الطويل]
557 -
لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره
…
طريف بن مال ليلة الجوع والخصر
أراد: ابن مالك، فحذف الكاف وترك ما بقي كأنه اسم برأسه. وهذا الوجه مجمع على جوازه للضرورة.
وأجاز سيبويه الترخيم لها على نية المحذوف، وأنشد:[من الوافر]
558 -
ألا أضحت حبالكم رماما
…
وأضحت منك شاسعة أماما
ومنع ذلك المبرد، وروى عجز هذا البيت:
............................ وما عهدي بعهدك يا أماما
فكلتا الروايتين لا تقدح إحداهما في صحة الأخرى، وأنشد سيبويه أيضا:[من البسيط]
559 -
إن ابن حارث إن أشتق لرؤيته
…
أو أمتدحه فإن الناس قد علموا
أراد ابن حارثه.
ولا يرخم للضرورة المعرف بالألف واللام لعدم صلاحيته للنداء، ومن ها هنا خطئ من جعل من ترخيم الضرورة قول الراجز:[من الرجز]
560 القاطنات البيت غير الريم
…
قواطنا مكة من ورق الحمي
ذكر ذلك أبو الفتح في المحتسب.