الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النعت
506 -
يتبع في الإعراب الأسماء الأول
…
نعت وتوكيد وعطف وبدل
507 -
فالنعت تابع متم ما سبق
…
بوسمه أو وسم ما به اعتلق
التابع: هو المشارك ما قبله في إعرابه الحاصل والمجدد.
فقولي: (المشارك ما قبله في إعرابه): يشمل التابع وغيره.
وقولي: (الحاصل والمتجدد): يخرج خبر المبتدأ والحال من المنصوب.
والتوابع خمسة أنواع: النعت، والتوكيد، وعطف البيان، وعطف النسق، والبدل. فأما النعت: فهو التابع الموضح متبوعه والمخصص له، بكونه دالا على معنى في المتبوع، نحو: مررت برجل كريمٍ، أو في متعلق به، نحو: مررت برجلٍ كريمٍ أبوه.
(فالتابع) جنس يعم الأنواع الخمسة، والموضح والمخصص مخرج لعطف النسق والبدل، وقولي: بدلالته على معنى في المتبوع، أو في متعلق به مخرج للتوكيد، وعطف البيان. وهذا مراده بقوله:
.............. متم ما سبق
…
بوسمه أو وسم ما به اعتلق
أي: مكمل متبوعه ورافع عنه الشركة، واحتمالها ببيان صفة من الصفات، التي له، أو لمتعلق به.
ولذلك: لا يكون إلا مشتقًا، أو مؤولا بمشتق، لأن الجوامد لا دلالة لها بوضعها على معان، منسوبة إلى غيرها، وكثيرًا ما يكون الاسم غنيًا عن الإيضاح، والتخصيص، فينعت لقصد المدح، نحو:(الحمد لله رب العالمين)[الفاتحة /1] أو الذم، نحو:
(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) أو الترحم نحو: (مررت بأخيك المسكين) أو التوكيد، كقولك:(أمس الدابر لا يعود) ومنه قوله تعالى: (فإذا نفخ في الصور نفخةً واحدةً)[192][الحاقة /13] //.
508 -
وليعط في التعريف والتنكير ما
…
لما تلا كامرر بقومٍ كرما
النعت لابد أن يتبع المنعوت في إعرابه وتعريفه وتنكيره، سواء كان جاريًا على من هو له، أو على ما هو لشيء من سببه.
فلا تنعت النكرة بمعرفة، لئلا يلزم مخالفة الغرض المقصود بالنسبة، وهو المنعوت، فإن النعت إنما يجيء لتكميل المنعوت، فمتى كان معرفة عين مسمى المنعوت، وزال ما قصد فيه من الإبهام والشيوع.
فلا تنعت النكرة إلا بنكرة مثلها، كقولك: امرر بقومٍ كرماء.
ولا تنعت المعرفة بنكرة، صونًا لها من توهم طرآن التنكير عليها، وإنما تنعت بالمعرفة، كقولك: امرر بالقوم الكرماء. اللهم إلا إذا كان التعريف بلام الجنس فإنه لقرب مسافته من التنكير يجوز نعتها حينئذ بالنكرة الخصوصة. ولذلك تسمع النحويين يقولون في قوله: [من الكامل]
451 -
ولقد أمر على اللئيم يسبني
…
فأعف ثم أقول ما يعنيني
أن (يسبني) صفة لا حال، لأن المعنى: ولقد أمر على لئيم من اللئام. ومثله قوله تعالى: (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار)[يس /37] وقولهم: ما ينبغي للرجل مثلك، أو خير منك أن يفعل كذا.
509 -
وهو لدى التوحيد والتذكير أو
…
سواهما كالفعل فأقف ما قفوا
يجرى النعت في مطابقة المنعوت وعدمها؛ مجرى الفعل الواقع موقعه؛ فإن كان جاريًا على ما هو له رفع ضمير المنعوت وطابقه في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، تقول: مررت برجلين حسنين، وامرأةٍ حسنةٍ، كما تقول: برجلين حسنا، وامرأةٍ حسنت.
وإن كان جاريًا على ما هو لشيء من سببه؛ فإن لم يرفع السببي فهو كالجاري على ما هو له في مطابقته المنعوت، لأنه مثله في رفعه ضمير المنعوت، وذلك قولك: مررت بامرأة حسنة الوجه، وبرجالٍ حسان الوجوه.
وإن رفع السببي كان بحسبه في التذكير والتأنيث، كما في الفعل، فيقال: مررت برجال حسنةٍ وجوههم، وبامرأةٍ حسنٍ وجهها، كما يقال: حسنت وجوههم، وحسن وجههًا، وجاز فيه رافعًا لجميع الإفراد والتكسير، فيقال: مررت برجل كريمٍ آباؤه، وكرامٍ آباؤه، وجاز فيه أيضًا أن يجمع جمع المذكر السالم، والمطابقة في التثنية، والجمع على لغة (أكلوني البراغيث) فيقال: مررت برجل حسنين غلمانه، وكريمين أبواه.
510 -
وانعت بمشتق كصعب وذرب
…
وشبهه كذا وذي والمنتسب
[193]
// المشتق: ما أخذ من لفظ المصدر للدلالة على معنى منسوب إليه.
فلو قال: (وانعت بوصفٍ مثل صعب وذرب) كان أمثل؛ لأن من المشتق أسماء الزمان والمكان والآلة، ولا ينعت بشيء منها، إنما ينعت بما كان صفة، وهو ما دل على حدث وصاحبه، كصعبٍ وذرب وضارب ومضروب، وأفضل منك، أو اسمًا مضمنًا معنى الصفة، إما وصفًا كاسم الإشارة، وذي بمعنى صاحب، أو بمعنى الذي، وكأسماء النسب، وإما استعمالا، كقولهم: مررت بقاع عرفج كله، أي: خشن.
511 -
ونعتوا بجملةٍ منكرا
…
فأعطيت ما أعطيته خبرا
512 -
وامنع هنا إيقاع ذات الطلب
…
وإن أتت فالقول أضمر تصب
تقع الجملة موقع المفرد نعتًا، كما تقع موقعه خبرًا، إلا أنه لتأولها بالمفرد النكرة لا يكون المنعوت بها إلا نكرة، أو ما في معناها، كالذي في قوله:[من الكامل]
452 -
ولقد أمر على اللئيم يسبني
…
.......................
على ما تقدم ذكره. ولابد في الجملة المنعوت بها من ضمير يربطها بالمنعوت، ليحصل بها تخصيصه كقولك: مررت برجلٍ أبوه كريم، وعرفت امرأةً يبهر حسنها. وقد يحذف الضمير للعلم به، كقوله:[من الوافر]
453 -
فما أدري أغيرهم ثناءً
…
وطول العهد أم مال أصابوا
وإلى هذا الإشارة بقوله:
....................
…
فأعطيت ما أعطيته خبرا
ولما أوهم هذا الإطلاق جواز النصت بالجملة الطلبية، إذ كان يجوز الإخبار بها رفع ذلك الإيهام بقوله:
وامنع هنا إيقاع ذات الطلب
…
..........................
فعلم أنه لا ينعت بالجملة إلا إذا كانت خبرية، لأن معناها محصل، فيمكن أن تخصص المنعوت، ويحصل بها فائدة بخلاف الجملة الطلبية، فإنها لا تدل على معنى محصل، فلا يمكن أن تخصص المنعوت ولا يحصل بها فائدة، فلا يصح النعت بها.
وما أوهم ذلك أول، كقول الراجز يصف قومًا سقوا ضيفهم لبنًا، مخلوطًا بالماء:[من الرجز]
454 -
ما زلت أسعى نحوهم وأختبط
…
حتى إذا كاد الظلام يختلط
جاؤوا بمذقٍ هل رأيت الذئب قط
أي: مقول فيه عند رؤيته هذا القول، لإيراده في خيال الرائي لون الذئب بورقته لكونه سمارًا.
513 -
ونعتوا بمصدرٍ كثيرا
…
فالتزموا الإفراد والتذكيرا
ينعت بالمصدر كثيرًا على تأويله بالمشتق، كقولهم: رجل عدل ورضًا، ويلتزمون [194] فيه // الإفراد والتذكير فيقولون: امرأة رضًا، ورجلان رضًا، ورجال رضًا، كأنهم قصدوا بذلك التنبيه على أن أصله: رجل ذو رضًا، وامرأة ذات رضًا، ورجلان ذوا رضًا، ورجال ذوو رضًا، فلما حذفوا المضاف تركوا المضاف إليه على ما كان عليه.
514 -
ونعت غير واحدٍ إذا اختلف
…
فعاطفًا فرقه لا إذا ائتلف
يجوز نعت غير الواحد بمتفق المعنى ومختلفه. فإذا نعت بمتفق المعنى استغنى عن تفريق النعت بالتثنية والجمع، فيقال: رأيت رجلين حسنين، ومررت برجالٍ كرماء.
وإذا نعت بمختلف المعنى وجب تفريق النعت، وعطف بعض على بعض، فيقال: رأيت رجلين: عالمًا وجاهلا، ومررت برجال: شاعر وفقيهٍ وكاتبٍ.
515 -
ونعت معمولي وحيدي معنًى
…
وعملٍ أتبع بغير استثنا
إذا نعت معمولا عاملين بما لهما في المعنى، فلا يخلو العاملان من أن يتحدا في المعنى والعمل، أو يختلفا فيهما، أو في أحدهما. فإن اتحدا فيهما كان النعت تابعًا للمنعوت في الرفع والنصب والجر. وهذا مراده من قوله
..........................
…
................. بغير استثنا
فيقال: انطلق زيد وذهب عمرو الكريمان، وحدثت بكرًا وكلمت بشرًا الشريفين، وقعدت إلى زيدٍ وجلست إلى عمروٍ الكريمين.
وإن اختلف العاملان وجب في النعت القطع، فيرفع على إضمار مبتدأ، وينصب على إضمار فعل، فيقال: جاء زيد وذهب عمرو الكريمان، على تقدير: هما الكريمان، وإن شئت قلت: الكريمين على تقدير، أعني: الكريمين، وكذا القول في نحو انطلق بكر وكلمت بشرًا الشريفان والشريفين، وكذا تقول نحو: مررت بزيدٍ وجاوزت عمرًا العالمان والعالمين، بإضمار مبتدأ، أو فعل ناصب، لأن الإتباع في كل هذا متعذر. إذ العمل الواحد. لا يمكن نسبته إلى عاملين، من شأن كل منهما أن يستقل بالعمل.
516 -
وإن نعوت كثرت وقد تلت
…
مفتقرًا لذكرهن اتبعت
517 -
واقطع أو اتبع إن يكن معينا
…
بدونها أو بعضها اقطع معلنا
518 -
وارفع أو انصب إن قطعت مضمرا
…
مبتدأ أو ناصبًا لن يظهرا
قد يكون للاسم نعتان فصاعدًا، بعطف وغير عطف. فالأول: كقوله تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي أخرج المرعى)[195][الأعلى /1 - 4]. والثاني: // كقوله تعالى: (ولا تطع كل حلافٍ مهين * هماز مشاءٍ بنميمٍ * مناعٍ للخير معتدٍ أثيمٍ * عتل بعد ذلك زنيم)[القلم /10 - 13].
ثم إن المنعوت إن لم يعين المسمى إلا بجميع النعوت وجب فيها الإتباع. وإن كان متعينًا بدونها جاز فيها الإتباع والقطع، وإن كان متعينًا ببعض النعوت جاز القطع فيما عداه. وإلى هذا الإشارة بقوله:
....................
…
.............. أو بعضها اقطع معلنا
أي: وإن يكن معينًا ببعضها اقطع ما سواه، تقول: مررت بزيدٍ الكريم العاقل اللبيب، بالإتباع، وإن شئت قطعت، وذلك على وجهين:
أحدهما: أن ترفع على إضمار مبتدأ تقديره: هو الكريم العاقل اللبيب.
والثاني: أن تنصب على إضمار فعل لا يجوز إظهاره تقديره: أخص الكريم العاقل اللبيب.
ولك أن تتبع بعضًا وتقطع بعضًا، ولك في القطع أن ترفع بعضًا وتنصب بعضًا، فتقول: مررت برجل كريمٍ عاقلٍ لبيبًا.
ولا يجوز في هذا قطع الجميع، لأن النكرة لا تستغني عن التخصيص، فلابد من إتباع بعض النعوت، ثم بعد ذلك يجوز القطع، كما قال الشاعر:[من المتقارب]
455 -
ويأوي إلى نسوةٍ عطل
…
وشعثًا مراضيع مثل السعالي
519 -
وما من المنعوت والنعت عقل
…
يجوز حذفه وفي النعت يقل
يعني أنه إذا علم النعت أو المنعوت جاز حذفه، فيكثر حذف المنعوت للعلم به، إذا كان النعت صالحًا لمباشرة العامل، كقوله تعالى:(وعندهم قاصرات الطرف أتراب)[ص /52].
فإن لم يصلح لمباشرة العامل امتنع الحذف غالبًا، إلا في الضرورة، كقوله:[من الرجز]
456 -
ما لك عندي غير سهمٍ وحجر
…
وغير كبداء شديدة الوتر
يرمي بكفي كان من أرمى البشر
وقول الآخر: [من الوافر]
457 -
كأنك من جمال بني أقيشٍ
…
يقعقع بين رجليه بشن
وقولي (غالبًا): تنبيه على نحو قوله تعالى: (ولقد جاءك من نبا المرسلين)[الأنعام /34] وهو مطرد في النفي، كقولهم:(ما منهما مات حتى رأيته يفعل كذا).
وقد يحذف النعت للدلالة عليه بقرينة حالية أو مقالية.
فالأول: كقوله تعالى: (تدمر كل شيءٍ بأمر بها)[الأحقاف /25] وقول الشاعر وهو العباس بن مرداس: [من المتقارب]
458 -
وقد كنت في الحرب ذا تدرا
…
فلم أعط شيئًا ولم أمنع
والثاني: كقوله تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم [196] على القاعدين درجة // وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرًا عظيمًا * درجاتٍ منه ومغفرةً ورحمةً)[النساء /95 - 96].
التقدير: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من أولي الضرر درجةً، وفضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين من غير أولى الضرر درجاتٍ.