الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفعول معه
311 -
ينصب تالي الواو مفعولا معه
…
في نحو سيري والطريق مسرعه
312 -
بما من الفعل وشبهه سبق
…
ذا النصب لا بالواو في القول الأحق
ينصب المفعول معه، وهو الاسم المذكور. بعد واو بمعنى (مع) أي: دالة على المصاحبة، بلا تشريك في الحكم.
فاحترز بقولي: (المذكور بعد واو) من نحو: خرجت مع زيد، وبقولي:(بمعنى مع) مما بعد واو غيرها، كواو العطف وواو الحال.
فواو العطف، كما في نحو: اشترك زيد وعمرو، وكل رجلٍ وضيغته، فالواو في هذين المثالين وإن دلت على المصاحبة فهي واو العطف، لأنها شركت بين زيد وعمرو في الفاعلية، وبين (كل رجل وضيعته) في التجرد للإسناد، فما بعدها ليس مفعولا معه.
وأما واو الحال فكما في نحو: جاء زيد والشمس طالعة، وسرت والنيل في زيادةٍ، فما بعد هذه الواو ليس مفعولا معه، لأنها واو الحال، وهي في الأصل الواو التي يعطف بها جملة على جملة لجهة جامعة بينهما، لا الواو التي بمعنى (مع).
وقد شمل هذا التعريف لما كان من المفعول معه، غير مشارك لما قبله في حكمه، نحو:(سيري والطريق مسرعة) ولما كان منه مشاركًا لما قبله في حكمه، ولكنه أعرض عن الدلالة على المشاركة، وقصد إلى مجرد الدلالة على المصاحبة، نحو: جئت وزيدًا.
ثم ناصب المفعول معه ما تقدم عليه: من فعل ظاهر أو مقدر، أو من اسم يشبه الفعل.
مثال الفعل الظاهر: استوى الماء، والخشبة، وجاء البرد والطيالسة.
ومثال الفعل المقدر: كيف أنت وقصعةً من ثريد؟ تقديره: كيف تكون وقصعةً؟
ومثال الاسم المشبه للفعل. حسبك وزيدًا درهم، أي: كافيك وزيدًا درهم، ومثاله قول الشاعر:[من الطويل]
238 -
فقدني وإياهم فإن ألق بعضهم
…
يكونوا كتعجيل السنام المسرهد
وقول الآخر أنشده أبو علي: [من البسيط]
239 -
لا تحبسنك أثوابي أبو علي: [من البسيط]
فجعل (سربالا) مفعولا معه، وعامله (مطويا). وأجاز أن يكون عامله (هذا).
ولا خلاف في امتناع تقديم المفعول معه على عامله، ولذلك قيد (بالسبق) في قوله:
[111]
بما من الفعل وشبهه // سبق
…
...................
أما تقديم المفعول معه على مصحوبه فالجمهور على منعه، وأجازه أبو الفتح في الخصائص، واستدل بقول الشاعر:[من الطويل]
240 -
جمعت وفحشًا غيبةً ونميمةً
…
ثلاث خصالٍ لست عنها بمرعوي
وبقول الآخر: [من البسيط]
241 -
أكنيه حين أناديه لأكرمه
…
ولا ألقبه والسوءة اللقبا
على رواية من نصب السوءة واللقب، أراد: ولا ألقبه اللقب والسوءة، أي: مع السوءة، لأن من اللقب ما يكون بغير سوءة، كتلقيب الصديق رضي الله عنه عتيقًا لعتاقة وجهه.
فلهذا قال الشاعر: ولا ألقبه اللقب مع السوءة، أي: إن لقبته لقبته بغير سوءة. قال الشيخ رحمه الله: ولا حجة لابن جني في البيتين، لإمكان جعل الواو فيهما عاطفة قدمت هي ومعطوفها، وذلك في البيت الأول ظاهر.
وأما في الثاني فعلى أن يكون أصله: ولا ألقبه اللقب وأسوؤه السوءة، ثم حذف ناصب السوءة، كما حذف ناصب العيون من قوله:[من الوافر]
242 -
وزججن الجواجب والعيونا
ثم قدم العاطف، ومعمول الفعل المحذوف.
وقوله:
..........................
…
........... لا بالواو في القول الأحق
رد لما ذهب إليه عبد القاهر رحمه الله في جمله من أن الناصب للمفعول معه هو الواو.
واحتجوا عليه بانفصال الضمير بعدها، نحو: جلست وإياك.
فلو كانت عاملة لوجب اتصال الضمير بها، فقيل: جلست وك، كما يتصل بغيرها من الحروف العاملة، نحو: إنك، ولك، فلما لم يقع الضمير بعد الواو إلا منفصلا علم أنها غير عاملة، وأن النصب بعدها بما قبلها من الفعل أو شبهه، كما تقدم، والله أعلم بالصواب.
313 -
وبعد ما استفهامٍ أو كيف نصب
…
بفعل كون مضمرٍ بعض العرب
من كلامهم: (كيف أنت وقصعةً من ثريد؟ وما أنت وزيد؟) برفع ما بعد الواو، على أنها عاطفة على ما قبلها.
وبعضهم ينصب فيقول: (كيف أنت وقصعةً من ثريد؟ وما أنت وزيدًا؟) فيجعل الواو بمعنى (مع) وما قبلها مرفوع بفعل مضمر، هو الناصب لما بعدها تقديره: كيف تكون وقصعة، أو ما تكون أو ما تلابس وزيدًا؟ فلما حذف الفعل انفصل الضمير المستكن فيه، فقيل: كيف أنت وقصعة؟ وما أنت وزيدًا؟
ومثله قول الشاعر: [من المتقارب]
243 -
فما أنت والسير في متلفٍ
…
يبرح بالذكر الضابط
ونظير إضمار ناصب المفعول معه بعد (كيف وما) إضماره بعد (أزمان) في قول الشاعر: (من الكامل)
244 -
أزمان قومي والجماعة كالذي
…
لزم الرحالة أن تميل مميلا
[112]
// فنصب (الجماعة) مفعولا معه بـ (كان) مضمرة، التقدير: أزمان كان قومي والجماعة، كذا قدره سيبويه.
314 -
والعطف إن يمكن بلا ضعفٍ أحق
…
والنصب مختار لدى ضعف النسق
315 -
والنصب إن لم يجز العطف يجب
…
أو اعتقد إضمار عامل تصب
الاسم الواقع بعد واو مسبوقة بفعل أو شبهه ضربان: ضرب يصح كونه مفعولا معه، وضرب لا يصح فيه ذلك.
أما الضرب الأول: فما صح كونه فضلةً، وكون الواو معه للمصاحبة. وهو على ثلاثة أقسام:
قسم يختار عطفه على نصبه مفعولا معه. وقسم يختار نصبه مفعولا معه على عطفه. وقسم يجب نصبه مفعولا معه.
أما ما يختار عطفه، فما أمكن فيه العطف بلا ضعف، لا من جهة اللفظ، ولا من جهة المعنى، كقولك: كنت أنا وزيد كالأخوين، فالوجه رفع (زيد) بالعطف على الضمير المتصل، لأن العطف ممكن وخالٍ عن الضعف من جهة اللفظ، للفصل بين الصمير المتصل، وبين المعطوف بالتوكيد، ومن جهة المعنى أيضًا لأنه ليس في الجمع بين زيد والضمير في الإخبار عنهما بالجار والمجرور تكلف. ويجوز نصبه نحو: كنت أنا وزيدًا كالأخوين، على الإعراض عن التشريك في الحكم، والقصد إلى مجرد المصاحبة.
وأما ما يختار نصبه مفعولا معه فما كان في عطفه على ما قبله ضعف: إما من جهة اللفظ، نحو: ذهبت وزيدًا، فرفع (زيد) بالعطف على فاعل (ذهبت) ضعيف، لأن العطف على ضمير الرفع المتصل لا يحسن ولا يقوى إلا من الفصل، ولا فصل هنا، فالوجه النصب، لأن فيه سلامة من ارتكاب وجه ضعيف عنه مندوحة، وإما من جهة المعنى كقولهم:(لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها) فإن العطف فيه ممكن على تقدير: لو تركت الناقة ترأم فصيلها، وتركت فصيلها لرضاعها لرضعها، وهذا تكلف وتكثير عبارة فهو ضعيف. والوجه النصب: على معنى: لو تركت الناقة مع فصيلها. ومن ذلك قول الشاعر: [من الطويل]
245 -
إذا أعجبتك الدهر حال من أمرئٍ
…
فدعه وواكل أمره واللياليا
فنصب (الليالي) باعتبار المعية راجح على نصبها باعتبار العطف، لأنه محوج إلى تكلف. وأما ما يجب نصبه مفعولا معه فما لا يمكن عطفه على ما قبله من جهة اللفظ، أو من جهة المعنى.
فالأول كقولهم: (ما لك وزيدًا) بنصب (زيد) على المفعول معه بما في (لك) من معنى الاستقرار، ولا يجوز جره بالعطف على الكاف، لأنه لا يعطف على الضمير [113] المجرور // بدون إعادة الجار، لما سينبه عليه في موضعه، إن شاء الله تعالى.
ومثل (ما لك وزيدًا؟)(ما شأنك وعمرًا؟) بنصب (عمرو) على المفعول معه، لما في المضاف من معنى الفعل.
ولا يجوز جره بالعطف على الكاف كما مر، ولكن قد يجوز رفعه على المجاز، وحذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، على معنى: ما شأنك وشأن زيد. والثاني: كقولهم: (سرت والنيل) و (جلست والحائط) مما لا يصح مشاركة ما بعد الواو منه لما قبلها في حكمه.
وأما الضرب الثاني: وهو ما لا يصح كونه مفعولا معه مما بعد الواو المذكورة فعلى قسمين:
قسم يشارك ما قبله في حكمه، فيعطف عليه، ولا يجوز نصبه باعتبار المعية: إما لأنه لا يصح كونه فضلة، كما في نحو: اشترك زيد وعمرو، وإما لأنه لا مصاحبة، كما في نحو: جاء زيد وعمرو بعده.
وقسم لا يشارك ما قبله في حكمه، ولا الواو معه للمصاحبة: إما لأنها مفقودة. وإما لأن الإعلام بها غير مفيد، فينصب بفعل مضمر، يدل عليه سياق الكلام.
مثال الأول قول الشاعر: [من الرجز]
246 -
علفتها تبنا وماءً باردًا
…
حتى شتت همالةً عيناها
فـ (ماءً) منصوب بفعل مضمر، يدل عليه سياق الكلام، تقديره: وسقيتها ماءً باردًا. ولا يجوز نصبه بالعطف، لعدم المشاركة ولا باعتبار المعية لعدم المصاحبة.
ومثال الثاني قول الآخر: [من الطويل]
247 -
إذا ما الغانيات برزن يومًا
…
وزججن الحواجب والعيونا
فـ (العيون) نصب بفعل مضمر تقديره: وزين العيون، ولا يجوز نصبه بالعطف لعدم المشاركة، ولا باعتبار المعية لعدم الفائدة في الإعلام بمصاحبة العيون للحواجب.