الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إعمال اسم الفاعل
428 -
كفعله اسم فاعلٍ في العمل
…
إن كان عن مضيه بمعزل
429 -
وولي استفهامًا أو حرف ندا
…
أو نفيًا أو جا صفةً أو مسندا
المراد باسم الفاعل: ما دل على حدث، وفاعله جاريًا مجرى الفعل في إفادة الحدوث، والصلاحية للاستعمال بمعنى الماضي والحال والاستقبال.
فخرج بقولي: (وفاعله) اسم المفعول، (وجاريًا مجرى الفعل في إفادة الحدوث) أفعل التفضيل، كأفضل من زيد، والصفة المشبهة باسم الفاعل، كحسن، وظريف، فإنهما لا يفيدان الحدوث، ومن ثم لم يكونا لغير الحال، على ما ستقف عليه في موضعه.
ولا يجيء اسم الفاعل إلا جاريًا على مضارعه: في حركاته وسكناته، وكضارب، ومكرمٍ، ومستخرج، ويعمل عمل فعله: مجردًا، ومع الألف واللام.
[163]
// فإذا كان مجردًا عمل بمعنى الحال، والاستقبال، لشبهه حينئذ بالفعل الذي بمعناه: لفظًا ومعنىً، ولا يعمل بمعنى المضي، لأنه لم يشبه لفظه الفعل الذي بمعناه.
والغالب: أن اسم الفاعل المجرد من الألف واللام لا يعمل حتى يعتمد على استفهام، نحو: أضارب أخوك زيدًا؟ أو نفي، نحو: ما مكرم أبوك عمرًا.
أو يجيء صفة: سواء كان نعتًا لنكرة، نحو: مررت برجل راكبٍ فرسًا، أو حالا لمعرفة، نحو: جاء زيد طالبًا أدبًا، أو يجيء مسندًا، نحو: زيد ضارب أبوه رجلا.
ويدخل في المسند خبر المبتدأ، وخبر (كان) و (إن) والمفعول الثاني في باب (ظن).
وقوله:
........ أو حرف ندا
…
.................
مثاله: يا طالعًا جبلا.
والمسوغٍ لإعمال (طالعًا) هنا هو اعتماده على موصوف محذوف، تقديره: يا رجلا طالعًا جبلا، وليس المسوغ الاعتماد على حرف النداء، لأنه ليس كالاستفهام، والنفي في التقريب من الفعل، لأن النداء من خواص الأسماء.
430 -
وقد يكون نعت محذوفٍ عرف
…
فيستحق العمل الذي وصف
يعني: أن اسم الفاعل قد يعمل عمل فعله، لاعتماده على موصوف مقدر، كما يعمل لاعتماده على موصوف مظهر، قال الله تعالى:(ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه)[فاطر /28].
فعمل (مختلف) لاعتماده على موصوف محذوف تقديره: ومن الناس والدواب والأنعام صنف مختلف ألوانه، ومثله قول الأعشى:[من الطويل]
395 -
كناطحٍ صحرةً يومًا ليوهنها
…
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وقول عمر بن أبي ربيعة: [من الطويل]
396 -
وكم ماليءٍ عنينه من شيء غيره
…
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى
ومنه: يا طالعًا جبلا، ويا حسنًا وجهه، كما ذكرنا.
431 -
وإن يكن صلة أل ففي المضي
…
وغيره إعماله قد ارتضي
لما فرغ من ذكر إعمال اسم الفاعل مجردًا شرع في ذكر إعماله مع الألف واللام، فبين أنه إذا كان صلة الألف واللام قبل العمل بمعنى الماضي والحال والاستقبال باتفاق،
تقول: هذا الضارب أبوه زيدًا أمس، فتعمل (ضاربًا) وهو بمعنى المضي، لأنه لما كان صلة للموصول، وأغنى بمرفوعه عن الجملة الفعلية أشبه الفعل: معنى واستعمالا، فأعطى حكمه في العمل، كما أعطى حكمه في صحة عطف الفعل عليه، كما في قوله تعالى:(إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضًا حسنًا)[الحديد /18].
وقوله تعالى: (فالمغيرات صبحًا * فأثرن به نقعًا)[العاديات /3 - 4].
[164]
// واعلم أن إعمال اسم الفاعل مع الألف واللام ماضيًا كان أو حاضرٍا أو مستقبلا، جائز مرضي عند جميع النحويين.
432 -
فعال أو مفعال أو فعول
…
في كثرةٍ عن فاعلٍ بديل
433 -
فيستحق ما له من عمل
…
وفي فعيل قل ذا وفعل
كثيرًا ما يبنى اسم الفاعل لقصد المبالغة، والتكثير على (فعال) كعلام، أو (فعول) كغفور، أو (مفعال) كمنحار، فيستحق ما لاسم الفاعل من العمل، لأنه نائب عنه، ويفيد ما يفيده مكررًا.
حكي سيبويه: (أما العسل فأنا شراب) و (إنه لمنحار بوائكها)، وأنشد:[من الطويل]
397 -
أخا الحرب لباسًا إليها جلالها
…
وليس بولاج الخوالف أعقلا
وقال الراعي: [من الطويل]
398 -
عشية سعدى لو تراءت لعابد
…
بدومة تجر عنده وحجيج
قلا دينه واهتاج للشوق إنها
…
على الشوق إخوان العزاء هيوج
فنصب (إخوان العزاء) بـ (هيوج) لأن اسم الفاعل وما في معناه يعمل مؤخرًا كما يعمل مقدمًا.
وقوله:
.......................
…
وفي فعيلٍ قل ذا وفعل
يعني: أنه قد ينبي اسم الفاعل لقصد المبالغة على (فعيل، أو فعل) فيعمل كما يعمل (فعال) وذلك قليل، ومنه قول بعضهم:(إن الله سميع دعاء من دعاه).
وقول الشاعر: [من الطويل]
399 -
فتاتان أما منهما فشبيهة
…
هلالا والأخرى منهما تشبه البدرا
وأنشد سيبويه على إعمال (فعل): [من الكامل]
400 -
حذر أمورًا لا تضير وآمن
…
ما ليس منجيه من الأقدار
ومثله قول زيد الخير: [من الوافر]
401 -
أتاني أنهم مزقون عرضي
…
جحاش الكرملين لها فديد
فأعمل (مزقًا) وهو (فعل) عدل به للمبالغة عن (مازق).
434 -
وما سوى المفرد مثله جعل
…
في الحكم والشروط حيثما عمل
ما سوى المفرد، وهو المثنى، والمجموع يحكم لهما في الإعمال بما يحكم للمفرد، ويشترط لهما ما اشترط ثم.
ومن إعمال الجمع قول طرفة: [من الرمل]
402 -
ثم زادوا أنهم في قومهم
…
غفر ذنبهم غير فخر
فأعمل (غفر) وهو جمع (غفور).
[165]
وقول الآخر: // [من الرجز]
403 -
أوالفًا مكة من ورق الحمي
وقول الآخر: [من الكامل]
404 -
ممن حملن به وهن عواقد
…
حبك النطاق فشب غير مهبل
ولو صغر اسم الفاعل أو نعت، بطل عمله، إلا عند الكسائي، فإنه أجاز إعمال المصغر، وإعمال المنعوت. وحكي عن بعض العرب:(أظنني مرتحلا، وسويرًا فرسخًا). وأجاز: (أنا زيدًا ضارب أي ضارب). ومما يحتج به الكسائي في إعمال الموصوف قول الشاعر: [من الطويل]
405 -
إذا فاقد خطباء فرخين رجعت
…
ذكرت سليمى في الخليط المزايل
435 -
وانصب بذي الإعمال تلوًا واخفض .... وهو لنصب ما سواه مقتضي
إذا كان اسم الفاعل بمعنى الحال أو الاستقبال، واعتمد على ما ذكر جاز أن ينصب المفعول الذي يليه، وأن يجره بالإضافة تخفيفًا، فإن اقتضى مفعولا آخر تعين نصبه كقولك: أنت كاسي خالدٍ ثوبًا، ومعلم العلاء زيدًا رشيدًا الآن أو غدًا. وقد يفهم من قوله:
وانصب بذي الإعمال ................
…
........................
أن ما لا يعمل إذا اتصل بالمفعول لا يجوز نصبه، فيتعين جره بالإضافة.
هذا بالنسبة إلى المفعول الأول، وأما غيره فلابد من نصبه، تقول: هذا معطي زيدٍ أمس درهمًا، وهذا ظان زيدٍ أمس منطلقًا، فتنصب (درهمًا ومنطلقًا) بإضمار فعل، لأنك لا تقدر على الإضافة.
وأجاز السيرافي نصبه باسم الفاعل الماضي، لأنه اكتسب بالإضافة إلى الأول شبهًا بمصحوب الألف واللام، وبالمنون.
وعندي: أن المصحح لنصب اسم الفاعل بمعنى المضي لغير المفعول الأول هو اقتضاء اسم الفاعل إياه، فلابد من عمله فيه قياسًا على غيره من المقتضيات، ولا يجوز أن يعمل فيه الجر، لأن الإضافة إلى الأول تمنع الإضافة إلى الثاني، فوجب نصبه لمكان الضرورة.
436 -
واجرر أو انصب تابع الذي انخفض
…
كمبتغي جاهٍ ومالا من نهض
إذا اتبع المجرور بإضافة اسم الفاعل إليه فالوجه جر التابع على اللفظ، نحو: هذا ضارب زيد وعمرو، ويجوز فيه النصب.
فإن كان اسم الفاعل صالحًا للعمل كان نصب التابع على وجهين: على محل المضاف إليه، أو على إضمار فعل، وذلك نحو:(مبتغي جاهٍ ومالا من نهض) فتنصب (مالا) بالعطف على محل (جاه)، أو بإضمار (يبتغي)، ومثل هذا المثال قول الشاعر:[من البسيط]
406 -
هل أنت باعث دينار لحاجتنا
…
أو عبد رب أخا عون بن مخراق
[166]
// وإن كان اسم الفاعل غير صالح للعمل كان نصب التابع على إضمار الفعل، لا غير، وذلك نحو قوله تعالى:(فالق الإصباح وجاعل الليل سكنًا والشمس والقمر حسبانًا)[الأنعام /97] التقدير: جعل الشمس والقمر حسبانًا.
هذا إذا لم يرد بـ (جاعل) الليل حكاية الحال.
437 -
وكل ما قرر لاسم فاعل
…
يعطى اسم مفعولٍ بلا تفاضل
438 -
فهو كفعلٍ صيغ للمفعول في
…
معناه كالمعطى كفافًا يكتفي
قد تقرر لاسم الفاعل أنه يجوز أن يعمل عمل فعله إذا كان معه الألف واللام مطلقًا، وإذا كان مجردًا منهما بشرط أن يكون للحال أو الاستقبال، وهو معتمد على استفهام، أو نفي، أو ذي خبر، أو ذي نعت، أو حال.
وكذلك اسم المفعول يجوز أن يعمل عمل فعله بالشروط المذكورة، فيرفع المفعول لقيامه مقام الفاعل، تقول:(زيد مضروب أبوه) فترفع (الأب) باسم المفعول، كما ترفعه بالفعل، إذا قلت:(زيد ضرب أبوه).
والمراد باسم المفعول: ما دل على حدث، وواقع عليه.
وبناؤه من الثلاثي على وزن (مفعول) ومن غيره بزيادة ميم في أوله، وصوغه على مثال المضارع، الذي لم يسم فاعله، نحو: مكرم، ومستخرج.
وإذا كان اسم المفعول من متعد إلى اثنين أو ثلاثة رفع واحدًا منها، ونصب ما سواه، نحو: هذا مطعى أبوه درهمًا، ونحوه:(المعطي كفافًا يكتفي).
(فالألف واللام) مبتدأ، و (يكتفي) خبره، واسم المفعول صلة الألف واللام، والمفعول الأول ضمير عائد على الموصول، واستتر لقيامه مقام الفاعل، و (كفافًا) مفعول ثان، وتقول: هذا معلم أخوه بشرًا فاضلا، تقيم (الأخ) مقام الفاعل وتنصب الآخرين.
439 -
وقد يضاف ذا إلى اسمٍ مرتفع
…
معنىً كمحمود المقاصد الورع
يصح في اسم المفعول أن يضاف إلى مرفوعه معنى، إذا أزيلت النسبة إليه، تقول: زيد مضروب عبده، ترفع (العبد) لإسناد (مضروب) إليه، وتقول: زيد مضروف العبد: بالإضافة، فتجر، لأنك أسندت اسم المفعول إلى ضمير زيد، فبقي (العبد) فضلة. فإن شئت نصبته على التشبيه بالمفعول به فقلت: زيد مضروب العبد، وإن شئت خفضت اللفظ، فقلت:(مضروب العبد).
ومثله: (محمود المقاصد الورع) أي: الورع محمود المقاصد.