المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌اشتغال العامل عن المعمول - شرح ابن الناظم على ألفية ابن مالك

[بدر الدين ابن مالك]

فهرس الكتاب

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌الكلام وما يتألف منه

- ‌المعرب والمبني

- ‌النكرة والمعرفة

- ‌العلم

- ‌اسم الإشارة

- ‌الموصول

- ‌المعرف بأداة التعريف

- ‌الابتداء

- ‌كان وأخواتها

- ‌فصل فيما ولا ولات وإن المشبهات بليس

- ‌أفعال المقاربة

- ‌إن وأخواتها

- ‌لا: التي لنفي الجنس

- ‌ ظن وأخواتها

- ‌أعلم وأرى

- ‌الفاعل

- ‌النائب عن الفاعل

- ‌اشتغال العامل عن المعمول

- ‌تعدي الفعل ولزومه

- ‌التنازع في العمل

- ‌المفعول المطلق

- ‌المفعول له

- ‌المفعول فيه ويسمى (ظرفاً)

- ‌المفعول معه

- ‌الاستثناء

- ‌الحال

- ‌التمييز

- ‌حروف الجر

- ‌الإضافة

- ‌المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌إعمال المصدر

- ‌إعمال اسم الفاعل

- ‌أبنية المصادر

- ‌أبنية أسماء الفاعلين والمفعولينوالصفات المشبهة لها

- ‌الصفة المشبهة باسم الفاعل

- ‌التعجب

- ‌نعم وبئسوما جرى مجراهما

- ‌أفعل التفضيل

- ‌النعت

- ‌التوكيد

- ‌العطف

- ‌عطف النسق

- ‌البدل

- ‌النداء

- ‌المنادى المضاف إلى ياء المتكلم

- ‌أسماء لازمت النداء

- ‌الاستغاثة

- ‌الندبة

- ‌الترخيم

- ‌الاختصاص

- ‌التحذير والإغراء

- ‌أسماء الأفعال والأصوات

- ‌نونا التوكيد

- ‌ما لا ينصرف

- ‌إعراب الفعل

- ‌عوامل الجزم

- ‌فصل لو

- ‌أما ولولا ولوما

- ‌ الإخبار بالذي والألف واللام

- ‌العدد

- ‌كم وكأين وكذا

- ‌الحكاية

- ‌التأنيث

- ‌المقصور والممدود

- ‌جمع التكسير

- ‌التصغير

- ‌النسب

- ‌الوقف

- ‌الإمالة

- ‌التصريف

- ‌فصل في زيادة همزة الوصل

- ‌الإدغام

الفصل: ‌اشتغال العامل عن المعمول

‌اشتغال العامل عن المعمول

255 -

إن مضمر اسم سابقٍ فعلا شغل

عنه بنصب لفظه أو المحل

256 -

فالسابق انصبه بفعلٍ اضمرا

حتمًا موافقٍ لما قد أظهرا

إذا تقدم اسم على فعل صالح لأن ينصبه لفظًا أو محلا. وشغل الفعل عن عمله فيه بعمله في ضميره صح في ذلك الاسم أن ينصب بفعل لا يظهر، موافق للظاهر، أي: مماثل له، أو مقارب.

فالأول، نحو: أزيدًا ضربته؟ والثاني، نحو: أزيدًا مررت به؟ التقدير: أضربت زيدًا ضربته؟ وأجاوزت زيدًا مررت به؟

ولكن لا يجوز إظهار هذا المقدر، لأن الفعل الظاهر كالبدل من اللفظ به، ولا يجمع بين البدل، والمبدل منه.

ثم الاسم الواقع بعده فعل ناصب لضميره على خمسة أقسام:

لازم النصب، ولازم الرفع بالابتداء، وراجح النصب على الرفع، ومستوٍ فيه الأمران، وراجح الرفع على النصب.

أما القسم الأول فنبه عليه بقوله:

257 -

والنصب حتم إن تلا السابق ما

يختص بالفعل كإن وحيثما

مثاله: إن زيدًا رأيته فاضربه، وحيثما عمرًا لقيته فأهنه، وهلا زيدًا كلمته.

ص: 172

فهذا ونحوه مما ولي أداة شرط، أو تحضيض، أو غير ذلك مما يختص بالفعل لا يجوز رفعه بالابتداء، لئلا يخرج ما وضع على الاختصاص بالفعل عن اختصاصه به، ولكن [92] قد يرفع بفعل مضمر، مطاوع للظاهر، كقول الشاعر: // [من الكامل]

220 -

لا تجزعي إن منفسً أهلكته

فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي

التقدير: لا تجزعي إن هلك منفس أهلكته، ويروى (لا تجزعي إن منفسًا) بالنصب على ما قد عرفت.

وأما القسم الثاني فنبه عليه بقوله:

258 -

وإن تلا السابق ما بالابتدا

يختص فالرفع التزمه أبدا

259 -

كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد

ما قبل معمولا لما بعد وجد

وحاصله: أنه يمنع من نصب الاسم المشغول عنه الفعل بضميره شيئان: أحدهما: أن يتقدم على الاسم ما هو مختص بالابتداء (كإذا) الفجائية، نحو قولك: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو، لأن (إذا) الفجائية لم تولها العرب إلا مبتدأ، نحو قوله تعالى:(فإذا هي بيضاء)[الشعراء /33]، أو خبر مبتدأ، نحو:(إذا لهم مكر في آياتنا)[يونس /21].

فلا يجوز نصب ما بعدها بفعل مضمر؛ لأن ذلك يخرجها عما ألزمتها العرب من الاختصاص بالابتداء.

وقد غفل عن هذا كثير من النحويين فأجازوا (خرجت فإذا زيدًا يضربه عمرو) ولا سبيل إلى جوازه.

ص: 173

المانع الثاني: أن يكون بين الاسم والفعل ما له صدر الكلام، كالاستفهام، و (ما) النافية، ولام الابتداء، وأدوات الشرط، كقولك: زيد هل رأيته؟ وعمرو متى لقيته؟ وخالد ما صحبته؟ وبشر لأحبه، وعبد الله إن أكرمته أكرمك.

فالرفع بالابتداء في هذا، ونحوه واجب؛ لأن ما له صدر الكلام لا يعمل ما بعده فيما قبله، وما لا يعمل لا يفسر عاملا، لأن المفسر - في هذا الباب - بدل من اللفظ بالمفسر، ولأجل ذلك لو كان الفعل الناصب لضمير الاسم السابق صفة له، كما في قوله تعالى:(وكل شيءٍ فعلوه في الزبر)[القمر /52]، امتنع أن يفسر عاملا فيه، لأن الصفة لا تعمل في الموصوف، وما لا يعمل لا يفسر عاملا.

وأما القسم الثالث فنبه عليه بقوله:

260 -

واختير نصب قبل فعلٍ ذي طلب

وبعدما إيلاءه الفعل غلب

261 -

وبعد عاطفٍ بلا فصلٍ على

معمول فعلٍ مستقر أولا

يعني: أنه يترجح النصب على الرفع بأسباب:

منها: أن يكون الفعل المشغول بضمير الاسم السابق فعل أمر، أو نهي، أو دعاء، كقولك: زيدًا اضربه وخالدًا لا تشتمه، واللهم عبدك ارحمه. ومنها: أن يتقدم على الاسم ما الغالب أن يليه فعل، كالاستفهام، والنفي بـ (ما) و (لا) و (إن) و (حيث) المجردة من (ما) نحو: أزيدًا ضربته؟ وما عبد الله أهنته، وحيث زيدًا تلقاه فأكرمه.

[93]

// فالنصب في هذا راجح على الرفع، إلا في الاستفهام بـ (هل) نحو: هل زيدًا رأيته؟ فإنه يتعين فيه النصب.

ومنها: أن يلي الاسم السابق عاطفًا قبله معمول فعل، نحو: قام زيد، وعمرًا كلمته، ولقيت بشرًا، وخالدًا أبصرته.

وإنما يرجح النصب هنا لأن المتكلم به عاطف جملة فعلية على جملة فعلية. والرافع عاطف جملة اسمية على جملة فعلية، وتشاكل المعطوف، والمعطوف عليه أحسن من تخالفهما.

وقوله:

وبعد عاطفٍ بلا فصلٍ

....................

احترز به من نحو: قام زيد، وأما عمرو فأكرمته، فإن الرفع فيه أجود، لأن الكلام بعد (إما) مستأنف مقطوع عما قبله.

ص: 174

وأما القسم الرابع فنبه على بقوله:

262 -

وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا

به عن اسمٍ فاعطفن مخيرا

إذا كانت الجملة ابتدائية، وخبرها فعل ومعموله سميت ذات وجهين؛ لأنها من قبل تصديرها بالمبتدأ اسمية، ومن قبل كونها مختومة بفعل، ومعمولة فعلية، فإذا وقع الاسم السابق فعلا ناصبًا لضميره، بعد عاطف على جملة، وجهين استوى فيه النصب، والرفع، لأن في كل منهما مشاكلة.

فإذا قلت: زيد قام، وعمرو كلمته بالرفع يكون عاطفًا مبتدأ، وخبرًا على مبتدأ. وخبر.

وإذا قلت: زيد قام، وعمرًا كلمته؛ بالنصب؛ يكون في اللفظ كمن عطف جملة فعلية على جملة فعلية، فلما كانت المشاكلة حاصلة بالرفع، والنصب لم يكن أحدهما أرجح من الآخر.

وأما القسم الخامس فنبه عليه بقوله:

263 -

والرفع في غير الذي مر رجح

فما أبيح افعل ودع ما لم يبح

يعني: إذا خلا الاسم السابق من الموجب لنصبه، ومن المانع منه، ومن المرجح له، ومن المستوي رجح الرفع بالابتداء كقولك: زيد لقيته، وعبد الله أكرمته، فإنه ليس معه موجب النصب، كما مع:(إن زيدً رأيته فاضربه)، وليس معه موجب الرفع، كما مع خرجت فإذا زيدً يضربه عمرو، وليس معه مرجح النصب، كما مع:(أزيدًا لقيته)؟ وليس معه المسوي بين النصب والرفع كما مع (زيد قام)، و (عمرًا كلمته)، فالرفع فيه هو الوجه، والنصب عربي جيد.

ومنهم من منعه، وأنشد [ابن] الشجري على جوازه:[من الرمل]

221 -

فارسا ما غادروه ملحمًا

غير زميلٍ ولا نكسٍ وكل

ص: 175

ومثله قراءة بعضهم قوله تعالى: (جنات عدنٍ يدخلونها)[النحل /31] بالنصب.

264 -

وفصل مشغولٍ بحرف جر

أو بإضافةٍ كوصلٍ يجري

[94]

// يعني: أن حكم المشغول عنه الفعل بمضير جر، أو بمضاف إليه حكم المشغول عنه الفعل بضمير نصب، فمثل: إن زيدًا رأيته في وجوب النصب إن زيدًا مررت به، أو رأيت أخاه، فتنصب المشغول عنه في هذا الباب بفعل مضمر، مقارب للظاهر، تقديره: جاوزت زيدًا، مررت به، ولابست زيدًا رأيت أخاه، كما تنصب المشغول عنه في نحو: إن زيدًا رأيته بمثل الظاهر، ومثل: أزيدًا لقيته؟ في ترجيح نصبه على الرفع أزيدًا مررت به؟ أو عرفت أباه، ومثل: زيد قام، وعمرو كلمته - في استواء الأمرين - زيد قام، وعمرو مررت به، أو كلمت غلامه، ومثل: زيدًا ضربته في جواز نصبه مرجوحًا زيدًا مررت به، أو ضربت غلامه.

265 -

وسو في ذا الباب وصفًا ذا عمل

بالفعل إن لم يك مانع حصل

يصح أن تفسر الصفة عاملا في الاسم السابق، كما يفسره الفعل، وذلك بشرط أن تكون الصفة صالحة لعمل الفعل المذكور، وألا يكون قبلها ما يمنع من التفسير، كقولك: أزيدًا أنت ضاربه؟ وأعمرًا أنت مكرم أخاه؟

فلو كانت الصفة اسم فاعل بمعنى المعنى نحو: أزيدًا أنت ضاربه أمس، لم يصلح لعمل الفعل، فلم يجز أن يفسر عاملا في الاسم السابق، لأن شرط المفسر في هذا الباب صلاحيته للعمل في الاسم السابق، بحيث لو خلا عن الشاغل لعمل في السابق، وكذلك لو كانت الصفة صلة للألف واللام، نحو: أزيدًا أنت الضاربه؟ لم يجز أن يفسر عاملا في الاسم السابق، لأن الصلة لا تعمل فيما قبل الموصول، وما لا يعمل لا يفسر عاملا.

266 -

وعلقة حاصلة بتابع

كعلقةٍ بنفس الاسم الواقع

يعني: أن الملابسة بالشاغل الواقع أجنبيا، متبوعًا بسببي كالملابسة بالشاغل. الواقع سببيا.

والحاصل: أنه إذا كان شاغل الفعل أجنبيًا، وله تابع سببي، فالحكم معه كالحكم مع الشاغل السببي، فلزيد مثلا في نحو: أزيدًا ضربت رجلا يحبه؟ أو ضربت عمرًا أخاه؟ ما له في نحو: أزيدًا ضربت محبه؟ أو ضربت أخاه؟

ص: 176