المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بغير حساب (1) ، {وَهُوَ الْقَوِيُّ} على ما أراد مِنْ رِزْقِ مَنْ - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٢

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة العنكبوت

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرُّوم

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌ فَصلُّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة لقمان

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فْصَلَ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ السجدة

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحزاب

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة سبأ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الملائكة عليهم السلام

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة يس

- ‌بابُ ما جاءَ فِيها مِنَ الفَضائِلِ فِي قِراءَتِها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ في معنى الآية

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الصافات

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة ص

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌قَصَصٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الزمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة المؤمن

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ فِي بعض صفات العَرْش وحمَلَته ومن حوله على الاختصار

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة السجدة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة {حم * عسق}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الزخرف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: بغير حساب (1) ، {وَهُوَ الْقَوِيُّ} على ما أراد مِنْ رِزْقِ مَنْ

بغير حساب

(1)

، {وَهُوَ الْقَوِيُّ} على ما أراد مِنْ رِزْقِ مَنْ يَرْزُقُهُ {الْعَزِيزُ (19)} الغالب فلا يُغالَبُ فيما أراد.

قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} شرط وجزاء، ومعنى الحَرْثِ في اللغة: الكَسْبُ، يقال: فُلَانٌ يَحْرُثُ لِعِيالِهِ وَيَحْتَرِثُ؛ أي: يَكْتَسِبُ

(2)

، والمعنى: مَنْ كان مِنَ الأبرارِ يريد بِعَمَلِهِ الحَسَنِ ثَوابَ الآخرةِ، نَزِدْ له فِي حَرْثِهِ، أي: فِي عَمَلِهِ، وهو جواب الشرط {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا} يعني: ومن كان من الفُجّار يريد بِعَمَلِهِ الخَبِيثِ حَرْثَ الدنيا، يعني ثواب الدنيا {نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ} يعني: فِي الجنة {مِنْ نَصِيبٍ (20)} يعني حَظًّا، لأنه عَمِلَ لدنياه لا لآخرته، نظيرها قوله تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} . . الآية

(3)

.

‌فصل

عن أبِي سفيان الشيبانِيِّ

(4)

أن عُمَرَ بنَ الخَطّابِ رضي الله عنه قال: "الأعمال على أربعة أوجه: عاملٌ صالح فِي سبيل اللَّه، يريد به دنيا، فليس له فِي الآخرة شيء، وذلك لأن اللَّه عز وجل يقول: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا}. . الآية"

(5)

، وعاملٌ للرياء، ليس له ثواب في

(1)

ينظر في هذه الأقوال: الكشف والبيان 8/ 308 - 309، الوسيط 4/ 48.

(2)

قاله الأزهري في التهذيب 4/ 477، 478، وينظر: الوسيط 4/ 49.

(3)

الإسراء 18.

(4)

هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد ربه، أبو سفيان الشيبانِيُّ، قاضي نيسابور، ذكره ابن حبان في الثقات، روى عنه ابن المبارك، وروى له ابن ماجه في التفسير. [التاريخ الكبير 5/ 316، تهذيب الكمال 17/ 215 - 216].

(5)

هود 15.

ص: 435

الدنيا والآخرة إلّا الوَيْلُ، وعاملٌ صالحٌ في سبيل هُدًى، يبتغي به وجه اللَّه والدارَ الآخرةَ، فله الجنة في الآخرة، وعامِلُ خَطَأ وذُنُوبٍ، ثوابه عقوبة اللَّه إلّا أن يعفو عنه، فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة"

(1)

.

قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ} ، يعني: فِي الآخرة {مُشْفِقِينَ} خائفين وَجِلِينَ {مِمَّا كَسَبُوا} يعني: من الشِّرْكِ {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} يعني العذاب، ونصب {مُشْفِقِينَ} على الحال، وباقي الآية ظاهر التفسير.

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} يعني: على الإيمان {أَجْرًا} يعني: جُعْلًا {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} نصب المودة على البدل من قوله: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} ، وهو استثناء ليس من الأول، وليس المعنى: أسألكم المودة في القُرْبَى، لأن الأنبياء عليهم السلام لا يسألون أجرًا على تبليغ الرسالة، والمعنى: ولكنْ أُذَكِّرُكُم المودةَ فِي القُرْبَى

(2)

.

قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً} ؛ أي: يَكْسِبْ حَسَنةً واحدةً {نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا} ؛ أي: نضاعف له الحسنة الواحدة عشرًا فصاعدًا، وهو شرط وجزاء،

(1)

ينظر: الكشف والبيان 8/ 309.

(2)

قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه 4/ 398، وهو يعني أنه استثناء منقطع، وينظر: معانِي القرآن للنحاس 6/ 308، إعراب القرآن 4/ 80، وأجاز أحمد بن يحيى أن يكون هذا الاستثناء متصلًا، فقال:{قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} ، يقال فيها على ضربين، أحدهما: تَوَدُّوني في العرب؛ أي: تحفظوني في العرب؛ لأنه ليس بَطْنٌ من العرب إلّا وقد وَلَدْتَهُ، والأخرى: أن تحفظوا قرابتي. . . قال: "أن تَوَدُّونِي في قرابتي بكم، أو تَوَدُّوا قرابتي فِيَّ". مجالس ثعلب ص 222، وأجاز الزمخشري الوجهين أيضًا، ينظر: الكشاف 3/ 466، وينظر أيضًا: التبيان للعكبري ص 1132، الفريد للهمداني 4/ 240 - 241، البحر المحيط 7/ 494، الدر المصون 6/ 80.

ص: 436

والاقتراف: الاكتساب يكون خيرًا ويكون شَرًّا

(1)

، والمُقارَفةُ أيضًا: المُجامَعةُ، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها:"أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كان يُصْبِحُ جُنُبًا من قِرافٍ غَيْرِ الاحتلامِ"

(2)

، قال ابن زيد: ويقال: قَرِفَ فلانٌ عَلَيْكَ: إذا كَذَبَ عليك، وذَكَرَ منكَ ما ليس فيك من القَبِيحِ، وأصله من: قَرَفْتُ الشَّيءَ: إذا كَشَفْتَ عنه، كقولك: قَرَفْتُ الجِلْدَ، وهو من الاعتمال في الاكتساب

(3)

{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} للذنوب {شَكُورٌ (23)} للقليل حتى يضاعفه.

قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ} يعني كفار مكة؛ أي: بل يقولون {افْتَرَى} محمد {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} حين زعم أن القرآن من عند اللَّه {فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ} شرط وجزاء؛ أي: يربط على قلبك بالصبر حتى لا يَشُقَّ عليك أذاهم. ثم ابتدأ فقال: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} قال الكسائي

(4)

: فيه تقديم وتأخير، مَجازُهُ: واللَّه يَمْحُو الباطلَ، فحُذِفَتْ منه الواوُ فِي المصحف، وهو فِي موضع رفع، كما حُذِفَتْ من قوله:{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}

(5)

، وقولِهِ:{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ}

(6)

على اللفظ.

(1)

قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 457.

(2)

الحديث بهذا اللفظ في غريب الحديث لأبِي عبيد 4/ 323، والصحاح 4/ 1416، والفائق للزمخشري 3/ 90، والنهاية لابن الأثير 4/ 46، ورواه الإمام أحمد عن السيدة عائشة والسيدة أم سلمة، رضي الله عنهما، بلفظ "مِنْ جِماعٍ غَيْرِ احْتِلامٍ". المسند 6/ 36، 290، 312، وينظر: صحيح مسلم 3/ 138 كتاب الصيام باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جُنُبٌ.

(3)

هذه المعانِي ذكرها الجوهري في الصحاح 4/ 1415، وينظر: اللسان: قرف، التاج: قرف.

(4)

ينظر قوله في الكشف والبيان للثعلبي 8/ 314 - 315، وزاد المسير 7/ 286، وتفسير القرطبي 16/ 25.

(5)

العلق 18.

(6)

الإسراء 11، ومعنى كلامه أن الفعل "يَمْحُ" مرفوع لأنه كلام مستأنف، وليس معطوفًا =

ص: 437

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} ؛ يعني المطر {مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا} من بعد ما يَئسُوا أهْلُ مكةَ منه، ذلك أن اللَّه تعالى حَبَسَ المَطَرَ عنهم سَبْعَ سِنِينَ حتى قنَطُوا، ثم أنزل اللَّه المطر، فذَكَّرَهُم النعمةَ

(1)

، ثم قال تعالى:{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} أي: يبسط مَطَرَهُ {وَهُوَ الْوَلِيُّ} بأهل طاعته {الْحَمِيدُ (28)} عند خلقه.

قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} ؛ يعني السفن في البحر كالجبال، واحدتها: جارية، وهي السائرة في البحر، قال اللَّه تعالى:{إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ}

(2)

؛ يعني: في سفينة نوح عليه السلام.

و"الجَوارِ" في موضع رفع، حُذِفَتِ الضمةُ من يائها لثقلها، قرأ نافع وأبو عمرو:"الجَوارِي" بياءٍ في الوصل فقط، وقرأ ابن كثير بياء في الحالين، وقرأ الباقون بغير ياء في الحالين

(3)

.

= على "يَخْتِمْ" المجزوم، وإنما حذفت الواو في اللفظ لالتقاء الساكنين، فَأُتْبِعَ الخَطُّ اللَّفْظَ، قال الفراء:"وقوله: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} ليس بمردود على "يَخْتِمْ" فيكون مجزومًا، هو مستأنف في موضع رفع، وإن لَمْ تكن فيه واو في الكِتابِ، ومثله مما حذفت منه الواو وهو في موضع رفع قولُه:{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرّ} ، وقولُه:{سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} . معانِي القرآن 3/ 23، وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 399، إعراب القرآن 4/ 81.

ولكن ابن سَعْدانَ يرى أنه معطوف على "يَخْتِمْ"، ولهذا فهو مجزوم، قال ابن الأنباري:"وقال أبو جعفر محمد بن سَعْدانَ: الوقف على قوله: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ}: "وَيَمْحُ" بلا واو؛ لأنه نسق على الجزاء. وهذا لا يصح". إيضاح الوقف والابتداء ص 268 - 269.

هذا، ويقف يعقوبُ وقُنْبُلٌ وابن شَنَبُوذٍ على:"وَيَمْحُو" بالواو، ويقف الجميعُ بحذفها للرسم، ينظر: الإتحاف 2/ 449.

(1)

قاله مقاتل، ينظر: الوسيط 4/ 54، تفسير القرطبي 16/ 29.

(2)

الحاقة 11.

(3)

ينظر: السبعة ص 581، البحر المحيط 7/ 497، الإتحاف 2/ 450.

ص: 438

وقوله: "كالأعْلَامِ"، أي: كالجبال، جمع عَلَمٍ، وهو الجَبَل الطويل، وقيل: كالقصور، والأول هو المشهور، قال الخليل بن أحمد

(1)

: كل شيء مرتفع عند العرب فهو علم، قالت الخنساء ترثي أخاها صَخْرًا:

220 -

وَإنّ صَخْرًا لَتَأْتَمُّ الهُداةُ بِهِ

كَأنّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نارُ

(2)

قوله: {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} الذي تجري به السفن {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ} يعني: سَواكِنَ ثَوابِتَ وُقُوفًا على ظَهْرِ البَحْرِ، فلا تَجْرِي ولا تتَحَرَّكُ، وهو شرط وجزاء، قرأ العامة:{الرِّيحَ} على الواحد، وقرأ نافع:{الرِّياحَ} على الجمع

(3)

{إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي ذكر {لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)} ؛ أي: لكل مؤمن؛ لأن من صفة المؤمن الصَّبْرُ فِي الشدة والشُّكْرُ فِي الرخاء.

قوله: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا} ؛ أي: يُغْرِقْهُنَّ، وَيُهْلِكْ أهْلَها بِما أشركوا واقترفوا من الذنوب {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)} من الذنوب، فينجيهم عن. الغرق

(1)

قال الخليل: "والعَلَمُ: الجبل الطّويل، والجميع: الأعلام، ومنه قوله تعالى: {فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ}، شَبَّهَ السُّفُنَ البحرية بالجبال. والعَلَمُ: الرّاية، إليها مَجْمَعُ الجُنْدِ. والعَلَمُ: ما يُنْصَبُ فِي الطّريق ليكون علامةً يُهْتَدَى بها، شِبْهُ المَيْلِ والعَلامةِ، والعَلَم: ما جعلته عَلَمًا للشيء". العين 2/ 152 - 153.

(2)

البيت من البسيط، ويُرْوَى:"أغَرُّ أبْلَجُ تَأْتَمُّ".

التخريج: ديوانها ص 49، التعازي والمراثي للمبرد ص 27، 100، جمهرة اللغة ص 948، مقاييس اللغة 4/ 109، الكشف والبيان 8/ 321، المحرر الوجيز 5/ 38، الفريد 4/ 244، عين المعانِي ورقة 118/ ب، تفسير القرطبي 16/ 32، البحر المحيط 7/ 497، مغني اللبيب ص 723، الدر المصون 6/ 82، اللباب في علوم الكتاب 17/ 202، التاج: صخر.

(3)

قرأ بالإفراد أيضًا: أبو جعفر المدني، ينظر: القرطبي 16/ 32، البحر 7/ 497، الإتحاف 2/ 450.

ص: 439

والهَلَكةِ، وهو في موضع جزمٍ، عطف على جواب الشرط في قوله:{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ} .

قوله: {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} ؛ أي: من فرار، وقيل: من مَلْجَأٍ، أي: يَحِيصُونَ إليه، يقال: فلان يَحِيصُ عن الحق، أي: يَمِيلُ عنه، وحاصَ البَعِيرُ حَيْصًا: إذا مالَ به.

قرأ أهل المدينة والشام: "وَيَعْلَمُ"

(1)

بالرفع على الاستئناف كقوله تعالى في سورة براءة: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}

(2)

، وقرأه الآخرون نصبًا على الصرف، كقوله تعالى:{وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}

(3)

صُرِفَ من حال الجزم إلى النصب استخفافًا، وكراهيةً لتوالِي الجزم

(4)

، كقول الشاعر:

221 -

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ

عارٌ عَلَيْكَ -إذا فَعَلْتَ- عَظِيمُ

(5)

وقرأ بعضهم: "ويَعْلَمْ" بالجزم، منسوق على "يُوبِقْهُنَّ".

(1)

ينظر: السبعة ص 581، تفسير القرطبي 16/ 34، البحر 7/ 498، الإتحاف 2/ 450.

(2)

التوبة 15.

(3)

آل عمران 142.

(4)

النصب على الصرف مصطلح كوفِيٌّ يُقْصَدُ به ما ذكره المؤلف من أن الفعل صُرِفَ من حال الجزم إلى حال النصب؛ لوقوعه بعد الواو، استخفافًا للنصب، والبصريون يقولون: إنه منصوب بـ "أنْ" مضمرةً بعد الواو، ورَدُّوا على الكوفيين بأنه لا بُدَّ من ناصب ينصب الفعلَ؛ لأن المعانِيَ لا تنصب الأفعالَ، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 399، إيضاح الوقف والابتداء ص 881 - 882، معانِي القراءات 2/ 357، إعراب القراءات السبع 2/ 285، سر صناعة الإعراب ص 375، 276، أمالي ابن الشجري 1/ 29، الإنصاف ص 555 - 559، أمالِيُّ ابن الحاجب 1/ 452.

(5)

البيت من الكامل، لأبِى الأسود الدُّؤَلِيِّ، ونُسِبَ لغيره، فقد نُسِبَ لِحَسّانَ بنِ ثابتٍ، وللمتوكل الليثي، وللأخطل، وللمتوكل الكناني، وللطِّرِمّاحِ بن حكيم، ولسابق البربري. =

ص: 440

والوجه قراءةُ مَنْ قَرَأ: "وَيَعْلَمُ" رفعًا؛ لأنه يقطعه من الأول، ويجعله جُمْلةً معطوفةً على جُمْلةٍ

(1)

، ومَنْ قَرَأ بالنصب قال الفراء

(2)

: هو مردودٌ على الجزم، إلا أنه صُرِفَ، والجزم إذا صُرِفَ عنه مَعْطُوفُهُ نُصِبَ.

ومن قرأ بالكسر فموضعه جزم بالعطف على قوله: {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ} ، وهو جزم؛ لأنه معطوف على جواب الشرط، وهو قوله:{يُسْكِنِ الرِّيحَ}

(3)

.

قوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} يعني القِصاصَ في الجِراحاتِ والدِّماءِ، وقيل

(4)

: هو جواب القبيح بمثله، إذا قال: أخْزاكَ اللَّهُ، يقول: أخْزاكَ اللَّهُ، من غير أن يعتدي، وإذا شَتَمَهُ بِشَتِيمةٍ رَدَّ عليه مِثْلَها من غير زيادة، ويُسَمَّى

= التخريج: ديوان أبِي الأسود ص 130، الكتاب 3/ 42، معانِي القرآن للفراء 1/ 34، 115، 408، المقتضب 2/ 25، شرح أبيات سيبويه 2/ 188، إعراب القراءات السبع 1/ 154، الصاحبي ص 156، الأزهية ص 234، الحلل ص 260، إصلاح الخلل ص 245، البيان للأنباري 1/ 146، 386، شرح شواهد الإيضاح ص 252، شرح المفصل 7/ 24، أمالي ابن الحاجب ص 864، شرح التسهيل لابن مالك 4/ 36، رصف المبانِي ص 424، اللسان: عظظ، ومغني اللبيب ص 472، الجنى الدانِي ص 157، المقاصد النحوية 4/ 393، همع الهوامع 2/ 312.

(1)

والرفع أرجح عند سيبويه في مثل هذا، ينظر: الكتاب 3/ 28: 46، 84: 92، وينظر أيضًا: إعراب القرآن 4/ 84 - 85، الحجة للفارسي 3/ 363 - 364.

(2)

معانِي القرآن 3/ 24.

(3)

ذكر سيبويه أن الرفع في مثل هذا هو وجه الكلام، ثم قال:"وقد بلغنا أن بعض القراء قرأ: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}، وذلك لأنه حُمِلَ الفِعْلُ على موضع الكلام؛ لأن هذا الكلام في موضعٍ يكون جوابًا؛ لأن أصل الجزاء الفعل". الكتاب 3/ 90 - 91.

(4)

هذا قول ابن أبِي نُجَيْحٍ والسُّدِّيِّ ومجاهد، ينظر: جامع البيان 25/ 49، معانِي القرآن للنحاس 6/ 321، الكشف والبيان 8/ 323، الوسيط 4/ 58، زاد المسير 7/ 293، القرطبي 16/ 40.

ص: 441