المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} يدعون خازن النار {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}؛ - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٢

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة العنكبوت

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرُّوم

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌ فَصلُّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة لقمان

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فْصَلَ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ السجدة

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحزاب

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة سبأ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الملائكة عليهم السلام

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة يس

- ‌بابُ ما جاءَ فِيها مِنَ الفَضائِلِ فِي قِراءَتِها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ في معنى الآية

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الصافات

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة ص

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌قَصَصٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الزمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة المؤمن

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ فِي بعض صفات العَرْش وحمَلَته ومن حوله على الاختصار

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة السجدة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة {حم * عسق}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الزخرف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} يدعون خازن النار {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}؛

قوله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ} يدعون خازن النار {لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ؛ أي: لِيُمِتْنا رَبُّكَ، فنَسْتَرِيحَ مِنْ شِدّةِ العذاب، فيُجِيبُهم مالكٌ بعد ألْفِ سنةٍ {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77)} مقيمون فِي العذاب، قرأَ العامة:"يا مالِكُ" بإثبات الكاف، وقرأ عَلِيُّ بنُ أبِي طالب رضي الله عنه والأعمش:"يا مالِ"

(1)

بحذف الكاف على الترخيم، ورَوَى أبو الدرداء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو الفتح عثمان بن جني

(2)

: هذا من أحق الأشياء بالترخيم؛ لأنه موضع قد ذَهَبَتْ فيه قُواهُمْ، وَلَمْ تنفع فيه شكواهم، فَضَعُفُوا عن تَتْمِيمِ نِداءِ مالكٍ خازِنِ النار

(3)

.

‌فصل

عن أبِي الدَّرْداءِ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يُلْقَى على أهل النار الجُوعُ، حتى يَعْدِلَ ما هم فيه من العذاب"، قال:"فيقولون: ادْعُوا مالكًا، فَيَدْعُونَ مالِكًا: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}، قال: "فيجيبهم: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}

(4)

، قال الأعمش: أُنْبِئْتُ أن بين دعائهم وبين إجابته إيّاهُمْ ألْفَ عام، ومثل هذا رُوِيَ عن ابن عباس.

(1)

وهي أيضًا قراءة ابن مسعود وابن وثاب، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 136 - 137، المحتسب 2/ 257، تفسير القرطبي 16/ 116، البحر المحيط 8/ 27.

(2)

إمام مشهور في النحو واللغة والأدب، وله شعر، ولد بالموصل وتوفي ببغداد سنة (392 هـ)، كان أبوه مملوكًا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي، من كتبه: الخصائص، المحتسب، سر صناعة الإعراب. [إنباه الرواة 2/ 333 - 340، بغية الوعاة 2/ 132، الأعلام 4/ 204].

(3)

هذا معنى كلام ابن جني في المحتسب 2/ 257، واللفظ هنا مختلف كثيرًا عما ورد في المحتسب، وأما اللفظ الذي أورده المؤلف هنا فقد نقله عن طاهر بن أحمد عن ابن جني في شرح جمل الزجاجي 1/ 281.

(4)

هذا جزء من حديث طويل رواه الترمذي في سننه 4/ 108، 109 أبواب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة طعام أهل النار، وينظر: جامع البيان 18/ 77، الكشف والبيان 8/ 345، تفسير القرطبي 15/ 322.

ص: 489

قوله: {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} يقول اللَّه عز وجل: أرسلنا إليكم يا معشر قريش محمدًا صلى الله عليه وسلم رسولنا {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78)} قال ابن عباس

(1)

: يريد: كلكم كارهون لِما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: {أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا} ؛ أي: بل أحكموا أمرًا، وكادوا كيدًا ومعصيةً في محمد صلى الله عليه وسلم والمكرِ به {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)} مُحْكِمُونَ أمْرًا في مجازاتهم وعقوبتهم، وقيل: معناه: أم أجمعوا أمرًا، فإنا مُجْمِعُونَ لهم العذابَ، و {أَمْ} بمعنى "بَلْ"، أو استفهام إنكار، وأصل الإبرام فِي فَتْلِ الحَبْلِ، يقال: أبْرَمَهُ: إذا فَتَلَهُ وأحْكَمَهُ.

قوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ} الميم صلة؛ أي: أيَحْسَبُونَ {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ} الذي بينهم {وَنَجْوَاهُمْ} الذي اجتمعوا عليه {بَلَى} نسمع ذلك منهم ونعلمه {وَرُسُلُنَا} الملائكة الحفظة {لَدَيْهِمْ} يعني: عندهم {يَكْتُبُونَ (80)} مع عِلْمِنا معهم، نزلت هذه الآية في كفار مكة لَمّا أجمعوا أمرهم على النبي صلى الله عليه وسلم بالشَّرِّ، وكان ذلك منهم بمحضر إبليس -لعنه اللَّه-، تَصَوَّرَ لهم بصورة شيخ كبير، وجلس معهم مُشِيرًا بذلك.

قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} ؛ أي: ما كان للرحمن ولد، و {إنْ} هاهنا نفي وجحود، كما قال اللَّه تعالى:{إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}

(2)

؛ أي: ما أنت إلّا نذير، وقوله:{إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}

(3)

؛ أي: ما نحن إلّا بشر مثلكم

(4)

.

(1)

ينظر قوله في الوسيط 4/ 82، زاد المسير 7/ 303، تفسير القرطبي 16/ 118.

(2)

فاطر 23.

(3)

إبراهيم 11.

(4)

هذا ما قاله أكثر العلماء، وهو أن "إن" نافية بمعنى "ما"، فيكون "العابدين" على معناه، والفاء عاطفة كالواو، ينظر: مجاز القرآن 2/ 206، معانِي القرآن للأخفش ص 111، =

ص: 490

والمعنى: قل لَهُمْ يا مُحَمَّدُ: إن كان للرَّحْمَنِ وَلَدٌ فِي قولِكم زعمكم

(1)

{فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)} يعنِي: الموَحِّدِينَ، وقيل

(2)

: الآنِفِينَ والجاحدين لِما قلتم من أن له ولدًا، دليله قراءة من قرأ:{العَبِدِينَ}

(3)

، قال الشاعر:

235 -

وَأعْبَدُ أنْ أهْجُو كُلَيْبًا بِدارِمِ

(4)

= جامع البيان 25/ 130 - 131، وقال ابن الأنباري:"قال الحسن: معناه: ما كان للرحمن ولد، والوقف على الولد، ثم تبتدئ: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} على أنه لا ولد له". إيضاح الوقف والابتداء ص 886، وينظر أيضًا: إعراب القرآن 4/ 122، مشكل إعراب القرآن 2/ 284.

(1)

هذا خلط من المؤلف، لأنه ذكر أن "إنْ" نافية بمعنى، "ما"، ثم فَسَّرَ المعنى على وجهٍ آخَرَ في "إنْ" وهو أنها شرطية على بابها، والفاء جوابها، وهذا قول مجاهد والسدي وابن قتيبة والزجاج والنحاس، ينظر: تأويل مشكل القرآن ص 373، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 420، معانِي القرآن للنحاس 6/ 387، 388، جامع البيان 25/ 129، 130، تهذيب اللغة 2/ 230، كتاب الشعر ص 80، التبيان للعكبري ص 1142، الفريد للهمداني 4/ 264، البحر المحيط 8/ 28.

(2)

قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 461 - 462، وينظر: تفسير غريب القرآن لأبِي بكر السجستانِيِّ ص 140.

(3)

هذه قراءة أبِي عبد الرحمن السُّلَمِيِّ وأبِي عبد الرحمن اليَمانِيِّ، ينظر: المحتسب 2/ 257، 258، تفسير القرطبي 16/ 119، البحر المحيط 8/ 28.

(4)

هذا عجز بيت من الطويل للفرزدق، وليس في ديوانه، ولكن جاءت في ديوانه (ص 564) قصيدةٌ يمكن وضعِ هذا البيت فيها قبل البيت الخامس عشر، أو بعد البيت السادس عشر، وأما صدر الشاهد فيُرْوَى:

أُولَئِكَ أجْلاسِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ

وَأعْبَدُ أنْ تُهْجَى تَمِيمٌ بِدارِمِ

ويُرْوَى:

أُولَئِكَ ناسٌ إنْ هَجَوْنِي هَجَوْتُهُمْ

التخريج: مجاز القرآن 2/ 206، إصلاح المنطق ص 50، تأويل مشكل القرآن ص 374، 407، غريب القرآن لابن قتيبة ص 401، جمهرة اللغة ص 299، إعراب ثلاثين سورة =

ص: 491

ويقال: عَبِدَ: إذا أنِفَ وغَضِبَ عَبَدًا

(1)

، قال الشاعر:

236 -

ألَا هَزِئَتْ أُمُّ الوَليدِ وَأصْبَحَتْ

لِما أبْصَرَتْ فِي الرَّأْسِ مِنِّي تَعَبَّدُ

(2)

نزلت هذه الآية فِي النضر بن الحارث من بني عبد الدار بن قُصَيٍّ القُرَشِيِّ حين قال: الملائكة بنات اللَّه، فنَزَلَتْ هذه الآية

(3)

.

ثم نَزَّهَ الربُّ تبارك وتعالى نَفْسَهُ عما يقولون، فقال:{سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (82)} يعني: عما يقول كفار مكة من الكذب {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا} ؛ يعني: فِي أباطيلهم {وَيَلْعَبُوا} ؛ أي: يَلْهُوا في دنياهم {حَتَّى يُلَاقُوا} في الآخرة {يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)} من العذابُ.

قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} ؛ أي: يَعْبُدُه ويُوَحِّدُهُ أهْلُ السماء وأهلُ الأرض {وَهُوَ} هو إله واحد لا إله إلّا هو {الْحَكِيمُ} فِي ملكه {الْعَلِيمُ} بخلقه.

قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} ، ثم استثنى عيسى وعُزَيْرًا والملائكةَ، فقال:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} ؛ أي: شهد أنه لا إله إلّا اللَّه،

= ص 26، المحتسب 2/ 258، مقاييس اللغة 4/ 207، ديوان الأدب 2/ 235، الحلل ص 142، الإنصاف ص 637، عين المعانِي ورقة 120/ ب، تفسير القرطبي 11/ 331، 16/ 120، اللسان: عبد، الدر المصون 6/ 108، اللباب في علوم الكتاب 17/ 297، التاج: عبد، عني.

(1)

قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 451، وينظر: تهذيب اللغة 2/ 230.

(2)

البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى:"ألا هَوِيَتْ"، ويُرْوَى:"ألا هَذِيَتْ".

التخريج: جامع البيان 25/ 131، الكشف والبيان 8/ 346، التبيان للطوسي 9/ 219.

(3)

ينظر: الكشاف 3/ 497، عين المعانِي ورقة 120/ ب.

ص: 492

وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ {وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)} بقلوبهم ما شهدوا به بألسنتهم، ومحل "مَنْ" رفع لأنه فاعل

(1)

.

قوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} رفع على خبر ابتداء محذوف، تقديره: هو اللَّه، ويجوز أن يكون رفعًا لأنه فاعل، تقديره: خَلَقَهُم اللَّهُ

(2)

، وقوله:{فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87} استفهام إنكار، ومحله نصب على الظرف حيث كان

(3)

.

قوله تعالى: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ} يعني: وقول محمد صلى الله عليه وسلم شاكيًا إلى ربه: {إِنَّ هَؤُلَاءِ} يعني كفار مكة {قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ} يعني: لا يصدقون.

واختلف القُرّاءُ فِي "قَيلِهِ"

(4)

، فقرأ عاصم وحمزة:"وَقِيلِهِ" بكسر اللام على معنى: وعنده عِلْمُ الساعةِ وعِلْمُ قِيلِهِ، وقرأ الأعرج بالرَّفع على الابتداء،

(1)

"مَنْ" في محل رفع، ولكن على أنه بدل من "الَّذِينَ"، وهذا على أن الاستثناء متصل، والمعنى: ولا يملك المعبودون الشفاعةَ إلّا الشاهدون بالحق، وهم عيسى وعُزَيْرٌ والملائكةُ، وهذا ما قاله المرتضى في أماليه 2/ 366 - 367، وذهب النحاس إلى أن الاستثناء منقطع، فيكون "مَنْ" في موضع نصب، والمعنى: ولا تَمْلِكُ آلِهَتُهُم التي يدعونها من دون اللَّه الشفاعةَ كما زعموا، ولكن مَنْ شَهِدَ بالحق هم الذين يملكون الشفاعة. إعراب القرآن 4/ 122، وينظر: الكشاف 3/ 498، الفريد 4/ 266، تفسير القرطبي 16/ 122، البحر المحيط 8/ 29، 30، الدر المصون 6/ 109.

(2)

الأوْلَى أن يكون التقدير: خَلَقَنا اللَّهُ، ليتناسب الجواب مع السؤال.

(3)

{أنّى} منصوب على الظرف، وهو بمعنى "كَيْفَ"، ينظر: كتاب سيبويه 4/ 235، حروف المعانِي ص 61، الصاحبي ص 200، شرح المفصل 4/ 109، 110.

(4)

قرأ حفصٌ عن عاصمٍ، وحمزةُ والأعمشُ والسُّلَمِيُّ وابن وَثّابِ:"وَقِيلِهِ" بالخفض، وقرأ الأعرج وأبو قِلَابةَ ومجاهد والحسن وقتادة ومسلم بن جندب بالرفع، وقرأ الباقون، والمفضلُ عن عاصم بالنصب، ينظر: السبعة ص 589، إعراب القراءات السبع 2/ 304، 305، المحتسب 2/ 258 - 259، البحر المحيط 8/ 30، الإتحاف 2/ 460 - 461.

ص: 493

وهو محذوف الخبر

(1)

؛ أي: وَقِيلُهُ: يا رَبِّ مَسْمُوعٌ، أو: وَعِنْدَهُ قِيلُهُ.

وقرأ الباقون بالنصب، ولها وجهان، أحدهما: عطف على قوله: {أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى} ؛ أي: بَلَى وَنَسْمَعُ قِيلَهُ، قال المبرد

(2)

: والعطف على المنصوب حَسَنٌ وإن تباعد المعطوف من المعطوف عليه، والثانِي: على إضمار فِعْلٍ، معناه: وَقالَ قِيلَهُ

(3)

.

(1)

في الأصل: محذوف الجواب.

(2)

أنشد المبرد قول الشاعر:

هَلْ أنْتَ باعِثُ دِينارٍ لِحاجَتِنا

أوْ عَبْدَ رَبٍّ أخا عَوْنِ بْنِ مِخْراقِ

ثم قال: "أراد: باعِثٌ دِينارًا؛ لأنه إنما يستفهمه عما سيقع، ونصب الثانِي لأنه أعْمَلَ فيه الفعلَ، كأنه قال: أو باعِثٌ عَبْدَ رَبٍّ، ولو جَرَّهُ على ما قبله كان عربيًّا جيدًّا مثل النصب، وذلك لأن من شأنهم أن يحملوا المعطوف على ما عُطِفَ عليه، نحو: هذا ضارِبُ زيدٍ وعَمْرٍو غَدًا، وينصبون عَمْرًا، إلا أن الثانِيَ كلما تباعد من الأول قَوِيَ النصبُ واخْتِيرَ، نحو قولك: هذا مُعْطِي زيدِ الدراهمَ، وعَمْرًا الدنانيرَ، والجر جَيِّدٌ بالِغٌ". المقتضب 4/ 151.

وقال المبرد أيضًا: "واعلم أن اسم الفاعل إذا كان لِما مضى، فقلت: هذا ضارِبُ زيدٍ أمْسِ وعَمْرٍو، وهذا مُعْطِي الدراهمِ أمْسِ وعَمْرٍو، جاز لك أن تنصب عَمْرًا على المعنى لِبُعْدِهِ من الجارِّ، فكأنك قلت: وأعْطَى عَمْرًا، فمن ذلك قوله تعالى: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} على معنى: وَجَعَلَ، فنصب". المقتضب 4/ 154، وما قاله المبرد سبقه إليه سيبويه، ينظر: الكتاب 1/ 174 - 175.

(3)

يعني أنه مفعول مطلق، وهذا أحد وجهين قالهما الفراء والأخفش، والثانِي: أنه معطوف على {سِرَّهُمْ} كما ذكر المؤلف قبل قليل، ينظر: معانِي القرآن للفراء 3/ 38، وقول الأخفش حكاه النحاس في إعراب القرآن 4/ 123، والأزهري في معانِي القراءات 2/ 369، وذهب الزجاج إلى أنه منصوب بالعطف على محل الساعة؛ لأن المعنى: ويعلم الساعةَ ويعلم قِيلَهُ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 421، وينظر أيضًا: إيضاح الوقف والابتداء ص 887، الحجة للفارسي 3/ 382، 383، مشكل إعراب القرآن 2/ 285، الفريد للهمداني 4/ 266.

ص: 494

وقال أبو العباس

(1)

: نصبه على: وَعِنْدَهُ عِلْمُ السّاعةِ، وَيَعْلَمُ قِيلَهُ، والقِيلُ مصدر كالقَوْلِ، قال كعب بن زهير:

237 -

يَمْشِي الغُواةُ بِجَنْبَيْها وَقِيلَهُمُ

إنّكَ يا ابْنَ أبِي سُلْمَى لَمَقْتُولُ

(2)

قال أبو عبيد

(3)

: يقال: قُلْتُ قِيلًا وقَوْلًا وقالًا لَهُ.

و"قَيْلٌ" له جمعان أحدهما: -كما جاء فِي الحديث- "أقْيالٌ" والثانِي: "أقْوالٌ"

(4)

، فَمَنْ جَمَعَهُ بالياء فعلى اللفظ، ومن جمعه بالواو فعلى الأصل؛ لأنه من ذوات الواو، وإن كان أصل قَيْلٍ قَيِّلًا من: قالَ يَقُولُ، كسَيِّدٍ من: سادَ يَسُودُ، وجَيِّد من: جادَ يَجُودُ

(5)

.

(1)

يعني أحمد بن يحيى ثعلبًا، وقوله حكاه الأزهري فِي معانِي القراءات 2/ 370.

(2)

البيت من البسيط، لكعب بن زهير من قصيدة يمدح بها النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ورواية ديوانه:

يَسْعَى الوُشاةُ بِجَنْبَيْها وَقَوْلُهُمُ

التخريج: ديوانه ص 19، مجاز القرآن 1/ 122، 273، 2/ 119، 166، جامع البيان 1/ 500، إيضاح الوقف والابتداء ص 887، سيرة ابن هشام 4/ 940، الحجة للفارسي 3/ 383، الصاحبي ص 396، أساس البلاغة: جنب، عين المعاني ورقة 111/ ب، تفسير القرطبي 16/ 124.

(3)

غريب الحديث لأبِي عبيد 2/ 51.

(4)

الحديث الذي يشير إليه المؤلف هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم: من محمد رسول اللَّه إلى وائل بن حُجْرٍ والأقوالِ العَباهِلةِ مِن حَضْرَمَوْتَ"، ويروى:"الأقْيالِ" بالياء. ينظر: غريب الحديث لأبِي عبيد 2/ 50، 51، النهاية لابن الأثير 4/ 122، المعجم الكبير 22/ 47، 48، مجمع الزوائد 3/ 75 كتاب الزكاة باب في بيان الزكاة، 9/ 375 كتاب المناقب باب ما جاء في وائل بن حجر.

(5)

هذا قول ابن السكيت، فقد قال: "والقَيْلُ المَلِكُ من ملوك حِمْيَرَ، وجمعه أقْيالٌ وأقْوالٌ، فمن قال: أقْيالٌ بناه على لفظ قَيْلٍ، ومن قال: أقْوالٌ جمعه على الأصل، وأصله من ذوات =

ص: 495

قوله: {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ} ؛ أي: فأعرض يا محمد عنهم {وَقُلْ سَلَامٌ} ؛ أي: مُسالَمةٌ ومُتارَكةٌ، والتقدير فِي العربية: أمْرِي سَلامٌ

(1)

، أو عليكم السلام

(2)

، وهذه الآية نسخَتْها آية القتال، قال مقاتل

(3)

: نَسَخَ السَّيْفُ الإعْراضَ والسَّلامَ.

ثم تَهَدَّدَهُمْ فقال: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)} ؛ يعني: عاقبة كفرهم، قرأ أهل المدينة والشام:"تَعْلَمُونَ" بالتاء، واختاره أبو عبيد، وهو على هذا من كلام واحد، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون:{ويَعْلَمُونَ} بالياء

(4)

على أنه قد تَمَّ الكلامُ عند قوله: {وَقُلْ سَلَامٌ} ، وهذا وعيد، والمعنى: فسوف يعلمون العقوبة على التهديد

(5)

، واللَّه أعلم.

* * *

= الواو، وكان أصله قَيِّلًا فَخُفِّفَ، مثل سَيِّدٍ من سادَ يَسُودُ". إصلاح المنطق ص 10 - 11، وينظر: تهذيب اللغة 9/ 302.

(1)

من أول قوله؛ "أي: مسالمة ومتاركة". قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 124.

(2)

هذا قول الفراء، فقد قال:"رفع {سَلَامٌ} بضمير عَلَيْكُمْ وما أشبهه". معانِي القرآن 3/ 38، يعني: بإضمار "عليكم"، وَرَدَّ عليه النحاس فقال: "وهذا خلاف ما قال المتقدمون. . . وأيضًا فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد نَهَى أن يُبْدَأ اليهودُ والنصارى بالسلام، وحَظَرَ على المسلمين، فَصَحَّ أن معنى {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} أنه ليس من السلام في شيء، وإنما هو من المُتارَكةِ والتَّسْلِيمِ، وكذا {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} . إعراب القرآن 4/ 124.

(3)

ينظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 222، 223، الناسخ والمنسوخ لابن حزم ص 55.

(4)

ينظر: السبعة ص 589، البحر المحيط 8/ 35، النشر 2/ 370، الإتحاف 2/ 461.

(5)

من أول قوله: "وهو على هذا من كلام واحد". قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 124.

ص: 496