الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو المُرَدَّدُ والمُكَرَّرُ، وسُمِّيَ القرآنُ مَثانِيَ لأنه تُثَنَّى فيه الأخبار والأحكام والحدود، وتُثَنَّى فيه التلاوة، فلا يُمَلُّ. وهو منصوبٌ على النعت للكتاب، ولَمْ ينصرف لأنه جَمْعٌ لا نظير له في الواحد.
وقوله: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} يريد: خوفًا مما فِي القرآن من الوعد والوعيد، ومعنى {تَقْشَعِرُّ}: تأخذهم قشعرير، وهي تَغَيُّرٌ يحدث في جِلْدِ الإنسان عند الوجل والخوف، وقوله:{ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ} ؛ أي: تطمئن وتسكن {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} والجنةِ والثوابِ، فحذف مفعول الذِّكر للعلم، {ذَلِكَ} يعني أحسن الحديث، وهو القرآن {هُدَى اللَّهِ} الآية.
فصْلٌ
عن العباسِ بنِ عبد المطلب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا اقْشَعَرَّ جِلْدُ العَبْدِ مِنْ خَشْيةِ اللَّهِ تَحاتَّتْ ذُنُوبُهُ، كَما يَتَحاتُّ عَنِ الشَّجَرةِ اليابِسةِ وَرَقُها"
(1)
.
قال الزجّاج
(2)
: إذا ذُكِرَتْ آياتُ العذاب اقْشَعَرَّتْ جُلُودُ الخائفين للَّه، {ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ} إذا ذُكِرَتْ آياتُ الرحمة. وهذا مع قول جميع المفسرين.
(1)
ينظر: الكشف والبيان 8/ 232، الوسيط 3/ 578، عين المعانِي ورقة 114/ ب، مجمع الزوائد 10/ 310 كتاب الزهد: باب فيمن اقشعر من خشية اللَّه، ومعنى "تَحاتَّتْ عنه ذُنُوبُهُ": تساقطت. اللسان: حتت.
(2)
معانِي القرآن وإعرابه 4/ 352.
قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} نزلت فِي أبِي جهلٍ، قال الكلبي
(1)
: يُنْطَلَقُ به إلى النار مغلولًا، فإذا رَمَتْ به الخَزَنةُ فيها لَمْ يَتَّقِها بِأوَّلَ مِنْ وَجْهِهِ. قال الزجّاج
(2)
: والمعنى: أفمن يتقي بوجهه سُوءَ العذاب كمن يدخل الجنة؟.
ومَحَلُّ "مَنْ" رفعٌ بالابتداء، وخبره مضمرٌ فيه، تقديره: كَمَنْ ليس بهذه الصفة، وكَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ للإسلامِ
(3)
.
قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ} يعني أهل مكة {فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27)} لكي يتعظوا بما فيه {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} قيل: غير ذِي لَحْنٍ، وقيل: غير مختلفٍ، ولكنه مستقيم {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)} وقيل: غير مخلوقٍ، وفِي هذا رَدٌّ على من يقول بِخَلْقِ القرآن، وتكذيبٌ له.
ونصب {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} على الحال، وقيل: على القطع، وقيل: على معنى: أنزلناه قراَنًا عَرَبِيًّا، فيكون أيضًا منصوبًا على الحال، وقيل
(4)
: {عَرَبِيًّا} منصوبٌ على الحال، و {قُرْآنًا} تَوْطِئةٌ للحال، كما تقول: مررت بِزَيْدٍ رجلًا صالِحًا، فقولك: صالِحًا منصوب على الحال.
(1)
ينظر قوله في الوسيط للواحدي 3/ 579.
(2)
قال الزجاج: "هذا مِمّا جَوابُهُ مَحْذُوفٌ، المعنى: كَمَنْ يَدْخُلُ الجَنّةَ". معانِي القرآن وإعرابه 4/ 352.
(3)
هذا شرح وتوضيح لِما قاله الزجاج، وقال الأخفش:"وقال: "أفَمَنْ يَتقِي بِوَجْهِهِ"، فهذا لَمْ يظهر له خبر في اللفظ، ولكن المعنى، واللَّه أعلم، كأنه: أفمن يتقي بوجهه أفضلُ أم مَنْ لا يَتَّقِي". معاني القرآن ص 456.
(4)
هذا قول الزجاج والأخفش الأصغر، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 259، وقول الأخفش الأصغر حكاه النحاس عنه في إعراب القرآن 4/ 10، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 259.
قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} قال الكسائي
(1)
: نصب {رَجُلًا} ؛ لأنه ترجمةٌ للمَثَلِ وتفسيرٌ له، وإن شئت نصبته بنَزْعِ الخافض، مجازه: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِرَجُلٍ أو في رَجُلٍ، وقيل
(2)
: هو منصوبٌ على البدل من المَثَلِ.
وقوله: {فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ} ؛ أي: مُتَعاسِرُونَ مُتَضايِقُونَ، وقيل: مُخْتَلِفُونَ، والشَّكَسُ: سُوءُ الخُلُقِ، وهو مَثَلٌ لعابد الأصنام
(3)
.
وقوله: {وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ} يعني: خالصًا لِرَجُلٍ، لا يَشْرَكُهُ فيه غَيْرُهُ، يقال: سَلِمَ الشَّيءُ لفلان: إذا خَلَصَ له
(4)
. قرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو ويعقوبُ وابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والحسنُ: "سالِمًا" بالألف، وقرأ الباقون:"سَلَمًا" بغير ألف، وقرأ بعضهم:"سِلْمًا"
(5)
بكسر السين وإسكان اللام، وهما مصدران وُصِفَ بهما
(6)
؛ أي: سِلْم إليه، وهو سِلْمٌ وسَلَمٌ: لا يَعْتَرِضُ فيه عليه أحَدٌ، وهذا
(1)
ينظر قوله في الكشف والبيان 8/ 233، المحرر الوجيز 4/ 529، تفسير القرطبي 15/ 252، البحر المحيط 7/ 407.
(2)
والتقدير على هذا: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا مَثَلَ رَجُلٍ، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، ينظر: كشف المشكلات 2/ 272، عين المعانِي ورقة 114/ ب، الفريد 4/ 190.
(3)
ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص 383، تهذيب اللغة 10/ 5 - 6.
(4)
قاله أبو بكر السجستانِيُّ في تفسير غريب القرآن ص 135.
(5)
قرأ بالألف أيضًا ابنُ مسعود وابنُ محيصن واليزيديُّ والجحدريُّ وعكرمةُ وقتادةُ والزهريُّ، ورواها أبانٌ عن عاصم، وقرأ ابنُ جبير وعكرمةُ وأبو العالية ونصرُ بن عاصم:"سِلْمًا"، وقرأ الباقون وحفصٌ عن عاصمٍ:"سَلَمًا"، ينظر: السبعة ص 562، تفسير القرطبي 15/ 253، البحر المحيط 7/ 407، الإتحاف 2/ 429.
(6)
قال الزجاج: "وسَلَمٌ وسِلْمٌ: مصدران وُصِفَ بهما على معنى: ورَجُلًا ذا سَلَمٍ". معانِي القرآن وإعرابه 4/ 352، وينظر: معاني القراءات 2/ 338، تهذيب اللغة 12/ 448، الحجة للفارسي 3/ 341، الفريد للهمداني 4/ 191.
مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لأهل التوحيد، ومَثَلُ الذي عَبَدَ الآلهةَ مَثَلُ صاحب الشركاء المُتَشاكِسِينَ؛ أي: المُخْتَلِفِينَ العَسِرِينَ الأخلاقَ
(1)
.
ثم قال: {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} يعني المؤمنَ الذي لا يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ وَحْدَهُ، والكافرَ الذي يَعْبُدُ آلِهةً شَتَّى، وهذا استفهامٌ معناه الإنكارُ، أي: لا يستويان، وإنما لَمْ يَقُلْ: مَثَلَيْنِ لأنهما جميعا ضُرِبا مَثَلًا واحدًا
(2)
، يعني أن إرضاء الواحد أسهل من إرضاء الفِئةِ، ونصب {مَثَلًا} على التفسير.
وَتَمَّ الكلامُ، ثم قال:{الْحَمْدُ لِلَّهِ} ؛ أي: له الحمد كله دون غيره من المعبودين {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (29)} ما يصيرون إليه من العقاب، والمراد بالأكثر الكُلُّ.
ثم أخْبَرَ نَبيَّهُ صلى الله عليه وسلم بأنه يموت، وأن هؤلاء الذين يكذبون يموتون، ويجتمعون للخصَومة عند اللَّه، وهو قوله تعالى:{إِنَّكَ} يا محمد {مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} قال الحسن والفراء والكسائي
(3)
: المَيِّتُ بالتشديد: مَنْ لَمْ
(1)
من أول قوله: "وهما مصدران وصف بهما"، قاله أبو بكر السجستانِيُّ فِي تفسير غريب القرآن ص 135.
(2)
قاله الفراء في معانِي القرآن 2/ 419، وينظر أيضًا: عين المعانِى ورقة 115/ أ.
(3)
قول ثلاثتهم في الكشف والبيان 8/ 234 وتفسير القرطبي 15/ 254، ولم أقف على قول الفراء في المعانِي، وقال الزجاج:"وقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3]، أصله: المَيّتةُ بالتشديد، إلا أنه مخفف، ولو قرئت: "المَيّتةُ" لَجازَ، يقال: مَيِّتٌ ومَيْتٌ، والمعنى واحد، وقال بعضهم: المَيِّتُ يقال لِما لَمْ يَمُتْ، والمَيْتُ لِما قد مات، وهذا خطأ، إنما مَيِّتٌ يصلح لِما قد مات ولَما سيموت، قال اللَّه تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30]، وقال الشاعر في تصديق أن المَيِّتَ والمَيْتَ بمعنى واحد:
لَيْسَ مَنْ ماتَ فاسْتَراحَ بِمَيْتٍ
…
إنّما المَيْتُ مَيِّتُ الأحْياءِ =
يَمُتْ وسَيَمُوتُ، والمَيْتُ بالتخفيف: الذي فارقه الرُّوحُ، فلذلك لَمْ يخففه هاهنا، قال الخليل:
204 -
تُسائِلُنِي تَفْسِيرَ مَيْتٍ وَمَيِّتٍ
…
فَدُونَكَ قَدْ فَسَّرْتُ إنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
فَما كانَ ذا رُوحٍ فَذَلِكَ مَيِّتٌ
…
وَما المَيْتُ إلَّا مَنْ إلَى القَبْرِ يُحْمَلُ
(1)
فبَيَّنَ الفرقَ بينهما فِي البيت الأخير.
وقرأ ابن محيصن وابن أبِي إسحاق وابن أبِي عبلة وعيسى بن عمر: "إنّكَ مائِتٌ" بالألف "وَإنّهُمْ مائِتُونَ"
(2)
، {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ
= فجعل المَيْتَ مخففًا من المَيِّتِ". معانِي القرآن وإعرابه 2/ 144، وقال النحاس: "ومَيِّتٌ جائز أيضًا، وتخفيفه جائز عند غير أبِي عمرو بن العلاء، فإنه كان لا يجيز التخفيف في المستقبل". إعراب القرآن 4/ 11، وينظر: تهذيب اللغة 14/ 343.
(1)
البيتان من الطويل، وقد نُسِبا للخليل بن أحمد في عين المعانِي، ورواية صدر الأول في تاج العروس:
أيا سائِلي تَفْسِيرَ مَيْتٍ وَمَيِّتِ
تاج العروس: موت، وقد استبعد الأستاذ صبحي البصام أن يكون هذان البيتان لأبِي عمرو ابن العلاء أو للخليل، فقال:"إنما هما من نَمَطِ الشعر التعليمي الذي لا عهد للخليل بمثله، فكيف أبو عمرو؟ وهو بأسلوبه المُتَكَلَّفِ ومعناه الفاسدِ ليس مما يجوز أن يُلَطَّخَ بزمانهما". مقال بعنوان: "مَيِّتٌ بالتثقيل ومَيْتٌ بالتخفيف"، للأستاذ صبحي البصام، مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد 57، الجزء الثانِي ص 174، سنة 1402 هـ، 1982 م.
التخريج: تفسير النسفي 3/ 219، عين المعانِي ورقة 115/ أ، التاج: موت.
(2)
وبها قرأ أيضًا ابنُ الزبير واليمانِيُّ وابنُ أبِي غوث، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 131، المحتسب 2/ 253، تفسير القرطبي 15/ 254، الإتحاف 2/ 429، قال النحاس:"وهي قراءة حسنة، ومثل هذه الألف تحذف في السواد، ومائت في المستقبل كثير في كلام العرب، ومثله: ما كان مريضًا وإنه لَمارِضٌ من هذا الطعام". إعراب القرآن 4/ 11، وينظر أيضًا: الفريد للهمداني 4/ 191، البحر المحيط 7/ 408.
تَخْتَصِمُونَ (31)} المُحِقُّ والمُبْطِلُ والظّالِمُ والمظلوم.
قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم، وقيل: جبريل عليه السلام، وأراد: جاء بالتوحيد والقرآن {وَصَدَّقَ بِهِ} يعني أبا بكرٍ وأصحابَه المؤمنين {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33)} الذين اتَّقَوا الشِّرْكَ.
{وَالَّذِي} لإبهامه يصلح للجمع والواحد
(1)
، وَوَحَّدَ {جَاءَ} على اللفظ، وإن قُرِئَ:"جاؤوا"
(2)
، وجَمَعَ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} كقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} ، ثم قال:{وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}
(3)
، وقولِهِ:{الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} ، ثم قال:{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}
(4)
، أو حُذِفَ النُّونُ
(5)
كما قال الشاعر:
205 -
أبَنِي كُلَيْبٍ إنّ عَمَّيَّ اللَّذا
…
قَتَلا المُلُوكَ وَفَكَّكا الأغْلالا
(6)
فحذف النون.
(1)
يعني أنه يصلح للمفرد وغيره كـ "مَنْ".
(2)
قرأ ابن مسعود والأعمش والربيع بن أنس: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ} ، ينظر: معاني القرآن للنحاس 6/ 174، شواذ القراءة ورقة 210، عين المعانِي ورقة 115/ أ، مختصر ابن خالويه ص 132، تفسير القرطبي 15/ 256.
(3)
البقرة 8.
(4)
البقرة 17.
(5)
حُذِفَت النون لطول الاسم، وهو قول سيبويه كما في الكتاب 1/ 186، وينظر: معانِي القرآن للنحاس 6/ 176، إعراب القرآن 4/ 12، وينظر: الجمل المنسوب للخليل ص 216، الفريد للهمداني 4/ 192، شرح الكافية للرضي 3/ 103.
(6)
البيت من الكامل، للأخطل يهجو جريرًا.
اللغة: بنو كليب: قوم جرير، عَمّا الأخطل: أبو حنش عُصْمُ بنُ النعمان، وَدَوْكَسُ بنُ الفَدَوْكَسِ، وكان أبو حَنَشٍ قد قَتَلَ شُرَحْبِيلَ بنَ الحارث فِي يوم الكُلابِ الأولِ. =
قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} الآية، قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنه
(1)
: فِي ابن آدم نَفْسٌ ورُوحٌ، بينهما مثل الشعاع، فالنفس: التي بها العقل والتمييز، والروح: التي بها النَّفَسُ والتحريك، فإذا نام العبد قَبَضَ اللَّهُ تعالى نفسه ولَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ.
وقال المفسرون
(2)
: إن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتعارف ما شاء اللَّه منها، فإذا أراد رجوعَها إلى الأجساد أمسك اللَّه تعالى أرواح الأموات عنده وحَبَسَها، وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع إلى أجسادها إلى وقت انقضاء مدة حياتها، وذلك قوله تعالى:{فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} .
قرأ يحيى والأعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ وخَلَفٌ: "قُضِيَ" بضم القاف وكسر الضاد وفتح إلياء "المَوْتُ" بالرفع
(3)
على مذهب ما لَمْ يُسَمَّ فاعلُهُ، وقرأ
= التخريج: ديوانه ص 246، الكتاب 1/ 186، معانِي القرآن للأخفش ص 85، المقتضب 4/ 146، المحتسب 1/ 185، سر صناعة الإعراب ص 536، المنصف 1/ 67، الأزهية ص 296، إصلاح الخلل ص 205، أمالِيُّ ابن الشجري 3/ 55، شمس العلوم 9/ 5953، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 161، 2/ 190، شرح المفصل 3/ 154، 155، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 62، 192، شرح الكافية للرضي 3/ 102، 495، رصف المبانِي ص 341، اللسان: خظا، ذا، فلج، لذي، البحر المحيط 7/ 411، همع الهوامع 1/ 163، خزانة الأدب 3/ 185، 6/ 6، 8/ 210، التاج: لذي.
(1)
ينظر قوله في الكشف والبيان 8/ 238، مجمع البيان 8/ 404، زاد المسير 7/ 186، تفسير القرطبي 15/ 261.
(2)
هذا القول رواه النحاس عن ابن جبير في معانِي القرآن 6/ 178، وينظر: جامع البيان 24/ 12، الكشف والبيان 8/ 238، زاد المسير 7/ 186، القرطبي 15/ 260، تفسير ابن كثير 4/ 60.
(3)
وهي أيضًا قراءة طلحة وعيسى بن عمر، ينظر: السبعة ص 562، 563، تفسير القرطبي 15/ 263، البحر المحيط 7/ 414، الإتحاف 2/ 430.