المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} يعني البعث {وَنَكْتُبُ مَا - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٢

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة العنكبوت

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرُّوم

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌ فَصلُّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة لقمان

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فْصَلَ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ السجدة

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحزاب

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة سبأ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الملائكة عليهم السلام

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة يس

- ‌بابُ ما جاءَ فِيها مِنَ الفَضائِلِ فِي قِراءَتِها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ في معنى الآية

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الصافات

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة ص

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌قَصَصٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الزمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة المؤمن

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ فِي بعض صفات العَرْش وحمَلَته ومن حوله على الاختصار

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة السجدة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة {حم * عسق}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الزخرف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} يعني البعث {وَنَكْتُبُ مَا

قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى} يعني البعث {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا} من خيرٍ أو شرٍّ عملوه فِي حياتهم {وَآثَارَهُمْ} يعني خُطاهُمْ بأرجلهم {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ} يعني: من الأعمال أي: بَيَّناهُ وحفظناه {فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12)} وهو اللوح المحفوظ، و {نَحْنُ} رفع بالابتداء، و {نُحْيِ} خبره، وهما جميعًا خبر {إِنَّا} ، {وَكُلَّ شَيْءٍ} نصب بإضمار فعلٍ تفسيره ما بعده تقديره: وأحصينا كل شيءٍ أحصيناه.

‌فصْلٌ

عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن أعظم الناس جزاءً فِي الصلاة أَبْعَدُهُمْ إليها مَمْشًى فأبعدهم"

(1)

، رواه البخاري ومسلمٌ كلاهما عن أبِي كُرَيْبٍ عن أبِي أسامة عن أبِي بُرْدةَ

(2)

عن أبِي موسى عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا} يعني: لأهل مكة {أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} وهي أنْطاكِيّةُ {إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13)} يعني رُسُلَ عيسى عليه السلام الذين بعثهم إلى أهلها من الحَوارِّيينَ يَدْعُونَهُمْ من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن، وقصتهم مشهورةٌ فيِ كتب التفسير

(3)

، ونصب {أَصْحَابَ} على البدل من المَثَلِ

(4)

، وقيل

(5)

: هو مفعولٌ ثانٍ.

(1)

صحيح البخاري 1/ 159 كتاب الأذان: فضل صلاة الفجر فِي جماعة، صحيح مسلم (واللفظ له) 2/ 130 كتاب المساجد: باب فضل كثرة الخُطا إلَى المساجد.

(2)

هو عامر وقيل: الحارث بن أبِي موسى الأشعري مشهور بكنيته، تابعي ثقة فقيه، كان قاضي الكوفة، وله مكارم ومآثر وأخبار، توفي سنة (103 هـ). [الطبقات الكبرى 6/ 268 - 269، سير أعلام النبلاء 4/ 343: 346].

(3)

ينظر: الكشف والبيان 8/ 124، البداية والنهاية 1/ 264، 265، الدر المنثور 5/ 261.

(4)

قوله: "مَثَلًا" يكون بدلًا إذا كان "اضْرِبْ" بمعنى اذْكُرْ، ينظر: إعراب القرآن 3/ 387، مشكل إعراب القرآن 2/ 223، البيان للأنباري 2/ 292، التبيان للعكبري ص 1079.

(5)

يكون مفعولا ثانيًا إذا كان "اضْرِبْ" بمعنى اجْعَلْ، وهو ما رجحه مَكِيٌّ في مشكل إعراب =

ص: 227

قوله: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} يعني الأصنام، وهو استفهام إنكارٍ {إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ}؛ أي: بسوءٍ ومكروهٍ {لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23)} الآية؛ أي: ولا يخلصونني من ذلك المكروه، وجزم {تُغْنِ} على جواب الشرط، و {يُنْقِذُونِ} عطف عليه، أصله: ينقذونني.

قوله تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} صاحَ بهم جبريلُ عليه السلام حين كَذَّبُوا الرُّسُلَ، وقَتَلُوا حَبِيبًا النَّجّارَ مؤمنَ آل يس، صَيْحةً واحدةً ماتوا عن آخرهم، وذلك قوله:{فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (29)} ابتداءٌ وخبرٌ؛ أي: مَيِّتُونَ، والصَّيْحةُ توضع موضع الهَلَكةِ، يقال: صاحَ فلانٌ فِي مال فلانٍ: إذا أهْلَكَهُ

(1)

، ومنه قول امرئ القيس:

168 -

دَعْ عَنْكَ نَهْبًا صِيحَ فِي حَجَراتِهِ

وَلَكِنْ حَدِيثًا ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ

(2)

ومعنى "صِيحَ في حُجَراتِهِ"؛ أي: هَلَكَ وذُهِبَ به، و {صَيْحَةً} خبر "كانَ"، و {وَاحِدَةً} نعتها، ورُوِيَ عن أبِي جعفرٍ أنه قرأ:"صَيْحةٌ واحِدةٌ"

= القرآن 2/ 223، وينظر: البيان للأنباري 2/ 292، التبيان للعكبري ص 1079.

(1)

ينظر: تهذيب اللغة 5/ 166.

(2)

البيت من الطويل، لامرئ القيس يمدح جاريةَ بنَ مُرِّ بنِ حنبلٍ أُخَيَّ بني ثُعَلَ، وفي أوله خَزمٌ، ويروى:"فَدَعْ"، وعليها فلا خرم فيه.

اللغة: النَّهْبُ: الغنيمة وكل ما انتُهِبَ، الحَجَراتُ: جمع حَجْرةٍ وهي الناحية، يريد: دَعِ النَّهْبَ الذي نُهِبَ من نواحيك، وحدِّثْنِي حديثَ الرواحل التي ذهبتْ، ما فعلتْ؟

التخريج: ديوانه ص 94، الصاحبي ص 18، 73، اللسان: حجر، رسس، سقط، صيح، ارتشاف الضرب ص 1729، البحر المحيط 6/ 173، 7/ 227، الجنى الدانِي ص 244، مغني اللبيب ص 200، 689، المقاصد النحوية 3/ 307، 308، شرح شواهد المغني ص 440، همع الهوامع 2/ 358، المزهر 1/ 323، خزانة الأدب 10/ 159، 11/ 178.

ص: 228

بالرفع

(1)

، جَعَلَ الكَوْنَ بِمَعْنَى الوقوع، وحينئذٍ لا يَحْتاجُ إلى خَبَرٍ.

قوله: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} نداءُ نكرةٍ؛ أي: يا هَؤُلاءِ تَحَسَّرُوا حَسْرةً

(2)

، تحريضٌ لهم على التحسُّر، وهو منصوبٌ بالتنوين؛ لِتَمَكُّنِ النكرةِ وأنها لا تُبْنَى، قال الشاعر:

169 -

يا راكِبًا بَلِّغَ إخْوانَنا

مَنْ كانَ مِنْ كِنْدةَ أوْ وائِلِ

(3)

وقرأ عكرمة: "يا حَسْرَهْ عَلَى العِبادِ" بِجَزْمِ الهاء

(4)

.

والحسرة: الندامة يوم القيامة، يقول: يا لها من حسرةٍ على الكفار، {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}؛ أي: يسخرون منه، ويقال: الحسرة

(1)

وبها قرأ أيضًا شيبة والأعرج ومعاذ بن الحارث، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 125، المحتسب 2/ 206، 207، تفسير القرطبي 15/ 21، البحر المحيط 7/ 317، الإتحاف 2/ 399، 400.

(2)

على هذا التأويل الذي ذكره المؤلف لا يكون "حَسْرةً" منادى، بل يكون مفعولًا مطلقًا لفعل محذوف، ويكون المنادى محذوفًا، وهو "هَؤُلاء" كما قَدَّرَهُ الجِبْلِيُّ هنا، وأما إذا كان "حَسْرةً" هو المنادى، فإن المعنى: يا حَسْرةً هذا أوانُكِ وإبّانُكِ الذي يجب أن تَحْضُرِي فيه، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 284، إعراب القرآن 3/ 392، التهذيب 4/ 287 - 288، مشكل إعراب القرآن 2/ 224، التبيان للعكبري ص 1081، البحر المحيط 7/ 318، الدر المصون 5/ 481.

(3)

البيت من السريع، لامرئ القيس، ونُسِبَ لعمرو بن قميئة، وليس في ديوانه، وقوله:"بَلِّغَ" أراد: بَلِّغَنْ بنون التوكيد الخفيفة.

التخريج: ديوان امرئ القيس ص 258، التعازي والمراثي للمبرد ص 137، الحماسة البصرية ص 151، خزانة الأدب 11/ 451.

(4)

قرأ عكرمة وابن ذكوان وأبو الزناد والأعرج ومسلم بن جندب: "يا حَسْرَهْ عَلَى العِبادِ" بإسكان الهاء؛ إجراء للوصل مجرى الوقف، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 125، المحتسب 2/ 208، تفسير القرطبي 15/ 23، البحر المحيط 7/ 318.

ص: 229

في العربية: الوعظ والتخويف مما عَلِمَ اللَّهُ تعالى، ولَمْ يَعْلَمُوهُ.

قوله: {أَلَمْ يَرَوْا} يعني أهل مكة، أي: ألَمْ يُخْبَرُوا {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} نصب بـ {أَهْلَكْنَا} ، والقَرْنُ: أهل كل عصرٍ، سُمُّوا بذلك لاقترانهم فِي الوجود {أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31)} لا يعودون إلى الدنيا، أفلا يعتبرون بهم.

قوله: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ} هذه "إن" الثقيلة فِي الأصل، خُفِّفَتْ فزال عملها في أكثر اللغات، ولزمتْها اللامُ فرقًا بينها وبين التي بمعنى "ما"

(1)

.

وقوله: {لَمَّا جَمِيعٌ} قرأ ابن عامرٍ وعاصمٌ وحمزة والأعمش: "لَمّا" بالتشديد، وقرأ الباقون بالتخفيف

(2)

، فمن شَدَّدَ جعل "إنْ" بمعنى الجحد على [أن "لَمّا"]

(3)

بمعنى "إلَّا"، تقديره: وما كُلٌّ إلَّا جَمِيعٌ، كقولهم: سألتُكَ لَمّا فعلتَ، أي: إلَّا فعلتَ

(4)

، ومَنْ خَفَّفَ جعل "إنْ" للتحقيق مخففة، و"ما" صلةً، مجازه: وإنْ كُلّ لَجَمِيعٌ

(5)

{لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32)} يعني: يوم القيامة، فيقفون

(1)

هذا على قراءة "لَما" بالتخفيف، ينظر: إعراب القرآن 3/ 393، مشكل إعراب القرآن 2/ 225.

(2)

وقرأ بالتشديدْ أيضًا: الحَسَنُ وابنُ جَمّازٍ وابنُ ذَكْوانَ، وقرأ بالتخفيف نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر والكسائي وابن وردان ويعقوب وخلف وهشام، ينظر: حجة القراءات ص 597، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 215، التيسير ص 126، النشر 2/ 291، الإتحاف 2/ 400.

(3)

زيادة يقتضيها السياق.

(4)

وهذه لغة هذيل، يجعلون "لَمّا" بمعنى "إلَّا"، وحكى سيبويه:"أقسمتُ عليك إلَّا فَعَلْتَ ولَمّا فَعَلْتَ"، ينظر: الكتاب 3/ 105، وينظر أيضًا: معاني القراءات للأزهري 2/ 305.

(5)

قال سيبويه: "واعلم أنهم يقولون: إنْ زَيْدٌ لَذاهِبٌ، وإنْ عَمْرٌو لَخَيْرٌ منك، لَمّا خَفَّفَها جَعَلَها بمنزلة "لَكِنْ" حين خَفَّفَها، وألزمها اللام لئلا تلتبس بـ "إنْ" التي هي بمنزلة "ما" التي تَنْفِي بها، ومثل ذلك:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: 4]، إنما هي: لَعَلَيْها حافظ، وقال تعالى: =

ص: 230

على ما عملوا، {كُلٌّ} رفعٌ بالابتداء، و {جَمِيعٌ} خبره، و {مُحْضَرُونَ} نعته.

ثم وعظ كفار مكة ليعتبروا، فقال:{وَآيَةٌ لَهُمُ} ابتداءٌ {الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ} خَبَرُهُ؛ أي: يَدُلُّهُم على قدرتنا على البعث إحياءُ الأرض بالنبات بعد أن كانت مَيْتةً لا تنبت شيئًا، وهو قوله:{أَحْيَيْنَاهَا} يعني: بالمطر {وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33)} يعني: ما يُقْتاتُ من الحبوب، وقرأ نافع:"الْمَيِّتةُ" بالتشديد

(1)

.

قوله: {وَجَعَلْنَا فِيهَا} يعني: في الأرض {جَنَّاتٍ} بساتين {مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (34) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ} يعني: من ثَمَرِ النخيل، كنايةً عن غير مذكورٍ، وهو في اللفظ مذكَّرٌ، قرأ الأعمش بضم الثاء وسكون الميم، وقرأ طلحة ويحيى وحمزة والكسائي وخلَفٌ بضم الثاء والميم، وقرأ الباقون بفتحهما

(2)

.

قوله: {وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} يعني: لَمْ يكن ذلك من صنع أيديهم، ولكنه من فعلنا {أَفَلَا يَشْكُرُونَ (35)} رَبَّ هذه النعمة فيوحدونه، ومحلُّ "ما" خفضٌ بالعطف على {ثَمَرِهِ} ، ويجوز أن يكون نصبًا.

قرأ العامة: "وَما عَمِلَتْهُ" بالهاء، وقرأ عيسى بن عمرو أهل الكوفة إلا حفصًا:"عَمِلَتْ" بغير هاءٍ

(3)

، ويجوز في "ما" ثلاثة أوجه، أحدها: الجحد

= {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس: 32] إنما هي: لَجَمِيعٌ، و"ما" لغو". الكتاب 2/ 139، وينظر أيضًا: مجاز القرآن 2/ 160، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 286، إعراب القرآن 3/ 393، المسائل المشكلة ص 175 وما بعدها، 381 وما بعدها، مشكل إعراب القرآن 2/ 225.

(1)

وهي أيضًا قراءة أبِي جعفر، ينظر: النشر 2/ 224، الإتحاف 2/ 400.

(2)

ينظر: القرطبي 15/ 25، البحر المحيط 7/ 320، النشر 2/ 260، الإتحاف 2/ 25، 400.

(3)

ينظر: السبعة ص 540، إعراب القراءات السبع 2/ 231، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 216، النشر 2/ 353، الإتحاف 2/ 400.

ص: 231

بمعنى: ولَمْ تعمل أيديهم؛ أي: وجدوها مغلولةً، فلا صُنْعَ لهم، والثانِي: بمعنى المصدر؛ أي: ومِنْ عَمَلِ أيديهم، والثالث بمعنى "الَّذِي"؛ أي: ومما عملت أيديهم من الحروث والغروس.

فمن قرأ: "عَمِلَتْهُ" بالهاء جعلها عائدة إلى "ما" التي هي بمعنى "الذي"، ومن قرأ بحذف الهاء فلأنّ هذه الهاء الراجعة إلى الموصول تجيء محذوفةً في أكثر القرآن، كقوله تعالى:{أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا}

(1)

، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}

(2)

، وتكون هذه القراءة كقراءة من قرأ:"عَمِلَتْهُ"؛ لأن الهاء مُرادةٌ وإن حُذِفَتْ من اللفظ

(3)

.

قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} ؛ أي: نرمي بالنهار عن الليل فنأتِي بالظُّلْمة

(4)

، وذلك أن الأصل هي الظُّلمة والنهار داخلٌ عليه، فإذا غربت الشمس انسلخ النهار من الليل؛ أي: كُشِطَ وأُزِيلَ فتظهر الظُّلمة

(5)

، وذلك قوله تعالى:{فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37)} ؛ أي: داخلون في ظلام الليل، و {اللَّيْلُ} رفع بالابتداء، {وَآيَةٌ} خبره إلا أنّ الخبر مقدَّمٌ على الاسم، {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} ابتداءٌ وخبرٌ.

(1)

الفرقان 41.

(2)

النمل 59.

(3)

ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 377، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 286، إعراب القرآن 3/ 394، الحجة للفارسي 3/ 307، المسائل المشكلة ص 352 - 353، المسائل الشيرازيات ص 503، مشكل إعراب القرآن 2/ 226، المحرر الوجيز 4/ 453، البحر المحيط 7/ 320، الدر المصون 5/ 484، 185.

(4)

قاله الفراء في معانِي القرآن 2/ 378، وينظر: زاد المسير 7/ 17.

(5)

قاله الواحدي في الوسيط 3/ 514.

ص: 232