الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأهل الكوفة: "نَحِساتٍ" بكسر الحاء، وقرأ الباقون بجزمه
(1)
، فالإسكان كعَبْلةٍ وعَبْلاتٍ، أو جَمَعَ المصدرَ، والنَّحِسُ من بناء الصفات كالفَرِقِ، وإن استُعْمِلَ فَرِقَ، ولَمْ يُسْتَعْمَلْ نَحِسَ، فقد استعمل فِي ضِدِّهِ سَعِدَ، واستعمل فَقِيرٌ كطَرِيفٍ، وإن لَمْ يأت فَقُرَ، فالنَّحِساتُ: ذَواتُ نَحْسٍ، قال أبو الحسن
(2)
: لَمْ نسمع فِي النَّحْسِ إلا الإسكانَ. هذا ما ذكره صاحب إنسان العين
(3)
، وقال الزجّاج
(4)
: من قرأ بكسر الحاء فواحدها: نَحِسٌ، ومن قرأ بالسكون فواحدها: نَحْسٌ.
فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}
قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنه: "الأيامُ كُلُّها للَّهِ تعالى، ولكنَّ اللَّهَ جَعَلَ بعضَها سُعُودًا وبعضَها نُحُوسًا، كما أن الخَلْقَ كُلَّهُمْ عَبيدٌ، ولكنَّ اللَّهَ خَلَقَ بعضَهم للجنة، وبعضَهم للنار، وما مِنْ شَهْرٍ إلا وفيه سبعة أَيام نَحِسةٍ، فاليوم الثالث من الشهر نَحْسٌ، قَتَلَ فيه قابيلُ أخاه هابيلَ، فجعله اللَّه نَحْسًا على بني آدم، واليوم الخامس من كل شهرٍ نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى أخرج فيه آدمَ من الجنة، وفيه أرسل العذاب على قوم يونس، وفيه طُرِحَ يوسفُ فِي الجُبِّ، واليوم الثالث عشر من
(1)
قرأ أبو عمرو وابنُ كثيرٍ ونافعٌ والنَّخْعِيُّ وعيسى بنُ عُمَرَ والأعرجُ ويعقوبُ بإسكان الحاء، ينظر: السبعة ص 576، تفسير القرطبي 15/ 348، البحر المحيط 7/ 470، النشر 2/ 366، الإتحاف 2/ 442.
(2)
يعني الأخفش، وينظر قوله في الحجة للفارسي 3/ 355، وأما في معانِي القرآن فقد قال:"وقال: "في أيّامٍ نَحْساتٍ"، وهي لغة من قال: نَحْسٌ، و"نَحِساتٍ" لغة من قال: نَحِسٌ". معانِي القرآن ص 465.
(3)
لَمْ أقف على هذا القول فِي عين المعانِي، ولكن كلام السجاوندي هنا من أول قوله:"فالإسكان كعبلة وعبلات"، إنما هو اختصار لكلام أبِي عَلِيٍّ الفارسيِّ في الحجة 3/ 354 - 355.
(4)
معانِي القرآن وإعرابه 4/ 383 باختلاف في ألفاظه.
كل شهرٍ نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى سَلَبَ فيه مُلْكَ أيُّوبَ، وأرْسَلَ عليه البلاءَ، وفيه سَلَبَ مُلْكَ سُلَيْمانَ، وفيه قَتَلَتِ اليَهُودُ الأنبياءَ، فجعله اللَّه تعالى نَحْسًا، ويومُ أحَدٍ وعشرين من كل شهرٍ نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى خَسَفَ فيه بقوم لُوطٍ، ومَسَخَ سَبْعَمِائةِ نصرانِيٍّ خَنازِيرَ، ومَسَخَ اليَهُودَ قُرُودًا، وفيه شَقَّ اليَهُودُ زَكَرِيّا بالمَناشِيرِ، فجعله اللَّه نَحْسًا، واليوم الرابع والعشرون من كل شهرٍ نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى خَلَقَ فيه فِرْعَوْنَ، وفيه وُلدَ، وفيه ادَّعَى الرُّبُوبِيّةَ، وفيه غَزِقَ، وفيه أرْسَلَ اللَّهُ تعالى الطوفانَ والجراد والقُمَّلَ والضَّفادِعَ والدَّمَ على قوم فرعون، فجعله اللَّه نَحْسًا، واليوم الخامس والعشرون من كل شهرٍ نَحْسٌ؛، لأن فيه شَقَّ النُّمْرُوذُ بنُ كَنْعانَ بُطُونَ سبعين ألفَ امرأةٍ، وفيه طُرِحَ الخَلِيلُ فِي النار، وفيه غَرِقَتْ ناقةُ صالحٍ، وفيه دَمْدَمَ اللَّهُ على قوم صالحٍ، فجعله اللَّه نَحْسًا، ومن الأربعاء من آخر الشهر نَحْسٌ؛ لأن اللَّه تعالى سَمّاهُ يَوْمَ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ، وفِي قوله تعالى:{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}
(1)
، فكانت فِي يوم الأربعاء من آخر الشهر، وفِي قوله تعالى فِي قوم صالح:{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}
(2)
، كانت يوم الأربعاء من آخر الشهر، فَبَيَّنَ اللَّهُ تعالى الأيامَ النَّحِساتِ فِي كتابه؛ لِيَتَجَنَّبَ فيها العاقلُ سَبْعَ خِصالٍ، فإنه مَنْ فَعَلَ من ذلك شيئًا أصبح من الخاسرين، فاجْتَنِبُوا فيهن حَفْرَ الآبار، وغَرْسَ الأشجار، واجْتَنِبُوا فيهن الدخولَ على النساء عند العُرْسِ، واجتنبوا فيهن شَرَّ البهائم والخَدَمِ، ولُبْسَ الثياب الجُدُدِ، واجتنبوا فيهن النكاح والتزويجَ، واللَّه يهدي من يشاء إلى ما يريد"
(3)
.
(1)
الذاريات 41.
(2)
الذاريات 44.
(3)
رواه الفَتَّنِيُّ في تذكرة الموضوعات ص 115، وقال:"قال ابن حجر: هذا كَذِبٌ على ابن عباس، لا تَحِلُّ روايته"، وينظر: اللآلئ المصنوعة 1/ 441، الفوائد المجموعة ص 438.
قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ} ؛ أي: فَبَيَّنّا لَهُمْ سَبِيلَ الهدي، و {ثَمُودُ} رفعٌ بالابتداء، ولَمْ ينصرف لأنه معرفةٌ، اسم للقبيلة، وقد قرأه الأعمش ويحيى ابن وَثّابٍ بالصرف، وجَعَلاهُ اسمًا للحَيِّ، ورُوِيَ أيضًا عن الأعمش وعاصمٍ وابن أبِي إسحاق أنهم قَرَؤوهُ بالنصب وتَرْكِ الصَّرْفِ، ونَصَبُوهُ على تقدير: فهدينا ثَمُودَ هَدَيْناهُمْ
(1)
، وقرأه الباقون مرفوعًا غير منوَّنٍ
(2)
، جعلوه اسمًا للقبيلة، ورفعوه على الابتداء.
وقوله: {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} يعني: فاختاروا الكفر على الإيمان، {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ}؛ أي: ذِي الهُونِ {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (17)} .
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني: من مشركي قريشٍ {لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ} ؛ أي: الْغَطُوا فيه، وارفعوا أصواتكم بالأشعارِ والكلامِ فِي وجوههم، حتى يلتبس عليهم قَوْلُهُمْ فَيَسْكُتُوا، قرأ عيسى بن عمر:"والْغُوا فِيهِ" بضم الغين
(3)
، وقرأه العامة بالفتح، قال الأخفش
(4)
: مَنْ فَتَحَ الغينَ كان
(1)
ذكر سيبويه الرفع والنصب في "ثمود"، ثُمَّ قال:"وقد قرأ بعضهم: "وَأمّا ثَمُودَ فَهَدَيْناهُمْ". . . فالنصبُ عربِيٌّ كثير، والرفع أجود". الكتاب 1/ 81 - 82، وقال مثله في الكتاب 1/ 148، وينظر: ما ينصرف وما لا ينصرف للزجاج ص 79.
(2)
قرأ بالرفع والتنوين أيضًا: الحَسَنُ والشَّنَبُوذِيُّ وبكرٌ السهميُّ، وقرأ بالنصب وتَرْكِ التنوين أيضًا: الحَسَنُ والمفضلُ والمُطَّوَّعِيُّ وعيسى بنُ عمر، وقرأ الحسنُ وابنُ أبِي إسحاق والأعمشُ بالنصب والتنوين، وقرأ الباقون بالرفع وتركِ التنوين، ينظر: جامع البيان 24/ 131، مختصر ابن خالويه ص 134، البحر المحيط 7/ 470، الإتحاف 2/ 442 - 443.
(3)
وبها قرأ أيضًا عبد اللَّه بنُ بَكِيرٍ السُّلَمِيُّ وابنُ أبِي إسحاقَ وبكرٌ السَّهْمِيُّ وقتادةُ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ وأبو حَيْوةَ والزعفرانِيُّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 134، المحتسب 2/ 247 - 246، تفسير القرطبي 15/ 356، البحر المحيط 7/ 473.
(4)
قال الأخفش: "وقال: "والْغَوْا فِيهِ"؛ لأنها من: لَغَوْتُ يَلْغَى، مثل: مَحَوْتُ يَمْحَى، وقال بعضهم: "والْغُوا فِيهِ"، وقال: لًغَوْتَ تَلْغُو، مثل مَحَوْتَ تَمْحُو". معانِي القرآن ص 466.
مِنْ: لَغا يَلْغَى، مثل: طَغَى يَطْغَى، ومَنْ ضَمَّ الغَيْنَ كان من: لَغا يَلْغُو، مثل: دَعا يَدْعُو. يقال: لَغا يَلْغُو لَغْوًا، فَهُوَ لَغ، واللَّغا واللَّغْوُ: كل كلامٍ لا وجه له، ولا فائدة فيه، وقوله:{لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)} ؛ أي: لكي تغلبوا محمدًا وأصحابَه فيسكتون.
قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ} ؛ أي: ذلك العذاب الشديد جزاء أعداء اللَّه، وقوله:{النَّارُ} بَدَلٌ من قوله: {جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ} ، وإن شئت قلت: هو النارُ
(1)
{لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} دار إقامةٍ، لا انتقال منها {جَزَاءً} منصوبٌ على المصدر أو مفعولٌ من أجله أي: للجزاء
(2)
{بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)} .
قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} ؛ أي: فِي النار، يقولون {رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} يعنون إبْلِيسَ الأبالِسةِ، وقابيلَ بنَ آدَمَ الذي قَتَلَ أخاه هابِيلَ؛ لأنهما سبب المعصية {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا} أسْفَلَ مِنّا فِي النار {لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)} فِي الدَّرْكِ الأسفل من النار، قرأ ابن كثيرٍ وابن عامرٍ وأبو بكرٍ بإسكان الراء، وقرأ أبو عمرٍو باختلاس كسرتها
(3)
، وقرأ الباقون بإشباع
(1)
يعني أنه خبر مبتدأ محذوف، وهذا قول الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 384، إعراب القرآن 4/ 59، ويجوز أن يكون "النّارُ" مبتدأ، والخبر قوله:"لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ"، ويكون الوقف على قوله:"أعْداءِ اللَّهِ"، ينظر: كشف المشكلات 2/ 287، الفريد 4/ 229.
(2)
ويجوز أيضًا أن يكون مصدرًا في موضع الحال، ينظر: الفريد 4/ 229، الدر المصون 6/ 65.
(3)
وقرأ بإسكان الراء أيضًا أبو عمرو في رواية أبِي الربيع عن عبد الوارث عنه، وبها قرأ هشامٌ في أحد وجهيه، وابنُ ذكوانَ ويعقوبُ وابنُ محيصن والمفضلُ، وقرأ بالاختلاس أيضًا هشامٌ في وجهه الثانِي، واليزيديُّ والدُّوريُّ، ينظر: السبعة ص 577، تفسير القرطبي 15/ 357، الإتحاف 2/ 443.
الكسرة، وقرأ ابن كثيرٍ:"اللَّذَيْنِّ" بتشديد النون
(1)
، وقرأ الباقون بالتخفيف.
قوله تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} هذا من قول الملائكة للمؤمنين، يقولون: نحن الحَفَظةُ الذين كُنّا معكم فِي الحياة الدنيا، وأنصارُكم وأحباؤُكم، {وَفِي الْآخِرَةِ} يقولون: لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ} من الكرامات واللذات، {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31)} تريدون وتسألون وتتَمَنَّوْنَ {نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)}؛ أي: جَعَلَ ما تَدَّعُونَ وتتَمَنَّوْنَ فِي الجنة نُزُلًا؛ أي: ثَوابًا ورِزْقًا لكم من غفورٍ رحيمٍ
(2)
، وقيل
(3)
: هو مصدرٌ فِي موضع الحال، ويحتمل أن يكون نصبًا على القطع من قوله:{وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}
(4)
.
قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ} يعني: إلى توحيد اللَّه وطاعته {وَعَمِلَ صَالِحًا} يعني: الطاعات {وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} يعني المخلصين المستسلمين لربهم، قيل
(5)
: نزلت هذه الآية فِي النبي صلى الله عليه وسلم،
(1)
ينظر: غيث النفع ص 249، النشر 2/ 248، الإتحاف 2/ 443.
(2)
معنى هذا أن النُّزُلَ هنا معناه الرزق، وعلى هذا يكون حالًا من الموصول، وهو "ما"، أو مِنْ عائدِهِ المحذوفِ، أي: ولكم فيها ما تَدَّعُونَهُ نُزُلًا، وهذا القول قال به الزمخشري في الكشاف 3/ 453، وينظر أيضًا: كشف المشكلات 2/ 288، الفريد 4/ 229 - 230، الدر المصون 6/ 67.
(3)
وصاحب الحال هو واو الجماعة في "تَدَّعُونَ"، أو المجرور في "لَكُمْ"، والعامل فيه على الوجه الثانِي هو معنى الاستقرار، وهذا قول الفراء والأخفش، ينظر: معانِي القرآن للفراء 1/ 251، وينظر قول الأخفش في عين المعانِي ورقة 117/ ب، الفريد للهمداني 4/ 229.
(4)
هذا قول الكسائي، حكاه عنه النحاس في إعراب القرآن 1/ 428 عند إعرابه للآية رقم 198 من سورة آل عمران.
(5)
هذا قول ابن عباس وابن سِيرِينَ وابنِ زيدٍ والحَسَنِ والسُّدِّيِّ وقتادةَ والضحاكِ، ينظر: جامع =
وكان الحَسَنُ إذا تَلا هذه الآيةَ قال: هذا رسولُ اللَّهِ، هذا حبيبُ اللَّه، هذا وَلِيُّ اللَّهِ، هذا صَفْوةُ اللَّهِ، هذا خِيرةُ اللَّه، هذا واللَّهِ أحَبُّ أهْلِ الأرض إلى اللَّه، هذا واللَّهِ خليفةُ اللَّهِ فِي الأرض، أجاب اللَّهَ إلى دعوتِهِ، ودَعا الناسَ إلى ما أجاب إليه، وعَمِلَ صالِحًا في خاصّةِ نَفْسِهِ في حياته، وقال: إنّنِي مِن المسلمين.
وقيل: إنها نزلت في المُؤَذِّنِينَ، رُوِيَ ذلك عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:"أرى هذه الآية فِي المؤذنين"
(1)
.
قوله: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} قال الفراء
(2)
: "لا" هاهنا صلةٌ زائدةٌ، معناه: ولا تستوي الحسنة والسيئة، وأنشد:
217 -
ما كانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ
…
والطَّيِّبانِ أبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ
(3)
= البيان 24/ 147، إعراب القرآن 4/ 60، الكشف والبيان 8/ 296، زاد المسير 7/ 257، تفسير القرطبي 15/ 360، الدر المنثور 5/ 364.
(1)
وهو أيضًا قول قيسِ بنِ أبي حازمٍ ومجاهدٍ وعكرمةَ، ينظر: جامع البيان 24/ 148، إعراب القرآن 4/ 60 - 61، الكشف والبيان 8/ 8/ 297، الوسيط 4/ 35، زاد المسير 7/ 256، تفسير القرطبي 15/ 360، الدر المنثور 5/ 364.
(2)
لَمْ يتعرضِ الفراء لهذه الآية في معانِي القرآن، ولكنه تكلم عن زيادة "لا" في قوله تعالى:{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، فقد قال:"وإنما يجوز أن تجعل "لا" صلة إذا اتصلت بجحد قبلها، مثل قوله:
ما كانَ يَرْضَي رَسُولُ اللَّهِ دِينَهُمُ
…
والطَّيِّبانِ أبُو بَكْرٍ وَلا عُمَرُ
فجعل "لا" صلة؛ لِمَكانِ الجحد في أول الكلام". معانِي القرآن 1/ 8.
(3)
البيت من البسيط لجرير يهجو الأخطل، ويُرْوَى:"فِعْلُهُما. . . والعُمَرانِ أبُو بَكْرٍ".
التخريج: ديوان جرير ص 159، إيضاح الوقف والابتداء ص 142، إعراب ثلاثين سورة ص 33، إعراب القراءات السبع 2/ 68، النقائض ص 174، النوادر ص 528، الكشف والبيان 8/ 297، عين المعانِي 108/ أ، 117/ ب، القرطبي 15/ 361، 16/ 91، رصف المبانِي ص 273، اللسان: لا.
أي: أبو بكرٍ وعُمَرُ. والمعنى: لا يستوي الصبر والغضب، والحلم والجهل، والعفو والإساءة، {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} كدفع الغضب بالصبر والإساءة بالعفو، {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ} خبر الظرف {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)}؛ أي: قريبٌ صديقٌ، أراد: فإذا فَعَلْتَ ذلك، ودَفَعْتَ السيئةَ بالتي هي أحْسَنُ، صار الذي بينك وبينه عداوةٌ كالصديق القريب.
قيل: نزلت هذه الآية في أبِي جهلٍ، كان يؤذي رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان عليه السلام يُبْغِضُهُ ويَكْرَهُهُ، فأمره اللَّه تعالى بالعفو والصفح
(1)
، وقيل
(2)
: نزلت في أبِي سفيان بنِ حربٍ، وكان مُؤْذِيًا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَلانَ للمسلمين بعد شِدّةِ عَداوَتهِ بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم، فصار وَلِيًّا في الإسلام، حَمِيمًا بالقرابة.
قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا} يعني الأعمال الصالحة، والعفو والصفح
(3)
{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} على كَظْمِ الغَيْظِ {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} يعني نصيبًا وافِرًا، وهي الجنة، وقال ثعلب: الهاء راجعة على "الَّتِي هِيَ أحْسَنُ"، ومَحَلُّ {إِلَّا الَّذِينَ} رفعٌ على اسم ما لَمْ يُسَمَّ فاعلُهُ
(4)
.
(1)
رواه البيهقي بسنده عن مقاتل في السنن الكبرى 7/ 44 كتاب النكاح: باب ما أمره اللَّه، تعالى، به من أن يدفع بالتي هي أحسن، وينظر: تفسير القرطبي 15/ 362.
(2)
قاله مقاتل، ينظر: الكشف والبيان 8/ 297، الوسيط 4/ 36، تفسير القرطبي 15/ 362.
(3)
يعني أن الضمير في "يُلَقّاها" راجع إلى المعنى، قاله النحاس في إعراب القرآن 4/ 62.
(4)
يعني أن "الَّذِينَ" نائبُ فاعلٍ للفعل "يُلَقّاها"، وهو في الوقت نفسه المفعول الأول له، وهو ما يسميه المؤلف تبعًا للكوفيين: اسمَ ما لَمْ يُسَمَّ فاعله.