الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واليَقْطِينُ: جمع يَقْطِينةٍ، وكل شجرة ليس لها ساقٌ، يَفْتَرِشُ وَرَقُها على الأرض نحو الدُّبّاءِ
(1)
والبِطِّيخِ والقِثّاءِ والحَنْظَلِ، فهو يَقْطِينة، فَإنْ كان لها ساقٌ يُقِلُّها فهي شجرةٌ فقط، وإن كانت قائمةً، أي: بغير وَرَقٍ مُفْتَرِشٍ، فهي نَجْمةٌ، وجمعها: نَجْمٌ
(2)
، وكذلك كل نَبْتٍ يمتد، وينبسط على وجه الأرض، وليس له ساق، فهو يَقْطِين، قال النَّقّاشُ
(3)
: وَرَقُ القَرْعِ إذا رُشَّ ماؤُهُ على حائطٍ لَمْ تَقْرَبْهُ ذُبابةٌ.
فصْلٌ
عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا اليَقْطِينَ، فلو عَلِمَ اللَّهُ شَجَرةً أخَفَّ منها لأنْبَتَها على أخِي يُونُسَ، وَإذا اتَّخَذَ أحَدُكُمْ مَرَقًا، فَلْيُكْثِرْ فيه من الدُّبّاءِ، فإنه يزيد فِي الدِّماغِ وفِي العَقْلِ"
(4)
.
قوله: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147)} {أَوْ} بمعنى الواو كقوله: "عُذْرًا أوْ نُذْرًا"
(5)
، قال الشاعر:
(1)
الدُّبّاءُ: القَرْعُ، واحدته دُبّاءةٌ. اللسان: دبي.
(2)
من أول قوله: "وكل شجرة ليس لها ساق"، قاله النحاس في إعراب القرآن 3/ 440، وهو قول المبرد كما ذكر القرطبي في تفسيره 15/ 129.
(3)
شفاء الصدور ورقة 126 (النسخة الثانية).
(4)
ينظر: الدر المنثور 5/ 291، كنز العمال 15/ 280، كشف الخفاء 2/ 116.
(5)
المرسلات 6، وكونها بمعنى الواو هنا هو قول أبِي عبيدة والأخفش وقطرب وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن 2/ 175، معانِي القرآن للأخفش ص 32 - 33، تفسير غريب القرآن ص 375، تأويل مشكل القرآن ص 543، 544، إيضاح الوقف والابتداء 440، 442، وقول قطرب حكاه عنه ابن جني في الخصائص 2/ 463، وسر صناعة الإعراب ص 406، وقال النحاس رَدًّا على هذا الرأي:"وهذا خطأ؛ لأن فيه بطلانَ المعانِي". معانِي القرآن للنحاس 6/ 61، وينظر: شمس العلوم 1/ 116 - 117.
182 -
فَلَمّا اشْتَدَّ أمْرُ الحَرْبِ فِينا
…
تَأمَّلْنا رِياحًا أوْ رِزاما
(1)
أي: وَرِزاما، وقال الفراء
(2)
: {أَوْ} هاهنا بمعنى "بَلْ"، أي: بل يزيدون، وأنشد:
183 -
بَدَتْ مِثْلَ قَرْنِ الشَّمْسِ فِي رَوْنَقِ الضُّحا
…
وَصُورَتِها أوْ أنْتِ فِي العَيْنِ أمْلَحُ
(3)
أي: بل أنت في العين أملح، وقال الزَّجّاجُ
(4)
: {أَوْ} هاهنا على أصله، ومعناه: أو يزيدون في تقديركم، إذا رآهم الرائي قال: هؤلاء مائة ألف أو يزيدون.
فالشَّكُّ إنما دخل على حكاية قول المخلوقين
(5)
، واختلفوا في مبلغ
(1)
البيت من الوافر، لَمْ أقف على قائله.
اللغة: رياح: حَيٌّ من يربوع، رِزام: أبو حَيٍّ من تَمِيمٍ، وهو رزام بن مالك بن حنظلة بن مالك ابن عمرو بن تَمِيمٍ.
التخريج: الكشف والبيان 8/ 171، عين المعاني 112/ ب، تفسير القرطبي 14/ 299، 15/ 132.
(2)
معانِي القرآن 1/ 72، 2/ 393، قال النحاس:"وهذا خطأ عند أكثر النحويين الحذاق، ولو كان كما قال لكان: وأرسلناه إلى أكثر من مائة ألف، واستغنى عن "أو". معانِي القرآن للنحاس 6/ 60.
(3)
البيت من الطويل، لذي الرمة، وسوف يتكرر 2/ 476.
اللغة: قرن الشمس: أوَّلُها وأعْلاها عند طلوعها، وقيل: أول شعاعها، رونق الضحا: أوله.
التخريج: ملحق ديوان ذي الرمة ص 1857، معانِي القرآن للفراء 1/ 72، الأضداد لابن الأنباري ص 282، إيضاح الوقف والابتداء ص 440، 885، المحتسب 1/ 99، الخصائص 2/ 458، الأزهية ص 121، الإنصاف ص 478، زاد المسير 1/ 42، 130، عين المعانِي 112/ ب، تفسير القرطبي 1/ 463، 16/ 100، شرح الكافية للرضي 4/ 420، اللسان: أوا، البحر المحيط 8/ 23، خزانة الأدب 11/ 65، 67.
(4)
معانِي القرآن وإعرابه 4/ 314 باختلاف في ألفاظه.
(5)
قال ابن جني: "معناه: وأرسلناه إلى جَمْع لو رأيتموهم لقلتم أنتم فيهم: هؤلاء مائة ألف =
الزيادة على مائة ألفٍ، فقيل: عشرون ألفًا، وقيل: بضعٌ وثلاثون ألفًا، وقيل: سبعون ألفًا.
قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ} ؛ أي: فاسأل يا محمد أهل مكة سُؤالَ تَوْبِيخٍ وإنكارٍ {أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا} عطفٌ على ما قبله، ونصبَ {إِنَاثًا} على الحال.
قوله تعالى: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)} استفهامٌ فيه معنى التوبيخ، قرأه العامة بقطع الألف، لأنه ألِف استفهامٍ مفتوحةٌ مقطوعةٌ دخلت على ألف الوصل، فبقيت ألِفُ الاستفهام على حالها مثل:{أَسْتَكْبَرْتَ}
(1)
و {أَسْتَغْفَرْتَ}
(2)
و {أَذْهَبْتُمْ}
(3)
ونحوِها، وقرأ أبو جعفرٍ ونافعٌ فِي بعض الروايات عنه:"لَكاذِبُونَ اصْطَفَى"
(4)
موصولة على الخبر والحكاية عن قول المشركين، مجازه: ليقولون وَلَدَ اللَّهُ وإنهم لكاذبون اصْطَفَى البنات على
= أو يزيدون، فهذا الشك إنما دخل الكلام على الحكاية لقول المخلوقين؛ لأن الخالق، جل جلاله وتقدست أسماؤه، لا يعترضه الشك في شيء من خَبَرِهِ". سر صناعة الإعراب ص 406، وينظر أيضًا: الخصائص 2/ 462، 463، معانِي القرآن للنحاس 6/ 61 - 62، المسائل العسكرية ص 94.
(1)
{أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} ص 75.
(2)
{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ} المنافقون 6.
(3)
{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} الأحقاف 20.
(4)
روى المسيبيُّ وقالونُ وأبو بكر بن أبِي أويس عن نافع: "لَكاذِبُونَ. أصْطَفَى" بقطع الهمزة، ورَوَى ابنُ جَمّازٍ وإسماعيل عن نافع وأبِي جعفر وَصْلَ الهمزة، ورُوِيَ ذلك عن وَرْشٍ، وقرأ بالوصل أيضًا حمزة والأعمش، ينظر: السبعة ص 549، تفسير القرطبي 15/ 134، البحر المحيط 7/ 361، النشر 2/ 360، الإتحاف 2/ 416.
البنين، قال الفراء
(1)
: أراد الاستفهام فحذف حرف الاستفهام كقوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} .
ثم وَبَّخَهُمْ فقال: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154)} للَّهِ بالبنات ولأنفسكم بالبنين {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155)} أفلا تتعظون فتنتهون عن هذا القول؟ {أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156)} ؛ أي: حجة بَيِّنةٌ على ما تقولون {فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ} الذي لكم فيه الحجة {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157)} في قولكم.
قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} قيل
(2)
: الجِنّةُ: الملائكةُ، سُمُّوا جِنًّا لاستتارهم عن الأبصار، وقيل
(3)
: هم خازنو الجِنانِ، وقال كفار مكة -لعنهم اللَّه-: إن اللَّه صاهَرَ الجِنَّ، فولدت الملائكةَ -تعالى اللَّه وتَقَدَّسَ عن ذلك عُلُوُّا كبيرًا-، والجِنّةُ: جمع جِنٍّ كحَبّةٍ وحَبٍّ، ويقال: به جِنّة، أي: خَبْطُ جِنّةٍ.
قوله: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)} ؛ أي: عَلِمُوا أنّ هؤلاء الكفارَ الذين قالوا هذا القول يُحْضَرُونَ النّارَ، ويُعَذَّبُونَ على ما قالوا، ثم نَزَّهَ نَفْسَهُ عما قاله بنو مُدْلِجٍ من الكذب، وهم حَيّ من خُزاعةَ، قالوا: الملائكة بنات اللَّه، تَعالَى اللَّهُ عَنْ ذلك عُلُوًّا كَبِيرًا، فقال تعالى:{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159)} ثم استثنى فقال: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160)} يعني الموحدين، فإنهم لا يُحْضَرُونَ النارَ، ونصب {عِبَادَ اللَّهِ} على الاستثناء
(4)
، و {الْمُخْلَصِينَ} من نعتهم.
(1)
معاني القرآن 2/ 394، وهو معنى كلام الفراء لا نصه.
(2)
هذا قول أكثر المفسرين، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 394، غريب القرآن لابن قتيبة ص 375، جامع البيان 23/ 129، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 315، إعراب القرآن 3/ 444.
(3)
رواه السُّدِّيُّ عن أبِي مالك، قال النحاس:"وهو قولٌ غريبٌ". إعراب القرآن 3/ 444، وينظر: تفسير القرطبي 15/ 134.
(4)
هذا الاستثناء منقطع، وفي المستثنى منه وجوه، أحدها: أنه مستثنى من قوله: "لَمُحْضَرُونَ"، =
قوله تعالى: {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161)} يعني الأصنام أي: فإنكم وآلِهَتَكُم التي تعبدون من دون اللَّه {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} ؛ أي: مع ذلك {بِفَاتِنِينَ (162)} ؛ أي: بِمُضِلِّينَ، يقال: فَتَنْتُ الرَّجُلَ وأفْتَنْتُهُ: إذا أضْلَلْتَهُ
(1)
، ويقال: فَتَنْتُهُ على الشيء وبالشيء
(2)
، كما يقال: أضَلَّهُ على الشيء، وأضله به، قال مقاتل: يقول: ما أنتم بمضلين أحدًا بآلهتكم إلا من قَدَّرَ اللَّهُ له أن يَصْلَى الجحيمَ، وهو قوله:{إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ (163)} يعني: أن قضاءه سَبَقَ فِي قومٍ بالشقاوة وأنهم يَصْلَوْنَ النارَ، فهم الذين يَضِلُّونَ في الدنيا، ويعبدون الأصنام.
وموضع "صالِي" رفعٌ على خبر الابتداء، والأصل في صالٍ: صالِيٌ، فاستثقلوا الضمة في الياء، فحذفوها، فبقيت الياء ساكنة، والتنوين ساكنٌ، فأسقطوا الياء لاجتماع الساكنين، وأبقوا الكسرة في اللام على أصلها، والعلة في هذا أنهم بنوا الخَطَّ على الوقف، فكان حمزة والكسائي يقفان على "صالِ" بغير ياءٍ اتِّباعًا للكِتابِ
(3)
.
قوله تعالى: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ (164)} وهذا من قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه إضمارٌ، المعنى: وما منا معشرَ الملائكة مَلَكٌ إلا له
= أي: ولكن المخلصين ناجُونَ، والثانِي: أنه مستثنى من الضمير في قوله: "وَجَعَلُوا"، وتكون جملة "سُبْحانَ اللَّهِ" اعتراضًا بين المستثنى والمستثنى منه، والثالث: أنه مستثنى من الضمير في قوله: "تَصِفُونَ"، أي: يصفه هؤلاء بذلك، لكن المخلصين بَراءٌ من أن يَصِفُوهُ به. ينظر: الفريد 4/ 144، الدر المصون 5/ 515.
(1)
قال الفراء: "وأهل نَجْدٍ يقولون: بِمُفْتِنِينَ. أهل الحجاز يقولون: فَتَنْتُ الرَّجُلَ، وأهل نجد يقولون: أفْتَنْتُهُ". معانِي القرآن 2/ 394، وينظر: إعراب القرآن للنحاس 3/ 445.
(2)
يعني أن "عَلَى" بمعنى الباء، وهو قول الفراء، قاله في معانِي القرآن 2/ 394، وينظر: الوسيط 3/ 534.
(3)
من أول قوله: "والعلة في هذا" قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص 240.
مقامٌ معلومٌ
(1)
{وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165)} قال قتادة: هم الملائكة صَفُّوا أقدامَهُمْ، وقال الكلبي: صفوف الملائكة فِي السماء كصفوف أهل الدنيا فِي الأرض {وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166)} ؛ أي: المُصَلُّونَ المُنَزِّهُونَ اللَّهَ تعالى عن السوء.
قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (167)} يعني أهل مكة، أي: وقد كانوا ليقولون، واللام لام توكيدٍ، لَمّا خففت "إنّ" دخلت على الفعل ولزمتها اللام فرقًا بين النفي وا لإيجاب، والكوفيون يقولون:"إنْ" بمعنى "ما"، واللام بمعنى "إلَّا"؛ أي: وما كانوا إلا يقولون
(2)
{لَوْ أَنَّ عِنْدَنَا ذِكْرًا مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)} يعني: كتابًا مثل كتبهم.
{لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169)} يعني: فِي التوحيد، نظيره قوله تعالى:{أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ}
(3)
{فَكَفَرُوا بِهِ} يعني: بالقرآن، وقيل: بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أنه مبعوث، وفيه أختصار، تقديره: فلما أتاهم ذلك الكتاب كفروا به {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170)} وعيدٌ لَهُمْ وَتَهْدِيدٌ، فَقُتِلُوا يوم بدرٍ.
(1)
هذا قول الزجاج، قاله في معياني القرآن وإعرابه 4/ 316، وهو مدهب البصريين، فهم يُخَرِّجُونَ هذه الآية وما أشبهها على حذف المواصوف، وأما الكوفيون فإنهم يجعلونه من باب حذف الموصول وبقاء صلته، ينظر: الكتاب 3/ 115، 345 - 346، معانِي القرآن للفراء 2/ 264، المقتضب 2/ 135؛ 137، إعراب القرآن 3/ 446، المسائل المشكلة للفارسي ص 245 - 246، مشكل إعرإب القرآن 2/ 244 الفريد للهمداني 4/ 146، شرح التسهيل لابن مالك 3/ 322؛ 324، شرح الكافية للرضي 2/ 346، 3/ 154، ارتشاف الضرب ص 1938:1941.
(2)
ينظر: إعراب القرآن 3/ 446 - 447، مشكل إعراب القرآن 2/ 244 - 245، وقد سبق مثل ذلك في الآية 32 من سورة يس، وهي قوله تعالى:{وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} ، وإن كان قد اختار هناك رَأْيَ الكوفيين.
(3)
الأنعام 157.