الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة ص
مكية
وهي ثلاثة آلافٍ وتسعةٌ وستون حرفًا، وسبعمائةٍ واثنتان وثلاثون كلمةً، وثمانٍ وثمانون آيةً.
باب ما جاء فِي فضل قراءتها
عن أُبَيِّ بنِ كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأ سُورةَ {ص} أُعْطِيَ مِنَ الأجْرِ بِوَزْنِ كُلِّ جَبَلِ سَخَّرَهُ اللَّهُ لِداوُدَ عَشْرَ حَسَناتٍ، وحَفِظَهُ مِنَ الصَّغِيرةِ والكَبِيرةِ، وعَصَمَهُ أَنْ يُصرَّ عَلَى ذَنْبٍ صَغِيرٍ أوْ كَبِيرٍ"
(1)
.
ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة {ص} ضَحِكَ مالكٌ خازنُ النارِ، وقال: لا سبيل لي عليك، أمِنْتَ فأبْشِرْ"
(2)
.
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {ص} قرأه العامة بجزم الدال، وقرأ الحسن وابن
(1)
ينظر: الكشف والبيان 8/ 175، الوسيط 3/ 537، الكشاف 3/ 385، مجمع البيان 8/ 340.
(2)
لَمْ أعثر له على تخريج.
أبِي إسحاق: "صادِ" بخفض الدال لالتقاء الساكنين
(1)
، وقرأ عيسى بن عمر:"صادَ"
(2)
بفتح الدال، ومثله:"ق"
(3)
و"ن"
(4)
لاجتماع الساكنين، وحَرَّكَها بأخفِّ الحركات، وقيل
(5)
: على الإغراء.
قال الفراء
(6)
: فمن قرأ: "صادِ" بخفض الدال جَعَلَهُ أمْرًا من: صادَيْتُ أُصادِي، فيكون على وزن: قاضِ يا رَجُلُ من: قاضَيْتُ، ورامِ من رامَيْتُ، كما قال الشاعر:
184 -
وَأُخْرَى أُصادِي النَّفْسَ عَنْها، وَإنّها
…
لفرْصةُ حَزْمٍ -إنْ ظَفِرْتُ- وَمَصْدَرُ
(7)
(1)
قاله الفراء والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 396، معانِي القرآن للنحاس 6/ 74، إعراب القرآن للنحاس 3/ 449.
(2)
قرأ أُبَيُّ بنُ كعب والحسنُ وابنُ أبِي إسحاق وأبو السمال وابنُ أبِي عبلة ونصر بن عاصم: "صادِ" بخفض الدال، وقرأ عيسى بن عمر، ومحبوبٌ عن أبي عمرو:"صادَ" بالفتح، وقرأ الحسن أيضًا، وهارونُ الأعورُ وابنُ السَّمَيْفَعِ:"صادُ" بالضم، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 129، المحتسب 2/ 230، شواذ القراءة للكرمانِي 203، تفسير القرطبي 15/ 142، البحر المحيط 7/ 366، 367، الإتحاف 2/ 418.
(3)
ق 1.
(4)
القلم 1.
(5)
قاله الأخفش، و"صاد" عنده على هذه القراءة اسم للسورة، ممنوع من الصرف، والمعنى: اذكر صادَ أو اتْلُ صادَ. معاني القرآن ص 20، وينظر: معاني القرآن للنحاس 6/ 74، إعراب القرآن 3/ 449، الفريد للهمداني 4/ 150.
(6)
هذا الكلام ليس للفراء، وليس في كتابه معانِي القرآن، وإنما هو كلام الأخفش، فقد قال:"وقال بعضهم: "صادِ والقُرْآنِ"، فجعلها من: صادَيْتُ، ثم أمَرَ كما تقول: رامِ، كأنه قال: صادِ القرآنَ بعملك أي: تَعَمَّدْهُ". معانِي القرآن ص 20، كما حكاه ابن الأنباري عن الأخفش في إيضاح الوقف والابتداء ص 482 - 483.
(7)
البيت من الطويل، لِتَأبَّطَ شَرًّا، ورواية ديوانه:
لَخُطّةُ حَزْمٍ إنْ فَعَلْتُ. . . . . . =
وقال آخر:
185 -
أبِيتُ عَلَى بابِ القَوافِي كَأنّما
…
أُصادِي بِها سِرْبًا مِنَ الوَحْشِ نُزَّعا
(1)
قال ابن الأنباري
(2)
: فعلى هذا المذهب تُكْتَبُ "صادِ" على لفظها؛ لأنها قد خرجت من حَدِّ الهجاء.
وموضعه جزم لأنه أمْرٌ من المُصاداةِ، تقديره: صادِ؛ أي: عارِضْ عَمَلَكَ بالقرآن، ومن قرأ بإسكان الدال كان موضعه نصبًا بإضمار: اذكر أو اقرأ، ويجوز أن يكون نصبًا بحذف حرف القسم منه، ويجوز أن يكون خفضًا بإضمار حرف القسم فيه
(3)
.
واختلفوا في معناه، فقيل: معناه: صَدَقَ اللَّهُ، وقيل: صَدَقَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو قَسَمٌ أقْسَمَ اللَّهُ به، وهو اسمٌ من أسماء اللَّه تعالى، وقيل: هو مفتاح اسم اللَّه تعالى بمعنى: صَمَد، وصانع المصنوعات، وصادق الوعد، وقيل:
= ومعنى "أُصادِي النفسَ": أُقابلُها.
التخريج: ديوانه ص 34، الَأغانِي 18/ 217، شرح ديوان الحماسة للتبريزي 1/ 40، شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 1/ 81، الحماسة البصرية ص 211، خزانة الأدب 7/ 503.
(1)
البيت من الطويل، لسُوَيْدِ بنِ كِراع العُكْلِيِّ يذكر تنقيحه شِعْرَهُ، ونسب لعُوَيْفِ القوافِي.
التخريج: ديوان سويد بن كراع ص 62 ضمن (شعراء مقلون)، مَجاز القرآن 2/ 101، البيان والتبيين 2/ 12، جامع البيان 20/ 68، الأغانِي 11/ 131، عين المعانِي ورقة 98/ أ، تفسير القرطبي 13/ 268.
(2)
إيضاح الوقف والابتداء ص 483.
(3)
سبق كلامه عن هذه الوجوه قبل قليل، وينظر: الفريد 4/ 149 - 150، البحر المحيط 7/ 366، الدر المصون 5/ 519.
هو بحرٌ في السماء، وقيل: هو اسم السورة إشارة إلى صدود الكفار عن القرآن
(1)
.
قوله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (1)} ؛ أي: ذي البيان، دليله قوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}
(2)
، أي: شَرَفٌ، وقيل:{ذِي الذِّكْرِ} يعني: ذكر اللَّه عز وجل.
واختلفوا في جواب القسم، فقيل
(3)
: جوابه: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، كما قال تعالى:{ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا}
(4)
، وقال الأخفش
(5)
: جوابه: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}
(6)
، كقوله تعالى:{تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
(7)
، وقولِه تعالى:{وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ}
(8)
، ثم قال:{إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}
(9)
.
(1)
ينظر في هذه المعانِي: جامع البيان 140، 141، معانِي القرآن للنحاس 6/ 73 - 74، الكشف والبيان 8/ 175 - 176، الوسيط 3/ 538، زاد المسير 7/ 97، البحر المحيط 7/ 367.
(2)
الزخرف 44.
(3)
قاله الأخفش في معانِي القرآن ص 21 - 22، وحكاه الطبري عن قتادة في جامع البيان 23/ 143، وينظر: معانِي القرآن للنحاس 6/ 76، 77، الكشف والبيان 8/ 176، وحكاه السجاوندي عن أبي علي الفارسي فِي عين المعانِي ورقة 113/ أ، وينظر: الفريد للمنتجب الهمدانِي 4/ 151.
(4)
ق 1 - 2.
(5)
معانِي القرآن ص 453.
(6)
ص 14.
(7)
الشعراء 97.
(8)
الطارق 1.
(9)
الطارق 4.
وقيل
(1)
: جوابه قوله: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ}
(2)
، وقيل
(3)
: جوابه قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّار}
(4)
، وهو قول الكسائي
(5)
.
وقيل
(6)
: فيه تقديمٌ وتأخيرٌ، تقديره: بل الذين كفروا في عِزِّة وشقاق والقرآنِ ذِي الذكر، وقال الفراء
(7)
: {ص} معناها: وَجَبَ وحَقَّ، جوابٌ لقوله:{وَالْقُرْآنِ} ، كما تقول: نَزَلَ واللَّهِ.
وقال القتيبي
(8)
: {بَلِ} إنما تجيء لتَدارُكِ كلامٍ ونَفْيِ آخرَ. مجاز الآية: أن اللَّه أقسم بـ "صاد والقرآن ذي الذكر إن الذين كفروا"{فِي عِزَّةٍ} حَمِيّةٍ وتَكَبُّرٍ، {وَشِقَاقٍ (2)}؛ أي: خلافٍ وفراقٍ وعداوةٍ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ومحل "لاتَ" نصبٌ على التَّنْزِيهِ والنفي
(9)
، و"مَناصٍ" خفضٌ بالإضافة.
(1)
حكاه الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان 8/ 176، وينظر: تفسير القرطبي 15/ 144.
(2)
ص 54.
(3)
هذا قول الزَّجّاج والكوفيين، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 319، إيضاح الوقف والابتداء ص 861، كشف المشكلات 2/ 258، زاد المسير 7/ 99، الفريد 4/ 15، وأجازه الفارسي في الإغفال 1/ 103 - 104، وَرَدَّهُ الفراءُ بأنه قد طال الفصلُ بينهما، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 397، وينظر أيضًا: معانِي القرآن للنحاس 6/ 76.
(4)
ص 64.
(5)
ينظر قوله في عين المعانِي 113/ أ، تفسير القرطبي 15/ 144، البحر المحيط 7/ 367، الدر المصون 5/ 520.
(6)
حكاه الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان 8/ 176.
(7)
معانِي القرآن 2/ 396، 397، ومعنى كلامه أن فيه تقديمًا وتأخيرًا.
(8)
تأويل مشكل القرآن ص 536.
(9)
هكذا في الأصل، ولا أعرف ما يعنيه بذلك؛ لأن "لاتَ" حرف لا موضع له من الإعراب، ويبدو أنه يريد "حِينَ" لأنه تحدث بعده عن "مَناصٍ".
قوله: {كَمْ أَهْلَكْنَا} محل {كَمْ} نصب بـ {أَهْلَكْنَا} ، {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا} يعني: بالإيمان والاستغاثة عند نزول العقوبة وحلول النقمة بهم، {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3)} ، وليس بوقتِ فِرارٍ ولا وَزَرٍ ولا مَنْجاةٍ ولا فَوْتٍ، يقال: ناصَهُ الشَّيْءُ: إذا فاتَهُ، والنَّوْصُ بالنون: التَّأخُّرُ، والبَوْصُ بالباء: التَّقَدُّمُ، قاله الفراء
(1)
، وقد جمعهما امرؤ القيس في بيت، فقال:
186 -
أمِنْ ذِكْرِ لَيْلَى إذْ نَأتْكَ تَنُوصُ؟
…
فَتَقْصُرُ عَنْها خُطْوةً فَتَبُوصُ
(2)
و {وَلَاتَ} مهو بمعنى "لَيْسَ" بلغة أهل اليمن
(3)
، والمَناصُ مصدر: ناصَ يَنُوصُ، يقال: ناصَ يَنُوصُ نَوْصًا ومَناصًا، وهو المنجاة
(4)
، و {مَنَاصٍ} مَفْعَلٌ من: ناصَ مثل مَقامٍ.
وتكلم النحويون في "لاتَ"، فقالوا: هي "لا" زيدت فيها التاء، كما قالوا: ثُمَّ وثُمَّتْ ورُبَّ ورُبَّتْ
(5)
، وأصلها هاء وُصِلَتْ بـ "لا"، فقالوا: لاهَ لغير
(1)
معانِي القرآن 2/ 397.
(2)
البيت من الطويل، ويُرْوَى:"أمِنْ ذِكْرِ سَلْمَى".
التخريج: ديوانه ص 177، معانِي القرآن للفراء 2/ 397، غريب القرآن لابن قتيبة 376، الأضداد لابن الأنباري ص 105، إيضاح الوقف والابتداء ص 290، الكشف والبيان 8/ 178، ذكر الفرق بين الأحرف الخمسة لابن السيد ص 317، عين المعانِي ورقة 113/ أ، تفسير القرطبي 15/ 146، التذكرة الحمدونية 7/ 281، رصف المبانِي ص 435، اللسان: بوص، قصر، نوص، البحر المحيط 7/ 365.
(3)
ينظر في هذا: الوسيط للواحدي 3/ 538، زاد المسير 7/ 105، بينما ذكر سيبويه أنها بمعنى "ليس" في لغة أهل الحجاز، ينظر: الكتاب 1/ 57.
(4)
في الأصل: "المجاز".
(5)
هذا قول جمهور النحويين، وفيها أقوال أخرى، منها: أن "لات" فعل ماض، ومنها: أن أصلها "ليس"، فأبدلت سينُها تاءً وياؤها ألفًا، ومنها: أنها كلمة وبعض كلمة؛ وذلك لأنها =
معنًى حادثٍ، كما زادوها في: ثُمَّهَ، فلما أوْصَلُوها جعلوها تاءً
(1)
.
والوقف عليها بالتاء عند الزجّاج وأبِي عَلِيٍّ الفارسيِّ
(2)
، وعند الكسائي الوقف عليها بالهاء
(3)
نحو قاعدة وضاربة، وعند أبِي عُبيدٍ الوقف على "لا"، ثم تبتدئ:"تَحِينَ مَناصٍ"
(4)
؛ لأن عنده أن هذه التاء تُزادُ مع "حين"، يقال: كان هذا تَحِينَ كان ذاك
(5)
، قال الفراء
(6)
: والاختيار أن ينصب بـ "لاتَ"؛ لأنها في
= "لا" النافية والتاء الزائدة في أول الحين، ينظر: الفريد 4/ 51، شرح الكافية للرضي 2/ 228، ارتشاف الضرب ص 1210، مغني اللبيب ص 334، 335.
(1)
قال الأزهري: "قال شمر: اجتمع علماء النحويين على أن أصل هذه التاء في "لات" هاء وُصِلَتْ بـ "لا"، فقالوا: لاهَ لغيرِ معنًى حادثٍ، كما زادوها في ثُمَّ وثُمّةَ، ولزمتْ، فلما وصلوها جعلوها تاءً". التهذيب 15/ 421.
(2)
معانِي القرآن وإعرابه 4/ 320، الإغفال للفارسي 2/ 522 - 523.
(3)
ينظر قول الكسائي في معانِي القرآن للفراء 2/ 398، إيضاح الوقف والابتداء ص 288، 289، معانى القرآن وإعرابه 4/ 320، إعراب القرآن 3/ 451، مشكل إعراب القرآن 2/ 247.
(4)
الكسائي وأبو السمال والدوري يقفون على "لات" بالهاء، فيقولون:"لاهْ"، وأبو عبيد يقف على "لا"، ويبتدئ:"تحين مناص"، وقال: إنه في مصحف الإمام: "ولا تحين" التاء متصلة بـ "حين"، ووقف الباقون على "لات" بالتاء للرسم، ينظر: إيضاح الوقف والابتداء ص 288؛ 295، غيث النفع ص 240، البحر المحيط 7/ 368، النشر 2/ 132، الإتحاف 2/ 418.
(5)
ذَكَرَ أبو عبيد ذلك في كتابه الغريب المصنف 1/ 350، 351، وينظر: إيضاح الوقف والابتداء ص 292، 295، إعراب القرآن للنحاس 3/ 450: 454، مشكل إعراب القرآن 2/ 248.
(6)
قال الفراء: "ومن العرب من يضيف "لات" فيخفض، أنْشَدُونِي:
. . . . . لاتَ ساعةَ مَنْدَمِ
ولا أحفظ صدره، والكلام أن يُنْصَبَ بِها؛ لأنها فِي معنى "ليس"، أنشدنِي المفضل:
تَذَكَّرَ حُبُّ لَيْلَى لاتَ حِينا
…
وَأضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا =
معنى "لَيْسَ"، قال: وأنشدنِي المفضل:
187 -
تَذَكَّرَ حُبُّ لَيْلَى لاتَ حِينا
…
وَأَضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ القَرِينا
(1)
وقال أبو زبيد الطائي
(2)
:
188 -
طَلَبُوا صُلْحَنا وَلاتَ أوانٍ
…
فَأجَبْنا أنْ لَيْسَ حِينَ بَقاءِ
(3)
= فهذا نصب، وأنشدنِي بعضهم:
طَلَبُوا صُلْحَنا، وَلاتَ أوانٍ
…
فَأجَبْنا أنْ لَيْسَ حِينَ بَقاءِ
فخفض "أوان"، فهذا خفض". معاني القرآن 2/ 397 - 398.
(1)
البيت من الوافر، لعمرو بن شَأْسٍ الأسدي، ويُرْوَى:"وَأمْسَى الشَّيْبُ".
التخريج: شعر عمرو بن شأس ص 73، معانِي القرآن للفراء 2/ 397، إيضاح الوقف والابتداء ص 290، إعراب القرآن للنحاس 3/ 453، الكشف والبيان 8/ 177، المحرر الوجيز 4/ 492، زاد المسير 7/ 100، عين المعانِي ورقة 113/ أ، تفسير القرطبي 15/ 147، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 378، همع الهوامع 1/ 403، خزانة الأدب 4/ 169، 178.
(2)
هو حَرْمَلةُ بن المنذر، أو المنذر بن حرملة بن معدي كرب بن حنظلة الطائي، شاعر معمر، أدرك الإسلام، وظل على النصرانية، وكان في الجاهلية يزور ملوك العجم، وكان في الإسلام يفد على الخليفة عثمان فيكرمه لعلمه وشعره، عاش (150 سنة)، وتوفي سنة (62 هـ). [الشعر والشعراء ص 307؛ 310، الأعلام 7/ 293].
(3)
البيت من الخفيف، وقوله:"طَلَبُوا" جواب لـ "لَمّا" في البيت السابق، وهو قوله:
ثُمَّ لَمّا تَشَذَّرَت، وَأنافَتْ
…
وَتَصَلَّوْا مِنها كَريهَ الصَّلاءِ
التخريج: ديوانه ص 30، معانِي القرآن للفراء 2/ 398، معانِي القرآن للأخفش ص 453، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 320، إيضاح الوقف والابتداء ص 294، إعراب القرآن 3/ 452، الخصائص 2/ 377، الكشف والبيان 8/ 177، المحرر الوجيز 4/ 492، الإنصاف ص 109، شرح المفصل 9/ 32، الفريد 4/ 153، عين المعانِي ورقة 113/ أ، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 378، اللسان: أون، لا، لات، البحر المحيط 7/ 367، رصف المبانِي ص 169، 262، مغني اللبيب ص 336، 892، المقاصد النحوية =
قال ابن عبّاسٍ
(1)
: كان كفار مكة إذا قاتلوا فاضطربوا فِي الحرب، قال بعضهم لبعضٍ: مناصَ، أي: اهْرُبُوا وخُذُوا حِذْرَكُمْ، فلما نزل بهم العذاب يوم بدر قالوا: مَناصَ مَناصَ، فأنزل اللَّه عز وجل:{وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ} .
{وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ} يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم، {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} ، وذلك حين قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:"قولوا: لا إله إلا اللَّه"، فنفروا من ذلك، وقالوا: أجَعَلَ مُحَمَّدٌ الآلِهةَ إلهًا واحدًا؟ كيف يَسَعُ الخَلْقَ إلَهٌ واحدٌ؟ "
(2)
، {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)}؛ أي: عجيبٌ، قال أهل اللغة
(3)
: العُجابُ والعَجِيبُ واحدٌ، وهو مما جاء على فَعِيلٍ وفُعالٍ، يقال: رَجُلٌ كَرِيمٌ وكُرامٌ، وكَبيرٌ وكُبارٌ، وطَوِيلٌ وطُوالٌ، وعَرِيضٌ عُراضٌ، وسِكِّينٌ حَدِيدٌ وحُدادٌ، وطَيِبٌ وطُيابٌ، وقَرِيبٌ وقُرابٌ، وذَفِيفٌ وذُفافٌ
(4)
، وخَفِيفٌ وخُفافٌ، وأنشد الفراء في كُبارٍ
(5)
:
= 2/ 156، شرح شواهد المغني ص 640، 965، همع الهوامع 1/ 402، خزانة الأدب 4/ 169، 183، 185، 6/ 539، 545.
(1)
رواه الحاكم في المستدرك 2/ 433 كتاب التفسير: سورة "ص"، وينظر: الكشف والبيان 8/ 178، تفسير القرطبي 15/ 145.
(2)
رواه الإمام أحمد عن ابن عباس في المسند 1/ 227، 228، 362، والنسائي في السنن الكبرى 5/ 235 كتاب السِّيَرِ: باب "ممن تؤخذ الجزية"، والحاكم في المستدرك 2/ 432 كتاب التفسير: سورة "ص".
(3)
وقالوا: العُجّابُ بالتشديد أبلغ من العُجاب بالتخفيف، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 398، مجاز القرآن 2/ 176، 177، معانِي القرآنَ للنحاس 6/ 79، تهذيب اللغة 1/ 386، 387، الكشف والبيان 8/ 179، الفريد للهمداني 4/ 154.
(4)
الذَّفِيفُ: الخفيف السريع على وجه الأرض، وينظر في هذه الكلمات التي ذكرها المؤلف: ياقوتة الصراط ص 435.
(5)
معانِي القرآن 1/ 254، 2/ 398.
189 -
كَحَلْفةٍ مِنْ أبِي رِياحٍ
…
يَسْمَعُها لاهُهُ الكُبارُ
(1)
وقال آخر فِي طُيابٍ:
190 -
نَحْنُ بَذَلْنا دُونَها الضِّرابا
إنّا وَجَدْنا ماءَها طُيابا
(2)
يريد: طَيِّبًا، وقال المفضل فِي "قُرابٍ":
191 -
وَلَمّا أنْ رَأيْتُ بَنِي عَلِيٍّ
…
عَرَفْتُ الوُدَّ والنَّسَبَ القُرابا
(3)
(1)
البيت من مخلع البسيط، للأعشى يهجو بني جَحْدَرٍ، ويُرْوَى:"لاهُمُ الكُبارُ"، ويُرْوَى: و"اللَّهُمُ الكُبارُ".
اللغة: أبو رياح: رجل من بني ضبيعة، كان قَتَلَ رجلًا من بني سعد بن ثعلبة، فسألوه أن يحلف أو يُعْطِيَ الدِّيةَ، فحَلَفَ ثم قتلوه، فضربته العرب مَثَلًا لِما لا يُغْنِي من الحَلِفِ، لاهُهُ: إلَهُهُ، الكُبار: الكبير.
التخريج: ديوانه ص 333، جمهرة اللغة ص 327، سر صناعة الإعراب ص 430، الكشف والبيان 8/ 179، أمالِي ابن الشجري 2/ 197، شرح المفصل 1/ 3، عين المعانِي ورقة 113/ أ، تفسير القرطبي 4/ 53، شرح الكافية للرضي 1/ 346، اللسان: أله، لوه، المقاصد النحوية 4/ 238، همع الهوامع 2/ 47، خزانة الأدب 2/ 266، 269، 7/ 176.
(2)
البيتان من الرجز المشطور، لَمْ أقف على قائلهما.
اللغة: ضاربَ الرجلُ صاحبه ضِرابًا ومضاربةً: ضربَ كل واحد منهما صاحبَه، طُيابًا: طَيِّبًا جِدًّا.
التخريج: معانِي القرآن للفراء 2/ 398، ديوان الأدب 3/ 360، تهذيب اللغة 14/ 41، 42، المحتسب 2/ 230، الصحاح 1/ 173، الكشف والبيان 8/ 179، شمس العلوم 7/ 4204، عين المعانِي ورقة 113/ أ، اللسان: طيب، التاج: طيب.
(3)
البيت من الوافر للحارث بن ظالِمْ المُرِّيِّ، من قصيدة أنشدها المفضل، يذكر فيها فتكه بخالد بن جعفر بن كلاب، وهو في جوار النعمان بن المنذر، ورواية المفضليات:"بَنِي لُؤَيٍّ"، ويُرْوَى:"وَكُنْتُ إذا رَأيْتُ". =
وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَمي وعيسى بن عمر: "عُجّابٌ"
(1)
بالتشديد، وهو المفرط في العجب، كما قالوا: رَجُلٌ حُسّانٌ وامرأةٌ حُسّانةٌ، وأنشد الفراء
(2)
:
192 -
وَآثَرْتُ إدْلاجِي عَلَى لَيْلِ حُرّةٍ
…
هَضِيمِ الحَشا، حُسّانةِ المُتَجَرَّدِ
(3)
وأنشد أبو حاتم:
193 -
جاءُوا بِصَيْدٍ عَجَبٍ مِنَ العَجَبْ
أُزَيْرِقِ العَيْنَيْنِ، طُوّالِ الذَّنَبْ
(4)
= التخريج: المفضليات ص 315، ياقوتة الصراط ص 436، أساس البلاغة: قرب، منتهى الطلب 4/ 30، شرح الحماسة للمرزوقي ع 197، البرهان للزركشي 2/ 514.
(1)
وهي أيضًا قراءة عَلِيِّ بنِ أبِي طالب وابن مِقْسَمٍ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 130، المحتسب 2/ 230 - 231، شواذ القراءة ورقة 203، تفسير القرطبي 15/ 149، البحر المحيط 7/ 369.
(2)
معانِي القرآن 2/ 398، والرجز التالِي الذي أنشده أبو حاتم أنشده الفراء أيضًا.
(3)
البيت من الطويل للحطيئة، ورواية ديوانه:"آثَرْتُ" بغير واو، وفيها خَرْمٌ.
اللغة: الإدلاج: السَّيْرُ فِي آخر الليل. الحَشا: ظاهر البطن. ومعنى هضيم الحشا: هيفاءُ ضامرةُ الخصر. حسانة المتجرد: حسنة جدًّا عند التعري. والمعنى: آثرتُ سَيْرِي على هذه المرأة الحرة الكريمة أن أعانقها.
التخريج: ديوانه ص 45، معانِي القرآن للفراء 2/ 398، الأغانِي 2/ 61، المخصص 9/ 48، الكشف والبيان 8/ 179، مختارات شعراء العرب ص 448، عين المعانِي ورقة 113/ أ، التذكرة الحمدونية 9/ 393.
(4)
البيتان من الرجز المشطور، لَمْ أقف على قائلهما، ومعنى "طُوّالِ الذُّنّب": مُفْرِطُ الطُّولِ.
التخريج: معانِي القرآن للفراء 2/ 399، المحتسب 2/ 231، الكشف والبيان 8/ 179، مجمع البيان 8/ 345، زاد المسير 6/ 320، 7/ 103، الفريد للهمداني 4/ 154، تاريخ دمشق 11/ 264، تاج العروس: طول.
قوله تعالى: {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ} يعني: مِنْ أشْرافِ قُرَيْشٍ {أَنِ امْشُوا} يعنِي: إلى أبِي طالب، فاشْكُوا ابنَ أخِيهِ إليه، {وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}؛ أي: اثْبُتُوا على عبادة الأصنام {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)} ؛ أي: لأَمْرٌ يُرادُ بنا.
وقوله: {أَنِ امْشُوا} يقال في الأمر من المشي: امْشُوا، ومن الجَرْيِ: اجْرُوا، وإنما كُسِرَت الألِفُ والثالثُ مضمومٌ؛ لأن الضمة عارضة على الشِّينِ، وأصله: امْشِيُوا بكسر الشين، وإنما حُذِفَتْ ضمةُ الياء للاستثقال، فبقيت الياء ساكنةً، والتقى الياء والواو، فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، وضُمَّ ما قبل الواو لتصح الواو، فهي عارضة، وليست بأصل في العَيْنِ، ومن هاهنا لَمْ يختلفوا في كسر النون من قوله تعالى:{أَنِ امْشُوا} ؛ كما اختلفوا في: {أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}
(1)
بكسر النون وضمها؛ لكونها عارضة في {أَنِ امْشُوا} ، وغير عارضة في {أَنِ اقْتُلُوا} وما أشبهه.
والمَشْيُ في الآية يمكن أن يُرادَ به الكثرةُ، مأخوذ من المَشاءِ وهو كثرة الماشية
(2)
، وقد فَسَّرَ بعضُهُمْ {أَنِ امْشُوا} هو بذلك، فَكَأنّهُ دُعاءٌ لَهُمْ بِالنَّماءِ وَكَثْرةِ الماشِيةِ.
قوله تعالى: {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ (11)} ؛ أي: مغلوبٌ ممنوعٌ من الصعود إلى السماء، وقيل: معناه: مقهورٌ، وأنت عليهم -يا محمدُ-
(1)
النساء 66، وقد اختلف القراء فيها، فقرأ عاصمٌ وحمزةُ:"أنِ اقْتُلُوا" بكسر النون، ورُوِيتْ أيضًا عن أبِي عمرو، وقرأ ابن عامر وابن كثير ونافع والكسائي:"أنُ اقْتُلُوا" بضم النون، ينظر: السبعة ص 234.
(2)
قال ابن السكيت: "وتقول: قد أمْشَى الرَّجُلُ: إذا كَثُرَتْ ماشِيَتُهُ، وقد مَشَتِ الماشِيةُ: إذا كَثُرَتْ أوْلادُها، وناقة ماشية: كثيرة الأولاد". إصلاح المنطق ص 326، وينظر: تهذيب اللغة 11/ 438 - 439.
مُظَفَّرٌ منصور، و {جُنْدٌ} خبرُ ابتداءٍ محذوفٍ، تقديره: هم جندٌ، و {مَا} صلةٌ زائدةٌ أي: هنالك، وهو إشارة إلى بَدْرٍ ومصارعهم بها، نصبٌ على الظرف، و {مَهْزُومٌ} نعتٌ {جُنْدٌ}
(1)
.
قوله تعالى: {إِنْ كُلٌّ} ؛ أي: ما كُلٌّ منهم {إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ (14)} ؛ أي: فوجب عليهم عقابِي بتكذيبهم رسلي، ومحل {عِقَابِ} رفعٌ لأنه فاعلٌ، وإنما كسرت الباء لتدل على سقوط الياء.
قوله تعالى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ} يعني كفار مكة {إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} يعني: نفخة القيامة {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15)} ؛ أي: رجوعٍ، وقيل: سكونٍ، وفيه لغتان: بضم الفاء، وهي لغة تميم وقراءةُ يحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلَفٍ، وبالفتح، وهي لغة قريشٍ وقراءةُ سائِرِ القُرّاءِ
(2)
واختيارُ أبِي عُبَيْدٍ بالفتح، بمعنى الراحة والإفاقة، ذهبوا إلى إفاقة المريض من عِلَّتِهِ.
والفُواقُ بالضم: ما بين الحَلْبَتَيْنِ
(3)
؛ أي: ما لها انتظار، وهو مشتقٌّ من الرجوع أيضًا، لأنه يعود اللبنُ إلى الضَّرْعِ بين الحَلْبَتَيْنِ، وهو أن تُحْلَبَ الناقةُ ثم تُتْرَكُ ساعةً إلى أن يجتمع اللبنُ
(4)
، فما بين الحَلْبَتَيْنِ فُواقٌ، فاستُعِيرَ في
(1)
ويجوز أن يكون "جُنْدٌ" مبتدأً، و"مَهْزُومٌ" خبره، و"ما" زائدة، و"هُنالِكَ" ظرف متعلق بمحذوف نعت لـ "جُنْدٌ"، ويجوز أن يكون "جُنْدٌ" مبتدأ، و"هُنالِكَ" الخبر، و"مَهْزُومٌ" نعت "جُنْدٌ"، ينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 248، كشف المشكلات 2/ 260، التبيان للعكبري ص 1098، الفريد للهمداني 4/ 155، الدر المصون 5/ 526.
(2)
ينظر: السبعة ص 552، البحر المحيط 7/ 373، النشر 2/ 361، الإتحاف 2/ 419.
(3)
قال ابن السكيت: "وهو فُواقُ النّاقةِ وفَواقُها، وهو ما بين الحَلْبَتَيْنِ، يقال: لا تَنْتَظِرْهُ فُواقَ ناقةٍ وفَواقَ ناقةٍ، وقَرَأت القُرّاءُ: "ما لَها مِنْ فَواقٍ" و"فُواقٍ"، وأما الفُواقُ الذي يأخذ الرَّجُلَ فمضموم لا غير". إصلاح المنطق ص 107.
(4)
ينظر: إصلاح المنطق ص 107، تهذيب اللغة 9/ 337 - 338، معانِي القراءات 2/ 325.
موضع الانتظار مُدّةً يَسِيرةً، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"مَنْ رابَطَ فُواقَ ناقَتِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عز وجل جَسَدَهُ عَلَى النّارِ"
(1)
، فأما الفُؤاقُ بالضم والهمز فهو الوَجَعُ لا غَيْرُ
(2)
، ومعنى الآية: ليس بَعْدَ الصيحة إفاقة ولا رجوعٌ إلى الدنيا.
قوله: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)} يعنون: حَظَّنا ونَصِيبَنا من الجنة التي تقول يا محمد، يقولون ذلك استهزاءً، وقيل: معناه: عَجِّلْ لنا كُتُبَنا إلى النار، والقِطُّ في كلام العرب: الحظ والنصيب
(3)
، وقيل
(4)
: القِطُّ: الكتاب بالجوائز، وجمعه: قُطُوطٌ، قال ثعلب عن ابن الأعرابِي
(5)
: القِطُّ: الصحيفة، والقِطُّ: الكتاب. وأصله من الكتابة.
ثم قال اللَّه تعالى لِنَبِيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ} يعني: ذا القوة والعبادة {إِنَّهُ أَوَّابٌ (17)} مُطِيعٌ رَجّاعٌ إلى اللَّه بالتوبة، وقيل
(6)
: الأوّابُ هو المُسَبِّحُ بلغة الحَبَشِ {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ} بتسبيحه {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18)} ؛ أي: بالعشي وحين تزول الشمس، قال ابن عبّاسٍ
(7)
: وكان داود عليه السلام يفهم تسبيح الحجر والشجر.
(1)
رواه العقيلي عن السيدة عائشة في الضعفاء الكبير 1/ 22، 2/ 143، وقال:"هذا الحديث منكر"، وينظر: الكشف والبيان 8/ 181، عين المعانِي 113/ أ.
(2)
هذا القول حكاه الأزهري عن ابن الأعرابِيِّ فِي التهذيب 9/ 337، وينظر: ياقوتة الصراط ص 437.
(3)
قاله الفراء والزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 400، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 323، معانِي القرآن للنحاس 6/ 87.
(4)
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 179، وينظر: معانِي القرآن للنحاس 6/ 88، إعراب القرآن 3/ 457، تهذيب اللغة 8/ 265، عين المعانِي ورقة 113/ أ.
(5)
قول ثعلب حكاه عنه تلميذه أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص 437 - 438.
(6)
قاله سعيد بن جبير، ينظر: الكشف والبيان 8/ 183.
(7)
ينظر قوله في المصدر السابق 8/ 183.
قوله: {وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً} ؛ أي: وسَخَّرْنا له الطَّيْرَ مجموعةً {كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19)} أي: مطيعٌ ومُسَبِّحٌ، وهو ابتداءٌ وخبرٌ، ونصب {مَحْشُورَةً} على الحال، قال الفراء
(1)
: ولو قُرِئَ: "والطَّيْرُ مَحْشُورةٌ" بالرفع لَجازَ؛ لأنه لَمْ يظهر الفعل.
قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} ؛ أي: قَوَّيْناهُ، وقرأ الحسن:"وَشَدَّدْنا مُلْكَهُ" بالتشديد
(2)
، قال ابن عبّاسٍ
(3)
: كان داودُ عليه السلام أشَدَّ ملوك الأرض سلطانًا، وكان يحرس محرابه ثلاثةٌ وثلاثون ألف رَجلٍ، فذلك قوله تعالى:{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ} ، ويقال: كان داود عليه السلام إذا جلس للحكم كان عن يمينه ألف رجلٍ من الأنبياء، وعن يساره ألف رجلٍ من الأخيار.
قوله: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)} فالحكلمة هي النبوة والإصابة في الأمور، وأما فصل الخطاب فاختلفوا فيه، فقال ابن عبّاسٍ
(4)
: هو بيان الكلام. وقيل
(5)
: هو عِلْمُ الكلامِ، وقال عَلِي بن أبِي طالب عليه السلام
(6)
: هو البَيِّنةُ على المُدَّعِي واليَمِينُ على مَنْ أنْكَرَ.
(1)
قال الفراء: "ولو كانت "والطيْرُ مَحْشُورةٌ" بالرفع لَمّا لَمْ يظهر الفعل معها، كان صوابًا، تكون مثل قوله:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7]. معانِي القرآن 2/ 401، وقد قرأ بالرفع إبراهيمُ بنُ أبِي عبلةَ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ، ينظر: مختصر ابن خالوبه ص 130، شواذ القراءة للكرمانِي ورقة 203، البحر المحيط 7/ 374.
(2)
وهي قراءة ابن أبِي عبلة أيضًا، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 130، شواذ القراءة للكرمانِي ورقة 203، البحر المحيط 7/ 374.
(3)
ينظر: الوسيط للواحدي 3/ 544، وفيه:"ستة وثلاثون ألف رجل". عين المعاني ورقة 113/ أ.
(4)
ينظر: الكشف والبيان 8/ 184.
(5)
قاله ابن مسعود والحسن ومقاتل والسُّلَمِيُّ والكلبي، ينظر: الكشف والبيان 8/ 184.
(6)
ينظر: الكشف والبيان 8/ 184، الوسيط 3/ 545، الكشاف 3/ 365، المحرر الوجيز 4/ 497، البحر المحيط 7/ 374.
وقال الشَّعْبِيُّ
(1)
: "سمعت زِيادًا يقول: فصل الخطاب الذي أُعْطِيَ داودُ عليه السلام: "أمّا بَعْدُ"، قيل: وهو أول من قالها.
وإنما قيل لها: فصل الخطاب لأن الكلام يُسْتَفْتَحُ بحمد اللَّه، ثم يقال: أما بَعْدُ، فالأمر كذا وكذا، فقد فَصَلَتْ بين ذِكْرِ اللَّهِ وبين الأمر الذي قَصَدْتَ، هكذا في الكتب يقال: مِنْ فلانٍ إلى فلانٍ، سلامٌ عليك، أمّا بَعْدُ، فكذا وكذا، ومنه قول القائل: فلانٌ ليس له أصْلٌ ولا فَصْلٌ، فالأصل: النسب المعروف، والفصل: اللسان الذي يفصل بين الحق والباطل.
قوله: {وَهَلْ أَتَاكَ} يا محمد {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21)} يقال: تَسَوَّرْتُ الحائطَ والسُّورَ: إذا عَلَوْتَهُ، وإنما قال:{تَسَوَّرُوا} ، والخَصْمُ هاهنا اثنان، لأنه على مذهب من يجعل الاثنين جماعةً، فجمع الفعل لأن الاسم يصلح للواحدِ والاثنينِ والجمعِ والمذكرِ والمؤنثِ، لأن معنى الجمع ضَمُّ الشيءِ إلى الشيء، فالاثنان فما فوقهما جماعة، كقوله تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}
(2)
، وقيل
(3)
: الخَصْمُ مَصْدَرٌ، أي: ذَوُو الخَصْمِ، فلا يُثَنَّى ولا يُجْمَعُ، قال الشاعر:
(1)
ينظر قوله في: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 325، الزاهر لابن الأنباري 2/ 351، الكشف والبيان 8/ 185، المحرر الوجيز 4/ 497، البحر المحيط 7/ 374.
(2)
التحريم 4، قال سيبويه: "وسألت الخليل، رحمه الله، عن: ما أحْسَنَ وُجُوهَهُما، فقال: لأن الاثنين جميع، وهذا بِمَنْزِلةِ قول الاثنين: نحن فعلنا ذاك، ولكنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما يكون منفردًا، وبين ما يكون شيئًا من شيء، وقد جعلوا المفردين أيضًا جميعًا، قال اللَّه، جل ثناؤه:{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} [ص: 21 - 22]. الكتاب 2/ 48، وقال مثله في الكتاب 3/ 622.
(3)
قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 325، معانِي القرآن للنحاس 6/ 94، إعراب القرآن 3/ 459.
194 -
وَخَصْمٍ غِضابٍ يَنْفِضُونَ لحاهُمُ
…
كَنَفْضِ البَراذِينِ الغِراثِ المَخالِيا
(1)
وقوله: {إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ} ؛ أي: فخاف منهما حين دخلا عليه محرابه بغير إذنه، وقد يجاء بـ "إذْ" مرتين، ويكون معناهما كالواحد
(2)
، كقولك: ضَرَبْتُكَ إذْ دَخَلْتَ عَلَيَّ إذِ اجْتَرَأْتَ، فالدخول هو الاجتراء، ويجوز أن تجعل أحدهما على مذهب "لَمّا"
(3)
.
قوله: {خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ} ؛ أي: نحن خصمانِ بَغَى بَعْضُنا على بعضٍ، وأنشد الفراء
(4)
:
195 -
تَقُولُ ابْنةُ الكَعْبِيِّ يَوْمَ لَقِيتُها
…
أمُنْطَلِقٌ فِي الجَيْشِ أوْ مُتَثاقِلُ
(5)
(1)
البيت من الطويل للراعي النميري، يمدح هشام بن عبد الملك، وقد جاء في أصل المخطوط كما يلي:"وخصم غصام. . . البراذين الغزار"، ورواية ديوانه:"البَراذِينِ الغِراثِ"، ويُرْوَى:
جُلُوسًا عَلَيْها يَنْفِضُونَ لِحاهُمُ
…
كلما نَفَضَتْ عُجْفُ البِغالِ المَخالِيا
اللغة: البَراذِينُ: جمع بِرْذَوْنٍ، والبراذين من الخيل: ما كان من غير نتاج العرب، الغِراثُ: جمع غَرْثانَ وهو الجائع.
التخريج: ديوانه 291، رسائل الجاحظ 2/ 251، المعانِي الكبير ص 825، الكشف والبيان 8/ 187، عين المعانِي ورقة 113/ أ، تفسير القرطبي 15/ 165، فتح القدير 4/ 425.
(2)
في الأصل: "معناها كالواو"، والتصويب من معانِي القرآن للفراء.
(3)
من أول قوله: "وَقَدْ يُجاءُ بِإذْ مَرَّتَيْنِ" قاله الفراء في معانِي القرآن 2/ 401، وبقية كلامه:"فكأنه قال: إذ تَسَوَّرُوا المِحْرابَ لَمّا دخلوا، وإن شئت جعلت "لَمّا" في الأول، فإذا كانت "لَمّا" أولًا وآخِرًا فهي بعد صاحبتها، كما تقول: أعطيته لَمّا سَألَنِي، فالسؤال قبل الإعطاء في تقدمه وتأخره". وقال النحاس: "فجاءت "إذْ" مرتين، لأنهما فعلان، وزعم الفراء أن إحداهما بمعنى "لَمّا"، وقولٌ آخرُ: أن تكون الثانية وما بعدها تَبْيِينًا لِما قَبْلَها". إعراب القرآن 3/ 459.
(4)
معانِي القرآن 2/ 402.
(5)
البيت من الطويل، لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى:"لَمّا لَقِيتُها". =
أراد: أأنْتَ مُنْطَلِقٌ؟ ويجوز: خَصْمَيْنِ، على معنى: جِئْناكَ خَصْمَيْنِ
(1)
{بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ} ؛ أي: لا تَجُز، وقيل: لا تُسْرِفْ، وقرأ أبو رجاء العطاردي:"تَشْطُطْ" بفتح التاء وضم الطاء الأولى
(2)
، ومعناه: ولا تبعد عن الحق، والشَّطَطُ والإشْطاطُ: مُجاوَزةُ الحَدِّ، وأصل الكلمة من قولهم: شَطَّت الدارُ وأشَطتْ: إذا بَعُدَتْ
(3)
{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22)} يعني: وَسَطَ الطريق.
قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي} على التمثيل لا على التحقيق؛ لكونهما مَلَكَيْنِ على طريقٍ واحدةٍ وجنسٍ واحدٍ، كقوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}
(4)
، {لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} يريد امرأةً {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} فالنعجة: البقرة الوحشية، وهذا من أحسن التعريض حيث كَنَى بالنِّعاجِ عن النساء، والعرب تفعل ذلك كثيرًا فِي أشعارهم
(5)
.
= التخريج: معانِي القرآن للفراء 2/ 402، جامع البيان 23/ 169، إيضاح الوقف والابتداء ص 861.
(1)
هذا أيضًا من كلام الفراء، وأنشد شاهدًا لذلك:
وَقالَتْ: ألا يا اسْمَعْ نَعِظْكَ بخُطّةٍ
…
فقلْتُ: سَمِيعًا، فانْطِقِي وَأصِيبِي
ثم قال الفراء: "أي: سَمِيعًا أسْمَعُ منك، أو سميعًا وَعَظْتِ، والرفع فيه جائز". معاني القرآن 2/ 402، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 326، إيضاح الوقف والابتداء ص 861 - 862.
(2)
وهي أيضًا قراءة قتادة وأبِي حيوة وابن أبِي عبلة والحسن، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 130، المحتسب 2/ 231، شواذ القراءة للكرمانِيِّ الورقة 203، البحر المحيط 7/ 376.
(3)
قاله ابن قتيبة فِي تفسير غريب القرآن ص 378، وينظر: تهذيب اللغة 11/ 264.
(4)
الحجرات 10، وهذا القول قاله الثعلبي في الكشف والبيان 8/ 188.
(5)
ينظر في هذه الكناية: تأويل مشكل القرآن ص 266 - 267، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 326، معانِي القرآن للنحاس 6/ 97، الكناية والتعريض للثعلبي ص 9، 10، الكشف والبيان 8/ 189، تفسير القرطبي 15/ 172.
وقوله: {فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} ؛ أي: أعْطِنِيها، وقيل: ضُمَّها إلَيَّ حتى أكْفُلَها، {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)}؛ أي: غَلَبَنِي، مأخوذٌ من المُعازّةِ، وهي المُغالَبةِ، {قَالَ} داود {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ} يعني الشركاء {لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} ابتداءٌ وخبرٌ، و {الَّذِينَ} في موضع نصبٍ على الاستثناء، و {مَا هُمْ} مؤكِّدةٌ، كأنه قال: ما أقَلَّهُمْ، تقول: قَلِيلٌ ما، أي: قَلِيلٌ وأيُّ قَلِيلٍ
(1)
.
قوله: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} ؛ أي: ابْتَلَيْناهُ بالخطيئة، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ} يعني: سأل داوُدُ عليه السلام رَبَّهُ غُفْرانَ خطيئته التي أخطأها، وقصته مشهورةٌ، {وَخَرَّ رَاكِعًا} يعني ساجدًا، وعَبَّرَ بالركوع عن السجود لأن كليهما بمعنى الانحناء
(2)
، {وَأَنَابَ (24)} راجع [إلى] ما يُحِبُّ اللَّهُ تعالى من التوبة والاستغفار، ونصب {رَاكِعًا} على الحال.
قوله: {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} يعني الذَّنْب، {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا} يعني في الآخرة {لَزُلْفَى} لَقُرْبةً ومَكانةً ومَنْزِلةً حَسَنةً {وَحُسْنَ مَآبٍ (25)} يعني الجنة التي هي مآب الأولياء والأنبياء، ومَحَلُّ "زُلْفَى" نصبٌ؛ لأنه اسم "إنّ"، وخبرها قوله:{لَهُ عِنْدَنَا} .
(1)
ويجوز أن تكون "ما" اسمًا موصولًا بمعنى "الَّذِي" في موضع رفع على الابتداء، وخبره " قَلِيلٌ"، و"هُمْ" مبتدأ، وخبره محذوف، والجملة صلة "ما"، والمعنى: وقليل الذين هُمْ كذلك، ينظر: إيضاح الوقف والابتداء ص 333، 862، كشف المشكلات 2/ 262، عين المعانِي 113/ أ، الفريد 4/ 161.
(2)
قاله الواحدي في الوسيط 3/ 549، وينظر: زاد المسير 7/ 122، القرطبي 15/ 182.