المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما جاء فيها من الإعراب - البستان في إعراب مشكلات القرآن - جـ ٢

[ابن الأحنف اليمني]

فهرس الكتاب

- ‌سورة العنكبوت

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الرُّوم

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌ فَصلُّ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة لقمان

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فْصَلَ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورةُ السجدة

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الأحزاب

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة سبأ

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الملائكة عليهم السلام

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة يس

- ‌بابُ ما جاءَ فِيها مِنَ الفَضائِلِ فِي قِراءَتِها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ في معنى الآية

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الصافات

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة ص

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌قَصَصٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة الزمر

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة المؤمن

- ‌باب ما جاء في فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ فِي بعض صفات العَرْش وحمَلَته ومن حوله على الاختصار

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة السجدة

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصْلٌ

- ‌فصْلٌ فِي معنى قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}

- ‌فصْلٌ

- ‌سورة {حم * عسق}

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌سورة الزخرف

- ‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

- ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

الفصل: ‌باب ما جاء فيها من الإعراب

‌سورة سبأ

مكية

وهي ثلاثة آلافٍ وخمسمائةٍ واثنا عشر حرفًا، وثمانمائةٍ وثلاثٌ وثمانون كلمةً، وخمسٌ وخمسون آيةً.

‌باب ما جاء فِي فضل قراءتها

عن أُبَيِّ بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قرأ سورة سبأ لَمْ يَبْقَ نَبِيٌّ ولا رسولٌ إلا كان له يومَ القيامةِ رفيقًا ومُصافِحًا"

(1)

.

ورُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة سبأ ضُوعِفَ له الأجرُ أضعافًا، فلا يُحْصَى بعددٍ ولا حسابٍ، ثم يُوضَعُ له أجْرُهُ على الكرسيِّ حيث لا يراه إلا اللَّه"

(2)

.

‌باب ما جاء فيها من الإعراب

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله عز وجل: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} يعني: الشكر للَّهِ على نِعَمِهِ السوابغِ على

(1)

ينطر: الكشف والبيان 8/ 69، الوسيط 3/ 486، الكشاف 3/ 297، مجمع البيان 8/ 190.

(2)

لَمْ أعثر له على تخريج.

ص: 145

جميع خلقه، فهو وَليُّ الحمد ومنتهى الحمد ووَلِيُّ النعم، والحمد هو الوصف بالجميل على وجه التعظيم، {الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} مِن خَلْقٍ، {وَمَا فِي الْأَرْضِ} مِن خَلْقٍ، فهو المَلِكُ والمالك، لا شريك له في ذلك، و {الَّذِي} في موضع خفضٍ على النعت أو البدل، ويجوز أن يكون في موضع رفعٍ على إضمار مبتدأٍ، وأن يكون في موضع نصبٍ بمعنى: أعْنِي

(1)

، وحكى سيبويه

(2)

: الحمدُ للَّهِ أهلِ الحمد بالنصب والرفع والخفض.

قوله: {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ} كما هو له فِي الدنيا؛ لأن النِّعَمَ فِي الدّارينِ كُلَّها منه، فيَحْمَدُهُ أولياؤُهُ إذا دخلوا الجنة، فيقولَون:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ}

(3)

، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا}

(4)

، و {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}

(5)

، {وَهُوَ الْحَكِيمُ} في أمره {الْخَبِيرُ (1)} بِخَلْقِهِ؛ لعلمه بجميع الأشياء، ما كان منها وما لَمْ يكن، وهو مبتدأٌ وخبرٌ.

قوله تعالى: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ} يعني: ما يدخل فِي الأرض من مطرٍ أو حَبٍّ أو نَوًى أو كَنْزٍ أو مَيْتٍ وما أشبه ذلك، {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا} من النبات والكنوز وسائر المعادن من الذهب والفضّة والصُّفْرِ

(6)

والنحاس والحديد والرصاص، {وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} من ماءٍ أو مصيبةٍ أو رزقٍ وغير ذلك،

(1)

هذه الأوجه قالها النحاس في إعراب القرآن 3/ 331، وينظر: الدر المصون 5/ 428.

(2)

الكتاب 2/ 62 - 63، فالنصب على المدح، والرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والخفض على أنه نعتٌ لِلَفْظِ الجلالةِ.

(3)

الزمر 74.

(4)

الأعراف 43.

(5)

فاطر 34.

(6)

الصُّفْرُ: النُّحاسُ الجَيِّدُ، وَقِيلَ: هُوَ ما صَفُرَ مِنْهُ، واحِدَتُهُ صُفْرةٌ. اللسان: صفر.

ص: 146

{وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} ؛ أي: يصعد فيها من الملائكة وأعمال العباد، {وَهُوَ الرَّحِيمُ} بخَلْقِه، فلا أرْحَمَ منه، كَلَّفَهُم اليسيرَ، ورَفَعَ عنهم العَسِيرَ، وصَرَفَ عنهم الوَبِيلَ، وشَكَرَ لهم القليلَ {الْغَفُورُ (2)} لِمَنْ تاب إليه، غفر لهم الذنوب العظامَ، وسَتَرَ عليهم قبائح الآثام.

قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني منكري البعث من أهل مكة {لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ} يا محمدُ {بَلَى وَرَبِّي} قَسَمٌ {لَتَأْتِيَنَّكُمْ} جواب القسم، ثم عاد جل جلاله بتمجيدِه وتحميدِه والثناء على نفسه، فقال:{عَالِمِ الْغَيْبِ} .

واختلف القُرّاءُ فيه، فقرأ يَحْيَى والأعمشُ وحَمْزةُ والكسائيُّ:"عَلَّامِ الغَيْبِ" بِخَفْضِ الميمِ على وزن "فَعّال"، وهي قراءة عبد اللَّه وأصحابهِ، وقرأ أهلُ الْمَدِينةِ وابنُ عامرٍ ورويسٌ:"عالِمُ" برفع الميم على الاستئناف

(1)

، وقيل

(2)

: على خبر ابتداءٍ مَحْذُوفٍ، تقديره: هو عالِمُ الغيب.

وقرأ ابن كثيرٍ وأبو عمرٍو وعاصمٌ ورَوْحٌ

(3)

: "عالِمِ" بجر الميم

(4)

رَدًّا

(1)

ويكون "عالِمُ الْغَيْبِ" مبتدأ، وخبره "لا يَعْزُبُ عَنْهُ"، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 351، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 240، إعراب القرآن 3/ 331، الحجة للفارسي 3/ 288

(2)

قاله الزجاج وغيره، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 240، إعراب القرآن للنحاس 3/ 331، الحجة للفارسي 3/ 288.

(3)

هو رَوْحُ بن عبد المؤمن الهُذَلِيُّ بالولاء، أبو الحسن البصري، مقرئ جليل ثقة ضابط صدوق، قرأ على يعقوب الحضرمي، توفي سنة (233 هـ)، وقيل:(235 هـ). [تهذيب الكمال 9/ 246 - 247، غاية النهاية 1/ 285].

(4)

ينظر في هذه القراءات: السبعة ص 526، إعراب القراءت السبع 2/ 208، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 201، تفسير القرطبي 14/ 260، البحر المحيط 7/ 248، إتحاف فضلاء البشر 2/ 380 - 381.

ص: 147

على قوله: {وَرَبِّي} ، وهو خفضٌ بواو القسم، وهو اختيار أبي عبيدٍ فيه وفي أمثاله، يُؤْثِرُ النعوتَ على الابتداء.

ويجوز النصب بمعنى: أعني

(1)

، وقيل: بِنَزْعِ الواو من "عالِمِ"، قاله الخليل

(2)

، وهو خفض بواو القسم، فـ "عالِمٌ" يكون للقليل والكثير، وَ"عَلَّامٌ" للتكثير

(3)

.

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} المعنى: لَتَأْتِيَنَّكُم الساعةُ؛ لِيَجْزِيَ الذين آمنوا، ثم بينَ جزاءَ الفريقين فقال تعالى:{أُولَئِكَ} يعني: الذين آمنوا {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} حسَنٌ، يعني: فِي الجنة.

قوله: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا} ؛ أي: عملوا فِي إبطال أدِلَّتِنا والتكذيب بكتابنا {مُعَاجِزِينَ} يعني: مُشاقِّينَ مُغالِبينَ يحسبون أنهم يفوتوننا، وقرأ مَكِّيٌّ وأبو عمرٍو:"مُعَجِّزِينَ"

(4)

، أي: مُثَبِّطِيَنَ الناسَ عن اتباع الرسول والإيمان بالقرآن، نظيرها فِي سورة الحج

(5)

، وهو نصبٌ على الحال.

وأصل العجز الضعف، يقال: عَجَزَ عن الأمر يَعْجِزُ عَجْزًا، فهو عاجزٌ،

(1)

أو بمعنى: اذْكُرْ عالِمَ الغيب، وهذا في غير القرآن، وأما في القرآن فلا يجوز؛ لأنه لَمْ يُقْرَأْ به، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 240، إعراب القرآن 3/ 331.

(2)

الجمل المنسوب للخليل ص 109 - 110، ومعني هذا الكلام أن الأصل فيه "وَعالِمِ الْغَيْبِ" بواو القسم، فلما حذفت واو القسم نصب.

(3)

قاله النحاس في إعراب القرآن 3/ 332.

(4)

وبها قرأ أيضًا ابنُ كثير والجحدريُّ وأبو السمال واليزيديُّ وحُمَيْدُ بنُ قيس ومجاهدٌ، ورُوِيتْ عن ابن محيصن، ينظر: السبعة ص 439، تفسير القرطبي 14/ 261، الإتحاف 2/ 278، 381.

(5)

الحج 51، وانظر ما سبق 1/ 258.

ص: 148

ثم قيل لكل مُغالِب: مُعاجِزٌ، كأنه يطلب عَجْزَ صاحِبِهِ، وقال أبو عبيدة

(1)

: معنى {مُعَاجِزِينَ} : مسابِقين. وليس بشيءٍ؛ لأنه لا يقال: سُوبِقَ اللَّهُ، كما لا يقال: فلانٌ يُغالِبُ اللَّهَ، ولا يقال أيضًا: عاجَزَ: إذا سابَقَ، وإنما أراد أبو عبيدة تأويل قوله:{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا}

(2)

.

وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)} قرأ ابنُ كثيرٍ ويعقوبُ وحَفْصٌ والمُفَضَّلُ الميمَ بالرفع على نعت العذاب، وقرأ غيرهم بالخفض

(3)

على نعت الرِّجْزِ، والرِّجْزُ أسوأ العذاب، ومثله فِي الجاثية

(4)

.

قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} معطوفٌ على قوله: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ؛ أي: وَلِيَرَى الذين أُوتُوا العلمَ، يعني: مؤمني أهل الكتاب: عبدَ اللَّه بن سلام وأصحابَهُ، وقيل: هم أصحاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم، {الَّذِي} مفعول "يَرَى" {أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} يعني: القرآن {هُوَ الْحَقَّ} فَصْلٌ عند البصريين، كقوله:{هُوَ خَيْرًا لَهُمْ}

(5)

، وعِمادٌ عند الكوفيين، قال الشاعر:

141 -

لَيْتَ الشَّبابَ هُوَ الرَّجِيعُ عَلى الفَتَى

والشَّيْبَ كانَ هُوَ البَدِيءُ الأوَّلُ

(6)

(1)

مجاز القرآن 2/ 142.

(2)

العنكبوت 4، على أن أبا عبيدة في كلامه الذي أورده الجبليُّ هنا ثمَ رَدُّهُ، إنما كان يُؤَوِّلُ آيةَ سبأ التي معنا، لا آية العنكبوت كما زعم الجبليُّ.

(3)

ينظر: السبعة ص 526، تفسير القرطبي 14/ 261، البحر المحيط 7/ 249، النشر 2/ 349، الإتحاف 2/ 381.

(4)

الجاثية 11، وانظر ما سيأتي 3/ 30.

(5)

آل عمران 180.

(6)

البيت من بحر الكامل، لَمْ أقف على قائله، والرجيع: كل ما رُجِعَ فيه من قول أو فعل.

التخريج: معانِي القرآن للفراء 1/ 410، 2/ 352، الزاهر لابن الأنباري 2/ 212، =

ص: 149

فـ {هُوَ} الأول عمادٌ، والثانِي اسمٌ، و {الْحَقَّ} منصوبٌ بوقوع الفعل عليه، وهو مفعولٌ ثانٍ، قال الشاعر:

142 -

وَكائِنْ بِالأباطِحِ مِنْ صَدِيقٍ

يَرانِي إنْ أُصِبْتُ هُوَ المُصابا

(1)

ومن قرأ: "الحَقُّ" بالرفع

(2)

جعل "هُوَ" ابتداء و"الحَقُّ" خبره.

قوله: {وَيَهْدِي} يعني: القرآن {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)} يعني: إلى دِين اللَّه العزيز فِي ملكه الحميد عند خَلْقِه، وهو الإسلام.

قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعني منكري البعث {هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ} يعنون محمدًا صلى الله عليه وسلم {يُنَبِّئُكُمْ} يخبركم {إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} ؛ أي: بَلِيتُمْ بقَطْعِ أجسامكم، وفُرِّقْتُمْ كل تفريقٍ، وقُطِّعْتُم كل تقطيعٍ، وصِرْتُمْ رُفاتًا وتُرابًا {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ} ، {جَدِيدٍ (7)}؛ أي: يُجَدَّدُ خَلْقُكُمْ وتُبعثون وتُنشرون بعد هذا.

= التبيان للطوسي 8/ 377، عين المعانِي ورقة 105/ ب، الجنى الدانِي ص 493، شفاء العليل ص 352، الدر المصون 6/ 43، اللباب في علوم الكتاب 17/ 56.

(1)

البيت من الوافر لجرير، ورواية ديوانه:"لَوْ أُصِبْتُ"، ويُرْوَى:"وَكَمْ لِي فِي الأباطِحِ"، ويُرْوَى:"يَراهُ لَوْ أُصِبتُ"، والأباطح: جمع أبْطَحَ وهو مَسِيلٌ فيه دِقاقُ الحَصَى.

التخريج: ديوانه ص 21 (ط دار بيروت)، معانِي القرآن وإعرابه 1/ 475، الحجة للقراء السبعة 4/ 47، المسائل المشكلة ص 402، أمالي ابن الشجري 1/ 160، البيان للأنباري 1/ 225، شرح شواهد الإيضاح ص 200، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 247، شرح المفصل 3/ 110، 4/ 135، عين المعانِي ورقة 105/ ب، أمالِي ابن الحاجب ص 662، شرح التسهيل لابن مالك 1/ 168، شرح الكافية للرضي 3/ 61، رصف المبانِي ص 130، ارتشاف الضرب ص 957، مغني اللبيب ص 643، شرح شواهد المغني ص 875، همع الهوامع 1/ 228، 2/ 504، خزانة الأدب 5/ 397، 401.

(2)

قرأ "الحَقُّ" بالرفع ابنُ أبِي عبلة، وحكاه أبو معاذ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 122، البحر المحيط 7/ 249.

ص: 150

قال صاحب إنسان العين

(1)

: وعامل {إِذَا} محذوف أي: بُعِثْتُمْ، دَلَّ عليه {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} ، [ولا يجوز أن يكون العامل في]

(2)

{إِذَا} : {مُزِّقْتُمْ}

(3)

، وإنما يعمل في {إِذَا} إذا كان مجزومًا بها، نحو: مَنْ أضْرِبْ يَضْرِبْنِي، فإنه إذا لَمْ يُجْزَمْ بها كانت مضافةً إلى الفعل، والمضاف إليه لا يعمل فِي المضاف، والجزم بـ {إِذَا} -وإن جاء في الشِّعر ضرورةً- لا يُحْمَلُ عليه القرآنُ

(4)

، ورواية الجزم في الشِّعر كما قال:

143 -

إذا قَصُرَتْ أسْيافُنا كانَ طُولُها

خُطانا إلَى أعْدائِنا فَنُضارِبِ

وخَطَّأهُ المغربِيُّ

(5)

؛ لأن القصيدة مرفوعة القوافِي، وفيها:

144 -

وَقَدْ عِشْتُ دَهْرًا والغُواةُ صَحابَتِي

أُولَئِكَ خُلْصانِي الَّذِينَ أُصاحِبُ

وفيها:

(1)

ينظر: عن المعانِي ورقة 105/ ب، 106/ أ.

(2)

زيادة يقتضيها السياق.

(3)

أجاز الزجاج والنحاس أن يكون "مُزِّقْتُمْ" هو العامل في "إذا"، قال الزَّجّاجُ:"إذا في موضع نصب بـ "مُزِّقْتُمْ"، ويكون "إذا" بمنزلة "إنْ" الجزاء، يعمل فيها الذي يليها". معانِي القرآن وإعرابه 4/ 241، وينظر: إعراب القرآن 3/ 333.

(4)

قال سيبويه: "وقد جازَوْا بِها في الشعر مضطرين، شبهوها بـ "إنْ" حيث رأوها لِما يُسْتَقْبَلُ، وأنها لا بد لَها من جواب، وقال قيس بن الخطيم الأنصاري:

إذا قَصُرَت أسيافُنا كانَ وَصلُها

خُطانا إلَى أعدائنا فنُضارِبِ

فهذا اضطرار، وهو في الكلام خطأ". الكتاب 3/ 61، 62، وينظر أيضًا: المقتضب 3/ 55، 56، المسائل المشكلة ص 213، 214، وقد أجاز ابن مالك الجَزْمَ بها فِي الشعر، ولم يجعله ضرورةً، وذلك في شرح التسهيل 4/ 82.

(5)

هذا أيضًا من كلام السجاوندي، وضمير المفعول في قوله:"وَخَطَّأهُ" يعود على الزجاج، فهو يرد على الزجاج في قوله:"إذا في موضع جزم بـ {مُزِّقْتُمْ} "، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 241.

ص: 151

145 -

فَلِلْمالِ عِنْدِي اليَوْمَ راعٍ وَكاسِبُ

(1)

ولا يَجُوز أن يعمل فِي {إِذَا} : {يُنَبِّئُكُمْ} ، لأن التنبيه قبل التمزق

(2)

، ولا {جَدِيدٍ} ، لأن ما بعد "إنّ" لا يعمل فيه ما قبله، ومثله:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}

(3)

، ونصب كُلًّا على الظرف

(4)

.

(1)

هذا البيت والبيتان السابقان عليه من بحر الطويل، وهي للأخنس بن شهاب التغلبي، من قصيدة مرفوعة القوافِي، ورواية الأول في قصيدته:

وَإن قَصُرَت أسيافُنا كانَ وَصلُها

خُطانا إلَى القوم الذينَ نُضارِبُ

وصدر الثالث وروايته في قصيدته:

فَأدَّيتُ عَنّي ما اسْتَعَرْتُ مِنَ الصِّبا

وَلِلمالِ مِنِّي اليَوْمَ راعٍ وَكاسِبُ

ونُسِبَ الأول لغيره من الشعراء، فقد نُسِبَ لقيس بن الخطيم، وهو في ديوانه من قصيدة مجرورة القوافِي، وليس فيها البيتان الآخَرانِ، ونُسِبَ لكعب بن مالك، ولعمران بن حِطّانَ، ولشَهْمِ بنِ مُرّةَ، ولرُقَيْمٍ أخي بني الصادرة، ولضِرارِ بنِ الخطاب الفِهْرِيِّ.

اللغة: خُلْصانِي: مَنْ خَلُصَتِ المودةُ بيني وبينهم.

التخريج: شعر تغلب في الجاهلية ص 116، 124، المفضليات ص 204، 207، ديوان قيس بن الخطيم ص 88، شعر الخوارج ص 46، الكتاب 3/ 61، مجاز القرآن 2/ 259، المقتضب 2/ 55، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 242، شرح أبيات سيبويه 2/ 137، الحلل ص 71، 293، أمالي ابن الشجري 2/ 82، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 335، منتهى الطلب 3/ 392، 396، شرح المفصل 4/ 97، التذكرة الحمدونية 2/ 402، شرح التسهيل لابن مالك 4/ 82، شرح الكافية للرضي 3/ 273، خزانة الأدب 2/ 263، 6/ 222، 7/ 25، 27، 31.

(2)

يعني أنه ليس ينبئهم في ذلك الوقت، ينظر: إعراب القرآن 3/ 333، المسائل المشكلة ص 213، مشكل إعراب القرآن 2/ 217، 218.

(3)

المؤمنون 101.

(4)

هذا إذا جُعِلَ {مُمَزَّقٍ} ظرف مكان، وهو قول الزمخشري، فقد قال: "فهل يجوز أن يكون مكانا؟ قلت: نعم، ومعناه: ما حصل من الأموات في بطون الطير والسباع، وما مَرَّتْ به =

ص: 152

وقيل

(1)

: لأنه اسمٌ أُقِيمَ مُقامَ المصدر، تقديره: إذا مُزِّقْتُمْ تَمْزِيقًا.

وقوله: {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} يُقرأ بكسر الألِف

(2)

على الابتداء والحكاية، مجازه: يقول محمدٌ: إنّكم لفي خلقٍ جديدٍ، يعني: نُبْعَثُ بعد الموت، ونُعادُ خَلْقًا جديدًا، قال ذلك كفارُ مكة على وجه التعجب والتكذيب.

قوله: {أَفْتَرَى} ؛ أي: اخْتَلَقَ محمدٌ {عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} حين يَزْعُمُ أنّا نُبْعَثُ بعد الموت، والألِف ألِف استفهامٍ، وهو استفهامُ تَعَجُّبٍ وإنْكارٍ، ولَمّا دخلت ألِف الاستفهام استغنيتَ عن ألِف الوصل، فحذفتَها، وكان فتح ألِف الاستفهام فَرْقًا بينها وبين ألِف الوصل

(3)

.

وقوله: {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} استفهامٌ ثانٍ، يقولون: أزَعَمَ محمدٌ كَذِبًا أم به جنونٌ؟ فَرَدَّ اللَّهُ عليهم، فقال:{بَلِ} ؛ أي: ليس الأمر على ما قالوا من الافتراء والجنون {الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} ؛ أي: يصدقون بالبعث {فِي الْعَذَابِ} فِي الآخرة {وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8)} من الحق فِي الدنيا.

ثم وعظهم ليعتبروا، فقال: {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ

= السيولُ، فذهبت به كل مكان، وما سَفَتْهُ الرياحُ، فطرحته كل مَطْرَحٍ"، الكشاف 3/ 280، 281، وينظر: البحر المحيط 7/ 250، الدر المصون 5/ 432.

(1)

ذكره الزمخشري بغير عزو في الكشاف 3/ 280، وينظر: البحر المحيط 7/ 250، الدر المصون 5/ 432.

(2)

لَمْ يَقرأ أحدٌ بغير هذه القراءة كما يوهم كلام المؤلف.

(3)

من أول قوله: "ولما دخلت ألف الاستفهام" قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن 3/ 333، وقد قرأ ثابتٌ والأنطاكيُّ:"افْتَرَى" بهمزة وصل مكسورة فِي الابتداء، ينظر: شواذ القراءة للكرماني ورقة 196.

ص: 153

السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} وذلك أن الإنسان حيثما نَظَرَ رأى السماء، والأرض قُدّامَهُ وخَلْفَهُ، عن يمينه وعن شِماله.

والمعنى: أنهم حيث كانوا فإن أرْضِي وسَمائِي مُحِيطةٌ بهم، لا يَخْرُجُونَ من أقطارها، وأنا القادرُ عليهم لا يعجزونني، إن شئت خسفتُ بهم أرْضِي، وإن شئتُ أسقطتُ عليهم كِسْفًا، أي: قِطْعةً من سمائي، وهو قوله:{إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} شرط وجزاء.

قرأ العامة بالنون فِي ثلاثتها، وقرأ الأعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ وخلَف كُلَّها بالياءِ

(1)

، وهو اختيار أبِي عبيدٍ، قال: لذكر اللَّه عز وجل قبله، وأدغم الكسائي وحده الفاءَ فِي الباء من قوله:"يَخْسِفْ بِهِمُ"

(2)

.

قال أبو عليٍّ الفارسي

(3)

: وذلك غير جائزٍ؛ لأن الفاء من باطن الشفة السفلى وأطرافِ الثنايا العليا، وانحدر الصوت به إلى الفم، حتى اتصلت بمخرج الثاء؛ ولهذا جاز إبدال الثاء بالفاء في نحو الجَدَثِ والجَدَفِ، وهو القَبْرُ، للمقاربة بينهما، فلم يجز إدغامه في الباء، كما لا يجوز إدغام الباء فيه؛ لزيادة صوت الفاء على صوت الباء.

وقرأ حفص: "كِسَفًا"

(4)

بفتح السين {إِنَّ فِي ذَلِكَ} ؛ أي: فيما ترون من

(1)

قرأ بالياء في ثلاثتها أيضًا: ابنُ وَثّابٍ وعيسى بنُ عُمَرَ وطلحةُ بنُ مُصَرِّفٍ، ينظر: السبعة ص 527، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 202، تفسير القرطبي 14/ 264، البحر المحيط 7/ 251، الإتحاف 2/ 382.

(2)

ينظر: السبعة ص 527، الإتحاف 2/ 382.

(3)

الحجة للقراء السبعة 3/ 289 - 290 باختلاف في ألفاظه.

(4)

قرأ حفصٌ وأبو عبد الرحمن السلميُّ: "كِسَفًا" بفتح السين، وقرأ الباقون بإسكانها، ينظر: تفسير القرطبي 14/ 264، الإتحاف 2/ 382، وانظر الآية 48 من سورة الروم 2/ 45.

ص: 154

السماء والأرض {لَآيَةً} تدل على قدرة اللَّه تعالى على البعث، وعلى ما يشاء من الخسف بهم {لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (9)} تائبٍ على ربه راجعٍ إليه بقلبه.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} يعني النُّبُوّةَ والزَّبُورَ والصوتَ الحَسَنَ، وما أُعْطِيَ من المُلْكِ في الدنيا، وما سُخِّرَ له من الجبال والطير والحديد، ثم بيَنَ ما أعطاه، فقال:{يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ} مجازه: وقلنا: يا جبال أوِّبِي معه

(1)

؛ أي: سَبِّحِي معه إذا سَبَّحَ، وقال بعضهم

(2)

: هو التفعيل من الإيابِ، أي: رَجِّعِي معه التسبيحَ، وقيل: سِيرِي معه كيف شاء، قال القتيبي

(3)

: وأصله من التأويب فِي السير، وهو أن تسير النهارَ كُلَّهُ، وتَنْزِلَ ليلًا، قال ابن مقبلٍ:

146 -

لَحِقْنا بِحَيٍّ أوَّبُوا السَّيْرَ بَعْدَما

دَفَعْنا شُعاعَ الشَّمْسِ والطَّرْفُ يَجْنَحُ

(4)

كأنه أراد: أوِّبِي النهارَ كُلَّهُ بالتسبيح معه، وقيل

(5)

: {أَوِّبِي مَعَهُ} : نُوحِي معه، والطيرُ تساعدك على ذلك.

(1)

أي أنه مقول لقول محذوف، قال أبو عبيدة:"مَجازُهُ مَجازُ المُخْتَصَرِ الذي فيه ضمير: وقلنا: يا جبال أوِّبِي معه". مجاز القرآن 2/ 142، وينظر: معاني القرآن وإعرابه 4/ 243.

(2)

هذا قول الحسن وقتادة وأبِي عبيد. ينظر: الكشف والبيان 8/ 71، الكشاف 3/ 281، تفسير القرطبي 14/ 265.

(3)

تفسير غريب القرآن ص 353.

(4)

البيت من الطويل لابن مقبل، ونُسِبَ للراعي النميري، وهو فِي ديوانه، وروايته فِي ديوانِهِما:"والطرفُ مُجْنَحُ".

اللغة: دَفَعْنا شعاعَ الشمسِ: عن أعيننا بالراح؛ لنتمكن من النظر إليها، مُجْنَحُ: مُمالٌ إلى الشمس ينظر متى تغيب.

التخريج: ديوان ابن مقبل ص 251، ديوان الراعي ص 39، عين المعانِي ورقة 106/ أ، تفسير القرطبي 14/ 265، البحر المحيط 7/ 252، روح المعانِي 22/ 113.

(5)

قاله وهب بن منبه، ينظر: الكشف والبيان 8/ 71، تفسير القرطبي 14/ 265.

ص: 155

قيل

(1)

: كان داود عليه السلام إذا نادى بالنياحة أجابته الجبال بِصَداها، وعَكَفَت الطيرُ عليه من فوقه، فَصَدَى الجبالِ الذي يسمعه الناسُ من ذلك اليوم.

وقرأ الحسنُ وجماعةٌ: "أُوبِي مَعَهُ"

(2)

؛ أي: سِيرِي وارْجِعِي معه، والأوّابُ: العابد الراجع إلى العبادة، وأصله الرجوع، والمُسَبِّحُ: المُطِيعُ، وكان داودُ عليه السلام إذا وَجَدَ فَتْرةً أمَرَ الجبالَ، فَسَبَّحَتْ حتى يَشْتاقَ

(3)

.

قوله: {وَالطَّيْرَ} قرأه العامةُ بالنصب، وله وجهان: أحدهما: بإضمار فعلٍ، تقديره: وسَخَّرْنا له الطيرَ، كقوله: أطعمتُهُ طَعامًا وماءً، تريد: وسقيته ماءً

(4)

، والثاني: على النداء عطفًا على موضع الجبال

(5)

؛ لأن كلَّ منادًى في موضع نصبٍ، ويحتمل أن يكون نصبه على أنهما نداءان، أحدهما ليست فيه الألف واللام

(6)

، فإذا عطفت اسمًا منادًى فيه الألف واللام على اسمٍ ليس فيه

(1)

ينظر: الكشف والبيان 8/ 71، زاد المسير 5/ 373، تفسير القرطبي 14/ 265.

(2)

هذه قراءة ابن عباس والحسن وقتادة وابن أبِي إسحاق، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 122، تفسير القرطبي 14/ 265، البحر المحيط 7/ 252، الإتحاف 2/ 382.

(3)

ينظر: زاد المسير 5/ 373، تفسير القرطبي 11/ 319، الدر المنثور 4/ 326.

(4)

هذا قول أبِي عمرو بن العلاء، حكاه عنه أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 143، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 243، إعراب القرآن 3/ 334، معانِي القراءات 2/ 289، مشكل إعراب القرآن 2/ 204.

(5)

هذا قول الخليل وسيبويه، ينظر: الكتاب 2/ 186، وحكاه الزجاجي عن أبِي عمرو في الجمل ص 151، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 243، إعراب القرآن للنحاس 3/ 334، مشكل إعراب القرآن 2/ 203، 204.

(6)

يعني على نية تكرير حرف النداء، وهذا قول الفراء في معانِي القرآن 1/ 121، 2/ 355، وقاله صاحب الجمل المنسوب للخليل ص 83.

ص: 156

الألف واللام، فالأول مرفوعٌ والثاني منصوبٌ، وقيل

(1)

: الواو بمعنى "مَعَ" أي: مع الطير، فتكون الطير مأمورةً بالتأويب معه.

وقرأ يعقوب والأعرج وأبو عبد الرحمن السُّلميُّ بالرفع

(2)

عطفًا على الجبال، كقول الشاعر:

147 -

ألا يا زيدُ والضَّحّاكُ سِيرا

فَقَدْ جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ

(3)

يجوز رفع "الضحّاك" ونصبه، فالرفع على اللفظ، والنصب على الموضع

(4)

.

(1)

هذا قول الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 243، إعراب القرآن 3/ 334.

(2)

وبها قرأ أيضًا عبدُ الوارث عن أبي عمرو، ونصرُ بنُ عاصم وأبو يحيى وأبو نوفل وابنُ أبي عبلة، ورَوْحٌ في روايةٍ عنه، وابنُ أبي إسحاق ومسلمةُ بنُ عبد الملك وعبيدُ بن عمير، ينظر: مختصر ابن خالويه ع 122، تفسير القرطبي 14/ 266، البحر المحيط 7/ 253، الإتحاف 2/ 382.

(3)

البيت من الوافي لَمْ أقف على قائله، ويُرْوَى:"ألا يا عَمْرُو"، و"الضحاك" يروى بالرفع والنصب.

اللغة: الخَمَرُ: مكان منخفض يختفي فيه الذئب.

التخريج: معانِي القرآن للفراء 2/ 355، الزاهر لابن الأنباري 1/ 408، الجمل للزجاجي ص 153، الأزهية ص 165، الحلل ص 196، الأضداد لابن الأنباري ص 53، الكشف والبيان 8/ 72، شرح الجمل لطاهر بن أحمد 1/ 258، ثمار الصناعة للجليس الدينوري ص 350، شرح المفصل 1/ 129، عين المعانِي ورقة 106/ أ، تفسير القرطبي 3/ 51، اللسان: خمر، الدر المصون 5/ 434، شفاء العليل ص 981، همع الهوامع 3/ 199.

(4)

وكان والخليل وسيبويه والمازنيُّ يختارون الرفع عطفًا على اللفظ، وكان أبو عمرو وعيسى بن عمر ويونس وأبو عمر الجرمي يختارون النصب عطفًا على المحل، ينظر: الكتاب 2/ 186 - 187، المقتضب 4/ 212، 213، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 243، الأصول لابن السراج 1/ 336، إعراب القرآن 3/ 334، مشكل إعراب القرآن 2/ 204.

ص: 157

قوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10)} كان في يده كالطين المبلول والعجين والشمع، يُصَرِّفُهُ كيف شاء، من غير إدخالِ نارٍ ولا ضرب بحديدٍ، وهو قوله:{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ} دُرُوعًا كَوامِلَ واسعات، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}؛ أي: لا تجعل مسمار الدرع دقيقًا فَيَقْلَقَ، وَلا غَلِيظًا فَيَكْسِرَ الحِلَقَ

(1)

.

والسَّرْدُ: نَسْجُ حِلَقِ الدروع، ومنه قيل لصانع الدروع: السَّرّادُ، والزَّرّادُ، تُبْدِلُ من السين الزايَ كما يقال: صراطٌ وزِراطٌ

(2)

، قال أبو ذؤيبٍ:

148 -

وَعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضاهُما

داوُدُ أوْ صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ

(3)

وأصله الوصل والنظم، والسَّرْدُ أيضًا: الخَرْزُ، يُقالُ لِلإشْفَى: مِسْرَدٌ

(1)

قاله الفراء في معاني القرآن 2/ 356، وينظر: الزاهر لابن الأنباري 1/ 437.

(2)

من أول قوله: "لا تجعل مسمار الدرع دقيقًا". قاله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ص 354، وينظر: معانِي القرآن للنحاس 5/ 397، غريب القرآن للسجستاني ص 126، تهذيب اللغة 12/ 356.

(3)

البيت من الكامل، ويُرْوَى:"وَعَلَيْهِما ماذِيَّتانِ"، ويُرْوَى:"وَتَعاوَرا مَسْرُودَتَيْنِ قَضاهُما"، ويُرْوَى:"صَنَعَ السَّوابِغَ تُبَّعُ" على أن "صَنَعَ" فعل ماضٍ و"السَّوابِغَ" مفعول به، وهذه رواية الأصمعي، ويُرْوَى:"صَنَعُ السَّوابِغِ" مضاف ومضاف إليه على أن لفظ "صَنَع" وصف، يقال: رجلٌ صَنَعُ اليدينِ: إذا كان ماهرًا حاذقًا، والمَسْرُودةُ: الدِّرْعُ المثقوبة، تُبَّعُ: أحد ملوك حمير، تُنْسَبُ إليه الدروعُ التُّبَّعِيّةُ.

التخريج: شرح أشعار الهذليين ص 39، مجاز القرآن 1/ 52، 275، 2/ 24، 143، المعاني الكبير ص 1039، غريب القرآن لابن قتيبة ص 388، معاني القرآن وإعرابه 3/ 227، 4/ 382، الزاهر 1/ 437، 486، سر صناعة الإعراب ص 760، ذكر الفرق بين الأحرف الخمسة ص 101، المحرر الوجيز 5/ 7، شرح المفصل 3/ 58، 59، عين المعاني 106/ أ، 117/ أ، تفسير القرطبي 14/ 268، 15/ 345، اللسان: تبع، صنع، قضى، البحر المحيط 7/ 245، 467، الدر المصون 6/ 59، اللباب في علوم الكتاب 17/ 113، التاج: صنع، قضى.

ص: 158

وَسِرادٌ، وللخَرَزِ: سَرْدٌ

(1)

، قال الشماخ:

149 -

كَما تابَعَتْ سَرْدَ العِنانِ الخَوارِزُ

(2)

ويقال: سَرَدَ الكلامَ: إذا أتْبَعَ بعضَهُ بَعْضًا

(3)

.

قوله: {وَاعْمَلُوا صَالِحًا} يعني داود وأهله؛ أي: اشكروا للَّهِ بما هو أهْلُهُ، و {صَالِحًا} نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ، تقديره: واعملوا عملًا صالحًا {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)} بأعمالكم، لا تخفى عَلَيَّ ضمائر القلوب.

قوله: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ} قرأه العامة بنصب الحاء، أي: وسخَّرْنا لسليمانَ الرِّيحَ، وروى أبو بكرٍ والمفضَّل عن عاصمٍ بالرفع

(4)

على خبر حرف الصفة،

(1)

قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص 354، والإشْفَى: المِثْقَبُ الذي يُخْرَزُ به، وجمعه الأشافِي.

(2)

هذا عجز بيت من الطويل، للشماخ يصف أُتُنًا ورَدْنَ وحَسَسْنَ بالصائد، فنَفَرْنَ على تتابع واستقامة، وصدره:

شَكَكْنَ بِأحْساءِ الذِّنابَ عَلَى هُدًى

ويُرْوَى العَجُزُ:

كَما شَكَّ فِي ثِنْي العِنانِ الخَوارِزُ

اللغة: الشَّكُّ: الاتصال واللصوق من قولهم: شَكَّ القومُ بيوتَهم: إذا جعلوها على طريقة واحدة، أحساء: موضع، الذِّنابُ: عَقِبُ كلِّ شيءٍ وآخرُه، والذِّنابُ: خيطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إلى حَقَبهِ لئلّا يَخْطِرَ بذَنَبهِ، عِنانُ اللِّجامِ: السَّيْرُ الذي تُمْسَكُ به الدابةُ، السَّرْدُ: الثَّقْبُ، الخَوارِزُ: جمعَ خارز وهو منَ يَخِيطُ الأدَمَ، ثِنْيُ العِنانِ: طَرَفاهُ.

التخريج: ديوانه ص 194، تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ص 354، جمهرة أشعار العرب ص 670، تفسير القرطبي 14/ 268، اللسان: عرق، البحر المحيط 7/ 245، أساس البلاغة: سرد.

(3)

قاله الزجاج فِي معانِي القرآن وإعرابه 4/ 244، وينظر أيضًا: التهذيب 12/ 356.

(4)

وهي أيضًا قراءةُ ابن محيصن، وقرأ الباقون وحفصٌ عن عاصم:"الريحَ" بالنصب، ينظر: =

ص: 159