الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء فيها من الإعراب
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل: {يس (1)} اختلف القراء فيها، فقرأ حمزة والكسائي وخلَفٌ وعاصمٌ فِي أكثر الروايات بكسر الياء، وقرأ أهل المدينة بين اللفظين، وهو الاختيار، وقرأ الباقون بفتح الياء
(1)
.
واختلفوا في النون أيضًا، فقرأ أبو جعفرٍ وأبو عمرٍو وحمزة وأيوب وأبو حاتمٍ، وعاصمٌ في أكثر الروايات بإظهار النون، واخْتُلِفَ فيه عن نافع وابن كثيرٍ، وأدغمها الباقون في الواو، وقرأ عيسى بن عمر بالنصب، شبيه بـ "أيْنَ" و"كَيْفَ"، وقرأ ابن أبِي إسحاق بكسر النون شبيه بـ "أمْسِ" و"حَذامِ" و"رَقاشِ"، وقرأ هارونُ الأعورُ
(2)
بضم النون، شبيه بـ "مُنْذُ" و"حَيْثُ" و"قَطُّ"
(3)
، وقرأ
(1)
وحمزة أقرب إلى الفتح من الكسائي في "يس"، ورَوَى أبو بكر عن عاصم الإمالةَ، وكذلك أمالها خَلَفٌ ورَوْحٌ، وقرأ أهل المدينة بين اللفظين، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، وحفصٌ عن عاصمٍ، ونافعٌ في أكثر الروايات بالفتح، ينظر: السبعة ص 538، التيسير للدانِي ص 183، البحر المحيط 7/ 310، النشر 2/ 70، الإتحاف 2/ 397.
(2)
هارون بن موسى الأزْدِيُّ العَتَكِيُّ بالولاء، أبو عبد اللَّه، عالم بالقراءات والعربية، من أهل البصرة، كان يهوديًّا فأسلم، وهو أول من تتبع وجوه القراءات والشاذَّ منها، كان قدريًّا معتزليًّا، توفي سنة (170 هـ). [تهذيب الكمال 30/ 115، غاية النهاية 2/ 348، الأعلام 8/ 63].
(3)
قال سيبويه: "ويجوز أيضًا أن يكون ياسينُ وصادُ اسمين غير متمكنين فَيُلْزَمانِ الفَتْحَ كما ألْزَمْتَ الأسماءَ غير المتمكنة الحركاتِ نحو كَيْفَ وأيْنَ وحَيْثُ وأمْسِ". الكتاب 3/ 258، وقال الفراء:"وقد سمعت من العرب من ينصبها فيقول: "ياسِينَ والْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" كأنه يجعلها متحركة كتحريك الأدوات إذا سكن ما قبلها مثل لَيْتَ ولَعَلَّ، ينصب منها ما سَكَنَ الذي يَلِي آخِرَ حروفه، ولو خُفِضَ كما خُفِضَ: جَيْرِ لا أفْعَلُ ذلك، خُفِضَتْ لمكان الياء التي في جَيْرِ". معانِي القرآن 2/ 371، وينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 19، 20، الأصول لابن السراج 2/ 103، إعراب القرآن 3/ 381، الكشف والبيان 8/ 120.
الآخرون بإخفاء النون
(1)
.
واخَتْلَفَ المفسرون فِي تأويله، فمنهم من قال
(2)
: هو قَسَمٌ، وجوابه:{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ}
(3)
، وقيل
(4)
: معناه: "يا إنسان" بلغة طيِّئٍ وقيل
(5)
: بالسُّرْيانِيّةِ، وقيل
(6)
: معناه: يا رَجُلُ، وقيل
(7)
: يا سَيِّدَ البَشَرِ، وقيل
(8)
: يا محمَّدُ، بدليل قوله تعالى:{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وقال كعبٌ
(9)
: "يس" قَسَمٌ أقسم اللَّه
(1)
ينظر في هذه القراءات: السبعة ص 538، مختصر ابن خالويه ص 125، المحتسب 2/ 203 - 204، تفسير القرطبي 15/ 3، البحر المحيط 7/ 310، النشر 2/ 17، 18، الإتحاف 2/ 399.
(2)
هذا قول عكرمة وقتادة، ينظر: معانِي القرآن للنحاس 5/ 472، الكشف والبيان 8/ 120، المحرر الوجيز 4/ 446، وقال ابن عطية:"قال أبو حاتم: قياس هذا القول نصب النون كما تقول: اللَّهَ لأفْعَلَن كذا"، المحرر الوجيز 4/ 446، وينظر: مشكل إعراب القرآن 2/ 221، البحر المحيط 7/ 310.
(3)
يس 3.
(4)
قاله ابن عباس والكلبي والحسن والضحاك والأخفش، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص 449، جامع البيان 22/ 178، معانِي القرآن للنحاس 5/ 471، معانِي القراءات 2/ 304، المحتسب 2/ 203، الكشف والبيان 8/ 120، الكشاف 3/ 313، المحرر الوجيز 4/ 445، 446، البحر المحيط 7/ 310، الدر المصون 5/ 474.
(5)
قاله عطاء، ينظر: الكشف والبيان 8/ 120.
(6)
قاله الحسن وأبو العالية، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 371، معاني القراءات 2/ 303، 304، الكشف والبيان 8/ 120، زاد المسير 7/ 4.
(7)
قاله أبو بكر الوراق، ينظر: الكشف والبيان 8/ 120، تفسير القرطبي 15/ 4.
(8)
قاله ابن الحنفية وابن جبير والضحاك، ينظر: معانِي القراءات 2/ 204، الكشف والبيان 8/ 120، زاد المسير 7/ 3.
(9)
ينظر قوله في تفسير القرطبي 15/ 5.
به قبل أن يخلق السماء والأرض بألفي عامٍ: يا محمَّدُ إنّك لَمِنَ المرسلين. وقال السيد الحِمْيَرِيُّ
(1)
في المعنى:
165 -
يا نَفْسُ لا تَمْحَضِي بِالنُّصْحِ مُجْتَهِدًا
…
عَلَى المَوَدّةِ إلَّا آلَ ياسِينا
(2)
وقيل
(3)
: معناه: يَأْسٌ لِمَنْ كَذَّبَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم من الجنة، وقيل
(4)
: مَجازُها مَجازُ سائِرِ حُرُوفِ التَّهَجِّي في أوائل السور، وقال الكلبي
(5)
: الإيسانُ بالياء: لغة طيِّئٍ، ويَجْمَعُونَهُ أياسِينَ، وهكذا قال الشعبي، واللَّه أعلم.
فإن قيل: لِمَ عُدَّ "يس" آية، ولَمْ يُعَدَّ "طس"
(6)
؟ فالجواب أن "طس"
(1)
هو إسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعة بن مُفَرِّغٍ الحميريُّ، أبو هاشم أو أبو عامر، شاعر إمامي متقدم كثير الشعر، ولكن الناس انصرفوا عن شعره لإفراطه فِي النيل من الصحابة وأزواجِ النبي صلى الله عليه وسلم، كان متعصبًا لبني هاشم، توفي ببغداد سنة (173 هـ). [طبقات فحول الشعراء ص 32: 36، الأعلام 1/ 322].
(2)
البيت من البسيط للسيد الحميري، وليس في ديوانه، ويُرْوَى:
لا تَمْحَضِي بِالنُّصْحِ جاهِدةً
التخريج: الكشف والبيان 8/ 120، المحرر الوجيز 4/ 445، عين المعانِي 109/ أ، القرطبي 15/ 4، حماسة الظرفاء 2/ 187، البحر 7/ 310، مناقب أهل البيت ص 89، روح المعانِي 22/ 211.
(3)
بغير عزو في عين المعانِي ورقة 109/ أ.
(4)
قاله أبو عبيدة والزجاج، ينظر: مجاز القرآن 2/ 157، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 277، وقد عقد الزجاج بابًا أورد فيه أكثر آراء العلماء في الحروف المقطعة في أول كتابه معانِي القرآن وإعرابه 1/ 59 وما بعدها.
(5)
ينظر قوله في المحتسب 2/ 203، وأنشد ابن جني شاهدًا لذلك:
فَيا لَيْتَنِي مِنْ بَعْدِ فاطا وَأهْلِها
…
هَلَكْتُ، وَلَمْ أسْمَعْ بِها صَوْتَ إيسانِ
وينظر أيضًا: التهذيب 13/ 90، اللسان: أنس، وللكلبي والشعبي فِي عين المعانِي 109/ أ.
(6)
النمل 1.
أشبه "قابيل" من جهة الزِّنةِ والحروف الصحاح، و"يس" أوَّلُهُ حَرْفُ عِلّةٍ، وليس مِثْلُ ذلك في الأسماء المفردة، فأشبه الجملة والكلامَ التامَّ، وشاكَلَ ما بعده من رؤوس الآيِ
(1)
.
ومحلُّ {يس} من الإعراب رَفْعٌ؛ لأنه نداء مفردٍ
(2)
على قول من فَسَّرَهُ: يا إنسان، وقد يجوز أن يكون محلُّه رفعًا بابتداءٍ محذوفٍ، تقديره: هذا الكتاب
(3)
، وقد يجوز أن يكون نصبًا؛ لأنه مفعولٌ، تقديره: اذكر يس، أو اقرأ يس
(4)
، ويجوز أن يكون نصبًا بِنَزْعِ حَرف القَسَم، ويجوز أن يكون خفضًا بإضمار حرف القَسَم
(5)
.
قوله: {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2)} القرآن: خفضٌ بواو القَسَم، و {الْحَكِيمِ} نعته، أقسم اللَّه بالقراَن المحكَم من الباطل {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3)} جوابٌ لقول كفار مكة:{لَسْتَ مُرْسَلًا}
(6)
، وما أرسل اللَّه إلينا رسولًا، {عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4)} يعني دِين الإسلام الذي لا عِوَجَ فيه.
(1)
هذا السؤال وإجابته نقلهما المؤلف عن الثعلبي في الكشف والبيان 8/ 120، وينظر أيضًا: المحرر الوجيز 4/ 446.
(2)
في الأصل: "ومحل "يس" من الإعراب رفع بالابتداء لأنه نداء مفرد".
(3)
أو على تقدير: هذه يس، ينظر: الدر المصون 5/ 474.
(4)
قاله سيبويه والأخفش، ينظر: الكتاب 3/ 258، معانِي القرآن للأخفش ص 20، وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 277، مشكل إعراب القرآن 2/ 220.
(5)
الوجهان قالهما العكبري، ولكنه أضاف قائلًا:"وقيل: الكسرة كسرة إعراب، والجَرُّ لحرف القسم مُقَدَّرًا. وهو ضعيف جِدًّا إذْ لو كان كذلك لَنُوِّنَ". إعراب القراءات الشواذ 2/ 354، 355، وينظر: البحر المحيط 7/ 310، الدر المصون 5/ 474.
(6)
الرعد 43.
قوله: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)} العزيز في ملكه الرحيم بخَلْقِه، قرأ ابن عامرٍ وأهل الكوفة إلا أبا بكرٍ:"تَنْزِيلَ" بنصب اللام على المصدر، كأنه قال: نَزَّلَ اللَّهُ ذلك تَنْزِيلًا من العزيز الرحيم، ثم أضيف المصدر، فصار معرفةً
(1)
، وقيل
(2)
: نصب على الخروج من الوصف.
وقرأ الآخرون بالرفع
(3)
، أي: هو -يعني: القرآن- تَنْزِيلُ العزيز الرحيم، ويجوز الخفض
(4)
على البدل من القرآن.
قوله: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا} اللام متعلق بقوله: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} . . . {لِتُنْذِرَ قَوْمًا} {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ} قال قتادة: لتنذر قومًا لَمْ يأتهم نذيرٌ قبلك؛ لأنهم كانوا
(1)
وهو من إضافة المصدر لفاعله، وهذا قول الزجاج، قاله فِي معانِي القرآن وإعرابه 4/ 278، وينظر: البيان للأنباري 2/ 290.
(2)
ذكره الثعلبي بغير عزو في الكشف والبيان 8/ 121، وبه قال السجاوندي في عين المعاني 109/ أ، ومصطلح الخروج من الوصف مصطلح كوفي يطلق على معنيين، الأول: النصب على الحال، والثاني: المصدر المؤكد لمضمون الجملة السابقة عليه، وقد يطلق هذا المصطلح على الصفات المقطوعة للمدح أو الذم، أي بإضمار فعل، وهذا هو المراد هنا، ينظر: مصطلحات النحو الكوفِيِّ ص 59، 60، 158.
(3)
قرأ ابنُ عامرٍ وحمزةُ، والكسائيُّ عن أبِي بكر عن عاصم، وحفصٌ عن عاصم، وخلفٌ والأعمشُ وطلحة والأشهبُ وعيسى بنُ عمر:"تَنْزِيلَ" بالنصب، وقرأ ابنُ كثير ونافعٌ وأبو عمرو، وعاصمٌ في رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر عنه، وأبو جعفر والحسنُ وشيبةُ والأعرجُ ويعقوبُ:"تَنْزِيلُ" بالرفع، ينظر: السبعة ص 539، إعراب القراءات السبع 2/ 229، تفسير القرطبي 15/ 6، البحر المحيط 7/ 310، النشر 2/ 353، الإتحاف 2/ 397.
(4)
وقد قرأ بالخفض الحسنُ، والقَوْرَصِيُّ عن أبِي جعفر، وأبو حيوة واليزيديُّ وشيبةُ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص 125، تفسير القرطبي 15/ 6، البحر المحيط 7/ 310، الإتحاف 2/ 397.
في الفترة، وهو معنى قوله:{فَهُمْ غَافِلُونَ (6)} عن حُجَجِ التوحيد وأدلة البعث {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ} وَجَبَ العذابُ {عَلَى أَكْثَرِهِمْ} يعني أكثر أهل مكة كقوله: {وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ}
(1)
، وهذا إشارة إلى الإرادة السابقة بكفرهم، {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (7)} لأنّ اللَّه تعالى منعهم الهدى.
قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} جمع غُلٍّ {فَهِيَ} يعني أيديهم، كنايةً عن غير مذكورٍ؛ لأنّ الأغلال والأعناق تدل عليها، وذلك أن الغُلَّ يَجْمَعُ اليدَ إلى العنق
(2)
.
وقوله: {إِلَى الْأَذْقَانِ} جمع ذقن وهو مُلْتَقَى اللِّحْيَيْنِ {فَهُمْ مُقْمَحُونَ (8)} ؛ أي: مغلولون.
نزلت هذه الآية في أبي جهل بن هشامٍ وأصحابه المَخْزُومِيِّينَ
(3)
، قال أهل المعاني
(4)
: وهذا على طريق المَثَلِ، ولَمْ يكن هناك غُلٌّ، قال الفراء
(5)
: معناه: حَبَسْناهُمْ عن الإنفاق في سبيل اللَّه، كقوله تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ}
(6)
، معناه: لا تُمْسِكْها عن النفقة، وقيل: منعناهم عن الإيمان، وعَمّا أرادوا بموانعَ، فجَعَلَ الأغلالَ مَثَلًا لذلك، قاله أبو عُبيدٍ
(7)
، وذُكِرَ أن أبا ذُؤيبٍ
(1)
الزمر 71.
(2)
قاله الفراء والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء 2/ 372، معانِي القرآن وإعرابه 4/ 279، وينظر أيضًا: عين المعانِي 109/ ب.
(3)
ينظر: تفسير القرطبي 15/ 7، الدر المنثور 5/ 258، لباب النقول ص 166.
(4)
هذا قول أبي عبيد كما فِي الكشف والبيان 8/ 121.
(5)
معانِي القرآن 2/ 373.
(6)
الإسراء 29.
(7)
ينظر قول أبي عبيد في الكشف والبيان 8/ 121.
كان يهوى امرأةً فِي الجاهلية اسمها أم مالكٍ، فلما أسْلَمَ أتَتْهُ المرأةُ تُراوِدُهُ عن نفسه فَأبَى عليها، وأنشأ يقول:
166 -
فَلَيْسَ كَعَهْدِ الدّارِ يا أُمَّ مالِكٍ
…
وَلَكِنْ أحاطَتْ بِالرِّقابِ السَّلاسِلُ
وَعادَ الفَتَى كالْكَهْلِ لَيْسَ بِقائِلٍ
…
سِوَى العَدْلِ شَيْئًا، فاسْتَراحَ العَواذِلُ
(1)
أراد: مُنِعْنا بِمَوانِعِ الإسلامِ عن تعاطي الزِّنى والفسق
(2)
.
وقيل
(3)
: إن أبا جهلٍ -لعنه اللَّه- كان قد حَلَفَ لَئِنْ رَأى محمَّدًا يصلي لَيَرْضَخَنَّ رأسَهُ، فأتاه -وهو يُصلِّي- ومعه حَجَرٌ ليدفعه به، فلما رفعه أُثْبتَتْ يَدُهُ إلى عنقه، ولَزِقَ الحَجَرُ بِيَدِهِ، فلما عاد إلى أصحابه، وأخبرهم بما رَأى، سَقَطَ الحَجَرُ مِنْ يَدِهِ، فقال رَجلٌ مِنْ بني مخزومٍ: أنا أقتله بهذا الحجر، فأتاه، وهو يُصَلِّي؛ لِيَرْمِيَهُ بالحَجَرِ، فَأعْمَى اللَّهُ بَصَرَهُ، فجعل يَسْمَعُ صوتَهُ ولا يراه، فرجع إلى أصحابه، فلم يَرَهُمْ حتى نادوه، وقالوا: ما صنعتَ؟ فقال: ما رأيتُه، ولقد سمعتُ صوتَه ولَمْ أرَهُ، ولكنْ حالَ بيني وبينه كهيئة الفحل، يَخْطِرُ بِذَنَبِهِ، لو دَنَوْتُ منه لأكَلَنِي، فأنزل اللَّه تعالى:{إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ} .
(1)
البيتان من الطويل، لأبِي خِراشٍ الهُذَلِيِّ، يرثي زهير بن العجوة، ونُسِبا لأبِي ذؤيب الهُذَلِيِّ، ولأبِي كَبِيرٍ الهُذَلِيِّ.
التخريج: ديوان الهذليين 2/ 150، شرح أشعار الهذليين ص 1223، تأويل مشكل القرآن ص 149، سيرة ابن هشام 4/ 915، الكامل للمبرد 2/ 50، المسائل الحلبيات ص 24، الكشف والبيان 8/ 121، شرح الحماسة للمرزوقي ص 1314، عين المعانِي 109/ أ، تفسير القرطبي 5/ 121، 7/ 354، اللسان: عهد، التنبيه والإيضاح 2/ 43.
(2)
ينظر: تفسير القرطبي 15/ 9، أسد الغابة 1/ 296.
(3)
ينظر: جامع البيان 22/ 183، تفسير القرطبي 15/ 7.
وأصل الإقْماحِ: غَضُّ البَصَرِ، ورَفْعُ الرَّأْسِ
(1)
، يقال: بَعِيرٌ مُقْمَحٌ: إذا رفع رأسه، وغَضَّ بَصَرَهُ، وبَعِيرٌ قامِحٌ: إذا رَوِيَ من الماء فَأقْمَحَ
(2)
، قال الشاعر يذكر سفينة:
167 -
وَنَحْنُ عَلَى جَوانِبِها وُقُوفٌ
…
نَغُضُّ الطَّرْفَ كالإبِلِ القِماحِ
(3)
وقيل
(4)
: القامح: الطّامِحُ ببصره إلى مَوْطِئَ قَدَمِهِ، ويقال: أقْمَحَهُ؛ أي: أخْشَعَهُ ومَنَعَهُ من أن يرفع رأسه أو يُنَكِّسَهُ.
(1)
قاله الفراء وأبو عبيد والزجاج، ينظر: معاني القرآن للفراء 2/ 373، غريب الحديث لأبي عبيد 2/ 303 - 304، معاني القرآن وإعرابه 4/ 279، وينظر: التهذيب 4/ 81، الصحاح 1/ 397.
(2)
حكاه السجاوندي عن المبرد في عين المعاني 109/ ب، وقال الفراء:"أقْمَحَ البعيرُ: رفع رأسه عن الحوض ولم يشرب"، معاني القرآن 2/ 373، وقال أبو عبيد:"وأما التَّقَمُّحُ في الشراب فإنه مأخوذ من الناقة المُقامِحِ. قال الأصمعي: وهي التي تَرِدُ الحوضَ فلا تشرب. قال أبو عبيد: فَأتَقَمَّحُ أي: أرْوَى حتى أدَعَ الشُّرْبَ من شِدّةِ الرِّيِّ". غريب الحديث 2/ 303، وقال الأزهري:"قال أبو عبيد: قَمَحَ البَعِيرُ يَقْمَحُ قُمُوحًا وقَمَهَ يَقْمَهُ قُمُوهًا: إذا رفع رأسه ولم يشرب الماء. وروى أبو العباس عن ابن الأعرابِيِّ أنه قال: التَّقَمُّحُ: كراهة الشرب". التهذيب 4/ 81، الصحاح 1/ 397، اللسان: قمح.
(3)
البيت من الوافر، لبشر بن أبِي خازم يصف سفينة يُشَبِّهُ بها ناقَتَهُ، ورواية ديوانه:"عَلَى جَوانِبِها قُعُودٌ".
التخريج: ديوانه ص 48، غريب الحديث للهروي 2/ 304، غريب القرآن لابن قتيبة ص 363، جمهرة اللغة ص 560، المذكر والمؤنث لابن الأنباري 2/ 107، ديوان الأدب 1/ 456، تهذيب اللغة 4/ 81، مقاييس اللغة 5/ 24، الكشف والبيان 8/ 121، المخصص 7/ 100، 16/ 134، أساس البلاغة: قمح، عين المعاني 109/ ب، القرطبي 15/ 8، اللسان: قمح، البحر المحيط 7/ 311، التاج: قمح.
(4)
قاله الحسن، ينظر: عين المعاني 109/ ب.