الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعِبْرةٌ ونورٌ يوم القيامة"، فقال: يا ربِّ، زِدْنِي وَقارًا
(1)
.
والأوَّل أصَحُّ، وهو قول جمهور المفسرين؛ لأنّ الحُجّةَ تلحق كُلَّ بالغٍ وإن لَمْ يَشِبْ، وإن كانت العرب تسمِّي الشَّيبَ النَّذِيرَ
(2)
.
فصْلٌ
عن أبِي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمَّرَهُ اللَّهُ ستين سنةً فقد أعْذَرَ إليه فِي العُمُرِ"
(3)
، وعنه أيضًا قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أعمار أُمَّتي ما بين الستين إلى السَّبعين، وأقَلُّهُمْ من يَجُوزُ ذلك"
(4)
، وقال صلى الله عليه وسلم:"مُعْتَرَكُ مَنايا أُمَّتِي ما بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ"
(5)
.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} ؛ أي: يمنعهما من الزوال والذهاب والسقوط، {وَلَئِنْ زَالَتَا}؛ أي: ولو زالتا على تقدير ذلك لَمْ يمسكهما أحَدٌ غَيْرُ اللَّه، وذلك قوله:{إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} {مِنْ}
(1)
رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة في الأدب المفرد ص 267، وينظر: تاريخ دمشق 6/ 199.
(2)
قال أبو عمر الزاهد:، "قال ثعلب: اختلف الناس، فقالت طائفة: النذير هاهنا: الشيب، وقالت طائفة: النذير: محمد صلى الله عليه وسلم. قال ثعلب: وعلى هذا العملُ ليس على الأول، لأنّا قد رأينا من يموت قبل الشيب". ياقوتة الصراط ص 419.
(3)
سبق تخريجه في الصفحة السابقة الحاشية رقم 1.
(4)
رواه الترمذي في سننه 5/ 213 أبواب الدعوات، ورواه ابن ماجه في سننه 2/ 1415 كتاب الزهد: باب الأمل والأجل، ورواه الحاكم في المستدرك 2/ 427 كتاب التفسير: سورة الملائكة.
(5)
ينظر: الكشف والبيان 8/ 114، تاريخ بغداد 3/ 96، فتح الباري 11/ 204، كنز العمال 15/ 677.
صلةٌ زائدةٌ، وهذا إخبارٌ عن عظيمِ قدرةِ اللَّهِ على حفظ السماوات وإمساكها عن الزوال، {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا} على الكفار، إذْ لَمْ يُعَجِّلْ لهم العقوبةَ {غَفُورًا (41)} إذْ أخُّر عنهم العذاب.
قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} يعني قريشًا {لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ} ؛ أي: رسول {لَيَكُونُنَّ} جواب القَسَم {أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ} يعنون اليهود والنصارى، ونصب {جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} على المصدر، و {أَهْدَى} فِي موضع نصبٍ على الخبر لـ {لَيَكُونُنَّ} .
وقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ} يعني محمَّدًا صلى الله عليه وسلم، {مَا زَادَهُمْ} مَجِيئُهُ {إِلَّا نُفُورًا (42)} يعني: بُعْدًا ونفارًا {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ} يعني: تَجَبُّرًا فِي الأرض بالمعصية، وهو نصبٌ على البدل من النُّفور، قاله الأخفش
(1)
، وقيل
(2)
: على المصدر، وقيل
(3)
: هو مفعول من أجلِهِ، {وَمَكْرَ السَّيِّئِ} يعني: ومَكَرُوا المَكْرَ السَّيِّئَ، وهو عملهم القبيح واجتماعهم على الشِّرك، والمكر هو العمل القبيح، وأضيف المكر إلى صفته، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}؛ أي: لا تَحِلُّ ولا تَنْزِلُ ولا تُحِيطُ عاقبةُ الشِّرْكِ إلا بأهله، فقُتِلُوا يوم بَدْرٍ.
قرأ العامة: "السَّيِّئَ" بإشباع الإعراب، وقرأ الأعمش وحمزة: "وَمَكْرَ
(1)
ينظر قوله في: الكشف والبيان 8/ 116، كشف المشكلات 2/ 245، زاد المسير 6/ 497، البحر المحيط 7/ 305.
(2)
هذا قول الفارسي، فقد قال:"التقدير في قوله تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ} [فاطر: 43]: استكبروا استكبارًا في الأرض". الحجة للقراء السبعة 3/ 302.
(3)
قاله الزجاج والنحاس وغيرهما، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه 4/ 274، إعراب القرآن 3/ 377، مشكل إعراب القرآن 2/ 218، البحر المحيط 7/ 305.
السَّيِّئْ" بإسكان الهمزة
(1)
تَخفيفًا كراهةً لالتقاء الحركات، ولا خلاف فِي الثانِي، والقراءة المرضية ما عليه العامة، والنحويون كلهم يزعمون أن هذا من الاضطرار في الشِّعر، ولا يجوز مثله فِي كتاب اللَّه تعالى.
وقال أبو عليٍّ الفارسي
(2)
: هو على إجراء الوصل مجرى الوقف، كما حكى سيبويه
(3)
من قولهم: ثلاثهَ إرْبَعَهْ، فأجروا الوصلَ مُجْرَى الوقفِ، قال
(4)
: ويحتمل أنه خَفَّفَ آخرَ الاسم لاجتماع الكسرتين والياءين، كما خففوا الباءَ من إبِلٍ لتوالِي الكسرتين، ونُزِّلَ حركةُ الإعراب بمنزلة غير حركة الإعراب.
قال أبو جعفرٍ النحّاس
(5)
: كان الأعمش يقف على: "وَمَكْرَ السّيِّئ"، فيترك الحركة، وهو وَقْفٌ حَسَنٌ تامٌّ، ثم غَلِطَ عليه الراوي، فَرَوَى أنه كان يَحْذِفُ الإعرابَ، فتابَعَ حَمْزةُ الغالطَ، فقرأ في الإدراج بترك الحركة
(6)
.
(1)
قرأ الأعمش وحمزة وأبو عمرو والكسائي بإسكان الهمزة وصلًا، إجراءً له مُجْرَى الوقف كقراءة أبِي عمرو:{فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، ينظر: السبعة ص 535 - 536، تفسير القرطبي 14/ 358، الإتحاف 2/ 394.
(2)
الحجة للقراء السبعة 3/ 302 باختلاف كبير في ألفاظه.
(3)
قال سيبويه: "وزعم من يوثق به أنه سَمِعَ من العرب من يقول: ثَلاثَهَ ارْبَعَهْ، طرح هَمْزةَ أرْبَعَهْ على الهاء ففتحها، وَلَمْ يُحَوِّلْها تاءً؛ لأنه جعلها ساكنة، والساكن لا يتغير فِي الإدراج، تقول: اضْرِبْ، ثُمَّ تقول: اضْرِبْ زيدًا". الكتاب 3/ 265.
(4)
يعني الفارسي.
(5)
إعراب القرآن 3/ 377 باختلاف يسير في ألفاظه.
(6)
المصدر السابق 3/ 377، وإنه من غير المقبول أن يُقال في قراءة سبعية: إن هذه القراءة لحن أو غلط؛ لأنها قد ثبتت عن بعض السبعة، قال ابن الجزري:"وقد أكْثَرَ الأستاذ أبو علي الفارسيُّ في الاستشهاد من كلام العرب على الإسكان، ثم قال: فإذا ساغ ما ذكر في هذه القراءة من التأويل لَمْ يَسُغْ أن يقال: لَحْنٌ. قلتُ: وناهيكَ بِإمامَي القراءةِ والنحو: أبِي عمرو والكسائي". النشر 2/ 352.