الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
رُوِيَ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "طَهِّرُوا بيوتَكُمْ من نَسْجِ العنكبوت، فإن تركه فِي البيت يورث الفقر"
(1)
.
قوله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ؛ أي: أَلْطَفُ وأَرْفَقُ، وهو الجميل من القول والدعاء إلى اللَّه تعالى بآياته والتنبيه على حُجَجه، والجدال: فَتْلُ الخَصْمِ عن مذهبه بطريق الحِجاج فيه، وأصله شِدّةُ الفَتْلِ، ومنه قيل للصَّقْرِ: أَجْدَلُ، لشِدّةِ فَتْلِ بَدَنِهِ وقُوّةِ خَلْقِهِ، وقيل: الجِدالُ مأخوذ من الجَدالةِ، وهو: أن يَرُومَ كلُّ واحد من الخصمَيْن قَهْرَ صاحبه وصَرعَهُ على الجَدالةِ، وهي الأرض
(2)
.
ثم استثنى، فقال:{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ (46)} يعني: إلا من أَبَى أن يُقِرَّ بالجِزْيةِ ونَصَبَ الحَرْبَ، فجادلوا هؤلاء بالسيف حتى يسلموا، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
قوله عز وجل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ} استهزاءً منهم وتكذيبًا {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} رَفْع بإضمار فعل تقديره: ولولا ثَبَتَ أَجَلٌ مسمى لِعذابِهم
(3)
، وهو يوم القيامة، {وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ} العذاب {بَغْتَةً} يعني: فجأةً
(1)
ينظر: الكشف والبيان 7/ 280، المحرر الوجيز 4/ 318، عين المعاني ورقة 99/ ب، ثفسير القرطبي 13/ 346.
(2)
ينظر في هذين المعنيين: التهذيب 10/ 650، الكشف والبيان 7/ 284.
(3)
قوله: "ولولا ثبت أجل"، يعني أن "أَجَلٌ": مرفوع عنده على الفاعلية وفعله مضمر، وهذا مذهب الكسائي، وذهب الفرَّاء إلى الاسم بعد "لولا" مرفوع بها، فقال:"فإذا رأيت بعدها اسمًا واحدًا مرفوعًا فهو بمعنى "لولا" التي جوابها اللام". معاني القرآن 1/ 334، وكرره =
{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (53)} بإتيانه، ونصب {بَغْتَةً} على: الحال أو المصدر
(1)
.
قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يعني: المهاجرين {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} قال ابن عباس: غرف الدُّرِّ والزَّبرجَد والياقوت، ولننْزِلَنهُمْ قُصُورَ الجنة. وقرأ حمزة والكسائي وخلفٌ:{لنثْوِيَنَّهُمْ}
(2)
من: أَثْوَيْتُ، قال الزجّاج
(3)
: يقال: ثَوَى الرَّجُلُ: إذا أقام، وأَثْوَيْتُهُ: إذا أَنْزَلْتَهُ مَنْزِلًا يقيم فيه.
قال الأخفش
(4)
: لا تعجبني هذه القراءة؛ لأنك لا تقول: أَثْوَيْتُهُ الدّارَ، بل تقول: فِي الدّارِ، وليس في الآية حرف جر في المفعول الثاني، وقال أبو عليٍّ الفارسي
(5)
: هو على إرادة حرف الجر ثم حُذف، كما يقال:
= في المعاني 1/ 404، وأما البصريون فإنهم يجعلون الاسم الواقع بعد "لولا" مرفوعًا بالابتداء، وخبره محذوف وجوبًا، قاله سيبويه في الكتاب 2/ 129، وينظر في هذه المسألة أيضا: المقتضب 3/ 76، الإنصاف للأنباري ص 70 - 78، شرح الكافية للرَّضي 1/ 243، ارتشاف الضرب ص 1904.
(1)
في الأصل: "والمصدر".
(2)
قرأ: {لنُثْوِيَنَّهُمْ} عَلِيُّ بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن عَلِيٍّ والأعمش والربيع بن خيثم وابن وثاب وطلحة بن مصرف، ينظر: السبعة ص 502، إعراب القراءات السبع 2/ 190، 191، حجة القراءات ص 554، تفسير القرطبي 13/ 359، البحر المحيط 7/ 153، الإتحاف 2/ 352.
(3)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 173.
(4)
ينظر قول الأخفش في الحجة للفارسي 3/ 264، الوسيط 3/ 424، مجمع البيان 8/ 37.
(5)
الحجة للقراء السبعة 3/ 264، ونص كلامه:"هذا الذي رآه أبو الحسن يدل على أن "ثوى" ليس بِمُتَعَدٍّ، وكذلك تفسير أبي عبيدة: أنه النازل فيهم. ووجهه أنه كان في الأصل: لنثوينهم من الجنة غرفا، كما تقول: لننْزِلنهُم من الجنة في غُرَف، وحُذِفَ الجارُّ كما حُذِفَ من قوله:
أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ فافْعَلْ ما أُمِرْتَ بِهِ
108 -
أَمَرْتُكَ الْخَيْرَ. . . . . . . .
(1)
أي: بالخير. واللام: نصب على الجواب
(2)
.
ثم وصف تلك الغُرَفَ فقال: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} لا يموتون {نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58)} يعني: ثواب المطيعين، ثم وصفهم فقال:{الَّذِينَ صَبَرُوا} يعني: على دينهم فلم يتركوه لشدةٍ ولا لضيق نزل بهم {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (59)} .
قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} يعني: لا ترفع رزقها معها، ولا تدخره لِغَدٍ، {اللَّهُ يَرْزُقُهَا} حيث توجهتْ {وَإِيَّاكُمْ} يومًا بيوم، {وَهُوَ السَّمِيعُ} لأقوالكم {الْعَلِيمُ (60)} بما فِي قلوبكم، قال سفيان
(3)
: ليس
(1)
هذه قطعة من بيت من البسيط، وسوف يتكرر مرتين 2/ 365، 4/ 272 من هذا الكتاب، وهو بتمامه:
أمرتُكَ الخَيْرَ، فافْعَلْ ما أُمِرتَ بهِ
…
فقَد تَرَكْتُكَ ذا مالَ وَذا نَشَبِ
وقد نُسِبَ لعمرو بن معدي كرب، وَلِخُفافِ بنِ نُدْبةَ السلمي، وللعباس بن مرداس، ولأعشى طرود، ولزُرعةَ بنِ السّائب.
التخريج: ديوان عمرو بن معدي كرب ص 63، ديوان العباس بن مرداس ص 46، ديوان خفاف ابن ندبة ص 126، الكتاب 1/ 37، معاني القرآن للأخفش ص 312، المقتضب 2/ 35، 83، 320، معاني القرآن وإعرابه 1/ 351، إعراب القرآن 1/ 317، 337، 2/ 276، 5/ 140، 175، شرح أبيات سيبويه 1/ 170، المحتسب 1/ 51، 272، أمالي ابن الشجري 2/ 133، 558، الحلل لابن السيد ص 34، 169، 319، 410، التبيان للعكبري ص 73، شرح المفصل 2/ 44، 8/ 50، الفريد 4/ 618، شرح الكافية للرضي 1/ 193، 4/ 141، مغني اللبيب ص 415، 736، شرح شواهد المغني ص 727 - 728، همع الهوامع 3/ 11، الخزانة 1/ 339، 342، 343، 9/ 124.
(2)
قوله: "واللام: نصب على الجواب" ليس من كلام الفارسي، ومعنى نصب اللام: فتحها؛ لأنها لام جواب القسم.
(3)
هو: سفيان بن عيينة بن ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفِيُّ، مُحَدِّثُ الحرم المكي، وُلدَ =