الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} ؛ أي: أَخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ} أي: أقبحها، وقيل: أشدها {لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} ؛ لأن أوله زفير، وآخره شهيق، قال سفيان
(1)
في تفسير هذه الآية: صِياحُ كُلِّ شيءٍ يُسَبِّحُ للَّه عز وجل إلّا الحمارَ، ولأنه ينهق بلا فائدة. وذكر النَّقّاش أن العطسة المرتفعةَ القبيحةَ من أنكر الأصوات
(2)
.
فصل
عن أم سعد
(3)
، قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه عز وجل يبغض ثلاثة أصوات: نهيقَ الحمار ونُباحَ الكلب والداعيةَ بالحرب".
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} يعني: الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح {وَمَا فِي الْأَرْضِ} يعني: الجبال والأنهار والبحار والنَّبْتَ والأشجار عامًا بعام، قال الزجاج
(4)
: ومعنى تسخيرها للآدميِّين
(1)
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق، أبو عبد اللَّه الثوري، أمير المؤمنين في الحديث، كان سيد أهل زمانه في التقوى وعلوم الدين، ولد ونشأ في الكوفة، رفض الولاية من المنصور ومن المهدي، سكن مكة والمدينة، توفِّي بالبصرة مستخفيًا سنة (161 هـ)، من كتبه: الجامع الكبير، الجامع الصغير. [سير أعلام النبلاء 7/ 229، الأعلام 3/ 104]، وينظر قوله في الكشف والبيان 7/ 316، زاد المسير 6/ 323، عين المعاني ورقة 101/ ب، تفسير القرطبي 14/ 72.
(2)
حكاه النقاش عن جعفر بن محمد في تفسيره شفاء الصدور، النسخة الثانية رقم 29075.
(3)
هي: جميلة بنت سعد بن الربيع بن عمرو الأنصارية الخزرجية، قُتِلَ أبوها مع الرسول يوم أُحُدٍ، وكانت يتيمةً في حجر أبي بكر، وتزوجها زيد بن ثابت. [الطبقات الكبرى 8/ 359، أسد الغابة 5/ 418، الإصابة 8/ 69].
(4)
معاني القرآن وإعرابه 4/ 199.
الانتفاع بها، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}؛ أي: أَوْسَعَ وأَكْمَلَ، يقال: سَبَغَتِ النِّعْمةُ: إذا تَمَّتْ، وأَسْبَغَها اللَّهُ: إذا أَتَمَّها، فالنعمة الظاهرة: الخَلْق والرزق والإسلام، والباطنة: ما سَتَرَ من ذنوب بني آدم فلم يعلم بها أحد ولم يُعاقَبْ عليها، وقيل: الباطنة: ما لا تبصره العَيْنُ ولا يدركه الوهم، كما قال:"وَلا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر"
(1)
، وهذا كله من النعم.
قرأ نافع وشيبة وأبو جعفر وأبو رجاءٍ العُطاردي وأبو مِجْلَزٍ وأبو عَمْرو والأعرج
(2)
وأيوبُ وحفصٌ: {نِعَمَهُ} بالجمع، وهو الاختيار، فعلى هذه القراءة نصب {ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} على: الحال، وقرأ الآخرون:{نِعْمةً}
(3)
منوَّنة على الواحدة، ومعناه جَمْعٌ أيضًا، دليله قوله:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}
(4)
، وعلى هذه القراءة تكون {ظَاهِرَةً}: نصبًا على النعت.
(1)
هذا جزء من حديث قدسي سيأتِي بتمامه 2/ 86، وقد رواه البخاري في صحيحه 4/ 86 كتاب بدء الخلق/ باب ما جاء في صفة الجنة، 6/ 2121 كتاب تفسير القرآن: سورة "تَنْزِيل السجدة"، ورواه مسلمٌ في صحيحه 8/ 143 كتاب الجنة وصفة نعيمها.
(2)
هو: عبد الرحمن بن هرمز بن كيسان، أبو داود الأعرجُ، من موالي بني هشام، تابعي حافظ قارئ، روى عن أبِي هريرة وأبِي سعيد الخدري وغيرهما، كان ثقة ثبتًا عالمًا خبيرًا بأنساب العرب، رابَطَ في آخر حياته بالإسكندرية، وتوفِّي بها سنة (117 هـ). [غاية النهاية 1/ 381، سير أعلام النبلاء 5/ 69، 70، الأعلام 3/ 340].
(3)
قرأ: {نِعْمةً} بالإفراد ابنُ عباس وزيدُ بنُ عَلِيٍّ وابنُ كثير وابنُ عامر، وأبو بكر عن عاصمٍ، وحمزةُ والكسائيُّ، وأبو عمرو في رواية عنه، ينظر: السبعة ص 513، حجة القراءات ص 566، الكشف عن وجوه القراءات 2/ 189، تفسير القرطبي 14/ 73، البحر المحيط 7/ 185، النشر 2/ 347، الإتحاف 2/ 363.
(4)
إبراهيم 34، والنحل 18.