الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - بَابُ الْمَحْشَرِ
وَرُوِّينَا عن عُمَرَ، وعبدِ الله بن مسعُودٍ، وعبدِ الله بن عباس، وعبدِ الله بن الزُّبَير أَنهم كانوا يَقْرءُونَ {عِظَامًا نَاخِرَةً} وعن عَلِيٍّ، وإحدى الرِّوايَتين عن ابن عباس:{نَخِرَةً} .
(251)
أخبرنا أبو زَكريَّا ابنُ أبي إِسحَاقَ، أخبرنا أبو الحَسَن أحمدُ بنُ محمد بن عَبْدُوسٍ، حدثنا عثُمانُ بن سَعيد، حدثنا عبدُ الله بن صَالِح، عن معاويةَ بن صَالِح، عن عَلي بن أَبي طَلْحَةَ، عن ابن عباسٍ في قوله:{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ}
…
يقول: «النَّفخة الأولى» ، {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} يقول:«النَّفخةُ الثانية» {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} يقول: «خائفة» وقوله: {أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} يقول: «في الحياة» (1).
(252)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا عبد الرحمن بن الحَسَن القَاضِي، حدثنا إِبراهيمُ بنُ الحُسَين، حدثنا آدَمُ بنُ أَبِي إِيَاسٍ، حدثنا وَرْقَاء، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِد (2) في قوله:{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ} يقول: «تَرجُفُ الأرضُ والجِبالُ، وهي الزَّلْزَلَة» ، {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ} يقول:«دُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَة» ، وقوله:{أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ} قال: «الحَافِرَة: الأَرض، يقولون: أَنُبعَثُ
(1) أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (24/ 65)، من طريق عبد الله بن صالح، به.
(2)
«تفسير مجاهد» (ص 702).
خَلقًا جَدِيدًا، وقوله:{عِظَامًا نَاخِرَةً} قال: «يعني: عِظَامًا مَرفُوتَة» ، وقوله:{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ} يعني: صَيحة وَاحِدَة، وقوله:{فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} قال: «المكان المُستَوي» (1).
(253)
قال: (2) وأخبرنا آدَمُ، حدثنا حمادُ بن سَلَمة، عن سَلَمة، عن وَهْب بنِ مُنَبِّه أَنَّه قَرأ {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} -وهو يَومَئِذٍ بِبَيتِ المَقْدِس- قال:«هاهُنا السَّاهِرة، يعني بَيتَ المَقْدِس» (3).
(254)
قال: وأخبرنا آدمُ، حدثنا وَرْقَاء، عن ابن أبي نَجِيح، عن مُجَاهِد (4) في قوله:{وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} [الكهف: 47] يقول: «لا خَمَر عليها، ولا غَيَابَة» (5).
(255)
أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عَمرو، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمدُ بن الجَهْمِ قال: قال أبو زَكَرِيَّا يَحيى بن زِياد الفَرَّاء (6)«قوله: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ}: هي النفخة الأولى، {تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}: هي النفخة الثانية، وذكر من قَرأ «نَاخِرَة» ومن قَرأ «نَخِرَة» ثم قال: «ونَاخِرَة» أَجْوَدُ الوَجهين في القِرَاءة؛ لأنَّ الآيَاتِ بِالأَلِف، وهُما سَواءٌ في المَعْنى، بِمنزِلَة الطَّامِع والطَّمَع، والبَاخِل والبُخْل، وقَد فَرَّق بَعضُ المُفَسِّرين بَينَ النَّاخِرة والنَّخِرة فقال:«النَّخِرة» : البَالِية، «والنَّاخِرة»: العَظْمُ المُجَوَّف تَمُرُّ فِيه الرِّيحُ
(1) أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (24/ 67)، من طريق، ورقاء، به.
(2)
يعني: إبراهيم بن الحسين بن علي الهمذاني، بالإسناد السابق.
(3)
أخرجه عبد الرحمن بن الحسن شيخ شيخ المصنف كما في «تفسير مجاهد» (ص 702)، وأخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (24/ 78).
(4)
«تفسير مجاهد» (448).
(5)
أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (15/ 282)، من طريق ورقاء، به.
(6)
«معاني القرآن» للفراء (3/ 231).
فَينخره. وقوله: «الحَافِرَة» يُقال: إلى أَمْرِنَا الأَوَّل، إلى الحَيَاة، والعَربُ تَقول: أَتَيتُ فُلانًا ثُم رَجَعتُ عَلى حَافِرَتِي أي: رَجَعتُ إلى حَيثُ جِئْت، ومِن ذَلك قَول العَرَبِ «النَّقْدُ عِندَ الحَافِرَة» معناه: إذا قَال بِعْتُكَ، رَجعت عَلَيه بِالثَّمَن. وقال بعضُهُم:«الحَافِرة» : الأَرضُ التي يُحفَرُ فيها قُبُورُهم، فَسمَّاها الحَافِرة، والمعنى: المَحْفُورَة كما قال: مَاءٌ دَافِق، أي: مَدْفُوق. وقوله: «بِالسَّاهِرَة» وهو وَجْهُ الأَرضِ، كأنها سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأن فِيها الحَيوان، نَومُهُم وسَهرُهُم».
(256)
قال الفَرَّاءُ: وحدثني حِبَّان، عن الكَلْبِي، عن أَبي صَالح، عن ابنِ عَبَّاس أَنه قال:«السَّاهِرَة» الأرض وأنشد:
وفِيهَا لَحمُ سَاهِرَةٍ وبَحْرٍ
…
ومَا فَاهُوا بِهِ لَهُمُ مُقيمُ (1)
(257)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بَكر أحمدُ بنُ الحَسَن القَاضِي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصَّغَاني، حدثنا سَعيدُ بنُ أبي مَريَم، أخبرنا محمد بنُ جَعفَر، حدثني أبو حَازِم قال: سمعتُ سَهْلَ بن سَعد يقول: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ» .
قال سَهلٌ أو غَيرُهُ: «لَيس فِيها مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ» .
رواه البخاري في الصحيح (2)، عن سعيد بن أبي مريم، وأخرجه مسلم (3)، عن أبي بَكر ابن أبي شَيبة، عن خَالِد بن مَخْلَد، عن مُحمَّد بن
(1) البَيتُ لِأُمَيَّة بن أبي الصَّلْت. ديوانه (ص 121).
(2)
صحيح البخاري (6521).
(3)
صحيح مسلم (2790).
جَعفَر.
قال أبو سليمان الخَطَّابِي: «العَفْرَةُ: بَياضٌ لَيس بِالنَّاصِع. والنَّقِيُّ: الحُوَّار نُقِّي مِن القِشْرِ والنُّخَالَة. وقوله: «ليس فيها مَعْلَمٌ لأحد» ، يُريدُ أَنَّ تِلكَ الأرضُ مُسْتَوِيَة، لَيس فِيهَا حَدَب يَرُدُّ البَصَر، ولا بِنَاءٌ يَسْتُرُ مَا وَرَائَه» (1).
(258)
أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، ومحمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس -هو الأَصَمُّ-، حدثنا العَبَّاس الدُّورِيُّ، حدثنا أبو عَتَّاب الدَّلَّال، حدثنا جَرِير بن أَيُّوبَ البَجَلِيُّ، حدثنا أبو إسحاق، عن عمرو بن مَيمُون، قال: سمعتُ ابنَ مسعُود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} [إبراهيم: 48] قال:
«أَرْضٌ بَيضَاء كَأَنَّها فِضَّة، لم يُسفَك فِيهَا دَمٌ حَرام، ولم يُعْمَل فِيهَا خَطِيئَةٌ» (2).
كذا رواه جَريرُ بنُ أيوب، وليس بالقَوي، وخَالفَه أَصحابُ أبي إسحاق؛ فرواه إِسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ موقوفًا على عبد الله (3)، ورواه شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن عمرو بن مَيمُون، قال مَرَّة: عن عبد الله، ثُمَّ لم يُجاوز به عَمرو بنَ ميمُون (4)، ورواه الثَّوْريُّ، عن أبي إسحاق، عن عَمْرو، ولم يَذكُر عبدَ اللهِ (5).
(1)«أعلام الحديث» للخطابي (3/ 2268).
(2)
أخرجه الشاشي في «مسنده» (669)، عن عباس الدوري، به.
(3)
أخرجه أبو الشيخ في «العظمة» (598)، من طريق إسرائيل، موقوفا على عبد الله.
(4)
أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (13/ 729)، من طريق شعبة.
(5)
أخرجه عبد الرزاق في «التفسير» (1424) عن الثوري، به.
والتبديل: هو تغيير الشيء عن حاله.
قال أبو منصور الأزهري: تَبدِيلُها، تَسْيِير جِبَالِها، وتَفْجِيرِ بِحَارِهَا، وكَونها مُستوية لا تَرى فِيها عِوجًا ولا أَمْتا، وتَبديلُ السَّماوات، انْتِثَارُ كَواكِبِها، وانْفِطَارِها، وتَكوير شَمْسِهَا، وخُسوفِ قَمَرِهَا.
قال أحمد (1): فَيُحتَمل على هذا أَن يَكونَ المُراد بِقَولِه: «لم يُسفَك فِيها دَمٌ حَرام، ولم يُعمل فِيها خَطِيئَةٌ» أي على مَا غُيِّرَ مِن وَجْهِهَا فَجُعِلَ كَالْفِضَّةِ، والله أعلم.
وقد رَوَى شَهرُ بنُ حَوْشَب، عن ابن عَبَّاس قال:«إِذَا كَان يَومُ القِيَامَةِ مُدَّت الأَرضُ مَدَّ الأَدِيم، ويُزَادُ في سِعَتِها كذا وكذا، وجُمِعَ الخَلائِقُ في صَعِيدٍ واحِد، ثم ذَكر قَبضَ السماوات عَن أَهْلِهَا» (2).
(259)
وأخبرنا أبو عبد الرحمن بن مَحْبُور الدَّهَّان، أخبرنا الحسين بن محمد بن هارون، حدثنا أحمد بن محمد بن نَصْر، حدثنا يُوسفُ بن بلال، عن محمد بن مروان، عن الكَلْبِي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أَنَّه سُئِلَ عن هذه الآية {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: 48] قال: «يُزادُ فيها ويُنقَصُ مِنهَا، ويَذهب آكَامُها وجِبَالُها وأَودِيَتُها وشَجَرُها ومَا فِيها، وتُمَدُّ مَدَّ الأديم العُكَاظِي، أَرضٌ بَيضاء مِثل الفِضَّة، لَم يُسفَك عليها دَمٌ، ولم يُعمل عَليها خِطِيئة، والسماواتُ تَذهبُ شَمسُهَا وقَمَرُها
(1) هو البيهقي رحمه الله.
(2)
أخرجه أبو سعيد الدارمي في «نقض المريسي» (74)، وغيره، من طريق شهر بن حوشب.
ونُجومُها» (1).
وقد يقال: السماوات مُستأنفة، لا يُبَدَّل منها شَيءٌ، ويُقال: تُبَدَّل السماواتُ، فَتذهب، وتُجعل سَماءٌ أُخرى غَيرُها.
(260)
قال يوسف: فَحدَّثني محمدٌ، عن دَاودَ بن أبي هِنْد، عن عِكْرِمَةَ قال:«تُبَدَّل الأَرضُ بَيضَاء مِثلَ الخُبْزَة، يَأكُلُ منها أَهلُ الإسلامِ، حتى يَفْرُغَوا مِن الحِسَاب» (2).
(261)
قال: وحَدَّثني محمدُ بنُ مَروان، عن الكَلْبِي قال: قال أبو صَالِح: فَسَمعتُ ابنَ عبَّاسٍ يُنْشِدُ النَّاسَ هذا البيت مِن الشِّعر:
مَا النَّاسُ بِالنَّاسِ الذِينَ عَهِدتَهُمْ
…
ولا الدَّارُ بِالدَّارِ التِي كُنْتُ أَعْرِفُ (3)
قال: ويقول الرَّجلُ للرَّجُلِ قَد تَبَدَّلْتَ، وهو الرَّجلُ بِنَفْسِهِ.
قال الشيخ (4): وكُلُّ هذا يُؤكد قَولَ مَن قَال: تَبديلُ الأَرضِ، تَغْييرُهَا عَن حَالِهَا، والله أعلم.
وأَمَّا حَديثُ عَائِشةَ (5)، قُلتُ يا رَسولَ الله: أَرأيتَ قَولَ الله عز وجل: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)} [إبراهيم] فأين الناس يومئذ؟ قال: «على الصراط» .
(1) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 57)، وعزاه للبيهقي في البعث.
(2)
ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (5/ 58)، وعزاه للبيهقي في البعث.
(3)
أخرجه ابن بطة في «الإبانة» (721)، من طريق الكلبي، به. وقيل البيت لهدبة بن خشرم.
(4)
قوله: (الشيخ) ليس في «م» ، «ث» ، والمثبت من «ب» ، وفي «ش» (قال أحمد رضي الله عنه)، يعني البيهقي.
(5)
حديث عائشة يأتي برقم (329).
وفي رواية ثَوْبَانَ (1) في سُؤال اليَهودِيِّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«هُم فِي الظُّلْمَةِ دُونَ الجِسْرِ» .
وهو الصِّرَاط، فَيُحتَمَل هَذا في وَقتِ خُروجِهِم من القبورِ إلى أَنْ تُبَدَّل الأرضُ، وتُمَدَّ مَدَّ الأَدِيم، ثم يكونون عليها، والله أعلم.
(262)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظُ (2)، حدثنا أبو بكر أَحمدُ بنُ بَالَوَيْه، حدثنا بِشرُ بنُ موسى، حدثنا الحَسَنُ بنُ موسى الأَشْيَبُ، حدثنا حَمَّادُ بن سَلَمة، حدثنا أبو قَزَعَة البَاهِلِيُّ، عن حَكِيمِ بنِ مُعَاوِيَةَ، عَن أَبِيهِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(263)
وأخبرنا عَليُّ بنُ أحمد بن عَبْدَان، أخبرنا أحمدُ بنُ عُبَيد الصَّفَّار، حدثنا ابنُ نَاجِيةَ، حدثنا محمد بنُ يَحيى بن أَبي عُمَر، حدثنا سُفْيانُ، عن أَبي سَعد، عن عِكْرَمةَ، عن ابن عَبَّاسٍ قال: «مَنْ شَكَّ أَنَّ المَحْشَرَ هَا هُنا يَعنِي الشَّام؛ فَلْيَقرأ هذه الآية {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2]، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يَومَئِذٍ:
(1) حديث ثوبان يأتي برقم (330).
(2)
«المستدرك» (3646).
(1) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (1/ 179)، من طريق البيهقي، به، وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» كما في «تفسير ابن كثير» (8/ 59)، وابن عدي في «الكامل» (4/ 434)، من طريق ابن أبي عمر، به.