الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 - بَابُ ما جَاءَ فِي الصِّرَاطِ وهُو جِسْرُ جَهَنم
(396)
أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرني أبو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنيُّ، أخبرنا عَليُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى، حدثنا أبو اليَمَانِ، أخبرني شُعَيْبٌ، عن الزُّهْرِي، أخبرني سعيدُ بن المُسَيِّب، وعَطَاءُ بن يَزيد الَّليْثِي، أَنَّ أَبَا هُرَيرةَ أخبرهما أَنَّ النَّاسَ قالوا: يا رسول الله، هل نرى رَبَّنا يومَ القِيامَة؟ فَذَكر الحديث في الرؤية، قال:
رواه البخاري في الصحيح (1)، عن أبي اليمان، ورواه مسلم (2)، عن
…
عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبي اليمان.
وقد مضى هذا الحديث بسياقه في كتاب «الصفات» (3) و «الرؤية» .
(397)
أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرني أَبُو بَكْرِ بنُ عَبْدِ اللهِ، أخبرنا الحَسَن بن سُفْيَان، حدثنا سُوَيدُ بنُ سَعِيدٍ، حدثنا حَفْصُ بنُ مَيسَرَة، عن زَيد بن أَسْلَم، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ، عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا في
(1) صحيح البخاري (806).
(2)
صحيح مسلم (182).
(3)
«الأسماء والصفات» للبيهقي (647).
زَمَانِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرى رَبَّنا يَوم القِيَامَة؟ قال:
«نَعَم، هَل تُضَارُّونَ في رُؤية الشَّمسِ بالظَّهِيرة صَحْوًا لا سَحَابَ فيها؟ وهل تُضَارون في رؤية القَمَرِ لَيلَة البَدْرِ صحوًا ليس فيها سَحَاب؟ قالوا: لا يا رَسُولَ اللهِ، قال: ما تُضَارُّون في رُؤْيَةِ اللهِ عز وجل يَوْمَ القِيامَةِ، إلا كَمَا تُضَارُّون في رُؤْيَةِ أَحَدِهِما، إذا كان يَومُ القِيَامَة، أَذَّن مُؤَذِّنٌ: تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كَانت تَعبُد، فلا يَبقى أَحدٌ كان يَعبدُ غَيرَ اللهِ مِنَ الأصْنَام والأَنصَابِ إلا يَتَساقَطُونَ في النَّار، حتى لَم يَبق إلا مَن كَان يَعبُدُ اللهَ مِن بَرٍّ وفَاجِر، وغير أَهلِ الكِتَاب، فَيُؤْتَى باليهود فيقال لهم: ما كُنتُم تَعبُدونَ؟ قالوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرًا ابنَ اللهِ، فيُقال لهم: كَذَبْتُم، ما اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ ولا ولَدًا، فَماذَا تَبغُون؟ قالوا: عَطِشْنا يا ربَّنا فاسْقِنَا، قال: فَيُشار إليهم، أَلا تَرِدُون؟ فَيُحشرُون إلا النار كَأنَّها سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضًا حتى يَتَساقَطُون في النَّار، ثُم يُدْعَى النَّصَارَى، فيُقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابنَ الله، فيُقال لَهُم: كَذَبْتُم، ما اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ، ولا وَلَدًا، فماذا تَبْغُون؟ فيقولون: عَطِشْنا يا رَبَّنا فاسْقِنا، قال: فيُشار إليهم، أَلا تَرِدُون؟ فَيُحشَرُونَ إلى جَهَنَّم كَأَنَّها سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعضُها بَعضًا، فَيَتساقَطُون في النَّار، حتى إذا لَم يَبْقَ إلا مَن كَان يَعبُد الله مِن بَرٍّ وفَاجِر، أَتَاهُم رَبُّ العَالَمِينَ في أَدْنَى صُورَةٍ من التي رَأَوْهُ فيها، قال: فَماذَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ ما كَانَت تَعْبُد، قالوا: يَا رَبَّنا فَارَقْنَا النَّاسَ أَفْقَرَ مَا كُنَّا إِلَيهم، ولَم نُصَاحِبهُم، فيقول: أَنا رَبُّكُم، فيقولون: نَعُوذُ بالله مِنْك، لا نُشْرِك بِاللهِ
شَيئًا، مَرَّتَين أو ثَلاثًا، حَتَّى إِنَّ بَعضَهم لَيَكادُ أَن يَنْقَلِبَ، فيقول: هَل بَيْنَكُم وبَيْنَه آيَةٌ تَعْرِفُونَه بها؟ فيَقولُون: نَعم، فَيُكْشَفُ عَن سَاقٍ، فَلا يَبْقَى أَحَدٌ مِمَّن كَانَ
يَسْجُد (1) له مِن تِلْقَاء نَفْسِه إِلا أُذِنَ لَه بِالسُّجُود، ولا يَبْقَى مَن كَانَ يَسْجُدُ اتِّقَاءً ورِيَاءً، إلا جَعَلَ اللهُ ظَهْرَهُ طَبَقةً واحِدَة، كُلَّما أَرَاد أَن يَسْجُدَ، خَرَّ عَلى قَفَاهُ، فَيَرفَعُونَ رُؤُسَهُم، وقَد تَحَوَّل في الصُّورَة التي رَأَوْهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّة، فيقول: أَنَا رَبُّكُم، فَيقُولُون: أَنْتَ رَبُّنا، فَيُضْرَبُ الجِسْرُ عَلى جَهَنَّم، ويقولون: اللهُم سَلِّم سَلِّم، قِيل يَا رَسولَ الله، ومَا الجِسرُ؟ قال: دَحْضٌ، مَزِلَّةٌ، عَليه خَطَاطِيفُ وكَلَالِيبُ وحَسَكٌ يَكُون بِنَجْدٍ، فيه شَوكَة يُقَالُ له السَّعْدَان، فَيَمُرُّ المُؤْمِنُ كَطَرْفِ العَيْن، وكَالْبَرق، وكَالرِّيح، وكَأَجَاوِيد الخَيْل والرِّكَاب، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخْدُوشٌ مُرْسَلٌ، ومَكْدُوسٌ في نَارِ جَهَنَّم، حتى إذَا خَلَص المُؤمنونَ مِن النَّار، فوالذِي نَفسي بِيَدِه، مَا مِن أَحَدٍ مِنْكُم بِأَشَدَّ مُنَاشَدة للهِ في استقصاءِ الحَقِّ لَه، وقال غيره: في اسْتِيفَاءِ الحَقِّ مِن المُؤمنين للهِ يَوم القَيامة لإِخْوانِهِم الذين في النار، يقولون: يَا رَبَّنا، كانوا يُصَلُّونَ مَعَنا ويَصُومُون ويَحُجُّونَ، فيُقال لهم: أَخْرِجُوا مَن عَرَفْتُم، فَتُحَرَّمُ صُوَرُهُم عَلَى النَّار، فَيُخْرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، قَد أَخَذَت النَّار إلى نِصْفِ سَاقَيْه، وإلى رُكْبَتَيْهِ، فَيقُول: ارْجِعُوا فَمَن وَجَدْتُم في قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَار (2)
مِن خَيْر؛ فَأَخْرِجُوه، فَيُخرِجُونَ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُم يَقولون: رَبَّنا لَم نَذَر فِيهَا أَحَدًا مِمَّن أَمَرتَنا، ثُم يقول: ارجِعُوا، فَمَن وَجَدْتُم في قَلْبِه مِثقَالَ نِصْف دِينَار مِن خَير؛ فَأَخرِجُوه، فَيُخرِجُون خَلقًا كَثيرًا، ثم يقولون: رَبَّنا لَم نَذَر فِيهَا (3) مِمَّن أَمَرتَنا، ثم يقول: ارجعوا، فَمن وَجدتم في قلبه مِثْقَال ذَرَّةٍ مِن خَير، فَأَخرِجُوه، فَيُخْرِجُون خلقًا كثيرًا، ثم يقولون: رَبَّنا لَم نَذَر فِيهَا
(1) في «م» ، و «ب» ، و «ش»:(يشهد)، والمثبت من «ث» ، وجميع المصادر التي أخرجت الحديث.
(2)
في «ث» (ذرة) ..
(3)
زاد هنا في «ث» كلمة (أحد)، وفي «ب» (خيرا).
خيرًا (1) - فكان أبو سعيد يقول: إن لم تُصَدِّقُوني بِهذَا الحَدِيث، فاقْرَءُوا إِن شِئْتُم {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)} [النساء]- فيقول اللهُ تبارك وتعالى: شَفَعتِ المَلائِكَةُ، وشَفَعت النَّبيُّونَ، وشَفَعتِ المُؤمِنُونَ، ولَم يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً، فَيُخْرِجُ مِنها قَومًا لَم يَعْمَلُوا خَيرًا قَطُّ، قَد عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِم في نَهْرٍ في أَفْوَاهِ الجَنَّة يُقَالُ لَه نَهَرُ الحَيَاة، فَيَخرُجُونَ مِنها كَما تَخْرُج الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْل، أَلا تَرَونَها تَكون مِمَّا يَلِي الحَجَر والشَّجَر مَا يَكون إِلى الشَّمْسِ أُصَيْفِر، وأُخَيْضِر، ومَا يَكونُ إِلى الظِّلِّ أَبْيَض (2)؟
-قالوا: يا رسولَ اللهَ، كَأَنَّك كُنْتَ تَرْعَى بِالبَادِيَة-، قال: فَيخرُجُون كَاللؤْلُؤ في رِقَابِهم الخَواتِيم، يَعْرِفُهُم أَهلُ الجَنَّة يَقولُون: هَؤلاءِ عُتَقَاء اللهِ الذين أَدخَلَهُم الجَنَّة بِغَير عَمَلٍ عَمِلُوهُ، ولا خَيْرٍ قَدَّمُوه، ثم يقول: ادخلوا الجَنَّة، فَمَا رَأَيتُم فَهُو لَكُم، فَيقولون: رَبَّنَا أَعْطَيْتَنا مَا لَم تُعْط أحدًا مِنَ العَالَمِينَ، فيقول: لَكُم عِنْدِي مَا هُو أَفْضَل مِن هَذا، فيقولون: يا رَبَّنا، أَيُّ شَيءٍ أَفْضَل مَن هَذا؟ فيقول: رِضَاي، فَلا أَسْخَطُ عَلَيكُم بَعْدَه أَبَدًا».
رواه مسلم في الصحيح (3)، عن سُوَيْدِ بنِ سَعِيدٍ، وأخرجه البخاري (4)، عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عن حَفْصِ بنِ مَيْسَرَةَ.
(398)
أخبرني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرني أبو الوَلِيد الفَقِيهُ، حدثنا أبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بنِ ذَرِيْحٍ العُكْبَرِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ طَرِيفٍ
(1) في «ب» (خيرا قط).
(2)
ضبطها في «م» (أُبيّض) ..
(3)
صحيح مسلم (183).
(4)
صحيح البخاري (4581).
البَجَلِيُّ، وأَبُو كُرَيْبٍ، قالا: حدثنا مُحَمَّدُ بنُ فُضَيل، عن سَعيدِ بنِ طَارِقٍ الأَشْجَعِيِّ، عن أبي حَازِم، عن أبي هُرَيرَةَ، وعَن رِبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ، عَن حُذَيفَةَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
والذي نفسُ أَبي هُرَيرة بِيَدِه، إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّم لَسَبعينَ خَرِيفًا.
رواه مسلم في الصحيح (2)، عن محمد بن طَرِيف البَجَلِي.
(1) في «ب» (تروا).
(2)
صحيح مسلم (195).
(399)
أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ (1)، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ صَالِح بنِ هَانِئ، والحَسَنُ بنُ يَعْقُوبَ، وإبراهيمُ بنُ عِصْمَة، قالوا: حدثنا السَّريُّ بنُ خُزَيْمَةَ، حدثنا أبو غَسَّان مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ، حدثنا عَبْدُ السَّلَامِ بنُ حَرْبٍ، أخبرنا يَزِيدُ بنُ عبدِ الرَّحْمَن أبو خَالِد الدَّالَانيُّ، حدثنا المِنْهَالُ بنُ عَمْرٍو، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن مَسْرُوقٍ، عن عَبْدِ اللهِ قال: «يَجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يَومَ القِيَامَةِ، قال: فُيَنَادِي مُنَادٍ (2)
يا أَيُّها النَّاسُ، ألم تَرْضَوْا مِن رَبِّكم الذِي خَلَقَكُم ورَزَقَكُم وصَوَّرَكُم، أن يُوَلِّيَ كُلَّ إنسانٍ مِنْكُم إلى مَن كَان يَتَولَّى في الدُّنيا؟ قال: ويُمَثَّل لِمَن كَانَ يَعْبُدُ عُزيْرًا شَيْطَانُ عُزَيْرٍ، حتى تُمَثَّلُ أو يُمَثِّلَ لَهُم الشَّجَرَة، والعُود، والحَجَر، ويبقى أهلُ الإسلامِ جُثُومًا، فيقال لهم: ما لَكُم لَمْ تَنْطَلِقُوا كَمَا يَنْطَلِقُ النَّاسُ؟ فيقولون: إنَّ لَنَا رَبًّا مَا رَأَيْنَاه بَعْدُ، قال: فَيُقَالُ: بِم تَعْرِفُونَ رَبَّكُم إِنْ رَأَيْتُمُوه؟ قالوا: بَيْنَنَا وبَيْنَهُ عَلامَةٌ، إِنْ رَأَيْنَاهُ؛ عَرَفْنَاهُ، قِيلَ: ومَا هِيَ؟ قالوا: يَكْشِفُ عَن سَاقٍ، قال: فَيَكْشِفُ عِنْدَ ذَلِكَ عَن سَاقٍ، قال: فَيَخِرُّ - أظنه قال: مَن كَان يَعْبُدُهُ- سَاجِدًا، ويَبقَى قَومٌ ظُهُورُهُم كَصَياصِي البَقَرِ، يُريدُونَ السُّجُودَ فَلا يَسْتَطِيعُونَ، ثُم يُؤْمَرُون فَيَرفَعُونَ رُؤُسَهُم، فَيُعْطَونَ نُورَهُم عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِم، قال: فَمِنْهُم مَن يُعطى نُورَهُ مثلَ الجَبَل بين يديه، ومنهم من يُعطى نُورَهُ فَوقَ ذَلِكَ، ومِنْهُم مَن يُعْطَى نُورَهُ مِثْلَ النَّخْلَة بِيَمِينِهِ، ومِنْهُم مَن يُعطى دُونَ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ، حتى يَكُونَ آخِر ذلك من يعطى نوره على إِبهام قدمه، يُضيءُ مَرَّة ويطفيء مرة، فإذا أَضَاءَ قَدَّم قَدَمَهُ، وإذا طُفِيءَ قام، قال: فَيَمُرُّ، ويَمُرُّونَ عَلَى الصِّراطِ، والصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ دَحْضٌ مَزِلَّة، فيقال لَهُم: انجوا على قَدر نُورِكم، فمنهم من يَمُرُّ كانقِضَاضِ الكَواكِب،
(1)«المستدرك» (3424).
(2)
في «م» ، و «ث»:(مناديًا)، والمثبت من «ب» ، و «ش» ..
ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطَّرْف، ومنهم من يمر كَشَدِّ الرَّجُل، ويَرْمُلُ رَمَلًا، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه، تَخِرُّ يَدٌ، وتَعْلَق يَدٌ، وتَخِرُّ رِجلٌ، وتَعْلَق رِجلٌ، وتصيب جوانبه
النار، قال: فَيَخْلُصُونَ، فإذا خَلَصُوا؛ قالوا: الحَمْدُ للهِ الذي نَجَّانا منك بعد الذي أراناك، لقد أعطانا اللهُ ما لم يُعط أحدًا -قال مَسْرُوق: فما بَلَغ
…
عبدُ الله هذا المكان من هذا الحديث؛ إلا ضَحِكَ- فقال له رَجُلٌ: يا أبا عبد الرحمن، لَقَد حَدَّثْتَ هَذا الحَدِيثَ مِرارًا، كُلَّما بَلَغْتَ هَذَا المَكَانَ من هذا الحديث ضَحِكتَ، فقال عبدُ اللهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُه مِرَارًا، فما بَلَغ هَذا المَكَانَ مِن هَذا الحَدِيثِ؛ إلا ضَحِكَ حَتَّى تَبدوا لَهَواتِهِ، ويَبْدُوا آخِرُ ضِرْسٍ مِن أَضْراسِه، لِقَولِ الإنسان: أَتَهْزَأُ بِي وأَنْتَ رَبُّ العَالَمِينَ؟ فيقول: لا ولَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ، فَسلُونِي».
(400)
وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد ابنُ أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمدُ بن يَعقُوبَ، حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرنا مُعَاوِيَةُ ابنُ عَمْرٍو، حدثنا زَائِدَةُ، عن الأَعْمَش، عن المِنْهَال بن عَمْرٍو، عن قَيسِ بن السَّكَن، وأبي عُبَيدَة، عن عَبد الله قال: «إذا حُشِر الناسُ، قاموا أربعين عامًا شاخِصَة أبصارُهم إلى السماء، لا يكلمهم بشر، الشمس على رؤسهم، حتى يُلْجِمَهُم العَرَق، كل بر منهم وفاجر، ثم ينادي منادٍ من السماء: أيها الناس، أليس عدلٌ من ربكم الذي خلقكم وصَوَّركم، ورزقكم، ثُمَّ تَولَّيتم غيره أن
(1) في «ب» (قال الشيخ).
يُوَلِّي كُلَّ عبدٍ منكم ما تَولَّى؟ قال: يقولون: بلى، قال: ثم يناديهم بمثل ذلك ثلاثَ مَرَّات، قال ثم يقول: لتَنطَلِقُ كُلُّ أُمَّةٍ إلى ما كانت تَعْبُدُ، قال: ويُمَثَّل لهم ما كانوا يَعْبُدُونَ، قال: فَيَنْطَلِقُونَ حَتَّى يَرِدُوا جَهَنَّمَ، ثم يُقَالُ للمسلمين: ما يَحْبِسُكُم، قد ذَهَبَ النَّاسُ؟ قال: فيقولون: هذا مَكَانُنَا حتى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، قال: فيقال لهم: هل تعرفونه إِنْ رَأَيْتُمُوه؟ قال: فيقولون: إن اعْتَرَفَ لَنَا عَرَفْنَاهُ، قال: فَيَكْشِفُ عَن سَاقٍ، فَيَقعُون سُجُودًا، وتُدْمَجُ أَصْلَابُ المُنَافِقِينَ حتى تَكُونَ (1) كأنها صَياصِي البَقَر، قال: ثم يُقَالُ للمسلمين: ارْفَعُوا رُؤُسَكُم إلى نُورِكُم بِقَدْرِ أَعْمَالِكُم، قال: فيرفعون رؤسهم، وبين أيديهم أمثالُ الجبال من النور، قال: فيمرون كَهَيئة الطَّرْف، قال: ثم يَرْفَعُ آخَرُونَ رُؤُسَهُم، بَيْنَ أيديهم كأمثال القُصُورِ، قال: فَيَمُرُّونَ مَرَّ الرِّيح، قال: ويَرْفَعُ آخرون رؤسهم، بين أيديهم أمثال البيوت قال: فيمرون حُضْرَ (2)
الخَيْلِ، قال: ويَرْفَعُ آخَرُونَ رُؤُسَهُم، وبين أيديهم أَمْثَالُ الشَّجَر قال: فيمرون فَيَشُدُّونَ شَدًّا، حتى يبقى آخرهم رَجلٌ واحِدٌ على إبهام رِجْلِهِ مِثْلُ السِّراج، قال: فَيَمُرُّ، فَإِذَا طُفِيء أهوى فَأَخَذَتِ النَّارُ مِنْهُ، قال: ثُم يُضِيء فَيَمْشِي، قال: ثم يُطفأ فيهوى، فتأخذ منه حتى يخرج فيقول: ما أُعْطِي أَحَدٌ من الناس ما أُعْطِيت، ولا يدري أَحَدٌ مِمَّا نَجَا، غير أني قد وجدت مَسَّها، ثُم نَجَوتُ» (3).
وذكر الحديث بطوله إلا أنه لم يُسْنِدْهُ (4)، ولم يذكر في إسناده مَسْرُوقًا.
وقد رُوِيَ عَن زَيْدِ بنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عن المِنْهَالِ بنِ عَمْرٍو، عن أَبِي عُبَيْدَةَ،
(1) كلمة (تكون) سقطت من «ث» .
(2)
الحُضر بالضم: «العدو» ، ينظر النهاية، باب الحاء مع الضاد ..
(3)
أخرجه محمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (279)، من طريق معاوية بن عمرو، به.
(4)
معناه: لم يرفعه، والله أعلم.
عن مَسْرُوقِ بنِ الأَجْدَعِ، عن عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودِ، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
(401)
أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو العَبَّاسِ محمدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا محمدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَاني، أخبرنا رَوْح، حدثنا حَمَّادٌ، عن عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، عن أَبِي وَائِلٍ، عن ابن مَسْعُودٍ قال:«الصِّرَاطُ في سَواءِ جَهَنَّمَ، مَدْحَضَة مَزلَّة كَحَدِّ السيف المُرْهَف، وفي النار كلاليبُ تختطف أهلها، فتمسك بهواديها (2)، ويستبقون عليه بأعمالهم، فمنهم من شَدُّه (3) كالبرق، فذاك الذي لا يَنْشَبُ أن ينجو، ومنهم من شَدُّه كالريح، الذي لا ينشب أن ينجو كالريح العاصف، ومنهم من شده كالفرس الجواد، ومنهم من شده كَهَرْوَلَة الرَّجُل، وآخِر من يدخل الجنة رجلٌ قد لَوَّحَته النار، فيقول الله عز وجل له: سَل، وتَمنى، فيقول: يا رب، أَتَسخر مني وأنت رب العالمين؟ ! فيقول: إني لا أسخر منك، ولكني على ما أشاء قادر، فَسَل وتَمَن، فإذا فَرَغ قال: لك ما سألتَ، ومِثله معه» (4).
(1) وسئل الدارقطني كما في «العلل» (5/ 243) عن حديث مسروق، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: يجمع الأولون والآخرون في صعيد واحد، الحديث بطوله، وفيه صفة الجنة؟ فقال: «يرويه المنهال بن عمرو واختلف عنه؛ فرواه زيد بن أبي أنيسة، وأبو خالد الدالاني، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله، ورفعه زيد بن أبي أنيسة من أوله إلى آخره، رفعه أبو خالد الدالاني في آخره. ورواه الأعمش، عن المنهال بن عمرو، فقال: عن قيس بن السكن، وأبي عبيدة، عن
…
عبد الله، ولم يذكر فيه مسروقا، ووقف
…
الحديث».
(2)
هواديها: أوائلها، أو أعناقها.
(3)
في «ب» (سَيرُهُ) بالسين والراء المهملتين. وذلك في المواضع الأربعة التي وردت في الحديث.
(4)
أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (8992)، من طريق حماد بن زيد، به إلا أنه جعله عن زر، عن ابن مسعود، بدل أبي وائل
هذا مَوقُوفٌ على عبد الله بن مسعود.
(402)
أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ، حدثنا رَوْح، حدثنا عُثْمَانُ بنُ غِيَاثٍ، حدثنا أبو نَضْرَةَ، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:
(403)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس، حدثنا محمد بن إسحاق، أخبرنا رَوْح، حدثنا هشام، عن موسى بن أنس، عن عُبَيد بن عُمَير، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(1) أخرجه أبو يعلى (1253)، وعنه ابن حبان (7379)، من طريق روح بن عبادة، به.
(2)
في «ش» (حد).
(3)
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (2/ 120)، عن هشام بن حسان، به، إلا أنه لم يقل عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(404)
أخبرنا أبو الحُسَين بنُ الفَضل، أخبرنا عَبْدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ، حدثنا يَعْقُوبُ بنُ سُفْيَانَ (1)، حدثنا الحَجَّاجُ، حدثنا أبو عَوانَةَ، عن الأَعْمَشِ، حدثنا مُجَاهِدٌ، عن عُبَيدِ بنِ عُمَير، «أَنَّ الصراط مِثلُ حَدِّ السيف دَحْضٌ مَزِلَّة يَتَكفَأُ، والمَلائِكَة والأنبياء قيامًا تقول: رَبِّ سَلِّم، رَبِّ سَلِّم، والملائكة يخطفون بكلاليب» .
(405)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا منصور بن أبي مُزَاحِم، حدثنا أبو سعيد المُؤَدِّب، عن زياد النُّمَيْرِي، عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، غَيْرُ قَوِيٍّ.
(406)
أخبرنا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ، أخبرنا أَحْمَدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفَّار، حدثنا إسماعيل بن محمد بن أبي كَثِيرٍ، حدثنا مَكِّيُّ بنُ إبراهيمَ، حدثنا سَعِيدُ ابن زَرْبِي، عن يَزِيدَ الرَّقَاشِي، عَن أَنَس بن مالك، حَدَّثَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال:
«عَلَى جَهَنَّمَ جِسْرٌ مَجْسُورٌ، أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، وأَحَدُّ من السَّيْفِ، أَعْلَاه نَحْو الجَنَّة، دَحْضٌ مَزِلَّة بجنبتيه كلاليبُ وحَسَك النار، يحبس الله بها من يشاء من عباده، الزَّالُّون والزَّالَّاتِ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، والمَلائكةُ بِجَانِبَيْهِ قِيَامٌ يُنَادُونَ:
(1)«المعرفة والتاريخ» ليعقوب بن سفيان الفسوي (3/ 148).
(2)
أشار إليه المصنف في «شعب الإيمان» (1/ 565)، وضعفه، وذكر الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (20/ 84)، الحديث بسنده ومتنه وعزاه للمصنف.
اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فَمَنْ جَاءَ بِحَقٍّ، جَازَ، ويُعْطَوْنَ النُّورَ يَوْمَئِذٍ عَلى قَدْرِ إيمَانِهِم وأعْمَالِهِم، فمنهم مَن مَضى عليه كَلَمْح البَرق، ومنهم من يَمْضِي كَمَرِّ الريح، ومِنْهُم مَن يَمْضي عَلَيْهِ كَمَرِّ الفَرَس السَّابِقَة، ومنهم من يَشتَدُّ عَليْه شَدًّا، ومنهم من يُهَروِلُ، ومنهم من يُعْطَى نُورَهُ إلى مَوْضِعِ قَدَمِهِ، ومنهم من يَحْبُوا حبوًا، وتأخذ النار منهم بذنوبٍ أصَابُوها، فعند ذلك يقول المؤمنون: بسم الله حَسِّ حَسِّ (1)، وتَلْتَوِي وهي تَحرق مَن شَاء اللهُ مِنْهُم عَلى قَدْرِ ذُنُوبِهِم حَتَّى يَنْجُو، وتَنْجُو أَوَّلُ زُمْرَةٍ سَبْعُونَ ألفًا، لا حِسَابَ عَلَيْهِم ولا عَذَابَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُم القَمَر لَيْلَة البَدْر، والذين يَلُونَهُم كَأَضْوَءِ نَجْمٍ في السَّمَاءِ، حَتَّى يَبْلُغُوا إلى الجَنَّةِ بِرَحْمَةِ اللهِ» (2).
يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، وسَعِيدُ بنُ زَرْبِي، غَيرُ قَويَّيْنِ.
* * * * *
(1) قوله: (حس حس) في «ش» : (حسرًا حسرًا)، والمثبت من «م، وب، وث» وهو الصواب و (حَسِّ) بكسر السين والتشديد: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مَضَّه وأحرقه. وينظر النهاية، مادة (حسس).
(2)
أخرجه المصنف في «شعب الإيمان» (361).