الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
38 - بابُ مَا جَاءَ في آخِرِ مَن يَخْرُجُ مِنَ النارِ، ويَدْخُلُ الجَنةَ
(657)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو نَصْرٍ الفَقِيهُ، حدثنا عثمانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حدثنا نُعَيْمُ بنُ حَمَّاد، حدثنا إبراهيمُ بنُ سَعْد ح وأخبرنا أبو عمرو البَِسْطَامِي، حدثنا أبو بكر الإِسْمَاعِيلِيُّ، أخبرني المَنِيْعِيُّ (1)، حدثنا محمد بن جعفر الوَرْكَانِيُّ، حدثنا إبراهيم بن سَعد، عن الزُّهْرِي، عن عَطَاء بن يَزِيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الرُّؤْيَةِ:
«حتى إذا فَرَغَ اللهُ مِن القَضَاء بَين العِبَاد، وأَرَاد أَن يُخْرِجَ بِرَحْمَتِه مِنَ النَّار مَن أَرَادَ مِن أَهل النَّار، أَمَر المَلائِكَة أَن يُخْرِجُوا مِنَ النَّار مَن كَان لا يُشْرِك بِاللهِ شَيئًا مِمَّن أَرَادَ اللهُ أن يَرْحَمَه مِمَّن يَقُول: لا إله إلا الله، فَيَعْرِفُونَهُم في النَّار بِأَثَر السُّجُود، تَأْكُلُ النَّارُ ابنَ آدَمَ إلا أَثَر السُّجُود، حَرَّم اللهُ على النَّار أَن تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُود، فَيَخرُجُون مِنَ النَّار قَد امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيهم مَاءَ الحَيَاة، فَيَنبُتُون كَمَا تَنْبُت الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْل، ويَبْقَي رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ على النار، وهُو آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا الجَنَّة، فيقول: أي رَبِّ، اصْرِف وَجْهِي عَنِ النَّار فَإِنَّه قَد قَشَبَنِي رِيحُها، وأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا، فَيَدعُو اللهَ بما شَاء أن يَدْعُوه، ثُم يقول الله تبارك وتعالى: هَل عَسَيْتَ إِن فَعَلْتُ ذَلِكَ أن تَسْأَلَ غَيْرَه؟ فيقول: لا وعِزَّتِك، لا أَسْأَلُك غَيْرَه، ويُعْطِي رَبَّه مِن عُهُودٍ ومَواثِيق ما شاء الله، فَيَصرِفُه اللهُ عن النَّار، فَإِذا أَقْبَل عَلى الجَنَّة فَرَآهَا، سَكَت مَا شَاء اللهُ أن يَسْكُتَ، ثم يقول: أي رَبِّ، قَدِّمْنِي إلى بَابِ الجَنَّة، فيقول الله: أليس قد
(1) هو أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، والمنيعي نسبة لجده لأمه.
أَعْطَيتَني عُهُودَك ومَوَاثِيقَك أَن لا تَسْأَلنِي غَيرَ مَا أَعْطَيتُك؟ وَيْلَك يا ابنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَك! فيقول: أي رَبِّ، لا أَكُون أَشْقَى خَلْقِك، فَيدعُو اللهَ حَتَّى يَقولَ لَه: فَهل عَسَيْتَ إِن أَعْطَيتُك ذَلِك أن تَسْأَل غَيْرَه، فيقول: لا وَعِزَّتِك لا أسأل غَيْرَه، ويُعْطِي اللهَ مَا شَاء مِن عُهُودٍ ومَواثِيقَ، فَيُقَدِّمه إلى بَابِ الجَنَّة، فإذا قام على باب الجنة، انْفَقَهَت له الجَنَّةُ، فَرَأَى ما فِيهَا مِنَ الخَيْر والسُّرُور،
فَيَسكُت مَا شَاء الله أَن يَسْكُتَ، ثم يقول: أَي رَبِّ، أَدْخِلْنِي الجَنَّة، فيقول الله: أَلَسْتَ قَد أَعْطَيتَ عُهُودَكَ ومَوَاثِيقَك لا تَسْأَلني غَيرَ مَا أَعْطَيتُك؟ وَيْلَك يا ابنَ آدَم ما أَغْدَرَك! فيقول: أَي رَبِّ، لا أَكُون أَشْقَى خَلْقِك، فلا يَزالُ يَدعُو اللهَ حتى يَضْحَكَ اللهُ-تعالى- مِنه، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ منه، قال: ادْخُل الجَنَّةَ، فإذا دَخَلَها قال الله له: تَمَنَّه، فَيَسأل رَبَّه ويَتَمَنَّى حَتَّى أن اللهَ عز وجل لَيُذَكِّرُهُ، يقول: مِن كَذَا وكَذَا، حتى إذا انقطعت به الأَمَانِيُّ. قال الله عز وجل: ذَلِك لَك، ومِثْلُه مَعَه».
قال عَطَاءُ بنُ يَزيد: وأبو سَعِيد الخُدْرِي، مَع أبي هُرَيرة، لا يَرُدُّ عليه من حَدِيثِه شَيئًا، حتى إذا حَدَّث أبو هريرة أَنَّ اللهَ عز وجل قال لذلك الرجل:«ومثله معه» ، قال أبو سعيد الخدري:«وعَشْرَة أَمْثَالِه مَعَه» يا أبا هريرة، قال أبو هريرة: ما حَفِظْتُ إلا قَوْلَه: «وذَلِك لَه ومِثْلُه مَعَه» ، قال أبو سعيد: أَشْهَد أَنِّي حَفِظْتُ مِن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قوله: «ذلك لَه وعَشْرَة أَمْثَالِه» ، قال أبو هريرة: وذلك الرجل آخرُ أَهْلِ الجَنَّة دُخُولًا
الجَنَّة.
رواه البخاري في الصحيح (1)، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن إبراهيم ابن سعد، وأخرجه مسلم (2)، من حديث يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه.
(1) صحيح البخاري (7437).
(2)
صحيح مسلم (182).
والضَّحِكُ المَذْكُور فِيه، قَد مَضَى تَأْوِيلُهُ في كتاب «الأسماء والصفات» (1).
ومعناه يرجع إلى إِظْهَارِ كَرَامَتِه ورَحْمَتِه.
(658)
أخبرنا أبو عَمْرو محمد بن عبد الله الأَدِيبُ، أخبرنا أبو بَكْر الإِسْمَاعِيلِيُّ، أخبرني الحَسَنُ بنُ سُفْيانَ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا جَرِيرٌ، قال: وأخبرنا أبو بَكْر، حدثنا عِمْرَانُ، حدثنا عثمانُ ابن أبي شَيْبَة، حدثنا جَرِيرٌ، عن مَنْصُور، عن إبراهيمَ، عن عَبِيْدَةَ السَّلْمَانِي، عن عبد الله، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:
قال: فَقَد رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ضَحِكَ حَتَّى بَدَت نَوَاجِذُهُ.
قال إبراهيم: فَكَان يُقَال: ذَلِك أَدْنَى أَهْلِ الجَنَّةِ مَنْزلًا.
رواه البخاري في الصحيح (2)، عن عُثمانَ ابن أبي شَيْبَة، ورواه مسلم (3)، عن عثمانَ، وإسحاق بن إبراهيم.
(1)«الأسماء والصفات» (باب ما جاء في الضحك)(3/ 1162)، وانظر رد محققه على تلك التأويلات.
(2)
صحيح البخاري (6571).
(3)
صحيح مسلم (186).
(659)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا ابن أبي إسحاق المُزَكِّي، قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يُوسُف، حدثنا علي بن الحَسَن ابن أَبي عِيسَى الهِلَالِيُّ، حدثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَال الأَنْمَاطِي، حدثنا حماد بن سَلَمَة، حدثنا ثَابِتٌ، عن أَنَسِ بنِ مَالِك، عن ابن مَسْعُودٍ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
«آخِرُ مَن يَدخُل الجَنة رَجُلٌ يَمشِي على الصِّرَاط، فهو يَمشِي مَرةً، ويَكْبُو مَرَّةً، وتَسْفَعُهُ النَّارُ مَرَّةً، فإذا جَاوَزَها، الْتَفَت إِلَيها فقال: تَبَارَك الذِي أَنْجَانِي مِنْك، لَقَد أَعطَانِي شَيئًا مَا أَعطَاهُ أَحَدًا مِن الأَوَّلِين والآخِرِين، فَيُرْفَع لَه شَجَرةٌ، فيقول: أَي رَبِّ، أَدْنِنِي مِن هَذه الشَّجَرة، فَلأَسْتَظِلُّ بِظِلِّها، وأَشْرَب مِن مَائِهَا، فيقول الله عز وجل له: يا ابنَ آدَمَ لَعَلِّي إِن أَعْطَيتُكَهَا تَسأَلْنِي غَيْرَها، فيقول: لا، أي رَبِّ، فَيُعَاهِده أَن لا يَسْأَله غَيرَها، فَيُدْنِيه مِنهَا، وَرَبُّه يَعْلَم أَنَّه يَفْعَل؛ لأنه يَرَى مَا لَا صَبْر لَه عَلَيه، فَيَسْتَظِلُّ بِظِلِّها، ويَشْرَبُ مِن مَائِها، ثم تُرفَع له شَجَرةٌ أُخرى هِي أَحْسَن مِن الأُولَى، فيقول: أي رَبِّ، أَدْنِنِي مِنهَا، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، ولا أسألك غيرها، ورَبُّه يَعْلَم أَنَّه سَيَفعَل وهو يَعْذِرُهُ؛ لأنه يَرَى ما لا صَبْرَ لَه عَلَيه، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، أَلَم تُعَاهِدني ألا تَسْأَلني غَيرَها؟ فيقول: بلى، أي رَبِّ، ولَكِن هَذِه، لا أَسْأَلك غَيرهَا، فيقول الله عز وجل: إِن أَدْنَيتُك، تَسْأَلْنِي غَيرَها، فَيُعَاهِده أَلَّا يَفْعَل، فَيُدنِيه منها، فَيَستظل بِظِلِّها، ويَشرب من مائها، ثم تُرفَع له شَجَرةٌ عِندَ بَابِ الجَنَّة هي أَحسن مِن الأُوْلَتَيْن، فيقول: أَي رَبِّ، أَدْنِنِي مِن هَذِه الشَّجَرة، فَلأستظل بِظِلِّها، وأشرب من مائها، فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم، ألم تُعَاهِدني أن لا تَسألني غيرها؟ فيقول: بلى، أي رب، هذه، لَا أَسْأَلُك غَيرَها، فيقول: لَعَلِّي إن أَدْنَيتُكَ
منها، تَسألني غَيرَها، فَيُعَاهِده أن لا يَفْعَل، وَرَبُّه يَعلَم أنه سيفعل، وَرَبُّه يَعِذُرُه؛ لأنه يَرَى مَا لا صَبرَ لَه عَلَيه، فَيُدْنِيهِ منها، فَيَسمع أَصْوَات
أَهلِ الجَنَّة، فيقول: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِيهَا، فيقول: يا ابن آدم ما يَصْرِينِي (1) مِنْك، أترضى أن أعطيك الدُّنيا ومِثْلَها مَعَها؟ فيقول: أي رَبِّ، أَتَسْتَهزِئُ بِي وَأنت رَبُّ العَالَمِين؟ فَضَحِكَ ابنُ مَسْعُود فقال: أَلا تَسْأَلُوني مِمَّ ضَحِكْتُ؟ قالوا: ومِمَّ ضَحِكْتَ؟ قال: هَكَذا فَعَل رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وضَحِكَ، فقال: ألا تَسْأَلونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ فقالوا: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قال: مِن ضَحِكِ رَبِّ العَالَمِين حِينَ قال: أَتَسْتَهْزِئُ بِي وأَنتَ رَبُّ العَالَمِين؟ فيقول: إني لا أَسْتَهزِئُ بِك، وَلَكِنِّي عَلى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ».
(660)
أخبرنا أبو محمد جَنَاحُ بنُ نَذِير بنِ جَنَاح القَاضِي -بالكوفة-، أخبرنا أبو جعفر بن دُحَيم، حدثنا أحمدُ بن حَازِم، حدثنا عبدُ الله بنُ محمد، حدثنا عَفَّانُ بنُ مُسْلِم، حدثنا حَمَّادُ بنُ سَلَمَة، فذكره بإسناده، ومعناه.
رواه مسلم في الصحيح (2)، عن عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة أبي بكر.
(661)
(3) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحَسَنُ بنُ عَلي بن عَفَّان العَامِرِيُّ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ نُمَيْر، عن الأَعْمَش ح 3) وأخبرنا أبو عبد الله الحَافِظُ، حدثنا أبو عبد الله الشَّيْبَانِي، حدثنا يَحْيَى بنُ محمد بنِ يَحْيَى، حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمَير، حدثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عن المَعْرُورِ بنِ سُوَيْد، عن أَبِي ذَرٍّ، قال: قال رسول الله
(1) في «ب» (يضرني)، وفي «ش» (يسرني)، والمثبت من «م» ، و «ث» ، و «ع» ، ومعناه: يقطع. يعني يقطع مسألتك.
(2)
صحيح مسلم (187).
(3)
(-3) ما بينهما سقط من «م» .
- صلى الله عليه وسلم:
ولَقَد رَأَيتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَت نَواجِذُهُ.
رواه مسلم في الصحيح (1)، عن محمد بن عبد الله بن نمير.
* * * * *
(1) صحيح مسلم (190).