الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع: منهجي في تحقيق الكتاب
فبعد أن وفقني الله عز وجل وحصلت على هذه النسخ الخمس والتي من خلالها غلب على ظني أني سأخرج الكتاب في صورة قريبة مما تركه عليه مؤلفه رحمه الله، نسخت الكتاب مستعينًا بالله تعالى، من نسخة المحمودية، مستأنسًا بنسخة تشستر بيتي، وقد عانيت جدا في النسخ منها لرداءة التصوير في مواضع كثيرة، وما أن وصلتني نسخة أحمد الثالث حتى تنفست الصعداء فقد أنقذني الله بها، لوضوحها وكمالها.
وبعد النسخ قابلت المنسوخ على جميع ما لدي من نسخ للكتاب، واكتفيت بذكر الفروق التي أرى أن لها تأثيرا في فهم النص، وتركت جملة من الفروق لم أذكرها لظني أنه لا حاجة للقارئ بذكرها.
ثم رقمت أسانيد الكتاب التي بلغت (1192) إسنادًا، وكذلك رقمت أبواب الكتاب والتي بلغت (73) بابًا سوى باب حديث الصور الطويل.
وضبطت أكثر الكتاب بالشكل، لاسيما الأنساب والأعلام التي يخطئ حتى المتخصصون في ضبطها، وإني لا أستحي إن قلت إن ضبطي لأعلام الكتاب وأنسابه يمكن لمن جاء بعدي أن يعتمد عليه، وقد اجتهدت في ذلك غاية الجهد ورجعت لأكثر المراجع في سبيل ذلك ولربما بِتُّ ليلتي في البحث عن ضبط نسبة لم تذكرها كتب الضبط، وقد يكون للنسبة ضبطان ثابتان فإني أذكرهما معًا كما في نسبة «البَِسطامي» فقد ذكر أنها بفتح الباء وبكسرها فأضع العلامتين كما هو مبين.
ثم خرجت الكتاب على الإسناد، فجاء تخريجي أشبه بتوثيق النص منه إلى التخريج، ولأني أخرج الإسناد على طبقاته فقد أقدم المصدر النازل
على المصدر العالي، لتعلق الأول بالإسناد، خلافا للثاني، فلا يُظَن بي أني قصرت في العزو، فقد أبدأ مثلا بالتخريج من كتاب الحاكم «المستدرك» أو بكتاب «المعرفة والتاريخ» للفسوي، ثم أثني بسنن الترمذي أو مسند أحمد أو أي مصدر أعلى من الذين بدأت بهما، ذلك لوجودهما في الإسناد، أو لأنهما يرويان من طريق راو جاء ذكره في الإسناد.
وقد أشرت في كثير من الأحيان إلى درجة الحديث من حيث الصحة والضعف وذلك من خلال ذكر أقوال أهل العلم من النقاد، والبيهقي رحمه الله قد تعرض لذلك في بعض المواطن.
وأخيرًا صنعت مجموعة من الفهارس الفنية التي تعين القارئ على الوصول لبغيته فصنعت فهرسًا للآيات وآخر للأحاديث والآثار وثالثًا لشيوخ الإمام البيهقي الذين روى عنهم في «البعث والنشور» ، ورابعاً للمصادر والمراجع التي اعتمدت عليها، وأخيرًا للموضوعات.
وإني لأحمد ربي حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وإن كان جهد الحمد لا يفي بشكر نعمة واحدة من نعمه، إذ وفقني لتحقيق هذا الكتاب ويسر لي السبيل إلى ذلك، وإني لا يسعني أن أغفل ذكر من أعان على ذلك فقد صح
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يَشْكُرُ اللهَ مَن لا يَشْكُر النَّاسَ» (1).
فأبدأ أولا بشيخي الكريمين:
الدكتور العلامة الشيخ أحمد معبد عبد الكريم، حفظه الله ورعاه، فهو صاحب المنهج والموجه الأول لهذا العمل، بل هو من كان يدفعني للعمل دفعًا، بالترغيب تارة وبالتوبيخ تارة، فجزاه الله عن المسلمين خيرا، وشيخي ووالدي الذي لم يلدني، الذي لولا أن مَنَّ اللهُ عليَّ صغيرًا بصحبته لما كنت عرفت قَبيلًا من دَبِير، الشيخ الإمام الذي ما رأيت مثله قط أبي إسحاق الحويني حفظه الله ورعاه، وشفاه وعافاه وأمد في الخير عمره ومتعه بالعافية والستر في الدنيا والآخرة، فلولاهما -بارك الله فيهما- بعد عناية الله عز وجل ما أُنْجِز هذا العمل ولا غيره من أعمال سابقة.
ثم على ترتيب العمل في هذا الكتاب أشكر أخي وصديقي الكريم أبي عمر عبد المحسن بن محمد فَهيم الذي عانى معي في النسخ من نسخة المحمودية، وغيرها.
وأخي الحبيب وصديقي وصفيي الأستاذ هشام بن إبراهيم الجَوْجَرِي، الذي ساعدني في النسخ أيضًا وفي المقابلة، وليس كتاب أحققه إلا وله علي يد في إخراجه، فأسأل الله تعالى أن يُهَيأ له من أمره رشدًا.
وأخيرًا أخي الكريم المتأدب بالأخلاق العالية محمد بن غالب الدمشقي الذي أنجز معي أكثر فهارس الكتاب، أسال الله تعالى أن يحفظه وأهله من كل سوء.
(1) اخرجه أبو داود (4811)، والترمذي (1954)، وقال صحيح.
وإنه لَمِن نَافِلَةِ القول أن أقول: إني لا أُسَلِّمُ نفسي عن خَطَإ أو زَلَل، ولا أَعْصِمُ قولي عن وَهَمٍ وخَطَل، فالفَاضِل مَنْ تُعدُّ سَقَطَاتُهُ، وتُحْصَى غَلَطَاتُهُ إلا بتوفيق اللهِ وعِصْمَتِه، والسَّالِم مِن ذلك كتابُ الله المَجِيد الذِي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 42].
واللهَ تَعَالى أسأل أَنْ يَجعلَ عَمَلِي هذا خالصًا لوجهه، وأن يجعل تحقيقي وعنايتي بكتابٍ «البعث والنشور» ، زادًا ليومِ البعث والنشور، وأَنْ يوفقني لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقني حبه، وأن يمتعني بالستر والعافية في الدين والدنيا والآخرة، {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 40 - 41]
والحمدُ لله أولًا وآخرًا ظاهرًا وباطنًا.
وكَتبهُ راجي عفو ربه الكريم
أبو عاصم الشَّوَامِي محمد بن محمود بن إبراهيم
في اليوم الثامن من شهر جمادى الآخر سنة ست وثلاثين وأربعمائة وألف
من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
* * * * *