المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌24 - باب ما جاء في القصاص يوم القيامة - البعث والنشور للبيهقي ت الشوامي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌الأول: التعريف بالكتاب

- ‌الثاني: أهمية الكتاب

- ‌الثالث: وصف النسخ الخطية

- ‌1 - نسخة المكتبة المحمودية

- ‌2 - نسخة مكتبة معهد الاستشراق بسان بطرس برج بروسيا

- ‌3 - نسخة مكتبة أحمد الثالث باستنبول- تركيا

- ‌4 - نسخة مكتبة الوزير الشهيد علي باشا- بتركيا

- ‌5 - نسخة مكتبة تستر بيتي بأيرلندا

- ‌الرابع: منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌الخامس: ترجمة الإمام البيهقي

- ‌ترجمة راويي الكتاب عن البيهقي

- ‌أولا: الإمام الفراوي

- ‌الثاني: أبو المعالي الفارسي

- ‌نماذج من صور المخطوطات

- ‌1 - بَابُ الإِيمَانِ باليَوم الآخِرِ

- ‌2 - بَابُ الإِيمَانِ بالبَعْثِ بَعْدَ الموتِ والحِسَابِ والجَنةِ والنارِ

- ‌3 - بَابُ لا يَعْلَمُ أحَدٌ مَتَى تَقَومُ السَّاعَةُ إلا الله عز وجل

- ‌4 - جِمَاعُ أبْوَابِ أشْرَاط السَّاعَةِ

- ‌5 - بَابُ انشِقَاق القَمَرِ

- ‌6 - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبهَا

- ‌7 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ الدابَّةِ

- ‌8 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ المَهْدِي عليه السلام

- ‌9 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ الدَّجَّالِ وصِفَتِهِ

- ‌10 - بَابُ خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ

- ‌11 - بَابُ خَبَرِ الجَسَّاسَةِ

- ‌12 - بَابُ نزُولِ عيْسَى عليه السلام

- ‌13 - بَابُ خُرُوجِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ

- ‌14 - بابُ ما جَاءَ فِي انقِضَاءِ الدُّنيَا والنفْخِ فِي الصُّورِ

- ‌15 - بَابُ الْمَحْشَرِ

- ‌16 - بَابُ كَيْفَ يُنشَرُ الناسُ، وكَيْفَ يُحْشَروُنَ إِلَى مَوْقِفِ الحِسَابِ

- ‌17 - باب قول الله عز وجل:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا

- ‌18 - باب قول الله عز وجل:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [

- ‌19 - باب قول الله عز وجل:{فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [

- ‌20 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

- ‌21 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)} [

- ‌22 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [الإسراء]

- ‌23 - بَابُ الْمِيزَانِ

- ‌24 - بَابُ مَا جَاءَ فِي القَصَاصِ يَوْمَ القِيَامَةِ

- ‌25 - بَابُ ما جَاءَ فِي الصِّرَاطِ وهُو جِسْرُ جَهَنم

- ‌26 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا

- ‌27 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِ

- ‌28 - بَابُ يَدخلُ الجنةَ سَبْعُونَ أَلفًا بِغيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ

- ‌29 - بَابُ إِثبَاتِ الشَّفَاعَةِ للمُصْطفَى صلى الله عليه وسلم، وقَولِ اللهِ عز وجل

- ‌30 - بابُ شَفَاعَةِ المُصْطفَى صلى الله عليه وسلم لأهلِ الجَمْع يَوْمَ القِيَامَة بَعْدَ طُولِ القِيَامِ لِيُريحَهُم اللهُ ́ مِن مَكَانِهِم ويُحَاسِبَهم

- ‌31 - بابُ إثباتِ النوْع الثاني مِن الشَّفاعةِ لِغَيْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌32 - بَابُ مَنْ يَشْفَعُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أو غَيْرُهُ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ تَعَالَي، ورُسُلِهِ وعِبَادِهِ، ومَنْ يُخْرِجُهُ اللهُ مِنَ النارِ بِرَحْمَتِهِ

- ‌ 33 - بَابُ قَولِهِ عز وجل:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} [الأنبياء]. مَعَ سَائِرِ مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَن أنكَرَ الشَّفَاعَةَ

- ‌34 - بَابُ قول اللهِ عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

- ‌35 - بابُ قولِ اللهِ عز وجل:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [

- ‌36 - باب قول الله عز وجل:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [

- ‌37 - بَابُ مَا جَاءَ في المُؤْمن يُفْدَى بالكَافِر، فَيُقَالُ هذا فِدَاؤُك من النار، والكافر لا يُؤْخَذُ منه فِدْية، ولا تَنفَعُهُ شَفَاعَةٌ

- ‌38 - بابُ مَا جَاءَ في آخِرِ مَن يَخْرُجُ مِنَ النارِ، ويَدْخُلُ الجَنةَ

- ‌39 - بابُ مَا جَاءَ فِي أصْحَابِ الأعْرَافِ

- ‌40 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَوْضِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌41 - بَابُ الإِيْمَانِ بالجَنةِ والنار

- ‌42 - بَابُ مَا يُسْتَدلُّ به عَلَى أنَّ الجَنةَ، والنارَ قَدْ خُلِقَتَا، وَأعِدَّتَا لأَهْلِهِمَا فَنسألُ اللهَ الجَنةَ، ونعُوذُ به مِنَ النارِ

- ‌43 - باب قول الله عز وجل:{وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)} [

- ‌44 - بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَىَ الجَنةَ، والنارَ، ورَأى فِي كُلِّ واحِدَةٍ منهُمَا بَعْضَ أَهْلِهَا، ومَا أعِدَّ لِبَعْضِ أَهْلِهَا، والمَعْدُومُ لا يُرَى، وأَخْبَرَ عَنْ مَصِيرِ أَرْوَاحِ أَهْلِهَا إِلَيْهَا قَبْلَ القِيَامَةِ، وغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خَلقِهِمَا

- ‌45 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي عَدَدِ الجِنان

- ‌46 - بَابُ مَا وَرَدَ في أَبوابِ الجَنةِ، ومَا يُقَالُ لأهلِهَا عِندَ دُخُولِهِم، وَمَا يَقُولُون

- ‌47 - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُرَفِ الجَنةِ

- ‌48 - بَابُ مَا جَاء فِي حَائِطِ الجَنةِ، وأَرْضِهَا، وتُرَابِهَا، وحَصْبَائِهَا

- ‌50 - بَابُ مَا جَاءَ فِي لِبَاسِ أَهْلِ الجَنةِ، وفُرُشِهِم، وسُرُرِهِم، وأَرَائِكِهِم، وخِيَامِهِم، وأَكْوَابهِم، وغَيرِ ذَلِك

- ‌51 - بابُ مَا جَاءَ فِي طَعَامِ أهْلِ الجَنةِ، وشَرَابِهِم، وفَاكِهَتِهِم، ومَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ أَطعِمَتُهُم

- ‌52 - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ حُورِ العِين، والوِلدَان، والغِلمَان

- ‌53 - بَابُ مَا جَاءَ فِي سُوقِ أَهْلِ الَجَنةِ

- ‌54 - بَابُ السَّمَاعِ فِي الجَنةِ، والتَّغَني بِذِكرِ اللهِ عز وجل

- ‌55 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)} [

- ‌56 - بَابُ أَول مَنْ يَدْخَلُ الجَنةَ، وَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الجَنةِ

- ‌57 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الجَنةَ، وَمَن يَكُونُ مِنْ أهْلِ الجَنةِ أَدنىَ مَنزِلَةً، وَمَن يَكُونُ مِنهُم أَرْفَع مَنزِلَةً

- ‌58 - باب قول الله عز وجل:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [

- ‌59 - باب قول الله عز وجل:{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} [

- ‌60 - باب قول الله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [

- ‌61 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَوْضِعِ الجَنةِ ومَوْضِعِ النارِ

- ‌62 - بَابُ مَا جَاءَ فِي عَدَدِ أَبوَابِ جَهَنمَ

- ‌63 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَزَنِةِ جَهَنمَ

- ‌64 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوْدِيَةِ جَهَنمَ

- ‌65 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَعْرِ جَهَنمَ ودَرَكَاتِهَا، وتَفَاوُتِ أهْلِهَا فِي عَذَابِهَا، ومَا وَرَدَ فِي أهْوَنِهِم عَذَابًا

- ‌66 - بَابُ مَا جَاءَ فِي شِدَّةِ حَرِّ جَهَنمَ، ومَا جَاءَ فِي وَقُودِ نَارِهَا وَشِدَّةِ بَرْدِ زَمْهَرِيرِهَا

- ‌68 - بَابُ مَا جَاءَ فِي طَعَامِ أهْلِ النارِ وشَرَابهِم

- ‌69 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَيَّاتِ جَهَنمَ وعَقَارِبهَا

- ‌70 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [

- ‌71 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل فِي المُجْرِمِينَ

- ‌72 - بَابُ دُعَاءِ أَهْلِ النارِ بِالوَيْلِ والثبُورِ والزَّفِيرِ والشَّهِيقِ وبُكَائِهِم

- ‌73 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ

- ‌الفهارس العامة

- ‌فهرس لأهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌24 - باب ما جاء في القصاص يوم القيامة

‌24 - بَابُ مَا جَاءَ فِي القَصَاصِ يَوْمَ القِيَامَةِ

قال الله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17]. وقال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43)} الآية [إبراهيم].

(370)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظُ، أخبرنا عبد الرحمن بنُ الحَسَن، حدثنا إبراهيم بن الحُسَين، حدثنا آدَمُ، حدثنا وَرْقَاءُ، عن ابنِ أَبي نَجِيْحٍ، عن مُجَاهِدٍ، في قوله:{مُهْطِعِينَ} يعني: «مُدِيْمِي النَّظَر» ، {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} يعني:«رَافِعِي رُؤُسِهم» (1).

(371)

قال: وحدثنا آدَمُ، حدثنا إِسْرَائِيلُ، عن أَبي إِسْحَاقَ، عن مُرَّة بن شَرَاحِيلَ، في قوله:{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} قال: «مُتَخَرِّقَة لا تَعِي شَيْئًا» (2).

(372)

أخبرنا أبو عبد الله الحَافِظُ، حدثنا أبو العَباس -هو الأَصَمُّ-، حدثنا يَحْيَى بنُ أبي طَالِبٍ، أخبرنا عبدُ الوَهَّاب بنُ عَطَاءٍ، أخبرنا سَعِيدٌ، عَن قَتَادَة، في قوله عز وجل:

{إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} قال: «شَخَصَتْ فِيه فَلا يَرْتَدُّ إِلَيْهِم» (3)، {مُهْطِعِينَ} «إلى الدَّاعِي، عَامِدِينَ إلى الدَّاعِي» (4)، {مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ}. قال:«الإِقْنَاعُ: رَافِعِي رُؤُسِهِم» (5)، {لَا

(1)«تفسير مجاهد» (ص 412، 413).

(2)

أخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي كما في «تفسير مجاهد» (ص 413)، وقد وقع في «تفسير مجاهد» هذا جملة من الأحاديث ليست عن مجاهد، وهذا منها.

(3)

أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (13/ 704)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.

(4)

أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (13/ 705)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.

(5)

أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (13/ 709)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.

ص: 284

يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} قال: «انْتُزِعَتْ قُلُوبُهُم حتَّى صَارَت فِي حَنَاجِرِهِم، لا تَخْرُجُ مِن أَفْواهِهِم، ولا تَرجِعُ إِلى أَمَاكِنِهَا» (1).

(373)

أخبرنا أبو عَلِي الحُسَينُ بنُ محمد الرُّوذْبَارِي، حدثنا أبو بَكْر مُحمدُ بنُ مَهْرَوَيْهِ بنِ عَبَّاس بنِ سِنَان الرَّازِي، حدثنا أبو حَاتِم الرَّازِي، حدثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ مُوسَى، أخبرنا الأَعْمَشُ، عَن شَقِيقِ بنِ سَلَمَة، عن عَبدِ اللهِ قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:

«أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَينَ النَّاسِ فِي الدِّمَاء، يَعْنِي يَومَ القِيَامَةِ» .

رواه البخاري في الصحيح (2)، عن عبيد الله بن موسى، وأَخرجَه مسلمٌ (3) من أَوْجُهٍ أُخَر، عَن الأَعْمَشِ.

(374)

أخبرنا أبو عبد الله الحَافِظُ، أخبرني إِسْمَاعِيلُ بن محمد بن الفَضْل بن محمد الشَّعْرَانِي، حدثنا جَدِّي، حدثنا إِسماعِيلُ بنُ أَبي أُوَيْس، حدثني مَالِك، عن المَقْبُرِي، عَن أَبي هُرَيْرَة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:

«مَن كَانَت لَه مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنهَا؛ فَإنه لَيسَ ثَمَّ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَن يُؤَخَذَ لأَخِيه مِن حَسَنَاتِهِ، فَإن لَم يَكُن لَه حَسَنَات، أُخِذَتْ مِن سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَت عَلَيْهِ» .

رواه البخاري في الصحيح (4)، عن إسماعيل بن أبي أويس.

(1) أخرجه ابن جرير الطبري في «التفسير» (13/ 713)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، به.

(2)

صحيح البخاري (6864).

(3)

صحيح مسلم (1678).

(4)

صحيح البخاري (6534).

ص: 285

(375)

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظُ، أخبرني أبو بَكْر بنُ عبدِ اللهِ، أخبرنا الحَسَنُ بنُ سُفْيَانَ، حدثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ ح قال (1): وأخبرني محمد بن عبد الله الجَوْهَرِيُّ، حدثنا محمدُ بنُ إِسحَاقَ، حدثنا عَلِي بنُ حُجْرٍ، قالا: حدثنا إسماعيلُ بن جَعَفر، عن العَلَاءِ، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيرة، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

«أَتَدرُونَ مَا المُفْلِسُ؟ قالوا: المُفْلِسُ فِينا مَنْ لا دِرْهَم لَه ولا مَتَاع، فقال: إِنَّ المُفْلِسَ مِن أُمَّتِي يَأْتِي يَومَ القِيامَة بِصَلاةٍ، وصَيامٍ، وزَكَاةٍ، ويأتي قَد شَتَم هذا، وقَذَفَ هذا، وأَكَل مَالَ هَذا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هذا مِن حَسَناتِهِ، وهَذا مِن حَسَناتِهِ، فَإن فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْل أَن يَقْضِيَ مَا عَلَيه؛ أُخِذَ مِن خَطَايَاهُم فَطُرِحَت عَلَيه، ثُم طُرِح فِي النَّارِ» .

رواه مسلم (2) في الصحيح، عن قتيبة، وابن حجر.

قال الشيخ (3): «ويَنْبَغِي أَن يُعْلَمَ أَنَّ سَيِّئَاتِ المُؤْمِنِ عَلى أُصُولِ أَهل السُّنَّةِ والجَمَاعَة مُتَنَاهِيةُ الجَزَاءِ، وحَسَناتِهِ غَيرُ مُتَنَاهِيَةِ الجَزَاءِ؛ لأنَّ مَع ثَوابها الخُلُود في الجِنَّة، فلا يَأْتِي مَا هُو مُتَنَاهِي عَلَى ما لَيْس بِمُتَنَاهٍ، فَعَلى هذا وَجْهُ هَذا الحَدِيثِ عِندي، واللهُ أعلَم، أَنَّهُ يُعْطَي خُصَمَاءُ المؤمن المُسِيء مِن أَجْر حَسَناته ما يُوازِي عُقُوبَة سَيئَاتِه، فإن فَنِيَت حَسناتُه -أي أَجر حَسناتِه- الذي قَابَل عُقُوبَةَ سَيئاتِه؛ أُخِذَ مِن خَطَايا خُصُومِه فَطُرِحَت عَلَيه، ثُم طُرِح فِي النَّارِ

(1) يعني شيخه الحاكم محمد بن عبد الله الحافظ.

(2)

في «م» (البخاري) والمثبت من «ب» ، و «ث» ، و «ش» وهو الصواب، وينظر صحيح مسلم (2581).

(3)

في «ب» (قال المصنف)، وفي «ش» (قال رضي الله عنه.

ص: 286

إنْ لَم يُعْفَ عنه، حتى إذا انتهت عقوبةُ تلك الخطايا، رُدَّ إلى الجَنَّة بِمَا كُتِبَ لَه من الخُلُودِ فيها بِإيمَانِهِ، ولا يُعْطَى خُصَمَاؤُهُ مَا زَادَ مِن أَجْرِ حَسنَاتِهِ عَلَى مَا قَابَل عُقُوبةَ سَيئاتِهِ؛ لأنَّ ذَلك فَضْلٌ مِنَ اللهِ عز وجل، يَخُصُّ بِه مَن وَافَى القِيامَةَ مُؤمِنًا، واللهُ أعلم، وقَد ذَكرنا في كِتَابِ الجَامِع (1) مع ما يَتَّصلُ بِه».

(376)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظُ، أخبرني أبو بَكر بن عبد الله، أخبرنا الحَسَنُ بن سُفيانَ، حدثنا قُتَيبةُ بنُ سَعِيد، حدثنا إسماعيلُ بنُ جَعْفَر، عن العَلاءِ، عن أَبِيهِ، عن أبي هُرَيرة، أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:

«لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إلى أَهْلِهَا يَومَ القِيَامَة، حتى يُقَادَ لِلشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ» .

رواه مسلم في الصحيح (2)، عن قتيبة بن سعيد.

(377)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ (3)، أخبرني أبو عَبد الله محمدُ بنُ عَلي الصَّنْعَانيُّ -بمكة-، حدثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ بنِ عَبَّادٍ، أخبرنا عبدُ الرَّزَّاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن جَعْفَر الجَزَرِي، عن يَزِيدَ بن الأَصَم، عن أَبي هريرة في قوله عز وجل:{أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: 38] قال: «يُحْشَرُ الخَلْقُ كُلُّهُم يَومَ القِيامَةِ: البَهَائِمُ والدَّوَابُّ والطَّيْرُ، وكُلُّ شَيءٍ، فَيَبلُغ مِن عَدْلِ اللهِ عز وجل أَنْ يَأْخُذَ لِلجَمَّاءِ مِنَ القَرْنَاءِ، ثُم يَقُول: كُونِي تُرَابًا، فَذَلِك حِينَ يَقُولُ الكَافِرُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا» .

(1)«الجامع لشعب الإيمان» (1/ 176 ح 33).

(2)

صحيح مسلم (2582).

(3)

«المستدرك» (3231)، وقال الحاكم:«جَعفر الجَزَري هذا هو ابن برقان، قد احتج به مسلم وهو صحيح على شرطه ولم يخرجاه» ، ووافقه الذهبي.

ص: 287

(378)

أخبرنا أَبُو بَكْر ابنُ فُوْرَك، أخبرنا عبدُ اللهِ بن جَعفَر، حدثنا يُونُس بن حَبِيبٍ، حدثنا أَبُو دَاوُدَ (1)، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا الأَعْمَشُ، قال: سمعتُ مُنْذِرًا الثَّوْرَيَّ يُحَدِّثُ عَن أَصحَابٍ لَه، عَن أَبِي ذَرٍّ قال: رَأَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَاتَينِ تَنْتَطِحَان قَال:

«يَا أَبَا ذَر، أَتَدْرِي فِيمَ يَنْتَطِحَان؟ قُلتُ: لَا، قَالَ: ولَكِنَّ رَبَّكَ يَدْرِي وسَيَقْضِي بَيْنَهُمَا يَومَ القِيَامَة» .

(379)

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظُ، وأبو بَكر القَاضِي قالا: حدثنا أبو العَبَّاس -هو الأَصَمُّ-، حدثنا السَّرِيُّ بنُ يَحْيَى، حدثنا قَبِيْصَةُ، حدثنا شَرِيْكٌ، عن سَعيدِ بنِ مَسْرُوقٍ، عَن عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عَبَّاس، {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5)} [التكوير] قال:«حَشْرُهَا: مَوْتُهَا» . قال (2): وقال الرَّبِيعُ: «أَتَى عَليها أَمْرُ الله عز وجل» .

كذا قال، والحَديثُ المَرفُوع مَع المَوقُوفِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَة أَوْلَى، ومَعهُمَا حَديثُ أَبِي ذَرٍّ.

(380)

أخبرنا أبو طَاهِر الفَقِيه، أخبرنا أبو بَكْر مُحمدُ بنُ الحُسَين القَطَّان، حدثنا أبو الأَزْهَر، حدثنا محمدُ بن عبدِ اللهِ الأَنْصَارِي، حدثنا محمدُ ابنُ عَمرو، عن يحيى بن عبد الرَّحمَن، عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْر، عن الزُّبَيْر (3) قال: لَمَّا نَزَلَت هَذِه الآيَة عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (31)} [الزمر]. قال: قال الزُّبَير: يَا

(1)«مسند أبي داود الطيالسي» (482).

(2)

قوله (قال) يعني سعيد بن مسروق، والربيع: هو بن خُثَيم. وينظر «تفسير ابن جرير الطبري» (24/ 136)، وراجع حديث (323).

(3)

قوله (عن الزبير) ليست في «ث» ، و «ش» والمثبت من «م» ، «ب» .

ص: 288

رَسُولَ اللهِ، أَيُكَرَّرُ عَليْنا مَا كَانَ بَيْنَنا في الدُّنيا مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ؟ قال:

«نَعَم، لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيكُم، حَتَّى تُؤَدُّوا إِلى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ» .

قال الزُّبَيرُ: واللهِ إِنَّ الأَمَرَ لَشَدِيدٌ (1).

(381)

أخبرنا أبو طَاهِر الفَقِيه، أخبرنا حَاجِبُ بنُ أَحمدَ الطُّوسِيُّ، حدثنا محمدُ بنُ حَمَّادٍ، حدثنا محمدُ بنُ الفَضْلِ، عَن الهَجَرِي، عَن أَبِي الأَحْوَص، عَن عَبدِ اللهِ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

«إِنَّ الشَّيْطَانَ قَد يَئِسَ أَن تُعْبَدَ الأَصْنَامُ بِأَرضِ العَرَبِ، ولَكِن سَيَرْضَى مِنْكُم بِمَا هُو دُونَ ذَلِك، بِالْمُحَقِّرَاتِ وهِي المُوبِقَات، فَاتَّقُوا الظُّلْمَ مَا اسْتَطَعْتُم؛ فَإنَّ العَبدَ لَيَجِيءُ بِالحَسَناتِ الكَثِيرَة يَومَ القِيَامَة، فَيرَى أَنَّهُنَّ سَيُنْجِينَهُ، فَمَا يَزَالُ عَبْدٌ يَجِيءُ فَيقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّ فُلَانًا ظَلَمَنِي بِمَظْلَمَةٍ، فيقول: امْحُ مِن حَسَنَاتِهِ، فَما يَزَال كَذَلِكَ حَتَّى مَا يَبْقَي

لَه مِن حَسَنَاتِهِ شَيْئًا، وإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ سَفْرٍ نَزَلُوا بِفَلَاةٍ مِن الأَرْضِ لَيس مَعَهُم حَطَبٌ، فَتَفَرَّقَ القَومُ فَحَطَبُوا، فَلَم يَلْبَثُوا أَنْ أَعْظَمُوا نَارَهُم، وصَنَعُوا مَا أَرَادُوا، وكَذَلِكَ الذُّنُوبُ» (2).

(382)

وأخبرنا أبو زَكَرِيَّا بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّاب، أخبرنا جَعْفَرُ بنُ عَوْن، أخبرنا إِبْرَاهِيمُ الهَجَرِيُّ، عن أبي الأَحْوَص، عن عَبْدِ اللهِ، رَفَعَهُ قال:

«إِنَّ الشَّيطانَ قَد أَيِسَ» فذكر مَعْنَاهُ.

(1) أخرجه أحمد (1434)، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة الليثي.

(2)

أخرجه الحميدي (98)، عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق إبراهيم الهجري، به بنحوه.

ص: 289

(383)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يعقوبَ، حدثنا محمد بن إسحاقَ، أخبرنا رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ، حدثنا شُعبة، حدثنا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وخَالِدٌ الحَذَّاءُ، قالا: سَمعنا أَبا عُثمانَ، عن سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ، وسعدِ بنِ مَالِك، وحُذَيفةَ بنِ اليَمَان، وعبدِ اللهِ بنِ مَسعُودٍ، حتى عَدَّ سِتَّةً أو سَبْعَةً من أَصحابِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قالوا:«إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ لَهُ يومَ القِيامَةِ صَحَيفَتُهُ حتى يَرى أَنَّه نَاجٍ (1) فَمَا تَزالُ مَظَالِمُ بَنِي آدَمَ تَتْبَعُهُ حتَّى مَا تَبْقَى لَه حَسَنَةٌ ويُحْمَلُ عَليهِ مِن سِيئَاتهِمِ» (2).

(384)

أخبرنا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بِشْرَان، أخبرنا أبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، حدثنا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا يزيدُ بن هَارون، أخبرنا هَمَّام بن يَحيى، عن ابنِ عبدِ الوَاحِد المَكِّيِّ، عن عبد الله بنِ محمدِ بنِ عَقِيلٍ، عن جَابِر بن عبدِ الله، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:

«أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ، فَهو عَاهِرٌ» (3).

قال: وبَلَغَني حديثٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم لم أَسْمَعْهُ (4)، فَابْتَعتُ بَعِيرًا فَشَدَدتُّ عليه رَحْلي وسِرتُ شَهرًا، حتى قَدِمْتُ الشَّام، فَأتيتُ عَبدَ الله بن أُنَيْسٍ، فقلت

(1) قوله «ناج» كتبها في حاشية «م» بخط مغاير لخط الناسخ، وفي حاشية «ث» كتبها «ينجو» وصحح فوقها بخط مغاير أيضًا، وسقطت من «ش» ، و «ب» .

(2)

أخرجه الحاكم في «المستدرك» (2268)، (8714)، بإسناد آخر من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن خالد الحذاء وحده، به. قلت: وأبو عثمان هو النهدي الكوفي واسمه عبد الرحمن بن مَل.

(3)

أخرجه أحمد (15092)، عن يزيد بن هارون، به. وابن عبد الواحد هو القاسم المكي قال الحافظ: مقبول، وأخرجه أبو داود في «السنن» (2078)، والترمذي (1111)، (1112)، من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، به.

(4)

قوله: (لم أسمعه) في «ث» (في القصاص لم أكن أسمعه) وقد كتبها في الحاشية وصحح فوقها، وفي «ش» (لم أسمعه منه).

ص: 290

للبَوَّابِ: قُل لَه جَابِرٌ عَلى البَاب، فأتاه، فقال: جَابرُ بنُ عَبدِ اللهِ؟ فَأَتاني، فقال لي، فقلتُ: نَعم، فَرجَع فَأَخْبَره، فقامَ يَطَأ ثَوْبَه حتى لَقِيَني، فَاعْتَنَقَنِي واعْتَنَقْتُهُ، فقلتُ: حَديثٌ بَلَغَني عَنك سَمِعتَه مِن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في القَصَاصِ، لَم أَسْمَعْهُ، فَخَشِيتُ أَن تَمُوتَ، أو أَمُوتُ قَبل أَن أَسْمَعَهُ، فقال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:

«يَحشُرُ اللهُ العِبادَ، -أو قال: النَّاسَ- عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قَال قُلنا: ما بُهْمًا؟ قال: لَيس مَعهُم شَيءٌ، ثُم يُنادِيهم رَبُّهُم بِصوتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ كَما يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ، أَنا المَلِكُ أَنَا الدَّيَّانُ، لا يَنبغِي لأَحَدٍ مِن أَهلِ الجَنَّةِ أَن يَدخُلَ الجَنَّةَ ولِأَحَدٍ مِن أَهل النَّارِ عِندَه مَظْلَمَةٌ، ولا يَنبغِي لأحَد مِن أَهلِ النَّار أَنْ يَدخلَ النَّارَ ولأَحدٍ مِن أَهلِ الجَنَّةِ عِندَه مَظلمَة، حتى أَقْضِه مِنْهُ حَتَّى الَّلطْمَة، قُلْنا: كَيف، وإِنَّما نأتي اللهَ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا؟ قال: الحَسَناتُ والسِّيئَاتُ» (1).

(385)

وأخبرنا أبو عبد الله الحافظُ (2)، أخبرنا أبو العَبَّاس محمدُ بن أَحمدَ المَحْبُوبِيُّ -بِمَرْو-، حدثنا سَعيدُ بنُ مَسعُودٍ، حدثنا يَزيدُ بن هَارُون، أخبرنا هَمَّامُ بنُ يَحْيَى، عن القَاسِم بن عبدِ الوَاحِد، عن عَبد الله بن محمد بن عَقِيْلٍ، عن جَابِرِ بنِ عَبدِ الله قال:«بَلَغنِي حديثٌ عَن رَجُلٍ من أَصْحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، سَمِعَهُ مِن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في القَصَاصِ لَمْ أَسْمَعْهُ» فذكر الحديثَ بِنَحْوِه، وزَادَ في آخِرِه قال:«وتَلا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17]» .

(1) أخرجه أحمد (16042)، عن يزيد بن هارون، به. وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (970)، من طريق همام، به.

(2)

«المستدرك» (3638).

ص: 291

قال الشيخ الإمام (1): وقوله: «بِصَوْتٍ» لَم تَثْبُت بِإسْنَادٍ يَكونُ حُجَّةً بانْفِرَادِهِ، والأَشْبَه أَنْ يَكُونَ المُرادُ بِه نِدَاءٌ يَلِيقُ بِصِفَاتِ اللهِ تَعَالى، ويُحْتَمَلُ أَن يَأْمُرَ بِهِ مَلَكًا، فَيكُونُ الصَّوتُ مُضَافًا إلى المَلَك في الحَقِيقَةِ، وأُضِيفَ إلى اللهِ تَعَالَى في هَذِه الرِّوَايَة لأَنَّه بِأَمْرِهِ كَانَ، والله أعلم (2).

(386)

أخبرنا أبوالحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ المُقْرِئُ، حدثنا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، حدثنا يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي بَكْرٍ، حدثنا زَائِدَةُ بنُ أَبِي الرُّقَادِ، حدثنا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، عن أَنَس بنِ مَالِك، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

«الظُّلْمُ ثَلَاثَةٌ: فَظُلْمٌ لا يَغْفِرُهُ اللهُ عز وجل، وظُلْمٌ يَغْفِرُهُ، وظُلْمٌ لا يَتْرُكُهُ اللهُ عز وجل، فَأمَّا الظُّلْمُ الذي لا يَغْفِرُهُ اللهُ؛ فَالشِّرك، قال الله عز وجل:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)} [لقمان]، وأَمَّا الظُّلْمُ الذِي يَغْفِرُهُ اللهُ فَظُلْمُ العِبَادِ أَنْفُسَهَم فِيمَا بَيْنَهُم وبَين رَبِّهِم، وأَمَّا الظُّلْمُ الذِي لا يَتْرُكُه؛ فَظُلْمُ العِبَادِ بَعْضَهَم بَعْضًا، حتى

(1) قوله: (قال الشيخ الإمام) أثبته من «ش» فقط.

(2)

هذا الحديث كما مَرَّ آنفًا أخرجه أحمد (16042)، وقد حسنه محققه الشيخ شعيب الأرنؤوط، وأخرجه البُخَاري في «خلق أفعال العباد» (59)، وفي «الأدب المفرد» (970)، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وكذلك أخرجه المصنف في «الأسماء والصفات» (606)، وغيرهم، وقد حسن الحافظ في الفتح قصة الارتحال والتي أخرجها البخاري معلقة بصيغة الجزم (1/ 209 - فتح). هذا وقد تكلف البيهقي رحمه الله في تضعيف سند هذا الحديث لينفي صفة الصوت، وكذلك فعل في الأسماء والصفات عند روايته لهذا الحديث، وينظر كلام الإمام ابن القيم رحمه الله في «الصواعق المرسلة» (469 - مختصره) على هذا الحديث والرد على من ضعفه لينفي صفة الصوت عن رب العالمين، قلت: وقد أخرج المصنف هنا حديث رقم (333)، وفي أوله:«يَقُولُ اللهُ عز وجل: يا آدَمُ، قُم فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ» أخرجه مسلم، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ

» الحديث.

ص: 292

يَدِينَ بَعْضهُم مِن بَعْضٍ» (1).

هذا إسنادٌ غَيرُ قَويٍّ، وَرُوِي مِن وَجْهٍ آخَر غَيرِ قَوِي، عَن أَنَس.

(387)

أخبرناه أبُو بَكر ابنُ فُورَك، أخبرنا عبدُ الله بن جَعْفَر، حدثنا يُونُس بنُ حَبِيب، حدثنا أبو دَاوُد (2)، حدثنا الرَّبيعُ -وهو ابنُ صُبَيْحٍ-، عن يَزِيدَ، عَن أَنَسٍ، قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

«الظُّلْمُ ثَلاثَةٌ: فَظُلْمٌ لا يَتْرُكُه اللهُ، وظُلْمٌ يُغْفَرُ، وظُلْمٌ لا يُغْفَرُ، فَأَمَّا الظُّلْمُ الذي لا يُغْفَرُ فَالشِّركُ، لا يَغْفِرُهُ اللهُ، والظُلْمُ الذي يُغْفَرُ فَظُلْمُ العَبْدِ فِيمَا بَيْنَه وبَيْنَ رَبِّهِ، وأَمَّا الذِي لا يُتْرَكُ، يَقُصُّ اللهُ بَعْضَهُم مِن بَعْضٍ» .

ورواه أَيضًا صَدَقَةُ بنُ مُوسَى، عَن أَبي عِمْرَانَ الجَوْنِي، عن يَزِيدَ بن بَابَنُوس، عَن عَائِشَة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم مَرفُوعًا (3).

وقد رُوِي عَن بَعْضِ التَّابِعِينَ.

(388)

أخبرنا أبو الحُسَين ابنُ بِشْرَان، أخبرنا إسماعيلُ بنُ محمد الصَّفَّار، حدثنا أحمدُ بنُ منصُور، حدثنا عبدُ الرَّزَّاق، أخبرنا مَعْمَرٌ (4)، عَن الحَسَن وقَتَادَةَ:«الظُّلمُ ثَلاثَةٌ: ظُلْمٌ لا يُغْفَر، وظُلْمٌ لا يُتْرَك، وظُلْمٌ يُغْفَر، فأمَّا الظُّلْمُ الذِي لا يُغْفَر، فَالشِّرك، وأمَّا الظُّلْمُ الذِي لا يُتْرَك، فَظُلمُ النَّاسِ بَعْضَهُم بَعْضًا، وأما الظلم الذي يُغْفَر، فَظُلم العَبْدِ نَفْسَه فِيمَا بِينَه وبَين رَبِّهِ» .

(1) أخرجه البزار (3439 - كشف الأستار) من طريق زائدة بن أبي الرقاد، به، وقال الحافظ عنه: منكر الحديث.

(2)

«مسند أبي داود الطيالسي» (2223).

(3)

أخرجه أحمد (26031)، عن يزيد بن هارون، قال أخبرنا صدقة بن موسى، به. ولفظه «الدَّوَاوِينُ عِنْدَ اللهِ عز وجل ثَلَاثَةٌ: دِيوَانٌ لَا يَعْبَأُ اللهُ بِهِ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَتْرُكُ اللهُ مِنْهُ شَيْئًا، وَدِيوَانٌ لَا يَغْفِرُهُ اللهُ

» وقد ضعفه محققو المسند لضعف صدقة بن موسى.

(4)

«جامع معمر-الملحق بمصنف عبد الرزاق-» (20276).

ص: 293

قال الشَّيخُ: وقوله: «ظُلْمٌ لا يُتْرَك» المراد به -واللهُ أَعلم-: لا يُترَكُ حتَّى يُثَابَ المَظْلُومُ عَلى ما نِيْلَ مِنْهُ، ثُمَّ قَد يَكونُ ذَلِك بَأَخْذِ مِقْدَارِه مِن ثَوابِ حَسَناتِ الظَّالِم، أو يُوضَع مِقْدَارُه مِن جَزاءِ سَيئاتِه عَلَيه، وقد يَرْحَم اللهُ تعالى بِفَضْلِهِ وسَعَةِ رَحْمَتِه الظَّالِمَ والمَظْلُومَ، إذا كَانَا مُؤمِنَيْنِ، فَيُثِيب المَظْلُومَ خَيْرًا مِن مَظْلَمَتِهِ، ويَغْفِرُ للظَّالِم ظُلْمَه، قال الله عز وجل {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]. ورَدَّ الأَمرَ فِيمَا دُونَ الشِّرك إلى مَشِيئَتِهِ، يَفْعلُ اللهُ مَا يَشَاء، ويَحْكُمُ ما يُرِيد.

(389)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أَبُو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانيُّ، حدثنا عَفَّانُ، حدثنا يَزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، حدثنا سَعِيدٌ في قوله عز وجل:{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الأعراف: 43] قال: حدثنا قَتَادَةُ، حدثنا أبو المُتَوَكِّل النَّاجِي، أَنَّ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ حَدَّثَهُم قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:

«يَخْلُصُ المُؤْمِنُونَ مِنَ النَّارِ، فَيُحْبَسُونَ عَلَى قَنْطَرَةٍ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ مَظَالِمُ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا هُذِّبُوا وَنُقُّوا أُذِنَ لَهُمْ فِي دُخُولِ الجَنَّةِ، قال: والذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَحَدُهُم أَهْدَى إِلى مَنْزِلِهِ في الجَنَّةِ بِمَنْزِلِه كَان في الدُّنْيَا» .

قال قتادة: وقال بَعْضُهُم مَا يُشَبَّه بهم، إِلَّا أَهْلِ الجُمُعَة انْصَرفُوا مِن جُمْعَتِهِم.

رواه البخاري في الصحيح (1)، عن الصَّلْت بنِ محمد، عن يَزِيدَ بنِ زُرَيْعٍ.

(1) صحيح البخاري (6535).

ص: 294

(390)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرنا أبو بَكرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حدثنا إِسْحَاقُ بنُ الحَسَنِ الحَرْبِيُّ، حدثنا حُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا شَيْبَانُ، عن قَتَادَةَ، حدثنا أَبو المُتَوَكِّل، حدثنا أبو سَعِيدٍ ح وأخبرنا أَبُو عَمرٍو مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَدِيبُ، أخبرنا أَبُو بَكرٍ الإِسْمَاعِيلِيُّ، أَخبرني عِمْرَانُ بنُ موسى، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدثنا مُعَاذُ بنُ هِشَام، حدثني أَبِي، عَن قَتَادَة، عن أَبي المتوكِّل النَّاجِي، عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إِذَا خَلَصَ المُؤمِنُونَ مِن جِسْرِ جَهَنَّمَ، حُبِسُوا عَلَى قَنْطَرَةٍ بَينَ الجَنَّةِ والنَّارِ، يَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَت بَيْنَهُم في الدُّنْيَا، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا، أُذِنَ لَهُم بِدُخُولِ الجَنَّةِ، فَوالذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَهُم أَعْلَمُ بِمَنَازِلِهم فِي الجَنَّةِ مِنْ مَنَازِلِهم في الدُّنْيَا» .

رواه البخاري في الصحيح (1)، عن إسحاق، عن معاذ بن هشام، قال: وقال يونس بن محمد، حدثنا شيبان.

(391)

أخبرنا أبو الحُسَين محمدُ بن الحُسَين بن محمد بن الفَضْل القَطَّان -ببغداد-، أَخبرنَا عبدُ اللهِ بن جَعْفَر بن دَرَسْتُوَيْهِ، حدثنا يَعقُوبُ بنُ سُفْيَان (2) ح وأخبرنا أبو طَاهِر الحُسَين بن علي بن الحَسَن بن محمد بن سَلَمَة الهَمَذَاني -بها-، أخبرنا أبو العَبَّاس الفَضلُ بنُ الفَضْلِ بنِ العَبَّاس الكِنْدِي، حدثنا أبو خَلِيفَةَ الفَضْلُ بنُ الحُبَاب الجُمَحِي قالا: حَدَّثنا أَبو الوَلِيد هِشَامُ بنُ عَبدِ المَلِك، حدثنا عَبدُ القَاهِر بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ، حدثني ابنٌ لِكِنَانَةَ (3) بن عَبَّاس بنِ مِرْدَاس السُّلَمِي، عن أَبِيهِ، عن جَدِّهِ عَبَّاس بن مِرْدَاس،

(1) صحيح البخاري (2440).

(2)

«المعرفة والتاريخ» (1/ 295).

(3)

في «م» (الكنانة).

ص: 295

أَنَّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَة لِأُمَّتِهِ بِالمَغْفِرَةِ والرَّحْمَةِ، فَأَكْثَرَ الدُّعَاءَ، فَأَجَابَه اللهُ عز وجل أَنِّي قَدْ فَعَلْتُ، إِلَّا ظُلْم بَعْضِهِم بَعْضًا، فَأَمَّا ذُنُوبهم فِيمَا بَيني وبَيْنَهم فَقَد غَفَرْتها، قال: أَيْ رَبِّ، إِنَّكَ قَادِرٌ أن تُثِيبَ هَذَا المَظلُوم خَيرًا مِن مَظْلَمَتِهِ، وتَغفر لِهذَا الظَّالِم، فَلم يُجِبْهُ تِلك العَشِيَّة، فَلَمَّا كَانَ غَدَاة المُزْدَلِفَة أَعَادَ الدُّعَاءَ، فَأجَابَه الله عز وجل قَد غَفَرتُ لَهُم، ثم تَبَسَّم رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال لَه بَعضُ أَصْحَابِهِ: يا رسول اللهِ، تَبَسَّمتَ في سَاعَة لَم تَكُن تَبَسَّم فيها، فقال: تَبَسَّمتُ مِن عَدُوِّ اللهِ إِبْلِيسَ؛ إِنَّه لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللهَ قَد اسْتَجَابَ لِي في أُمَّتِي، أَهْوَى يَدعُوا بِالْوَيْلِ والثُّبُورِ، ويَحْثُوا التُّرابَ عَلَى رَأْسِهِ» (1).

لَفْظُ حَدِيثِهِمَا سَوَاءٌ.

قال الشَّيخُ: ويُحْتَمَل أن تكونَ الإجابةُ إلى المَغْفِرَة بعد أن يُذيقَهُم شَيئًا من العَذابِ، دُونَ الاسْتِحْقَاق، فَيكون الخَبَرُ خَاصًّا في وَقتٍ دُونَ وَقْت، ويُحْتَمَل أَنْ تَكُونَ الإجَابَةُ إلى المَغْفِرَةِ لِبَعْضِهِم، فيكون الخَبر خَاصًّا في قَوْمٍ دونَ قَوْم، ثُم مَنْ لا يَغْفِر له يُذِيقه مِنَ العَذَاب بِما كَسَب، ويُحْتَمَل أَنْ يكونَ عَامًّا، ونَصُّ الكِتَابِ يَدُلُّ عَلى أَنَّه مُفَوَّضٌ إِلى مَشِيئَةِ اللهِ حَيثُ قال:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، فلا ينبغي لمسلمٍ أَن يَغُرَّ نَفسَه، فَإنَّ المَعْصِيةَ شُؤْمٌ، وخِلاف الجَبَّارِ في أَوَامِرهِ ونَوَاهِيهِ عَظِيمٌ، وأَحَدُنا لا يَصْبِر عَلى حُمى يَوم، أَو وَجَعِ سَاعَة، فَكيفَ يَصبر عَلى عَذَابٍ أَلِيم وعِقَابٍ شَدِيد، لا يَعلمُ وَقْتَ نهايَتِه إلا اللهُ، وإن كان قَد وَرَد خبر الصَّادِقِ بِنهايته دُون بَيانِ وَقْتِهِ، مَتى مَا كان مؤمنًا، وبالله التوفيق.

(1) أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (7/ 214)، عن أبي خليفة الفضل ابن الحباب، به .. وأخرجه أبو داود (5234)، عن أبي الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأخرجه ابن ماجه (3013)، من طريق عبد القاهر، به.

ص: 296

وأَمَّا الحَديثُ الصَّحيحُ عن أَبي سَعيد الخُدري في الاقْتِصَاص، فَإِنَّه يُحتمل أن يكون قوله:«حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبُوا» يريدُ به -والله أعلم- حتى إذا هُذِّبوا ونُقُّوا بِأَن يَرضَى عَنهم خُصَمَاؤُهُم، ثُم رِضَاهُم عَنهم قَد يَكونُ بالاقتصاص، على ما مضى في حديث أبي هريرة، وقَد يكون بِأن يُثِيبَ الله المظلومَ خَيرًا مِن مَظْلَمتِهِ، ويَغفر لِلظَّالِم، كَما مَضَى في حديث العَبَّاس بن مِرْدَاسٍ، والله أعلم.

وكان محمد بن إسماعيل البُخَاري رحمه الله يُضَعِّف إِسنادَ حَديثِ العَبَّاس ابنِ مِردَاس جِدًّا، ويقول: لا يَصِحُّ حَدِيثُهُ في قِصَّة يَومِ عَرَفة، بَاطِل (1).

(392)

أخبرنا أبو بَكر محمد بنُ الحَسَن بن فُوْرَك، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يُونُسُ بنُ حَبِيبٍ، حدثنا أبو داودَ الطَّيَالِسِيُّ (2)، حدثنا صَدَقةُ بن موسى حدثنا أبو عِمْرَان الجَوْنِي، عن زَيد بن قَيس، أو قَيس بن زَيد، عن قَاضِي المِصْرَيْن شُرَيحٍ، عن عبد الرحمن بن أَبي بَكر الصِّدِّيق، أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَدعُو صَاحِبَ الدَّيْن يَومَ القِيَامَة، فيقول: يا ابنَ آدَم فِيمَا أَضَعْتَ حقوقَ النَّاسِ، فِيمَا أَذْهَبْتَ أمَوالَهُم؟ فيَقول: يَا رَبِّ لَم أُفْسِد، ولَكنِّي أُصِبْتُ إِمَّا غَرَقًا، وإِمَّا حَرَقًا، فيقول: أَنا أَحَقُّ مَن قَضَى عَليك اليوم، فَتَرجُحُ حَسَنَاتُهُ عَلى سَيئاتِهِ، فَيُؤْمَر بِه إِلى الجَنَّة» (3).

(393)

أخبرنا أبو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَين العَلَويُّ، أخبرنا أبو

(1) ينظر «كتاب الضعفاء» للعقيلي (5/ 165).

(2)

«مسند الطيالسي» (1423).

(3)

أخرجه أحمد (1707)، (1708)، من طريق صدقة بن موسى، به

بنحوه.

ص: 297

الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مَحْمُودٍ الدَّقَّاقُ -إملاءً-، حدثنا الحُسَين بن الفَضْل البَجَلِي ح وأخبرنا عَلِيُّ بنُ أحمدَ بنِ عَبْدَانَ، أخبرنا أحمدُ بن عُبَيد الصَّفَّار، حدثنا محمد بن الفَرَج الأَزْرَق قالا: حدثنا عبدُ الله بنُ بَكر السَّهْمِي، حدثنا عَبَّادُ بن شَيْبَةَ الحَبَطِيُّ، عن سَعيد بنِ أَنَس، عَن أَنَسٍ، عَن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قال: بَيْنَما رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ إِذْ رَأَيْنَاه ضَحِكَ حَتَّى بَدَت ثَنَايَاه، فَقال عُمَرُ: مَا يُضْحِكُكَ يا رسولَ اللهِ -بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي-؟ قال:

«رَجُلان جَثَيا مِن أُمتي بَين يَدَي رَبِّ العِزَّة، فقال أحدهما: يَا رَبِّ، خُذ لي مَظلَمتي مِن أَخِي، فقال اللهُ -تعالى-: اعْط أَخاك مَظلمَتَه، فقال: يا رب لَم يَبْق مِن حَسناتي شَيءٌ، فقال اللهُ -تعالى- للطَّالِب: كَيف تَصنع ولَم يَبق مِن حَسناتِه شَيء؟ قال: يَا رب، يَتَحمَّل عَنِّي مِن أَوزَارِي، قال: وفَاضَت عَيْنا رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالبُكاءِ، ثم قال: إِنَّ ذَلِك يَومٌ عَظِيم، يوم يَحتاجُ النَّاس إلى أن يُحْمَلَ عنهم مِن أَوْزَارِهِم، قال: فقال الله تعالى للطَّالِب: ارفع رأسك فَانْظُر في الجِنَان، فَيرفع رَأْسَه، فقال: يَا رَبِّ أَرَى مَدَائِنَ مِن فِضَّة مُرتَفِعَة وقُصُورًا مِن ذَهَب مُكَلَّلَة بِالُّلؤلُؤ، لِأَيِّ نَبِيٍّ هَذَا؟ أو لِأَيِّ صِدِّيقٍ هَذا؟ أو لأي شَهيدٍ هذا؟ قال: هَذا لِمَن أَعْطَى الثَّمَن، قال: يَا ربِّ، ومَن يَمْلِكُ ذَلِك؟ قال: أَنْتَ تَمْلِكُهُ - قال: ذكر كَلِمةً أَظُنُّها - قال: بِم يَا رَب؟ قال: بِعَفْوِكَ عَن أَخِيكَ، قال: يَا رَبِّ، إِني قَد عَفَوتُ عَنه، قال اللهُ عز وجل: خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدخِلْه الجَنَّة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: اتَّقُوا اللهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُم، فَإِنَّ اللهَ يُصْلِحُ بَين المُؤمنين يَومَ القِيَامَة» (1).

(1) أخرجه ابن أبي الدنيا في «حسن الظن بالله» (118)، وابن أبي داود في «البعث» (32)، والحاكم في «المستدرك» (8718)، وغيرهم من طريق عبد الله بن بكر السهمي، به. وعباد الحبطي ضعيف، وشيخه سعيد بن أنس لا يعرف، كما قال= =الذهبي، وليس بابن لأنس بن مالك، وقال الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (20/ 40):«إسناد غريب، وسياق غريب، ومعنى حسن عجيب» .

ص: 298

لَفظُ حَديثِ ابنِ عَبْدَان، وفي رواية العَلَوي، ذَكَر الكَلِمَة وهي «قال: بم يا رب».

(394)

أخبرنا أبو بَكر محمدُ بنُ إبراهيمَ الفَارِسِيُّ، أخبرنا إبراهيمُ بن عبد الله الأَصْبَهَانِيُّ، حدثنا محمد بن سليمان بن فَارِس، قال: قال محمد بن إسماعيل البخاري (1): سَعِيدُ بنُ أَنَس، عَن أَنَس، (2) عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في المَظَالِم لا يُتَابَعُ، قاله: عبدُ اللهِ بنُ بَكر، حَدثنا عَبَّاد بن شَيْبَة، عَن سَعِيد.

وقد رُوِيَ ذَلِك أَيضًا عن زِيَاد بنِ مَيْمُون البَصْرِي، عَن أَنَس بنِ مَالِك، إلا أَنَّ زِيَادًا مَتْرُوكٌ، لا تُغْنِي مَتَابَعَتُهُ شَيْئًا، والله أعلم.

(395)

أخبرناه أبو الحُسَين ابن بِشْرَان، أخبرنا أبو عمرو عثمانُ بن أحمدَ بن السَّمَّاك، حدثنا أبو عبد الله محمدُ بنُ خَلَف بن عَبد السَّلام المَرْوَزِيُّ، حدثنا الصَّلْتُ بنُ مَسعودٍ الجَحْدَرِيُّ، حدثنا المُعَلَّى بنُ رَاشِد أبو اليَمَان القَوَّاس، حدثنا زِياد بنُ مَيمُون أَبُو عَمَّار هُو البَصْرِي، عَن أَنَس بن مالك قَال: بَينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَاعِدٌ في مَلإٍ مِن أَصْحَابِه، إِذ ضَحِكَ أَو بَكَى، فَقال له أَصحابه: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا الذي أَضْحَكَك، أو أَبكَاكَ؟ فذكر الحديث بمعناه (3)، وإسناده ضعيف.

* * * * *

(1)«التاريخ الكبير» (3/ 459).

(2)

قوله: «عن أنس» سقطت من «م» ، و «ب» ، وألحقها فوق السطر في «ث» ، والمثبت من «ش» ، و «التاريخ الكبير للبخاري» .

(3)

أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (10/ 466)، من طريق أبي عمرو عثمان بن أحمد الدقاق المعروف بابن السماك، به بنحوه.

ص: 299