الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - بابُ مَا جَاءَ فِي أصْحَابِ الأعْرَافِ
قال الله عز وجل: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: 46] يعني على السُوْرِ رِجَالٌ {يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} الآية {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} يَقُولُ: بَيْنَ الجَنَّةِ، والنَّارِ سُوْرٌ.
(662)
أخبرنا أبو نَصْر ابن قَتَادَة، أخبرنا أبو منصور النَّضْرَوِيُّ، حدثنا أَحْمَدُ بنُ نَجْدَةَ، حدثنا سَعِيدُ بنُ مَنْصُور (1)، حدثنا سُفْيَانُ، عن عُبَيد اللهِ بن أَبِي يَزِيدَ، سَمِعَ ابنَ عَبَّاس، سُئِل عن الأَعْرَاف، فقال: هو «الشَّيءُ المُشْرِفُ» .
(663)
أخبرنا أبو زَكَريَّا بنُ أبي إِسْحَاقَ المُزَكِّي، أخبرنا أبو الحَسَن الطَّرَائِفِيُّ، حدثنا عُثمانُ بنُ سَعِيد، حدثنا عبدُ الله بنُ صَالِح، عن مُعَاوِيَةَ بنِ صَالِح، عن عَلِيِّ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عن ابنِ عَبَّاس، في قوله:{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: 46] قال: «يَعْرِفُونَ أَهْلَ النَّارِ بِسَوادِ الوُجُوه، وأَهْلَ الجَنَّةِ بِبَيَاضِ الوُجُوه» (2).
قال: «والأَعْرَافُ: هو السُّورُ الذي بَيْنَ الجَنَّة والنَّار» .
وقوله: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46)} [الأعراف] قال ابن عباس: «أَصْحَابُ الأَعْرَافِ: هُم رِجَالٌ كَانَت لَهُم ذُنُوبٌ عِظَام، وكَان حَسْمُ (3) أَمْرِهِم للهِ -تعالى-، يَقُومُون عَلَى الأَعْرَاف، فَإِذَا نَظَرُوا إلى أَهْلِ الجَنَّة، طَمَعُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا، وإذا نَظَرُوا إِلى أَهْلِ النَّارِ، تَعَوَّذُوا بِالله مِنهَا، فَأَدْخَلَهُم اللهُ الجَنَّةَ،
(1)«التفسير من سنن سعيد بن منصور» (957).
(2)
أخرجه الطبري في «التفسير» (10/ 222)، من طريق عبد الله بن صالح، به.
(3)
في النسخ «جسيم» والمثبت من «تفسير الطبري» .
فَذلك قوله: {أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ} [الأعراف: 49] يعني: أَصْحَابَ الأَعْرَاف {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} ». (1)
(664)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الحَسَن عَلِيُّ بن محمد ابن عُقْبَة الشَّيْبَانِيُّ -بالكوفة-، حدثنا الهَيْثَمُ بنُ خَالِد، حدثنا عُبَيد اللهِ بن مُوسَى، أخبرنا يُونُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عن الشَّعْبِي، عن صِلَةَ بن زُفَر، عن حُذَيْفَةَ، قال:«أَصحابُ الأَعْرَافِ، قَوْمٌ تَجَاوَزَتْ بِهِم حَسَنَاتُهُم النَّارَ، وقَصَّرَت بِهم سَيئَاتُهم عَن الجَنَّة، فَإِذَا صُرِفَت أَبْصَارُهُم تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47)} [الأعراف: 47] فَبَيْنَما هُم كَذَلِك، إِذْ طَلَع عَلَيهِم رَبُّك، فقال لهم: قُومُوا ادْخُلُوا الجَنَّة؛ فَإِنِّي قَد غَفَرتُ لَكُم» (2).
هَذَا موصول موقوف، وَرُوِيَ مُرسلًا مَوْقُوفًا.
(665)
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد ابن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العَبَّاس محمدُ بنِ يَعْقُوبَ، أخبرنا العَبَّاسُ بن الوَليد بن مَزْيَد، أخبرني ابْنُ شُعَيبٍ (3)، أخبرني شَيْبَانُ (4)، حدثنا يُونُس بنُ أبي إِسْحَاقَ الهَمْدَانِي، عن عَامِر الشَّعْبِي قال: أَرْسَل إِلَيَّ عبدُ الحَمِيدِ بنِ عَبد الرَّحْمَن (5)، فَإذَا عِنْدَه عَبْدُ اللهِ بنُ ذَكْوَانَ أَبُو الزِّنَاد مَوْلَى قُرَيشٍ، وقد ذَكَرَا مِن أَصْحَاب الأَعْرَافِ ذِكْرًا، لَيس كَمَا ذَكَرَا، قال: فقلت لهما: إِن شِئْتُمَا أَنْبَأتُكُمَا مَا ذَكَر مِن
(1) أخرجه الطبري في «التفسير» (10/ 231)، من طريق عبد الله بن صالح، به.
(2)
أخرجه الطبري في «التفسير» (10/ 213)، من طريق يونس، به.
(3)
هو: محمد بن شعيب بن شابور القرشي مولاهم أبو عبد الله الشامي الدمشقي.
(4)
هو: شيبان بن عبد الرحمن التميمي مولاهم النحوي أبو معاوية البصري.
(5)
هو: عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أبو عمر الأعرج، عامل
…
عمر بن عبد العزيز على الكوفة.
أَمْرِهِم حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَان، قال: فقالا: هَات، قال: فقلت: قال حُذَيفَة: «ذُكِرَ أَنَّ أَصْحَابَ الأَعْرَاف قَومٌ تَجَاوَزَت بهم حَسَنَاتُهم النَّارَ، وقَصَّرَت بهم سَيِّئَاتُهُم مِنَ الجَنَّة، فإذا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُم تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ؛ قالوا: {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: 47]، فبينما هُم كَذَلِك، إِذْ طَلَع عَلَيهم رَبُّهم، فقال لهم: قُومُوا فَادْخُلُوا الجَنَّة؛ فَإني قَد غَفرتُ لَكُم» (1).
ورُوِيَ مُرْسَلًا مَرْفُوعًا، فِيمَا يَتَوَهَّم رَاوِيه.
(666)
أخبرنا أبو الحُسَين ابن بِشْرَان العَدْلُ -ببغداد-، أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرَّزَّاز (2)، حدثنا كَثِيرُ بنُ شِهَابٍ القَزْوِينِيُّ، حدثنا محمد ابنُ سَعِيد بن سَابِق، حدثنا عَمرُو بنُ أبي قَيْس، عن مُطَرِّف، عن الشَّعْبِيِّ، قال: أَرْسَل إِلَيَّ عَبدُ الحَمِيد، فَسَأَلَنِي عَن أَصْحَابِ الأَعْرَافِ؟ فقلت: إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُك، قال: فَحَدِّثْنِي، فقلت: قَال حُذَيْفَةُ -أُرَاهُ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
ورُوِي فيه حَدِيثَان مَرْفُوعَان في إسنادهما ضَعْفٌ.
(1) أخرجه الطبري في «التفسير» (10/ 212)، وابن أبي حاتم في «التفسير» (5/ 1485)، من طريق يونس بن أبي إسحاق، به.
(2)
(667)
أخبرنا أبو الحُسَين بنُ الفَضْل القَطَّان -ببغداد-، أخبرنا عبدُ اللهِ ابنُ جَعْفَر، حدثنا يَعقُوبُ بنُ سُفيانَ (1) حدثنا أبو الوَلِيد هِشَامُ بنُ عَبد المَلِك، حدثنا أبو مَعْشَر، حدثنا يَحْيَى بنُ شِبْل، عن محمد بن عبد الرَّحْمَن، عن أَبِيهِ، قال: سُئِل رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عن أَصْحَابِ الأَعْرَاف فقال:
قال يعقوب (2): وعبد الرَّحْمَن المُزَنِي: وجَعَل عِدَادَه في الصَّحَابَةِ.
(668)
أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرنا عَبْدُ الرَّحْمَن بنُ الحَسَنِ القَاضِي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بنُ الحُسَين، حدثنا آدَمُ، أخبرنا أبو مَعْشَر، حدثني يَحْيَى بنُ شِبْل، عن يَحْيَى بنِ عبدِ الرَّحْمَن المُزَنِي، عن أَبِيهِ، فذكره (3).
(669)
وأخبرنا أبو نَصْر ابن قَتَادَة، أخبرنا أبو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، حدثنا أحمدُ بنُ نَجْدَةَ، حدثنا سَعِيدُ بنُ مَنْصُور (4)، حدثنا أبو مَعْشَر، عن يَحْيَى بن شِبْلٍ، عن عَمْرِو بنِ عبدِ الرَّحْمَن المُزَنِيِّ، -وقِيل: عُمَر بن عبد الرَّحْمَن.
وأبو مَعْشَر نَجِيحٌ المُزَنِيُّ هذا، ضعيف، والله أعلم.
(670)
وقد أخبرنا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَان، أخبرنا أَحْمَدُ بنُ عُبَيد، حدثنا تَمْتَام، حدثنا سَعْدُ بنُ عَبد الحَمِيد، حدثنا أبو مَعْشَر، عن سَعِيدٍ
(1)«المعرفة والتاريخ» (1/ 287).
(2)
المصدر السابق.
(3)
ينظر تفسير مجاهد (ص 337)، فقد رواه عبد الرحمن بن الحسن القاضي-راوي تفسير مجاهد- فيه بنفس السند، وقد وقع في تفسير مجاهد هذا جملة من الأحاديث ليست عن مجاهد، وهذا منها.
(4)
المَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة قال: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عن أَصْحَابِ الأَعْرَاف قال:
(671)
قال: وحدثنا تَمْتَام، حدثنا هَوْذَةُ، حدثنا أبو مَعْشَر، عن يَحْيَى، عن عُمَرَ بنِ عبد الرَّحْمَن الأَنْصَارِي، عن أبيه، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، مثله (2).
(672)
أخبرنا أبو الحُسَين ابنُ بِشْرَانَ، أخبرنا أبو الحَسَن عَلِيُّ بن مُحَمَّدٍ المِصْرِيُّ، حدثنا يُوسُفُ بنُ يَزِيدَ، حدثنا الوَلِيدُ بنُ مُوسَى، حدثنا مُنَبِّهُ ابنُ عُثْمَانَ، عن عُرْوَةَ بنِ رُوَيْم، عن الحَسَن، عن أَنَسِ بنِ مَالِك، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:
(673)
أخبرنا أبو عبد الله الحَافِظُ، حدثنا عبدُ الرحمن بنُ الحَسَن القَاضِي، حدثنا إِبْرَاهِيمُ بنُ الحُسَيْن، حدثنا آدَمُ، حدثنا وَرْقَاءُ، عن ابْنِ
…
أَبِي نَجِيْحٍ، عن مُجَاهِدٍ (4) قال: «الأَعْرَافُ: حِجَابٌ بَيْنَ الجَنَّة والنَّار، والسُّور
(1) عزاه السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 465)، لابن مردويه، والبيهقي في «البعث» .
(2)
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في «المسند» (712 - بغية)، عن هوذة بن خليفة، به.
(3)
أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (63/ 298)، من طريق المصنف، به، وأخرجه الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (17/ 7: 8)، من طريق يوسف بن يزيد القراطيسي، به.
(4)
«تفسير مجاهد» (ص 337).
لَه بَابٌ، وأَصْحَابُ الأَعْرَافِ يَطْمَعُونَ، أَيْ: فِي دُخُولِ الجَنَّة، يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُم، فأَصْحَابُ النَّار سُودُ الوُجُوه، زُرْق العُيُون».
(674)
وأخبرنا أبو الحَسَن عَلِيُّ بن محمد ابن السَّقَّاء، أخبرنا أبو
…
عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ ابنِ بُطَّةَ، حدثنا عبد الله بن محمد بن زَكَرِيَّا الأَصْبَهانِي، حدثنا سَعِيدُ بنُ يَحْيَى بن سَعِيد الأُمَوِيُّ، حدثنا مُسْلِمُ بنُ خَالِد الزَّنْجِيُّ، عن ابن أبي نَجِيح، عن مُجَاهِد، في أصحاب الأعراف قال:«هُم قَوْمٌ قَد اسْتَوَت حَسَناتُهُم، وسِيِّئَاتُهُم، وهم على سُورٍ بَيْنَ الجَنَّةِ والنَّار، وهم عَلَى طَمَعٍ مِن دُخُولِ الجَنَّة، وهُم دَاخِلُون» (1).
(675)
أخبرنا أبو طَاهِر الفَقِيهُ، أخبرنا أبو عثمان عَمْرُو بنُ عبدِ اللهِ البَصْرِيُّ، حدثنا محمد بن عبد الوَهَّاب، أخبرنا يَعْلَى بنُ عُبَيد، حدثنا سفيانُ، عن حَبِيب بنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن مُجَاهِد، عن عَبدِ اللهِ بنِ الحَارِث بنِ نَوْفَلٍ، قال:«أَصْحَابُ الأَعْرَافِ أُنَاسٌ تَسْتَوِي حَسَنَاتُهُم، وسِيِّئَاتُهُم، فَيُذْهَبُ بِهِم إلى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ: الحَيَاة، تُرْبَتُهُ وَرْسٌ وزَعْفَرَان، وحَافَتَاهُ قَصَبٌ مِن ذَهَب، مُكَلَّل بِالُّلؤْلُؤِ، فَيَغْتَسِلُون مِنهُ، فَتَبْدُوا في نُحُورِهِم شَامَةٌ بَيْضَاء، ثُم يَغْتَسِلُونَ فَيَزْدَادُونَ بَيَاضًا، ثم يُقَال لَهُم: تَمَنُّوا مَا شِئْتُم، فَيَتَمَنَّوْا ما شَاءُوا، فَيُقَال لَهُم: لَكُم مِثْل مَا تَمَنَّيتُم سَبْعِينَ مَرَّة، فَأُولَئِكَ مَسَاكِينُ الجَنَّة» (2).
(676)
أخبرنا أبو نَصْرِ ابنُ قَتَادَةَ، أخبرنا أبو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ، حدثنا أَحْمَدُ بنُ نَجْدَةَ، حدثنا سَعِيدُ بن مَنْصُور (3)، حدثنا مُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ،
(1) أخرجه أبو جعفر النحاس في «معاني القرآن» (3/ 40)، من طريق مسلم بن خالد الزنجي، به. وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (3/ 466) للبيهقي في «البعث» .
(2)
أخرجه الطبري في «التفسير» (10/ 216)، من طريق سفيان الثوري، به.
(3)
عن أَبِيهِ، قال: أَنْبَأَنِي أَبُو مِجْلَز، في قوله عز وجل:{وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ} [الأعراف: 46] قال: «الأَعْرَافُ: مَكَانٌ مُرتَفِع عَليه رِجَالٌ مِنَ الملائكة، يَعْرِفُونَ أهلَ الجَنَّة بِسِيمَاهُم، وأَهْلَ النَّارِ بِسِيمَاهُم: {وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا} بَعْدُ {وَهُمْ يَطْمَعُونَ} [الأعراف: 46] في دُخُولِهَا {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ} [الأعراف: 47] قال: أَبْصَارُ أَهْلِ الجَنة، تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّار {قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا} مِنَ الكُفَّارِ {يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49)} [الأعراف] فَهَذَا حِينَ دَخَلُوهَا» .
والذي يُعْرَفُ بالاسْتِدْلَال بِالأَخْبَارِ أَن حَسَنَاتِ (1) المُؤمِنِ دُونَ الإِيمَانِ تُقَابَل بِسَيِّئَاتِه، فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُ حَسَنَاتِه، فَهُو في عِيْشَةٍ رَاضِية، ومَن خَفَّت مَوَازِينُ حَسَنَاتِه، فَهُو في مَشِيْئَةِ اللهِ؛ لقوله عز وجل {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، ثُم الذي يُعْرَف بِالاسْتِدْلَالِ بالأَخْبَار أَنَّ مِنَ المُؤمِنِين مَن يُوضَع إِيمَانُهُ في كِفَّةِ حَسَنَاتِه، حَتَّى تَرْجَح بِه، ويَدْخُل الجَنَّة بِلا عَذَابٍ، ومِنْهُم مَن يُعَذَّبُ بِقَدر سَيِّئَاتِه، ومِنْهُم مَن يُجْعَل مِن أَصْحَاب الأَعْرَاف، ومَآبُ جَمِيْعِهِم الجَنَّة؛ بِمَا تَلَوْنَا مِن الآيَاتِ، وذَكَرنَا مِنَ الأَخْبَار الصَّحِيحَة في ذلك،
…
وبالله التوفيق.
وقوله عز وجل: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)} [القارعة] معناه في الكُفَّار: الخُلُودُ، ومعناه في المُؤمِنين: مَن لَم يَدْخُل
(1) في «ب» ، «ع» (حساب)، والمثبت من «م» ، «ث» ، «ش» .
في مَشِيئَة الله التي في قوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] وأراد -والله أعلم- فَأُمُّه هَاوِيَة إلى الوَقْت الذِي شَاءَ اللهُ بِمَا ذَكَرْنا مِن الحِجَجِ في أَنَّ مَآبَ المُؤمِنِينَ الجَنَّة، والله يَرْزُقُنا بِمَنِّه، وجُودِهِ.
* * * * *