المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ 33 - باب قوله عز وجل:{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون (28)} [الأنبياء]. مع سائر ما يحتج به من أنكر الشفاعة - البعث والنشور للبيهقي ت الشوامي

[أبو بكر البيهقي]

فهرس الكتاب

- ‌الأول: التعريف بالكتاب

- ‌الثاني: أهمية الكتاب

- ‌الثالث: وصف النسخ الخطية

- ‌1 - نسخة المكتبة المحمودية

- ‌2 - نسخة مكتبة معهد الاستشراق بسان بطرس برج بروسيا

- ‌3 - نسخة مكتبة أحمد الثالث باستنبول- تركيا

- ‌4 - نسخة مكتبة الوزير الشهيد علي باشا- بتركيا

- ‌5 - نسخة مكتبة تستر بيتي بأيرلندا

- ‌الرابع: منهجي في تحقيق الكتاب

- ‌الخامس: ترجمة الإمام البيهقي

- ‌ترجمة راويي الكتاب عن البيهقي

- ‌أولا: الإمام الفراوي

- ‌الثاني: أبو المعالي الفارسي

- ‌نماذج من صور المخطوطات

- ‌1 - بَابُ الإِيمَانِ باليَوم الآخِرِ

- ‌2 - بَابُ الإِيمَانِ بالبَعْثِ بَعْدَ الموتِ والحِسَابِ والجَنةِ والنارِ

- ‌3 - بَابُ لا يَعْلَمُ أحَدٌ مَتَى تَقَومُ السَّاعَةُ إلا الله عز وجل

- ‌4 - جِمَاعُ أبْوَابِ أشْرَاط السَّاعَةِ

- ‌5 - بَابُ انشِقَاق القَمَرِ

- ‌6 - بَابُ مَا جَاءَ فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبهَا

- ‌7 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ الدابَّةِ

- ‌8 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ المَهْدِي عليه السلام

- ‌9 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خُرُوجِ الدَّجَّالِ وصِفَتِهِ

- ‌10 - بَابُ خَبَرِ ابْنِ صَائِدٍ

- ‌11 - بَابُ خَبَرِ الجَسَّاسَةِ

- ‌12 - بَابُ نزُولِ عيْسَى عليه السلام

- ‌13 - بَابُ خُرُوجِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ

- ‌14 - بابُ ما جَاءَ فِي انقِضَاءِ الدُّنيَا والنفْخِ فِي الصُّورِ

- ‌15 - بَابُ الْمَحْشَرِ

- ‌16 - بَابُ كَيْفَ يُنشَرُ الناسُ، وكَيْفَ يُحْشَروُنَ إِلَى مَوْقِفِ الحِسَابِ

- ‌17 - باب قول الله عز وجل:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا

- ‌18 - باب قول الله عز وجل:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [

- ‌19 - باب قول الله عز وجل:{فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4)} [

- ‌20 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

- ‌21 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)} [

- ‌22 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [الإسراء]

- ‌23 - بَابُ الْمِيزَانِ

- ‌24 - بَابُ مَا جَاءَ فِي القَصَاصِ يَوْمَ القِيَامَةِ

- ‌25 - بَابُ ما جَاءَ فِي الصِّرَاطِ وهُو جِسْرُ جَهَنم

- ‌26 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا

- ‌27 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِ

- ‌28 - بَابُ يَدخلُ الجنةَ سَبْعُونَ أَلفًا بِغيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ

- ‌29 - بَابُ إِثبَاتِ الشَّفَاعَةِ للمُصْطفَى صلى الله عليه وسلم، وقَولِ اللهِ عز وجل

- ‌30 - بابُ شَفَاعَةِ المُصْطفَى صلى الله عليه وسلم لأهلِ الجَمْع يَوْمَ القِيَامَة بَعْدَ طُولِ القِيَامِ لِيُريحَهُم اللهُ ́ مِن مَكَانِهِم ويُحَاسِبَهم

- ‌31 - بابُ إثباتِ النوْع الثاني مِن الشَّفاعةِ لِغَيْرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌32 - بَابُ مَنْ يَشْفَعُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أو غَيْرُهُ مِنْ مَلائِكَةِ اللهِ تَعَالَي، ورُسُلِهِ وعِبَادِهِ، ومَنْ يُخْرِجُهُ اللهُ مِنَ النارِ بِرَحْمَتِهِ

- ‌ 33 - بَابُ قَولِهِ عز وجل:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} [الأنبياء]. مَعَ سَائِرِ مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَن أنكَرَ الشَّفَاعَةَ

- ‌34 - بَابُ قول اللهِ عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}

- ‌35 - بابُ قولِ اللهِ عز وجل:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [

- ‌36 - باب قول الله عز وجل:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [

- ‌37 - بَابُ مَا جَاءَ في المُؤْمن يُفْدَى بالكَافِر، فَيُقَالُ هذا فِدَاؤُك من النار، والكافر لا يُؤْخَذُ منه فِدْية، ولا تَنفَعُهُ شَفَاعَةٌ

- ‌38 - بابُ مَا جَاءَ في آخِرِ مَن يَخْرُجُ مِنَ النارِ، ويَدْخُلُ الجَنةَ

- ‌39 - بابُ مَا جَاءَ فِي أصْحَابِ الأعْرَافِ

- ‌40 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَوْضِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌41 - بَابُ الإِيْمَانِ بالجَنةِ والنار

- ‌42 - بَابُ مَا يُسْتَدلُّ به عَلَى أنَّ الجَنةَ، والنارَ قَدْ خُلِقَتَا، وَأعِدَّتَا لأَهْلِهِمَا فَنسألُ اللهَ الجَنةَ، ونعُوذُ به مِنَ النارِ

- ‌43 - باب قول الله عز وجل:{وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35)} [

- ‌44 - بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَىَ الجَنةَ، والنارَ، ورَأى فِي كُلِّ واحِدَةٍ منهُمَا بَعْضَ أَهْلِهَا، ومَا أعِدَّ لِبَعْضِ أَهْلِهَا، والمَعْدُومُ لا يُرَى، وأَخْبَرَ عَنْ مَصِيرِ أَرْوَاحِ أَهْلِهَا إِلَيْهَا قَبْلَ القِيَامَةِ، وغَيرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى خَلقِهِمَا

- ‌45 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي عَدَدِ الجِنان

- ‌46 - بَابُ مَا وَرَدَ في أَبوابِ الجَنةِ، ومَا يُقَالُ لأهلِهَا عِندَ دُخُولِهِم، وَمَا يَقُولُون

- ‌47 - بَابُ مَا جَاءَ فِي غُرَفِ الجَنةِ

- ‌48 - بَابُ مَا جَاء فِي حَائِطِ الجَنةِ، وأَرْضِهَا، وتُرَابِهَا، وحَصْبَائِهَا

- ‌50 - بَابُ مَا جَاءَ فِي لِبَاسِ أَهْلِ الجَنةِ، وفُرُشِهِم، وسُرُرِهِم، وأَرَائِكِهِم، وخِيَامِهِم، وأَكْوَابهِم، وغَيرِ ذَلِك

- ‌51 - بابُ مَا جَاءَ فِي طَعَامِ أهْلِ الجَنةِ، وشَرَابِهِم، وفَاكِهَتِهِم، ومَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ أَطعِمَتُهُم

- ‌52 - بَابُ مَا جَاءَ فِي صِفَةِ حُورِ العِين، والوِلدَان، والغِلمَان

- ‌53 - بَابُ مَا جَاءَ فِي سُوقِ أَهْلِ الَجَنةِ

- ‌54 - بَابُ السَّمَاعِ فِي الجَنةِ، والتَّغَني بِذِكرِ اللهِ عز وجل

- ‌55 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70)} [

- ‌56 - بَابُ أَول مَنْ يَدْخَلُ الجَنةَ، وَمَا جَاءَ فِي صِفَةِ أَهْلِ الجَنةِ

- ‌57 - بَابُ آخِرِ مَنْ يَدْخُلُ الجَنةَ، وَمَن يَكُونُ مِنْ أهْلِ الجَنةِ أَدنىَ مَنزِلَةً، وَمَن يَكُونُ مِنهُم أَرْفَع مَنزِلَةً

- ‌58 - باب قول الله عز وجل:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [

- ‌59 - باب قول الله عز وجل:{لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)} [

- ‌60 - باب قول الله عز وجل:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [

- ‌61 - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَوْضِعِ الجَنةِ ومَوْضِعِ النارِ

- ‌62 - بَابُ مَا جَاءَ فِي عَدَدِ أَبوَابِ جَهَنمَ

- ‌63 - بَابُ مَا جَاءَ فِي خَزَنِةِ جَهَنمَ

- ‌64 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَوْدِيَةِ جَهَنمَ

- ‌65 - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَعْرِ جَهَنمَ ودَرَكَاتِهَا، وتَفَاوُتِ أهْلِهَا فِي عَذَابِهَا، ومَا وَرَدَ فِي أهْوَنِهِم عَذَابًا

- ‌66 - بَابُ مَا جَاءَ فِي شِدَّةِ حَرِّ جَهَنمَ، ومَا جَاءَ فِي وَقُودِ نَارِهَا وَشِدَّةِ بَرْدِ زَمْهَرِيرِهَا

- ‌68 - بَابُ مَا جَاءَ فِي طَعَامِ أهْلِ النارِ وشَرَابهِم

- ‌69 - بَابُ مَا جَاءَ فِي حَيَّاتِ جَهَنمَ وعَقَارِبهَا

- ‌70 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [

- ‌71 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل فِي المُجْرِمِينَ

- ‌72 - بَابُ دُعَاءِ أَهْلِ النارِ بِالوَيْلِ والثبُورِ والزَّفِيرِ والشَّهِيقِ وبُكَائِهِم

- ‌73 - بَابُ قَولِ اللهِ عز وجل:{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ

- ‌الفهارس العامة

- ‌فهرس لأهم مصادر ومراجع التحقيق

الفصل: ‌ 33 - باب قوله عز وجل:{ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون (28)} [الأنبياء]. مع سائر ما يحتج به من أنكر الشفاعة

(1)

‌ 33 - بَابُ قَولِهِ عز وجل:

{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)} [الأنبياء]. مَعَ سَائِرِ مَا يَحْتَجُّ بِهِ مَن أنكَرَ الشَّفَاعَةَ

.

(561)

أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ (2)، أخبرنا أبو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ ابنِ أَحْمَدَ المُزَكِّي، حدثنا محمدُ بنُ إبراهيمَ العَبْدِيُّ، حدثنا يَعْقُوبُ بنُ كَعْبٍ الحَلَبِيُّ، حدثنا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِم، عن زُهَيْرِ بنِ مُحَمَّدٍ العَنْبَرِيِّ، عن جَعْفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عن أَبِيهِ، عن جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلا قَوْلَ اللهِ عز وجل

{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28] فقال صلى الله عليه وسلم:

«إِنَّ شَفَاعَتِي لِأَهلِ الكَبَائِر مِنْ أُمَّتِي» .

قال أبو عَبْدِ اللهِ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

قال الشَّيْخُ: ظَاهِرُ هذا يُوجِبُ أن تكونَ الشَّفاعَةُ لأهْلِ الكَبَائِر يَخْتَصُّ بها رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم دُون الملائكة، وأن الملائكةَ إنما يَشفعون في الصَّغائر، أو في اسْتِزَادَةِ الدَّرَجَات، وقَد يَكون القَصْدُ مِنه: بَيانُ كَوْنِ المَشْفُوع لَه مُرتضى بإيمانه، وإن كانت لَه كَبائِرُ الذنوب دُون الشِّرك، فيكون المراد بالآية نَفْي الشَّفَاعة للكُفَّار، وأَنَّ أَحدًا مِن الملائكة المُقَرَّبين، ولا مِن الأَنبياء المُرسَلِين لا يَجْتَرِئُ عَلى أَن يَشفعَ لِأَحدٍ مِنَ الكَافِرين، فَإن اللهَ -تَعالى- لَم يَأَذَن بِه، ولم يَرْتَض اعتِقَادَه.

(1) بداية نسخة «ع» .

(2)

«المستدرك» (3442). وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» .

ص: 398

(562)

أخبرنا أبو زَكريا بنُ أبي إِسْحَاقَ المُزَكِّي، أخبرنا أبو الحَسَنِ أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدُوسٍ، حدثنا عُثمانُ بنُ سَعِيد، حدثنا عبدُ الله بنُ صَالِح، عن مُعَاوِية بن صَالِح، عن عَلِي بن أَبي طَلْحَة، عن ابنِ عَبَّاس، في قوله تعالى:{وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] يقول: «الذين ارْتَضَاهُم بِشَهَادَة أَن لا إِله إلا اللهُ» (1)

(563)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيمُ بنُ الحُسَين، حدثنا آدَمُ بنُ أَبي إِيَاسٍ، حدثنا وَرْقَاء، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِد (2)، في قوله تعالى {لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} [الزمر: 44] يقول: «لا يَشفع أَحدٌ إلا بإذنه» .

وفي قوله: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ} [الزخرف: 86] يعني: عَيسى وعُزَيرًا والمَلائِكَة، يقول:«لا يَشفعُ عِيسى وعُزَيرٌ والمَلائِكَةُ {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (86)} [الزخرف: 86] أي: عِلْمَ الحَقِّ» (3).

وفي قوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] يعني: «لِمَن رَضِي عَنهُ» (4).

قال الشيخ (5): وكُلُّ هذا يَرجِعُ إلى أنهم لا يشفعون للكُفَّار، ورِضَا اللهِ -تعالى- عَن العَبد، إِرَادته مَغْفِرَته، والعَفو عنه، وإِكْرَامَه بِإدْخَالِهِ الجَنَّة،

(1) أخرجه المصنف هكذا في «الأسماء والصفات» (201)، وأخرجه الطبري في «التفسير» (16/ 252)، من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح، به.

(2)

«تفسير مجاهد» (ص 579).

(3)

«تفسير مجاهد» (ص 596).

(4)

«تفسير مجاهد» (ص 470).

(5)

في «ب» (قال الشيخ أحمد). قلت: يعني البيهقي.

ص: 399

فالشُّفَعاء مِن الملائكة، والأنبياء، والأولياء يَشْفَعُون لِمَن سَبق فِي عِلم الله

-تعالى- الرِّضَا عَنه، حتى يُوصِل إليه ما يَقْتَضِيه رِضَاه عَنه، وقد يكون المُراد بالآية {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] أن يشفعوا له، كقوله:{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255].

قال أبو عبد الله الحَلِيمي: «وأما قول الله عز وجل: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا} [الانفطار: 19] فإنه لا يَدفَع الشَّفَاعة؛ لأن المُراد بالملك، الدَّفع بِالقُوَّة كما يكون في الدنيا، أن يَدفعَ الناسُ بعضُهم عَن بَعضٍ، وعن أنفسهم بالقوة، ولا يكون ذلك يوم الدين، والشَّفَاعَةُ لَيست مِن هَذا البَاب؛ لأنها تَذَلُّلٌ مِن الشَّافِع للمَشْفُوع عِندَه، وإقامة الشَّفيع تَذلل مِن المَشفُوع لَه، فلا يَومٌ هِي أَلْيَقُ بِه، وأَشْبَه بِأحَوالِه، مِن يومِ الدِّين» (1).

وأما الحديث الذي

(564)

أخبرنا أبو نَصْرٍ محمدُ بنُ عَلِيٍّ الفَقِيهُ الشِّيرَازِيُّ، حدثنا أبو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، حدثنا أبو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى الجَكَّانِيُّ، حدثنا أبو اليَمَانِ الحَكَمُ بنُ نَافِع الحِمْصِيُّ، -بِسَلَمْيَةَ، في سَنَةَ إحْدَى وعِشْرِينَ ومِائَتَيْن-، أخبرني شُعَيبٌ، عن الزُّهْرِيِّ، أخبرني سَعِيدُ بنُ المُسَيِّب، وأبو سَلَمَةَ بنُ عَبد الرَّحمن، أَن أَبا هُرَيرة قال: قَام رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين أَنزلَ اللهُ عز وجل {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} [الشعراء: 214] قال:

«يا مَعْشَرَ قُرَيش، اشتروا أَنْفُسَكم، لا أُغنِي عَنكُم مِن الله شَيئًا، يا بَني عَبد مَنَاف، لا أُغنِي عنكم من الله شيئًا، يا عباسَ بن عَبد المُطَّلِب، لا أغني

ص: 400

عنك من الله شيئًا، يا صَفِيَّة عَمَّة رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِيني ما شِئْتِ، لا أُغْنِي عَنكِ مِنَ اللهِ شيئًا».

فقد رواه البُخَارِي في الصحيح (1)، عن أبي اليَمَان، وأخرجه مسلم (2)، من حديث يُونُسَ بنِ يَزِيد، عن الزُّهْرِيِّ، وأخرجه من أَوجُهٍ أُخَر (3).

وقال أبو عبد الله الحَلِيمي في معناه: «قَد يخرج على أن يكون نهاهم عن التَّقصِير في حُقوق الله -تعالى- اتكالًا على أنهم عَشِيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولَعلَّهم لا يُسأَلونَ عَمَّا يَعْمَلون لأجله، فأخبرهم أن اتصالهم به، لا يُسقِط عنهم تَبِعات أعمالهم، وأنهم مسئولون مُحَاسبون كَغَيرِهِم، وأَمْرُهُم بعد ذلك إلى الله -تعالى- إن شاء عَذَّبهم، وإن شاء عَفَا عنهم، ولم يُرِدْ به أنه لا يَشفَعُ لهم، وليست الشفاعة أغنى عنهم من الله شيئا؛ لأن الشفاعة فيما بيننا غير موجبة، فكيف يُتَوَهَّم أن تَكونَ الشَّفَاعَةُ عند الله مُوجِبَةٌ» (4).

والذي يدل على صحة هذا ما

(565)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحُسَينُ بنُ الحَسَنِ الغَضَائِرِيُّ -ببغداد-، أخبرنا أبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الرَّزَّاز -إملاءً- (5)، حدثنا محمدُ بن

غَالِب ابنِ حَرْبٍ التَّمَّارُ، حدثنا أبو حُذَيفَة مُوسى بن مَسعُود، حدثنا سفيانُ الثَّوْرِي،

(1) صحيح البخاري (2753).

(2)

صحيح مسلم (206).

(3)

أخرجه مسلم (204)، من حديث موسى بن طلحة، عن أبي هريرة، وفي (205)، من حديث عائشة، وفي (207)، من حديث قبيصة بن المخارق، وزهير بن عمرو رضي الله عنهم أجمعين.

(4)

«المنهاج في شعب الإيمان» (1/ 412).

(5)

«الجزء الحادي عشر من فوائد أبي جعفر الرزاز» (78 - مجموع مصنفاته).

ص: 401

عن أبيه، عن أبي الضُّحَى، عن ابنِ عَبَّاس، قال: جاء العَبَّاسُ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّك قَد تركت فِينا ضَغَائِنَ مُذ صَنعتَ الذي صَنعت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

«لا يَبلغوا الخَير، أو قال: الإيمان حَتى يُحِبُّوكُم لله عز وجل ولِقَرَابَتي، أترجو سَلْهَمٌ - حَيٌّ مِن مُرَاد - شَفَاعَتي، ولا تَرجُو بَنُو عَبد المُطَّلِب شَفَاعَتي؟ » (1).

(566)

أخبرنا أبو الحَسَن عَلي بن عبد الله بن إبراهيم الهَاشِمِي، حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو ابن البَخْتَرِي الرَّزَّاز، حدثنا أبو قِلَابَةَ عبدُ المَلِك ابن محمد الرَّقَاشِي، حدثنا أبو حُذَيفَة، بإسناده هذا قال: قال العبَاَّسُ: ما نَلْقَى يا رسول الله من قُرَيش؟ إِذَا تَلاقَوا، تَلَاقَوْا بِوُجُوه مُشْرِقَة، وإذا لَقِينَاهُم لَقَوْنَا بِغَير ذلك؟ فقال:

«والذي نفسي بِيَدِه، لا يَدْخُلُوا الجَنَّة، حَتى يُؤْمِنُوا، ولا يُؤْمِنُوا حتى يُحِبُّوكُم للهِ ولِرَسُولِه، ترجو مُرَادٌ شَفَاعَتي، ولا تَرجُوهَا بَنو عَبدِ المُطَّلِب؟ » (2).

وصَلَه أبو حُذَيفة، ورواه أبو أحمد الزُّبَيري وغَيرُه، عَن الثَّوري مُرسلًا، وكذلك رواه حَسَّانُ بنُ إبراهيم، عن سَعِيد بن مَسْرُوق مُرسلًا.

(567)

أخبرنا أبو الحَسَن ابنُ أبي المَعْرُوف الفَقِيه، أخبرنا بشر بن أحمد الإِسْفَرَايِينِي، حدثنا أحمدُ بن الحُسَين بن نَصر الحَذَّاءُ، أخبرنا عَلِيُّ ابنُ المَدِينِي، حدثنا حَسَّان بنُ إبراهيم الكِرْمَانِي، حدثنا سَعِيد بنُ مَسْرُوقٍ، عن أَبي الضُّحَى، قال: أَتَى العَبَّاسُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّا لَنَعرِفُ الضَّغَائِنَ في

(1) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (3/ 259)، من طريق محمد بن غالب التمار المعروف بتمتام، به. وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (12228)، من طريق أبي حذيفة، به ووقع عنده (سلهب) بالباء.

(2)

أخرجه طراد الزينبي في «مجلس يوم الجمعة» (14)، عن علي بن عبد الله الهاشمي شيخ المصنف.

ص: 402

أُنَاسٍ مِن قَومِنَا، في وَقَائِعَ أَوْقَعْنَاهَا، فقال:

«أَمَا إِنَّهُم لَم يَبلغوا خيرًا حتى يُحِبُّوكم لِقَرَابَتِي، تَرجو شَفَاعَتي سَلْهَبُ -قال: حَيٌّ مِنَ اليَمَن-، ولا تَرجوها بَنو عَبد المُطَّلِب» (1).

كذا قال بالباء.

(568)

وأخبرنا عَليُّ بن أحمد بن عَبْدَان، أخبرنا أحمد بن عُبَيد الصَّفَّار، حدثنا عثمان بن محمد الزَّعْفَرَاني، حدثنا عَلِيُّ بنُ المَدِينِي، حدثنا أَبِي، حدثنا سُهَيلُ بنُ أَبي صَالِح، عَن أَبيه، عَن أبي هُرَيرة، قال: كَانت امرأةٌ مِن بَنِي هَاشِم تَحتَ رَجُل مِن قُرَيش، فكان بَينه وبَينهَا شَيءٌ، فقال لها: سَتَعلَمِين والله، أنه لا يَنْفَعُك قَرابَتُكِ مِن رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا، فَخرجَ

رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا فقال:

«ما بَالُ رِجَالٍ يَزْعُمُونَ أَن قَرَابَتِي لا تَنفَع، وإني لَتَرجُو شَفَاعَتي صُدَي وسَلْهَبٌ» (2).

قال عليٌّ: فَسألتُ أَبا عُبَيد عَن صُدَاء وسَلْهَب قال: حَيَّان مِن اليَمَن (3).

(569)

أخبرنا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدَانَ، أخبرنا أَحْمَدُ بنُ عُبَيدٍ الصَّفَّارُ، أخبرنا ابنُ مِلْحَانَ، حدثنا ابنُ بُكَيْرٍ، حدثنا اللَّيْثُ ح وأخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، أخبرنا مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ الحَافِظُ، حدثنا إبراهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ، ومُحَمَّدُ

(1) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (32213)، من طريق سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه سعيد بن مسروق، به.

(2)

أخرجه ابن عدي في «الكامل في ضعفاء الرجال» (5/ 295)، والسمعاني في «الأنساب» (1/ 53)، من طريق علي بن عبد الله بن جعفر المديني، عن أبيه، به.

(3)

عَلِيٌّ -السَائِل-: هو ابن المديني، وأبو عبيد أظنه هو القاسم بن سلام، والله أعلم.

ص: 403

ابنُ شَاذَانَ، قالا: حدثنا قُتَيبةُ بنُ سَعِيدٍ، حدثنا اللَّيْثُ، عن ابن الهَاد، عن

عبد الله بن خَبَّاب، عن أبي سعيد الخُدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذُكِر عِنْدَه عَمُّه أبو طَالِب، فقال:

«لَعَلَّه تَنفعه شَفاعتي يوم القيامة، فَيُجْعل في ضَحْضَاح من النَّار، يَبلُغ كَعْبَيه، يَغلِي منها دِمَاغُه» .

لفظ حديث قتيبة.

وفي رواية ابن بُكَير: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أبو طَالِب.

رواه البُخَارِي في الصحيح (1)، عن عبد الله بن يوسف، عن الليْث، ورواه مسلمٌ (2)، عن قُتَيْبَةَ.

(570)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الوَهَّاب الفَرَّاءُ، حدثنا قَبِيصَةُ بنُ عُقْبَة، حدثنا سُفيانُ، عن عَبْدِ المَلِك بنِ عُمَيْر، عن عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِث، قال: قال العَبَّاسُ: يا رَسُولَ اللهِ، ح وأخبرنا أبو الحَسَن (3) عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ السُّبْعِي (4)، حدثنا

أبو العَبَّاسِ مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَاني، حدثنا

أبو دَاوُدَ، حدثنا سُفْيَانُ، عن عَبْدِ المَلِك بنُ عُمَير، عن عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِث، عن العَبَّاس بن عَبد المُطَّلِب قال: قلت: يا رسول الله، ح وحدثنا أَبُو سَعْدٍ

(1) صحيح البخاري (3885).

(2)

صحيح مسلم (210).

(3)

في «ب» (أبو الحسين).

(4)

في «ب» ، و «ع» (الشعبي)، وهو تحريف والصواب ما أثبته، وينظر «الأنساب المتفقة» لابن طاهر (ص 71)، و «الأنساب» للسمعاني (7/ 33).

ص: 404

عَبدُ المَلِك بنُ أَبي عُثمانَ الزَّاهِد، أخبرنا أبو محمد يَحيى بن منصور القَاضِي، أخبرنا أحمد بن سَلَمة البَزَّاز، حدثنا محمد بن بَشَّار العَبْدِي، حدثنا يَحْيى بنُ سَعِيد، -وسألته عنه- حدثنا سُفيَان، حدثني عبد الملك بن عُمَير، حدثنا عبد الله بن الحارث بنِ نَوْفَل، حدثنا العَباس بنُ عبد المُطَّلب قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أَغْنَيتَ عَن عَمِّك، فَقَد كانَ يَحُوطُك ويَنصُرُك؟ قال:

«هُو في ضَحْضَاحٍ مِن النَّار، لَولَاي لَكَان في الدَّرْكِ الأَسْفَل مِن النَّار» .

لفظ حديث يحيى بن سعيد.

وفي رواية أبي داود: فَإِنَّه كَان يَحُوطُك ويَغْضَبُ لك. وقال: لولا ذلك.

رواه البخاري في الصحيح (1)، عن مُسَدَّد، عن يحيى، ورواه مسلم (2)، عن محمد بن حاتم، عن يَحْيَى.

(571)

أخبرنا أبو الحَسَن عَلي بن محمد المُقرئ، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا أبو عَوَانَة، عن عبد الملك بن عُمَير، عن عبد الله بن الحارث بن نَوفَل، عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: يا رسول الله، هل نَفعتَ أَبا طَالِب؛ فإنه كان يَحُوطُكَ، ويَغْضَبُ لَك؟ قال:

«نَعم، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَار، ولَوْلَا أَنا، لَكَان في الدَّرك الأَسْفَل مِنَ النَّار» .

رواه البخاري في الصحيح (3)، عن موسى، عن أبي عوانة، ورواه

(1) صحيح البخاري (3883).

(2)

صحيح مسلم (209).

(3)

صحيح البخاري (6208).

ص: 405

مسلم (1)، عن محمد بن أبي بكر.

(572)

أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرني أبو الوليد، حدثنا إبراهيم بن أبي طَالِب، عن ابن أبي عُمَر، حدثنا سفيان -هو ابن عُيَيْنَة-، عن عبد الملك بن عُمَير، عن عبد الله بن الحَارِث، قال: سمعتُ العَبَّاسَ، يقول: قلت: يا رسول الله، إن أبا طَالِبٍ كان يَحُوطُك ويَنصُرك، فهل نَفعَه ذلك؟ قال:

«نَعَم، وجَدته في غَمَرَاتٍ مِن النَّار، فَأخرجته إلى ضَحْضَاحٍ» .

رواه مسلمٌ في الصَّحيح (2)، عن ابن أبي عُمَر.

قال الشَّيخُ: «حَديثُ أَبِي طَالِبٍ هَذا صَحِيحٌ مِن جِهَة الرِّوَاية، فلا معنى لإنكار من أنكر صِحَّتَه، ووَجْهُه عندي، والله أعلم: أَنَّ الشفاعة للكفار إنَّما امتنعت، لِورُود خَبر الصَّادِق بِأَنه لا يَشْفَعُ فيهم أَحَدٌ، وقَد وَرَد الخَبَر بذلك عَام، فَورَد هَذا عَليه مَوْرِدَ الخَاص عَلى العَام، وحَمَلَه بَعضُ أَهل النَّظَر على أَنَّ جَزَاءَ الكُفر مِن العَذَاب يكون واصِلًا إليه، إلا أن اللهَ يَضَعُ عَنه أَلْوانًا مِن العَذَاب عَلى جِنَايَاتٍ جَنَاها سِوى الكُفْر؛ تَطْيِيبًا لِقَلب النَّبي صلى الله عليه وسلم، وثَوابًا له في نَفسه، لا لِأَبي طَالِب؛ لأن حَسَناتِ أَبي طَالِب صَارَت بِمَوتِه عَلى كُفره هَباءً مَنثُورًا، وقد وَرَد الخَبر بِأن ثَوابَ الكَافِر عَلَى إِحسَانِه يَكُونُ في الدُّنيا» .

(573)

أخبرنا أبو الخَيْرِ جَامِعُ بنُ أَحْمَدَ المُحَمَّدابَاذِي، أخبرنا أبو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ المُحَمَّدَاباذِيُّ، حدثنا عُثْمَانُ بنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حدثنا أبو عُمَر الحَوْضِي، حدثنا هَمَّامٌ، حدثنا قَتَادَةُ، عن أَنَسٍ، عن رسول الله

(1) صحيح مسلم (209).

(2)

صحيح مسلم (209).

ص: 406

- صلى الله عليه وسلم فيما يَروِي عن ربه عز وجل:

«إن اللهَ لا يَظلِمُ المُؤْمِنَ حَسَنةً، يُثَابُ عَليها الرِّزْقَ في الدنيا، ويُجْزَى بها في الآخرة، وأما الكَافِرُ فَيُعطى بحَسَنَاتِهِ في الدنيا، حتى إذا أَفْضَى إلى الآخِرَةِ، -أو إلى رَبِّه تَعَالَى- لَم يَكُن لَه حَسَنةٌ يُعطَى بِهَا خَيْرًا» .

أخرجه مسلم في الصحيح (1)، من حديث يزيد بن هارون، عن هَمَّام.

ومن قال بالأول، زَعَم أَنَّ هذا أيضًا وَرد عَامًّا، وخَبر أَبي طَالِبٍ خَاصٌّ وأما ما.

(574)

أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ الحَافِظُ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ يَعْقُوبَ -هو الشَّيْبَاني-، حدثنا حُسَين بن محمد، ومحمد بن عَمرو، قالا: حدثنا أبو بكر ابن أبي شَيْبَة، حدثنا حَفصُ بنُ غِيَاثٍ، عن دَاوُدَ، عَن الشَّعْبِي، عن مَسْرُوقٍ، عن عَائِشَة، قالت: قلت: يا رسول الله، إِنَّ ابنَ جُدْعَان كان في الجَاهِلية يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُطعِمُ المِسْكِينَ، فَهل ذَلك نَافِعُهُ؟ قال:

«لا يَنْفَعُهُ، إِنَّه لَم يَقُل يَومًا: رَبِّ اغْفِر لِي خَطِيئَتِي يَومَ الدِّين» .

رواه مسلم في الصحيح (2)، عن أبي بكر ابن أبي شيبة.

وهذا لا ينفي تَخْصِيص (3) أَبي طَالِب بِأَنَّه يَنفعه ما صَنَع إلى النبي صلى الله عليه وسلم في التَّخفيفِ عَنه مِن عَذَابِه، وقَد يجوز أن يكونَ الحَدِيث، وما وَرَد مِن الآياتِ والأخبار في بطلان خَيراتِ الكَافِر إِذَا مَات عَلَى كُفرِه؛ وَرَدَ في أَنَّه لا يكون لها مَوْقِع التَّخلِيص مِنَ النَّار، وإِدخَال الجنة، لكن يُخَفَّف عَنه مِن عَذَابِه الذي

(1) صحيح مسلم (2808).

(2)

صحيح مسلم (214).

(3)

في «ع» (تحقيق)، وهو خطأ.

ص: 407

يَسْتَوجِبه عَلى جِنايَات ارْتَكَبها سِوى الكُفر بِمَا فَعَل مِن الخَيراتِ، والله أعلم. وقد ورد في معناه خبر، في إسناده نَظَرٌ.

(575)

حدثنا الإمامُ أبو الطَّيِّب سَهْلُ بن محمد بن سليمان، أخبرنا أبو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ يَزِيدَ الجَوْزِيُّ (1)، حدثنا زَكَرِيَّا بنُ يَحيى البَزَّاز، حدثنا زَيدُ ابن أَخْزَم الطَّائِي ح وأَخبرنا أبو عبد الله الحافظ (2)، حدثنا أبو بَكر محمدُ بن دَاوُد الزَّاهِد، حدثنا علي بن الحُسَين بنِ الجُنَيْد، حدثنا زَيدُ بنُ أَخْزَم الطَّائِي، حدثنا عَامِرُ بنُ مُدْرِك الحَارِثِي، حدثنا عُتْبةُ بنُ يَقْظَانَ، عَن قَيْس بن مُسلم، عن طَارِق بنِ شِهَابٍ، عن ابن مَسعُود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

«مَا أَحْسَن مُحْسِنٌ مِن مُسْلمٍ ولا كَافِرٍ، إلا أَثَابَه الله عز وجل، قال: فقلنا: يا رسول الله، مَا إِثَابَةُ اللهِ للكافر؟ قال: إن كَان قَد وَصَل رَحِمًا، أو تَصَدَّق بِصَدَقَةٍ، أو عَمِلَ حَسنةً، أَثَابَه اللهُ المَالَ والوَلَدَ والصِّحَةَ، وأَشْبَاهَ ذَلِك، قال: فقلنا: وما إثَابَتُهُ في الآخِرَة؟ فقال: عَذَابًا دُونَ العَذَابِ، قال: وقَرأَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46)} [غافر]» (3).

زاد ابنُ الجُنَيد: هكذا قَرَأه رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، مَقطوعة الألف (4).

ورُوِي عَن عُروةَ بن الزُّبَير بإسناد صحيح ما يُؤكِّد هَذه الطَّرِيقَة.

(1) في «ع» (الجوهري)، وهو تحريف.

(2)

«المستدرك» (3001)، وقال الحاكم:«صحيح الإسناد» وتعقبه الذهبي: «عتبة بن يقظان، واه» .

(3)

أخرجه البزار (1454)، عن زيد بن أخزم، به.

(4)

يعني قوله (أَدْخِلُوا) بألف مقطوعة وكسر الخاء بصيغة فعل الأمر للملائكة أن يُدْخِلُوهُم، وهي قراءة نافع، وحمزة، والكسائي، وعاصم في رواية حفص، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم في رواية أبي بكر:(ادْخُلُوا) بألف موصولة وضم الخاء، بصيغة الأمر لآل فرعون أنفسهم.

ص: 408

(576)

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو الحَسَن أحمد بن محمد ابن عَبْدُوس، حدثنا عثمانُ بن سَعيد الدَّارِمي، قال: قرأت على أبي اليَمَان، أَنَّ شُعَيبًا أَخبَرهُ، عن الزُّهْرِي قال: أخبرني عُرْوَةُ بنُ الزُّبَير، أن زَينب بِنت أبي سَلَمة، وأُمُّها أُم سَلَمة أَخبرته، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَة بِنتَ أبي سُفيانَ أَخْبرتها أنها، قالت: قلت: يا رسول الله، فذكر الحَديثَ في عَرضِهَا عَليه نِكَاحَ أُخْتِها، ثُم نِكَاح دُرَّة بنتِ أبي سلمة، فقال:

«والله، لَو أَنها لَم تَكُن رَبِيبَتي في حِجْرِي ما حَلَّت لِي؛ إنها لَابْنَةُ أَخِي مِن الرَّضَاعة، أَرْضَعَتني، وأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلا تَعْرِضَنَّ عَلَي بَنَاتَكُنَّ، ولا أَخَواتِكُنَّ» .

قال عُروةُ: وثُوَيْبَة مَولَاةُ أَبي لَهَبٍ، كان أَبو لَهَب أَعْتَقَها، فَأرْضَعَت رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا مَات أبو لَهَب، أُرِيَهُ بَعضُ أَهلِه في النَّوم بِشَرِّ حِيْبَةٍ، فقال له: مَاذا لَقِيت؟ فقال أبو لهب: لَم نَرَ بَعْدَكم رَجَاءً، غَير أَنِّي سُقِيت في هَذِه مِنِّي، بِعِتَاقَتِي ثُوَيْبَة -وأَشَارَ إلى النَّقِيرَة التي بَينَ الإِبهَامِ والتِي تَلِيها-».

رواه البخاري في الصحيح (1)، عن أبي اليَمَان.

وأما الحديث الذي

(577)

أخبرنا أبو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسَين العَلَويُّ، أَخبرنا أبو حَامِد الشَّرْقِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيدٍ الخَزَّاز الأَصَمُّ الكُوفِيُّ -بِنَيْسَابُور-، حدثنا مُحَمَّدُ بنُ بِشْرٍ العَبْدِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بنُ الأَسْوَد، عن الحُصَين بنِ عُمَرَ، عَن المُخَارِق بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ جَابِرٍ، عن طَارِق بنِ شِهَاب، عن عُثمَانَ بنِ عَفَّانَ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

(1) صحيح البخاري (5101).

ص: 409

«مَن غَشَّ العَرَبَ، لَم يَدخُل في شَفَاعَتِي، ولم تَنَلْهُ مَوَدَّتِي» (1).

تابعه مُعَاوِيَةُ بنُ عَمرو، عن محمد بن بشر، ولم أكتبه إلا من حديث الحُصَين بن عُمَر الأَحْمَسِي، وهو عِند أَهلِ النَّقْلِ ضَعِيف.

فأما ما

(578)

أخبرنا به أبو الحَسَن العَلَوِيُّ، أخبرنا أبو نَصْر أَحمَدُ بن محمد ابن قُرَيش المَرُّورُوذِي -قَدِمَ عَلَينا غَازِيًا-، حدثنا أبو المُوَجِّه (2) الفَزَارِي، حدثنا عَبْدَانُ بنُ عُثْمَان، حدثنا عبد الله بن المُبَارَك، حدثنا مَنِيعٌ، عَن مُعَاوِيَة ابنِ قُرَّة، عَن مَعْقِل بنِ يَسَار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«رَجُلَان، لا تَنَالُهُما شَفَاعَتِي يَومَ القِيامَة، إِمَامٌ ظَلُومٌ غَشُومٌ عَسُوفٌ، وآخَر غَالٍ في الدِّين مَارِقٌ مِنه» (3).

فَقَد تَفَرَّد بِه مَنِيعُ بنُ عبد الرَّحْمن البَصْري (4)، وَرُوِي مِن أَوْجُه أُخَر

(1) أخرجه الترمذي (3928)، وقال الترمذي:«هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن مخارق، وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي» .

(2)

في «م» ، «ث» (محمد بن الموجه)، وفي «ع» (محمد بن بالوجيه)، والمثبت من «ب» ، وهو (أَبُو المُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو الفَزَارِيُّ)، وينظر «سير أعلام النبلاء» (13/ 347).

(3)

أخرجه أبو عثمان البحيري في «السابع من فوائده» (141) عن شيخ المصنف، به. وعَيَّن منيعا فقال:«منيع يعني ابن عبد الرحمن» ، وأخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (20/ 214)، من طريق ابن المبارك، به. وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 236):«رواه الطبراني بإسنادين في أحدهما منيع قال ابن عدي: له أفراد، وأرجو أنه لا بأس به، وبقية رجال الأول ثقات» .

(4)

ذكره ابن عدي في «الكامل» (8/ 226)، وقال: «ومنيع البصري هذا يحدث عَنْ سَعِيد بْنِ أَبِي عَرُوبة، وعن غيره بأحاديث حسان وفي حديثه إفرادات، وأرجو =

= أَنَّهُ لا بأس بِهِ».اهـ وقال ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 414): «منيع روى عن معاوية بن قرة، روى عنه عبد الله بن المبارك، سمعت أبي يقول ذلك» ، قلت: فلا شك أنه الذي في رواية البيهقي هذه. ثم قال ابن أبي حاتم بعده: «منيع كتب عنه بمكة، روى عن سعيد بن أبي عروبة، روى عنه عبد الله بن أيوب المخرمي» .اهـ قلت: ففرق ابن أبي حاتم بين هذا الذي يروي عن معاوية بن قرة، وبين البصري الذي يروي عن ابن أبي عروبة، فأخشى أن يكون البيهقي رحمه الله وهم في تعيينه، والله أعلم.

ص: 410

ضَعيفة.

وفيه، وفِيمَا قَبله -إِنَّ صَحَّ- إِثْباتُ الشَّفَاعة لِغَير المَذْكُورِينَ فيه.

والمَارِقُ مِن الدِّين: هو الخَارِج مِنه، ولا شفاعة لَه ولا عَفْو عَنه، وغيره إِن لَم يَخْرُج مِنَ النَّار بِالشَّفَاعة، فَقَد يَخْرُجُ مِنها يَومًا مَا بِرَحمَةِ اللهِ.

وقَد وَرَدَ خَبرُ الصَّادِق بِأَنَّه لا يَضِيعُ إِيمَانُ مَن مَاتَ عَلَيه، فَيكُونُ مَا أَوْعَدَه بِأَن شَفَاعَته لا تَنَاله يَلْحَقُه بِأَن يَطُول بَقَاؤُهُ في النَّار، ولا يَخْرُج مِنهَا مَع مَن يَخرج مِنها بِالشَّفَاعَة، والله أعلم.

* * * * *

ص: 411