الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقول في قصر الموصوف على الصفة قصر إفراد: (ما شاعر إلا أبو الطيب) رداً على من اعتقد اشتراك غيره معه في صفة الشعر، كابن العميد - مثلاً - وهذا هو الغالب، أو رداً على من اعتقد أنك تعتقد اشتراك أبي الطيب وابن العميد في صفة الشعر وهذا هو غير الغالب. فهو تخصيص صفة الشعر بأمر هو: أبو الطيب دون أمر آخر هو ابن العميد.
وإنما سمي هذا القصر: قصر إفراد، لأنك قد قطعت الشركة التي اعتقدها المخاطب.
ب- وأما قصر القلب:
فهو تخصيص أمر بصفة مكان صفة أخرى في قصر الموصوف على الصفة أو تخصيص صفة بأمر مكان آخر في قصر الصفة على الموصوف.
والمراد بالأمر الأول: الموصوف المقصور، وبالثاني: الموصوف المقصور عليه.
والمخاطب بهذا القصر في الحالتين: هو من يعتقد عكس الحكم الذي أثبته المتكلم وهذا هو الغالب وقد يخاطب به من اعتقد أن المتكلم يفتقد العكس، وإن كان المخاطب لا يعتقده.
تقول في قصر الموصوف على الصفة قصر قلب: (ما العقاد إلا كاتب) رداً على من اعتقد اتصاف العقاد بالشعر دون الكتابة، أو رداً على من اعتقد أنك تعتقد اتصاف العقاد بالشعر دون الكتابة، وإن كان هو نفسه لا يعتقد ذلك.
فهو تخصيص أمر، وهو العقاد بصفة هي: الكتابة مكان صفة أخرى هي الشعر، وتقول في قصر الصفة على الموصوف قصر قلب:(ما شاعر إلا شوقي) رداً على من اعتقد أن الشاعر هو الرافعي لا شوقي، أو رداً على من اعتقد أنك تعتقد أن الشاعر هو الرافعي لا شوقي - وإن كان هو نفسه لا يعتقد ذلك- فهو تخصيص صفة هي: الشعر بأمر هو: شوقي مكان أمر آخر هو: الرافعي وإنما سمي هذا القصر: قصر قلب، لأنك قد قلبت الحكم على المخاطب.
جـ- وأما قصر التعيين:
فهو تخصيص أمر بصفة مكان صفة أخرى في قصر الموصوف على الصفة، أو تخصيص صفة بأمر مكان آخر في قصر الصفة على الموصوف، والمراد بالأمر الأول: الموصوف المقصور، وبالثاني: الموصوف المقصور عليه. ويخاطب بهذا القصر: من تردد بين الأمرين وتساويا عنده.
تقول في قصر الموصوف على الصفة قصر تعيين: (ما الحجاج إلا خطيب) خطاباً لمن تردد بين وصفه بالخطابة والكتابة من غير أن يعلم أحدهما على التعيين.
فهو تخصيص أمر هو الحجاج بصفة هي: الخطابة مكان صفة أخرى هي: الكتابة.
وتقول في قصر الصفة على الموصوف قصر تعيين: (ما شجاع إلا وائل) خطاباً لمن تردد بين شجاعته وشجاعة بكر ولا يدري أحدهما على التعيين.
فهو تخصيص صفة هي: الشجاعة بأمر هو: وائل مكان أمر آخر هو: بكر.
هذا وقد اتضح لك مما أسلفنا أن تقسيم القصر إلى إفراد، وقلب، وتعيين إنما هو خاص بالقصر الإضافي، ولا دخل له بالقصر الحقيقي، وذلك لأن القصر - في القصر الحقيقي- إنما هو بالنسبة إلى كل ما عدا المقصور عليه، ولا يتأتى في مصل هذا اعتقاد شركة، أو عكس تردد.
شرط قصر الموصوف على الصفة إفراداً: ألا يتنافى الوصفان: لقولنا: (ما أبو الطيب إلا شاعر) ينبغي أن تكون الصفة المنفية فيه: كونه كاتباً، أو خطيباً، لا كونه مفحماً، أي: غير شاعر، إذ الإقحام ينافي الشاعرية.
وإنما شرط هذا الشرط ليتأتى اعتقاد المخاطب اجتماعهما في موصوف واحد، اللهم إلا أن يكون المخاطب يعتقد ذلك جهلاً، فإنه يصح الرد عليه حينئذ بقصر الإفراد، إذ المدار فيه على اعتقاد المخاطب وإن لم يطابق اعتقاده الواقع.
ويشترط في قصر الموصوف على الصفة قلباً: أن يتنافى الوصفان في الواقع، فقولنا:(ما وائل إلا كريم) ينبغي أن تكون الصفة المنفية فيه كونه بخيلاً، لا كونه شاعراً أو كاتباً، وذلك ليكون إثبات المتكلم إحدى الصفتين مشعراً بانتفاء الصفة الأخرى مع دلالة العبارة على أن المخاطب يعتقد العكس فيكون قصر قلب بيقين.
أما إذا لم تكن إحدى الصفتين منافية للأخرى، كما في قولك:(ما ابن العميد إلا كاتب) أي: لا شاعر - مثلاً - فإنه وإن أشعر بانتفاء الشاعرية - مثلاً - لا يدل قطعاً على أن المخاطب يعتقد العكس بل يحتمل في حد ذاته أن يكون المخاطب معتقداً الشركة نظراً لجواز اجتماع وصفي الكتابة والشعر، فيكون قصر إفراد، مع أن الغرض هو قصر القلب.