الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أ) لزيادة المبالغة في التشبيه: كما في قول الخنساء ترثى أخاها صخرًا.
وإن صخرا لتأتم الهداة به
…
كأنه علم في رأسه نار
فقولها: (في رأسه نار): إيغال؛ لأن فيه زيادة مبالغة في التشبيه، ذلك لأن قولها:"كأنه علم" واف بالمقصود، وهو التشبيه بما يهتدى به، ولكنها لم تكتف بكون المشبه به جبلًا عاليًا ظاهرًا بل زادت على ذلك أن جعلت في رأسه نارًا لما في ذلك من زيادة الظهور والانكشاف.
(ب) وكتحقيق التشبيه: أي: بيان التساوى بين الطرفين في وجه الشبه، كما في قول امرئ القيس:
كأن عيون الوحش حول خبائنا
…
وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
والجزع: الخرز اليماني الذي فيه سواد وبياض، شبه به الشاعر عيون الوحش ولما كانت عيون الوحش لا ثقوب بها كانت أكثر شبها بالخرز الذي لم يثقب ولهذا زاد الشاعر قوله:(لم يثقب) ليتحقق التشابه الكامل بين الطرفين.
ومثله قوله- أيضًا:
حملت ردينيا كأنه سنانه
…
... سنا لهب لم يتصل بدخان
(جـ) ولزيادة الحث والترغيب: كما في قول الله تعالى: {قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: 20، 21]، فقوله:{وَهُمْ مُهْتَدُونَ} إيغال، لأن المعنى يتم بدونه، إذ أن الرسل مهتدون قطعًا، فذكره تصريح بما هو معلوم، إلا أن في التصريح بوصف الاهتداء ما يحفزهم أشد الحفز إلى اتباعهم والترغيب فيهم.
(6) التذييل:
وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى لا محل لها من الإعراب دالة على معنى الأولى بالفحوى لقصد التأكيد والتقوية، وهو نوعان:
(أ) نوع يجري مجرى المثل: بأن يقصد بالجملة الثانية حكم كلي منفصل عما قبله جار مجرى الأمثال في الاستقلال بنفسه؛ كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17]؛ إذا أريد مطلق الجزاء، لا جزاء خاص
ومثله قوله تعالى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، فقوله تعالى:{إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} تذييل أريد به التأكيد لما استفيد مما قبله، وهو جار مجرى المثل لاستقلاله عما قبله، وذلك لتضمنه معنى كليا، وهو أن الباطل لا تقوم له قائمة.
ومنه قول الخطيئة:
نزور فتى يعطي على الحمد ماله
…
ومن يعط أثمان المحامد يحمد
(ب) نوع لا يجرى مجرى المثل: لأنه لا يستقل بمعناه، وإنما يتوقف على ما قبله، كما في قوله تعالى:{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17] فقوله تعالى: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} تذييل غير جار مجرى المثل، إذا أريد بالجزاء ذلك الجزاء الخاص المدلول عليه في الآيات السابقة، من إرسال سيل العرم عليهم وتبديل جنتهم بجنتين ذواتي أكل خمط .. إلخ.
ومن هذا النوع قول ابن نباتة السعدي:
لم يبق جودك لي شيئًا أؤمله
…
تركتني أصحب الدنيا بلا أمل
فجملة (تركتني أصحب الدنيا بلا أمل) لا يفهم معناها مستقلًا عما قبلها.
(جـ) وقد اجتمع النوعان في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 34، 35]، فقوله {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} تذييل لا يجرى مجرى المثل، وقوله:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} تذييل جرى مجرى المثل.
والتأكيد بالتذييل يكون:
(1)
إما لتأكيد منطوق الجملة السابقة، كما في قوله تعالى:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81].
(2)
وإما لتأكيد مفهومها، كما في قول النابغة:
ولست بمتبق أخا لا تلمه
…
على شعث أي الرجال المهذب؟ !